احصائيات

الردود
9

المشاهدات
282750
 
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي


ماجد جابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
3,710

+التقييم
0.74

تاريخ التسجيل
Feb 2011

الاقامة

رقم العضوية
9742
09-17-2012, 06:13 AM
المشاركة 1
09-17-2012, 06:13 AM
المشاركة 1
افتراضي التحليل الأدبي لمعلقة عنترة بن شداد بقلم الناقد: عبد المجيد جابر
أولا: أبيات القصيدة
معلقة عنترة


هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ = أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي = وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـ= فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ

وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا = بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ

حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ = أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ

حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ = عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ

عُلِّقْتُهَـا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَـا = زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَـمِ

ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ = مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ

كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا = بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ

إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا = زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ

مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا = وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ

فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً = سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ

إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ = عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ

وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ = سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ

أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا = غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ

جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ = فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ

سَحّـاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّـةٍ = يَجْـرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَـرَّمِ

وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ = غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ

هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـه = قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ

تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ = وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ

وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى = نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ

هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ = لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ

خَطَّـارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَـةٌ = تَطِـسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ

وكَأَنَّمَا تَطِـسُ الإِكَامَ عَشِيَّـةً = بِقَـريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّـمِ

تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ = حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ

يَتْبَعْـنَ قُلَّـةَ رأْسِـهِ وكأَنَّـهُ = حَـرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ

صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَـةُ = كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ

شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ = زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَـمِ

وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ = وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ

هِـرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لـهُ = َضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَـمِ

بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّـما = بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً = حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ

يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ = زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ

إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي = طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ

أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي = سَمْـحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ

وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ = مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَمـا = رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَـمِ

بِزُجاجَـةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِـرَّةٍ = قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَـدَّمِ

فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ = مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ

وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً = وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمـي

وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً = تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ

سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ = ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ

هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ = إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي

إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ = نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ

طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً = يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ

يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي = أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ = لامُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ

جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ = بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ

فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ = ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ

فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ = يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ

ومِشَكِّ سابِغةٍ هَتَكْتُ فُروجَهـا = بِالسَّيف عنْ حَامِي الحَقيقَة مُعْلِـمِ

رَبِـذٍ يَـدَاهُ بالقِـدَاح إِذَا شَتَـا = هَتَّـاكِ غَايـاتِ التَّجـارِ مُلَـوَّمِ

لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ = أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ

عَهـدِي بِهِ مَدَّ النَّهـارِ كَأَنَّمـا = خُضِـبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَـمِ

فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ = بِمُهَنَّـدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَمِ

بَطـلٌ كأَنَّ ثِيـابَهُ في سَرْجـةٍ = يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَـوْأَمِ

ياشَـاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لـه = حَـرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْـرُمِ

فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لها اذْهَبـي = فَتَجَسَّسِي أَخْبارَها لِيَ واعْلَمِـي

قَالتْ : رَأيتُ مِنَ الأَعادِي غِـرَّةً = والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمـي

وكـأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايـةٍ = رَشَـاءٍ مِنَ الغِـزْلانِ حُرٍ أَرْثَـمِ

نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي = إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ

في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي = غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ

إِذْ يَتَّقُـونَ بـيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِـمْ = عَنْـها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمـي

لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ = يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ

يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا = أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ

مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَ = ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ

فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ = وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى = وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا = قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ

والخَيـلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِسـاً = مِن بَيْنَ شَيْظَمَـةٍ وَآخَرَ شَيْظَـمِ

ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي = لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ

ولقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ ولَم تَـدُرْ = للحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَـمِ

الشَّـاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَـا = والنَّـاذِرَيْـنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِـي

إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا = جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ



اسمه:
عنترة بن معاوية بن شداد بن قراد، وكذا يعقوب بن السكيت. وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: عنترة بن شداد بن معاوية بن قراد أحد بني مخزوم بن ربيعة بن مالك بن قطيعة بن عبس العبسي.
وقيل: ابن عود بن غالب، وكانت أمه حبشية، ويكنى أبا المغلس وقال غيره هو عنترة بن شداد بن معاوية بن رباح. وقيل بن عوف بن مخزوم بن ربيعة بن مالك ابن قطيعة بن عبس.

جو النص:
قد أرجع التبريزي سبب نظم المعلقة كما تذكر المصادر القديمة إلى الظروف التي أعقبت حرية عنترة واعتراف أبيه به. قيل إن واحداً من بني عبس شتمه وعيّره بأمّه وسخر منه لسواد لونه فانبرى عنترة يفتخر ببسالته ويصف فروسيته متحدّياً خصمه الذي قال له: أنا أعظم شاعرية منك. فإذا صحت هذه الرواية تكون معلقة عنترة أولى قصائده الطوال وأجودها لأنه لا يذكر له قبلها إلا الأبيات المتفرقة والمقاطع القصيرة.
الأفكار الرئيسية:
أ-الوقوف على أطلال "عبلة". (1-5)
ب- الظعن (الرحلة). (6-12)
ج- الغزل وغيره. (13-32)
(د)-قتله زوج المرأة الحسناء (33-38)
قتله الفارس المدجج (39-42)
قتله شيخ القبيلة، وغيره (43-56)
مقاتلته القوم، وغيره (57-67)
الأغراض التي طرقها عنترة في معلقته:
وتكاد معلقة عنترة تكون محدّدة الأغراض، فهو يستهل كسائر الجاهليين، بذكر الأطلال ووصف الفراق، ثم ينتقل على ذكر عبلة حبيبته ووصفها، ويعود إلى ذكر عبلة ومخاطبتها، مفتخراً بمناقبه الأخلاقية وفروسيته، ويخلص عنترة إلى وصف الخمرة والاعتداد بكرمه، وينتهي بوصف قوّته ونيله من أعدائه وتفوقه في الحرب والقتال.
رأي المستشرقين في معلقة عنترة
وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات محاولين التعرف على الظروف الاجتماعية المحيطة بهم، والأسباب التي دفعتهم لنظمهم هذه المعلقات وعن أي موضوع تتحدث، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن معلقة عنترة في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: تتحلى معلقة عنترة بأفضل سمات شعر ما قبل الإسلام، وتتضمن حرارة وطاقة تتعاقب ولمسات رقيقة، ربما تفوق سابقاتها. من الواضح أنها نظمت في وقت بعد بداية حبه لعبلة عندما فصله عنها الشجار الطويل بين الأقرباء. يضمن عنترة معلقته حبه المبكر وكيف صد: يا شاة ما قنص لمن حلت له- حرمت علي وليتها لم تحرم. ثمة وصف في المعلقة أيضاً لحصانه يروق لذوقنا العصري المحب للحيوانات ربما أكثر مما وجد في الشعر القديم، حيث هذا النوع من المحبة لم يفهم إلا بشكل ضئيل. كما أنها متحررة من وصمة السياسة أكثر من أي من المعلقات باستثناء معلقة امرؤ القيس. لم يكن عنترة من المترددين على بلاط الحيرة أو الغساسنة، وكل حبه وكرهه تعلقا بالصحراء.
وقال دبليو إى كلوستون عن معلقة عنترة في كتاب من تحريره وتقديمه عن الشعر العربي: معلقة عنترة خليط لا فت للنظر من التعبير الرعوي اللطيف ولحظات القتل والثأر الشرسة. في الأبيات (14-19) يقارن الشاعر فاه حبيبته بروضة عطرة: أو روضة أنفاً تضمن بنتها- غيث قليل الدمن ليس بمعلم. تجعل هذه القصيدة ربما أفضل من أي شيء آخر في المعلقات الأخرى. نتزود بلمحات مثيرة للاهتمام عن حياة العرب في هذه الفسيفساء من الأريج الشعري: هدم مضارب العائلة في الصحراء ليلاً- الإبل محملة وملجمة تأكل الحبوب، نعام صغير يحوم حول طائر- ذكر مثل قطيع إبل سوداء يمنية تجتمع عند نداء حاديها: الشاعر البطل يحتسي النبيذ العتيق الذي اشتراه بقطع نقدية لامعة- وبين فينة وأخرى يملأ كأس الكريستال من الجرة جيدة الإقفال: مقابلة مسروقة مع فتاة جميلة من قبيلة معادية: معارك شرسة طويلة مع أشهر المحاربين.

