فى الكتاب الأول من قصه (متفكك) تعرفنا على قصص كل من ريسا و كونر و ليف و كيف انتهى الأمر بهم فى مسيرتهم التى فرضها عليهم عرف المجتمع المُسمى بالتفكيك.
كونر فقد غحدى عينيه و احدى ذراعيه و تم استبدالهم بغيرهم و بشكل ما حصل على هوية شخص بالغ تنجيه من طائل التفكك.
و ريسا تعرضت لحادث إرهابى كان ليف احد المخططين له و على إثره تعرضت للشلل و رفضت الخضوع لعمليه لأنها ترفض الفكرة, و ليف تم القبض عليه و وضعه فى منشأة خاصه لاحتواء دمه المتفجر و تمت معالجته و وضعه تحت الإقامه الجبريه لدى أخيه الأكبر.
أهلا بكم فى الكتاب الثانى ( غير مكتمل )
____________________________________
الجزء الأول (اعتداءات)
الطريقة الوحيدة للتعامل مع عالم غير حر هى أن تصبح حرا كليا حتى يصبح مجرد وجودك تمرد.
_ ألبرت كاموس
_____
ستاركى
كان يكافح كابوس حين أتوا من أجله.
فيضان كبير يجتاح العالم, وفى وسط الأمر كله, ينهشه دب. هو منزعج أكثر من كونه خائفا. كما لو أن الفيضان ليس كافٍ, فعلى عقله السحيق المظلم أن يرسل دب أشيب غاضب ليمزقه إربا.!
ثم يُجر من قدميه أولاً من مخالب الموت وكارثة الغرق.
“انهض! الآن! لنذهب!”
يفتح عينيه فى غرفه مضائه بالكامل كان مُفترض ان تكون مظلمة. شرطيا أحداث يتعاملان معه,ممسكان ذراعيه ومانعينه من القتال حتى قبل أن يكون مستيقظ بما يكفى ليحاول.
“لا! توقفوا! ما هذا؟”
أصفاد. أولا المعصم الأيمن, ثم الأيسر.
“على قدميك!”
و يسحباه على قدميه كما لو كان يقاومهم.. كان سيفعلها لو كان أكثر استيقاظا.
“اتركونى وشأنى! ماذا يحدث؟”
لكن فى لحظة هو مستيقظ بما يكفى ليعرف تماما ماذا يحدث. إنه اختطاف. لكن لا يستطيع تسميته اختطاف حين يتم توقيع أوراق النقل فى نسخة ثلاثية.
“أكد شفويا أنك ماسون مايكل ستاركى.”
يوجد شرطيان. واحد قصير وعضلى, الآخر طويل و عضلى. على الأرجح بويف لدى الجيش قبل أن يعملا فى شرطة تجميع الأحداث. يتطلب الأمر نسل خاص عديم القلب لتكون شرطى أحداث, لكن أن تتخصص فى التجميع فعلى الأرجح عليك أن تكون عديم الروح أيضا...
حقيقه أنه يتم القبض عليه للتفكيك تصدم و ترعب ستاركى, لكنه يرفض إظهار ذلك, لأنه يعرف أن من يجمعوا المتفككين يُثاروا من خوف الآخرين.
القصير, الذى من الواضح هو الفم المتكلم فى هذا الثنائى, يقف فى وجهه ويكرر:” أكد شفويا أنك ماسون مايكل ستاركى!”
“ولماذا قد أفعل ذلك؟”
“يا فتى,” يقول المجمع الآخر:”يمكن أن يتم هذا بسهوله أو بصعوبه,لكن فى كلتا الحالتين فسوف يتم.” الشرطى الآخر كلامه أكثر رقه بزوج شفايف من الواضح أنهم ليسوا ملكه.. فى الواقع, يبدوان أنهما أتيا من فتاة.”العملية ليست صعبة للغاية, لذا فقط امتثل للنظام.”
