قديم 08-31-2010, 11:13 PM
المشاركة 11
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
العقائد العامة لفرق الشيعة


تتفق فرق الشيعة جميعا فى القول بوجوب الإمامة ,
والإمامة التى يعتقدون بها لا علاقة لها بالمسمى الذى نعرفه فى لغة العرب بل هى مسمى وثقافة يهودية ممزوجة بالعبادات الفارسية قائمة على تقديس بيت الدين واعتبار بيت الدين والملك أمرا واحدا ,
وأول من أظهرها عبد الله بن سبأ الذى سيأتى ذكره بالتفصيل ,
وقالوا بأن الإمامة أصل من أصول الدين لا يكون الدين كاملا إلا بها وهم أئمة منصوص عليهم من النبي علبه السلام ومعصومون ولهم القدرة على نسخ القرآن ونسخ السنة إلى غير تلك الأقوال الشنيعة التى تخالف صريح القرآن ,
ونجم على القول بالإمامة وفق هذا المفهوم تكفير الشيعة لبقية المخالفين لها من المسلمين ,
وهم فى أصولهم يختلفون عن دين الإسلام حيث شرعوا فى الدين ما لم ينزل به سلطانا واتسموا بالغلو الفاحش فى أسماء أئمتهم الذين اختلفوا باختلاف الفرق ,
مما دل على أن القول بوجود نص ووصية مسبقة على أسماء الأئمة هى دعوى باطلة لا أصل لها لأن الشيعة رغم قلتهم واتخاذهم سبيل الشذوذ عن الأمة واخفاء عقائدهم الناس إلا أنهم اختلفوا على سبعين فرقة تقريبا وكل فرقة منهم تكفر وتلعن صاحبتها وتعتبر نفسها الفرقة الناجية ,

وينتعرض فى البحث لأهم الفرق القائمة اليوم ونهمل الفرق المندثرة جريا على أسلوبنا فى هذا البحث وأكبر وأهم الفرق التى لا زالت لها جذور اليوم هى الفرقة الإثناعشرية التى تفرعت عن الفرقة الإمامية وقالت أن عدد الأئمة 12إماما يبدءون بعلى بن أبي طالب وينتهون بالمهدى الغائب المنتظر
ولم تتبق من فرق الشيعة اليوم إلا هم وبعض شراذم الفرقة النصيرية وهى واحدة من الفرق الغير معدودة من فرق الإسلام تقوم عقيدتها على تأليه الإمام علىّ , وهناك أيضا بعض الإسماعيلية وهم الذين توقفوا فى الإمامة على إسماعيل بن جعفر الصادق وتفرعوا عن الفرقة الإمامية أيضا وهؤلاء ينتمى إليهم القرامطة الذين أسسوا دولتهم فى البحرين وسلبوا الحجر الأسود من الكعبة وقتلوا الحجاج ودفنوهم فى زمزم وظل الحجر الأسود معهم فى موطنهم قرابة سبعين عاما
وينتمى إليهم كذلك أفراد ومؤسسي الدولة العبيدية التى قامت فى المغرب وادعت أنها تنتمى إلى الفاطميين وهم من أصل يهودى ونجحوا فى الاستيلاء على مصر وسماها المؤرخون الدولة الخبيثة لما فعلوه بمصر منذ فتحها لهم جوهر الصقلي فنشروا سب وتكفير الصحابة على جدران المساجد وقتلوا خلقا كثيرا من كبار علماء الأمة ونشروا الإلحاد والكفر حتى اقتلعهم صلاح الدين بعد عدة معارك بينهم وبين الشعب الذى ثار عليهم , فطهر صلاح الدين أرض مصر والشام منهم ونجحت فرقة بسيطة فى الفرار وهم الدروز الذين يستوطنون لبنان الآن ويعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله أشهر خلفاء العبيديين فى مصر
ومن آثارها أنهم أسسوا الجامع الأزهر كمعهد للعلوم الشيعية نجح المصريون فى أن يجعلوه منارة للسنة منذ تاريخ طردهم للعبيديين وحتى الوقت الحالى

الفرقة الاثناعشرية ومعتقداتها :
لم تكن تلك الفرقة موجودة بهذا الاسم قبل تاريخ 255 هجرية , التاريخ الذى اختلف فيه الشيعة الإمامية بعد أن توفي الحسن العسكري آخر إمام لهم ولم ينجب .,
فافترقوا أربعة عشر فرقة كانت منهم الفرقة الاثناعشرية التى تدعى اليوم أنها كانت قائمة منذ النبي عليه الصلاة والسلام !
والذى يتأمل كتب الفرق التى سجلها المؤرخون قبل هذا التاريخ لن يجد للاثناعشرية أثرا ولا عينا حيث أنهم كانوا جميعا تحت لواء الفرقة الإمامية حتى اختلفوا فى عدم وجود إمام بعد الحسن العسكري
فقال قائل منهم أن الحسن العسكري أنجب ولدا فى السر وهو المهدى الغائب الذى سيعود فى آخر الزمان وهو غائب من اثنى عشر قرنا تقريبا
ومعتقداتها تطورت عبر الزمن حيث اقتصرت فى البداية على القول بالإمامة وما ارتبط بها من أفكار وتكفير سائر المسلمين وعلى رأسهم الصحابة عدا سبعة أو خمسة أو ثلاثة منهم حسب اختلاف الروايات ,
وكان أكبر تطور عبرت به الاثناعشرية فى مجال العقائد هو عهد الدولة الصفوية التى نشرت بالقوة المذهب الشيعي على إيران السنية وقتلوا من أهلها ما يتجاوز مائة ألف نفس رفضوا هذا المعتقد
وكان كبير حاخامات الطائفة عالم اسمه باقر المجلسي يعتبرونه الشيخ الأعظم فى مجالهم وتعتبر عقائدهم الحالية هى دين المجلسي الذى ألف لهم فى العقيدة بعض الأفكار الكفرية التى ساهمت فى زيادتهم ضلالا على ضلال
نخرج من هذا إلى حقيقة مهمة وهى أن التشيع العقدى لم يخف الغلو والكفر فيه بمرور الزمن كما يعتقد البعض بل إن الزمن كلما تقدم كلما ازدادوا انحرافا عن الإسلام وعن أى مفهوم دينى ,
وقد جاء الخومينى فأضاف أيضا للعقيدة الشيعية الاثناعشرية بعض مبتكراته وأعاد اكتشاف بعض الأفكار الملحدة وأحياها وجدد طباعة كتب المجلسي ,

لتتبلور العقيدة الشيعية اليوم فى العناصر التالية
* اعتقادهم بأن الإمامة مكملة للدين والرسالة عندهم لم تتم وفق المفهوم القرآنى بإكمال الدين بوفاة النبي عليه الصلاة والسلام بل جاء بعده ـ فى معتقدهم ـ أئمة يرتفعون على مقام الأنبياء والرسل جميعا وآخرهم المهدى الغائب
* غلوهم الرهيب فى تفضيل الأئمة إلى حد القول بأنهم يعلمون الغيب ويعلمون متى يموتون وأوكل الله لهم أمر الكون ولهم ولاية تكوينية أى قدرة على الخلق وإحياء الموتى والرزق والحساب والحضور عند الموت إلى آخر تلك الأقوال التى فاقت أقوال النصاري فى عيسي بن مريم
وجعلوا هذا من ضروريات مذهبهم كما صرح بذلك الخومينى فى كتابه الحكومة الإسلامية
* تنقسم الشيعة الاثناعشرية إلى فرقتين فى داخل وعاء واحد
أولهما الإخبارية التى تقبل بكل الأخبار الموجودة فى كتبهم المعتمدة وهى الكافي والوافي ومن لا يحضره الفقيه والوسائل ومستدرك الوسائل وبحار الأنوار وغيرها على اعتبار أن ما ورد فيها كله صحيح وهؤلاء كفار بالإجماع لكونهم يسلمون بأن القرآن محرف
والفرقة الثانية وهى الأصولية التى اخترعت الاجتهاد فى زمن غيبة المهدى وتلك تقول بأن الكتب فيها الصحيح وفيها لضعيف لكنهم يسلمون بأخبارها فى مجملها
* اعتقاد تحريف القرآن انفردت به الاثناعشرية فى عصرنا الحاضر على مستوى علمائها القدماء والمعاصرين كما سنرى
* يعتقدون أن القرآن الكريم وحده ليس بحجة إلا إذا كان معه تفسير الإمام المعصوم ولا يجوز النظر فى القرآن واستنباط الأحكام منه مباشرة بغير قول المعصوم
* يعتقدون بعقيدة البداء وهى تجويز وتصور الجهل بالله عز وجل ـ تعالى الله عن ذلك ـ والبداء مفهومه أن الله عز وجل لا يعلم الحوادث قبل وقوعها وقد لجئوا إلى تلك المقولة حتى يمكنهم الخروج من مأزق ادعائهم علم الغيب على الأئمة حيث كانوا يكذبون على أئمة آل البيت وينسبون لهم نبوءات لا تقع فكان الحل أن يقولوا أن الله عز وجل يقرر الرأى ثم يرجع عنه والعياذ بالله
* اعتقادهم فى التقية وهى ستر معتقدهم والتعامل بالنفاق والتزلف مع المجتمع المحيط لا سيما أهل السنة وجعلوا التقية من أعظم أركان الدين كى ينجحوا فى الهروب من المواقف الصعبة التى يضطرون فيها لإخفاء معتقدهم أمام الناس وعامة شيعتهم وإعلانه فيما بينهم فقط
* من ضروريات مذهبهم أن الصحابة جميعا كفار مرتدون لأنهم ارتضوا أبا بكر رضي الله عنه خليفة للمسلمين والولاء والبراء عندهم يتمثل فى ولاية أهل البيت وفق مفهومهم والبراءة من الصحابة
* من ضروريات مذهبهم أن جميع المسلمين ما عداهم حتى الشيعة الغير منتمين من للاثناعشرية هم كفار مستحقون للخلود فى النار كما نقل المفيد الملقب بشيخ الطائفة إجماعهم على ذلك
وليس هذا فقط بل إن قتل السنة وهم النواصب فى نظرهم أى أعداء أهل البيت هو أقرب القربات إلى الله تعالى لأن دماءهم وأموالهم حلال زلال والسنة عندهم أكفر من اليهود والنصاري
* طبقت الشيعة الاثناعشرية هذه العقيدة بالفعل عندما سطر تاريخهم القديم والقريب خيانتهم لأمة الإسلام منذ تسليمهم بغداد لهولاكو وافتخارهم بذلك حيث تم هذا على يد الوزير الشيعي بن العلقمى الذى كان وزيرا للخليفة العباسي إبان هجوم التتار وبمناصرة الطوسي أحد كبار شيوخهم ., وفعلوا نفس الأمر فى الشام على يد الكنجى الشيعي الذى كان يتستر بمذهب الشافعى لإخفاء اعتقاده عملا بالتقية وانتظارا للفرصة " 9"
وفى العصر الحالى تعاونت حركة أمل الشيعية التى أسسها موسي الصدر فى لبنان عام 82 مع اليهود لقتل الفلسطينيين وتهجريهم من لبنان باعتبارهم نواصب , وأيضا مارستها ميلشيات حزب الله الذى تشكل من رحم أمل بعد ذلك " 10"
كما طبقها الشيعة المعاصرون فى العصر الحالى على يد ميلشيات الصدر وجيش المهدى وفيلق بدر الذين تمكنوا من ممارسة هذه الأعمال بحق أهل السنة فى العراق جنبا إلى جنب مع قوات الاحتلال وتزعمت الشيعة رياسة العراق
كما أن الخومينى مشي من قبل على نفس النهج فأعلن الحرب على العراق لثمانى سنوات ورفض إيقافها رغم الحاح العراق فى ذلك ووعد أنه سيحرر العراق من نظامه رغم أنه عاش فى كنف هذا النظام 14 عاما عندما كان هاربا من الشاه " 11"

ولسنا فى حاجة إلى بيان ضلال هذه المعتقدات وصدامها المروع مع المعلوم من الدين بالضرورة , وما يلفت النظر أن هذه العقائد وهذا الفكر من المستحيل أن يصدر عن العرب أو المسلمين فكلها أفكار دخيلة قائمة على صفتى العبودية للبشر والغدر وهذا ما لم يألفه المجتمع العربي لا قبل الإسلام ولا بعده
ولهذا فإن المتأمل لأعلام المذهب الشيعي منذ نشأته سيلاحظ أن جميع هؤلاء الأعلام بلا استثناء منذ عصر عالمهم الأول الكلينى فى القرن الرابع الهجرى وحتى اليوم ليس من بينهم عربي واحد بل كلهم من الفرس
فمن أين جاءت هذه العقيدة ؟!!

قديم 08-31-2010, 11:16 PM
المشاركة 12
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

ما هو مصدر هذه العقيدة ؟!


لقد تأملنا أدلة الشيعة الاثناعشرية فى عقيدتهم التى جعلت الإمامة بمفهومها الغريب هذا , هى أصل الأصول فى الدين الإسلامى ,
فكانت أدلتهم من القرآن والسنة عبارة عن تتبع المتشابه الغير صريح سواء فى القرآن أو السنة , رغم أننا بصدد حديث عن إثبات أصل عقائدى فى الإسلام , والأصول العقدية أصلها النص بلا خلاف بين المسلمين , وحتى فى الفرق الشاذة التى قررت العقل مصدرا لتلقي العقيدة جعلت العقل فى منصب الإدراك للنص الواضح
وهو أمر طبيعى للغاية ,
لأن العقيدة , أى عقيدة عبارة عن غيب تام من المستحيل أن نخترع فيها شيئا ليس فيه نص صريح ومكرر كما هو الحال مع وجود الله تعالى ومع النبوة والمعاد والبعث والملائكة والوحى والشياطين وغيرها ,
فكل هذه العقائد وتفاصيلها لولا أنها وردت فى القرآن صراحة ما أمكن لأحد أن يدعى وجودها بناء على القياس
والقياس هو أن تأخذ مثلا من شيئ موجود فتثبت وجوده عن طريق التمثيل بالشيئ الثابت

والقياس ـ باتفاق المسلمين ـ باطل فى العقائد والأصول لأنه أمر يصلح فى الفروع فقط , فمثلا قاس علماء السنة تحريم المخدرات على تحريم الخمر باعتبار أنها تشارك الخمر فى تغييب العقل , وقاسوا تحريم التدخين على القاعدة الأصولية لا ضرر ولا ضرار
وما يثير الدهشة حتى الأعماق أن الشيعة لا تجيز القياس من الأصل لا فى الفروع ولا فى غيرها لأنهم يعتمدون النصوص وحدها مصدرا للتشريع حسبما تقول نظريتهم فى اتباع المعصومين وضرورة وجود إمام كالنبي
فإذا كانت الفروع عندهم لا يجوز فيها القياس فكيف استخدموا القياس فى العقائد ؟!!
وهذه هى أحد أوجه التناقض الكبري فى مذهب الطائفة , وتناقضهم ليس له حدود على الإطلاق مصداقا لقوله عز وجل
[أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا] {النساء:82}
فإذا توجهنا إليهم بسؤال حول الإمامة أو المهدى الغائب أو سبب غيابه وجدتهم يذهبون إلى القياس على عيسي بن مريم عليه السلام !
لكن عيسي بن مريم استثناه النص الصريح فما بال المهدى ؟!
وإذا وضعنا هذا إلى جوار حقيقة مذهلة وهى أنهم يضعون الأئمة جميعا فى مرتبة أعلى من جميع الأنبياء والرسل ـ ما عدا محمد ـ عليهم الصلاة والسلام جميعا , فكيف ذكر الأنبياء دون الأئمة
وهذا العقيدة ثابتة عندهم ثباتا مطلقا حتى عند العوام , وأوردتها الكتب والمراجع المعتمدة فضلا على اتفاق القدماء والمعاصرين على ذلك
واستندوا فى هذا التفضيل إلى ما روته كتبهم فى هذا المعنى لا سيما الكافي وبحار الأنوار
ففي الكافي هناك عدد من الأبواب فى إثبات مكانة الأئمة التى تعلو على الأنبياء والمرسلين حتى أولى العزم , أبوابا كاملة وليس مجرد روايات متناثرة , وعناوين تلك الأبواب على الترتيب
• باب أنهم أعلم من الأنبياء
• باب تفضيلهم على الأنبياء وجميع الخلق عدا محمد عليه الصلاة والسلام
• باب أن دعاء الأنبياء أجيب بالتوسل والاستشفاع بهم ( وتلك إحدى المصائب الكبري حيث جعلوا الأنبياء تتوسل بهؤلاء الأئمة ولولا هذا ما أجيب دعاؤهم )
• باب أن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وأنه لا يخفي عليهم شيئ
•باب أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان والنفاق وعندهم أسماء أهل الجنة وأسماء شيعتهم وأعدائهم
•باب أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم

وهنا نكون أمام سؤال أكثر منطقية وهى أنهم طالما سبقوا فى الأفضلية جميع الأنبياء والمرسلين فكيف لهج القرآن الكريم بذكر أسماء الأنبياء عشرات المرات ولم يذكر أحد أئمتكم مرة واحدة ؟!
وإذا كان المهدى ـ حسب زعمهم ـ سيحقق للبشرية ما لم يتحقق فى زمن النبي عليه الصلاة والسلام نفسه فيقيم دولة العدل الكبري ـ بحسب قول الخومينى ـ وهى الدولة التى لم ينلها نبي أو رسول من قبل
فكيف لا يذكر مثله صراحة فى القرآن أو حتى فى السنة
بل على العكس يشدد القرآن على نفي تلك العقائد الخبيثة التى فاقت غلو النصاري فى عيسي واليهود فى عزير
وليت الأمر اقتصر على عدم وجود الإمامة لا فى أصلها ولا فى صفتها فقط , بل تعدى الأمر إلى أنهم عجزوا حتى عن الإتيان بآية قريبة الشبه بمفهوم الإمامة التى يريدونها
وهو المفهوم الذى ما عرفه أى دين صحيح ـ غير محرف ـ من الأديان وهو أن يكون هناك خلفا للنبي أو الرسول يقوم بالوصاية على الدين ويتمتع بالعصمة ويكون له ولاية تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون حسب زعم الخومينى الذى قال
( إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما محمودا لا يقربه ملك مقرب و نبي مرسل )

فجعل هذا الغلو الفاحش ضرورية من أسس المذهب أى من أنكره خرج من التشيع
ولا وجود لهذا فى الأديان وعلى رأسها الإسلام لأن الله عز وجل يرسل الرسل مبشرين ومنذرين بين فترات يتخللها وجود أنبياء يجددون للناس دين الرسول السابق عليهم ,
أما بالنسبة للإسلام فقد انعدمت النبوة وارتفع الوحى وأعلنها النبي صراحة عليه الصلاة والسلام أنه لا نبي بعدى وأن تجديد الدين فى الإسلام سيكون منوطا بعلماء الأمة , يقول النبي عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح
( يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها )
فحتى وظيفة الأنبياء التى كانت تتمثل فى احياء تراث الرسل انعدمت وحل محلهم العلماء , وليس هذا فقط بل إنه حتى فى العلماء لم يبشر النبي عليه الصلاة والسلام أنهم سيكونون متتابعين , كعالم يسلم الأمانة لعالم , بل حددها بمرور مائة عام ,
فمن أين جاء الشيعة بمفهوم الوصاية والعصمة والإمامة المستمرة فى الدين والتى لا تنقطع لأنها لو انقطعت لحظة من نهار لساخت الأرض بأهلها كما يروون فى كتبهم وأولها الكافي
من أين جاءوا بأن كل وصي يوصي إلى من بعده وأن الأخير منهم هو المهدى الذى طالت خرافته الآن حتى وصلت إلى ثلاثة عشر قرنا وهو غائب لا يقوم بمسئوليته ,

بالإضافة لعجزهم عن تبرير الغيبة وما هدفها طالما أن الإمام غير موجود ولا يمارس صلاحياته
ثم نظرنا فى أدلتهم فوجدناها تلوى عنق الألفاظ والتراكيب لتصبح مطية لهم فى إثبات شيئ دون إثباته خرط القتاد
كما أنهم استندوا إلى حجج لا يمكنها أن تقنع طفلا ففضلا على عدم صراحتها جاءت الأدلة أيضا لا علاقة لها بمفهوم الإمامة القائم فكان مثلهم كمثل الذى أتى بحروف كلمة الإمامة فى القرآن وسعي لإثباتها من هذا الوجه !
وعبثوا بآيات القرآن الكريم عبثا غير محدود فلما أعيتهم الحيلة ولم يجدوا نصا صريحا ولا تأويلا قريبا لجأ بعضهم إلى الجريمة العظمى وهى القول بتحريف القرآن وأن الصحابة حذفوا أسماء الأئمة من بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وألفوا فى ذلك الباب كتابا وأبحاثا من أشهرها ما كتبه النورى الطبرسي أحد علمائهم المعتمدين وصاحب كتاب مستدرك الوسائل أحد الكتب الثمانية الكبري فى الحديث وتوثيق هذا الرجل فى كتب الإمامية على أعلى ما يكون رغم أنه صاحب كتاب ( فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب ) الذى ألفه فى تحريف القرآن كما سنبين لاحقا فى مبحث التحريف
وهناك قسم آخر لما أعجزتهم الحيلة فى استنباط اسم علىّ فى القرآن أتوا باسمه بنفس طريقة البحث عن الحروف ,
فمثلا قال ياسر حبيب أحد علمائهم المعاصرين فى جواب على موقعه بالإنترنت لسؤال حول وجود اسم الإمام علىّ فى القرآن , فقال هذا الزنديق : نعم جاء اسم علىّ فى القرآن واستدل بالآية الكريمة
"هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" !!!!!!!
ولكى تفهموا النص لابد من قراءة الآيات كلها من السياق لنرى إلى أي مدى بلغ بهم التهجم على كتاب الله
تقول الآيات الكريمة من سورة الحجر
[قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ(40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ(41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ(42) ].

فانظروا ماذا فعل الزنديق عندما جاء بحروف اسم علىّ وطبقها على آية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالمسمى بل الآيات تنقل حوار الله عز وجل لإبليس وقوله تعالى أن الصراط المستقيم عليه حفظه لعباده الذين ليس لإبليس عليهم سلطان
وجاء أن أحد علمائهم الآخرين وهو زنديق آخر لا يقل جرأة على كتاب الله , فقام أيضا بابتكار اسم على من القرآن صريحا فقال علىّ الكورانى أن اسم الإمام مذكور فى هذه الآية وهى قوله تعالى
[ وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا]. {مريم}. !!!
فإذا عدنا للآيات الكريمة فى سياقها نجد النص كالتالى :
[وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا(48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا(49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا]. {مريم}.
والمعنى فى الآيات أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام حيث يثنى عليه ربه عندما اعتزل قومه فوهب له اسحق ويعقوب ووهب له من رحمته لسان صدق عليا ( صفة للسان ) فجاء الكورانى المجوسي فجعلها اسم علم وأسقطها على الإمام علىّ !!