التعليق والشرح:
هل غادر الشعراء من متـردم = أم هل عرفت الدار بعد توهم
متردم: من قولك ردمت الشيء إذا أصلحته، ومعناه: هل أبقى لأحد معنى إلا وقد سبقوا إليه. وهل تهيأ لأحد أن يأتي بمعنى السبق إليه، ويروى من مترنم والترنم صوت ترجعه بينك وبين نفسك، وقوله أم هل إنما دخلت أم على هل: وهما حرفا استفهام، لأن هل ضعفت في حروف الاستفهام فأدخلت عليها أم كما أن لكن ضعفت في حروف العطف.
لا تكون مثقلة ومخففة وعاطفة، فلما لم تقف حروف العطف، أدخلت عليها الواو، ونظيره ما حكي عن الكسائي: أنه يجيز جاء في القوم إلا حاشا لأن حاشا ضعفت عنده إذا كانت تقع في غير الاستثناء ويروى: أم هل عرفت الربع، والربع المنزل في الربيع، ثم كثر استعمالهم حتى قالوا: لكل منزل ربع وإن لم يكن في الربيع وكذلك الدار من التدوير، ثم كثر استعمالهم حتى قيل لكل دار، إن لم يكن مدورا والتوهم: قل هو الابتكار ويحتمل أن يكون الظن.
أعياك رسم الدار لـم يتـكـلـم = حتى تكلم كالأصـم الأعـجـم
إلا رواكد بينـهـن خـصـائص = وبقية من نؤيها المـجـرنـثـم
ولقد حبست بها طويلا نـاقـتـي = ترغو إلى سفع رواكد جـثـم]
يا دار عبلة بالجواء تـكـلـمـي = وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
الجواء: بلد يسميه أهل نجد جواء عدنة، والجواء أيضا جو، وهو البطن من الأرض، الواسع في انخفاض، معنى تكلمي: أخبري عن أهلك، وسكانك وعمي قال الفراء: عمي وانعمي واحد، يذهب إلى أن النون حذفت كما حذفت فاء الفعل من قولك خذ وكل ويروى أن أبا ذر لما أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أنعم صباحا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قد أبدلني منها ما هو خير منها. فقال له أبو ذر: ما هي. قال السلام. ومعنى اسلمي: سلمك الله من الآفات.
دار لآنسة غضيض طرفها = طوع العناق لذيذة المتبسم
فوقفت فيها ناقتي وكأنهـا = فدن لأقضي حاجة المتلوم
الفدن: القصر، والمتلوم: المنتظر، وعنى بالمتلوم نفسه، لأقضي منصوب بإضمار أن ولام كي بدل عنها واللام متعلقة بوقفت فيها.
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا = بالحزن فالصمان فالمتثلم
فالصمان، والصوان؛ ويقال: جبل الصوان، والصمان في الأصل الحجارة. والصوان: يستعمل لحجارة النار خاصة، وكانت العرب تذبح بها.
وقال أبو جعفر: الجواء بنجد، والحزن لبني يربوع، والصمان لبني تميم، والمتثلم مكان.
وتطل عبلة في الخزوز تجرها = وأظل في حلق الحديد المبهم
حييت من طلل تقادم عـهـده = أقوى، وأقفر بعد أم الهيثـم
أقوى: خلا، والمقوون الذين فني زادهم، كأنهم خلوا من الزاد، وقيل المسافرون كأنهم نزلوا الأرض القواء، وأقفر معناه كأقوى، إلا أن العرب قد تكرر إذا اختلف اللفظان، وإن كان المعنى واحدا كقول الحطيئة:
ألا حبذا هند وأرض بها هـنـد = وهند أتى من دونها النأي والبعد
والنأي والبعد واحد.، وكقول الآخر:
فقد تركتـك ذا مال وذا نشب
وهما بمعنى واحد، وزعم أبو العباس أنه لا يجوز أن يتكرر شيء إلا وفيه فائدة قال والنأي لما قل، والبعد لا يقع إلا لما كثر، والنشب ما ثبت من المال كالدار وما أشبهها يذهب إلى أنه نشب ينشب، وكذلك قال في قوله تعالى (شرعة ومنهاجا) الشرعة: ما ابتدى من الطريق، والمنهاج الطريق المستقيم. وقال غيره: الشرعة والمنهاج واحد: وهما الطريق، ويعني بالطريق هنا الدين.
حلت بأرض الزائرين، فأصبحت = عسرا علي طلابك ابنة محرم
وروى أبو عبيدة:
شطت مزار العاشقين فأصبحت = عسرا علي طلابك ابنة مخرم
والزائرون: الأعداء كأنهم يزأرون كما يزأر الأسد، وعسرا منصوبة على أنه خبر أصبحت، وطلابها مرفوع به، واسم أصبحت مضمر فيه، ويجوز أن يكون عسر رفع على أنه خبر الابتداء، ويضمر في أصبح، ويكون المعنى، فأصبحت طلابها عسر علي ونصب ابنة مخرم على أنه نداء مضاف، ويجوز الرفع في ابنة على أنه في مذهب البصريين فأصبحت ابنة مخرم طلابها عسر علي كما تقول: هند أبوها منطلق. ومعناه: شطت عبلة مزار العاشقين أي بعدت مزارهم وفيه رجوع الغيبة إلى الخطاب ومثله قوله تعالى (وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء) ومن الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح).
ومخرم اسم رجل، وقيل اسمه مخرمة ثم رخم في النداء.
علقتها عرضا وأقتل قومـهـا = زعما لعمرو أبيك ليس بمزعم
علقتها: أي أحببتها يقال علق، وعلاقة من فلانة، وقوله عرضا أي كانت عرضا من الأعراض، اعترضني من غير أن أطلبه، ونصبه على البيان، وفي قوله زعما قولان أحدهما في أحبها، وأقتل قومها فكأن حبها زعم مني، والقول الآخر أن أبا عمرو الشيباني قال يقال زعم يزعم زعما إذا طمع، فيكون على هذا الزعم اسما يعني الزعم.
وقال ابن الأنباري علقتها، وأنا أقتل قومها فكيف أحبها، وأنا أقتلهم؟! أي كيف أقتلهم وأنا أحبها؟ ثم رجع مخاطبا نفسه فقال: زعما لعمر أبيك ليس بمزعم؛ أي هذا فعل ليس بفعل مثلي والزعم الكلام، ويقال أمر فيه مزاعم أي فيه منازعة، قال وقوله عرضا منصوب على المصدر والزعم كذلك.
ولقد نزلت فلا تظني غـيره = مني بمنزلة المحب المكرم
الباء في قوله بمنزلة متعلقة بمصدر محذوف لأنه لما قال نزلت دل على المنزول وقال أبو العباس في قوله تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) إن الباء متعلقة بمصدر لأنه لما قال بمعنى على النصب على الإرادة، وقوله بمنزلة في موضع نصب، والمعنى لقد نزلت مني منزلة المحب، فلا تظني ما أنا عليه من محبتك والمحب جاء على أحب، وأحببت، والكثير في كلام العرب محبوب.
إني عداني أن أزورك فاعـلـمـي = ما قد علمت وبعض ما لم تعلمـي
حالت رماح ابني بغـيض دونـكـم = وزوت جواني الحرب من لم يجزم
يا عبل لو أبصرتنـي لـرأيتـنـي = في الحرب أقدم كالهزبر الضيغم
كيف المزار وقد تربـع أهـلـهـا = بعنيزتين وأهلـنـا بـالـغـيلـم
عنيزتين والغيلم موضعان يقول كيف أزورها، وقد بعدت عني، وتعذرت زيارتها، والمزار مرفوع بالابتداء على مذهب سيبويه، وبالاستقرار على مذهب غيره.
إن كنت أزمعت الفراق فإنما = زمت ركابكم بليل مظلـم
يقال أزمعت، وأجمعت، فأنا مزمع، الإزماع توطين النفس على الشيء، والأزمة في الركاب، ولا يستعمل إلا في الإبل خاصة، والركب الجماعة الذين يركبون الإبل دائما، وإنما قصد الليل لأنه وقت تصفو فيه الأذهان، ولا يشتغل القلب بمعاش لا غيره.
ما راعني إلا حمولة أهـلـهـا = وسط الديار تسف حب الخمخم
وسط: ظرف، وإذا لم يكن ظرفا، حركت السين، فقلت وسط الديار، وأسف تسف تأكل يقال سففت الدواء، وغيره أسفه سفا.
قال أبو عمرو الشيباني: الخمخم: بقلة لها حب أسود، إذا أكلته الغنم، قلت ألبانها وتغيرت، وإنما يصف أنها تأكل هذا لا تجد غيره.
وروى ابن الأعرابي الحمحم بالحاء المهملة غير المعجمة. ومعنى البيت أنه إذا أكلت حب الحمحم لجفاف العشب، والوقت خريف، وذلك أنهم كانوا مجتمعين في الربيع، فلما يبس البقل ارتحلوا:
وتفرقوا منها اثنتان وأربعون حلوبة = سودا كخافية الغراب الأسـحـم
وروى خلية، والخلية أن تعطف على الحوار ثلاث نوق، ثم يتخلى الراعي بواحدة منهن فتلك الخلية، والحلوبة المحلوبة، تستعمل في الواحد، والجمع على لفظه واحد، والخوافي جمع خافية أواخر ريش الجناح مما يلي الظهر، والأسحم الأسود واثنتان مرفوع بالابتداء أو بالاستقرار، وأربعون معطوف عليه، وسودا: نعت لحلوبة لأنها في موضع الجماعة، ويروى سود بالرفع على أن يكون نعتا لقوله اثنتان وأربعون.
وإن قيل كيف جاز أن في أحدهما معطوفة على صاحبه قلت لأنهما اجتمعا فصارا بمنزلة جاءني زيد وعمرو الظريفان، والكاف في كخافية في موضع نصب والمعنى سودا مثل خافية الغراب الأسحم.
فصغارها مثل الدبى وكبـارهـا = مثل الضفادع في غدير مفعـم
ولقد نظرت غداة فارق أهلـهـا = نظر المحب بطرف عيني مغرم
وأحب لو أسقيك غير تـمـلـق = والله من سقم أصابك من دمي
إذ تستبيك بذي غـروب واضـح = عذب مقبله لذيذ الـمـطـعـم
تستبيك تذهب بعقلك، وسباه الله أي غربه الله، وغرب كل شيء حده، وأراد بثغر ذي غروب، وغروب الأسنان حدها، والواضح:الأبيض ويريد بالعذب أن رائحته طيبة، فقد عذب لذلك، ويريد بالمطعم: المقبل، وإذ في موضع نصب، والمعنى علقتها إذ تستبيك أو اذكر وقوله عذب نعت، ومقبله مرفوع به، ومعنى عذب: لذيذ كأن معناه مقبله عذب لذيذ المطعم..
وكأنما نظرت بعينـي شـادن = رشأ من الغزلان، ليس بتوأم
وكأن فأرة تاجـر بـقـسـيمة = سبقت عوارضها إليك من الفم
أي وكأن فأرة مسك، والتاجر هنا العطار، والعوارض منابت الأضراس واحدها عارض، وهذا الجمع الذي على فواعل لا يكاد يجئ إلا جمع فاعلة نحو ضاربة، وضوارب، إلا أنهم ربما جمعوا فاعلا على فواعل لأن الهاء زائدة كهالك وهوالك فعلى هذا جمع عارضا على عوارض.
أي سبقت الفأرة عوارضها، وإنما يصف طيب رائحة فمها، وخبر كأن قوله سبقت، وقوله بقسيمة هو تبيين وليس بخبر كأن، وهي الجونة، وقيل سوق المسك، وقيل هي العير التي تحمل المسك.
أو روضة أنفا تضمن نبتهـا = غيث قليل الدمن ليس بمعلم
أي كأن ريحها ريح مسك، أو كريح روضة، وهي المكان المطمئن يجتمع إليه الماء، فيكثر نبته، ولا يقال في الشجر روضة، إنما الروضة في النبت، والحديقة في الشجر، ويقال أروض المكان: إذا صارت فيه روضة، والأنف التام من كل شيء، وقيل الأنف أول كل شيء ومنه استأنفت الأمر وأمر انف، واستأنف العمل والاستئناف، والائتناف بمعنى واحد.
والمعلم والمعلم، والعلامة واحد، والمعنى أن هذه الروضة ليس في وضع معروف فيقصدها الناس للرعي فيؤثروا فيها، ويوسخوها، وهي أحسن لها. المرفوع لأن الكلام قد طال، ألا ترى أنك إذا قلت ضربت زيدا وعمرو فقطعت عمرا على التاء كان حسنا لطول الكلام.
أو عاتقا من أذرعات معتقـا = مما تعتقه ملوك الأعجـم
نظرت إليه بمقلة مكحـولة = نظر المليل بطرفه المتقسم
وبحاجب كالنون زين وجههـا = وبناهد حسن وكشح أهضـم
ولقد مررت بدار عبلة بعدما = لعب الربيع بربعها المتوسم
جادت عليه كل بكـر حـرة = فتركن كل قرارة كالدرهم
ويروى كل بكر ثرة، أي جادت بمطر جود، والبكر السحابة في أول الربيع التي لم تمطر، والحرة البيضاء، وقيل الخالصة، والثرة الكثيرة، والثرثار بمعناه، وإن لم يكن من لفظه، والقرارة الموضع المطمئن من الأرض، يجتمع فيه السيل. وكأن القرارة مستقر السيل، والهاء في عليه ضمير الموضع، وشبه بياضه ببياض الدرهم، لأن الماء لما اجتمع استدار أعلاه فصار كدور الدرهم.
سحا وتسكابا، فكـل عـشـية = يجري عليها الماء لم يتصرم
تسكاب تفعال من السكب، وهو بمعناه، وسحا منصوب على المصدر لأن قوله: جادت عليه يدل على السح، فصار بمنزلة قول العرب هو يدعه دعا.
وتسكابا مثله في إعرابهن كل عشية منصوب على الظرف والعامل فيه يجري لم يتصرم لم يتقطع،وخص مطر العشي لأنه أراد الصيف، وأكثر ما يكون بالليل مطره.
وخلا الذباب بها فليس ببارح = غردا كفعل الشارب المترنم
الغرد: من قولهم غرد الشيء يغرد تغريدا إذا طرب، وأخرج غردا على قوله غرد يغرد غردا فهو غرد، وهو نصب على الحال والمعنى وخلا الذباب بها غردا كفعل الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، والمعنى يفعل فعلا، مثل فعل الشارب، والذباب واحد، مؤدى على جماعة بدليل قوله تعلى (وإن يسلبهم الذباب شيئا) والجمع أذبة في أقل العدد، وذبان في الكثرة، ببارح أي بزائل، ويقال ما برحت قائما أي ما زلت.
هزجا يحك ذراعـه بـذراعـه = فعل المكب على الزناد الأجزم
الهزج: السريع الصوت، المتدارك بصوته، والهزج خفة، وتدراكا يقال فرس هزج: إذا كان خفيف الرفع والوضع سريع المناقلة، ويروى هزجا بفتح الزاي، وهزجا بكسرها فمن كسرها فهو منصوب على الحال، وإذا فتحها، فهو مصدر والكسر أجود، ولأن بعده يحك، ولم يقل حكا، ويحك أيضا في موضع نصب على الحال ومعنى يحك ذراعه بذراعه: أي يمر بإحداهما على الأخرى وكذلك الذباب ويروى يسن بذراعه، وأصل السن التحديد.
يريد قدح المكب الأجذم على الزناد، فهو يقدح بذراعه، فشبه الذباب به إذا سن ذراعه بالأخرى، وقال بعضهم: الزناد هو الأجذم، وهو قصير، فهو أشد لإكبابه عليه، فشبه الذباب إذا سن ذراعه بالأخرى برجل أجذم قاعد يقدح نارا بذراعه. والأجذم المقطوع اليد.
وقال ابن الأنباري هزجا منصوب بالرد على الغرد، والقدح منصوب على المصدر وعلى الزناد صلة للمكب أي قدح الذي أكب على الزناد.
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية = وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
ويروى فوق ظهر فراشها، ويروى فوق سراة أجرد صلدم، وهو الشديد يعني فرسه. أي تمشي عبلة هكذا، أي هي منعمة موطأ لها الفرش، وأبيت أنا على ظهر فرس، وسراة كل شيء أعلاه وسراة النهار أوله.
وحشيتي سرج على عبل الشوى = نهد مراكله نبيل المخـرم
وحشية: فراش والحشية من الثياب ما حشي والجمع الحشايا والنهد المشرف الصدر.
قوله لعنت: يدعو عليها بانقطاع اللبن من ضرعها، وأنها لا تحمل ولا تلد، والشراب هنا اللبن.
خطارة غب السـرى زيافة = تطس الإكام بذات خف ميثم
يقال ناقة تخطر في سيرها بذنبها، تطس بكسر الطاء، والوطس الضرب الشديد بالخف، يقال وطس يطس، إذا كسر وكذلك وثم يثم، وميثم على التكثير وكذلك وفض يفض، ولثم يلثم وهرس يهرس إذا كسر وكذلك لكم يلكم. وقوله: خطارة أي بقوائم ذات خف.
وكأنما أقص الإكام عشـية = بقريب بين المنسمين مصلم
يعني بذلك الظليم، وهو ذكر النعامة، والمصلوم المقطوع الأذنين.
تأوي له قلص النعام كما أوت = حزق يمانية لأعجم طمطم
ويروى إلى قلص، والحزق بفتح الزاي، وكسرها وجمعه حزائق وهي الجماعات من الإبل يعني به هنا اجتماع النعام حول هذا الظليم، يسمعن كلامه ولا يفهمن ما يقوله، ويقال طمطم وطمطماني وبه طمطمة، إذا كان كلامه يشبه كلام العجم، ويقال ألكن: وبه لكنة إذا كان يعترض في كلامه اللغة الأعجمية، ورجل تمتام وبه تمتمة، إذا كان يكرر الياء، ورجل فأفاه وبه فأفأة إذا كان يكرر الفاء، ويقال به عقلة، إذا كان به التواء عند إرادة الكلام، وبه حسبة إذا تعذر عليه الكلام عند إرادته، ويقال: إنها تعرض من كثرة السكوت، واللغف إدخال بعض الحروف في بعض، والرئة والرتت كالريح تعرض في أول الكلام فإذا مر في الكلام انقطع ذلك، ويقال أنها تكون غريزة، والغمغمة ألا تعرف تقطيع الحروف وهي تستعمل في كل كلام لا يفهم، والتغمغم مثله واللثغة أن يدخل بعض الحروف في بعض، والغنة أن يخرج الصوت من الخياشيم، ويقال إنها تستحسن في الحديث للسن، فإن اشتدت قيل لها الخنة والخنن والترخيم حذف في الكلام.
يتبعن قلة رأسـه وكـأنـه = حرج على نعش لهن مخيم
أي يتبعن القلص، وهن أولاد الظليم قلة رأسه، أي يطرن على رأسه والحرج: مركب من مراكب النساء، وهي أيضا عيدان الهودج، ويروى حرج بسكون الراء وفتحها وهي الجبال، والنعش يريد به الهودج.
صعل يعوذ بذي العشيرة بيضـه = كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
الصعل: ذكر النعام الصغير الرأس، والأصلم المقطوع الأذنين شبه به الناقة لسرعة عدوها ونشاطها وذو العشيرة موضع.
شربت يماء الدحرضين فأصبحت = زوراء تنفر عن حياض الديلم
شربت من ماء الدحرضين، وهما ماءان، ويقال للواحد دحرض، والآخر وسيع فلما جمعهما غلب أحد الاسمين على الآخر، وهما يعرفان لبني سعد، والديلم: الأمة التي يقال لها الديلم، وهي صنف من الأتراك وأراد به العدو، والديلم: الداهية، والديلم: الظلمة، والديلم الجماعة.
وقال أبو زيد الكلابي حياض الديلم آبار معروفة عندنا وقد أوردت فيها إبلي غير مرة.
وكأنما ينأى بجانب دفها الـو م شي من هزج العشي مؤدم
وبعضهم يكتبها بالألف مأدم والدف الجنب، الجانب الوحشي: الأيمن لأنه لا يركب منه، والأنس: الأيسر، والهزج: الذي يصوت، والمأدم: العظيم القبيح من الرؤوس ويقال أدم فهو مؤدم إذا كان عظيم الرأس.
هر جنيب كلما عطفت لـه = غضبى اتقاها باليدين وبالفم
جنيب: وكأن بجانبها هرا، يخدشها من نشاطها، وجنيب بمعنى مجنوب، والمعنى كلما عطفت الناقة للهر اتقاها، ويروى تقاها، يقال: تقاه، واتقاه والأصل في اتقاه: أو تقاه ثم أبدلوا من الواو تاء لأنهم يبدلون من الواو تاء. وليس ثمة تاء نحو اتجاه وتخمة فإذا كانت معها تاء كان البدل حسنا.
أبقى لها طول الأسفار مفرقدا = سندا ومثل دعائم المتـخـيم
أي المتخذ خيمة.
بركت على ماء الرداع كأنـمـا = بركت على قصب أجش مهضم
الرداع: موضع، الأجش: الصوت فيه بحة، ويروى: بركت على جنب الرداع القصب هنا تقع أضلاعها من هزالها، والمهضم، المخرق.
المعنى: أنها حين بركت جشت في صوتها فشبه جنبيها بالقصب.
وكأن ربا أو كحيلا معـقـدا = حش الوقود به جوانب قمقم
الرب الدبس، الكحيل القطران شبه عرق الناقة به وحش أي أحماه ويقال حششت النار إذا أوقدتها، والوقود الحطب وجوانب منصوبة، على أنها مفعولة لحش أو تقول: معنى حش: اتقد كما يقال: هذا لا يخلطه شيء، أي لا يختلط به شيء ويكون جوانب منصوبة على الظرف.