هو يتحدث كما لو أن على ستاركى أن يعرف بقدومهم, لكن من هذا المتفكك الذى يعرف حقا؟ .. كل متفكك يؤمن فى قلب قلبه أنه لن يحدث له.. أن والداه, بغض النظر عن مدى تأزم الأمور.. سيكونوا بالذكاء الكافى لكيلا يصدقوا إعلانات الشبكة و التلفاز و شاشات العرض التى تقول أشياء مثل:(التفكيك: الحل الرشيد.)
لكن من يخدع ؟ حتى بدون مداهمات الإعلام المستمرة, فستاركى كان مرشح محتمل للتفكيك من اللحظة التى وصل فيها لعتبه الباب. ربما عليه أن يتفاجئ أن والديه انتظرا كل هذا الوقت..!
الآن الثرثار يدخل أكثر فى مساحته الشخصيه :”للمره الأخيرة, أكد شفويا أنك...”
“نعم, نعم, ماسون مايكل ستاركى. الآن اغرب عن وجهى, فرائحه أنفاسك نتنه.”
بهويته المؤكده شفويا, ذو الشفاه الأنثويه يسحب وثيقه فى ثلاث نسخ: أبيض وأصفر و وردى.
“إذا أهكذا تفعلوا الأمر؟” يسأل ستاركى. وصوته يبدأ فى الارتجاف:” تعتقلونى؟ ماهى جريمتى؟ كونى فى السادسه عشر؟ أو ربما هى فقط كونى هنا على الإطلاق.”
“اهدأ-وإلا-خدرناك,” يقول الثرثار, كما لو كانت كلمة واحدة.
جزء من ستاركى يريد أن يُخدر.. فقط يذهب للنوم ولو كان محظوظ, لا يستيقظ أبدا. بتلك الطريقه فلن يكون عليه مواجهة الإذلال التام بأن ينزع من حياتة فى منتصف الليل.
لكن لا..
هو يريد أن يرى وجه والديه. أو بشكل أدق, يريدهم أن يروا وجهه, ولو كان متخدرا, سيخرجان من الموضوع بسهولة. لن يكون عليهم النظر لعينيه.
ذو الفم الأنثوى يحمل أمر التفكيك أمامه ويبدأ فى قراءة القطعة التاسعة الغير مشهورة, (بند الإبطال):
“ماسون مايكل ستاركى, بتوقيع هذا الأمر, فوالديك و/أو أوصيائك القانونيين قد قرروا أن ينهوا بقائك بصورة رجعية,رجوعا إلى سته أيام بعد الحمل, تاركينك فى انتهاك لكود البقاء رقم ثلاثمائه وتسعون. وفى ضوء هذا, أنت بهذا ستحبس احتياطيا لدى سلطه أحداث كاليفورنيا لأجل تقسيم عاجل,المعروف أيضا بالتفكيك.”
“بلا, بلا, بلا.”
“أى حقوق أُعطت لك سابقا من الدولة والولاية أو الحكومة الفدرالية كمواطن طبقا للسابق فهى رسميا و أبديا ملغية.”
ويطوى أمر التفكيك ويدفعه فى جيبه.
“مبروك يا سيد ستاركى,” يقول الثرثار.”أنت غير موجود بعد الآن.”
“إذا لماذا تتكلم معى؟”
“لن نفعل لوقت أطول,”ويجرانه نحو الباب.
“هل بإمكانى على الأقل لبس حذاء؟”
يتركاه يذهب ولكن يُبقيا على حذرهم.
يأخذ ستاركى وقته الثمين فى ربط حذائه. ثم يسحباه خارج غرفته و لأسفل السلالم. شرطة الأحداث لديها أحذية ثقيلة تحاكى خشب درجات السلم. ثلاثتهم يبدون كقطيع ماشيه بينما يتجهان للأسفل.