وهذا العبث يذكرنى بأحد الفاسقين من مجانين كرة القدم , نحى هذا المنحى فى كتاب الله عندما عاتبه أحد الناصحين من الشيوخ بألا يتعصب لناديه فهذا ضد الدين
فقال له هذا السكير : كيف لا أتعصب للنادى الأهلى وهو مذكور فى القرآن !
فصعق المستمعون فلما سألوه عن مقصده قال لهم ألم يقل الله عز وجل
[وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي] {طه:29}
والآية عن سيدنا موسي عندما دعا ربه أن ينبئ أخاه هارون معه ويجعله رفيقا فى رسالته ووزيرا له !
لكن هذا السكير علاه الحاضرون بأحذيتهم جزاء عبثه بالقرآن , لكن ما بال الكوارانى وياسر حبيب
يلقيان التبجيل والاحترام والشعبية الجارفة على هذا الاستخفاف بكتاب الله المنزل وبعقول الناس ؟!

لكن هذا لم يكن غريبا عليهم لأن الشيعة فى تفسيرها للقرآن والذى تدعى أنه مصون للأئمة وحدهم وأن الإمام وحده هو الذى يفسره ,
جاءت فى تفاسيرها بمثل هذا الكفر البواح عشرات المرات ,
أى أن الأمر لم يقتصر على القول بالتحريف فقط , بل تعداه إلى العبث بالتفسير أيضا وكانت البداية عندما ابتدعوا قاعدة أن القرآن ليس بحجة إلا بقيّم
ومعنى هذا أن القرآن الكريم دستور الأمة والدين لا يصلح دليلا فى ذاته بل يلزم معه قول المعصوم فى التفسير وإلا سقط الاحتجاج به !
وهذا كفر صريح حيث يسر الله كتابه للذكر وجعل له الحجة البالغة , يقول تعالى
[وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ] {القمر:17}
وكررها فى عشرة آيات على الأقل
وامتلأ القرآن بآيات التدبر والتفكر التى نزلت لعموم الناس تحضهم على السعي لاستشراف الإعجاز القرآنى وتعقب الأدلة فيه , والقرآن الكريم فيه من الآيات ما يحتاج العلماء فى التصدى له واستنباط الدليل
وفيه من الآيات الكثيرات التى يفهمها كل عارف بالعربية ولا تحتاج تفسيرا , وأمثلتها جميع آيات الخلق والتدبر فى الكون وآيات التوحيد , كلها سهلها الله تعالى لعباده كى يأخذوا منها البرهان ويضربوا عرض الحائط بغيرها
ومن أقوالهم الشنيعة التى جرت على هذا المنحى أن القرآن الكريم لا يمثل حجة لأنه صامت لا ينطق بل هو فتنة وتلك الفرية قال بها التيجانى السماوى المتشيع التونسي الذى سافر لإيران وتعلم منهم وأصدر عشرة كتب فضح بها نفسه عندما انبري علماء السنة لبيان جهله

وجرأته على وصف كتاب الله بأنه فتنة وبأنه ليس بحجة يتصادم مع القرآن الكريم الذى سماه رب العالمين بأنه الذكر الحكيم وبأنه مفصل وبأنه التنزيل والآيات البينات أى الواضحات ,
وتعديهم على القرآن وصرف أذهان الناس عنه إلى حكايات الخرافة التى يقودها مراجعهم كان بسبب أن الناس إذا قرأت كتاب الله تعالى أدركت دونما حاجة إلى شرح مدى الضلال الذى يقول به علماؤهم
فصادروا عقول الناس من هذه الناحية وعبثوا بالتفسير حتى قرأنا لبعضهم فى تفاسير الطباطبائي والقمى ونور الثقلين والعياشي وغيره أن كلمتى الجبت والطاغوت فى القرآن تعنيان عمر وأبو بكر !
وفسروا بالأئمة عشرات الألفاظ والدلالات التى ليس لها علاقة بالإمامة مثل ألفاظ النور والهدى وحبل الله وغير ذلك

وفى تفسير الصافي فسر كلمات المنكر والفحشاء والبغي بأبي بكر وعمر وعثمان !
وفى كتاب الكافي أعظم كتبهم على الإطلاق , وردت روايات عديدة على هذا النحو , منها
تفسيرهم لآية الكرسي بأن المشكواة هى فاطمة والحسن هو المصباح والزجاجة هو الحسين والشجرة المباركة هى إبراهيم
وأن دابة الأرض المذكورة فى القرآن هى علىّ , وأن رسول الله عليه الصلاة والسلام هو ما فوق البعوضة وعليّ هو البعوضة وذلك فى تفسيرهم لقوله تعالى
[إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفَاسِقِينَ] {البقرة:26}

هذا بخلاف أنهم فى تفسير سورة التحريم يتهمون عائشة وحفصة رضي الله عنهما أنهما تآمرتا على النبي وسقتاه سما زعافا لهذا فالنبي عندهم عليه الصلاة مات مقتولا والعياذ بالله
وجاء الكورانى فى محاضرة علنية له يقول( نحن نطمع أن يحرضنا النبي والإمام عند الوفاة , )
تماما كما تفعل النصاري مع عيسي , لكن الكورانى زاد على ذلك أنه فسر قوله تعالى
( إنا إلينا إيابهم ) أى الله والأئمة ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ
كيف يكون هذا وهو القائل ( مالك يوم الدين )
كيف يكون ذلك وهو القائل
[وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ] {هود:123}
فهل مثل هؤلاء يمكن لعاقل أن يتصور اتباعهم لآل البيت ؟!
وأين هم آل البيت من هذا الكفر الصريح الذى ينسبونه إليهم ظلما وبهتانا ,
وأين هم آل البيت من الإمامة المبتدعة التى جعلت الأئمة أنصاف آلهة ( سنتعرض لذلك فى مبحث التوحيد )
وأين هم من الرهبانية التى فرضها الشيعة للاثناعشر إماما ثم جاء الخومينى ففرضها لنفسه وللفقهاء فأكلوا أموال الناس بالباطل تحت زعم نيابة الإمام الغائب !

قديم 08-31-2010, 11:18 PM
المشاركة 13
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
خلاصة القول
إن القول بالوصاية وبالرهبانية وبانتظار الغائب أقوال ما وردت فى الإسلام ولا حتى فى تاريخ العرب المعروف عنهم نفورهم من تلك العبودية البغيضة للبشر

, ومصدرها إذا تأملنا أوجه الشبه هو العقائد اليهودية مع بعض عقائد المجوس الذين يقدسون عباد النار منذ عهد ساسان الفارسي وقالوا فى عائلة ساسان بمثل ما قاله الشيعة فى آل البيت
وأول قول بالإمامة والوصاية ابتدعه اليهود على يد عبد الله بن سبأ الذى كان أول من أظهر الطعن فى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقال فى علىّ بالألوهية والرجعة واخترع مفهوم الوصاية فقال أن يوشع لم يكن نبيا بل كان وصي موسي وعلىّ وصي رسول الله عليه الصلاة والسلام
وغير ذلك من الأقوال التى صار بعضها فيما بعد عقائد ثابتة فى المذهب الاثناعشري

عبد الله بن سبأ :
يلجأ بعض الشيعة المعاصرين إلى طريقة طريفة فى الخلاص من تبعات بعض الأمور التى تنتسب إليهم , هذه الطريقة هى أن ينكروا وجود تلك المطاعن أصلا , مهما بلغت درجة ثبوتها حتى لو كانت ثابتة متواترة فى مصادرهم الأصلية
مثال ذلك إنكار وجود شخصية عبد الله بن سبأ أصلا , وذلك للخلاص من تبعات اتهامهم بالتشابه مع اليهود فى عقائدهم التى قالت حرفت التوراة وقدست الكذب وقالت بوجود المسيح المخلص الذى لم يظهر عندهم بعد !
ومثال ذلك ما فعله نجاح الطائي أحد كتابهم المعاصرين عندما ألف بحثا أضحوكة ينكر فيه أن أبا بكر كان مع النبي عليه الصلاة والسلام فى الغار
كذلك لجأ بعضهم إلى إنكار بعض المسلمات التاريخية كتسمية علىّ رضي الله عنه لأبنائه بأسماء الصحابة والمصاهرة بين البيت العلوى وبين بيوت الصحابة بل والبيت الأموى أيضا
ومصيبة هذه السياسة أنها تغفل حقيقة بديهية أن كتب القدماء فى التاريخ والسير متفقة بأكملها على تلك الحقائق فإنكارها إنكار لكل التاريخ وتسقيط لجميع هذه المصادر بل يفضي ذلك إلى إنكار ثبوت السنة حتى سنتهم هم عن المعصومين لأن الذين نقلوا هذه الأحداث هم أنفسهم نقلة الحديث
وأعظم دليل على مدى الجهل وتعمد التغييب أنهم يتناسون عمدا أنما يتوصل إليه المعاصرون من الاكتشافات , ليس فقط منعدم الدليل والحجة , بل أيضا هو قول جديد ما قال به مؤرخ أو محدث وليس له أصل سابق
فمن أين جاءت تلك الاكتشافات يا ترى ؟!!!

الخلاصة ,
سنثبت وجود عبد الله بن سبأ من مختلف المصادر المتنوعة , من السنة والشيعة معا , ولن نقتصر فى ذلك على كتب التاريخ أو الروايات بل سنحقق وجوده من كتب التاريخ وكتب الفرق وكتب الأنساب وكتب السير وكتب العقيدة ,
لأن ابن سبأ ـ من سوء حظهم ـ أنه كان صاحب فرقة شيعية هى السبئية التى تنتسب إليه فشهرته مطبقة فى المصادر المختلفة

أولا : مصادر الشيعة الأصلية :
لن نعتد هنا إلا بالمصادر الأصلية المعتبرة عند الشيعة وأعنى بها المراجع الأمهات التى أخذ منها كل من جاء بعدها ,
وأولها كتب الفرق , وكتب الرجال حيث أنها الأشد توثيقا
* المقالات والفرق للقمى : وهو من ثقاتهم وأحد أصحاب الحسن العسكري إمامهم قبل الأخير
وقال سعد بن عبد الله الأشعري القمي في معرض كلامه عن السبئية: "السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني، وساعده على ذلك عبد الله بن خرسي وابن اسود وهما من أجل أصحابه، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم" ( المقالات والفرق ـ ص 20 )

* النوبختى : وهو من ثقاتهم قال فيه الطوسي أنه كان إماميا حسن الاعتقاد , يقول النوبختى فى فرق الشيعة
"السبئية قالوا بإمامة علي وأنـها فرض من الله عز وجل وهم أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وقال: "إن علياً عليه السلام أمره بذلك" فأخذه عليّ فسأله عن قوله هذا، فأقر به فأمر بقتله فصاح الناس إليه: يا أمير المؤمنين أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك؟ فصيره إلى المدائن".
وحكى جماعة من أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بـهذه المقالة، فقال في إسلامه في علي بن أبي طالب بمثل ذلك، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه.. فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية"
( فرق الشيعة: 32-44 )

* الكشي فى كتابه (معرفة الرجال ) , وهو أشهر من نار على علم لأن الكشي هو عمدتهم فى الجرح والتعديل
عن أبي عبد الله أنه قال: "لعن الله عبد الله بن سبأ، إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام، وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبداً لله طائعاً، الويل لمن كذب علينا، وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم، نبرأ إلى الله منهم".
( معرفة أخبار الرجال، للكشي:70-71 )

* الصدوق فى كتابه من لا يحضره الفقيه , رابع كتبهم الثمانية المعتمدة ,
وقال الصدوق: "وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء وينصب في الدعاء، فقال ابن سبأ: يا أمير المؤمنين أليس الله عز وجل بكل مكان؟ قال: بلى، قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: أو ما تقرأ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، فمن أين يطلب الرزق إلا موضعه؟ وموضعه -الرزق- ما وعد الله عز وجل السماء}".
(من لا يحضره الفقيه: 1/229).

* بن أبي الحديد شارح نهج البلاغة الأشهر
ذكر ابن أبي الحديد: "أن عبد الله بن سبأ قام إلى علي وهو يخطب فقال له: أنت أنت، وجعل يكررها، فقال له -علي-: ويلك من أنا، فقال: أنت الله، فأمر بأخذه وأخذ قوم كانوا معه على رأيه"، ( شرح نـهج البلاغة: 5/5).

* نعمة الله الجزائري صاحب أحد أكبر مراجعهم ( الأنوار النعمانية )قال السيد نعمة الله الجزائري: "قال عبد الله بن سبأ لعلي عليه السلام: أنت الإله حقاً، فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن، وقيل أنه كان يهودياً فأسلم، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وفي موسى مثل ما قال في علي".
( الأنوار النعمانية: 2/234)

* وعلى نفس النمط من الترجمة وذكر عبد الله بن سبأ انتهجت المصادر الشيعية التالية هذا النهج وهى
أبو حاتم الرازى الشيعي أحد أعلام الإسماعيلية فى كتاب الزينة ,
وهناك أيضا شيخ الطائفة المفيد فى كتابه شرح عقائد الصدوق ,
وأبو جعفر الطوسي فى تهذيب الأحكام
وعلامتهم الحلى ـ الذى رد عليه بن تيمية ـ ذكر حال السبئية وبن سبأ فى كتابه الرجال
وبن المرتضي الزيدى فى كتابه تاج العروس حيث نسب أصل التشيع إلى بن سبأ
والخوانساري فى كتابه روضات الجنات نقل لعن الصادق عليه السلام لابن سبأ

وهذه من المصادر الشيعية المعتمدة القديمة ومنها أمهات كتب ومراجع الشيعة الإثناعشرية المعاصرين مثل رجال الكشي وكتب المفيد والجزائري والطوسي والخونساري وبن أبي الحديد والصدوق
كما نقل إحسان إلهى ظهير رحمه الله الاعتراف بوجود بن سبأ على لسان الشيعة المعاصرين مثل العلامة محسن الأمين فى موسوعته والمظفري فى كتابه تاريخ الشيعة
ولخص هذه البحوث جميعا فى مصدر واحد العلامة الدكتور محمد أمحزون فى كتابه الموسوعى ( تحقيق موقف الصحابة من الفتنة ) حيث خصص فصلا أورد فيه كل ما تمت كتابته عن بن سبأ من أمهات مصادر السنة والشيعة

ثانيا : من كتب السنة :
من كتب السنة حدث ولا حرج حيث أنه لا يوجد عالم سنى نفي وجود تلك الشخصية المحورية فى أحداث التاريخ بطرق وأسانيد متتابعة فى كتب الفرق والتاريخ والأنساب
وليس كما ظن البعض أن عبد الله بن سبأ ذكره الطبري فقط من رواية الضبي الضعيف , فهذا جهل بالمصادر لم يسبق إليه أحد
ومن جملة مراجع السنة التى ترجمت لتلك الشخصية
فثبت بشخصيته وفرقته عند بن حبيب عالم الأنساب المتوفي عام 245 هـ , وكذلك عند أبي عاصم الأصرم الذى نقل خبر إحراق علىّ رضي الله عنه لبعض السبئية فى كتابه الاستقامة
وهذا الخبر نفسه , وهو خبر إحراق علىّ للزنادقة السبئية ـ ثبت فى عدة روايات صححها جميع أهل العلم فى كتب الحديث والطبقات مثل أبي داوود فى السنن , والنسائي فى سننه , وصحح الإسناد العلامة الألبانى , كذلك ذكر السبئية وأفكارها بن سعد فى الطبقات الكبري بسنده عن عمرو بن الأصم إلى الحسن بن علىّ
كما أثبته الجوزجانى المحدث البليغ فى كتابه أحوال الرجال , وأيضا ذكره بن قتيبة الإمام السنى فى كتابه الشهير المعارف , وأيضا نص عليه البلاذرى عالم الأنساب فى كتابه أنساب الإشراف
وتحدثت عنه كتب الجرح والتعديل عندما تعرضوا لروايات السبئية مثل بن حبان فى كتابه المجروحين
أما كتب الفرق فقد أجمعت بكل صنوفها على وجوده وأنه تنتسب إليه الفرقة السبئية الغالية التى قالت بألوهية على بن أبي طالب رضي الله عنه
مثل الإمام أبي الحسن الأشعري وبن حزم والملطى والمقدسي والبغدادى والخوارزمى وأبي حفص بن شاهين والاسفرايينى وبن عساكر والشهرستانى

وقد أوردت تلك المصادر ترجمة بن سبأ وأحواله من طرق متعددة ليس من بينها طريق سيف بن عمر الضبي الذى اعتمد عليه الطبري
بل نقلوا أخباره كذلك عن حجية بن عدى الكندى التابعى المخضرم الذى روى عن حذيفة وعلى بن أبي طالب , وأيضا من طريق أبي الطفيل وله صحبة ثابتة للنبي عليه الصلاة والسلام ورواه عن طريق المسيب بن نجبة
كذلك طريق أبي الجلاس ونشوان الحميري وفخر الدين الرازى وهؤلاء كلهم أئمة فى مجالاتهم
كذلك نقل خبر بن سبأ أئمة الحديث والتاريخ مثل الذهبي وبن الأثير وبن تيمية والصفدى والكرمانى والشاطبي والسكسكي والجرجانى والمقريزى والحافظ بن حجر والسيوطى والزبيدى وبن كثير

أى أن الأمر أمر إجماع تام لم يخالف فيه أحد العلماء القدامى الذين عليهم معول التراجم والفرق والتاريخ ,
بل إن مصادر المستشرقين أشارت إليه بوضوح وأفاضت فى الحديث عنه مثل
فلهاوزن , فولتن , وليفي دلايفيدا , وجولد تسيهر , ورينولد نكسلن , ودوايت روندلسن ,
وهم بعض المستشرقين المتخصصين فى بحث التاريخ الإسلامى ,

أما بدعة إنكار بن سبأ فقد اخترعها بعض متقدمى المستشرقين اليهود ممن حاولوا أن ينهوا وجود بن سبأ لبيان أن الإسلام ضعف من داخله وليس من عوامل خارجية , فتلقفت هذه الفكرة مصادر المعاصرين من الشيعة حيث وجدوا فيها مخرجا ومنفذا لهم من تبعة إنفراد بن سبأ بإنشاء فكرة الوصاية والطعن على الصحابة
ولا شك أنها فكرة فشلت فى المهد لأنه كما سبق القول جاءت كفكرة ليس لها شبهة دليل يمكن أن تقوم به حجة وذلك لمخالفتها الإجماع المطبق فى تلك الشخصية التى انفردت بإحدى أشهر فرق الغلاة فى الإسلام

فوضحت الآن من أين جاءت فكرة الوصاية والعصمة وإثبات الرياسة لبيت واحد , حيث أن أصل الفكرة عقيدة يهودية جرت على ألسنة فجار اليهود ونقلها بن سبأ إلى عقيدة الفرق الغلاة من الشيعة ,
وانتقلت عقيدة بن سبأ إلى العراق ونشر أتباعه ونصحهم بإظهار الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لحيازة ثقة الناس ثم نشر تلك العقائد بينهم ,

وتلقف الفرس المتعطشون للكيد للإسلام هذه العقيدة فنشأت فرق جديدة كان منها الإمامية التى تفرعت فيما بعد إلى عدة فرق حتى جاء عام 255 هـ بوفاة الحسن العسكري فانقسمت الإمامية إلى 14 فرقة مختلفة العقيدة بعد أن توفي الحسن العسكري وليس له ولد ,
فقالت منهم فرقة أن الحسن العسكري أنجب ولدا فى السر وسماه محمدا وأنه المهدى المنتظر إلى آخر هذه الخرافات التى انبثقت عنها الفرقة الاثناعشرية المعاصرة

ومنذ ذلك العهد فقط , ظهر مسمى الإثناعشرية الذى ليس له وجود قبل هذا التاريخ فى أى كتاب من كتب الفرق , حتى الشيعية منها التى سبقت هذا التاريخ
وهذه الحقيقة التاريخية المعروفة هى قاصمة الظهر لكل حجج الشيعة المعاصرين فى القول باثنا عشر إماما حيث لم يظهر هذا القول إلا بعد أن مات الحسن العسكري رضي الله عنه دون أن يعقب
ولو أنه عقب ولدا ما اختلفت الشيعة بعده إلى14 فرقة ودبت فيهم الحيرة حيث أن عقيدتهم تقول بضرورة أن ينجب الإمام ولدا ظاهرا فكان الحسن العسكري عقيما وقسموا ميراثه على أمه وزوجته ,
فانقلبت فرق الشيعة إلى عدة أقوال كان منها القول بالمهدى المختفي ,

والذى ابتدع فكرة المهدى الخافي هذا كان شيطانا بحق ,
حيث تمكن المستفيدون من الإمامة أن يعيدوا الشيعة الذين تبعوهم إلى المذهب ليجنوا من ورائهم الأموال الطائلة وظهر ذلك جليا عندما أعلن أربعة من الشيعة أنهم أبواب المهدى والسفراء المفضين إليه وهم النوبختى والسمرى والعمرى وابنه ,
وظلوا سبعين عاما يأخذون أقوال المهدى المزعوم فيلقونها إلى الشيعة واحدا بعد الآخر حتى توفي آخرهم وهو محمد العمرى فأعلنوا أن الغيبة الصغري قد انتهت وجاء أوان الغيبة الكبري !
وهى الغيبة التى استمرت إلى اليوم ,

وخلال تلك العقود من ذلك الحين وحتى يومنا هذا كان التشيع يتطور من مرحلة إلى مرحلة حتى بلغ قمة الغلو فى عهد الدولة الصفوية التى أسسها الشاه إسماعيل الصفوى فأعادت طباعة كتب الشيعة القديمة واختراع الأدلة بأثر رجعى على أقوالهم بالعقائد الشاذة التى وصلت بالأئمة لدرجة الألوهية
واعتمدوا الرقاع وهى الأوراق التى كان يكتبها المهدى المزعوم للسفراء كمصدر رئيسي للتشريع !
وكان أساطير صياغة التشيع فى ذلك الوقت هم طائفة علماء التشيع الصفوى الذين أظهروا اللطم والتطبير وضرب الرءوس وكلها عقائد نصرانية يفعلها بعض طوائف المسيحيين فى يوم صلب المسيح !
وتولى كبر هذه المرحلة أكبر زنادقتهم وهو باقر المجلسي الملقب بالشيخ الأعظم وصاحب ثانى كتبهم المعتمدة بحار الأنوار
والذى يقول عنه العلامة الآلوسي أن دين الشيعة اليوم لو سميناه دين المجلسي ما كنا مبالغين ,
وجاء الخومينى بعد الثورة بنظريته الجديدة واعتقاده بالنجوم والأفلاك والفلسفة اليونانية التى حشا بها كتابه كشف الأسرار لينقل الشيعة إلى مرحلة أخرى أشد غلوا من العهود السابقة !