قديم 09-17-2012, 06:19 AM
المشاركة 2
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بعض الصور في المعلقة:
1- صورة الأطلال : وقد بدأت بقولة عنترة :
هل غادر الشعراء من متردم ؟
أم هل عرفت الدر بعد توهم ؟
والذي نراه أن الشطرة الثانية تمثل بدية الطلل الفعلية ، هنا نجد تفرد الشاعر بمعنى الشطرة الأولى في هذا التساؤل : هل أبقى السابق للاحق شيئا جديدا يأتي به ، كأنه يقول : لم يعد هناك جديد لمن يريد ، فكان عنترة هنا ناقد لا شاعر ، وانتهت صورة الطلل بقوله (أقوى وأقفر بعد أم الهيثم).
وقد تناول الشاعر فيها الجزيئات الطللية الآتية : معرفة الدار بعد الوهم طلب الحديث منها-(الشكوى والرد من الدار)– مناداتها وإلقاء التحية -الدعوة لها بالسلامة– القدم وهي جزئيات متداولة عند غيره من شعراء الجاهلية الذين ذكروا الأطلال والجديد عنده هو فرق الصنعة فقط.
ومن خلال تصوير الشعر للطلل تعرض لشيئين :
الأول : وصف الناقة في البيت الثالث وإظهار البعد المكاني بينه وبين عبلة.
ونجد بعض الباحثين يبالغون في مقصد الشاعر الذاتي من ذكر جزئيات الأطلال مثل الدكتور أنور أبو سويلم الذي يقول عن مطلع معلقة عنترة : "وفي مطلع المعلقة إشارة واضحة تأتي من الأعماق المظلمة في نفسية عنترة ، تكشف عن إحساس مبهم قابع في نفس تحس الذل والمهانة من الهجنة والعجمة :
هل غادر الشعراء من متردم ؟
أم هل عرفت الدر بعد توهم ؟
فالشعراء جميعا عبروا عن مشاعر الحب ، وقالوا فيه فنونا من القول ، لكن عنترة وحده يواجه حبا مختلفا لا يقبله المجتمع ولا يعترف به ، لذلك كان رسم الدار صامتا لا يستجيب لهذا الحب ، لأن العاشق غريب أعجمي ، أو هو هجين منبوذ ، وحقيق أن يسمع الشكوى من كان مثلك أسود أسفع ، لأن الأثافي السود لا تحرك ساكنا ، فتبقى جاثمة هامدة ، لا تجيب نداء العاشقين ، وهذا التأويل من جانب الباحث ، واختصاصه بعنترة لا يطابقه الحقيقة والواقع ، فسواد الأثافي وكلام الدار واستنطاقها وصمتها .. كل هذا طرقه الشعراء الجاهليون في الأطلال ، وهذه المقارنة بين غنى عبلة وفقر عنترة نلحظها في البيت التالي :
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا
بالحزن فالصمان فالمتلثم
2- صورة الإبل – الناقة :
صور عنترة الإبل والناقة على مستويين :
الأول : عام يخص الإبل التي هي ركائب المحبوبة ، واستعدادها للرحيل.
والثاني : خاص بناقته فحسي وما يتعلق بها.
المستوى الأول : وصف الشاعر وتصويره لإبل الرحلة أو الركائب في قوله :
إن كنت أزمعت الفراق فإنما
ما راعني إلا حمولة أهلها
فيها اثنتان وأربعون حلوبة
زمت ركابكم بليل مظلم
وسط الديار تسف حب الخمخم
سود كخافية الغراب الأسحم
ومع أن الشاعر يشارك غيره في وصف رواحل المحبوبة ، إلا أننا نرى الجديد فيها هو التفصيل في الوصف الناجم عن المراقبة ، فالشاعر فوجئ بالرحيل (راعني) ثم وصف الإبل ومكانها وموقفها وما تأكله وعددها ، ثم شبهها – في لونها – بخوافي الغراب الأسحم ، فهذه نتيجة موقف عشقي قوي عند الشاعر يدلنا على أكثر من مجرد وصف إبل راحلة ، فالشاعر لم يتذكر الرحيل فحسب ، بل تذكر موقف الرحيل ، فأضاف العنصر النفسي إلى الوصف ، مما أكسبه تفصيلاً معيناً ، فالمحب كان يرقب في شغف ومتابعة الركائب ، عندما يستعد أهل المحبوبة للمغادرة ، وهذا الموقف يشبه موقف امريء القيس في قوله :
كأني غداة البين يوم "تحملوا"
لدي سمرات الحي ناقف حنظل
ولكن الأخير اكتفى بقوله "تحملوا" ولم يصف الإبل ، بل ركز على بكائه ثم زجر أصحابه له ، فكأن عنترة في حقيقة الأمر يصف نفسه لا الإبل.
وإذا نظرنا إلى التشبيه في قوله :
فيها اثنتان وأربعون حلوبة
سوادا كخافية الغراب الأسحم
نجد أن وجه الشبه هنا هو اللون الأسود ، في حين أن الشاعر يبدأ البيت بالتركيز على العدد ، وهو اثنتان وأربعون ، وهذا الوضع يشكل ظاهرة عامة مستمرة في تشبيهات عنترة وهو البدء – قبل عناصر التشبيه – بالتركيز – على صفة معينة ، قد ننخدع بها للوهلة الأولى نظن أنها بداية التشبيه ، أو أن له علاقة بها ، ولكن سرعان ما نتبين أن عناصر التشبيه لا تحتويها وأن التشبيه اتجه اتجاهاً مختلفاً.
.................................