ينتظره والداه فى الردهة. إنها الثالثه صباحا, لكنهم مازالا فى ثيابهم الرسمية. كانا مستيقظان طوال الليل يترقبان هذا.يرى ستاركى الكرب فى وجوههم, أو ربما هو الارتياح, من الصعب القول. يشحذ مشاعرة الخاصة, مخفيهم وراء ابتسامة ساخرة:” مرحبا أمى! مرحبا أبى!” يقولها بمرح:”حزرا ما قد حدث لى للتو؟ سأعطيكم عشرين تخمين لتكتشفوا الأمر!”
يأخذ والده نفس عميق, مستعدا لإطلاق خطبة التفكيك العظيمة التى يحضرها كل والد لفتى مشاكس. حتى لو لم يكن سيستخدماها أبدا, مازالوا يحضروها. يمرروا الكلمات عبر عقولهم فى استراحة الغذاء, أو بينما يجلسوا فى الزحمة المرورية, أو بينما يستمعا لأحد الرؤساء الحمقى يهذى عن نقاط الأسعار والتوزيع, وأي حماقات يعقد الناس فى المكاتب اجتماعات بشأنها.
ماذا كانت الإحصائيات؟ رآها ستاركى فى الأخبار ذات مره.كل عام فكرة التفكيك تمر فى عقول واحد من كل عشرة آباء. منهم, واحد من عشرة يفكر بها بجدية, ومنهم واحد من عشرين يكمل بها حقا.. و تتضاعف الاحصائيات بكل طفل إضافى تمتلكه العائله. احسب تلك الأرقام المثيرة, و واحد من كل ألفين فتى بين سن الثالثه عشر و السابعه عشر سيتم تفكيكه كل عام.
احتمالات أفضل من الياناصيب.. وهذا حتى لا يتضمن الأولاد فى منازل الولايات.
والده, محافظا على مسافته.. يبدأ خطبته.
“ ماسون, أليس بإمكانك رؤيه أنك لم تترك لنا خيار آخر؟”
يمسكه الشرطيان بحزم فى أسفل السلالم لكن لا يصنعا حركه لإخراجه. يعرفوا أن عليهم السماح بالطقس الأبوى فى المرور: التذكرة اللفظيه للخروج من الباب.
“الشجارات .. المخدرات.. السيارة المسروقة.. والآن مطرود أيضا من مدرسة أخرى . ما التالى يا ماسون؟”
“ممم, لا أعرف يا أبى. يوجد خيارات سيئة عديدة بإمكانى اتخاذها.”
“ليس بعد الآن. نحن نهتم بك بما يكفى لننهى خياراتك السيئه قبل أن تنهيك هى.”
يجعله هذا فقط يضحك بصوت عالى.
ومن ثم يوجد صوت من أعلى السلالم:” لا! ليس بإمكانكم فعل هذا!”
اخته جينا _ابنة والديه البيولوجية_ تقف أعلى الدرج فى ملابس نوم على شكل دب التى هى أكبر من أن تلائم سنواتها الثلاث عشر.
“عودى للسرير يا جينا.” تقول أمهم.
“ أنتم تفككانه فقط لأنه كان ستورك, وهذا غير عادل! و تماما قبل الكريسماس أيضا! ماذا لو كنت أنا ستورك؟ هل كنتم ستفككانى أيضا؟”
“نحن لن نحظى بتلك المحادثة.” يصرخ والدهم, بينما تبدأ أمهم بالبكاء:” عودى للسرير!”
لكنها لا تفعل. تعقد ذراعيها وتجلس أعلى الدرج فى تحد, شاهدة على الأمر كله.
جيد لها.
دموع والدته مخلصة, لكنه غير متأكد إن كانت تبكى لأجله أو لأجل بقية العائلة.
