قديم 12-18-2011, 11:50 AM
المشاركة 141
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبيل سليمان

ولد في برج صافيتا عام 1945.

تلقى تعليمه في اللاذقية وتخرج في جامعة دمشق حاملاً الاجازة في اللغة العربية عام 1967.

عمل مدرساً وأسس دار الحوار للنشر في اللاذقية- متفرغ للكتابة منذ عام 1990.

عضو جمعية القصة والرواية.



مؤلفاته:

1- ينداح الطوفان- رواية - دمشق 1970.

2- السجن- رواية - بيروت 1972.

3- ثلج الصيف - رواية- دمشق 1973.

4- الأدب والأيدلوجيا في سورية ( بالاشتراك مع بوعلي ياسين )- بيروت 1974.

5- جرماتي- رواية - القاهرة- 1977.

6- النسوية في الكتاب المدرسي- دراسة- دمشق 1978 (الطبعة الثانية بعنوان : أيديولوجية السلطة، بحث في الكتاب المدرسي) 1988).

7- النقد الأدبي في سورية . ج1 - بيروت 1979.

8- معارك ثقافية في سورية (بالاشتراك مع بوعلي ياسين ومحمد كامل الخطيب)- بيروت 1979.

9- الماركسية والتراث العربي الاسلامي- 1980.

10- المسلة- رواية - بيروت 1981.

11- الرواية السورية- دراسة - دمشق 1983. (الطبعة الثانية بعنوان حوارية الواقع والخطاب الروائي 1998).

12- مساهمة في نقد النقد الأدبي- دراسة - بيروت 1983.

13- وعي الذات والعالم - دراسة - اللاذقية 1985.

14- هزائم مبكرة- رواية - دمشق 1985.

15- أسئلة الواقعية والالتزام - دراسة - اللاذقية 1985.

16- قيس يبكي- قصة- اللاذقية 1988.

17- في الابداع والنقد- دراسة- اللاذقية 1989.

18- مدارات الشرق- رواية- ج1- الأشرعة- اللاذقية 1990 - ج2 - بنات نعش- اللاذقية 1990- ج3 التيجان- اللاذقية 1993 - ج4- الشقائق- اللاذقية 1993.

19- أطياف العرش- رواية- دار الشروق - القاهرة 1995.

20- فتنة السرد والنقد - 1994.

21-- سيرة القارئ - 1996.

22- حوارات وشهادات- 1995.

23- الثقافة بين الظلام والسلام 1996.

24- بمثابة البيان الروائي 1998.
شكرا ياصديقي على هذه التحفه



قديم 12-18-2011, 11:52 AM
المشاركة 142
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تجربة نبيل سليمان الروائية في مهرجان صدد

ثناء السبعة

تضمن اليوم الثالث من مهرجان بلدة صدد أمسية موسيقية لنادي دوحة الميماس الحمصي وأمسية للفنان شربل روحانا وأمسية للكاتب الروائي نبيل سليمان الذي قدمه الروائي عماد طراد متحدثا بلمحة عن حياته وأعماله الكثيرة التي جمعها في مسيرته الروائية المهمة وتحدث بدوره مطولا عن تجربته ونقدم الورقة التي قدمها الروائي نبيل سليمان:
أشكركم على هذا التعاون لإنجاح المهرجان ، وبالحب لهذا المكان الذي يعبر عن روح المهرجان وبدون هذا الحب والتعاون تظل الحركة الثقافية في بلادنا مفتقرة إلى أمور كثيرة قد نعرج على بعضها في الوقت الذي سأتكلم فيه .