الخصائص الأسلوبية في النص
أولا التصوير الفني:

حرص الشاعر على إبراز أفكاره ومعانيه وترسيخها في نفوس مستمعيه؛ فحشد العديد من الصور الفنية التي انتزاعها من بيئته الجاهلية والصحراوية، منها:
يَا دَارَ عَبْلَةَ بِالْجِوَاءِ تَكَلَّمِي = وَعِمِي صَبَاحًا دَارَ عَبْلَةَ وَأسْلَمِي
1. التشبيهات:
التشبيه المفرد، كقوله:
جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ = فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ
حيث شبه المياه المتشكلة من السحابة على الروضة بالدراهم، تشبيه مرسل مجمل، ومثله:
وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ = غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ
حيثشبه صوت الذباب في الروضة بصوت شارب الخمرة وهو يغني
ومن التشبيه المرسل المجمل قوله:(ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ)
ومثله:
بركت على ماء الرداع كأنـمـا = بركت على قصب أجش مهضم
شبه الشاعر جنبي الناقة الهزلة من السفر بالقصب، أو شبه صوت أنينها من التعب بصوت القصب المتكسر حال بروكها عليه، تشبيه مرسل مجمل.
صعل يعوذ بذي العشيرة بيضـه = كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شبه الشاعر ذكر النعام الصغير الرأس، بالعبد الأصلم المقطوع الأذنين في السرعة، تشبيه مرسل مجمل.
وفي نحو:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة = سوادا كخافية الغراب الأسحم
فقد شبه لون النوق بخافية الغراب في السواد، ونوع التشبيه مرسل مفصل، فقد ذكر الأداة ووجه الشبه.
ومن التشبيه المرسل المجمل قوله:
يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ = زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ
فقد شبه الشاعر تبختر الناقة في سيرها بالفحل من الإبل قدّمته الإبل في سيره .
ومثله:
وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً = تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ
فقد شبه الشاعر سعة طعنه للفارس زوج المرأة الجميلة بسعة شدق الأعلم وهو البطل مشقوق شفته العليا.
وكما في نحو:
سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ = ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ
شبه لون الدم المنبعث من الطعنة بلون شقائق النعمان(العندم).
وفي مثل:
عَهـدِي بِهِ مَدَّ النَّهـارِ كَأَنَّمـا = خُضِـبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَـمِ
شبه عنترة دم الفارس الذي قتله قد خضّب رأسه بنبات العظلم الذي هو كالحناء.
-فَوَقَفْتُ فِيها نَاقَتي وكَأَنَّها = فَدَنٌ لأَقْضِيَ حَاجَةَ الْمُتَلَوِّمِ
شبه الشاعر ناقته بالفدن(القصر) لكبرها.
التشبيه التمثيلي، كما في قوله:
إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ = عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ
وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ = سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ
شبه الرائحة الزكية المنبعثة من فم عبلة بصورة الرائحة الزكية المنبعثة من قارورة العطار.
وكما في مثل:
وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ = غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ
هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـه = قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ
فقد شبه الشاعر الصوت المنبعث من الذباب وهو يحك يده بالأخرى بصورة الرجل مقطوع اليد وهو يقدح الزناد وتخرج منه النار.
تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ = حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـم
شبه صورة النعام الصغير يحوم حول طائر- بذكر قطيع إبل سوداء يمنية تجتمع عند نداء حاديها ،كما شبه الظليم بالراعي الحبشي الأسود..
وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً = حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ
شبه الشاعر صورة الغرق النازل من رأس الناقة وعنقها من أثر السفر بصورة القطران الذي يترشح من قمقم إثر الغليان.
إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي = طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ
شبه الشاعر صورته وهو لا يعجزه صيد الفرسان الدارعين بصورة عدم عجزه عن صيد أمثال عبلة واستمالتها له.
الاستعارات
الاستعارة المكنية:
(يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي): شبه الشاعر دار عبلة بإنسان يتكلم.
وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ = مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ
فقد شبه الظلم بشيء له مذاق، ذكر المشبه وكنى بالمشبه به، فالاستعارة مكنية.

المجاز المرسل:
فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ = ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ
ذكر الشاعر الثياب، وأراد ما يجاورها، وهو القلب، مجاز مرسل علاقته المجاورة.
فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ = يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ
ذكر البنان والمعصم(الجزء) وأراد به الفارس المجندل(الكل). مجاز مرسل علاقته الجزئية.
الكنايات:
(عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ): كناية عن ريق عبلة العذب ورائحة فمها الزكية.
(والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمـي): كناية عن غفلة قوم المحبوبة والفرصة السانحة لعنترة باللقاء بها.
صعل يعوذ بذي العشيرة بيضـه = كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
كناية عن سرعة عدو ركض الصعل"ذكر النعام"، وكناية عن سرعة الناقة وعدوها ونشاطها.
هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ = لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ
كناية عن قوة الناقة وتحملها، فالناقة التي تنقطع عن الولادة تكون أقوى.
"وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً": كناية عن أخلاقه الحميدة وكرمه.
طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً = يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ
كناية عن كثرة الرماة في قومه وإحكامهم في الرمي.
رَبِـذٍ يَـدَاهُ بالقِـدَاح إِذَا شَتَـا = هَتَّـاكِ غَايـاتِ التَّجـارِ مُلَـوَّمِ
كناية عن صفة الكرم عند الفارس الذي قتله.
لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ = أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ
كناية عن كره الفارس الذي قابله عنترة في الحرب للموت.

ثانيا: التعبير
1.الألفاظ والتراكيب

إ. استخدم الشاعر في قصيدته لغة سهلة قريبة المأخذ، خالية من الوعورة والتعقيد، وربما كان هذا عائدا إلى طبيعة موضوع القصيدة الذي يتطلب المباشرة والوضوح في مخاطبة الناس وإقناعهم، ولذلك اهتم الشاعر بأسلوب الشرط؛ ليدعم كلامه بالحجة والبرهان:
وجاءت ألفاظه جزلة قوية وتراكيبه متينة لا ركاكة فيها ولا ضعف، وهي واضحة مألوفة في الاستعمال الأدبي في العصر الجاهلي.

ب. نظام النسج اللغويّ لدى عنترة، هنا، ينهض على تصوير الحركة الفعليّة، الماديّة: للتقاتُلِ والتَّطَاعُنِ والتَّنَاحُرِ والتصاولُ بين الفرسان؛ فيظهر فيه عناصر اللون كلون الإبل والحركة كحركة الفرسان، والذوق كتذوقه لريق عبلة، ويبرز القتال الشرس بين عنترة وَحْدَهُ والفرسان الآخرين الذين كانوا يَعْرِضون له، أو يجرؤون على التَّطاولِ على فروسيّته ورجوليته، وشجاعته التي سارت بذكرها الركبان... فاللغة لدى عنترة تنهض بوصف ما يحدث.
ج. أدخل الشاعر (قد) مقترنة بلام التوكيد، يليهما فعل ماض؛ ليفيد التحقيق، تحقيق محبته الأكيدة لها، في قوله:
(ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ)
د. أسلوب الشرط والذي يفيد الإقناع والإتيان بالحجة والدليل، كما في قوله:
إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا = زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ
وكما في قوله:
فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ = مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ
وكقوله:(وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً)، ومثله:
إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا = جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ
ومثله:
وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ = مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ
وفي نحو:
لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى = وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي
3. يبرز المفارقات الكبيرة بين حيات عبلة المترفة وبين حياته الحربية القاسية كما في نحو:
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية = وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
وكقوله:
وتطل عبلة في الخزوز تجرها = وأظل في حلق الحديد المبهم
4. كان –أحيانا_ يقدم ما حقه التأخير، كتقديمه للصفة على الموصوف، كما في نحو:
جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ = بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ
(بِعاجِلِ طَعْنـةٍ) والتقدير(بطعنة عاجلة) وهذا يسمى التحويل عند النقاد.