“كل تلك الأشياء التى تفعلها, أخبرنا الجميع أنها صرخات للمساعدة,” تقول:”إذا لماذا لم تتركنا نساعدك؟”
يريد أن يصرخ. كيف بإمكانه بأى شكل أن يشرحه لهم إن كانا لا يريا؟ هم لا يعرفان شعور أن تعيش سته عشر عاما من الحياة مدركا أنك لم تكن مرغوب, طفل غامض من عرق مختلط متروك على عتبه باب زوجان أبيضان لدرجة الشحوب, كان بإمكانهم أن يكونا مصاصا دماء.
أو أن تظل تذكر ذاك اليوم حين كنت فى الثالثه و والدتك, مخدرة بمسكنات الألم من عملية اختك القيصيريه, أخذتك لمركز الإطفاء وترجتهم أن يأخذوك بعيدا ويجعلوك وارد تابع للولايه.
أو ماذا عن معرفتك فى كل صباح يوم الكريسماس أن هديتك لن تكون بهجه لكن إلزام؟ وأن عيد ميلادك ليس حقيقياً حتى, لأنهم لا يستطيعوا تحديد متى ولدت, فقط اليوم الذى تُركت فيه على ممسحة الاستقبال .. ممسحه استقبال أخذتها أم جديدة باسمها حرفيا.!
وماذا عن السخرية من الأولاد الأخرين فى المدرسه؟
فى الصف الرابع تم استدعاء والدى ماسون لمكتب المدير.لقد قلب فتى من أعلى منصه جدار التسلق فى صالة الرياضة. عانى الفتى من ارتجاج وذراع مكسور.
“لماذا يا ماسون؟” سأله والداه, هناك تماما أمام المدير:” لماذا فعلتها؟”
أخبرهم أن الفتيه الأخرون كانو يطلقون عليه ستوركى بدلا من ستاركى, وأن هذا الفتى كان من بدأ الأمر. لقد اعتقد بسذاجه أنهم سيقفان للدفاع عنه, لكنهم أهملا الأمر كما لو كان لا يهم.
“كان بإمكانك قتل هذا الفتى.”وبخه والده:” ولماذا؟ بسبب الكلمات؟ الكلمات لا تؤذيك.” التى هى من ضمن أكبر الأكاذيب الإجرامية التى يحيكها البالغون للأطفال فى هذا العالم.
لأن الكلمات تؤذى أكثر من أى ألم جسدى.
كان سيأخذ الارتجاج و الذراع المكسور بصدر رحب فى مقابل ألا يتم اعتبارة فتى ستورك ثانيه أبدا. لكن فى النهاية, تم إرساله لمدرسة مختلفة وتم أمره بمشورة نفسية إلزامية.
“فكر فيما فعلت,” قد قال له مديرة القديم. وفعل كما أُمر, كفتى صغير مطيع. أعطى الأمر تفكيرا شديدا وقرر أنه كان يجب أن يجد منصة أعلى ليلقيه من عليها.
إذا كيف تبدأ حتى بشرح هذا؟ كيف تشرح حياة من الظلم فى الوقت الذى ستأخذك فيه شرطه الأحداث عبر الباب؟ الإجابه سهله: أنت لا تحاول ذلك حتى..!.
“أنا آسف يا ماسون,” يقول والده,بالدموع فى عينه أيضا:” لكنه أفضل للجميع هكذا. حتى أنت.”
يفهم ستاركى أنه لن يجعل والديه يفهما أبدا, لكن إن لم يوجد حل آخر, فستكون له الكلمة الأخيرة.
“يااه .. أمى, بالمناسبه... سهرات أبى فى المكتب ليست حقا فى المكتب. هى مع صديقتك نانسى.”
لكن حتى قبل أن يبدأ بالتلذذ من صدمة تعابير والديه, خطر بباله أن تلك المعرفة السرية كان يمكن أن تكون ورقة مساومة. لو أخبر والده أنه يعرف, كانت ستكون بمثابة حماية مصفحة من التفكيك! كيف له أن يكون بهذا الغباء لئلا يفكر بهذا حين كان يهم؟
لذا فى النهاية ليس بإمكانه حتى أن يستمتع بانتصارة الصغير المر بينما تصحبه شرطة الأحداث فى ليلة ديسمبر باردة.