- أظن أن الرواية هي التي شكلت مصيري منذ سنة اليفاعة أو بالأحرى منذ سن الطفولة المبكر كان والدي حكواتي لكن ليس كمهنة فأظن أن الفخ الذي وقعت فيه ابتدأ هناك ولكن هناك رواية أهم هي هواية القراءة كانت دافع أكبر لي نحو الرواية فيما بعد ،ابتداءً من قراءة أرسين روبين و طرزان التي اشتريتها من المكتبات الموجودة في طرطوس أو في دريكيش وكان ذلك منتصف الخمسينيات إلى قراءة إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله وتوفيق الحكيم وذلك في المرحلة الإعدادية إلى محاولة الكتابة منذ ذلك العهد دون أن أعبر بالشعر كما هو مألوف عادة وأحمد الله على ذلك ، ولهذا لن أمر في قناة الشعر ولا في قناة القصة القصيرة .
- في صيف 1959 كنت قد أنهيت الدراسة في المرحلة الإعدادية وذهبت مع صديقي إلى قريته في ريف طرطوس وهناك اشتريت دفتراً صغيراً وبدأت أكتب حكاية أو رواية حتى انتهت صفحات الدفتر وأسميتها (حكاية مها) وعلى شكل روايات الأدباء المصريين كانت قصة حب والبطل له اسمي وكانت مليئة بأحداث كالانتحار وغيرها ... وكانت الحوار فيها بالعامية المصرية والدفتر مخبأ إلى يومنا هذا .
- درست بعد ذلك في الثانوية الصناعية و بعد ها أعدت الدراسة في الثانوية العلمية وكان كل توجهي وحلمي أن أدرس الهندسة ولم أفكر يوماً في أن أدرس الأدب لكن قراءاتي في الأدب ابتداءً من السير الشعبية ( ألف ليلة وليلة – سيرة عياض – سيف بن ذي يزن - ..الخ ) ورغم نظرة الاستعلاء التي ينظر بها بعض المثقفين إلى هذه القصص فهي كنوز ، ومرواً بشتى أنواع القراءة لكن العجز المادي اضطرني إلى أن أعمل في التعليم إلى أن أدرس الأدب العربي في الجامعة بانتظار أن يتحسن الوضع المادي لأتابع الدراسة في الهندسة ، وهذا لم يتحقق إلى الآن ، وفجأة وجدت نفسي قد تخرجت من الجامعة وكأن ذلك حصل بالأمس ، خلال ذلك في السنة الثالثة في الجامعة حاولت أن أكتب رواية وكتبت حوالي 80 صفحة منها ولم أعرف كيف أكمل فخبأت الأوراق حتى هذا اليوم ، بعد الجامعة عينت مدرساً للغة العربية في الرقة و هناك بدأت الغوايات ، من غواية الحكاية إلى غواية القراءة ثم غواية الفضاء أو الطبيعة أو المكان وقد ابتدأت بحبكم لصدد بدأت هذه الغوايات تأسرني في ما اسمه كتابة الرواية ، هكذا كتبت بعد تخرجي من الجامعة رواية عنوانها ( نحو الصيف الآخر ) وكنت مسكوناً كسائر أبناء جيلي بالهزيمة وليس بالنكسة بدون لف ولا دوران في ذلك المفصل الذي لا يعادله سوى مفصل سايكس بيكو أو مفصل الـ 48 ، لكني لم أنشر هذا العمل أيضاً إلى هذا اليوم ، ثم بدأت بالرواية الأولى التي نشرت عام 1970 مشغولاً بأمرين أولهما قليل جداً من السيرة الذاتية مما ستعبر عنه الرواية والأمر الآخر هو النظر فيما كان عليه ريفنا الساحلي خلال الخمسينيات ومطلع الستينيات وصولاً إلى المفصل الذي يمثله عام 1963 في تاريخ سورية الحديث ، بفضل صديق من قرية دير عطية اسمه نبيل خوري كان سجيناً أيام الوحدة السورية المصرية وعشنا جيران لعدة أعوام في الرقة ،بفضله ومن حياته استلهمت الرواية الثانية رواية السجن التي تفضل علي الرقيب السوري آن إذن عام 1972 فمنعها فدفعت دفعاً إلى أن أنشرها في بيروت ، وكما القول ( رب ضارة نافعة ) فقد وفر لي ذلك أنا في السابعة والعشرين من العمر أن أنطلق إلى الفضاء العربي ، عدا إلى هزيمة 1967 ، فاكن الشعر والرواية والقصة والمقالات وغيرها في صخب الهزيمة و كان أن كتبت رواية عنوانها ( ثلج الصيف ) استلهمت فيها الهزيمة ،ولكن دون أن أذكرها مباشرة بحرف واحد ، فقط في الإهداء الذي جاء فيه إلى خمس حزيران 1967 اعترافاً بالفضل ، كما تعرفون أن التدريس الجامعي لم يكن على عهدي وأظن حتى اليوم نادراً ما يدفع أو يؤهل من يتجه إلى الرواية أو الشعر أو حتى أن يصقل مواهبه , وهكذا بالرغم من انحنائي مازلت حياً بأساتذتي الأجلاء الذين تعلمت على أيديهم في جامعة دمشق ، كالمرحوم سعيد الأفغاني ، وشبلي فيصل ،و أمجد الطرابلسي ، وصبحي الصالح .... هذا الجيل من العلماء الأجلاء الذين أظل أنحني لهم ، على الرغم من ذلك تربيت في الرواية والنقد خارج الجامعة ، وكان عليّ بعد ثلاث روايات عام 1973 أن أتوقف وأتفحص موقع قدمي بعد ثلاث روايات ماذا فعلت وما الذي يفعله الآخرون ، وربما كانت هذه الأسئلة هي ما جعلني أتوقف من عام 73 19إلى 77 19وأن ألتفت مع رفيق عمري المرحوم المفكر علي ياسين إلى قراءة المشهد الأدبي السوري بين حربي 1967 و1973 ، وهذه القراءات أسفرت عن كتابتي لرواية الأدب والإديولوجيا في سوريا الذي نالنا بسببه ما نالنا من الهجوم والشتائم وغيرها من أقرب المقربين إلى أبعد المبعدين ، في سوريا وفي سائر أنحاء الوطن العربي ، ذلك لأن هذا الكتاب حاول أن يتفحص الإيديولوجية التي يبثها الأدب أو الأديب من خلال ديوان شعر أو رواية أو من خلال مسرحية ،وكان الحراك الاجتماعي والحراك الثقافي والحراك السياسي في سوريا كما في سائر بلاد العرب كان صاخباً ولذلك دارت حول أفكار هذا الكتاب حقيقة المعارف الثقافية في سوريا وهو ما جمعته مع أبو على ياسين ومع محمد كامل الخطيب عام 1980 في كتاب حول ما كتب عن هذا الكتاب وعن معارك ثقافية أخرى في سوريا في السبعينيات ، فكان كتاب ( معارك الثقافية في سوريا ) كوثيقة تؤكد خصب الحياة الثقافية والسياسية والعنف والصدق وعدم الممالأة أو المواراة والأهم من ذلك أنه لا يخدع بدعوة براءة الأدب أو الفن من الضخ الإيديولوجي وهو ما توهمه كثيرون خلال الثمانينيات وحتى التسعينيات كأنه صار سبة أن يلتفت الروائي أو الشاعر أو المثقف إلى القضايا الكبرى الاجتماعية والوطنية والكونية وكأن الأم فقط هو أن يجرب بتسويق كتابته أياً كانت لكن ها هي الدنيا بعد 30 سنة ، وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي وبعد الضجيج الهائل بالنسبة لانتهاء عصر الإيديولوجية وبموتها ها نحن نرى اليوم وفي كل يوم الصراع الإيديولوجي الساخن جداً جداً الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والكثير من المراكز الأخرى في العالم ضد كل من يختلف معها ، وبأرقى أدوات البث والاتصالات وما وصلت إليه ثورة المعلوماتية ، تعلمون أنه وقعت عام 1973 حرب بين سوريا ومصر من جهة وإسرائيل من جهة ، وفي تلك الفترة أديت الخدمة الإلزامية و بفضل تلك الحرب وبفضل تلك الخدمة ، كانت رواية الجرماتي 1977 في مصر ثم رواية المسلة عام 1980 ولأن عين الرقيب عادة شكاكة و أفقه عامة ضيق منعت رواية الجرماتي في سورية من 77 19حتى 1995 وبعد ذلك طبعت طبعة جديدة ، وبفضل ( أولاد الحلال ) فصلت من اتحاد الكتاب الذي انتسبت إليه سنة تأسيسه وكنت حينها أدرس في الرقة ، أظن أن روايتي جرماتي والمسلة تشكلان مرحلة أو مفصل كما الروايات الثلاثة الأولى ،
في رواية المسلة عرفت بدرجة أكبر ماذا تعني السيرة الذاتي في الرواية ، بعض الكتاب كما تعلمون يستدرئون الكتابة عما عاشوه وحسب وقد يكون في ما عاشه بعض الكتاب ما هو أهل لأن يروى ، لكنني كنت دائماً حذراً من هذه المسالة لأنني مقعد من نرجسية الكتاب والمثقفين، وطالما راقبت نفسي في أن يكون وقوعي في هذا الفخ بأهون الشر ، لكن رواية المسلة اشتغلت على هذا الأمر ، ولم أكن أعلم أن كاتباً كبيراً مثل غالب الألسة كان أصدر في تلك الفترة روايته الخماسين وسمى بطل الرواية باسمه ، كما تكرر في عدد من رواياته التالية هكذا الأمر في رواية المسلة إذ حملت شخصيتها المركزية اسمي الأول وكانت هذه الرواية سانحة لي بالتفكر في المشهد السياسي السوري في السبعينيات ، بعد ذلك بقليل من صدور تلك الرواية سأتعرف على المستشرقة الألمانية أورليكا شتيلي وكانت تعد لأطروحة الدكتوراه عن الأدب والحرب في سوريا خلال السبعينيات رويداً رويداً تحول مشروعها فقط إلى دراسة روايتي الجرماتي والمسلة وبعد نيلها لأطروحتها بفترة أيضاً ترجمت لي بعض ما كتبته وكان منه أنها اعتبرت رواية المسلة ترسيماً للقوى السياسية في سوريا في فترة السبعينيات وكنت قد صحوت على شغلي قليلاً فقلت لها أن هذا خطأ كبير ، للأسف من كتب الرواية وهو أنا كنت أنظر إلى المجتمع بعين واحدة لم يرى إلا القوى المعارضة السياسية التي رسمها في الرواية لكن في فترة كتابة الرواية كان قد بدأ أمر آخر في سوريا سيشعل الحريق بعد سنة أو سنتين في عام 1979 و 1980 وكانت عين الكاتب عمياء عن هذا الشطر من المجتمع ، لكن هذا العمى علمني أمراً ،بأن لا نؤخذ مع رغباتنا ومع أفكارنا واندفاعاتنا فقط عندما نكتب الرواية أو غير الرواية ، بل يجب على كل العيون أن تكون مفتوحة نقدياً ، كل ذلك كان المهاد الذي أوصلني إلى مشروع مدارات الشرق ، وقد جعلتني أصدق أن بعض الكاتب يكون لهم مشروع واحد في حياتهم ويسميه بفخامة مشروع العمر ، عندما بدأت بكتابة رواية مدارات الشرق لم يكن في خاطري لا أن أكتب رواية بجزء واحد ولا أن أكتب رواية من عدة أجزاء ، لكن كانت الأسئلة التي رافقتنا منذ سن اليفاعة منذ 1967 و 1973 وحتى 1982 من هزيمة إلى غيرها و غيرها، بالإضافة إلى ما جرى في العالم كله وكأن العالم كله على منعطف في أواسط الثمانينيات ، وكانت عبارته الكبرى سقوط الاتحاد السوفييتي وكوكبه ولكن الأمر أكبر من ذلك حتى على المستوى الأدبي والفكري الفلسفي ما الذي كان يجري ، كيف كان ينعطف العالم حينها ، أظن أن هذه الأسئلة دفعتني إلى أن أسأل ( لماذا يحدث هذا الأمر معنا ؟؟ ) السؤال قد يبدو بسيطاً جداً ( كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه ولماذا ؟؟ ) اجتماعياً وفكرياً وسياسياً وفنياً وحضارياً ، كان القرن العشرون في منتصف الثمانينيات يوشك أن ينتهي من سيء إلى أسوء ( لماذا ؟ ) هذا السؤال يذكرني برواية المرحوم هاني الراغد الوباء 1980 ، هذه الأسئلة كانت محور رواية الوباء ، في نفس الفترة كان الكاتب عبد الرحمن منيف قد بدأ بإصدار أجزاء خماسيته مدن الملح هذه الأسئلة وإن كان عن منطقة أخرى ، ولكن هذه الأسئلة هي جوهر رواية عبد الرحمن منيف ، وبدون أي تنسيق في هذه الفترة بدأت فيها العمل على مدارات الشرق كان الروائي السوري خيري الذهبي قد بدأ العمل على ثلاثيته التحولات ، للوهلة الأولى بدا كأن الروائيين يهربون من الكتابة عن الراهن عن الحاضر يهربون إلى الماضي وهناك الكثيرون من الروائيين الشباب وبعض النقاد قالوا هذا القول الصريح ، أننا نهرب من مواجهة جروح الحاضر من مواجهة الرقيب الاجتماعي أو السياسي إلى الماضي ولكن هل الأمر كذلك حقاً ؟ أم أنها الأسئلة الجوهرية التي لا بد لنا أن نواجهها؟ ، في مرحلة السبعينيات ظهر مشروع أدونيس الثابت والمتحول ومشروع محمد عبد الجابري ومشروع هادي العلوي , إذاً على مستوى مشروع حسين مروة وعلى المستوى الفكري وقبل الروائيين ولو بسنوات معدودات ، هناك بعض المفكرين الذين واجهوا الأسئلة فبدؤوا الحفر في التراث والفكري العربي الإسلامي أو تراث المنطقة ما قبل الإسلامي في السينما بدأ هذا أيضاً المهم في أن ما بلغته أحوالنا من سوء عقداً فعقداً , فحاول كلٌّ بقدراته وإمكاناته أن يحفر في ما مضى ليقرأ جذور الهزيمة أو جذور المستقبل ، فمدارات الشرق شأن المشروعات الأخرى كتبت والعين على المستقبل ولم تكتب والعين مفصولة على الماضي ، المدة الزمني الذي اشتغلت عليه مدارات الشرق هو النصف الأول من القرن العشرين ، من الأسئلة التي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا وإلى مدى أرجو أن يكون قصيراً (هل فكرة الجمهورية فكرة مكينة فينا ؟ ) ، بكل هذا الفضاء العربي الإسلامي من شرق آسيا إلى الأندلس العظيمة ، على ضوء ما حصلت عليه مدارات الشرق تبدى لها أن فكرة الجمهورية ليست مكينة ،
- شكري القوتلي عندما ترأس سورية من عام 1943 إلى عام 1947 كما تضمنت الرواية ، في عام 1946 بدأ يهيئ وحزبه ( الحزب الوطني ) للتجديد ولولا أن مسلسل الانقلابات العسكرية الذي بدأه حسني الزعيم عام 1949 قد قطع مسلسل التجديد لكان للقوتلي تجديد آخر .
تعلمون انه في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي ولدت المشروعات الثقافية السياسية الكبرى في الفضاء العربي كله، إن كان المشروع الذي عبر عنه أنطوان سعادة أو مشروع حسن البنا ( المشروع الإسلامي ) أو مشروع عصبة العمل القومي ( المشروع القومي العربي ) الذي سيكبر في الأربعينيات و مشروع الإحياء العربي والبعث العربي ، أو المشروع الماركسي الشيوعي ، هذه المشروعات التي جاء بها مثقفون شباب منهم من درس في فرنسا ومنهم من درس في ألمانيا ومنهم من درس في موسكو هذه المشروعات الأربع التي عبر عنها بكتب فكرية أو بروايات أو بأحزاب ، ستشغل الفضاء العربي تحت مسميات شتى طوال القرن العشرين والآن ترون إلى أي مآب آلت جميعاً الأمر الذي فرض على جيلي وعلى من سلفوا بأن يتأملوا ويحفروا بدون أوهام وبدون عماء وبدون تعصب ، وبأقصى ما أمكن من العقل النقدي حتى نتلمس جميعاً مخرجاً ما من هذا المأزق الذي نحن فيه .
- فاتني أن أقول لكم أنه في الفترة الفاصلة بين المرحلة الأولى ( الروايات الثلاث الأولى ) والمرحلة الثانية ( الجرماتي والمسلة ) في تلك الفترة ألح عليّ كثيراً أن أتقرى ماذا يعمل الآخرون في الكتابة الروائية أو ماذا يكتب سواي وخصوصاً من جيلي ، هذا السؤال جعلني أتطفل على النقد ، وإلى هذا اليوم لولا كتابة الرواية لا أظنني كنت حرفاً واحداً في النقد ، وحتى اليوم أنا أكتب لأتعلم حتى من روائيين وروائيات شبّان وشابات في أعمالهم الأولى ، ولعل البعض يعرف أنه في ست أو سبع سنوات الأخيرة كتبت عن حوالي 200 رواية عربية لهؤلاء الشبان والشابات وإلى اليوم 99% منهم لا أعرفهم . لكن هذا ما كان يوفر لي النظر في المشهد الروائي العربي كله تقريباً ، وبصورة خاصة في النص الجديد من المشهد الروائي العربي .
- بعد سبع سنوات من النزيف في الروح والجسد ومن البحث في ما أربى على 230 مرجع و مصدر وعلى أكوام من المجلات والجرائد التي تحدثت كلها عما حدث في النصف الأول من القرن العشرين ، بالإضافة إلى لقاءات مع عشرات المسنين والمسنات ، وبعمل يومي من 10 إلى 15 ساعة ، فكانت بلوى للكاتب كما كانت بلوى للقارئ والنتيجة ( 2400 صفحة ) ، أُسأل : لما كل هذا ؟ فأقول : حتى أضمن أن أحد لن يقرأ 2400 صفة وبالتالي أهرب من النقد و الشتائم .
ولكن هذا العمل علمني كيف يكون استثمار الوثيقة فيما تكتب ، كيف تكون العلاقة بين الرواية وبين التاريخ ، من الدروس الكبرى التي تعلمتها : أن الروائي عندما يحاول أن يكون مؤرخاً فسيكون مؤرخاً فاشلاً كما أن المؤرخ عندما يحاول أن يكون روائياً فسيكون ذلك على حساب التاريخ ، كيف يمكن لرواية أن ترسم الفسيفساء السورية هذا المجتمع الفريد والخصب عبر مئات الشخصيات سوف ترى الفضاء البدوي والريفي والمدني وفي زمن أنت لم تعشه ، سوف ترى الفسيفساء القومية والدينية ، هذا الخصب الذي يمكن أيضاً أن يكون عنصر تدمير كما تبدى ذلك في الحرب اللبنانية الأهلية سابقاً وكما يتبدى الآن في العراق بدوافع من عوامل خارجية ، فبدلاً أن يكون هذا العنصر عنصر خصوبة وغنى انقلب إلى عنصر تدمير .
- ومن الدروس التي تعلمتها هنا أيضاً لذة الكتابة رغم العمل الشاق لمدة 10 أو 15 ساعة ولكن أية لذة أن تنسى العالم كله ولمدة سبع سنوات ، ومن عقابيل ذلك كانت الرواية التالية بعنوان ( أطياف العرش ) والحقيقة أنه بعد انتهائي من كتابة ( مدارات الشرق ) قضيت فترة فظيعة من الخوف من أني قد أفلست مما عندي وأصبحت عاجزاً وسألت نفسي : كيف ستكتب بعد هذا ؟ ، لقد أنقذتني أطياف العرش لأنها كانت جسراً بين خروجي من بلوى السبع سنوات إلى نقلة أخرى أو مقلب آخر ، ورواية أطياف العرش حولت إلى مسلسل تلفزيوني عنوانه (الطويبي ) وكانت بالنسبة إلي تجربة مرة ، كما أنتج عن هذا المسلسل فيلماً سينمائي بعنوان الرسالة الأخيرة ولم أشاهده حتى الآن ، وتجربتي مع التلفزيون والسينما عبرت عنها بمقالة كتبتها في مطلع العام في مجلة خليجية تعنى بشؤون الفضائيات ، فكتبت في تلك المقالة بعنوان : أنا مضرب مثل ... ولكن بالفشل وتحدثت فيها عن فشلي في التعامل مع التلفزيون ومع السينما .
- هناك رواية مخطوطة كتبتها بين عامي 1971 و 1972 كنت حينها في حلب ،وكطلب مني المخرج المرحوم مروان المؤذن أن أكتب عن فكرة من روايتي الأولى ليجعل منه فيلماً سينمائياً واشترته المؤسسة العامة للسينما التي استقدمت المخرج والسينارست المصري رأفت الميجي ليكتب السيناريو لتلك الرواية ، وفعلاً كتب السيناريو لتلك الرواية ولم ينتج الفيلم حتى هذا اليوم .
- في عام 1990 ظهرت أطياف العرش وهنا بدا لي وكأني أقول لنفسي ( أنهيت مرحلة وانتهيت من تجربتك ولنعد الآن إلى ما نعيشه ، ولتعد كتابتك الروائية إلى ما نعيشه اليوم ) ، وهذا ما بدأ برواية مجاز العشق ، إلى هذا اليوم ، حتى أن صديقاً روائياً مصرياً كتب ذات مرة ( كأن المدعو نبيل سليمان قد انتهى من رباعية تاريخية وبدأ برباعية عن الراهن أو خماسية عن الراهن ) .
في رواية مجاز العشق على الأقل توازى الزمن الروائي مع زمن الكتابة والسؤال المركزي فيها إضافة إلى سؤال الجسد وعلاقة الرجل بالمرأة ، كان سؤال المياه أو حرب المياه الآتية لا محالة فآخر حروب النفط انتهت في العراق الآن لكن حرب المياه فلم تبدأ بعد .
في رواية سمر الليالي بدأ سؤال آخر كيف يمكن لعجوز تجاوز الخمسين عندما كتب تلك الرواية أن يبني شخصيات شبابية ، شابات وشبان في العشرين من عمرهم وطلبة في الجامعة في مواجهة القمع .
هناك من كتب أو كتبت عن تجارب السجن السياسي في الرواية العربية حتى أن صنف جديداً من الأدب بات يعرف بأدب السجون وأصبح هناك مدونة كبيرة من هذا الأدب ، ولكن ماذا عن المرأة السجينة ولا أقصد السجينة جنائياً وهذا ما اشتغلت عليه رواية سمر الليالي .
- قيض لي خلال حياتي أن أسافر كثيراً والسفر عامل أساسي في تكويني وخصوصاً أن نشأتي كانت موزعة بين عدة قرى وعدة مناطق في بلدي ، وهذا ما أزعم أنه قد أغنى علاقتي بالفضاء أو بالمكان داخل سورية لكنني لم أكن لأجرؤ على أن أكتب عن ما وفره لي تجوالي فغي أنحاء العالم حتى جاءت رواية ( في غيابها ) عام 2003 وهي أول رواية أصف فيها واحدة من رحلاتي التي كانت إلى أسبانيا ، وحيث اشتغل السؤال الأندلسي وسؤال الاستعمار الاستيطاني وسؤال الحضارة و سؤال التعايش والتسامح والتلقي بين الديانات والثقافات ، فهذه كانت المرة الأولى التي استثمرت إحدى أسفاري ، وعسى أن أكمل ذلك .
وهنا سألخص وأبلور العناوين الأساسي لما شغلني عبر 17 رواية وأكثر من 20 كتاباً في النقد والشأن العام وعبر ما يشغلني الآن :
أول ذلك أن الرواية علمتني أنها فن التعدد وليس فن الواحد ، يكتبها واحد ولكن إذا كتبها بلا روح التعددية أو روح ديمقراطية يتحول الكاتب إلى ساطور على رقاب شخصياته الروائية وإلى استبدادي حتى لو كان يتحدث في روايته عن الحرية الديمقراطية إذا فالرواية فن العددية والديمقراطية والاختلاف ، كما أنها فن المكر أيضاً .
- شواغلي الأساسية يمكن أن تبدأ أن تنتهي بحرية الاعتقاد سواء كان ديني أو سياسي أو .....أو ما تشاء
- رواية درج الليل درج النهار التي صدرت عام 2005 تطرقت إلى مواقع محرم الخوض فيها وهم الإيزيديون الموجودون في العراق والشمال الشرق من سورية والرواية حاولت أن تشتغل في هذه المنطقة الملتبسة لتعالج سؤال حرية الاعتقاد كما أن هذا السؤال كان مكيناً في رواية مدارات الشرق وهو حرية الاعتقاد ثم حرية التعبير ثم جاء سؤال العدالة سؤال بسيط جداً سؤال البشرية والمستقبل وعلى أي مستوى شئت من سرير الزوجية إلى ما هو عليه العالم الآن من العربدة الأمريكية الإسرائيلية.