2. المحسنات البديعية:
وشى الشاعر قصيدته بألوان البديع؛ لتأكيد المعاني وتوضيحها، فاستخدم:
التصريع في البيت الأول، حيث تشابه الحرف الأخير من الشطر الأول
أ‌. "الصدر"، وهو الميم مع الحرف الأخير في الشطر الثاني"العجز".
ب‌. الطباق والمقابلة:
وتطل عبلة في الخزوز تجرها = وأظل في حلق الحديد المبهم
فقابل بين كل من: حياة عبلة المترفة، ولبسها الحرير، ومكوثها في البيت، وبين حياته الخشنة، ولبسه للدروع، وحياته في الحرب..على الترتيب. وكما في نحو:
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية = وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
فقد قابل بين كل من تصبح عبلة منعمة على ظهر حوشية مريحة، وبين مبيته فوق حصان يعارك العدو.
(تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ= وأبيت فوق سراة أدهم ملجم ): طابق بين كل من" تُمْسِي" و"تُصْبِحُ" وبين كل من:"تمسي"و "أبيت".
الترادف:
حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ = أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ
"أقوى" و"أقفر" الكلمتان بمعنى واحد، وهو"الخلاء" ولقد جمع بينها الشاعر؛لتأكيد المعنى.
ومنه قوله:"عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ" ، فعذب بمعنى لذيذ. ترادف

3. الأساليب الخبرية والانشائية
أ. الاسلوب الإنشائي

وفي بيت عنترة:
يا دارَ عَبْلَةَ، بالجَواءِ، تَكَلَّمِي = وعِمِي صَباحاً، دارَ عَبْلَةَ، واسْلَمِي

وقد يكون هذا البيت من أجمل الشعر العربيّ زخرفةً، فقد جمع فيه الناصّ بين عدّة مُزَخْرَفاتٍ:
المزخرِفُ الأوّلُ يَمْثُلُ في :
1. النداء الذي تكرر مرتيْن اثنتين:
يا دارَ...+ دار عَبْلَةَ (نداء بالياء، ونداء آخر بحذف حرف النداء).
ولقدْ يمكن أن نُؤَوِّلَ استعمالَ أدَاةِ النداء أوّلاً، ثم العدول عنها آخِراً، في موقف واحد، وفي بيت واحد؛ لم يكن إلاّّ تجسيداً لِمَا كان يلتعج في نفسْ الشّخصية الشعريّة التي كانت ترى مُبْتَدأَ الأمِر، أنّ دار الحبيبة، فِعْلاً، بعيدةٌ من حيث الحيزُ، من أجل ذلك كان الأليقُ بالنسج استعمالَ أداة النداء الدالّة على بعيد. ولكن لَمَّا دَعا لدار الحبيبة، عاد في موقفه، وكأنه اسْتَحَى أنْ يُخاطِبَها بأداة النداء الدالّة على البعيد، فناداها، تارةً أخرى، بوجهٍ آَخَرَ من الكلام، واصطنع زَخْرَفَةً دالة على الاقتراب والالتصاق؛ فكأنّ عَبْلَةَ كانت مستقِرَّة في نفسه، وكأنها كانت كَظِّلهِ لا تُزايلهِ، وتقارفه ولا تفارقه، فقال: دارَ عبلة...والنداء يفيد التحبب والتقرب.
2. وأمّا المزخرِفُ الثاني فَيْمثُلُ في تَحيَّةِ الحبيبة والتسليم عليها، وقد اصطنع الناصّ عبارة أهل الجاهليّة في التحيّة، وهي:
عِمِي صباحاً.
الأمر: "عمي صباحا"
يفيد الدعاء، وكذلك في قوله:
"اسلَمِي!"
وقوله:
هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ = إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي
فقد خرج النداء؛ ليفيد التحبب والتقرب لعبلة.
ج. على حين أنّ المزخرِف الرابع يَمْثُل في استعمال الطَلب الوارد، ظاهريّاً، في صورة الأمر وقد خرج ليفيد التمني، وهو قوله:
تَكَلَّمي.وعلى أنّ ذكر الحيز الذي كانت تقطنه عبلة أمرٌ واردٌ ضمن الإغراق في هذا التحبّب وهذا التومّق؛ إذْ ذِكْرُ المكان تخصيصٌ لِلاسْمْ؛ فكأنّه ذِكْرٌ لَعَبْلَةَ مرتين اثنتين... فما يدري المتلِقّي وقد تكون العَبَلاَتُ كثيراتٍ... فلمّا خصّ عَبْلَتَه بمكان الجَواءِ، بمقامها زادَ دلالةَ التسميةِ تَخْصيصاً. وأمّا المزخرِف الذي يُحَسَّ ولا يَلْمَسُ، وَيُفْهَمَ ولا يُنْطَقُ؛ فهو مخاطبةُ الشخصيّة الشعريّة ما لا يعقل إذا خاطب دارَ عبلة وكأنها كائِنٌ حَيٌّ عاقل يَفْهَم عنه، ويَسْمع منه، وذلك غاية الدَّلَهِ والسُّمود.... ونكاد نلاحظ في بيت زهير ما لاحظناه في بيت عنترة حيث إنّ النّاصّين يَدْعُوانِ من خلال الدعوة لداريَ الحبيبتيْن، في الحقيقة، للحبيبتيْن..
ومن الأساليب الانشائية النداء والذي يقيد التعجب، كما في قوله:
كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا = بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ
د. القصر، كما في قوله:( مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا)،فقد قصر روعه على حمولة عبلة.
ه. الإيجاز، كما في قوله:
ولقد نزلت فلا تظني غـيره = مني بمنزلة المحب المكرم
وتقديره:
ولقد نزلت فلا تظني غـيره = مني(منزلة) بمنزلة المحب المكرم
وهنا إيجاز بالحذف،ومثله:
يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا = أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ
حيث حذف حرف النداء(يا) قبل كلمة عنترة، ومثله في نحو: (وكأن فأرة تاجـر بـقـسـيمة) وتقديرها:(وكأن فأرة مسك تاجـر بـقـسـيمة).
وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ = وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ
وذلك هناك حذف في قوله:
وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً = حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ
والتقدير: حش الوقود بإغلائه في جوانب قمقم.
حذف المضاف من عبارة"هزج العشي" والتقدير:"خوف هزج العشي".
6. الالتفات، كما في نحو:
حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ = عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ
فقد أضرب الشاعر عن الأسلوب الخبري وضمير الغيبة إلى الخطاب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


قديم 09-19-2012, 10:35 PM
المشاركة 3
صفاء يوسف
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ما شاء الله تحليل رائع لا يمل القارئ من القراءة والمتابعة
تشكر أستاذ ماجد على مجهودك الرائع في التحليل والتوضيح

قديم 09-21-2012, 09:03 AM
المشاركة 4
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ما شاء الله تحليل رائع لا يمل القارئ من القراءة والمتابعة
تشكر أستاذ ماجد على مجهودك الرائع في التحليل والتوضيح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وافر الشكر والتحايا للأستاذة القديرة أستاذتنا صفاء يوسف التي لا نستغني عنك، أنتظر عودتك في مكانك الطبيعي بلهفة وشوق، لا تحرمينا شذا حرفك وأريج روحك العذبة، منابر علوم اللغة تتلهف إليك بشوق.
بوركت وبورك المداد والحضور الذي أتمنى أن يفعّل فكوني عند حسن ظني.

قديم 09-21-2012, 09:27 AM
المشاركة 5
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ممتع جداً ما جاء هنا في تحليل هذه المعلقة الرائعة
حقيقة لم أتطرق لقراءة الأفكار والصور والشرح .. حيث لفت نظري رأي المستشرقين بهذه المعلقة وخاصة


( وقال دبليو إى كلوستون عن معلقة عنترة في كتاب من تحريره وتقديمه عن الشعر العربي: معلقة عنترة خليط لا فت للنظر من التعبير الرعوي اللطيف ولحظات القتل والثأر الشرسة. )
فهذه معلومات لأول مرة أقرؤها ..

أشكرك أخ ماجد على نقل هذا التحليل .. وتحية للأستاذ ( عبد المجيد جابر )



تحية ... ناريمان

قديم 09-22-2012, 10:11 AM
المشاركة 6
كمال ابو اشرف
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
لك كل التحية أخي ماجد الجابر وانت تغوص بنا في معالم
شعر المعلقات تفسيرا وايضاحا يجعلنا نستشق عبير
هذا الشعر الفذ الذي ندر الزمان ان يجود به

قديم 09-23-2012, 06:03 AM
المشاركة 7
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ممتع جداً ما جاء هنا في تحليل هذه المعلقة الرائعة
حقيقة لم أتطرق لقراءة الأفكار والصور والشرح .. حيث لفت نظري رأي المستشرقين بهذه المعلقة وخاصة


( وقال دبليو إى كلوستون عن معلقة عنترة في كتاب من تحريره وتقديمه عن الشعر العربي: معلقة عنترة خليط لا فت للنظر من التعبير الرعوي اللطيف ولحظات القتل والثأر الشرسة. )
فهذه معلومات لأول مرة أقرؤها ..

أشكرك أخ ماجد على نقل هذا التحليل .. وتحية للأستاذ ( عبد المجيد جابر )



تحية ... ناريمان
أشكر حضورك الكريم أستاذتنا القديرة ناريمان الشريف، وإطلالتك البهية، وحديثك المشجع، وبارك الله في جمال تعليقك ، منابر علوم اللغة بحاجة لتشجيعك وقلمك الجميل يا بارك الله فيك، دمت بخير.