__
إعلان
هل لديك مراهق مضطرب؟ لا يبدو أنه يندمج؟ كسول وغاضب؟ عرضة للتصرفات المتسرعة و أحيانا الخطيرة؟ هل يبدو مراهقك أنه لا يطيق العيش فى جسدة أو جسدها الخاص؟
يمكن أن يكون أكثر من مجرد تمرد مراهقه بسيط.
قد يكون طفلك يعانى من اضطراب انعدام توحيد النظام الحيوي أو (بى دى دى).
حسنا, الآن يوجد أمل!
خدمات هافن للحصاد لديها مخيمات شباب خمس نجوم عبر البلاد, سوف تأخذ الأغضب والأكثر عنفا والمصابون باختلال (بى دى دى) وستريحهم بحرص نحو حالة مقسمة هادئة.
اتصل الآن لاستشارة مجانية.. المستشارون مستعدون!
خدمات هافن للحصاد..
حين تحبهم بما يكفى لتتركهم يذهبوا.
_____
سياره شرطه الأحداث تغادر الممر مع ستاركى محبوس فى المقعد الخلفى خلف عازل مضاد للرصاص.
يقود الثرثار بينما ذو الفم الأنثوى يقلب عبر ملف سميك.
لا يتخيل ستاركى أن حياته قد تملك كل تلك المعلومات.
“يقول هنا أنك سجلت ضمن العشرة الأوائل فى اختباراتك فى طفولتك المبكرة.” يحرك الثرثار رأسه فى تقزز:”يالها من مضيعة.”
“ليس حقا,” يقول ذو الفم الأنثوى:”كثير من الأفراد سيحظوا بمنافع ذكائك يا سيد ستاركى.”
الاقتراح يسبب له قشعريره غير لطيفه, لكنه يحاول ألا يظهرها:”أحب تلك الشفاة المزروعة يا صاح,”يقول ستاركى:”ما القصة. هل أخبرتك زوجتك أنها تُفضل أن تقبل امرأه؟”
يبتسم الثرثار بينما لا يقول ذو الفم الأنثوى شيئا.
“لكن كفى بالخدمة الشفوية,” يقول ستاركى:”أنتم أيها الفتيه جائعون؟ لأننى قد أذهب لوجبة خفيفة فى منتصف الليل الآن. القليل من إن-أن-أوت؟ ما قولكم؟”
لا إجابة من المقعد الأمامى. ليس أنه يتوقع واحدة, لكنه دائما مرح أن تعبث بقوى القانون وترى ما يتخذة الأمر لتهييجهم. لأنهم لو انزعجوا, حينها يربح.
ما كانت تلك القصه عن هارب أكرون؟ ماذا كان يقول دائما؟ آه صحيح,(جوارب لطيفه) بسيطه و راقيه, لكنها دائما ما قللت من ثقه أى شخص ذو سلطه زائفه.
هارب آكرون.. الآن كان يوجد متفكك! بالتأكيد قد مات فى الهجوم على مخيم حصاد هابى جاك منذ تقريبا سنه, لكن اسطورته تحيا.
يتوق ستاركى لنوع سوء السمعة التى يمتلكها كونر لاستر.
فى الحقيقة .. يتخيل ستاركى شبح كونر لاستر يجلس بجواره, مقدرا أفكارة وكل تصرفاتة.. ليس فقط داعما, لكن موجها ليد ستاركى .. يلوى أصفاده لأسفل نحو حذائه الأيسر.. منخفض بما يكفى لإمساك السكين من البطانة.
السكين التى احتفظ بها من أجل مناسبات خاصة كتلك.