قديم 12-18-2011, 11:53 AM
المشاركة 143
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أعطى نبيل سليمان الرواية السورية أفقاً جديداً
لمى يوسف
الثلاثاء 04 آذار 2008
يمثل نبيل سليمان منذ ثلاثة عقود تقريباً الصوت السوريالروائي الأكثر اجتهاداً وتنوعاً، وإن لم يمثل حالة ثقافية خاصة تمارس النقد والنشروالكتابة الروائية والمداخلة الفكرية الضرورية، وإذا كان في هذه الممارسة أعطىالرواية السورية أفقاً جديداً،
فقد كان ذلكالجهد المتراكم الذي صوب أدوات الروائي، وأتاح له أن يكتب مدارات الشرق التي قرأتالتاريخ القريب بأدوات روائية، وأن يساجل التاريخ القائم في مساحات يومية ضيقة، هذاما جاء في ورقة د.فيصل دراج والتي تحت عنوان "التاريخ في صوره اليومية" ولم يتمكند.دراج من حضور الندوة التكريمية للروائي نبيل سليمان فقرأ مداخلته د.صلاح صالح منجامعة تشرين.

وتناولت د.شهلا العجيلي "تجليات النسق الثقافي في نص سليمانالروائي" والتي أكدت خلال عرضها أنه نص متطور وتجربته في الكتابة
تجربة تصاعدية، يتحولالنص فيها من الإيديولوجي، ليصير إلى الجمال-المعرفي الذي تسعى إليه نظرية الرواية. ويبدو هذا التحول جلياً في انتقال سليمان من كتابة (المدارات) بأجزائها الأربعة إلىكتابة رواياته الأخيرة (في غيابها)، ودرج الليل–درج النهار .. و( دلعون ) إذ يلحظالمتلقي انتقال الكتابة الروائية لدى نبيل سليمان من مرحلة استقطاب النص للمقولاتالنظرية إلى مرحلة كتابة.