قديم 03-07-2013, 09:06 PM
المشاركة 8
فيصل عبد العزيز
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أولا: أبيات القصيدة
معلقة عنترة


هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ = أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي = وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـ= فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ

وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا = بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ

حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ = أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ

حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ = عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ

عُلِّقْتُهَـا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَـا = زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَـمِ

ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ = مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ

كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا = بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ

إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا = زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ

مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا = وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ

فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً = سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ

إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ = عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ

وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ = سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ

أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا = غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ

جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ = فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ

سَحّـاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّـةٍ = يَجْـرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَـرَّمِ

وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ = غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ

هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـه = قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ

تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ = وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ

وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى = نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ

هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ = لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ

خَطَّـارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَـةٌ = تَطِـسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ

وكَأَنَّمَا تَطِـسُ الإِكَامَ عَشِيَّـةً = بِقَـريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّـمِ

تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ = حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ

يَتْبَعْـنَ قُلَّـةَ رأْسِـهِ وكأَنَّـهُ = حَـرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ

صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَـةُ = كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ

شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ = زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَـمِ

وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ = وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ

هِـرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لـهُ = َضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَـمِ

بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّـما = بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً = حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ

يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ = زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ

إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي = طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ

أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي = سَمْـحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ

وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ = مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَمـا = رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَـمِ

بِزُجاجَـةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِـرَّةٍ = قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَـدَّمِ

فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ = مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ

وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً = وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمـي

وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً = تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ

سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ = ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ

هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ = إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي

إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ = نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ

طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً = يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ

يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي = أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ = لامُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ

جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ = بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ

فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ = ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ

فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ = يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ

ومِشَكِّ سابِغةٍ هَتَكْتُ فُروجَهـا = بِالسَّيف عنْ حَامِي الحَقيقَة مُعْلِـمِ

رَبِـذٍ يَـدَاهُ بالقِـدَاح إِذَا شَتَـا = هَتَّـاكِ غَايـاتِ التَّجـارِ مُلَـوَّمِ

لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ = أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ

عَهـدِي بِهِ مَدَّ النَّهـارِ كَأَنَّمـا = خُضِـبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَـمِ
العاب بنات العاب سيارات العاب ذكاء العاب طبخ العاب باربي العاب طبخ العاب ذكاء 2013 العاب بن تن العاب ذكاء شات حسايف دردشة مصرية
فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ = بِمُهَنَّـدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَمِ

بَطـلٌ كأَنَّ ثِيـابَهُ في سَرْجـةٍ = يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَـوْأَمِ

ياشَـاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لـه = حَـرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْـرُمِ

فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لها اذْهَبـي = فَتَجَسَّسِي أَخْبارَها لِيَ واعْلَمِـي

قَالتْ : رَأيتُ مِنَ الأَعادِي غِـرَّةً = والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمـي

وكـأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايـةٍ = رَشَـاءٍ مِنَ الغِـزْلانِ حُرٍ أَرْثَـمِ

نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي = إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ

في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي = غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ

إِذْ يَتَّقُـونَ بـيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِـمْ = عَنْـها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمـي

لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ = يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ

يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا = أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ

مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَ = ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ

فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ = وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى = وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا = قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ

والخَيـلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِسـاً = مِن بَيْنَ شَيْظَمَـةٍ وَآخَرَ شَيْظَـمِ

ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي = لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ

ولقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ ولَم تَـدُرْ = للحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَـمِ

الشَّـاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَـا = والنَّـاذِرَيْـنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِـي

إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا = جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ



اسمه:
عنترة بن معاوية بن شداد بن قراد، وكذا يعقوب بن السكيت. وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: عنترة بن شداد بن معاوية بن قراد أحد بني مخزوم بن ربيعة بن مالك بن قطيعة بن عبس العبسي.
وقيل: ابن عود بن غالب، وكانت أمه حبشية، ويكنى أبا المغلس وقال غيره هو عنترة بن شداد بن معاوية بن رباح. وقيل بن عوف بن مخزوم بن ربيعة بن مالك ابن قطيعة بن عبس.

جو النص:
قد أرجع التبريزي سبب نظم المعلقة كما تذكر المصادر القديمة إلى الظروف التي أعقبت حرية عنترة واعتراف أبيه به. قيل إن واحداً من بني عبس شتمه وعيّره بأمّه وسخر منه لسواد لونه فانبرى عنترة يفتخر ببسالته ويصف فروسيته متحدّياً خصمه الذي قال له: أنا أعظم شاعرية منك. فإذا صحت هذه الرواية تكون معلقة عنترة أولى قصائده الطوال وأجودها لأنه لا يذكر له قبلها إلا الأبيات المتفرقة والمقاطع القصيرة.
الأفكار الرئيسية:
أ-الوقوف على أطلال "عبلة". (1-5)
ب- الظعن (الرحلة). (6-12)
ج- الغزل وغيره. (13-32)
(د)-قتله زوج المرأة الحسناء (33-38)
قتله الفارس المدجج (39-42)
قتله شيخ القبيلة، وغيره (43-56)
مقاتلته القوم، وغيره (57-67)
الأغراض التي طرقها عنترة في معلقته:
وتكاد معلقة عنترة تكون محدّدة الأغراض، فهو يستهل كسائر الجاهليين، بذكر الأطلال ووصف الفراق، ثم ينتقل على ذكر عبلة حبيبته ووصفها، ويعود إلى ذكر عبلة ومخاطبتها، مفتخراً بمناقبه الأخلاقية وفروسيته، ويخلص عنترة إلى وصف الخمرة والاعتداد بكرمه، وينتهي بوصف قوّته ونيله من أعدائه وتفوقه في الحرب والقتال.
رأي المستشرقين في معلقة عنترة
وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات محاولين التعرف على الظروف الاجتماعية المحيطة بهم، والأسباب التي دفعتهم لنظمهم هذه المعلقات وعن أي موضوع تتحدث، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن معلقة عنترة في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: تتحلى معلقة عنترة بأفضل سمات شعر ما قبل الإسلام، وتتضمن حرارة وطاقة تتعاقب ولمسات رقيقة، ربما تفوق سابقاتها. من الواضح أنها نظمت في وقت بعد بداية حبه لعبلة عندما فصله عنها الشجار الطويل بين الأقرباء. يضمن عنترة معلقته حبه المبكر وكيف صد: يا شاة ما قنص لمن حلت له- حرمت علي وليتها لم تحرم. ثمة وصف في المعلقة أيضاً لحصانه يروق لذوقنا العصري المحب للحيوانات ربما أكثر مما وجد في الشعر القديم، حيث هذا النوع من المحبة لم يفهم إلا بشكل ضئيل. كما أنها متحررة من وصمة السياسة أكثر من أي من المعلقات باستثناء معلقة امرؤ القيس. لم يكن عنترة من المترددين على بلاط الحيرة أو الغساسنة، وكل حبه وكرهه تعلقا بالصحراء.
وقال دبليو إى كلوستون عن معلقة عنترة في كتاب من تحريره وتقديمه عن الشعر العربي: معلقة عنترة خليط لا فت للنظر من التعبير الرعوي اللطيف ولحظات القتل والثأر الشرسة. في الأبيات (14-19) يقارن الشاعر فاه حبيبته بروضة عطرة: أو روضة أنفاً تضمن بنتها- غيث قليل الدمن ليس بمعلم. تجعل هذه القصيدة ربما أفضل من أي شيء آخر في المعلقات الأخرى. نتزود بلمحات مثيرة للاهتمام عن حياة العرب في هذه الفسيفساء من الأريج الشعري: هدم مضارب العائلة في الصحراء ليلاً- الإبل محملة وملجمة تأكل الحبوب، نعام صغير يحوم حول طائر- ذكر مثل قطيع إبل سوداء يمنية تجتمع عند نداء حاديها: الشاعر البطل يحتسي النبيذ العتيق الذي اشتراه بقطع نقدية لامعة- وبين فينة وأخرى يملأ كأس الكريستال من الجرة جيدة الإقفال: مقابلة مسروقة مع فتاة جميلة من قبيلة معادية: معارك شرسة طويلة مع أشهر المحاربين.