“بعد التفكير فى الأمر, فبرجر إن-أن-أوت يبدو جيد تقريبا الآن,” يقول ذو الفم الأنثوى.
“رائع.” يقول ستاركى:” يوجد واحد تماما على اليسار. اطلبلى دابل دابل, اسلوب حيوانى و بطاطس حيوانيه أيضا, لأنه, هاى.. أنا حيوان.”
هو مذهول لأنهم دخلوا فعلا فى صف الطلب بالسيارات. يشعر ستاركى كسيد الاقتراحات اللاشعورية, بالرغم من أن اقتراحة ليس لاشعوريا لتلك الدرجة. مازال, هو يتحكم فى الشرطيين... أو على الأقل يعتقد ذلك حتى يطلبا وجبات لأنفسهم ولاشئ له.
“هاى! ما الأمر؟” ويميل بكتفه نحو الزجاج الذى يفصل عالمهم عن عالمه.
“سيطعموك فى مخيم الحصاد,” يقول ذو الفم الأنثوى.
فقط الآن يفهم كليا أن الزجاج العازل لا يفصله فقط عن الشرطة, إنه حاجز بينه و بين أى جزء من العالم الخارجى.
لن يتذوق طعامه المفضل مجددا. لن يزور أماكنه المفضلة أبدا. على الأقل ليس ك(ماسون ستاركى) .وفجأة يشعر كأنه سيرجع كل شئ أكله,
عودة لسته أيام بعد الحمل.
الصرافة الليلية فى نافذة ممر الطلبات فتاة يعرفها ستاركى من مدرستة السابقة. بينما يراها, فوضى من المشاعر التامة تعبث بعقله. بإمكانه فقط التوارى فى ظلال المقعد الخلفى, آملا ألا يُرى, لكن هذا سيشعره بالشفقة. لا, هو لن يكون مثير للشفقة. لو كان سيسقط, إذا سيسقط بنيران يجب أن يراها الجميع.
“هاى يا أماندا, هلا ذهبتى معى للحفل الراقص؟” يصرخ بعلو كافى ليُسمع عبر حاجز الزجاج السميك.
تنظر آماندا لناحيته, وحين تعرف من يكون, ترفع أنفها كما لو اشتمت رائحة شئ عفن على الشواية:”ليس فى تلك الحياة يا ستاركى.”
“لم لا؟”
“أولا, أنت طالب فى السنه الثانية,وثانيا, أنت فاشل فى مؤخرة سيارة شرطة. وعلى أيه حال, ألا يملكون حفلاتهم الخاصه فى المدارس البديلة؟” ... هل بإمكانها أن تكون أكثر غباءً؟
“أوه, كما ترى, لقد تخرجت.”
“كف عن الصياح, يقول الثرثار:”وإلا فككتك الآن بداخل البرجر.”
أخيرا تفهم آماندا,وفجأه تصبح خجوله قليلا:” أوه! أوه, أنا آسفه يا ستاركى, أنا آسفة حقا....”
الشفقة هى شئ لا يطيقه ماسون ستاركى:”آسفة على ماذا؟ أنتى وأصدقائك رفضتوا إعطائى وقتكم فى اليوم السابق, لكنك الآن آسفة لأجلى؟ وفريه.”
“أنا آسفة, أعنى.. آسفة لكونى آسفة.. أعنى....” تتنهد فى سخط وتستسلم, وتسلم ذو الفم الأنثوى كيس طعام:” هل تريدون كاتشاب؟”
“لا, نحن بخير,”
“يااه آماندا!” يصرخ ستاركى بينما يسيروا بعيدا:” لو تريدين حقا فعل شئ لى, فاخبرى الجميع أننى سقطت و أنا أقاتل, هلا فعلتى؟ أخبريهم أننى تماما كهارب آكرون.”
“سأفعل يا ستاركى,” تقول:”أعدك.”