خلاصة القول أن التشيع كعقيدة للفرق هو التشيع الرافضي الفارسي الذى بدأ يهودى النزعة ثم تولته العقائد الفارسية التى أضافت للإمامة بقية المعتقدات كاللعن والطعن فى أهل السنة وأولهم الصحابة والقول بالشيوعية الجنسية تحت مسمى المتعة وغير ذلك من مختلف العقائد المعاصرة للشيعة ,
هذه العقائد التى كانت قديما عند الشيعة القدماء غلوا أصبحت اليوم من ضروريات المذهب
يقول المماقانى وهو من أكبر علمائهم فى الجرح والتعديل
( إن ما كان قديما من يسميه قدماء الشيعة غلوا أصبح الآن من أصول عقائد الإمامية )
وهذا ما طبقه الخومينى حرفيا :

وللبحث بقية فى نشأة التشيع وعلاقته بالمجوس

قديم 08-31-2010, 11:21 PM
المشاركة 14
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الرمح اليهودى .. والضربة الفارسية


نبدأ فى دراسة الدور الفارسي للتشيع والذى يعد هو الدور البانى والمرسخ لشتى عقائد الشيعة بكل فرقها ـ عدا الزيدية ـ والبداية من عند قول عالمهم الممقانى
( إن ما كان قديما من يسميه قدماء الشيعة غلوا أصبح الآن من أصول عقائد الإمامية )
وهذا صحيح تماما ,
فقد سبق أن بينا كيف أن عقيدة التشيع تطورت من سيئ إلى أسوأ حتى وصلت إلى أعلى درجات الغلو فى العصر الخومينى , وليس كما يظن البعض أن الغلو والنزعة الإنتقامية إنما هى مواريث الماضي ,
فالمطلع على بذرة التشيع يجد العكس , أنك كلما أوغلت فى التاريخ القديم كلما وجدت الشيعة أحسن حالا من عصرهم المتقدم والدليل على ذلك أن العقيدة الشيعية تشكلت شيئا فشيئا حتى اندثرت معظم الفرق وورثت الفرقة الاثناعشرية معظم عقائد الفرق الشيعية الأخرى التى كانت نفس فرق الإمامية تعتبرها فرقا خارجة عن الإسلام
فصارت الشيعة فى عهد الدولة الصفوية قبل خمسمائة عام عبارة عن دين آخر تماما لا علاقة له بالإسلام وجاء الخومينى منذ أربعين عاما ليمضي قدما بالتشيع إلى مرحلة أشد سقوطا ليصبح التشيع هو أعدى أعداء الأمة الإسلامية

والقصة بدأت عندما كانت فارس القديمة قبل الإسلام قد ألقت بثقلها إلى الدولة الساسانية , وساسان المؤسس كان هو خازن النار والكاهن الأكبر لدين المجوس ,
فتمكن من مكان نفوذه أن يضع ولديه فى قلب قيادة الجيش للإمبراطورية الفارسية وهما برويز وأردشير , واللذان قاما بانقلاب عسكري تأسس على إثره عهد الدولة الساسانية ,
ومنذ ذلك الحين تعود الفرس عامة وخاصة على أن بيت الملك هو ذاته بيت الدين وأن هذا البيت منزه عن كل خطأ ويتمتعون بأنهم من طينة أخرى تختلف عن عوام الناس وأنهم مقدسون وأنهم أنصاف آلهة ويتحكمون فى الكون إلى آخر تلك العقائد التى ميزت ديانة المجوس فى العهد الساسانى

وينبغي التركيز على طبيعة تلك العقيدة لأنها هى نفسها التى شكلت عقيدة التشيع لأننا لو نظرنا إلى مفهوم الإمامة عند الشيعة لوجدناه مطابقا تماما لمفهوم ضرورة انحصار الدين والملك فى بيت واحد مقدس منزه ,
ثم ظهر الإسلام وقاد عمر بن الخطاب الحروب الطويلة فى إسقاط دولة فارس فكان سقوطهم مدويا من جميع النواحى وصادما لهم إلى أقصي حد , لعدة أسباب
أولها : أنهم كانوا الدولة العظمى الثانية فى العالم مع الروم , وقوتهم العسكرية كانت فوق الخيال العربي وهى قوة تمكنت من كسب عدة مراحل من مراحل الصراع على الروم بكل جحافلها ووصلت قواتهم فى بعض العهود إلى تهديد أوربا نفسها
ثانيها : أن هذا السقوط جاء على يد العرب والفرس تنظر للعرب بنظرة تاريخية معروفة وهى دونية للغاية فى مجملها حيث تراهم أقل من أن يكونوا لها عبيدا ,
ولهذا فإن كسري قتل رسول النبي عليه الصلاة والسلام عندما جاءه داعيا للإسلام رغم أن الرسل لا تقتل , ولكن كسري لم يكن ينظر للعرب بنظرة الند أو ما تحت الند حتى يمكن له أن يتصور العرب داعين له لدين جديد

ومع امتزاج السببين تولد الحقد العاتى لدى الفرس من العرب بسبب سقوطهم الذريع والسريع على يد العرب الذين لا يملكون من الخبرة العسكرية شيئا يذكر ,
وأضيف إلى ذلك أن سقوطهم كان تاما فلم تقم لهم قائمة , بعكس الروم الذين ظلت دولتهم قائمة كإمبراطورية منذ سقوط الشام والأندلس وحتى سقوط القسطنينية فى عهد العثمانيين
لكن الفرس انكسروا فى القادسية وانمحت دولتهم من على وجه التاريخ فى معركة نهاوند فكان سقوطا مهينا يصحبه إحساس الفرس بالعار الكبير الذى لحق بهم من أتباعهم ورعاياهم السابقين ,
وكان لابد لهم من اللجوء للعمل تحت الأرض بعد أن صار العمل المعلن ضربا من المستحيلات , فكان أول انتقامهم أن قتلوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الذى أطفأ نار المجوس , على يد أبي لؤلؤة المجوسي الذى يتمتع بقداسة لدى الشيعة الإيرانيين حتى اليوم وله مقام كبير باسم ( مقام بابا شجاع الدين ) موجود فى مدينة كاشان الإيرانية وهو عندهم مؤمن مجاهد وولى من أولياء الله الصالحين !

هذا فضلا على تخصيص عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأكبر قدر ممكن تخيله من اللعن والسب والشتم والاتهامات المخجلة وجعل تلك اللعائن من أساسيات المعتقد لدى كل شيعى وعمدوا إلى تلقين كراهية عمر بن الخطاب لدى صغارهم وتدشينها لدى كبارهم بالترويج للقصص المختلقة الواضحة الوضع والبهتان , مما فضح بجلاء أنهم يقصدون عمر بالذات باعتباره ماحى النار المجوسية ,
وجعلوا يوم استشهاده عيدا مسمى عندهم بعيد الغفران ووضعوا فى فضل هذا العيد عشرات الأحاديث التى تعد الشيعة بالغفران المبين كلما زادوا فى صب اللعنات على أعدل الخلفاء الراشدين ,
وقاموا بحشر أهل البيت فى الموضوع فشوهوا تاريخ الخلفاء والصحابة وقرروا أنه لا ولاء إلا ببراءة من الأعداء وأولهم عمر وثانيهم أبو بكر , وهكذا تنجلى الصورة الخادعة التى ألفتها المجتمعات السنية البعيدة عن الشيعة باعتبار الشيعة تصب اللعن فقط وتخصه بمعاوية وحده رضي الله عنه لأنه صاحب الخلاف الظاهر
ولكن الشاهد من كتبهم وأفعالهم يقول بالعكس أن عمر عندهم أشد عليهم من إبليس إلى درجة ابتكارهم لدعاء الحشر مع أبي لؤلؤة المجوسي والسعي للدفن قرب مقبرته المزعومة فى كاشان !
وصار الدين الشيعي قائم على لعن الصحابة جميعا وتكفيرهم وتخصيص أبي بكر وعمر بمزيد من الوباء الذى ينجرف فى صدورهم ثم أبانت العقيدة الشيعية عن نفسها أكثر وأكثر فأصبح الجنس العربي كله على طاولة اللعن والتكفير والتخصيص بالاعتداء , وهى الصورة التى لا تدع لأى عاقل شكا فى أن منبت التشيع وأساسه وبناءه فارسي خالص
وبعدها استغلوا أحداث الفتنة التى وقعت بعد مقتل عثمان رضي الله عنه وتلقفوا بن سبأ ومشروعه حول الإمامة والوصاية وتفرقوا شيعا كل فرقة تدعى أنها شيعة أهل البيت وتعمل بأسلوب خفي ومن هنا جاء اسم الباطنية حيث لم تكن دعوتهم فى العلن بل كانت تعمد على أسلوب العصابات
فشاركوا فى الفتن التى توالت على الإسلام تباعا حتى جاءت فتنة مقتل واستشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه والجناه كانوا هم أنفسهم مدعو التشيع حيث غرروا بالحسين وأرسلوا له الكتب والمراسلات تحضه على الحضور إلى الكوفة موطن التشيع ثم قام أهل الكوفة أنفسهم بقتله وأهل بيته واتفق على ذلك المؤرخون سنة وشيعة فما شارك فى قتل الحسين رضي الله عنه أحد خارج الكوفة التى هى باتفاق المؤرخين موطن التشيع وبذرته "12"
وقد اتفق مؤرخو الفرق وأهل الحديث على أن الفرس تستروا بالتشيع لأهل البيت وبثوا عقائدهم فى الإمامة والوصاية والملك فى دعوتهم الباطنية وهناك من المؤرخين وأصحاب الفرق من جعل أصل التشيع كله فارسي خالص كما هو عند بن حزم فى الملل والنحل , والمقريزى فى خططه , والشيخ أبو زهرة فى تاريخ المذاهب الإسلامية ,
إلا أن الرأى الصحيح والمتفق عليه هو أن بذرة التشيع يهودية تطورت بفكر فارسي كما نقل الدكتور ناصر القفاري فى كتابه ( أصول مذهب الشيعة الاثناعشرية )
وتعتبر البداية الحقيقية للمؤامرة الفارسية عند مقتل الحسين رضي الله عنه حيث انجرفت العواطف فى العالم الإسلامى تجاه هذه الواقعة المفجعة ووجد الشيعة آذانا مصغية لدى العامة لدعوتهم الباطنية
وتتابعت الحقب والشيعة تتشكل فى الكوفة ويدعون على الناس أنهم يأخذون العلم عن الأئمة فى المدينة وأشهرهم محمد الباقر وابنه جعفر الصادق الذين تم الكذب عليهم بشكل لم يُسبق إليه ,
فمن المعروف أن إقامة جعفر الصادق وأبيه كانت فى المدينة المنورة طيلة حياته , ولئن كان قد خرج للعراق فقد حدث هذا مرة واحدة لم تتكرر عندما زار الصادق الخليفة أبي جعفر المنصور ,
لكنهم بالكوفة وعلى أيدى كبار رواة الشيعة مثل زرارة بن أعين وجابر بن يزيد الجعفي وبريد بن معاوية وغيرهم تشكل مذهب الغلو واستغلال العوام باسم الدعوة لآل البيت حتى اشتهر أمر الكوفة بأنها أصبحت مصنعا لتزييف الأحاديث النبوية والمكذوبات على جعفر الصادق حتى قال فيها الإمام مالك أنها أصبحت مثل دار ضرب السكة
وأجمع أهل الحديث على إنكار أحاديث الكوفيين لما فيها من التزييف والإختلاق الظاهر والمستحيل فى بعض الأحيلن , وبلغت كمية الكذب على جعفر الصادق رضي الله عنه أن راويا واحدا كزرارة بن أعين افترى على الصادق فى مائة وخمسين ألف رواية كلها مكذوبات وموضوعات ! "13"
وبمثل هذا العدد ونحوه افترى جابر بن يزيد الجعفي وبريد بن معاوية وهؤلاء هم أوثق رواة الشيعة اليوم والمطالع لكتب الرجال عند الشيعة يجد أن هؤلاء على أعلى درجات التوثيق رغم أن كتبهم كرجال الكشي تنقل بعض الروايات المنسوبة إلى جعفر الصادق وهو يلعنهم أشد اللعن لا سيما زاراة بن أعين ,
فمن هنا جاء دين الشيعة الاثناعشرية , وليته اقتصر على المكذوبات التى افتراها الراوة فقط بل تعدى الأمر ذلك أن الشيعة فى العهد الصفوى أضافوا كتبا كاملة إلى الكتب الموجودة دون أن يفصحوا من أين لهم بتلك الكتب المحشوة بروايات الكفر والخرافة واعتمدها علماؤهم منذ العصر الصفوى وأقرهم الجيل المعاصر عليها وصارت الآن من ضروريات المذهب "14"

التنظير الفارسي للطائفة الإثناعشرية ,


اعتمد التشيع الإمامى الاثناعشري فى عقيدته على الفرس قلبا وقالبا فأصبح دينا مستقلا فضلا على كونه دينا عنصريا هدفه الأسمى ترصد العرب أولا ثم ترصد أساسيات الإسلام وهدمها واحدا تلو الآخر ,
يتضح ذلك فى جلاء عندما ننظر نصوصهم حول مخالفيهم من بقية المسلمين ونصوصهم الخاصة فى الجنس العربي بالتحديد
كذلك عندما ننظر إلى طريقة تعاملهم مع المصادر الأساسية للتشريع فى الدين الإسلامى ,

أولا : موقفهم من المخالفين والعرب
عندما واجهت التشيع الفارسي مشكلات الدعوة لهذا المذهب أمام العامة وأهل السنة , ابتكروا لها الحلول المسبقة وكانت أول المشكلات هى كيفية الدعوة للمذهب بكل شناعته وكفره الصريح وفى نفس الوقت الحفاظ على نطاق السرية والكتمان المضروب حوله ,
وكان الحل العبقري الذى توصلوا إليه يتمثل فى مبدأ التقية , وهى التى تجعل لزاما على كل شيعي أن يعتقد فى باطنه غير ما يظهره لا سيما أمام أهل السنة الذين هم عند الشيعة كفار مخلدون فى النار تحل دماؤهم وأموالهم
ولكن فى حالة عدم وجود الفرصة للغدر فإن التقية تكون هى الخيار العبقري الذى يجعل الشيعي يتعامل بدعوى الوحدة والإتحاد مع المسلمين ومداهنة المخالفين وهو ما تسبب فى خداع الكثيرين حتى بعصرنا الحالى رغم دروس التاريخ المريرة التى أوضحت طبيعة هؤلاء المتدينين بقتل العرب والمسلمين
وقد لعبت التقية دورا كبيرا جدا فى إخفاء هوية التشيع الفارسي عن العيون ولا زالت تلعب هذا الدور اليوم حيث يجد الشيعة ممن فى قلوبهم مرض من أهل السنة سواء بجهل أو بتحريض وسوء نية من يدافع عنهم باعتبارهم فرقة من المسلمين أو أنهم مذهب إسلامى رغم أنهم لا يمتون للإسلام بصلة سواء فى مصدر التشريع أو حتى الثوابت العقائدية ,

والسبب هو اتساع رقعة التقية الفضفاضة التى تسمح لهم حتى بالحلف كذبا فى سبيل مداراة مذهبهم أمام المخالفين وعظموا أمر التقية إلى درجة غير طبيعية حتى هددوا كل شيعي عبر تلك النصوص أنه سيخرج من الدين إذا تركها
فى نفس الوقت مثلت التقية حلا عبقريا آخر فى حل أزمة الإقناع أمام العامة بتلك التناقضات التى وقع فيها الشيعة , فمثلا إذا ظهر السؤال التلقائي عن الإمام علىّ كيف بايع وصاهر أبا بكر وعمر وهم كفار مرتدون يكون الجواب بأنه فعل ذلك تقية واستجاب المغفلون والمغرضون للتبرير المضحك الذى يطعن أول ما يطعن فى شجاعة الإمام وأهل بيته ويتهمهم بالنفاق صراحة رغم أنهم يدعون أنهم شيعة أهل البيت ,
كما مثلت التقية حلا مضمونا للتغلغل داخل المجتمع الإسلامى عن طريق المداهنة والنفاق إلى الحد الذى سمح للخومينى والسيستانى أن يعلنا بأن الشيعة أشقاء السنة فى نفس الوقت الذى تحفل كتبهم ومحاضراتهم وأفعالهم بالعكس على طول الخط ويفعلون هذا بلا حياء أو خوف من أن يظهر هذا التناقض أمام العوام ,
لأن تبرير التناقض موجود وجاهز وهو أنهم فعلوا ذلك وقالوه تقية

وطبيعة التقية كما عرفتها كتبهم كما يلي :
يعرفها مذهب الإثناعشرية فيقول
{ التقية هي كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا
شرح عقائد الصدوق: ص261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات) }

ومثل هذا التعريف للتقية لم يعرفه الإسلام الذى عرف التقية عبر آيات القرآن الكريم أنها تكون فى مواجهة فى الكفار إذا كان المسلم يخشي على حياته منهم
أو عندما تواجهه أخطار الموت والتشريد وغيرها من الضرر البليغ
يقول عز وجل
[لَا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ المَصِيرُ] {آل عمران:28}
أى أن القرآن الكريم حصرها كرخصة فى مواجهة الكفار وعند الضرورة أى ليس فى مطلق الأحوال حتى مع الكفار
بينما تعريفهم يصرح بأنها فى مواجهة المخالفين لا الكفار وهذا ما تم تطبيقه بالفعل عبر نداءات الوحدة الإسلامية التى يستغلها أصحاب العمائم طريقا لمختلف الأغراض
وهذا لمعلومة القراء من ضروريات مذهب الشيعة الاثناعشرية وأحد ركائزها الأساسية , وركز عليها علماء الإثناعشرية عبر مختلف العصور وبالذات فى عصرنا الحالى حتى يتفادوا صداع مناقشة مذهبهم والطعون عليه وكشفه أمام عوام الشيعة أنفسهم وليس أمام السنة فحسب
كما أن التقية تمثل المهرب الرئيسي لهم عندما يحشرهم أى قائل فى أى مسألة دينية يخالفون فيها صريح القرآن وحتى أقوال أئمة آل البيت بأن يحملوا أقوالهم على التقية لعجزهم عن تفسير التضارب فى مذهبهم
فمثلا العلاقة الوطيدة بين أئمة آل البيت والصحابة ولمصاهرات والتزكية التى قالها الإمام على رضي الله عنه فى حق جميع من سبقوه تقف حجر عثرة أساسي أمام منهج الاثناعشرية فى الطعن بالصحابة وأمهات المؤمنين ,
لهذا قالوا أن التقية من أساسيات الدين وأن أول من مارسها هو الإمام علىّ

وهذا فضلا على أنه طعن رهيب فى شجاعة الإمام إلا أنه أيضا تناقض أكثر ظهورا منه كطعن , لأن الإمام على فى نهج البلاغة ـ وهو أوثق مراجعهم ـ زكى الصحابة جميعا ولم يصرح بنص أو وصاية وكان ذلك إبان خلافته هو أى أنه حتى لو تم قبول مبدأ التقية فمن المستحيل أن يكون الإمام قد طبقه وهو فى أوج قوته لا يخشي من أحد
لكن العمائم السوداء والتى أرادت تحقيق أهدافها المختلفة بستارة أهل البيت ما كان لها أن تقف ساكنة ففسروا كل شيئ يظهر فيه تناقض المذهب بأنه تقية واجبة حتى وصل الأمر أن يجعلوا تاركها كتارك الصلاة
يقول بن بابويه القمى
(اعتقادنا في التقية أنها واجبة، من تركها بمنزلة من ترك الصلاة") الاعتقادات: ص114)

قديم 08-31-2010, 11:23 PM
المشاركة 15
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فهل يا ترى بعد هذه التعاريف وهذه التقارير من الممكن أن يثق عاقل فى أى شيعي ؟!
والأمر عندهم فى اعتبار التقية مفروضة فرضا لا يقتصر على مجرد رأى بل هو كما نقل ابن بابويه إجماع واعتقاد , ويؤكد فى ذلك عدد من الروايات منها

* نسبوا إلى جعفر الصادق أنه قال
( لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقًا [، ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: 2/80، جامع الأخبار: ص110، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 7/94، بحار الأنوار: 75/412،414)
بل نسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( تارك التقية كتارك الصلاة" [جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار: 75-412 )
ثم زادوا في درجة التقية فجعلوها "تسعة أعشار الدين "
* ثم لم يكفهم ذلك فجعلوها هي الدين كله ولا دين لمن لا تقية له،
جاء في أصول الكافي وغيره أن جعفر بن محمد قال:
( إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له [أصول الكافي: 2/217، )
* رووا عن جعفر الصادق أيضا ما هو أخطر حيث يقول ـ فيما يزعمون
( إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله" [أصول الكافي: 1/222.]، )

فتخيلوا ما ينسبونه لأهل البيت ,
أهل البيت الهاشمى الذى علم العرب الشجاعة , هل يُتصور عقلا أن يكون الخداع والمداهنة والمسايسة هى أساس عقيدتهم
ثم لو أن الأمر بهذا الشكل
كيف ندعو للإسلام إذا , وكيف أعزنا الله بالإسلام ,
الله الذى أنزل فى كتابه عشرات التوجيهات أن نصدع بقول الحق ولا نخشي لومة لائم ؟
الله عز وجل الذى أنزل فى كتابه ألا نعطى الدنية فى ديننا وأن نرفع رءوسنا عالية به ونتحدى على صدقه من شاء
كيف تكون التقية من الإسلام وركن منه بهذا الذى الشكل الذى نراه وهى تقوم على منع وحجب الاعتقاد والتستر عليه كما لو كنا نتستر على فضيحة
وهذه الروايات تفضح بالطبع أولئك المتاجرين بالدين الذين يعلمون تمام العلم أن ظهور كتبهم تلك وظهور عوار هذا المذهب أمام عامة الناس كفيل بإسقاطه أمام أقل عقل يملك القدرة على التفكير
وأصبحت التقية هى الحل السحري الذى يلجأ إليه العلماء من أمثال السيستانى والخوئي والخومينى والكورانى لو أنهم تعرضوا لموقف إعلامى اضطروا فيه إلى النداء بالوحدة وإلى تزكية ومدح أهل السنة بينما هم يلعنونهم ليل نهار فى الحسينيات أمام جماهير الشيعة التى لا تستطيع أن تسألهم عن تناقضهم لأن الجواب جاهز ( قلناها تقية )
وإذا أراد القراء أن ينظروا لأعظم الأمثلة على التقية من كبار المراجع فلهم أن يعودوا إلى المناظرات الكتابية أو التيلفزيونية ويتأمل كيف أن المناظرين الشيعة يبدءون أول كلامهم بالثناء والمدح والتزلف ,
وعندما تظهر الكتب وتظهر المراجع التى تكشف عكس ذلك , ينكشف الوجه الحقيقي على الفور
حتى وصل بهم الأمر لأن يعتبروا الصلاة خلف أهل السنة من باب التقية أمر واجب أيضا للمداراة والخداع

وقال المجلسي
"من صلى خلف المنافقين بتقية كان كمن صلى خلف الأئمة"
[جامع الأخبار: ص110، بحار الأنوار:75/412)
إلى هذا الحد بلغ بهم الترغيب فى كتمان مذهبهم واعتقادهم
بينما يقول عز وجل
[فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ] {الحجر:94}
ويقول :
[الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ] {البقرة:147}
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام , فيما معناه
( لا يمنعن أحدكم خشية الناس أن يجهر بقول الحق )
وقال أيضا :
( إنه كان فيمن قبلكم الرجل يؤتى به فينشر بالمنشار فلا يرده هذا عن دينه )

ولهذا لم يشعر دعاة الشيعة بحرج وهم يتدينون بالكذب ويكتمون حقيقة اعتقادهم فى شأن بقية المسلمين لا سيما العرب وهو المعتد الذى ينم عن حقد متجذر ,
ولنطالع بعض الروايات التى تجمع على تكفير سائر المسلمين حتى الجاهل فيهم لا تلتمس له العذر , وتعتبر الإسلام فقط هو من كان على هذا الدين البغيض ,.
يقول في ذلك شيخهم الطوسي
( ودفع الإمامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لأن الجهل بهما على حد واحد ) يعني مساواة النبوة بالإمامة ـ تلخيص الشافي ج4 ص131 لأبي جعفر الطوسي