ليختم د.رضوان قضماني بخطاب نبيل سليمان الروائي "من الحكاية إلى تأويل الحكاية السرد ولغة التشكيل الدلالي فيه "مشيراً إلى أنه منذصدور
روايته ينداح الطوفان 1970 وحتى صدور روايته الأخيرة دلعون 2006 راحت بنية السرد الروائي عند سليمانتتعدد بين عمل وآخر منتقلة من الحكاية القائمة على أحادية صوت الراوي إلى تجاوزالراوي إلى ساردين عدة سعياً إلى خلق تعددية الأصوات.

في ختام الندوةالتكريمية تلت د.شهلا العجيلي رسالة الناقد سعيد يقطين التي وجهها إلى الروائيالمكرم عنوانها "نبيل سليمان شهريار التخييل العربي" جاء فيها : "لقد تبين لي منخلال اللقاء والقراءة والاطلاع أن نبيل سليمان من معدن نادر من الرجال. وحسبه أنه ممن يؤلفُ ويألفُ. يملأ المجالس الثقافيةبهحة وحبوراً، وكيف والبسمة لا تفارق محياه حتى في أحلك الظروفوأصعبها".

هنيئاً لك هذا التكريم الذي أنت أهله، ومزيداً من العافيةوالعطاء.."

قديم 12-18-2011, 11:54 AM
المشاركة 144
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الروائي نبيل سليمان لـ"النور":

التمجيد وحده دون النقدية.. لا يصنع رواية.. بل ربما يقتلها!


خمسة وثلاثون عاماً (يرتكب) المبدع نبيل سليمان عشق الرواية أولاً، ليملأ غيابها بنشاطات أخرى، هي ثانوية أو إضافية لكنها مميزة. وعلى مدار الخمسة والثلاثين إبداعاً تعلم من الراوية الكثير، لتصوغه هي كما نعرفه: شجاعاً في وجه السلطان الاجتماعي والسياسي، يعرف كيف يحتال على الرقيب وينتصر عليه، مختلفاً دائماً عن المعتاد، وأكثر من ذلك كما يقول تعلمت منهاً ألاّ أركن إلى أسلوب بعينه أو نجاح بعينه، بل أن أغامر وأجرّب وأعتزل وأتأمل وأتلذذ و.. وأقرأ وأكتب.


عن فضاء روايته وزمنها المتعدد الرؤوس، وعن اللحظة التاريخية فيها كما يرصدها سليمان الأديب الناقد كان معه الحوار السريع التالي:
س- بعد أعوام طويلة من النقد والرواية، جربت خلالها الأصوات المتعددة، واستفدت من إنجازات الرواية الحديثة على نحو استطعت معه أن ترسم فضاءك الروائي الخاص، كيف تصف لنا هذا الفضاء؟ وما الذي يميزه باعتقادك عن الفضاءات الأخرى؟

++ أظن أنه فضاء متلاطم في الزمان وفي المكان، عناصره متنوعة جداً وأليفة جداً وغريبة جداً. في البداية كان الريف، كانت إحدى قرى الجبل التي لم تسمِّها رواية (ينداح الطوفان). وقد عدت إليها في رواية (هزائم مبكرة)، كما عدت إليها مؤخراً في رواية (في غيابها). وفي الفضاء الريفي طوّحتْ (مدارات الشرق) كما في البادية وفي المدن الشامية، لا السورية فقط، وفي سواها. وكما طوّحت (مدارات الشرق) في إيطاليا وسويسرا وألمانيا طوّحت (في غيابها) في إسبانيا وموسكو وتل أبيب.

على النقيض من هذه الرحابة المتلاطمة كان الفضاء الضيق كسمّ الإبرة والمتلاطم رغم ضيقه، في السجون والمعتقلات، سواء في رواية (السجن) أو في رواية (سمر الليالي). وعلى الرغم من كل ذلك يمضني السؤال عن الفضاء الكوني كله، من الشموس إلى الأقمار والنجوم، كما أفتقد البحر الذي أعيش على شاطئه، لكأنني أسيرٌ في قفص من قرى ومدن وجبال وبيوت وسجون وبراري و.. على العكس مما هو الزمان من هذا الفضاء المتلاطم.
في البداية (ينداح الطوفان) كما في (هزائم مبكرة) عدت إلى خمسينيات القرن الماضي. في (السجن) كما في (سمر الليالي) انطلق الزمان من العد والحصر، يتعيّن بقدر ما لا يتعيّن. في (جرماتي) و(المسلة) عاينت يومي حيث زمن الكتابة هو زمن الرواية، كما سأفعل في الروايات الأربع الأخيرة، مغامراً في كتابة الحاضر.
في (مدارات الشرق) وفي (أطياف العرش) عدت إلى النصف الأول من القرن الماضي مخاطباً هذا اليوم وذلك الغد، كما عدت إلى اللحظة الأندلسية في رواية (في غيابها) مخاطباً ذلك الغد وهذا اليوم. وما أكثر ما رمح الزمن من عشرات أو مئات أو آلاف السنين إلى حرب العراق أمس أو إلى حرب 1973 أول أمس. إنه زمن يرمح، أجل، زمن يملؤني بالحرية، زمن حرّ حتى ليصح فيه القول: الزمان. على العكس من أسر المكان، ولعل في هذا ما يميز فضاءات رواياتي عن الفضاءات الأخرى.
ولعل لي أن أضيف أنني مجبول من أزمنة وأمكنة بلا عدّ ولا حصر، لذلك كان لرواياتي هذا الفضاء المتلاطم ـ الفضاءات المتلاطمة.
س- زمن يتعيّن بقدر ما لا يتعيّن، أستطيع أن أراه بقوة في روايتيّ (جرماتي) و(المسلة)، فالكثير مما اشتغلت عليه في هاتين الروايتين لا يزال يومياً بامتياز في حياتنا الراهنة، لماذا أسألك؟ إنه سؤال سياسي أسوقه هنا على نحو أدبي.