التعليق والشرح:
هل غادر الشعراء من متـردم = أم هل عرفت الدار بعد توهم
متردم: من قولك ردمت الشيء إذا أصلحته، ومعناه: هل أبقى لأحد معنى إلا وقد سبقوا إليه. وهل تهيأ لأحد أن يأتي بمعنى السبق إليه، ويروى من مترنم والترنم صوت ترجعه بينك وبين نفسك، وقوله أم هل إنما دخلت أم على هل: وهما حرفا استفهام، لأن هل ضعفت في حروف الاستفهام فأدخلت عليها أم كما أن لكن ضعفت في حروف العطف.
لا تكون مثقلة ومخففة وعاطفة، فلما لم تقف حروف العطف، أدخلت عليها الواو، ونظيره ما حكي عن الكسائي: أنه يجيز جاء في القوم إلا حاشا لأن حاشا ضعفت عنده إذا كانت تقع في غير الاستثناء ويروى: أم هل عرفت الربع، والربع المنزل في الربيع، ثم كثر استعمالهم حتى قالوا: لكل منزل ربع وإن لم يكن في الربيع وكذلك الدار من التدوير، ثم كثر استعمالهم حتى قيل لكل دار، إن لم يكن مدورا والتوهم: قل هو الابتكار ويحتمل أن يكون الظن.
أعياك رسم الدار لـم يتـكـلـم = حتى تكلم كالأصـم الأعـجـم
إلا رواكد بينـهـن خـصـائص = وبقية من نؤيها المـجـرنـثـم
ولقد حبست بها طويلا نـاقـتـي = ترغو إلى سفع رواكد جـثـم]
يا دار عبلة بالجواء تـكـلـمـي = وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
الجواء: بلد يسميه أهل نجد جواء عدنة، والجواء أيضا جو، وهو البطن من الأرض، الواسع في انخفاض، معنى تكلمي: أخبري عن أهلك، وسكانك وعمي قال الفراء: عمي وانعمي واحد، يذهب إلى أن النون حذفت كما حذفت فاء الفعل من قولك خذ وكل ويروى أن أبا ذر لما أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أنعم صباحا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قد أبدلني منها ما هو خير منها. فقال له أبو ذر: ما هي. قال السلام. ومعنى اسلمي: سلمك الله من الآفات.
دار لآنسة غضيض طرفها = طوع العناق لذيذة المتبسم
فوقفت فيها ناقتي وكأنهـا = فدن لأقضي حاجة المتلوم
الفدن: القصر، والمتلوم: المنتظر، وعنى بالمتلوم نفسه، لأقضي منصوب بإضمار أن ولام كي بدل عنها واللام متعلقة بوقفت فيها.
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا = بالحزن فالصمان فالمتثلم
فالصمان، والصوان؛ ويقال: جبل الصوان، والصمان في الأصل الحجارة. والصوان: يستعمل لحجارة النار خاصة، وكانت العرب تذبح بها.
وقال أبو جعفر: الجواء بنجد، والحزن لبني يربوع، والصمان لبني تميم، والمتثلم مكان.
وتطل عبلة في الخزوز تجرها = وأظل في حلق الحديد المبهم
حييت من طلل تقادم عـهـده = أقوى، وأقفر بعد أم الهيثـم
أقوى: خلا، والمقوون الذين فني زادهم، كأنهم خلوا من الزاد، وقيل المسافرون كأنهم نزلوا الأرض القواء، وأقفر معناه كأقوى، إلا أن العرب قد تكرر إذا اختلف اللفظان، وإن كان المعنى واحدا كقول الحطيئة:
ألا حبذا هند وأرض بها هـنـد = وهند أتى من دونها النأي والبعد
والنأي والبعد واحد.، وكقول الآخر:
فقد تركتـك ذا مال وذا نشب
وهما بمعنى واحد، وزعم أبو العباس أنه لا يجوز أن يتكرر شيء إلا وفيه فائدة قال والنأي لما قل، والبعد لا يقع إلا لما كثر، والنشب ما ثبت من المال كالدار وما أشبهها يذهب إلى أنه نشب ينشب، وكذلك قال في قوله تعالى (شرعة ومنهاجا) الشرعة: ما ابتدى من الطريق، والمنهاج الطريق المستقيم. وقال غيره: الشرعة والمنهاج واحد: وهما الطريق، ويعني بالطريق هنا الدين.
حلت بأرض الزائرين، فأصبحت = عسرا علي طلابك ابنة محرم
وروى أبو عبيدة:
شطت مزار العاشقين فأصبحت = عسرا علي طلابك ابنة مخرم
والزائرون: الأعداء كأنهم يزأرون كما يزأر الأسد، وعسرا منصوبة على أنه خبر أصبحت، وطلابها مرفوع به، واسم أصبحت مضمر فيه، ويجوز أن يكون عسر رفع على أنه خبر الابتداء، ويضمر في أصبح، ويكون المعنى، فأصبحت طلابها عسر علي ونصب ابنة مخرم على أنه نداء مضاف، ويجوز الرفع في ابنة على أنه في مذهب البصريين فأصبحت ابنة مخرم طلابها عسر علي كما تقول: هند أبوها منطلق. ومعناه: شطت عبلة مزار العاشقين أي بعدت مزارهم وفيه رجوع الغيبة إلى الخطاب ومثله قوله تعالى (وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء) ومن الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح).
ومخرم اسم رجل، وقيل اسمه مخرمة ثم رخم في النداء.
علقتها عرضا وأقتل قومـهـا = زعما لعمرو أبيك ليس بمزعم
علقتها: أي أحببتها يقال علق، وعلاقة من فلانة، وقوله عرضا أي كانت عرضا من الأعراض، اعترضني من غير أن أطلبه، ونصبه على البيان، وفي قوله زعما قولان أحدهما في أحبها، وأقتل قومها فكأن حبها زعم مني، والقول الآخر أن أبا عمرو الشيباني قال يقال زعم يزعم زعما إذا طمع، فيكون على هذا الزعم اسما يعني الزعم.
وقال ابن الأنباري علقتها، وأنا أقتل قومها فكيف أحبها، وأنا أقتلهم؟! أي كيف أقتلهم وأنا أحبها؟ ثم رجع مخاطبا نفسه فقال: زعما لعمر أبيك ليس بمزعم؛ أي هذا فعل ليس بفعل مثلي والزعم الكلام، ويقال أمر فيه مزاعم أي فيه منازعة، قال وقوله عرضا منصوب على المصدر والزعم كذلك.
ولقد نزلت فلا تظني غـيره = مني بمنزلة المحب المكرم
الباء في قوله بمنزلة متعلقة بمصدر محذوف لأنه لما قال نزلت دل على المنزول وقال أبو العباس في قوله تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) إن الباء متعلقة بمصدر لأنه لما قال بمعنى على النصب على الإرادة، وقوله بمنزلة في موضع نصب، والمعنى لقد نزلت مني منزلة المحب، فلا تظني ما أنا عليه من محبتك والمحب جاء على أحب، وأحببت، والكثير في كلام العرب محبوب.
إني عداني أن أزورك فاعـلـمـي = ما قد علمت وبعض ما لم تعلمـي
حالت رماح ابني بغـيض دونـكـم = وزوت جواني الحرب من لم يجزم
يا عبل لو أبصرتنـي لـرأيتـنـي = في الحرب أقدم كالهزبر الضيغم
كيف المزار وقد تربـع أهـلـهـا = بعنيزتين وأهلـنـا بـالـغـيلـم
عنيزتين والغيلم موضعان يقول كيف أزورها، وقد بعدت عني، وتعذرت زيارتها، والمزار مرفوع بالابتداء على مذهب سيبويه، وبالاستقرار على مذهب غيره.
إن كنت أزمعت الفراق فإنما = زمت ركابكم بليل مظلـم
يقال أزمعت، وأجمعت، فأنا مزمع، الإزماع توطين النفس على الشيء، والأزمة في الركاب، ولا يستعمل إلا في الإبل خاصة، والركب الجماعة الذين يركبون الإبل دائما، وإنما قصد الليل لأنه وقت تصفو فيه الأذهان، ولا يشتغل القلب بمعاش لا غيره.
ما راعني إلا حمولة أهـلـهـا = وسط الديار تسف حب الخمخم
وسط: ظرف، وإذا لم يكن ظرفا، حركت السين، فقلت وسط الديار، وأسف تسف تأكل يقال سففت الدواء، وغيره أسفه سفا.
قال أبو عمرو الشيباني: الخمخم: بقلة لها حب أسود، إذا أكلته الغنم، قلت ألبانها وتغيرت، وإنما يصف أنها تأكل هذا لا تجد غيره.
وروى ابن الأعرابي الحمحم بالحاء المهملة غير المعجمة. ومعنى البيت أنه إذا أكلت حب الحمحم لجفاف العشب، والوقت خريف، وذلك أنهم كانوا مجتمعين في الربيع، فلما يبس البقل ارتحلوا:
وتفرقوا منها اثنتان وأربعون حلوبة = سودا كخافية الغراب الأسـحـم
وروى خلية، والخلية أن تعطف على الحوار ثلاث نوق، ثم يتخلى الراعي بواحدة منهن فتلك الخلية، والحلوبة المحلوبة، تستعمل في الواحد، والجمع على لفظه واحد، والخوافي جمع خافية أواخر ريش الجناح مما يلي الظهر، والأسحم الأسود واثنتان مرفوع بالابتداء أو بالاستقرار، وأربعون معطوف عليه، وسودا: نعت لحلوبة لأنها في موضع الجماعة، ويروى سود بالرفع على أن يكون نعتا لقوله اثنتان وأربعون.
وإن قيل كيف جاز أن في أحدهما معطوفة على صاحبه قلت لأنهما اجتمعا فصارا بمنزلة جاءني زيد وعمرو الظريفان، والكاف في كخافية في موضع نصب والمعنى سودا مثل خافية الغراب الأسحم.
فصغارها مثل الدبى وكبـارهـا = مثل الضفادع في غدير مفعـم
ولقد نظرت غداة فارق أهلـهـا = نظر المحب بطرف عيني مغرم
وأحب لو أسقيك غير تـمـلـق = والله من سقم أصابك من دمي
إذ تستبيك بذي غـروب واضـح = عذب مقبله لذيذ الـمـطـعـم
تستبيك تذهب بعقلك، وسباه الله أي غربه الله، وغرب كل شيء حده، وأراد بثغر ذي غروب، وغروب الأسنان حدها، والواضح:الأبيض ويريد بالعذب أن رائحته طيبة، فقد عذب لذلك، ويريد بالمطعم: المقبل، وإذ في موضع نصب، والمعنى علقتها إذ تستبيك أو اذكر وقوله عذب نعت، ومقبله مرفوع به، ومعنى عذب: لذيذ كأن معناه مقبله عذب لذيذ المطعم..
وكأنما نظرت بعينـي شـادن = رشأ من الغزلان، ليس بتوأم
وكأن فأرة تاجـر بـقـسـيمة = سبقت عوارضها إليك من الفم
أي وكأن فأرة مسك، والتاجر هنا العطار، والعوارض منابت الأضراس واحدها عارض، وهذا الجمع الذي على فواعل لا يكاد يجئ إلا جمع فاعلة نحو ضاربة، وضوارب، إلا أنهم ربما جمعوا فاعلا على فواعل لأن الهاء زائدة كهالك وهوالك فعلى هذا جمع عارضا على عوارض.
أي سبقت الفأرة عوارضها، وإنما يصف طيب رائحة فمها، وخبر كأن قوله سبقت، وقوله بقسيمة هو تبيين وليس بخبر كأن، وهي الجونة، وقيل سوق المسك، وقيل هي العير التي تحمل المسك.
أو روضة أنفا تضمن نبتهـا = غيث قليل الدمن ليس بمعلم
أي كأن ريحها ريح مسك، أو كريح روضة، وهي المكان المطمئن يجتمع إليه الماء، فيكثر نبته، ولا يقال في الشجر روضة، إنما الروضة في النبت، والحديقة في الشجر، ويقال أروض المكان: إذا صارت فيه روضة، والأنف التام من كل شيء، وقيل الأنف أول كل شيء ومنه استأنفت الأمر وأمر انف، واستأنف العمل والاستئناف، والائتناف بمعنى واحد.
والمعلم والمعلم، والعلامة واحد، والمعنى أن هذه الروضة ليس في وضع معروف فيقصدها الناس للرعي فيؤثروا فيها، ويوسخوها، وهي أحسن لها. المرفوع لأن الكلام قد طال، ألا ترى أنك إذا قلت ضربت زيدا وعمرو فقطعت عمرا على التاء كان حسنا لطول الكلام.
أو عاتقا من أذرعات معتقـا = مما تعتقه ملوك الأعجـم
نظرت إليه بمقلة مكحـولة = نظر المليل بطرفه المتقسم
وبحاجب كالنون زين وجههـا = وبناهد حسن وكشح أهضـم
ولقد مررت بدار عبلة بعدما = لعب الربيع بربعها المتوسم
جادت عليه كل بكـر حـرة = فتركن كل قرارة كالدرهم
ويروى كل بكر ثرة، أي جادت بمطر جود، والبكر السحابة في أول الربيع التي لم تمطر، والحرة البيضاء، وقيل الخالصة، والثرة الكثيرة، والثرثار بمعناه، وإن لم يكن من لفظه، والقرارة الموضع المطمئن من الأرض، يجتمع فيه السيل. وكأن القرارة مستقر السيل، والهاء في عليه ضمير الموضع، وشبه بياضه ببياض الدرهم، لأن الماء لما اجتمع استدار أعلاه فصار كدور الدرهم.
سحا وتسكابا، فكـل عـشـية = يجري عليها الماء لم يتصرم
تسكاب تفعال من السكب، وهو بمعناه، وسحا منصوب على المصدر لأن قوله: جادت عليه يدل على السح، فصار بمنزلة قول العرب هو يدعه دعا.
وتسكابا مثله في إعرابهن كل عشية منصوب على الظرف والعامل فيه يجري لم يتصرم لم يتقطع،وخص مطر العشي لأنه أراد الصيف، وأكثر ما يكون بالليل مطره.
وخلا الذباب بها فليس ببارح = غردا كفعل الشارب المترنم
الغرد: من قولهم غرد الشيء يغرد تغريدا إذا طرب، وأخرج غردا على قوله غرد يغرد غردا فهو غرد، وهو نصب على الحال والمعنى وخلا الذباب بها غردا كفعل الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، والمعنى يفعل فعلا، مثل فعل الشارب، والذباب واحد، مؤدى على جماعة بدليل قوله تعلى (وإن يسلبهم الذباب شيئا) والجمع أذبة في أقل العدد، وذبان في الكثرة، ببارح أي بزائل، ويقال ما برحت قائما أي ما زلت.
هزجا يحك ذراعـه بـذراعـه = فعل المكب على الزناد الأجزم
الهزج: السريع الصوت، المتدارك بصوته، والهزج خفة، وتدراكا يقال فرس هزج: إذا كان خفيف الرفع والوضع سريع المناقلة، ويروى هزجا بفتح الزاي، وهزجا بكسرها فمن كسرها فهو منصوب على الحال، وإذا فتحها، فهو مصدر والكسر أجود، ولأن بعده يحك، ولم يقل حكا، ويحك أيضا في موضع نصب على الحال ومعنى يحك ذراعه بذراعه: أي يمر بإحداهما على الأخرى وكذلك الذباب ويروى يسن بذراعه، وأصل السن التحديد.
يريد قدح المكب الأجذم على الزناد، فهو يقدح بذراعه، فشبه الذباب به إذا سن ذراعه بالأخرى، وقال بعضهم: الزناد هو الأجذم، وهو قصير، فهو أشد لإكبابه عليه، فشبه الذباب إذا سن ذراعه بالأخرى برجل أجذم قاعد يقدح نارا بذراعه. والأجذم المقطوع اليد.
وقال ابن الأنباري هزجا منصوب بالرد على الغرد، والقدح منصوب على المصدر وعلى الزناد صلة للمكب أي قدح الذي أكب على الزناد.
تمسي وتصبح فوق ظهر حشية = وأبيت فوق سراة أدهم ملجم
ويروى فوق ظهر فراشها، ويروى فوق سراة أجرد صلدم، وهو الشديد يعني فرسه. أي تمشي عبلة هكذا، أي هي منعمة موطأ لها الفرش، وأبيت أنا على ظهر فرس، وسراة كل شيء أعلاه وسراة النهار أوله.
وحشيتي سرج على عبل الشوى = نهد مراكله نبيل المخـرم
وحشية: فراش والحشية من الثياب ما حشي والجمع الحشايا والنهد المشرف الصدر.
قوله لعنت: يدعو عليها بانقطاع اللبن من ضرعها، وأنها لا تحمل ولا تلد، والشراب هنا اللبن.
خطارة غب السـرى زيافة = تطس الإكام بذات خف ميثم
يقال ناقة تخطر في سيرها بذنبها، تطس بكسر الطاء، والوطس الضرب الشديد بالخف، يقال وطس يطس، إذا كسر وكذلك وثم يثم، وميثم على التكثير وكذلك وفض يفض، ولثم يلثم وهرس يهرس إذا كسر وكذلك لكم يلكم. وقوله: خطارة أي بقوائم ذات خف.
وكأنما أقص الإكام عشـية = بقريب بين المنسمين مصلم
يعني بذلك الظليم، وهو ذكر النعامة، والمصلوم المقطوع الأذنين.
تأوي له قلص النعام كما أوت = حزق يمانية لأعجم طمطم
ويروى إلى قلص، والحزق بفتح الزاي، وكسرها وجمعه حزائق وهي الجماعات من الإبل يعني به هنا اجتماع النعام حول هذا الظليم، يسمعن كلامه ولا يفهمن ما يقوله، ويقال طمطم وطمطماني وبه طمطمة، إذا كان كلامه يشبه كلام العجم، ويقال ألكن: وبه لكنة إذا كان يعترض في كلامه اللغة الأعجمية، ورجل تمتام وبه تمتمة، إذا كان يكرر الياء، ورجل فأفاه وبه فأفأة إذا كان يكرر الفاء، ويقال به عقلة، إذا كان به التواء عند إرادة الكلام، وبه حسبة إذا تعذر عليه الكلام عند إرادته، ويقال: إنها تعرض من كثرة السكوت، واللغف إدخال بعض الحروف في بعض، والرئة والرتت كالريح تعرض في أول الكلام فإذا مر في الكلام انقطع ذلك، ويقال أنها تكون غريزة، والغمغمة ألا تعرف تقطيع الحروف وهي تستعمل في كل كلام لا يفهم، والتغمغم مثله واللثغة أن يدخل بعض الحروف في بعض، والغنة أن يخرج الصوت من الخياشيم، ويقال إنها تستحسن في الحديث للسن، فإن اشتدت قيل لها الخنة والخنن والترخيم حذف في الكلام.
يتبعن قلة رأسـه وكـأنـه = حرج على نعش لهن مخيم
أي يتبعن القلص، وهن أولاد الظليم قلة رأسه، أي يطرن على رأسه والحرج: مركب من مراكب النساء، وهي أيضا عيدان الهودج، ويروى حرج بسكون الراء وفتحها وهي الجبال، والنعش يريد به الهودج.
صعل يعوذ بذي العشيرة بيضـه = كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
الصعل: ذكر النعام الصغير الرأس، والأصلم المقطوع الأذنين شبه به الناقة لسرعة عدوها ونشاطها وذو العشيرة موضع.
شربت يماء الدحرضين فأصبحت = زوراء تنفر عن حياض الديلم
شربت من ماء الدحرضين، وهما ماءان، ويقال للواحد دحرض، والآخر وسيع فلما جمعهما غلب أحد الاسمين على الآخر، وهما يعرفان لبني سعد، والديلم: الأمة التي يقال لها الديلم، وهي صنف من الأتراك وأراد به العدو، والديلم: الداهية، والديلم: الظلمة، والديلم الجماعة.
وقال أبو زيد الكلابي حياض الديلم آبار معروفة عندنا وقد أوردت فيها إبلي غير مرة.
وكأنما ينأى بجانب دفها الـو م شي من هزج العشي مؤدم
وبعضهم يكتبها بالألف مأدم والدف الجنب، الجانب الوحشي: الأيمن لأنه لا يركب منه، والأنس: الأيسر، والهزج: الذي يصوت، والمأدم: العظيم القبيح من الرؤوس ويقال أدم فهو مؤدم إذا كان عظيم الرأس.
هر جنيب كلما عطفت لـه = غضبى اتقاها باليدين وبالفم
جنيب: وكأن بجانبها هرا، يخدشها من نشاطها، وجنيب بمعنى مجنوب، والمعنى كلما عطفت الناقة للهر اتقاها، ويروى تقاها، يقال: تقاه، واتقاه والأصل في اتقاه: أو تقاه ثم أبدلوا من الواو تاء لأنهم يبدلون من الواو تاء. وليس ثمة تاء نحو اتجاه وتخمة فإذا كانت معها تاء كان البدل حسنا.
أبقى لها طول الأسفار مفرقدا = سندا ومثل دعائم المتـخـيم
أي المتخذ خيمة.
بركت على ماء الرداع كأنـمـا = بركت على قصب أجش مهضم
الرداع: موضع، الأجش: الصوت فيه بحة، ويروى: بركت على جنب الرداع القصب هنا تقع أضلاعها من هزالها، والمهضم، المخرق.
المعنى: أنها حين بركت جشت في صوتها فشبه جنبيها بالقصب.
وكأن ربا أو كحيلا معـقـدا = حش الوقود به جوانب قمقم
الرب الدبس، الكحيل القطران شبه عرق الناقة به وحش أي أحماه ويقال حششت النار إذا أوقدتها، والوقود الحطب وجوانب منصوبة، على أنها مفعولة لحش أو تقول: معنى حش: اتقد كما يقال: هذا لا يخلطه شيء، أي لا يختلط به شيء ويكون جوانب منصوبة على الظرف.
جميلة جدااااااااا اخوي