ويوسف البحراني في {الحدائق الناضرة 18/153 ط بيروت}:
(وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه ورسوله وبين من كفر بالائمة عليهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين)
وقال الفيض الكاشاني في {منهاج النجاة ص48 ط دار الاسلامية بيروت}:
(ومن جحد إمامة أحدهم ـ الائمة الاثني عشرـ فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء)
وقال المجلسي في {بحار الانوار23/390 ط بيروت }
(أعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام وفضّل عليهم غيرهم يدل على أنهم كفار مخلدون في النار). ـ

وقال عبد الله شبر في {حق اليقين في معرفة أصول الدين 2/188 ط بيروت}
(وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب فالذي عليه جملة من الامامية كالسيد المرتضى أنهم كفار في الدنيا والاخرة والذي عليه الأشهر أنهم كفار مخلدون في النار)
وقال المجلسي فى بحار الأنوار :
( ومن لم يقبل الأئمة فليس بموحد بل هو مشرك ولو أظهر التوحيد ـ بحار الأنوار ـ الجزء تاسع والتسعين ـ ص 143)

أما أحقادهم ونصوصهم التى عبر بها الدين الفارسي تجاه العرب فهى أكثر من أن تحصي , هذا فضلا على التطبيق العملى المتمثل فى جرائم الشيعة عبر التاريخ ,
ومن ناحية الروايات التى تحض على تعقب العرب وتبشر بقتلهم على يد المهدى المنتظر ,
فى رجال الكشي ( مرجعهم العمدة فى كتب الرجال ) يروون نصيحة الإمام لأتباعه فى قتل السنة فيقول
(أشفق إن قتلته ظاهرا أن تسأل لم قتلته , ولا تجد السبيل إلى تثبيت الحجة فتدفع بها عن نفسك فيسفك دم مؤمن من أوليائنا بدم كافر فعليكم بالإغتيال )
فالإغتيال مبدأ شيعي من قديم الزمن ولا يظهر القتل الصريح إلا عند التمكين , والتمكين معناه القوة اللازمة لخلع التقية وممارسة القتل دون خشية عقاب , تماما كما حدث بالعراق الآن والشام فى أحداث اجتياح لبنان وتعاون منظمة أمل مع المحتل الإسرائيلي فى تصفية المجتمع الفلسطينى فى المخيمات المقامة هناك فى الثمانينات "15", والواقع حاليا بالعراق "16"

وقد مارسوا الإغتيال بحق الشخصيات المناوئة والمخالفة التى تشكل خطرا لا يمكن دفعه ,
وكانت أكبر جريمة اغتيال نجحوا فيها هى عملية اغتيال الشيخ العلامة المحدث إحسان إلهى ظهير الذى كان بحق رجل المرحلة فى زمانه فقبل إحسان إلهى ظهير لم يكن أحد يعرف شيئا عن الشيعة وكتبهم التى كانت مخفية
فجاء فى السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي هذا العلامة الموسوعى فأخذ مراجعهم الأصلية من موطنها بإيران والهند وباكستان وكتب عنهم سلسلة كتبه الشهيرة التى وزعت أكثر من خمسة ملايين نسخة فى أنحاء العالم الإسلامى مثل كتاب الشيعة والسنة وكتاب الشيعة والقرآن وكتاب الشيعة وأهل البيت رجع فيها إحسان إلهى ظهير إلى ما يقرب من 500 مرجع شيعي أصلي ما سمع بها أحد من علماء المسلمين قبله
وكل من جاء بعده أخذ منه ولقف عنه فرجعوا للمصادر الأصلية فرأوا أهوالا فى نصوصهم
فاغتالوه بقنبلة جبارة وضعوها فى إناء زهور على منضدة أحد مؤتمرات مركز السنة بلاهور باكستان , فقتلت عشرين شخصا تقريبا وأصيب إحسان إلهى ظهير إصابات فادحة أودت بحياته فيما بعد
وكذلك قتلوا المنشقين عنهم مثل الدكتور على شريعتى الذى كتب الفارق بين التشيع العلوى والتشيع الصفوى القائم على مواريث الدولة الصفوية فى إيران ,
تلك الدولة التى قال عنها أحد المستشرقين
(لولا الصفويين لكنا الآن نقرأ القرآن فى بلجيكا والمجر مثلما يقرأ الجزائريون فى الجزائر)
وهذا لأن الدولة الصفوية طعنت الخلافة العثمانية فى ظهرها أثناء انشغال محمد الفاتح بحروبه فى أوربا فعطلت الجهاد

القصد أنهم عند التمكين يخلعون التقية وعند عدم توافر التمكين يكون الحل فى الغيلة وقتل السر وهو ليس جائزا فقط بل هو من أعظم الطاعات فى دينهم المجوسي ,
يروى الكشي فى كتابه سالف الذكر
رواية عن أحد الروافض يفتخر أمام إمامه بما فعله فيقول
( منهم من كنت أصعد سطح منزله بسلم فأقتله , ومنهم من دعوته بالليل على بابه حتى إذا خرج قتلته)
وذكر أنه قتل بهذه الطريقة وأمثالها ثلاثة عشر مسلما , ويفتخر بذلك !
ليس هذا فقط ,
بل إن المهدى الغائب المنتظر عندهم , سيخرج أبو بكر وعمر فيصلبهما على شجرة , ويقيم عائشة رضي الله عنها من قبرها ويجلدها الحد وهم يعنون بذلك حد الزنا والعياذ بالله
بالإضافة إلى أنه سيحكم بشريعة آل داوود أى اليهودية ويهدم المسجدين النبوى والحرم حتى الأنقاض !
واختصاصه بذبح العرب سينال حتى الرضع,
يروى المجلسي فى بحار الأنوار عن المهدى :
{ القائم وهو الذى يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والكافرين فيخرج اللات والعزى ( أى أبو بكر وعمر ) طريين فيحرقهما }
وفى رواية أخرى فى نفس الكتاب :
(هل تدرى أول ما يبدأ به القائم .. أول ما يبدأ به يخرج هذين ـ يعنى أبا بكر وعمر ـ فيخرجهما طريين غضين فيحرقهما ويذريهما فى الريح ويكسر المسجد)
وعن قتل أهل السنة جماعات وزرافات وردت الكثير من الروايات مثل :
( ما لمن خالفنا فى دولتنا نصيب إن الله أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا )
ويقول آية الله الصدر مرجعهم المعاصر عن تلك الروايات فى كتابه ( تاريخ ما بعد الظهور )
( وظاهر هذه الروايات أن القتل سيكون مختصا بالمسلمين )
وفى كتاب الغيبة للنعمانى
ينقل رواية عن القائم أنه يقتل ولا يسمع من أحد توبة ,

ومن خلال استعراض النصوص السابقة يتضح تماما مدى التأثير الفارسي والذى كان هو المخرج الطبيعى لبذرة التشيع وتناميها بعد أن بذرها عبد الله بن سبأ ,
وتلك الروايات هى التى تفسر مدى الحقد الذى فوجئ به أكثر أهل السنة من الشيعة فى البلاد التى توطنوا بها وكان الأمر يبدو كلغز غير قابل للحل وهو لماذا يفعلون ذلك وما هى دوافع هذا الحقد ؟!
أما الأتباع والجماهير العادية من الشيعة فمعظمها تم التغرير به وتلقينه التشيع على أساس أنه دين الإسلام الحقيقي فكانت العوام هم الجنود المجاهيل فى الانتقام الفارسي حيث أصبح هدف كل عامى شيعي تحت تأثير العمائم السوداء أن يتقرب إلى الله بمزيد من البغض للإسلام والمسلمين وللعرب خصيصا باعتبارهم أعداء أهل البيت

وفى نفس الوقت الذى كان فيه موقفهم من العرب والمسلمين بهذه الدرجة من العداء , كان موقفهم من الفرس والمجوسية على العكس تماما عبر ظواهر عامة بدت واضحة حتى للعيان والعوام وتغنى عن كثير كلام فى هذا الموضوع ,

فعلى سبيل المثال :
* الاعتماد المطلق على اللغة الفارسية لغة رسمية للدولة فى عهد الثورة التى هى من المفروض أنها ثورة إسلامية
* تقرير كبرائهم أن شيعة المهدى هم من الإيرانيين الفرس واحتفاء الخومينى الشديد بأصله الفارسي الذى بدا واضحا جدا فى كتابيه كشف الأسرار والحكومة الإسلامية
* حصروا مفهوم أهل البيت فى الأئمة الاثناعشر وجعلوا الأئمة ـ بلا مقتضي ـ محصورين فى نسل الإمام الحسين فقط دون الإمام الحسن ومن نسل زوجة الحسين الفارسية وحدها وهى شهربانوا بن كسري التى أسرها المسلمون فوقعت فى يد الحسين رضي الله عنه فأولدها عليا زين العابدين , وهو الذى جعل الشيعة الأئمة من نسله وحده
ويلفت الدكتور الدليمى النظر إلى حقيقة مهولة وهى أن جميع أهل الحسين وأبناءه من زوجتيه العربيتين قتلوا معه ما عدا عليا زين العابدين الذى روت الشيعة أن سبب عدم قتله هو صغر سنه ومرضه رغم أن القصة نفسها تشي بمدى وحشية قتلة الحسين إلى حد قتلهم لفتى من أبناء الحسن لم يبلغ الحلم وقتلهم لرضيع حسب الرواية الشيعية ,
فكيف يمكن أن يرحم أمثال هؤلاء عليا زين العابدين رغم أنه كان فتا بالغا !
* تقريرهم فى كتبهم أن كسري زعيم الفرس الكافر الذى أسقطه عمر بن الخطاب هو رجل نجا من النار وكتب الله له براءة منها وكذلك أبو لؤلؤة المجوسي فهو عندهم مؤمن بالإجماع ونفذ أمر النبي عليه الصلاة والسلام بقتل عمر !
بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذى هو ثانى العشرة المبشرين بالجنة , هو عندهم فى النار يغل بسبعين غلا بينما إبليس نفسه يقل عنه فى عدد الأغلال وازدحمت كتبهم بمثل هذه الأقوال مثل سفينة البحار للقمى وفرحة الزهراء للأصبهانى
* احتفالهم الرسمى سنويا بعيد النيروز وهو عيد رأس السنة المجوسية واعتبارهم إياه من أعظم أعياد الإسلام
* من يلاحظ احتفالاتهم السنوية فى المحرم يجد أنهم يحملون مشاعل النيران فوق الأماكن العالية ويرفعونها بأيديهم ابتهاجا وهى عادة فارسية محضة كانت تتم فى أعياد النار قديما
* فى قلب طهران عاصمة إيران مهد التشيع ومركزه المعاصر , لا يوجد فيها مسجد سنى أبدا , رغم أن حلوق أهل السنة جفت من طلب ذلك لا سيما بعد أن تعانوا مع الخومينى فى ثورته ضد الشاه
فكان جزاؤهم من الخومينى أن قتل أكابرهم واضطهد السنة بأكثر مما فعل الشاه نفسه ومنع إقامة أى مسجد سنى وسار على دربه خلفه الخامنئي رغم أن طهران تحتوى على عدة كنائس ومعابد لليهود والنصاري !
* المرجعيات الكبري فى إيران والعراق مقصورة على الجنس الفارسي دون غيره وعندما حاول التيار الصدرى المنتمى للمرجع العربي محمد الصدر أن يحتل موقع المرجعية العظمى جوبه بشتى أنواع المقاومة , وبمثل هذا حدث فى إيران أيضا وتم اعتقال المعارضين ونزع درجتهم العلمية ليتسيد الفرس التشيع كما كان قبلا
* المرجع الأعلى السيستانى ومن قبله الخوئي زعيمى الحوزة العلمية بالعراق فارسيان ولا يتكلمان بالعربية , ورغم أن الخوئي كان يجيدها إلا أنه كان يتعامل بالفارسية حتى لو اضطر للاستعانة بمترجم فى لقاءاته مع صدام حسين ,
أما السيستانى فلا يتكلمها فى الأصل ولنا أن نتخيل مرجعا أعلى أى بمثابة شيخ الأزهر عند السنة لا يجيد العربية , فكيف ومن أى مصدر يفتى أتباعه ؟!!
* الكتب الثمانية المعتمدة فى الشيعة الاثناعشرية والتى تبدأ بالكافي للكلينى وتنتهى بمستدرك الوسائل للنورى الطبرسي جميع مؤلفيها فرس لا يوجد بينهم عالم عربي واحد وكذلك أساطين المذهب منذ جيل الكلينى وحتى اليوم
* ذكر عالمهم النورى الطبرسي أسماء المهدى المنتظر الغائب ومن بينها اسم ( خسرو مجوس ) بالإضافة إلى أربعة أسماء فارسية محضة وخسرو مجوس تعنى ناصر الفرس
فهذه المظاهر العامة التى لم تعد خافية على أحد توضح إلى مدى استقل التشيع المعاصر وأصبح دينا آخر , دين فارسي قائم على قتل العرب وهدم ثوابت الدين والتستر بأهل البيت وتحقق فيهم قول نصر بن سيار الوالى الأموى
قوم يدينون دينا ما سمعت به ×× من النبي ولا جاءت به الكتب
فإن سألت عن أصل دينهمو ×× فإن دينهم .. أن تُقتل العرب

وللفصل بقية فى موقفهم من مصادر التشريع القرآن والسنة والإجماع


قديم 08-31-2010, 11:25 PM
المشاركة 16
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثانيا : موقفهم من مصادر التشريع الإسلامى


يدعى الشيعة الاثناعشرية أنهم على الإسلام , أو بمعنى أدق علماء الاثناعشرية جريا على مذهب علماء الأمة الذين فرقوا بين العوام والعلماء عند الشيعة
كما يدعى علماؤهم أنهم الفرقة الناجية المعنية فى حديث النبي عليه الصلاة والسلام عن افتراق الأمة ,
ومن البدهى المعروف أن للإسلام مصادر تشريع معتمدة تتمثل فى القرآن والسنة والإجماع ,
فما هو الموقف الذى اتخذته هذه الطائفة من القرآن والسنة والإجماع ,
لا سيما إن وضعنا بأذهاننا أن الشيعة تنفرد بمعتقدها فى آل البيت الذى يقررون فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام ترك الثقلين ,
فالثقل الأكبر هو القرآن الكريم والثقل الأصغر هو آل البيت ,
من هذه النقطة سنعالج مدعى الشيعة الاثناعشرية أنها على الإسلام ابتداء , عندما نعرض موقفهم من مصادر التشريع الإسلامى كما أننا سنرى ماذا فعلوا مع الثقلين وهل يتبعون آل البيت فعلا أم أنها أسطورة كأساطيرهم المتعددة ؟

موقفهم من الثقلين :
ولنبدأ بالثقل الأصغر الذى لا يحتاج إلى كثير حديث لأنه متفق عليه بين المؤرخين والعلماء فضلا على أن كتب الشيعة نفسها تقرر ذلك وتعترف به وهو أمر الغدر اللانهائي الذى تعاملت به الشيعة مع أهل البيت الذين يدعون محبتهم ,
فكانت البداية مع الإمام على بن أبي طالب حيث أوهنوا عزمه عندما اتخذ عاصمتهم الكوفة مقرا له وسبهم بأقذع الألفاظ لتخاذلهم عنه وامتلأ كتاب نهج البلاغة وهو كتاب الأوثق والأكثر بروزا على الإطلاق وما فيه يلزمهم , ففي نهج البلاغة وصفهم الامام علىّ بأن الفائز بهم فاز بالسهم الأخيب , وتمنى لو أن معاوية صارفه فيهم صرف الدينار بالدرهم فيأخذ منهم عشرة ليعطيه رجلا واحدا من أتباعه ,
ثم انشقت عليه فرقة منهم وكفروه وهم الخوارج والذين هم من شيعته فى الأصل فناظر بعضهم وحارب البعض الآخر فى النهروان عندما قتلوا وروعوا الناس وكان من قتلاهم عبد الله بن خباب رضي الله عنه وزوجته ,
ثم كانت الطامة عندما استشهد الإمام علىّ على يد الخارجى عبد الرحمن بن ملجم ,
وأما الإمام الحسن فقد عاصر مع والده وخبر أهل الكوفة وعرف أنهم لا شك خائنوه , فبادر للصلح مع معاوية بعد أن كاد أحد شيعته وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي أن يهم بالغدر بالحسن واقتياده لمعاوية مقيدا ! "17"
فلما بدر منه الصلح سماه الشيعة مذل المؤمنين بدلا من أمير المؤمنين , وطعنوه فى فخذه وهددوا حياته حتى اعتزلهم
وأما الحسين رضي الله عنه فقد غرروا به ثم انقلبوا عليه جميعا لم يبق منهم على العهد رجل واحد وكانوا جميعا هم وقود الجيش الذى قاتل الإمام الحسين وقتله فى فاجعة عظمى للأمة , واليوم تتهم الشيعة أهل السنة بقتل الحسين وتمارس اللطم والتطبير والنواح على الإمام الذى غدر به أجدادهم فصدق فيهم المثل القائل ( يقتلون ويمشون فى جنازة القتيل ) "18"

ومن بعد الحسين غدروا أيضا بالإمام زيد بن على زين العابدين فعاهدوه وبايعه من أهل العراق والكوفة تحديدا سبعين ألفا حتى إذا حانت لحظة الخروج انسلوا منه كما تنسل الشعرة من العجين , وذلك عندما طلبوا معرفة موقفه من أبي بكر وعمر فترضي زيد عليهما وقال فيهما خيرا فانفضوا عنه
فهذا ما فعلوه بالثقل الأصغر ,

أما الثقل الأكبر
فقد كانوا الطائفة الوحيدة من المسلمين التى قالت فى كتاب الله عز وجل ما لم تقله اليهود والنصاري حيث أطبق علماؤهم على أن القرآن محرف , وأن الصحابة تلاعبوا به بعد وفاة النبي عليه عليه الصلاة والسلام وحذفوا أسماء أهل البيت والآيات الدالة على إمامتهم وافتروا فى هذا الشأن ما يزيد عن ألف رواية نسبوها زورا وبهتانا إلى أئمة أهل البيت وهم منها براء ,
وكانت الطائفة الوحيدة التى ألفت كتبا فى إثبات هذا الكفر البواح , على نحو ما سنرى ..

طعنهم فى القرآن الكريم
لا شك أن القرآن الكريم هو دستور الأمة الإسلامية بلا جدال وهو مصدر التشريع الرئيسي ويتبعه فى الأهمية السنة النبوية المطهرة , وإنكار أى حقيقة تخص حجية القرآن الكريم وثبوته وحفظه من الله عز وجل لا شك أنه كفر مخرج عن ملة الإسلام لأن الطعن والتشكيك فيه معناه نسف العقيدة الإسلامية من جذورها ,
ومما يلفت النظر جليا إلى مدى الحقد المجوسي على الإسلام وكيف أنه تعدى حتى حقد اليهود والنصاري ,
أن الشيعة كانوا هم الطائفة الوحيدة التى قالت بتحريف القرآن رغم أن المستشرقين واليهود والنصاري والذين هم أهل خبرة بالتشكيك فى كل الثوابت ما فكروا للحظة واحدة أن يشككوا فى ثبوت القرآن الكريم ثباتا مطلقا لأنه منقول بالتواتر جمعا عن جمع بأوثق مرجعيات النقل على نحو جعلهم يوفرون مجهودهم مسبقا ويكتفون بتكثيف جهودهم للطعن على السنة , ومحاولة إيجاد تناقض ظاهرى من أى وجه بين القرآن والسنة
وكان عداء المستشرقين رغم كونه نابعا عن حقد وغل أيضا إلا أنه كان عداء ذكيا , وليس حقدا أعمى مجردا من العقل على نحو ما رأينا فى الشيعة الفرس الذين أطبقوا على تلك المقالة الشنيعة وتداولوها سرا وأنكروها ظاهرا ولا زال الإنكار عندهم سيد الموقف رغم الفضائح المتوالية التى تفجرت عقب طباعتهم لكتاب عالمهم النورى الطبرسي ( فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب )

والمحققون الذين تناولوا تلك التهمة التى ألحقت العار بالشيعة الإثناعشرية عبر القرون أطبقوا أيضا على أنها ثابتة فى حقهم مهما حاولوا سترها برداء التقية , ورغم التقية المكثفة إلا أن المعاصرون منهم أفلتت منهم الزلات التى أكدت تلك الجناية ,
فكانت محاولتهم للرد أن لجئوا إلى رد التهمة لأهل السنة فقالوا أن بعضا من علماء السنة قالوا بالتحريف واستغلوا فى ذلك روايات النسخ التى ثبتت بالقرآن الكريم وشتان بين النسخ والتحريف فالنسخ ثابت فى القرآن بقوله تعالى
[مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] {البقرة:106} .