++ ربما لأن الصراع العربي الإسرائيلي لا يزال الشاغل الأكبر من أدق دقائق حياتنا إلى أكبرها. وربما لأن الحرب لا تزال اللغة الغالبة في حياتنا. فبعد حرب 1973 سرعان ما جاءت حرب 1982 فحرب الانتفاضة فحرب الخليج الثانية فحرب العراق بالأمس، عدا عما كان من الحروب الداخلية في اليمن والسودان والصحراء الغربية والجزائر.. وكل ذلك في ثلاثين سنة. وقد يكون لازال الكثير مما اشتغلت عليه (جرماتي) و(المسلة) يومياً جراء الأسّ النقدي فيهما، سواء للمؤسسة العسكرية أم للأحزاب اليسارية أم للسلطان السياسي والسلطان الاجتماعي بعامة. وربما كان السبب أيضاً في حضور الجسد، أو في حرارة السيرية، أو في غواية تعبير الروايتين عن كل ذلك، على الرغم من أنك وصفت سؤالك بالسياسي على نحو أدبي
س- في هاتين الروايتين قاربتَ تفاصيل المجتمع السوري في مرحلة حرب تشرين 1973، وكان أسلوبك ينحو باتجاه النقد لا التمجيد، هل هنا يكمن الفرق بين الروائي والمؤرخ على نحو عام؟ أم هو الفرق بين نبيل الروائي والآخر الروائي عند تصديهما لكتابة التاريخ؟
++ أنت تعلم أن (جرماتي) ظلت ممنوعة هنا منذ صدورها في القاهرة أول مرة عام 1977 حتى عام 1995. وأنت تعلم أن (المسلّة) صدرت هنا أول مرة في طبعتها الرابعة عام 2004، بعد حذف الجمل التي اشترط الرقيب (في اتحاد الكتاب) حذفها. ولقد كانت الروايتان أول مغامرة لي باشتباك زمن الكتابة بزمن الرواية، أي بالشهادة على الحاضر، حيث تتكاثر منزلقات العابر والراهن. ولكن ها أنت تقول اليوم في الروايتين ما تقول، كما قال كثيرون بعد ربع قرن من صدورهما: هكذا يكون للرواية أن تحيا إن لم تقم على العابر، إن بقي فيها ما يخاطب قراءها بعد عشرين أو أربعين أو.. سنة. وهنا يبقى السؤال: هل صارت (جرماتي) أو (المسلّة) بعد ربع قرن رواية تاريخية بعدما كانت رواية الحاضر؟ هل ستصير (درج الليل.. درج النهار) رواية تاريخية بعد ربع قرن أو نصف قرن، بعدما كانت رواية هذا اليوم من سقوط بغداد إلى سقوط سد زيزون؟
أن تكون النقدية أساً روائياً بامتياز، فهذا لا يعني رواية تاريخية أو غير تاريخية. هذا أسٌّ لا رواية من دونه، فالتمجيد وحده دون النقدية، لا يصنع رواية، بل ربما يقتلها. لكن الفرق بين الروائي والمؤرخ ليس هنا، فالنقدية فيما أحسب أسّ لأية كتابة: فكرية أو تاريخية أو إبداعية. وبالتالي: هذا الأسّ النقدي، من بين عناصر أخرى، هو ما يفرق بين روائي وروائي، سواء تصديا للتاريخ أم للحاضر أم لكليهما.
س- في الترتيب الزمني لعالم نبيل سليمان الأدبي ثمة ثلاث روايات منشورة هي: ينداح الطوفان ـ 1970، السجن ـ 1972، ثلج الصيف ـ 1973، فضلاً عن رابعة (هي الأولى بتاريخ كتابتها) لم تزل أسيرة الأدراج، ثم كان النقد بدءاً بـ (الأدب والأيديولوجيا في سورية) 1974 بالاشتراك مع بوعلي ياسين. كل ذلك سوف أتجاهله لأعاود السؤال: أنت روائي أولاً أم ناقد؟ وهنا لا أعني التسمية المجردة، بقدر ما تكونه أولاً عند التصدي لفعل الكتابة روائياً أو نقدياً، ولعلي هنا أريد أن أتوقف ملياً عند ظاهرة الأديب الناقد!

++ الرواية بالنسبة لي هي الأول والآخر والباطن والظاهر، هي الحياة والموت، وما عدا ذلك هو نشاط آخر، ثانوي أو إضافي، دون أن يعني ذلك التقليل من شأن النقد، سواء فيما أحاول منه أم بعامة. أما ظاهرة الأديب الناقد فليست حكراً على لغة أو ثقافة أو شعب أو عصر. وحسبي أن أعدد من العرب جبرا إبراهيم جبرا وأدونيس وإلياس خوري وهاني الراهب وواسيني الأعرج ورضوى عاشور ومحمد الباردي وصلاح الدين بوجاه و.. ولا تنس هنا صدقي إسماعيل ومصطفى خضر وأحمد يوسف داوود ووفيق خنسة ومحمد كامل الخطيب وفرحان بلبل.

عندما أعدّ لرواية وأتهيّأ لكتابتها، أنسى ما عداها. وحين أشرع بالكتابة تستغرقني تماماً، ليس فقط عن كتابة النقد، بل حتى عن أسرتي. مرة شبهت نفسي لـ (الدومري) المرحومة، جواباً على مثل هذا السؤال، بالمريض نفسياً: فصام، ازدواجية شخصية. الآن أفكر بمن يسعه أن يعشق اثنتين في آن، واحدة منهما هي الأول والآخر والباطن والظاهر. قد لا يروق هذا في الحب العذري وللهاتفين بالأحادية. ولكن بين البشر من يعشق أكثر من واحدة ـ لا يشتهي فقط ـ ومن بينهنّ تكون واحدة هي النساء جميعاً إذ يلتقيا. أما في غيابها فلا يقبع باكياً وطهوراً.

بقلم : ماهر منصور

قديم 12-18-2011, 11:55 AM
المشاركة 145
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حوار مع الروائي نبيل سليمان

أجراه: د.ثائر زين الدين


نبيل سليمان : روائي وناقد ، صدرت له ست عشرة رواية وثلاثة وعشرون كتاباً في النقد الأدبي والشأن الثقافي . تُرجمت بعض أعماله إلى الإنكليزية والروسية والإسبانية والفارسية .
مُنح جائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي عام ( 1993) عبد الله باشرحبيل للرواية عام 2004 ، وُضعت عن رواياته مؤلفات وأطروحات جامعية عديدة ، شارك في مؤتمرات وندوات عديدة ، عربياً وعالمياً .
من رواياته :
• ينداح الطوفان – 1970
• المسلّة – 1980
• مدارات الشرق ( أربعة أجزاء ) – 1990/ 1993
• سمر الليالي – 2000
• درج الليل درج النهار – 2005
ومن مؤلفاته :
• مساهمة في نقد النقد الأدبي – 1980
• فتنة السرد والنقد – 1994
• الثقافة بين الظلام والسلام – 1996
• المتن المثلث – 1999
• كتاب الاحتفاء – 2002

ويسعدنا أن نقدم للقارئ الكريم هذا اللقاء الذي أجريناهُُُ معه :