لكنه يعرف أنه ستنسى بحلول الصباح.
بعد عشرين دقيقه يلتفتون فى الزقاق الخلفى لحجز المقاطعة. لا يذهب أحد من الباب الأمامى, وبالتأكيد ليس المتفككون. سجن المقاطعة فيه جناح للأحداث, وخلف الجناح يوجد صندوق خاص بداخل صندوق حيث يحتفظوا بالمتفككين المنتظرين للنقل.
ستاركى كان بداخل الأحداث بصورة معتادة حتى يدرك أنه ما أن تصبح فى زنزانة المتفككين, فقد تم الأمر.. نهاية القصة. حتى السجناء المحكوم عليهم بالإعدام ليس لديهم مثل تلك الحراسة الشديدة.
لكنه ليس فيها بعد. هو مازال هنا, فى السيارة, منتظرا أن يُنقل للداخل.
هنا تماما حيث يكون هيكل سفينة أولئك الحمقى أرق ما يكون, ولو كان سيُغرق مخططاتهم, فيجب أن يحدث هذا بين السيارة والباب الخلفى لسجن المقاطعة.
بينما يستعدا ل(مشية المجرم) يفكر حول فرصة فى الهرب, لأنه بنفس درجة تخيل والديه لتلك الليله, فعل هو أيضا, وصنع عشرات خطط الهرب الباسلة. لكن الأمر هو, حتى أحلام يقظتة مُهلكة. فى كل تخيل ملئ بالتوتر, هو دائما يخسر, يتم تخديرة و يستيقظ على طاولة عمليات.
بالتأكيد يقولوا أنهم لا يفككوك مباشرة, لكن ستاركى لا يصدق هذا. لا أحد يعرف حقا ماذا يحدث فى مخيمات الحصاد, وهؤلاء من يكتشفوا ليسوا حقا فى الجوار ليشاركوا الخبرة.
يسحباه خارج السيارة و يحاصراه من جانبيه, يمسكان عضدة بقوة. هم متمرسون فى تلك المشيه. ويمسك ذو الفم الأنثوى ملف ستاركى السميك فى يده الأخرى.
“إذا,” يقول ستاركى:” هل يظهر هذا الملف هواياتى؟”
“على الأرجح,” يقول ذو الفم الأنثوى, غير مهتما بأيه حال.
“ربما كان عليك قرائته باهتمام أكبر, لأنه حينها سنملك شيئا لنتحدث حوله.” ويبتسم,:”أنت تعرف, أنا جيد جدا فى السحر.”
“أهذا صحيح؟”يقول الثرثار بابتسامة ساخرة:”سئ جدا أنك لا تستطيع إخفاء نفسك.”
“من قال أننى لا أستطيع؟”
ثم ,فى أبهى أساليب هودينى, يرفع يده اليمنى, مظهرا أن الأصفاد ليست عليها بعد الآن. لكنها تتدلى بحريه من يده اليسرى.
قبل حتى أن يتصرفا, يزلق ستاركى السكين التى استخدمها لفك القفل من كمه, ويمسكها فى يده,ويشق وجه ذو الفم الأنثوى.
يصرخ الرجل,ويسيل الدم من الجرح ذو الأربعه إنشات.
الثرثار, لمرة فى حياته البائسة فى الخدمة العامة السيئة, لا يجد ما يقوله. يمد يده لسلاحة, لكن ستاركى قد هرب بالفعل, متعرجا فى الزقاق الظليل.
“يااه!” يصرخ الثرثار:” أنت فقط تجعل الأمور أسوأ بالنسبه لنفسك.”
لكن ماذا سيفعلوا؟ سيوبخوه رسميا قبل أن يفككوه؟ بإمكان الثرثار أن يتكلم كما شاء, لكنه لا يملك أى سلطة مساومة.
يدور الزقاق لليسار ثم اليمين كمتاهة, كل هذا بجواره الحائط الجدارى الطويل المهيب لسجن المقاطعة.