فلما فشلوا فى ذلك لجئوا إلى الروايات الساقطة فى كتب الموضوعات أو المرويات التى أجمع العلماء على تضعيفها وكلها روايات لا تقول بالتحريف بل هى روايات تتحدث أيضا عن النسخ وعن القراءات الشاذة ,
أما كلمة التحريف بنصها ولفظها وصراحتها فلم توجد مطلقا عند أى عامى من السنة فضلا على العلماء
وقد قام علماء السنة برد كيدهم إلى نحورهم عندما تناولوا اتهاماتهم بالنقد والتفنيد "19" من أكثر من وجه فضلا على اكتشاف القرائن التى توجب الثقة فى أن الشيعة تعتقد فعلا بتحريف القرآن

ومنها
* أن علماء السنة أطبقوا على أن القرآن الكريم محفوظ بحفظ الله وأجمعوا على أن القائل بنقصان حرف واحد أو تحريف آية هو كافر كفرا بواحا ومن يتوقف فى كفره كافر مثله ,
* أن علماء السنة ليس عندهم آراء قالت بالتحريف كما هو الحال عند الشيعة ولهذا لجأ الشيعة للروايات الساقطة فى محاولة للبرهنة على وجود تلك الروايات عندنا فكان الرد أنها روايات ساقطة ومبين سقوطها بالنص الصريح فضلا على عدم وجود رواية تقول بالتحريف كرأى لعالم من علماء السنة بينما عند الشيعة قال بالتحريف صراحة أكثر من ثلاثين عالما أحصاهم النورى الطبرسي فى كتابه سابق الذكر
* كانت الضربة الكبري التى فضحت علماء الشيعة أمام عوام الشيعة أنفسهم وأهل السنة أنهم رفضوا إلى اليوم أن يصدروا حكما بتكفير القائل بتحريف القرآن !
وهذا وحده يجزم بأن علماء الشيعة مجمعون على ذلك وإن أنكر بعضهم فى الظاهر على سبيل التقية , لأنه لا يوجد مسلم يتردد فى تكفير القائل بالتحريف بعد أن وعد الله سبحانه بحفظ القرآن
[إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] {الحجر:9}
* القول بتحريف القرآن عند الشيعة أحد ضروريات المذهب لأنهم عندما عجزوا عن إثبات الإمامة بالآيات الصريحة قالوا أن الصحابة خانوا الأمانة فحرفوا القرآن وحذفوا أسماء الأئمة
* ومن القرائن القوية أيضا أنهم يكفرون جميع الصحابة عدا ثلاثة ,
والصحابة هم نقلة القرآن الكريم ونقلة السنة ,
والشيعة الإثناعشرية لا تأخذ السنة المروية عن طريق الصحابة مطلقا ـ كما سيأتى ـ فكيف يمكن أن نتصور أنهم قبلوا أن يأخذوا القرآن عن الصحابة وهم كفار عندهم , وهل يؤخذ الدين عن كافر ؟!
* ومن القرائن أيضا أن القرآن الكريم لا وجود له فى الحوزات العلمية وهى الجامعات التى يتخرج فيها علماء الشريعة عندهم ويتدرج الطالب من رتبة ثقة الإسلام وحجة الإسلام حتى آية الله ثم آية الله العظمى ويتولى المرجعية الكبري التى تكون بمثابة شيخ الأزهر عندنا أو رئيس هيئة كبار العلماء بالحجاز ,
والناظر لمناهج الدراسة لا يجد لعلوم القرآن وجودا فى الحوزات رغم أنها جامعات شريعة ,
وبينما أهل السنة لا يقبلون الطلبة فى العلوم الشرعية بغير إتمام حفظ القرآن نجد أنه لا يوجد مرجع ـ أقول مرجع وليس عالم ـ يحفظ ولو جزء واحدا كاملا من القرآن الكريم هذا فضلا على أنهم يجهلون أبسط مبادئ علوم القرآن كالناسخ والمنسوخ والقراءات والتفسير وغيرها
* النورى الطبرسي الملحد الذى قام بتأليف كتاب فصل الخطاب هو عندهم صاحب أحد كتبهم الثمانية المعتمدة وهو خاتمة محدثيهم ومجتهديهم كما أن ترجمة هذا الملحد تحظى عند الشيعة بتعظيم وتبجيل لم يسبقه إليه أحد حتى قالوا فيه ما يقارب قولهم فى الأئمة المعصومين ,
ثم كانت الطامة عندما دفنوه فى المشهد المرتضوى وهو عندهم أشرف بقاع الأرض التى لا يدفن فيها إلا كبار علماء المذهب من الذين حملوا على عاتقهم دعوى التشيع
فهذا التعظيم وهذا التبجيل عندما نراه لملحد كفر كفرا بواحا ونشر كفره هذا وأصر عليه وعندما حاول بعض معاصريه من علماء الشيعة الرد عليه قام بتأليف رسالة أخرى للرد على من رد إليه ,
فهل يكون مثل التعظيم والتبجيل على غير اتفاق بل وتشجيع ويقين بدعوى هذا الملحد
* كانت إحدى الفضائح الكبري أن القول بتحريف القرآن لم يقتصر على المتقدمين وهم أصحاب الكتب المعتمدة مثل الكلينى والمجلسي والطبرسي والحر العاملى والمفيد شيخ الطائفة , بل قال كبار المعاصرين بنفس القول حيث صرح الخوئي زعيم مرجعية النجف السابق بأن الروايات متواترة فى هذا الشأن ولا أقل من الوثوق بصدور بعضها عن المعصومين , هذا فضلا على الخومينى زعيم الشيعة المعاصرين فى كتابه ( القرآن )
وعلىّ الكورانى الذى صرح بالتحريف على موقعه وهو أحد علمائهم المعاصرين وأيضا ياسر حبيب الذى صرح على موقعه كذلك بنفس القول
* وضع علماء السنة أمامهم عقبة كئود عندما طالبهم إحسان إلهى ظهير متحديا بطلبين صغيرين وتحداهم أن ينفذوا أحدهما ومنحهم الفرصة لثلاث سنوات فعجزوا عن ذلك ,
وكان الطلبان
أن يأتوه بسند القرآن عن طريق أئمة أهل البيت لأنه وفقا لمدعاهم لا يأخذون الدين إلا عن أئمة أهل البيت فأين القرآن الذى نقله الأئمة واحدا بعد آخر إلى شيعتهم ؟!
والطلب الثانى أن يأتوه برواية واحدة ولو ضعيفة عن أحد أئمتهم المعصومين تقول بأن القرآن الكريم محفوظ بحفظ الله غير محرف ولا مبدل , وقبل إحسان إلهى ظهير أن يأتوه برواية واحدة فى مواجهة ألف رواية تقول بالتحريف على لسان الأئمة فعجز علماء الشيعة إلى اليوم عن تلبية هذه الطلبات مما أثبت بشكل قطعى أنهم يؤمنون بتحريف القرآن
* تحدى علماء السنة أيضا أن يبرز الشيعة من ينهم حافظا واحدا لكتاب الله مرتلا إياه كما هو الحال عند أهل السنة حيث يتجاوز عدد قراء القرآن الكريم عشرات الآلاف فى العالم السنى ,
بينما ما نقلت الشيعة لنا قارئا واحدا للقرآن الكريم ولا شاهدنا لهم محفلا رتلوا فيه القرآن ولو مرة واحدة على غرار المحافل التى يقيمونها بالعشرات لينشدوا فيها القصائد الكفرية المعروفة باسم اللطميات
* السلبية الرهيبة التى تتعامل بها الحوزات العلمية فى قم والنجف أثارت حتى بعض الشيعة أنفسهم , ففي إحدى مقالات محمد جواد مغنية المنشورة فى كتاب بنفس العنوان , انتقد مغنية بشدة السلبية التى ظهر الشيعة بها إزاء حادثة طبع إسرائيل لنسخ من المصحف الشريف بها بعض الأغلاط والتحريفات , واهتز العالم الإسلامى للنبأ وتم جمع النسخ من فلسطين ولبنان وحرقها وقام الأزهر بطباعة ثلاثة آلاف مصحف وأعادت توزيعه فى المناطق التى تعرضت لتلك الحادثة وبمثل هذا قامت بلاد العالم الإسلامى أما فى النجف وقم ـ على حد تعبير مغنية ـ فلم تهتز لهم شعرة ولم يبدو رد فعل من الأصل "20"
* عندما انتشرت الأنباء وتطايرت بفعل تطور شبكات الإتصال والفضائيات وعرف العامة فى البلاد الإسلامية موقف الشيعة من القرآن , حاول الشيعة أن يبدو بعض الإهتمام بالقرآن الكريم ومن ذلك أنهم طرحوا فى الحوزات مختصرات للتفسير وقامت إدارة موقع ( يا حسين ) وهو موقع شيعي يحظى برقابة العلماء , بوضع عدد من التلاوات للتحميل بعد أن كان نشاط الموقع السماعى والمرئي قاصرا على اللطميات فقط
غير أن تلك المواقف زادت الطين بلة ,
فتدريس بعض علوم القرآن مختصرة فى الحوزات معناه اعتراف رسمى بأن القرآن لا محل له من الإعراب فى جامعاتهم التى من المفروض أنها تخرج لهم الفقهاء وعلماء الشريعة ,
والطامة الأخرى أن المتأمل فى التسجيلات القرآنية الموجودة فى موقع يا حسين سيجد أنها تسجيلات سنية محضة لمشاهير القراء فى العالم الإسلامى السنى , فالسؤال القائم الآن أين هم قراء الشيعة ؟!
وكيف يكون الثقل الأكبر مهملا على هذا النحو ؟!

فإذا كان هذا حالهم مع الثقلين الأكبر والأصغر فمن أين يأتون بالتبجح الذى يظهرون به زاعمين أنهم يتبعون الإسلام وأهل البيت , والقول بتحريف القرآن الذى استفاض فى كتبهم قديما وحديثا وعدم تكفيرهم أو حتى تفسيقهم للقائل به يعطينا فكرة عن كنه هذا الدين الذى ما جاء إلا لهدم الإسلام عن طريق التسلل والمداهنة والتظاهر بالتمسك بالدين وأهل البيت بينما الشيعة هم أنفسهم وباعترافهم ما خان أحد أهل البيت قدر خيانتهم لهم

وسنضع أمام القارئ الشيعي المنصف أدلة قاطعة على قول علماء الشيعة بالتحريف ليضيفها إلى القرائن السابق ذكرها والتى تكفي وحدها لأى عقل متبصر ليدرك أن القرآن الكريم وهو الثقل الأكبر فى مدعاهم لا وجود له فى شريعتهم
فمن أين يأتون بالفتاوى والأحكام ؟! وكيف يأمن عوام الشيعة قوما أهانوا كتاب الله عز وجل إلى هذه الدرجة حتى عاير النصاري المسلمين بأن فيهم من يقول بالتحريف , كما فعل نصاري الأندلس فى مناظرتهم لابن حزم حيث احتجوا عليه بقول الرافضة بالتحريف وذكر هذا فى كتابه الفصل فى الملل والأهواء والنحل , فضلا على أن أحد القساوسة المعاصرين وهو زكريا بطرس خص كتاب فصل الخطاب بالشرح والتحليل لمدة ثلاثة أشهر على قناة الحياة النصرانية الصادرة من قبرص

والأدلة الدامغة التى سنطرحها لن تكون كأدلة الشيعة المتهافتة التى تعتمد على الرواية , لأن الروايات تحتمل الكذب والصدق إلا إذا كانت الرواية متواترة فهى عندئذ ثابتة ثباتا مطلقا ,
لهذا لن نحتج فى بيان قول الشيعة بتحريف القرآن بأى رواية غير متواترة , وسنجعل إعتمادنا الأصلي على الآراء ,
وأكرر سنعتمد على آراء علماء الشيعة الصريحة بالقول بالتحريف وهى التى نضعها جنبا إلى جنب مع إصرار علماء الشيعة بالإجماع على عدم تكفير أو إسقاط عدالة القائل بتحريف القرآن
* كان صاحب البداية مع القول بالتحريف على بن إبراهيم القمى صاحب تفسير القمى وهو شيخ الكلينى صاحب كتاب الكافي , ومن أعاظم علماء الإمامية وتوثيق الرجل على أعلى درجاته عندهم ,
ألف تفسيره هذا للقرآن وضمنه الإقرار الصريح بوقوع التحريف والنقص فى كتاب الله تعالى , فى أكثر من موضع منها فى الجزء الأول ـ ص 48 , 100 , 110 , 118 , 122 , 123 , 142 , ـ وفى الجزء الثانى ص 21 , 111 , 125
بل وزاد على ذلك أن ضرب أمثلة للآيات المحرفة
* محمد بن يعقوب الكلينى وهو صاحب كتاب الكافي أوثق وأكبر مراجعهم الحديثية على الإطلاق والذى يزعمون أن المهدى الغائب قد اطلع عليه فقال فيه ( كاف لشيعتنا )
وفى هذا الكتاب من أهوال الأقوال ما لا يعلمه إلا الله , ويكفي أن نطالع فهارسه فحسب وعناوين الأبواب لندرك أى دين هذا الذى وثقه المهدى المزعوم , أما بخصوص تحريف القرآن فهو منتشر عبر صفحات الكافي فى عشرات المواضع حاملا الروايات التى وثقها وصححها علامتهم المجلسي وغيره والتى تضرب الأمثلة للآيات المحرفة ,
بل إن بوب بابا كاملا فى أن القرآن الكريم لم يجمعه إلا الأئمة حيث تقول الأسطورة عندهم أن علىّ بن أبي طالب جمع القرآن الصحيح وتوارثه الأئمة من بعده وأن المهدى سيظهر بهذا القرآن عند ظهوره !
* باقر المجلسي , وهو أعظم علمائهم تأثيرا وصاحب موسوعة بحار الأنوار , ويتميز المجلسي بأنه أكفر علماء تلك الطائفة على الإطلاق حيث حشد فى كتابه بحار الأنوار هذا عشرات الآلاف من الروايات والآراء التى يندى لها جبين أى مسلم فى حق النبي عليه الصلاة والسلام وآل بيته والصحابة وخص أبا بكر وعمر بالكثير من قذاراته تلك
أما فى القول بالتحريف فقد ضرب فيه بسهم وافر كعادته كما يقول الدكتور ناصر القفاري فى كتابه ( أصول مذهب الإثناعشرية ) ونقل باقر المجلسي إجماع علماء الطائفة على القول بالتحريف سواء فى كتابه الموسوعى أو كتاب مرآة العقول
* نعمة الله الجزائري , وهو صنو المجلسي فى الزندقة , حيث صرح بالتحريف فى كتابه ( الأنوار النعمانية ) أحد الكتب الجوامع عندهم , ولم يكتف بهذا ,
بل نقل رواية تفسر لماذا يستخدم الشيعة القرآن الموجود رغم اعتقادهم بالتحريف , حيث قال
( قد روى عن الأئمة عليهم السلام أنهم أمروا بقراءة القرآن الموجود فى الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن الموجود من أيدى الناس ويخرج القرآن الذى ألفه أمير المؤمنين فيقرأ ويعمل بأحكامه )"21"
* المفيد وهو الملقب عندهم بشيخ الطائفة , وأعظم وأجل فقهائهم على الإطلاق صرح فى كتابه أوائل المقالات بإجماع علماء الإمامية على التصديق والإيمان بتحريف القرآن حيث قال نصا
( واتفقوا ـ أى علماء الإمامية ـ على أن أئمة الكفر والضلال ـ يعنى الصحابة ـ قد خالفوا فى كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وأجمعت الخوارج والمعتزلة والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية ) " 22"

والذى يتأمل فى هذا النص البالغ الخطورة الصادر عن شيخ الطائفة وكبيرها وهو المفيد , يجد أنه نقل إجماع العلماء فى طائفته وحدها على القول بهذا الكفر البواح , واعترف فى نفس الوقت بأن سائر المسلمين من جميع الفرق سواء أهل السنة وهم أصحاب الحديث أو الخوارج أو المعتزلة أو المرجئة قد خالفوا الإمامية فى هذا القول المنكر ,
فالخطورة فى الاعترافين تتمثل فى أن تلك المقالة هى للشيعة الإمامية وحدها والطامة الأكبر أن أعظم علماء الطائفة ينقل الإجماع فى ذلك وشيخ الطائفة عندما ينقل الإجماع ولا يكذبه عالم واحد منهم فهذا يشير ضمنا أنه بالفعل من ضروريات المذهب عند الشيعة القول بتحريف القرآن ,
أما العلماء الذين قالوا بالعكس من ذلك فقد برر نعمة الله الجزائري والنورى الطبرسي أن أقوالهم تلك محمولة على التقية
* فرات بن إبراهيم الكوفي صاحب تفسير الفرات وكذلك العياشي فى تفسيره المعروف باسم تفسير العياشي وتفسير الصافي للفيض الكاشانى وتلك التفاسير تعتبر من التفاسير التى شاعت يها أقوال التحريف وحملت نماذج عديدة لآيات القرآن الأصلية بزعمهم
* صالح المزندرانى أحد ثقات علمائهم ما نصه
( وإسقاط بعض القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى كما يظهر لمن تأمل كتب الأحاديث ( يعنى كتب أحاديثهم هم ) من أولها إلى آخرها ) "23"
هل تعلمون معنى هذا الكلام , إنه يعنى ببساطة أن روايات التحريف مستفيضة وكلها متواترة وشملت سائر كتب الحديث عندهم كما هو واقع فعلا عندما تم جمع تلك الروايات على يد النورى الطبرسي
* كان أكبر الزنادقة من علمائهم فى هذا المجال هو النورى الطبرسي الذى سبق أن بينا مكانته عند الطائفة وكيف أنه من أشرافهم , قام بإصدار كتابه الشهير ( فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب ) وهو الكتاب الذى طبعته إيران طبعة حجرية قديمة ثم جددت طباعته فى أوربا بعد ذلك وهو الآن منتشر بالنسخة المخطوطة على الإنترنت ,
وهو كتاب تكفينا منه مقدمته التى يقول فيها هذا الملحد
( هذا كتاب لطيف وفر شريف عملته فى إثبات تحريف القرآن وفضائح أهل الجور والعدوان ـ يقصد الصحابة ـ ) "24"

وفعل فى هذا الكتاب ما لم يجرؤ على فعله أى عالم شيعي حيث قام بجمع ألف رواية متواترة عن أئمة أهل البيت , وهى مكذوبة عليهم قطعا , وضمنها فى هذا الكتاب , والأنكى من ذلك أنه أورد جميع الآيات المحرفة بزعمه بل أورد سورة كاملة هى سورة ( الولاية ) التى يزعم أن الصحابة أسقطوها بكاملها من المصحف والمطالع لتلك السورة الموضوعة يكتشف مدى حماقة صاحبها التى فاقت حماقة مسيلمة الكذاب الذى كان أول مبتكر لنهج تقليد القرآن
وقامت الدنيا ولم تقعد بعد صدور الكتاب وحاول بعض علماء الشيعة تلافي الفضيحة لكن الطبرسي لم يمهلهم إذ عاجلهم برسالة أخرى أضافها للكتاب الأصلي وكرر فيها أقوال ثلاثين عالم من أساطين المذهب كلها تقول بالتحريف الصريح وكانت تلك الأقوال متناثرة ويسهل تبريرها على نحو ما , فجاء الطبرسي فهدم المعبد على رءوس علماء التقية وسارت بالفضيحة الركبان ولم يعد خافيا على أحد مدى إجماعهم على القول بتحريف القرآن وكافئوه على ذلك بالدفن فى أشرف بقعة عندهم ـ كما سبق القول ـ وهى الإيوان الثالث فى الصحن الشريف "25"
وأخطر ما قام به النورى الطبرسي أنه بين الإجماع على القول بالتحريف فى طائفته بالتفصيل فلم يكتف بنقل الإجماع بل عرض أقوال سائر أساطين المذهب وحصرها ,
والطامة الكبري أنه أحصي أربعة علماء فقط لا غير خالفوا الإمامية فى القول بالتحريف , وحتى هؤلاء الأربعة لم يتركهم النورى الطبرسي بل حمل أقوالهم على التقية ليصبح الإجماع بين علمائهم تاما وعاما ونقل هذا التبرير وهذا الحمل على التقية عن قول شيخهم نعمة الله الجزائري ,

وبعد تلك الأدلة الدامغة المستفيضة على القارئ العاقل سواء كان سنيا أم شيعيا أن يسأل نفسه , هل مثل هذا المذهب المنحرف من الممكن أن يكون مذهب آل البيت أو يمت لهم بصلة ؟!
وإذا كان أعظم مصادر التشريع عندهم محرف ومبدل فمن أين يستقي هؤلاء العلماء فتاواهم لا سيما فى غياب المعصوم الذى يحتجون بقوله ويرون القرآن مع المعصوم ضرورة للافتاء
فإذا بالقرآن محرف عندهم والمعصوم غائب منذ 1200 عام , فمن أين يستقي هؤلاء الناس دينهم بالضبط ؟!
والسؤال الأكثر منطقية
أن كتب الرسائل العملية للمراجع وهى الرسائل التى تحتوى الفتاوى التى يصدرها هؤلاء العلماء , مثل فتاوى الخومينى المنشورة بكتاب تحرير الوسيلة وفتاوى الخوئي المنشورة فى منهاج الصالحين وغيرها .
هذه الكتب لو تأملها الشيعي المنصف ببعض التركيز سيجد أنها ورغم ضخامة عدد صفحاتها وكمية الفتاوى الموجودة فيها إلا أنها لا تحتوى على آية واحدة من كتاب الله فى معرض الاستشهاد ؟!
والحال نفسه للذى يتأمل المواقع الإليكترونية لكبار المراجع مثل السيستانى مثلا يجد الفتاوى والإجابات تحمل جملة بسيطة مختصرة على مقدار السؤال فقط خالية من أى دليل أو حتى شبهة دليل كما لو كان الناطق بالفتوى نبيا معصوما !
والملحوظة الأخيرة ,
وهى أن الثقل الأكبر وهو القرآن الكريم , من المفروض أن يكون اهتمام الشيعة به يفوق اهتمام السنة لكونهم قسموا الدين لثقلين أكبر وهو القرآن وأصغر وهو أهل البيت ,
ولكن الغريب أنهم كفروا أمة الإسلام قاطبة بزعم أنهم أعداء أهل البيت رغم انعدام أى دليل أو شبهة دليل على ذلك , فى نفس الوقت الذى أفسحوا فيه المجال بالتعظيم والتفخيم لمن اعتدى على الثقل الأكبر بأبشع اعتداء وقال بأنه محرف !