ماذا يعني لك أن تكتب رواية؟
ج- أفكر الآن أنني عندما أكتب رواية , فإنما من أجل أن أقبض على هذا السراب الذي لا يفتأ يملص مني , أعني ذلك الفتى و هو يتطوح ما بين سنوات دراسته الإعدادية و الثانوية , يمشي في كرم التين- صار الآن مقبرة- وقت الغروب بخاصة , و يحلم . يمشي على الكورنيش القديم في اللاذقية –صار الآن جزءاً من المرفأ- وقت الغروب أيضاً , و يحلم, يسافر إلى بيروت أو الشام , يسافر إلى الجبهة , يعشق و يقرأ و يكتب.
لماذا تقرأ و تعشق و تكتب؟ بالأحرى : لماذا تعيش ؟ أليس هذا ما يعنيه أن تكتب رواية أو قصيدة أو أن تبدع رقصة أو لوحة تشكيلية أو....
شخوصك جميعها تقريباً لا تثبت في مكان واحد, إنها تخترق الأمكنة الروائية , تسافر, تنتقل . قد تعود-و هذا الأغلب – و قد لا تعود . أنت كتلة من الحيوية لا تحب الركود ؟!ج- أصدقك القول أنني لم انتبه إلى ذلك من قبل , و لم ينبهني أحد إليه , على كثرة ما كان لي من مثل هذا الحوار شكراً لك . من المؤكد أن بعض شخصيات رواياتي تشبهني . على الأقل شخصية نبيل في رواية (المسلّة ) و التي حملت اسمي الأول . شخصية خليل في رواية(هزائم مبكرة ) أيضاً . باختصار, حيث تلامحت السيرة في رواية لي , فثمة بضعة من روحي و من حياتي . و حين تخمد روحي و حياتي فلا بد أنه الموت , حتى لو بقي الجسد يؤدي وظائفه . ربما لذلك أسافر , و أتوحّد بمكان بعد مكان. ربما لذلك ترى وشم مكان بعد مكان على قلب هذه الشخصية أو تلك من شخصيات رواياتي , سواء تلك التي هي بضعة مني أو التي ابتدعتها المخيلة ممن(عشتهم) و (عشتهن) من البشر .
في معظم رواياتك تاريخ .. تاريخ معاصر , تاريخ قديم لمنطقتنا و بلادنا , و لكن هذا التاريخ- على ما أحسست- لم يمارس سطوة كبيرة على عملية الكتابة لديك , بينما فعل ذلك على معظم الروائيين السوريين , كيف ترى العلاقة بين التاريخ و الرواية , و كيف استطعت أنت أن تحل هذه المعادلة ؟ج- لم أواجه العلاقة بين التاريخ و الرواية مواجهة جديّة قبل رباعية (مدارات الشرق). هذه الرواية هي التي علمتني كيف أنقّب في التاريخ كأني مؤرخ, و كيف أسلم ما أظفر به من التنقيب إلى المخيلة, إلى الكتابة, لتلعب على هواها : قد تعجنه و تعيد تشكيله , و قد تأخذ به حرفياً , قد ترميه بعيداً و تمضي و هي تصدح: أنا تاريخ جديد , أنا وثيقة جديدة و حفريات جديدة , أنا رواية .
دخلت عالم الكتابة الروائية ليس فقط من موقع المُحّب الولوع بهذا الفن, و لكن أيضاً من موقع العارف الخبير بصعوبة ما يقدم عليه , وقد تجلى ذلك من خلال عمقك المعرفي النقدي الذي تجلى في كتاباتك النقدية المختلفة .إلى أي مدى استطعت الاستفادة من تلك المعرفة النظرية حين دخلت ميدان الفعل الإبداعي ؟ و هل شعرت أن تلك المعرفة لعبت دوراً سلبياً في بعض الأحيان؟ج- للحق أني دخلت عالم الرواية من موقع المحب الولوع بهذا الفن. صحيح أنني كنت أحمل شهادة جامعية في الآداب, و بالضبط في اللغة العربية , لكن الدراسة الجامعية في الستينات من القرن الماضي لم تكن معنية بنقد الرواية. و لم يكن في مطالعاتي آنئذٍ من نقد الرواية إلا أقل القليل .
بعد ثلاث روايات فيما بين1970-1973, و بعد تجربة كتاب (الآدب و الإيديولوجيا في سـوريا) مع بوعلي ياسين , بدأت أقرأ في نقد الرواية , لكنني لم أمارسه إلا بعد ما كتبت روايتين أخريين هما (جرماتي)و (المسلّة), و بعدهما كتابين في النقد الأدبي .
الآن, و بعد عشرات السنين , و بعد سبع عشرة رواية و عشرين كتاباً في النقد , أندم أحياناً كثيرة على ما ضيعت من وقت و من جهد في النقد , و أتعزى أحياناً كثيرة بما لعله أفادني ذلك في كتابة الرواية , و بما لعله ينهض به من دور في الحياة الأدبية و الثقافية , و بخاصة عندما يتعلق الأمر بالأصوات الشابة و الجديدة في الرواية, و بخاصة أيضاً أن الشكوى من قصور النقد , لا تفتأ تعلو تعلو.
في روايتك " مجاز العشق" مثلاً , تلغي علامات الترقيم كلها و تستخدم النقطتين الشاقوليتين أي(, و تستطيع فعلاً أن تجعل كل جملة تلد ما بعدها , أو تأتي مقول القول لما سبقها , أو تشرح ما سبقها, و ما إلى ذلك. وهذا إنجاز جميل, لكن أحد روائيي أميركا اللاتينية كان قد سبقك إلى ذلك.هل كنت مدفوعاً بمعرفتك النظرية و ثقافتك , أم أن الأمر جاء كضرورة فنية لها مبرراتها أو مسوغاتها الجمالية النابعة من العمل نفسه ؟ج- في حدود علمي أن من سبقني إلى ذلك هو الروائي الإسباني(خوان غويتسولو ) , و ليس أحد روائيي أمريكا اللاتينية. غويتسولو هو الذي دفعني إلى أن أغامر في الرواية العربية مثل مغامرته في الرواية الإسبانية ,و قد ذكر ذلك الروائي فؤاد صالح في رواية(مجاز العشق), كما ذكرت ذلك في أكثر من حوار مثل هذا الحوار معك. أظن أنها كانت تجربة استثنائية في اكتناه اللغة و التعلم يندر أن تعدله لذة.
في رواياتك الأخيرة " في غيابها" ,درج الليل...درج النهار" , "مجاز العشق " هناك حب سريع بين الرجل و المرأة..حب سهل أحياناً..ليس هناك معاناة من الحب كما كنا نقرأ مثلاً في " غادة الكاميليا"أو "مدام بوفاريه" أو البعث" أو غيرها من الأعمال الخالدة.كيف تفسر ذلك ؟ج- أرجو ألا يكون الحب في رواياتي كما هو في الروايات التي ذكرتها . لكن القول إنه حب سريع أمر , و القول إنه حب سهل أمرٌ آخر .
لعلك تذكر من رواية(مجاز العشق) اللعب على ألـ التعريف. بالأحرى: تعرية الحب من ألـ التعريف. هل تعرف البشرية حتى الآن ناموساً واحداً أحداً للحب؟ هل تذكر ما اقترحته رواية(مجاز العشق) من تعريف الحب ؟ ألم تقل هو ليس بالطابولا بالتابو, أي ليس ملكية و لا محرمات ؟ و ماذا عمّا عاناه في علاقتهما العاشقان فؤاد صالح و صبا العارف في رواية(مجاز العشق) أو سعد أيوب و صبا عمار في رواية(في غيابها) أو ونسة و إياس في رواية(درج الليل..درج النهار)؟ هل المعاناة فقط ذرف الدموع ؟ ألم تتبدل العلاقات الإنسانية , و منها الحب, ما بين امرئ القيس و فاطمة و بين قيس و ليلى و بين عبد المعين الملوحي و بهيرة و بينك و بين نساء من شعرك أو حياتك ؟
و أنت تخلق الشخصية, كم منها يكون جاهزاً مسبقا ًفي ذاكرتك ؟ و هل تحتاج إلى إضافات كثيرة بقصد جعلها أكثر قرباً من المعيش ؟ج- أحياناً يكون للشخصية ظل ما أو أكثر ممن عرفت من البشر , و بدرجة أقل مما سمعت عنهم أو جمعت عنهم ما جمعت , و بالطبع, هذا لا يكفي , لكن المخيلة تتكفل بالباقي . و أحياناً تتولى المخيلة الأمر كله في الروايات التي تعود إلى زمن لم أعشه . هكذا جاءت نجوم الصوان مثلاً في( مدارات الشرق) و جاء الطويبي في ( أطياف العرش). و بالمناسبة,لم أعرف يوماً شخصية إيزيدية (يزيدية ) , فشخصية ونسة في رواية(درج الليل..درج النهار) هي خلق المخيلة وحسب , بلا أي ظل في العيش أو في القراءة.
إلى أي مدى يرى نبيل سليمان أن اللغة الفصحى عاجزة عن التعبير عن الشخصية بعفوية و براعة, تجعلان من اللجوء إلى العامية ضرورة عند بعض الروائيين ؟ج- لأن واحدنا هو عجينة لغوية من الفصحى و العامية , فالفيصل الرقيق و الحاسم في الكتابة الروائية هو اللاشعور اللغوي , و الذي يفترض أن تكون له حساسيته الرهيفة التي قد تنادي العامية في مفردة أو صيغة أو في الحوار بصورة خاصة وأي اصطناع هنا ليس حلاً لا اصطناع العامية و لا التفاصح .
يحذر معظم الروائيين من تناول الزمن الراهن , و يفرّون إلى الماضي , فإذا بشخصياتهم تعيش في زمن العباسيين , و الاحتلال التركي و الفرنسي, بينما نراك تتصدى لزمن قريب . في رواياتك الأخيرة هناك: اتفاقية أوسلو , و حرب المياه المضمرة , و الفساد الداخلي, و القمع و الحرب في الخليج...هل تعتقد أن الرقيب الداخلي(في دماغك) سمح لك أن تقول ما تريد ؟ هذا إذا نجوت من الرقابة الخارجية؟!ج- ليس للرقيب الداخلي وجود في دماغي .في داخلي أنا أكبر حرية من نسمة الهواء, أكبر حرية من العصفور. و كما تعلم لم أنج شخصياً و لم تنجَ رواياتي من شر الرقيب الخارجي . لحظة الكتابة بالنسبة لي هي لحظة الحرية القصوى كما هي لحظة اللذة القصوى. هذا لا يعني البتّة ادعاء البطولة, كما لا أظنه غباءً , فأنا أدرك خطر الرقيب الخارجي , و أتعامل معه أحياناً إذا كان ما يريد حذفه كلمة هنا أو جملة هناك . لقد علمتني الكثير تجربة الأدباء الديمقراطيين الروس في العهد القيصري , في تعاملهم مع الرقابة. لماذا لا يرفع الكتاب شعار(هم يمكرون و نحن نمكر)؟.
ربما كان كل ذلك ما دفع رواياتي للاشتغال على قضايا الراهن . لكنني عدت مثل آخرين إلى النصف الأول من القرن العشرين في(مدرات الشرق) و في (أطياف العرش) , و قد أعود إلى ذلك و إلى سواه من الماضي . ليست كل عودة إلى الماضي فراراً أو تقية . لقد كان الأمر بالنسبة لي كما هو بالنسبة لعبد الرحمن منيف في خماسيته أو لجمال الغيطاني في( الزيني بركات ) أو لسالم بن حميش في رواياته عن الحاكم بأمر الله و ابن خلدون ..لقد كان الأمر حفراً في التاريخ من أجل أن نتبيّن حاضرنا و مستقبلنا , من أجل أن نتلمس جذور ما نحياه من هزائم و تخلّف. و الكتابة عن قضايا الراهن هي أيضاً فخّ لمن لا يتلمّس نبض التاريخ , فتأخذه الشعارية و يأخذه العابر.