أخيرا بلتف لزاوية أخرى ويرى شارع أمامه. يسرع للأمام, لكن ما أن يوشك على الشارع, يمسكه الثرثار.
بطريقة ما فقد وصل لهنا قبل ستاركى. هو متفاجئ, لكن ليس عليه ذلك. لأنه أليس كل متفكك يحاول الفرار؟ وأليس بإمكانهم بناء زقاق ملتوى مصمم خصيصا لإضاعه وقتك وإعطاء رجال الشرطة الأفضلية حتى لا يخسروا أبدا؟
“لقد انتهيت يا ستاركى!” ويسحق معصم ستاركى بقوة كافية ليوقع السكين ويلوح بغضب مهددا بمسدس تخدير باعث للسعادة:” انزل على الأرض وإلا سيُطلَق هذا فى عينك!”
لكن ستاركى لا ينزل للأرض. لن يذل نفسه أمام هذا البلطجى القانونى.
“افعلها!” يقول ستاركى:” خدرنى فى عينى واشرح لمخيم الحصاد لماذا البضاعة متضررة.”
يلفه الثرثار ويدفعه نحو الحائط الجدارى, بقوة كافية ليجرح ويرض وجهه:” لقد اكتفيت منك يا ستاركى, أو ربما على أن أدعوك ستوركى” ويضحك الثرثار, كما لو أنه عبقريا. كما لو أن كل أحمق فى العالم لم يدعوه بهذا مسبقا,”ستوركى!” ويصهلل:” هذا اسم أفضل من أجلك,أليس كذلك؟ هل يعجبك يا ستوركى؟”
الدم يغلى أسخن من الماء. بإمكان ستاركى أن يجزم بهذا, لأنه بالغضب المدر للأدرينالين, يضرب الثرثار بكوعه فى أمعائة ويلتف حوله ممسكا بالمسدس.
“أوه لا, أنت لن تفعل.”
الثرثار أقوى.. لكن ربما أسلوب الحيوانات يغلب القوة.
المسدس بينهم. موجه نحو فك ستاركى, ثم لصدره, ثم نحو أذن الثرثار, ثم أسفل ذقنه. كلاهما يتصارع على الزناد و.... بلاام!
صدمة ارتجاج الضربة تدفع ستاركى للخلف نحو الجدار.
دماء! دماء فى كل مكان! المذاق الحديدى لها فى فمه, و رائحة دخان المسدس اللاذعة و....
لم يكن هذا مسدس تخدير! كان حقيقى!
ويعتقد أنه على بعد مايكروثوان من الموت, لكن فجأه يدرك أن الدم ليس له.
أمامه, وجه الثرثار أحمر, فوضى مهشمة. يسقط الرجل, ميتا قبل أن يخبط الرصيف و... يا إلهى, كانت تلك رصاصة حقيقية. لماذا يمتلك شرطى أحداث
رصاصا حقيقيا؟ هذا غير قانونى!
بإمكانه سماع وقع خطوات حول الزاوية, والشرطى الميت مازال ميت, وهو يعرف أن العالم بأسره قد سمع دوى الرصاصة, وكل شئ متوقف على تصرفه القادم.
هو الآن فى شراكة مع هارب آكرون. حامى المتفككون الهاربون يراقبه من فوق كتفه. منتظرا ستاركى أن يتخذ خطوه, ويفكر.. ماذا كان سيفعل كونر؟
حينها تماما يأتى شرطى آخر من الزاوية, شرطى لم يراه من قبل ومصمم على عدم رؤيته مجددا.
يرفع ستاركى مسدس الثرثار و يطلق, محولا ما كان حادثه للتو إلى جريمه قتل.
بينما يهرب.. (يهرب حقا).. كل ما يفكر فيه هو طعم الانتصار الدموى, ومدى رضى شبح كونر لاستر عنه.