ولنا لقاء مع موقفهم من السنة ,

قديم 08-31-2010, 11:28 PM
المشاركة 17
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
موقفهم من السنة


الإسلام يقوم فى بنائه الأساسي على القرآن والسنة ومنذ بزوع فجر الدعوة الإسلامية وهى تتعرض للأعداء الذين تتنوع سبل عداءاتهم وتزداد كلما تقدم الإسلام بدعوته خطوة ,
والسنة عند أهل السنة هى قول أو فعل أو تقرير النبي عليه الصلاة والسلام وتحيط بها علوم متخصصة صنفها علماء السنة تحت اسم علوم الحديث ,
وعلوم الحديث هى الفرع الأعظم والأكثر دقة والأشد تأثيرا فى علوم الشريعة بأكملها , لأنه علم خادم , بمعنى أن علم الحديث كان هو الركن والعمود الأساسي ليس لحفظ السنة فقط بل امتد أثره إلى سائر العلوم الشرعية عن طريق دقة التحقيق فى المنقولات وتنفيدها سواء كانت من الأحاديث أو الآثار أو التاريخ
وهذا العلم هو فخر الحضارة الإسلامية المنفرد ,
فلم يسبق لأمة من الأمم أن تمكنت من حفظ تراث نبيها بهذه الدقة مطلقا , ومن هنا كان تعرض السنة لهجوم أعداء الداخل والخارج هو الحرب الرئيسية التى خاضها علماء الإسلام للذود عنها
وتمكن العلماء على مر القرون من دحر سائر الشبهات المثارة حولها حتى أعلن المهاجمون إفلاسهم بعد أن بلغت براعة علماء السنة أنهم لم يكتفوا فقط بالشبهات التى يثيرها المهاجمون بل زادوا على ذلك أن صنفوا كتبا فى شروح الحديث تتناول الشبهات المتوقعة على السنة وتردها أيضا ,

وكانت بداية علوم الحديث مع علم الإسناد والتفتيش عن النقل فى الحديث ,
وقد بدأ هذا فى مرحلة مبكرة تشي بأن علماء السنة لهم أصول غائرة فى مجال حفظها حيث ثبت فى الصحاح أن بداية السؤال عن الإسناد بانتظام حدث فى مرحلة مبكرة للغاية بعد ظهور فتنة استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه ,
عندما تدخلت اليهود برجلهم عبد الله بن سبأ لابتكار فتنة التشيع والقول بالرجعة والبداء وما إلى ذلك من العقائد الباطلة
وكان أخطر ما لجأت إليه مختلف الفرق التى تبطن الكفر وتظهر الإيمان هو وضع وتلفيق أحاديث منسوبة للرسول عليه الصلاة والسلام بعد أن عجزوا تماما عن التشكيك بالقرآن الكريم المروى بالتواتر والثابت بمصحف واحد اجتمع عليه المسلمون فى عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه
فكان الطريق مفتوحا أمامهم لرواية الأحاديث المكذوبة المنسوبة للنبي عليه الصلاة والسلام لتحقيق ذات الغرض وهدم أركان الشريعة الصحيحة , ويكفي لإدراك مدى خطورة هذا الأمر أن نعرف وضع السنة فى التشريع , وهو وضع مؤسس للشريعة يأتى بعد القرآن الكريم مباشرة كمصدر مفسر له بالإضافة إلى كون السنة مصدرا مستقلا مشرعا فى الأحكام التى لم يتناولها القرآن مفصلة
ولم تكن كارثة تزييف الأحاديث فى بدايتها مؤامرة منسوجة ومنتظمة وإما بدأت بشكل محدود انتبه إليه التابعون فى حياة بعض الصحابة عقب تفجر الفتن فقرر الأئمة ضرورة التيقن من رواة الأحاديث جميعا قبل اعتمادها صحيحة , وجاء فى مقدمة صحيح مسلم "26" أن الإمام بن سيرين قال
{ لم يكونوا يسألون عن الإسناد , فلما ظهرت الفتن قالوا سموا لنا رجالكم }
وكانت هذه الخطوة هى الخطوة الكبري فى طلب الإسناد بمجرد ظهور الفتنة فى عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه غير أنها لم تكن الخطوة الأولى بل الثابت فى عهد أبي بكر وعمر أنهم كانوا يستشهدون العدول على أى حديث جديد يسمعوه ,
وعقب تفجر أحداث الفتنة الثانية وظهور الخوارج تعددت الجهات التى تزيف الأحاديث وتنوعت بين دس خارجى من اليهود والفرس وبين دس داخلى من أصحاب المصالح والحكم , وكل منهم يضع الحديث يؤيد به فرقته أو طائفته ,
ولأن الصحابة رضوان الله عليهم انتقلوا بين مختلف الأقطار فقد تعددت منقولات الحديث فى شتى أنحاء البلاد الإسلامية من اليمن للشام ومن خراسان للشمال الإفريقي , فاختلط الصحيح بالزائف وأصبح الأمر كجبل يجثم على صدور العلماء والفقهاء إزاء مناخ شاسع الإتساع يبدو مجرد التفكير فى تنقيته ضربٌ من ضروب الوهم والمستحيل , لا سيما مع ظروف العصر التى تجعل العالم المحقق ربما يقضي بضع سنوات راحلا بين أنحاء الخلافة ليتيقن من صحة حديث واحد !
لكن من قال إن هذا الطراز من الرجال فى ذلك العصر الذهبي كان يعرف المستحيل , ففور ظهور أبعاد الأزمة اجتمعت كلمة الأمة حكاما ومحكومين مع المحدثين فى سائر الأقطار ووضع كل منهم لبنة فى علم جديد مبتكر غير مسبوق إسمه علم الحديث وأخذوا فى وضع تصانيفه وأسسه وقواعده التى ساروا عليها فتحولت مع الوقت وجهد العلماء طبقة وراء طبقة إلى علوم متعددة للعلم الأم وهو علم الحديث واختص كل جماعة منهم بفرع أشبه بالأقسام الحديثة لأجهزة المخابرات ,
فقسم يختص بالتحرى الشديد عن صفات وترجمة كل راوى أو ناقل للحديث ويضع آراء معاصريه فيه وهل هو ثقة يؤخذ حديثه أم لا وفق قواعد علم الجرح والتعديل الذى برز فيه وتألق يحيي بن معين والذهبي والرازى وبن عساكر والحافظ المزى والبخارى ,
وقسم ثان اهتم بمصطلح الحديث حيث تناول فيه المحدثون شرح مدلولات الألفاظ فى رواية الحديث بمنتهى الدقة تحريا لعدم الخلط وأول من صنف فى هذا المجال القاضي أبو محمد الرامهرمزى فى كتابه { المحدث الفاصل بين الراوى والواعى }

وقسم آخر اهتم بتصنيف الحديث نفسه وأفرد لذلك كتبا مستقلة تحوى الصحيح الثابت فقط من سنة النبي عليه الصلاة والسلام , وهى كتب نشأت بجهد المحدث عن طريق تحريه شخصيا للحديث المروى والتيقن من عدالة وأمانة كل راوى فى سلسلة السند "27" ومن هذه الكتب المرجعية صحيح البخارى وصحيح مسلم وصحيح بن حبان وصحيح بن خزيمة
فضلا على الكتب الأخرى التى تناولت الحديث بأشكال معالجة مختلفة كالمسانيد وهى أن تسند الأحاديث إلى الصحابي الذى رواها فيفرد العالم فى مسنده الصحابة على شكل أبواب وفى كل باب يسجل أحاديث كل صحابي مع ذكر السند
وعلة ذكر السند أن يترك لمن بعده طريقة التحرى عنها بمصادر أخرى ,
وأشهر المسانيد هى مسند الإمام أحمد بن حنبل , وقسم آخر اهتم بتصنيف الأحاديث على أبواب الفقه ككتب السنن
وقسم ثالث جعل همه البحث خلف وضع القواعد التى تعالج أى تناقض أو غرابة تشوب الأحاديث النبوية لشرحها وبيانها فتفرع من هذا القسم علم غريب الحديث وعلم مختلف الحديث وعلم الناسخ والمنسوخ فى الحديث , وأشهر من تصدى لمختلف الحديث كان الإمام بن قتيبة فى كتابه تأويل مختلف الحديث الذى اهتم بمحو التناقض الظاهرى بين دلالات الأحاديث النبوية ,
وأشهر من صنف فى غريب الحديث هو الإمام بن الأثير "28" بكتابه الشهير النهاية فى غريب الحديث والأثر ,
وكان الإمام الشافعى هو أول من أسس وبين أصول الفقه كما بين أصول الحديث وبيان الناسخ والمنسوخ فيه
فوضعوا للتنسيق بين الأحاديث المتعارضة مائة وواحد وجه للتوفيق بينها , ولم يقتصر الأمر على ذلك , بل إنهم قرنوه بمعالجة كل تناقض تمت إثارته وحتى التناقضات التى لم تظهر قاموا هم بابتكار ما قد يظهر من تناقضات وضعوا لها الحلول !
وقسم آخر اهتم بالأحاديث الموضوعة الشهيرة
حيث تفانى بعض المحدثين فى تصنيف الكتب المحتوية على أشهر الأحاديث الموضوعة والمكذوبة ليقطعوا الطريق على انتشارها وأشهرها اللائئ المصنوعة لبن الجوزى وكتب الموضوعات للسيوطى والشوكانى

بالإضافة لعشرات الفروع الأخرى التى تأسست بمرور الزمن وكل جيل من العلماء يضيف لمن سبقه ضابطا آخر يزيد من دقة التحرى فى الحديث ويشدد فى قبول الصحيح ورد الضعيف حتى انقشع غبار الأزمة نهائيا وجاء العصر الحديث حاملا معه آثار جهد عملاق قلّ أن تجده مثيله فى إصراره
فشربت الأجيال الجديدة السنة النبوية صحيحة لا تشوبها شائبة من لغط أو غلط
الشاهد مما سبق أن تدوين السنة والتفتيش فيها بدأ منذ عهد الصحابة عبر الصحائف المختلفة لعدد من الصحابة كعبد الله بن عمرو بن العاص , إلى أن ظهرت فى المصنفات فى بداية المائة الثانية للهجرة ,
وانتشر بعد أحداث الفتنة مباشرة السؤال والتحقيق فى الإسناد ورد روايات المبتدعة وأصحاب الأهواء وتحرى الحديث فى مواطنه الأصلية ,

والأهم من ذلك وهو عين ما نبتغيه من هذا البحث
أن علماء السنة على مر العصور لم يتركوا حديثا واحدا ورد فى إحدى كتب السن دون تحقيق وتمحيص ومعالجة دقيقة لمختلف طرقه والحكم عليه
فاستبان فى وضوح أين الصحيح وأين الضعيف ,
فاعتمدت الأمة صحيحى البخارى ومسلم على أن كل ما بهما فى مرتبة الصحيح الثابت ,
ثم تكفل العلماء ببقية كتب السنن المختلفة الأغراض وأخضعوها للتحقيق أيضا وبينوا ضعيفها من صحيحها
ثم تواترت الجهود فتعدت كتب الحديث إلى مختلف كتب الفقه والتفسير وغيرها من فروع الشريعة فأنشأ العلماء علم التخريج وهو العلم الذى يعنى بإخضاع الأحاديث الواردة فى كتب الشريعة المختلفة للتحقيق وتحريها وبيان درجتها وطرقها جميعا فى هامش الكتاب ,
ومن أشهر تلك التخريجات تخريج الحافظ العراقي لكتاب إحياء علوم الدين للغزالى ,


شواهد الدقة المذهلة فى تحقيق السنة

أورد هنا بعض شواهد الدقة فى التحقيق لبيان مدى الجهد والمعاناة التى تكبدها السابقون والتى لا زلت أصر على أنها جهد مستحيل حتى لو تم بعصرنا الحالى الذاخر بوسائل الإتصال العالمية ,
ففي العصر الحديث وفى وجود أدوات الإتصال مسموعة ومرئية ووجود شبكة الإنترنت التى ربطت العالم من سائر أطرافه لو أننا كلفنا باحثا للقيام بمهمة بحثية تخص موضوعا واحدا ـ كما يحدث فى الرسائل العلمية لدرجة الماجستير والدكتوراه ـ ووفرنا له سبل المعاونة الموجودة فإنه يستغرق فترة لا تقل عن أربع سنوات ليصل لنتيجة البحث ويقدمه كاملا , وغالبا ما يكون البحث رغم الجهد قاصرا بموضع معين تبينه مناقشة الرسالة , وهناك بعض البحوث النظرية فى كليات الحقوق استغرق فيها الباحثون ست عشرة سنة كاملة ليتقدموا ببحوثهم العلمية
وهناك من أمضي عمره كله تقريبا فى البحث بالمراجع ليتمكن من إخراج كتاب واحد , مثال ذلك المؤرخ المعروف محمد عبد الله عنان الذى قضي قرابة أربعين عاما ليتم مؤلفه الجامع عن الأندلس { دولة الإسلام فى الأندلس }
وفى الجانب الآخر قد يستغرق جهاز المخابرات قرابة ست أو سبع سنوات ليؤكد معلومة واحدة أو ينفيها , وهناك بعض التحريات التى تتم للمرشحين للمناصب الحساسة تستغرق فترة من ستة أشهر لثلاثة أعوام لاتخاذ قرار نهائي بصلاحية هذا المرشح من عدمه ,
كل هذا الوقت فى ظل خدمات التكنولوجيا ودعم العلم التقنى الخادم لتلك الأغراض

فلنا أن نتخيل كيف قام علماء السنة فى العصور الإسلامية الأولى بتأليف كتبهم ووضع القواعد الموثقة لعلم الحديث لا سيما فى الفرع المسمى { علم الجرح والتعديل } والذى كانت مهمة العالم فيه أن يقوم بالتحرى الدقيق عن كل محدث أو راو أو ناقل لحديث أو قول صحابي أو تابعى "29" ويسجل اسم الراوى وصفته وكنيته وما انتهت إليه التحريات بشأنه ليكون هذا الكتاب مرجعا لمن أراد التحقق من صحة أى رواية بمعرفة مستوى هذا الراوى
ونعطى فكرة عن أحد أهم المؤلفات فى هذا المجال وهو تاريخ دمشق للعلامة بن عساكر , فقد تمت طباعة هذا الكتاب بأسلوب الطباعة الحديثة فى حوالى 93 مجلدا, وقد احتوى هذا المرجع على ترجمة لشخصيات دمشق على ثلاثة مستويات
الأول : ترجمة كل رجال دمشق المقيمين فيها
الثانى : ترجمة كل من استقر بدمشق وكان وافدا إليها من بلد آخر , عندئذ يقوم بن عساكر بالرحيل إلى بلده الأصلي والتحرى عنه ووضع صفته وحكمه عليه
الثالث : ترجمة لكل من مر بدمشق مجرد مرور وهو فى رحلة إلى غيرها من البلاد
وهناك أيضا كتاب الكمال للحافظ المقدسي الذى اعتنى برواة الحديث وقام الحافظ المزى بتهذيبه فى كتابه المعروف ( تهذيب الكمال ) وجاء من بعده الذهبي فزاده تنقيحا وأخرجه باسم ( تهذيب التهذيب ) وجاء من بعد هؤلاء الحافظ العسقلانى فزاد عليه وقدمه تحت اسم ( تذهيب التهذيب )
هذا بخلاف كتب الرجال المتخصصة التى اعتنت بالضعفاء فقط مثل كتاب الضعفاء والمتروكون لابن حبان ومثل ميزان الاعتدال للعسقلانى وهناك كتب الرجال التى تخصصت فى الثقات فقط مثل سير أعلام النبلاء وغيرها وهناك من جمع بين المجالين مثل كتب تاريخ بن معين والبخارى وغيرهم
ومقاييس الجرح والتعديل التى اعتمدها علماء السنة لقبول رواية الراوى صنعت حاجزا صلبا أمام دخول أى مكذوبات فى الحديث لأنهم اشترطوا لصحة الحديث كما هو فى تعريف الحديث الصحيح "30"
( أن يكون بنقل العدل الضابط عن مثله إلى جميع الطبقات من غير شذوذ ولا علة)
واشتراط عدالة الراوى هو الشرط الذى لم يكن يتهاون فيه علماء الجرح والتعديل عملا بمبدأ النظر عمن نأخذ الدين
وينبغي التركيز على تلك النقطة بالذات لأنها نقطة الفصل بين السنة والشيعة ,

أما عن قواعد اعتماد الجرح والتعديل فلم يكن الأمر يؤخذ بلا تسبيب فلابد أن يكون الجرح موافقا لعيب واضح يقره العلماء
والأهم من ذلك أن قول العلماء فى شخص معين أنه ثقة أو أنه ضعيف أو كذاب لا يؤخذ من عالم واحد بل يؤخذ الحكم على الراوى من مجموع أقوال علماء الجرح والتعديل وهذه دلالة إضافية على دقة التحري , فإن خدع أحد الرواة واحدا من علماء الجرح والتعديل بادعاء التقوى فلن يستطيع خداع بقية العلماء الذين سيتولون أمره
ولو ألقينا نظرة على الأحوال التى يتم فيها جرح الراوى وعدم الأخذ بروايته لوجدنا حذرا بالغا غير مسبوق بالذات فى هذا العصر الذى لم ينتشر فيه الكذب أو النفاق , فالراوى لا يتم رد روايته لمجرد إثبات كذبه فى رواية حديث , بل يتم جرحه لمجرد التدليس , والتدليس فى مصطلح الحديث ليس معناه الخداع والكذب بل هو مجرد أن يقول الراوى سمعت من فلان وهو شيخه بينما هو سمع الحديث من زميل له عن نفس الشيخ , هنا يجرح الراوى بالتدليس لأجل هذا فقط
بل إن أحد علماء الحديث لم يقبل حديث أحد الرواة عندما رآه يخدع بعيره فيضم ثوبه ويحركه للبعير حتى يظن أن ثوب صاحبه مملوء بالشعير لكى يأتى البعير فلا يهرب , فرفض العالم أخذ روايته لأنه ثبت له كذبه على بعيره فاعتبرها جرحا له

ولم تقتصر العناية عند الوقوف على أحوال الرواة فحسب ,
بل كانت أحوال الرواة مجرد فرع من فروع التحقيق التى امتدت إلى نصوص الحديث نفسه بمنتهى الدقة , فلا يوجد عند أهل الحديث التسيب الذى نعرفه اليوم من نقل دون وعى أو ذكر دون تدبر بل إن الراوى إذا خلط حرفا بحرف وهو ينقل روايته وليس كلمة مكان كلمة , جرحه علماء الرجال باعتباره ضعيف الحفظ حتى لو حافظ على معنى الحديث ومضمونه
بل إنهم يتتبعون مراحل حياة الراوى أو العالم الواحد فيقال مثلا أن روايته فى سنه الصغيرة كانت أوثق من روايته بعد أن كبرت سنه ويسجلون هذا فى مراجعهم

ولكى يتم قبول الحديث صحيحا يجب فيه أن تتوافر شروط الحديث الصحيح وهو أن يروي الحديث الثقة العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه بسند متصل من غير شذوذ ولا علة
فهذا التعريف البسيط أجمل شروط صحة الحديث بضوابط تعجز مباحث أمن الدولة الآن !
فإن سقط فرد واحد من سلسلة السند يتم تضعيف الحديث وإن كان أحد الرواة ضعيفا وباقي الرواة على أشد الثقة تم تضعيف الحديث أيضا , إلا إذا كان الضعف ناجما عن قلة حفظ وتم ضم هذا الراوى لغيره فيتم وضع الحديث فى مرتبة وسطية وهى مرتبة الحسن
بالإضافة لما هو أهم ,
وهو أن المحدثين على مختلف طبقاتهم كانوا يتابعون فحص ما انتهى إليه سابقيهم من العلماء , بمعنى أن كتب غيرهم ونتائج بحوثهم فى علم الحديث لم تكن تقبلها الأجيال التابعة من العلماء قبولا تلقائيا بل كانت تتحرى عنها بنفس الطريق أو بطرق أخرى , ولهذا فإن كتاب مثل صحيح البخارى أو صحيح مسلم برز بروزا شديدا بين الصحاح لأن ثلاثة أجيال من العلماء على الأقل تعاقبت على فحصه بمنتهى الدقة فلم يتركوا فيه حديثا واحدا دون فحص جديد , وهذا رغم جلالة مقام البخارى كإمام أهل الحديث بلا منازع وما عرف الإسلام مثيله فى دقة الحفظ والوعى والتحرى حتى أنه كان لا يضع حديثا فى صحيحه قبل أن يصلي ركعتين عقب إتمام فحصه والتحرى عنه , وقام بتصنيف أحاديث صحيحه البالغة نحو أربعة آلاف حديث من فحص 600 ألف حديث كان يحفظها بأسانيدها وأحوالها عن ظهر قلب !
ولذا قبلت الأمة صحيح البخارى ومسلم وأجمعت على صحتهما عقب الحكم عليهما من أجيال العلماء المتتابعة "31" ,
ولذا عندما نجد من يطعن فى صحة حديث بالبخارى ـ بعد كل هذا ـ يحق لنا أن نملأ صاحب الطعن سخرية , فهو لا يشكك فى البخارى وحده بكل دقته وعلمه بل يتجاوز إلى قرابة سبعة أجيال من العلماء تتابعت على كتابه بالفحص واعتمدته
لا سيما أننا لو عرفنا كنه الأحاديث المطعون فيها بين الحين والآخر بالصحيحين وغيرهما من الأحاديث التى أقر العلماء بثبوت نسبتها للنبي عليه الصلاة والسلام , هى كلها أحاديث توقف عندها العلماء وناقشوها بالفعل قبل قرون , وليس في ما يذكر من طعون أى جديد يلفت النظر فقد استوفاها العلماء معالجة وردا , لكن المشكلة الحقيقية أن من يطعن على تلك الأحاديث لا يكون جاهلا فقط بإجماع العلماء على مدى عصور بصحتها بل يكون جاهلا أيضا بأن شبهاته تلك تم الرد عليها فى كتب لم يكلف نفسه مطالعتها أو البحث فيها عند أهل الإختصاص "32"

قديم 08-31-2010, 11:29 PM
المشاركة 18
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ومن نافلة القول أن نؤكد على جهود فحص السنة زيادة التثبت فيها لم يقف حتى يوم الناس هذا ,
ففي العصر الحديث برز أحمد شاكر محدث مصر الألمعى واعتنى بمسند أحمد بن حنبل وأخرجه بشرح استغرق عمره وتلقاه العلماء بالقبول
كذلك جهود محدث العصر العلامة الألبانى فى كتب السنن وجهده العظيم فى علم التخريج الذى ذيل به عشرات بل مئات من الكتب والمراجع الدينية المختلفة فى شتى فنون علوم الشريعة
وتقوم الآن لجنة من كبار العلماء بالسعودية على مشروع ضخم وجبار هو جمع السنة النبوية اعتمادا على الوسائل الحديثة فى الحفظ والتصنيف ليكون ميراث الأمة وانجاز علمائها محفوظا بحفظ الله على يد هذه الزمرة الطيبة برياسة العلامة المحدث عدنان عرعور , وهذا المشروع الذى قارب الإنتهاء سيقدم جليلة لا تقدر بثمن لاحتواء التراث الحديثي الفياض بوسائل مطالعة ميسرة لطلبة العلم

هذه إطلالة مختصرة للغاية على تراث أهل السنة فى علم الحديث وميراثها فيه , وكيف أنهم أسسوه من الصفر منذ عهد بعض الصحابة وحتى تصنيف الكتب المعتبرة فى السنن والصحاح والمسانيد ,
ورأينا كيف أنهم جعلوا همهم الرئيسي جمع تراث النبي عليه الصلاة والسلام بنقل العدول بانتهاء السند إلى الصحابة رضي الله عنهم وكل هذا بمنهج تثبت لا مزيد عليه , ولم يدعوا فنا فى هذا المجال لم يطرقوه ,
وها هى الأحاديث النبوية محققة ومجموعة ومفندة ولا غبار عليها ,
والآن فنلق إطلالة سريعة على موقف الشيعة من السنة ومفهومهم للسنة عندهم وكيف أخذوها وممن أخذوها ,

السنة عند الشيعة ,


سبق أن بينا كيف أن أهل السنة اهتموا بوقت مبكر وفى حياة أغلب الصحابة وفى عصر كبار التابعين أثناء وبعد الفتنة الكبري بالتحقيق والتدقيق فى طلب الإسناد فيما يخص توثيق السنة النبوية الشريفة ,
هذا بخلاف أنهم طوروا التدقيق فى الإسناد إلى ميدان ضخم فسيح وهو ميدان علوم الحديث التى عالجت شتى مناحى النقل والرواية عن النبي عليه الصلاة والسلام واعتمدوا وأصلوا لذلك قواعد متينة حازت فيما حازت من الإعجاب على تقدير المستشرقين أنفسهم ,
وهو قسم من العلوم ما سبقت إليه أمة من الأمم ولا قامت أمة نبي من الأنبياء بحفظ تراثه ونقله بتلك الدقة عبر القرون كما قامت أمة خير الأنبياء عليه الصلاة والسلام ,
ولسنا فى حاجة إلى إعادة بيان أهمية علوم الحديث بالذات بين سائر علوم الشريعة قاطبة , فعلوم الحديث هى القسم الخادم الذى له منة وفضل على سائر علوم الشريعة من تفسير وفقه وأصول وليس عليه منة من أحد العلوم لأن هذه العلوم جميعها دانت لعلوم الحديث بفضل النقل الصحيح لسنة النبي عليه الصلاة والسلام ومن قبلها القرآن الكريم ,
وهما المصدران الذى بذل فى نقلهما أهل النقل والرواية جهودا تفوق طاقة البشر لتقديمه إلى أجيال الأمة جيلا بعد جيل بشكل مأمون من المكذوبات والموضوعات
فاستقامت علوم الشريعة لأصحابها فعرفوا المصادر واطمئنوا إلى حجية الأخذ عنها ,
ولنا أن نتخيل لو أن علوم الحديث أصابها أى خلل عبر القرون , كيف كانت الأمة تستمر إلى اليوم مطمئنة إلى ثبات نسبة المصادر التشريعية إلى منابعها الأصلية ؟!
لا شك أن النتيجة كانت ستفضي إلى كارثة محققة وهى ضياع الدين كله بضياع أصوله , على نفس النحو الذى جرى فى الأمم السابقة التى لم تعرف الإسناد والتوثيق ودقة النقل كابرا عن كابر فأضاعت رسالات رسلها وتم تحريف التوراة والإنجيل وأفضي هذا إلى ضياع عقيدة تلك الأمم فقالت النصاري بألوهية عيسي وقال اليهود بألوهية عزير
ولا شك أن الميزة الكبري لتفوق أهل السنة فى علوم الحديث والنقل والمرويات ليست قاصرة فقط على تنوع أساليب النقل والمعالجة والفحص والتحرى ,
بل الميزة الكبري هى أن تلك العلوم نشأت فى وقت مبكر جدا بمجرد ظهور فتنة وضع الأحاديث وفى حياة قسم كبير من الصحابة رضي الله عنهم وهم نقلة التشريع والسنة
,
مما أعطى أهل السنة ميزة اليقين فيما نقلوه , لا سيما وأن تطور علوم الحديث وتدوين السنة بدأ مبكرا أيضا بمصنفات مسدد بن مسرهد ومالك والأوزاعى على سبيل المثال ,
بل ولم تكتمل المائة الثانية للهجرة إلا وكتب الأصول الحديثية المعتمدة لأهل السنة قد اكتمل تأليفها وهو ما يتضح بالنظر إلى تواريخ ميلاد هؤلاء الأئمة أصحاب الكتب الستة والمسانيد الأولى
الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله- مولود سنة (164) هـ
الإمام البخاري - رحمه الله - مولود سنة (194 ) هـ
الإمام الترمذي - رحمه الله- مولود سنة (200) هـ
الإمام أبو داود - رحمه الله- مولود سنة ( 202 )هـ
الإمام مسلم - رحمه الله- مولود سنة (206 )هـ
الإمام ابن ماجه - رحمه الله- مولود سنة ( 209 ) هـ
الإمام النسائي - رحمه الله- مولود سنة (215 )هـ