قديم 03-15-2013, 09:16 PM
المشاركة 9
ربى أحمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شكرا بوكت على شرحك المميز نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ولكن سؤال طلب مني لعلي أجد ضالتي

من هي الشخصيه التي قصدها عنتره وما كانت صلته به في هذا البيت


نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي = إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ

ساكون ممنونة لو اجبتني فقد بحثت كثيرا ..

قديم 03-18-2013, 10:10 PM
المشاركة 10
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شكرا بوكت على شرحك المميز نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ولكن سؤال طلب مني لعلي أجد ضالتي

من هي الشخصيه التي قصدها عنتره وما كانت صلته به في هذا البيت


نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي = إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ

ساكون ممنونة لو اجبتني فقد بحثت كثيرا ..
تحياتي للأستاذة ربى، (عمرو )في هذا البيت: هو عمرو بن مالك أخ لعبلة، وواو عمرو حذفت لأن عمرا هنا: مفعول به منصوب وتحذف واو عمرو في حالة النصب، وعمرو وأخوه زهير ووالدهم لم يحفظوا ودا لعنترة، فأرادوا جميعهم إقناعها بالزواج من صخر من بني الأشتر وكان ثريا من أهل نجد وليس الزواج ممن تحب وهو عنترة.
بوركت ووفقك الله وبارك فيك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: التحليل الأدبي لمعلقة عنترة بن شداد بقلم الناقد: عبد المجيد جابر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التحليل الأدبي لقصة "يده" بقلم د. عبد المجيد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 1 07-20-2022 09:37 PM
نظرة تحليلية سريعة لبيتي الشاعر: سعيد يعقوب، بقلم الناقد: عبد المجيد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 05-02-2013 11:17 AM
التحليل الأدبي لقصيدة "السعادة" للشاعر سعيد يعقوب، بقلم الناقد :عبد المجيد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 04-26-2013 08:49 PM
التحليل الأدبي لقصية للشاعرة: آمال رضوان. بقلم الناقد: عبد المجيد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 1 02-20-2013 12:31 AM
التحليل الأدبي لقصيدة" كأن القلوب إذا هوت"لهاجر شرواني: بقلم عبد المجيد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 7 04-26-2012 09:13 AM

الساعة الآن 08:50 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.