كما ظهرت فى وقت مبكر نسبيا معالجات العلماء للكتب المنقولة وتصنيفهم لأسس وقواعد علم أصول الحديث ومنها علم مصطلح الحديث وهو واحد من أخطر علومه حيث يختص بمعالجة المصلطحات العلمية التى تعارف عليها أهل الصنعة لتمييز الأحاديث ونقدها , فقسم علماء السنة الحديث إلى عدة تقسيمات أصولية تتفرع إلى تقسيمات متعددة
وكان أول مصنف فى هذا المجال هو مصنف العلامة الرامهرمزى المتوفي عام 360 للهجرة , وتتابعت بعده المصنفات فى هذا المجال وغيره عبر العصور
ومن قبلها ظهرت علوم الرجال وكتب النقد الحديثي وامتدت فيما بعد هذه الفترة أيضا كتب النقاش حول الأحاديث المختلف فيها وبلغوا من الدقة أنهم أفردوا مصنفات كاملة وقاموا برحلات مضنية لمجرد إثبات حديث واحد
هذا فضلا على عنايتهم بإبراز ناسخ ومنسوخ الحديث وكان أول من تكلم فى ذلك المجال الإمام الشافعى ,

فإذا حملنا هذا التاريخ وتلك المعجزات العلمية إلى مجال السنة عند الرافضة , فماذا سنجد ؟
وكيف حفظ هؤلاء السنة والدين الذين يزعمون أنهم تلقوه عن أئمة أهل البيت ,
فى البداية الشيعة قاطبة ـ كعادة أهل البدع جميعا ـ لا علم لهم بالحديث والإسناد على طول الخط , وليس هذا الحكم من قبيل الحكم الذى قرره عليهم أهل السنة بل هو من قلب كتبهم مشهور ومتواتر ,
هذا فضلا على الطامة العظمى ,
وهى أنهم اعتبروا الصحابة رضوان الله عليهم جميعا عدا ثلاثة أو خمسة أو سبعة , منافقون كفار , وبالتالى رفضوا منقول الحديث عنهم , وتكفيرهم لعموم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام مقرر فى أمهات كتبهم بل وفى أعظمها بعدة أبواب ـ لا أحاديث منفردة ـ ومنها الكافي أهم مرجع حديثي لديهم
وبالتالى فقد اختصوا أئمة آل البيت الإثناعشر بأنهم مصدر التشريع الوحيد ولهذا فهم يرفضون السنة المنقولة عن طرقنا نحن أهل السنة ولا يعتبرون الصحابة مسلمين أساسا فضلا على أن يعتبروهم عدولا يؤخذ الدين عنهم
وليت أنهم ما قبلوا توثيقنا نحن أهل السنة للصحابة بل رفضوا إقرار عدالة الصحابة التى أنزلها الله عز وجل فى كتابه العزيز بآيات محكمات سبق أن عرضنا بعضها ,
فماذا كانت النتيجة ,
النتيجة أنهم فى البداية فقدوا القرآن لكريم الذى هو المصدر الأول للتشريع نظرا لأنه فى عقيدتهم محرف , هذا فضلا على أنهم لم ينقلوه لا بالتواتر ولا حتى بسند آحاد من طرق المعصومين الاثناعشر ,
وليس لديهم أى إسناد بالقرآن من أى وجه ,
وهذا الأمر بالذات كان من الأمور التى فضحت علانية حقيقة اعتقادهم فى القرآن الكريم , لأن القرآن الكريم منقول بالتواتر من طرقنا ونحن كفار عندهم بدليل أنهم لا يأخذون بسنتنا فكيف يقبلون القرآن منا ويرفضون السنة ؟!
وأما عن السنة وهى المصدر الثانى للتشريع بعد القرآن الكريم فلم يقصروها على النبي عليه الصلاة والسلام وحده بل جعلوها مختصة بالمعصومين الاثناعشر جميعا ,
فكلهم عندهم أهل عصمة وتبليغ وكلهم بمنزلة النبي المرسل وأصحابهم كصحابة النبي عليه الصلاة والسلام بل أفضل , لأن أصحاب الأئمة لم يكفروا عندهم بينما كفروا أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ,
وليت أن الأمر اقتصر على ذلك ,
فلو أنهم نقلوا سنة النبي عليه الصلاة والسلام نقلا صحيحا بطريق العدول من الرواة إلى الأئمة إلى النبي عليه الصلاة والسلام بسند متصل لهان الأمر ,
لكن الكارثة أنهم لم ينقلوا من سنة النبي عليه الصلاة والسلام شيئا قط !
وقد طالبهم العديد من العلماء عبر المناظرات أن يأتوا لهم من كتبهم بحديث واحد صحيح ـ على شروطهم هم ـ من كتبهم متصل السند إلى النبي عليه الصلاة والسلام فعجزوا ,
والسؤال الآن , من أين يأخذ هؤلاء القوم دينهم بالضبط , ؟!
وإذا وجهت السؤال لأى شيعي ستجده يجيب بأنهم أخذوا الدين عن الأئمة ,
وسنجاريهم فى هذا القول رغم فداحة المصيبة أنهم لا يملكون من تراث النبي عليه السلام شيئا
فهل تمكنوا من نقل سنة المعصومين وأقوالهم نقلا صحيحا ,
هذا ما سنراه بعد قليل

علوم الحديث عند الشيعة :

عندنا فى علوم الحديث قاعدة ذهبية تقول ( لولا الإسناد لقال من شاء بما شاء )
وتفسيرها ببساطة , أنه لولا الإسناد والتوثيق لقال كل صاحب هوى ما أراد وضاع الدين , فمن السهل على أى مدعى أن يقول قال رسول الله صلي الله عليه وسلم , ثم يخترع من رأسه أى حديث
فما الذى يمنع ذلك , لا شك أن المانع الرئيسي هو الإسناد والسؤال من أين لك هذا الحديث ومصدره
فهل استطاعت الشيعة الاثناعشرية أن تصل لتراث الأئمة الإثناعشر بالأسانيد الصحيحة المتصلة ,
بداية ـ وهى المفاجأة الكبري ـ لم تعرف الشيعة الاثناعشرية عبر عصورها شيئا من علوم الحديث إطلاقا قبل القرن العاشر للهجرة !
يقول شيخهم الحائري فى ذلك , بكتابه مقتبس الأثر ـ ص 73 ـ الجزء الثالث
( ومن المعلومات التي لا يشك فيها أحد أنه لم يصنف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني )
والشهيد الثانى هو أبو الحسن العاملى المتوفي عام 975 للهجرة !
هل تدركون ما معنى هذا الكلام ؟!
معناه ببساطة أن الشيعة كانت فى نوم طويل فاق نوم أصحاب الكهف منذ عهد الأئمة الذي انتهى عام 250 للهجرة وحتى القرن العاشر دون يصنفوا أو يعالجوا شيئا من علوم الحديث التى عليها معول وضمان صدور الروايات المنقولة عن الأئمة !
فعن أى دين يتحدث الرافضة اليوم ؟!
أما الأظرف ,
وهو ما يعد فى حد ذاته مأساة مبكية , أنهم لم يصنفوا فى ذلك التاريخ شيئا من علوم الحديث تحت ذريعة تنقية تراث الأئمة أو لتحقيق المرويات الرهيبة الموجودة فى كتبهم المنقولة دون إسناد أو تحقيق ,
بل كان السبب الوحيد الذى دعاهم إلى تصنيف الكتب هو تلافي تعيير أهل السنة لهم بأن الشيعة لا يعرفون الإسناد وينقلون الروايات دون أى إثبات
لأجل هذا السبب فقط ولدفع كف النقد عنهم قام علماؤهم بتأليف تلك الكتب التى تتخذ من جانب المظهر فحسب علوم الحديث لكنها فى الواقع مجرد ألفاظ يظهر منها الإسناد لكنه ليس إسنادا حقيقيا له أرضية من الواقع
ودليل ذلك ما نقله الحر العاملى أحد محدثيهم الكبار عن هذا الأمر فقال فى وسائل الشيعة ( 30 / 258 )
( والذي لم يعلم ذلك منه ، يعلم أنه طريق إلى رواية أصل الثقة الذي نقل الحديث منه ، والفائدة في ذكره مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانيّة ، ودفع تعيير العامة الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة ، بل منقولة من أصول قدمائهم )
وممن نقل تلك الفضيحة أيضا
الشيخ باقر الأيرواني فى كتابه ( دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص 86 )
( السبب في تأليف النجاشي لكتابه هو تعيير جماعة من المخالفين للشيعة بأنه لا سلف لهم ولا مصنف ) ،
وقال الحر العاملي فى المصدر السابق
( أن هذا الاصطلاح مستحدث ، في زمان العلامة ، أو شيخه ، أحمد ابن طاوس ، كما هو معلوم ، وهم معترفون به )
بل اعترف الحر العاملى بما هو أفدح فقد صرح أنهم ليسوا فقط لا علم ولا لعلمائهم القدامى بالحديث ونقله , بل اعترف أن الإصطلاح الجديد وهو علوم الحديث والعنعنة مأخوذ من قلب كتب أهل السنة !
قال الحر العاملي ( وسائل الشيعة ( 30 / 259 )
( طريقة المتقدمين مباينة لطريقة العامة ، والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم ، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع وكما يفهم من كلامهم الشيخ حسن وغيره ) ،
ويقصد بطريقة المتقدمين علماؤهم الأوائل أصحاب الكتب المعتمدة الذين كانوا يوردون فى كتبهم كل ما يصل إليهم فيتلقاه عنهم من بعدهم بالقبول هكذا بلا مرجعية أو ضابط
أما سرقاتهم من كتب أهل السنة
فهذا ما يؤكده مصنفوا الإمامية فى مصطلح الحديث وكشفه الشيخ عثمان الخميس "33" فى مناظرات قناة المستقلة عندما قارن بين أحد كتب المصطلح عند الشيعة وبين كتاب ( مقدمة بن الصلاح ) أحد أشهر كتب المصطلح عندنا فإذا بالكتاب الشيعي نسخه شبه متطابقة فى أبوابه ومعالجته

قديم 08-31-2010, 11:31 PM
المشاركة 19
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أى أن كل الفائدة التى وقفت وراء وضع أسلوب العنعنة فى المرويات ( وهو الإسناد ) هو فقط اتخاذ مظهر الإسناد لمجرد التبرك بإسناد الرواية إلى الأئمة ودفع تعيير أهل السنة للراوفض أن يروون المكذوبات غير المسندة ,
ففعلوا مثل الذى كان يطمح أن يكون عالما بالأزهر , لكنه عجز عن مجاراة طلبة العلم فى ذلك ,
فماذا فعل ,
اشترى اللباس الأزهرى المميز للعلماء وقدم نفسه باعتباره عالما وظن بذلك أنه اكتفي ووفي !
فالإسناد ليس أن تورد الرواية بالعنعنة , بل أن توردها بسندها الفعلى وأن يكون هؤلاء الرواة هم فعلا من قاموا بروايتها هذا فضلا على أن يكون الرواة من الثقاة العدول المأمونين فى نقل المرويات ,
لكن هذا كله لا تجده فى مذهب الروافض بل إنهم عندما اشترطوا شروطا لقبول الروايات لم يطبقوها على كتبهم ,
فالحديث الصحيح عندهم كما عرفه الحر العاملى
( هو الحديث الذى يرويه الضابط الإمامى عن مثله إلى منتهاه )
بينما تعريف الحديث الصحيح عندنا
( هو الحديث الذى يرويه العدل الضابط عن مثله فى جميع الطبقات من غير شذوذ ولا علة )
والمقارنة بين التعريفين تكشف عن مصائب
الأولى : أنهم لم يشترطوا عدالة الرواة ! , بمعنى أنهم يقبلون رواية الكافر وفاسد المذهب والمطعون فى عدالته , وهذا ما نص عليه صراحة الحر العاملى فى وسائل الشيعة حيث قال فى توثيق رجال الشيعة
( فتراهم يوثقون من يعتقدون كفره وفسقه وفساد مذهبه ! )
وبمثل ذلك صرح المرجع المعاصر الخوئي زعيم مرجعية النجف السابق فى كتابه الرجال حيث صرح بقبول رواية الشخص بغض النظر عن اعتقاده بل صرح بقبول رواية النواصب والنواصب عندهم كفار أنجاس وشر من اليهود والنصاري
الثانية : أنهم لم يشترطوا فى الحديث الصحيح ضرورة خلوه من الشذوذ أو العلل ,
ومعنى الشذوذ عدم مصادمة الرواية الصحيحة لما هو أصح منها أو مخالفة الرواى الثقة لمن هو أوثق منه وعند التصادم يتم رد الرواية الأقل صحة إذا استحال الجمع بينهما
ومعنى العلة ألا تحتوى عيبا ظاهرا كمنافاتها الواضحة لقاعدة أساسية فى الشرع أو مضاربتها للعقل والنصوص
ولهذا امتلأت كتب الشيعة بآلاف الروايات التى لا يقبلها العقل قبل النقل وتعتبر من الخرافات التى يخشي التفوه بها المجنون قبل العاقل ويزخر كتاب الكافي ـ وهو أعظم كتبهم ـ بعشرات الروايات فى هذا الباب ,
هذا فضلا على التصادم المروع الذى يجمع بين أحاديث الأئمة وبعضها البعض بل بين أحاديث الإمام الواحد منهم , فترى الإمام يقول بقول معين ثم ينقضه فى قول آخر ومع ذلك فكلا الروايتين معتمدة , ولم يجدوا حلا لهذه الإشكالات إلا الذريعة الجاهزة وهى أن الرواية المتضاربة هى رواية على التقية !
ولم يبينوا أو يؤصلوا قاعدة واحدة تمكنهم من تمييز الروايات أيها على التقية وأيها على الحقيقة بل جعلوا الأمر مطلقا مما أدى بهم فى النهاية إلى إراحة أنفسهم من الصداع فقالوا بأن الحكم على الأحاديث بالصحة والبطلان غير مرهون بقول فقيه أو مجتهد بل هو أمر مطلق !
مما أدى بالتبعية إلى عشرات الآلاف من التناقضات بين علمائهم فى تصحيح وتضعيف الأحاديث وبالتالى أدى إلى خراب كامل فى أصول الدين التى تعتمد الفتاوى فيها على صحة المرويات التى جعلوا تصحيحها رهنا بالمزاج
يقول فى هذا الشأن الفيض الكاشانى صاحب أحد كتبهم المعتمدة فى الوافي
( تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قولا أو ثلاثين قولا أو أزيد !! بل لو شئت أقول:لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا فيها أو في بعض متعلقاتها)
يختلفون فى المسألة الواحدة على عشرين أو ثلاثين قولا !
بل ولا توجد حتى فى الفرعيات عندهم مسألة واحدة محكومة بقول نافذ قطعى هذا فضلا على اختلافهم فى الأصول !
ولهذا ظهرت عند الشيعة مدرستان كفرت كل منهما صاحبتها رغم أنهم تحت مظلة عقيدة واحدة , وهما مدرستى الإخباريين والأصوليين ,
فالإخباريون يقولون أن الكتب الحديثية الثمانية المعتمدة كلها صحاح لا لبس فيها وليس فيها رواية وحيدة باطلة بما في ذلك الألفي رواية الواردة فى تحريف القرآن
والأصولية تقول أن مضامين تلك الكتب هى المقطوع بصحتها والكتب نفسها تحتوى أحاديثا ضعيفة لكنهم ما وضعوا القواعد لتنقيه هذا التراث الذي يعتمد عليه دينهم فيما يزعمون ,
أما سبب عدم إخضاعهم الكتب الأصلية للتحقيق النهائي فسنعرفه بعد قليل .

الأزمة الكبري


كتب الحديث التى نقلت تراث الأئمة عند الشيعة الإثناعشرية ثمانية كتب معتمدة وهى أصول المذهب والطائفة وعليها تم بناء أساسه وعقيدته ,
وهذه الكتاب منها أربعة كتب متقدمة , وهى للمحمدين الثلاثة : محمد الكليني ، ومحمد الصدوق، ومحمد الطوسي ، وهي :
الاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، والكافي ، والتهذيب
وباقي الاربعة هي للمجلسي والنورى الطبرسي ( صاحب كتاب فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب ) والطبرسي ( وهو غير النورى الأول) والفيض الكاشانى , وكتبهم هى
بحار الانوار و مستدرك الوسائل و الإحتجاج والوافي
هذه الكتب التى أطبق علماء الشيعة على صحة مضامينها , ومعنى صحة مضامينها أن المحتويات والمعارف الواردة فيها كل مقطوع بصحتها , وكتبهم قديما وحديثا مليئة بالإشادة لتلك الكتب والإعلاء من شأنها لدرجة مذهلة ,
لا سيما كتاب الكافي للكلينى الذى ألفه صاحبه فى الغيبة الصغري للمهدى المزعوم , وذكر فى مقدمته أن هذا الكافي تم عرضه على المهدى فقال ( كاف لشيعتنا )
وهذا معناه أن الكافي صحيح حتما وإلا كيف وثقه المعصوم ؟!
وقد شهدت للكافي ولغيره كبار مرجعيات الشيعة وآخرهم عبد الحسين شرف الدين وهو واحد من أعلامهم فى القرن الماضي حيث قال فى كتاب المراجعات أن هذه الكتب مقطوع بصحة مضامينها وأن الكافي أعظمها وأشرفها وأعلاها ولم يصنف فى الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه !
وبعد هذه الشهادات الكبري من المعصوم وإجماع علماء الإمامية على توثيق مضامين تلك الكتب , نجد أنهم خرجوا علينا فى العصر الحديث بقول بالغ الغرابة ,
هذا القول مؤداه أن الشيعة لا تملك كتابا واحدا صحيحا !
وأن كل كتبهم ليس من بينها كتاب واحد بلغ درجة الصحة فى محتوياته كلها ,
وهو قول على التقية وللمراء والخداع بطبيعة الحال ,
لماذا ؟
لأنهم لو أقروا بأقوال وشهادات علمائهم بحق الكتب الكارثية لافتضحوا فى مشارق الأرض ومغاربها ,
فالكافي أصح الكتب عندهم فيه من البلايا والطامات ما يستحى منه اليهود والنصاري أن ينسبوه لأنبيائهم ,
من أول التواتر فى روايات تحريف القرآن والإعتقاد الجازم بها , ومرورا بعقائد الرجعة والبداء وأن الأئمة يسيطرون على الكون وأنهم أسماء الله الحسنى وأن الله فوض أمر الخلق إليهم ووصولا إلى التكفير الجماعى لأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ,
لهذا لم يجد الشيعة مفرا من إنكار صحة كل ما بالكافي حتى لا يلزمهم أهل السنة بل وعوام الشيعة بتلك الإنحرافات فيسقط مذهبهم فى طرفة عين ,
غير أن قولهم هذا يسقط مع سؤال منطقي واحد
لماذا لم تهتموا بتراث الأئمة المبثوث فى تلك الكتب فتميزوا الصحيح من الضعيف ؟!
هذا السؤال المفصلي وحده يكفي وزيادة لبيان حقيقة هذه الطائفة , لأنهم فى واقع الأمر يصدقون بتلك الكتب وبكل ما ورد فيها وينكرون ذلك تقية ,
وفى نفس الوقت لا يستطيعون أن يطبقوا منهج النقد والتمحيص والحكم النهائي على الأحاديث بالصحة والضعف وبيان موقفها لأنهم لو فعلوا لانكشف عوارهم دون جهد من أهل السنة لأنهم ساعتها سيكونون أمام خيارين أحلاهما مر
الأول : إما أن يضعفوا كل الأحاديث التى يعتقدون بمحتواها ولا يجرئون على القول بصحتها وعندئذ سيضطرون إلى مواجهة إسقاط مذهبهم بأيدى عوام الشيعة أنفسهم , لأن تلك الأحاديث تحتوى ما يتاجر به علماء الشيعة من تكفير الصحابة والقول بالتقية الواجبة ونحو ذلك
الثانى : تصنيف الأحاديث إلى صحيح وضعيف والقول بصحة الأحاديث التى يبنون عليها عقائدهم الباطلة وعندئذ سيقعون بين مخالب أهل السنة ببساطة , فساعتها سيتضح أمام الجميع حقيقة معتقدهم الذى يدارونه بالتقية وتسقط التقية فيسقط المذهب كله ,
والدليل على أن الشيعة تعتقد بصحة ما ورد فى تلك الكتب ما نقله الحر العاملى فى وسائل الشيعة ( 30 / 259)
( الاصطلاح الجديد يستلزم تخطئه جميع الطائفة المحققة في زمن الأئمة عليهم السلام ، وفي زمن الغيبة كما ذكره المحقق في أصوله )
أى أن استخدام الإصطلاح الجديد عليهم ـ وهو التصحيح والتضعيف ـ يستلزم منه تخطئة وإهمال كل كتب الشيعة الرئيسية التى عليها معتمد المذهب !
لهذا سارع علماء الشيعة إلى إنكار محاولات عالمهم البهبودى ـ رغم جلالة قدره عندهم ـ على تصنيف كتاب صحيح الكافي وقالوا بأن تصحيحه وتضعيفه يلزمه وحده ولا يلزم الطائفة ,
وبمثل ذلك تعاملوا مع تحقيق المجلسي لكتاب الكافي فى كتابه ( مرآة العقول ) لأن المجلسي صحح فى مرآة العقول أحاديث تحريف القرآن وغيرها من الفضائح المدوية التى تخفيها الشيعة بالتقية
فهل رأيتم كارثة أكبر وأفدح من هذا ؟!
مجرد استخدام أسلوب التحقيق سيسقط كل تلك المكذوبات التى نقلها زنادقتهم الكبار عبر العصور لأنه لا يوجد لديهم حديث واحد صحيح ـ على شروطهم هم ـ إلى النبي عليه الصلاة والسلام أو إلى أحد الأئمة ,
وهذا ما صرح به الحر العاملى نفسه حيث قال عن تحقيق الأحاديث ومسألة إخضاعها للفحص حيث قال فى وسائل الشيعة الجزء الثالث ـ ص 260
( الرابع عشر:
أنه يستلزم ضعف أكثر الأحاديث، التي قد علم نقلها من الأصول المجمع عليها، لأجل ضعف بعض رواتها، أو جهالتهم أو عدم توثيقهم،
فيكون تدوينها عبثا، بل محرما، وشهادتهم بصحتها زورا وكذبا. ويلزم بطلان الإجماع، الذي علم دخول المعصوم فيه - أيضا - كما تقدم.
واللوازم باطلة وكذا الملزوم. بل يستلزم ضعف الأحاديث كلها عند التحقيق لأن الصحيح - عندهم -: (ما رواه العدل، الإمامي، الضابط، في جميع الطبقات). و لم ينصوا على عدالة أحد من الرواة، إلا نادرا، وإنما نصوا على التوثيق، وهو لا يستلزم العدالة قطعا بل بينهما عموم من وجه، كما صرح به الشهيد الثاني وغيره
ودعوى بعض المتأخرين: أن (الثقة) بمعنى (العدل، الضابط). ممنوعة وهو مطالب بدليلها. وكيف ؟ و هم مصرحون بخلافها حيث يوثقون من يعتقدون فسقه، وكفره وفساد مذهبه ؟ !
وإنما المراد بالثقة: من يوثق بخبره ويؤمن منه الكذب عادة، والتتبع شاهد به وقد صرح بذلك جماعة من المتقدمين والمتأخرين. و من معلوم - الذي لا ريب فيه عند منصف -: أن الثقة تجامع الفسق بل الكفر
و أصحاب الاصطلاح الجديد قد اشترطوا - في الراوي - العدالة فيلزم من ذلك ضعف جميع أحاديثنا لعدم العلم بعدالة أحد منهم إلا نادرا
)
ويكفينا كلام العاملى الذى يحمل فى طياته ما يغنى عن غيره لهدم هذا المعتقد الفاسد الذى لا يجرؤ أصحابه على إخضاع مرويات المعصومين للتحقيق لأنه لو أنهم طرقوا هذا الباب فمعناه على حد قول العاملى إسقاط جميع أحاديثهم
والكارثة أنك تجد بعد كل هذه الحقائق من يعتقد أن الشيعة يتعبدون بمعتقد منسوب لأهل البيت عليهم السلام بينما أئمة آل البيت أبرياء من المعتقد بالكلية , ولا يوجد فى كتب الشيعة ـ باعترافهم هم ـ حديث واحد يمكنهم الحكم عليه بالصحة أو الصول إليه بطريق معتبر
ونحن طلبا للإختصار ,
لم نتعرض لكتبهم فى علم الرجال والتى تحمل أشباه هذه الفضائح بل وأكثر ,
فعلم الرجال وهو العلم الرئيسي فى علوم الحديث الذى يعتمد على بيان حال الرواة وبناء عليه يعتمد العلماء صحة روايته أو ضعفها ,
لم تعرف الشيعة هذا العلم إلا فى المائة الرابعة للهجرة
ولم تعرفه بأصوله التى سار عليها منهج أهل السنة بل جاء أبو عمرو الكشي عمدتهم فى مرجع الرجال فصنف لهم كتابا فى غاية الإختصار !
وقد سبق أن نوهنا عن طبيعة الكتب الرجالية ومثلنا بكتاب تاريخ دمشق لابن عساكر والذى على هول مقامه لا يمثل إلا كتابا واحدا من عشرات الكتب فى هذا الفن
وليت أن الأمر اقتصر على أنه كتاب مختصر فحسب ,
فالطامة الكبري فى انعدام فائدته لأنه مصنفه أخرجه فى المائة الرابعة ولم يعاصر راويا واحدا من أصحاب الأئمة أو ينقل عن كتب غيره ممن سبقوه أحوال هؤلاء الرواة لأنه كان أول من طرق هذا الباب !
فمن أين سيأتى بسند صحيح ومصدر صريح يمكنه من الحكم على الراوى بالجرح أو التعديل ؟!
لا سيما وأنه كان مكثرا فى الرواية عن الضعفاء كما صرح بذلك عالمهم النجاشي ,
فكيف يكون عالما فى الرجال ويصنف فى هذا الفن كتابا مليئا بالرواية عن الضعفاء ؟!
هذا فضلا على أن كتاب الكشي ككتاب غيره ممن جاء بعده احتوى على مهازل حقيقية حيث ترى توثيق الراوى وجرحه فى نفس الكتاب !
فبأى شيئ سيأخذ عالم الحديث عند التحقيق بتجريح الراوى أم بتوثيقه ,
ويقول الفيض الكاشانى فى الوافي عن حال كتب الرجال عندهم ( مقدمة الوافي ـ ص 25 )
(فإن في الجرح والتعديل وشرائطه اختلافات وتناقضات واشتباهات لا تكاد ترتفع بما تطمئن إليه النفوس كما لا يخفى على الخبير بها )
ولا يختلف حال هذا الكتاب عن ثانى أهم كتبهم فى الجرح والتعديل وهو رجال النجاشي ,
وكمثال على تلك المهازل الواقعة فى كتاب النجاشي
ذكر النجاشي في ترجمته لمحمد بن الحسن بن حمزة الجعفري :
( مات رحمه الله في ] يوم السبت ، سادس شهر رمضان ، سنة ثلاث وستين وأربع مائة ) ، : رجال النجاشي ص 404 . )
والنجاشي مؤلف الكتاب توفي سنة 450 هـ .
هل يُعقل أن يموت هذا الراوي بعد النجاشي مؤلف الكتاب بـ 13 سنة ؟!
والأمر لم يقف عند انتفاء المصدر الصحيح فى الجرح والتعديل لانتفاء الأسانيد الصحيحة فى ذلك فحسب .
بل تجاوز ذلك إلى مرحلة لو وقعت بحق أى كتاب من الكتب الرجالية لأسقطته بالضربة القاضية ,
ألا وهى مرحلة الخلط وعدم التمييز بين الرواة فى الأسماء والكنى والألقاب ,
ولو عدنا لقواعد أهل السنة فى هذا المجال سنجدهم وضعوا تلك النقطة فى بؤرة الإهتمام لأن تشابه الكنى والألقاب والأسماء قد يوقع الخلط بين الرواى الصحيح والراوى الضعيف مما يؤدى إلى إسقاط حديث صحيح أو تصحيح حديث ضعيف
لهذا صنف علماء السنة كتبا مستقلة فى تلك الأمور ,
ولم يكتفوا فقط بإبراز تلك المسألة فى كتب الرجال الرئيسية , فهذا الذهبي ألف كتابا كاملا باسم المشتبه خصصه كله للأسماء والكنى التى وقع فيها التشابه ونقل فيها كيفية التمييز بينهم
بينما الشيعة خلطوا على عادتهم الحابل بالنابل وفى ذلك يقول عالمهم المامقانى بكتابه تنقيح المقال في علم الرجال ( 1 / 177)
( إنه في كثير من الأسانيد قد وقع غلط واشتباه في أسامي الرجال وآبائهم أو كناهم أو ألقابهم ) ،
ويقول عالمهم محمد الحسيني في كتابه المسمى ( بحوث في علم الرجال ) في الفائدة الرابعة :
( إن أرباب الجرح والتعديل كالشيخ النجاشي وغيرهما
لم يعاصروا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ومن بعدهم من اصحاب الأئمة عليهم السلام حتى تكون أقوالهم في حقهم صادرة عن حس مباشر
وهذا ضروري وعليه فإما ان تكون تعديلاتهم وتضعيفاتهم مبنية على امارات اجتهادية وقرآئن ظنية أو منقولة عن واحد بعد واحد حتى تنتهي الى الحس المباشر أو بعضها اجتهادية وبعضها الآخر منقوله ولا شق رابع ، وعلى جميع التقادير لا حجية فيها أصلاً فإنها على الأول حدسية وهي غير حجة في حقنا اذ بنا العقلاء القائم على اعتبار قول الثقة انما هو في الحسيات أو ما يقرب منها دون الحدسيات البعيدة وعلى الثاني يصبح أكثر التوثيقات مرسلة لعدم ذكر ناقلي التوثيق الجرح في كتب الرجال غالباً والمرسلات لا اعتبار بها
)

قديم 08-31-2010, 11:33 PM
المشاركة 20
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وهذا اعتراف صريح وواضح بأن مصنفات علم الرجال والتى هى عمود علوم الحديث والنقل والرواية والطريقة الوحيدة للتيقن من صحة صدور الروايات أو بطلانها , هى عند الشيعة عبارة عن أقوال مرسلة بلا معنى وبلا إسناد صحيح وأول مؤلفاتهم بها جاء مليئا بالعيوب فضلا على أنه مصنف بعد مائة وخمسين عاما من أقرب الرواة إلى عمر المؤلف الذى يعالج أحوالهم والمفروض أنه يبين موقفهم من الجرح والتعديل
هذا بالإضافة إلى أحوال أوثق رواة الشيعة وهم الرجال الذين تميزوا بين آلاف الرواة بالتوثيق المتواتر عند الشيعة ويعتبرون عندهم بنفس مكانة أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام عندنا !
وهؤلاء الرواة منهم زرارة بن أعين وجابر بن يزيد الجعفي وشيطان الطاق وبريد بن معاوية العجلى وغيرهم ,
هؤلاء الرواة عندنا نحن أهل فى حكم كتبنا الرجالية كلهم زنادقة وأجمعت كلمة المحقيين على ذلك ,
بينما هم عند الشيعة أوثق الرواة لا سيما زرارة بن أعين وجابر الجعفي ,
ورغم هذا الاعتقاد بالتوثيق فقد أوردت كتبهم الرجالية الأصلية مثل رجال الكشي روايات عن جعفر الصادق ومحمد الباقر تقول بلعن زرارة بن أعين عدة مرات على لسان الإمام الصادق بعد اكتشافه كذبه الصريح عليه
وفى نفس الكتاب نقل الكشي عن جابر بن يزيد الجعفي أنه روى عن محمد الباقر عليه السلام سبعين ألف رواية !
أكرر ,
روى سبعين ألف رواية عن الإمام الباقر ومثلها تقريبا عن جعفر الصادق وعندما سؤل عنه الصادق وعن مروياته أفاد بأنه لم يره عند أبيه الباقر إلا مرة واحدة وما دخل عليه ـ على جعفر الصادق ـ قط !!
فمن أين أتى جابر الجعفي بمائة وأربعين ألف حديث حدث بها عن الباقر والصادق ؟!

بالإضافة إلى حقيقة هامة يجدر بنا الإشارة إليها أن الأئمة من آل البيت المفترى عليهم مثل على زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق كلهم مدنيون فى المولد والوفاة ولم يحدث أن أقام أحد منهم بالعراق أو الكوفة مطلقا , ولا ثبت شيئ من هذا لا فى كتب السنة ولا الشيعة
والصادق زار العراق ونزل عند أبي جعفر المنصور ببغداد , بينما الرواة الشيعة الذين تعتمد الشيعة اليوم على مروياتهم ويتخذونها دينا كلهم بلا استثناء من الكوفة !
فمتى وكيف ومن أين استقي هؤلاء الكذابون الفجرة مئات الآلاف من الروايات الموجودة بقلب كتبهم ؟!
والأهم كيف وثق الشيعة أمثالهم واعتبرهم أصحاب الأئمة والناقلين الصادقين عنهم ؟!
ولو أردنا أن نلقي نظرة إلى منهج أهل السنة فى أمر معاصرة الراوى لمن ينقل عنه , سنجد أن أهل السنة قرروها كقاعدة صميمة فى الجرح والتعديل حيث أن أحد كبار علماء الجرح والتعديل عندنا صرح بأن المحدثين وعلماء الجرح والتعديل واجهوا كذب الرواة بالتاريخ
ومعنى هذا أنهم واجهوا إدعاء الرواة بالسماع عن طريق معرفة مواليد ووفيات من يروون عنهم فمن ثبت أنه روى عمن لم يلقه أو يعاصره ثبت كذبه
ولم يقتصروا فقط على شرط المعاصرة بل ضمنوه شروطا أهم تتمثل فى إمكانية اللقاء إذ أنه فى تلك العصور لم يكن السفر هينا فإذا روى أحد الرواة شيئا عن عالم بالشام بينما الراوى بالعراق ولم يثبت أنه غادرها تسقط روايته
أما عن كيفية إثبات أنه لم يغادرها فقد سبق أن شرحنا منهج بن عساكر فى تاريخ دمشق وهو نفس منهج بقية علماء الرجال حيث يسطرون تراجم الرواة بالمواليد والوفيات والرحلات أيضا !
فلنا أن نتخيل كيف قبل الشيعة روايات جابر وزرارة وهم بالإجماع كوفيون بينما الأئمة مدنيون ولو افترضنا أن هؤلاء الرواة كانوا يرحلون للحج فهل تكفي فترات الحج لينقل جابر الجعفي وحده عن الإمامين الباقر والصادق مائة وأربعين ألف رواية
وحتى ندرك استحالة ذلك بأى مقياس ,
يكفينا أن نعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم وهم الذين صحبوا النبي عليه الصلاة والسلام سنين حياته بعد الدعوة لو أننا أحصينا روايات أكبر المكثرين عنه ما تجاوزت أربعة آلاف حديث !
وها هو أبو هريرة رضي الله عنه الذى كان ملتصقا بالنبي عليه الصلاة والسلام منذ إسلامه وحتى انتقال النبي عليه الصلاة والسلام للرفيق الأعلى , بل وكان ـ كما يقول عن نفسه ـ مشغولا بجمع الحديث لا صناعة ولا هم له إلا هذا الأمر
ومع ذلك ما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من أربعة آلاف حديث بالمكرر
وعدد الصحابة رواة الألوف لا يزيد على أصابع اليد الواحدة بينما أكثرهم روى العشرات والبعض الآخر روى المئات التى لا تتعدى خمسمائة حديث ,
كل هذا وفيهم من صحبه طيلة سنوات الدعوة قائما وقاعدا مجاهدا وعابدا ولم يتركوه طيلة ثلاثة وعشرين عاما وليس من بينهم صحابي واحد روى أكبر من الأربعة آلاف
فكيف روى جابر الجعفي الكوفي عن الإمامين الباقر والصادق سكان المدينة مائة وأربعين ألف رواية ؟!

ومن المضحكات المبكيات حقيقة أن عالما من علماء الشيعة مثل عبد الحسين شرف الدين لم يستح أو يدارى خيبته الثقيلة فصنف كتابا للطعن على أبي هريرة رضي الله عنه وزعم فيه أنه كان يكذب على النبي عليه الصلاة والسلام
ودلل على ذلك بأنه روى أربعة آلاف حديث فى فترة صحبته للنبي عليه الصلاة والسلام وهو عدد كبير ـ فى نظره ـ لو قسناه بالفترة التى عاشها أبو هريرة مع النبي عليه الصلاة والسلام رغم أنها قرابة عشرين عاما !

الأسئلة المعلقة !


نأتى فى نهاية هذا الفصل لطرح التساؤلات التى طرحناها وطرحها العلماء الأفاضل من المتصدين لكشف عوار هذا المعتقد ولم يجدوا من الشيعة جوابا لا صريحا ولا تلميحا ,
باختصار لأنها أسئلة قاصمة لظهر المعتقد كله , ومنها ,
أولا : من أين أتيتم بالقرآن لكريم , وكيف يكون القرآن الكريم مفقود الإسناد عندكم من طرق الأئمة المعصومين وهو أكبر الدين وأول العلم , وإذا لم تأخذوه عن آل البيت فمن أين أخذتموه ؟!
ثانيا : وثقتهم فى رجالكم الفاسق والكافر ومن تعتقدون ضلاله المبين واعتبرتهم هؤلاء الحفنة من شراذم الرجال هم أصحاب الأئمة المعصومين الناقلين لعلمهم , رغم الإيمان التام لديكم بفساد هؤلاء النقلة
فى نفس الوقت الذى كفرتم فيه الصحابة العدول بنص القرآن الكريم ورفضتم رواياتهم للدرجة التى دفعت زنديقا مثل عبد الحسين شرف الدين أن يقول أن مرويات الصحابة من أمثال أبي هريرة ليس لها عند الإمامية مقدار بعوضة ؟!
فما هى الروايات المعتد بها عندكم إذا ؟!
روايات زرارة بن أعين النصرانى الذى لعنه الإمام الصادق ونعته بأنه ألعن من اليهود والنصاري , أم روايات جابر الجعفي الذى روى مائة وأربعين ألف حديث عن إمامين لم يقلق إلا أحدهما ولجلسة واحدة فقط لا غير !
ثالثا : أتباع من أنتم بالضبط ؟!
تقولون أنكم مسلمون وتتبعون أهل البيت , فمن المرسل من عند الله عز وجل , ومن نبي الأمة
محمد عليه الصلاة والسلام أم جعفر الصادق رضي الله عنه .؟!
والسؤال منطقي ,
لأن كتب الشيعة المعتمدة لا تنقل شيئا إلا عن جعفر الصادق وحده حتى أنهم تسموا بالجعفرية نسبة لجعفر الصادق , ومرويات بقية الأئمة إلى جوار روايات جعفر الصادق لا تعدل إلا قطرة فى بحر !
فلماذا اختص جعفر الصادق وحده بنقل هذا الكم الهائل من الدين , وأين هى مرويات بقية الأئمة الذين هم أئمة معصومون مثل جعفر وقاموا بالدين مثله كما تزعمون ,
والأخطر ,
أين تراث وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ؟!
وكيف يكون هو صاحب الشريعة وإمام الأئمة ورواياته فى أعظم كتبكم الكافي لا تتعدى ستة وستين حديثا من مجموع ستة عشر ألف حديث تقريبا احتواها الكتاب
معظمها لجعفر الصادق بنسبة خمسة وتسعين بالمائة على الأقل ولا توجد فيها روايات لفاطمة الزهراء أو لعلى بن أبي طالب أو للحسن أو للحسين رضي الله عنهم إلا بمقدار العشرة أو العشرين
فإذا كنتم بلا قرآن ولا سنة فمن أين أخذتم الإسلام يا ترى ؟!
رابعا : يعجز الشيعة حتى يومنا هذا من إثبات حديث واحد صحيح متصل السند ولو على شروطهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام , وكل رواياتهم عنه موقوفة مقطوعة عند جعفر الصادق ؟!
فأين تراث السنة أين المصدر الثانى للتشريع ؟!
والأطم من ذلك أنهم يدعون اتباعهم لآل البيت ورغم هذا لا يوجد عندهم كتب جامعة لسيرة المصطفي عليه الصلاة والسلام أو حتى سيرة الأئمة إلا فيما ندر
, فى حين أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام تمثل قسما بأكمله عند أهل السنة اسمه ( السير والمغازى ) يتعرض أصحابه أول ما يتعرضون لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام وأحواله وصفاته وغزواته .. الخ
خامسا : فى نفس الوقت الذى رفض فيه الشيعة الاثناعشرية سنة الصحابة التى نقلناها بأسانيد متصلة صحيحة إلى النبي عليه الصلاة والسلام ,
لم يكتفوا بأن يقبلوا روايات الوضاعين والكفار والزنادقة فحسب , بل تجاوزا الأمر إلى اعتبار الخرافات التى يرفضها العقل السليم مصدرا رئيسيا للتشريع
ومنها ما يسمى برقاع وتوقيعات المهدى المنتظر التى وقعها وأخرجها عبر سفرائه الأربعة فى فترة الغيبة الصغري التى امتدت لسبعين عاما ,
حيث كان السفراء واحدا بعد الآخر يدخلون على المهدى حاملين أسئلة الناس فتخرج التوقيعات بخط المهدى ـ فيما يزعمون ـ لتحمل الأوامر بالفتوى والدين !!!
رقاع أصحابها مقطوع بأنهم زنادقة أفاكون استغلوا جهل العوام ليأكلوا أموال الناس بالباطل ومع هذا فتلك الرقاع المزورة مصدر هام من مصادر التشريع عندالشيعة الإثناعشرية وبإجماع علمائهم ؟!
ولم يقف الأمر عند الحد بل تمادوا إلى حد مضحك ,
ففي فترة الغيبة الكبري التى لا يوجد فيها سفراء للمهدى ينقلون إليه أسئلة السائلين , ابتكر علماء الشيعة نظرية تقول بأن الرقاع من الممكن أن تصل للمهدى من العوام مباشرة ,
قال بهذا الأقدمون وأيدهم المعاصرون من أمثال ياسر حبيب حيث نصح سائليه فى موقعه على الإنترنت باستخدام هذه الرقاع بالطريقة التى نصت عليها رواياتهم لتصل إلى المهدى وأوصاهم بها لأن المهدى ـ على حد قوله ـ ينظر لها بعين العطف
أما الطريقة الواردة فى كتبهم فهى أن يكتب الشيعي على رقعة ما يطلبه من المهدى ثم يلقي الرقعة فى بئر !
وستصل الرقعة للمهدى وإن كنا لا نعلم كيف ستصل ولا كيف سيأتى الجواب !
ولا ينبغي لنا أن نستغرب هذا المسلك مع عقول مريضة استعبدها أصحاب العمائم وعطلوا عقولهم تعطيلا تاما وخاطبوا فيهم غرائزهم على نحو جعل من الجمهور الشيعي عبارة عن أرض رملية تمتص فى يسر وسهولة كل مياه الخرافات التى يلقيها إليهم المعممون ,
وإلا فكيف يجرؤ على الكوارنى وكيل المرجع الأعلى الوحيد الخراسانى على أحاديث الخرافة علنا على الهواء للدرجة التى يستخف بها بعقول الناس فى قناة تليفزيونية فيفتيهم أن مثلث برمودا تلك البقعة الغامضة فى المحيط الأطلنطى عبارة عن قاعدة عسكرية للمهدى المنتظر !
كما جاء غيره فى تسجيل شهير فى موقع يوتيوب فقال بأن الولايات المتحدة عجلت بضربة العراق لخوفها من خروج الإمام المنتظر مما استدعى أن تبقي قريبة من موقع الحدث عند ظهوره !
وكما قال رئيس إيران الحالى أحمدى نجاد ذو الأصول اليهودية أنه مختار من قبل الإمام المهدى وواجه خصومه بذلك
وصدق المثل القائل ,
إذا ضعفت النفس استسلمت للخرافة ,

ويتبقي الفصل الأخير فى هذا القسم من الكتاب وسنخصصه إن شاء لبعض الأصول الفقهية الشاذة عند الشيعة


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: شرح تلبيس إبليس لابن الجوزى
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكمة في التربية للامام ابن الجوزي ياسر حباب منبر مختارات من الشتات. 7 03-09-2020 07:07 PM
تلبيس إبليس على الصوفية ( للإمام ابن الجوزي) عمرو مصطفى منبر الحوارات الثقافية العامة 28 11-14-2019 03:04 AM
أبو الفرج بن الجوزي أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 11-02-2016 10:10 PM
نصائح لابن الجوزي . ماجد جابر منبر الدراسات النحوية والصرفية واللغوية 13 05-14-2013 04:51 AM
حماة العربية في بلبيس محمد صلاح جمالى منبر مختارات من الشتات. 1 07-11-2011 11:23 AM

الساعة الآن 02:42 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.