قديم 12-18-2011, 12:11 PM
المشاركة 146
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبيل سليمان

( دراسة شاملة )
02 تشرين الأول 2010
مقدمة
ماذا يفعل الربّان والسّفينة، حين تجري الرّياح وتنتشر، حيث لا يشتهي؟! لم تكن هذه الرّياح إلاّ الكاتب والنّاقد نبيل سليمان، وليس الربّان والسّفينة إلا والده المساعد في الدّرك والانضباطي في عمله المسلكي (ابن حكومة)، الذي كان يرغب أن يُبعد ولده عن السّياسة، أيّام الوحدة السّورية والمصريّة (1958ـ1961)، بشتّى الوسائل الممكنة، ليلحقه بالثّانوية الصناعية في اللاذقية، محذّراً إيّاه دوماً من السياسة ومشاكلها. وما إن عثر الوالد على كرّاسة حزب البعث العربي الاشتراكي تحت سرير ولده البكر، حتّى ضربه وأرهبه، وقد ظهر هذا الحدث جليّاً في عمله «هزائم مبكّرة»، والتي لم تكن إلا سيرة ذاتيّة للرّاوي منذ بداية تعلّمه، وحتّى نيله شهادة الدّراسة الثانويّة الصّناعيّة، ووصفاً لتنقّله بين القرية والبلدة والمدينة، وللأحداث الهامّة التي مرّ بها الوطن، والمظاهرات الطلاّبية التي اكتسحت الشّوارع مطالبة بالوحدة والإصلاح، حيث كانت الثانوية الصّناعية، حينذاك، وكراً من أوكار البعثيّين والنّاصريّين الّذين يسيّرون التّظاهرات بهتافاتهم: «بدنا الوحدة باكر باكر مع هالأسمر عبد النّاصر». هكذا حلّق نبيل سليمان في فضاءات عبد النّاصر، ثمّ تأثّر بالماركسية، دون أن ينتسب إلى الحزب الشيوعي.

أولادكم ليسوا لكم
هذه التجربة الحياتيّة خلّدها نبيل سليمان، في عمله «هزائم مبكّرة» من خلال سيرة مواطن يُدعى «خليل»، والذي كان والده الدركيّ يحذّره قائلاً: «إيّاك يا بنيّ والسّياسة. لا تنخدع برفاق السّوء. العين لا تقاوم المخرز. مَن يقدر على الحكومة؟ ألا تذكر كيف كنتُ لا أعود حتّى الفجر أيّاماً كثيرة في طرطوس؟ الدريكيش؟ أنا أعرف أولاد المدارس وطيبتهم. أعرف الشّباب وطيشهم. كم من أستاذ ودكتور ومحام جررْته بيديّ هاتين من بيته مثل الكلب؟ ومن بين أكوام الحطب كنت أجرّهم، بعد شهور قليلة ستتخرّج وقد تصبح ابن حكومة، فكن ابنها المطيع منذ اليوم».لكن الابن (خليل) ضرب بهذه النّصيحة عرض الحائط، فحمل دستور حزب البعث في قلبه، وآمن بأهدافه، وعندما حصل على الشهادة الثانوية، بدأ رحلة البحث عن وظيفة حكوميّة. فسافر إلى دمشق لتقديم مسابقة في وزارة الصّناعة. وهناك نصحه أحدهم بألاّ يُتعِب نفسه، لأنّ الأسماء المطلوبة للتّوظيف قد عُيّنت قبل أن تجري المسابقة. وفي ميناء اللاذقية وقّع «خليل» استمارة انتسابه إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد أن نفذ صبره. حيث لا يمكنه أن يظلّ متفرّجاً، أو واقفاً على الحياد، ووطنه يحترق
تزوّج والده بامرأة أخرى، وهجر أمّه وإخوته وأرسلهم للعيش بعيداً كي يظلّ مع زوجته الشابّة، ممّا ترك جروحاً، ربّما لم تبرأ، حتى الآن لدى الكاتب، الذي ما زال يتحدّث عن تلك المرحلة بألم.
أستاذ اللّغة العربيّة والصّداقة
عيّن نبيل مدرِّساً للّغة العربيّة في الرقّة سنة 1969، وأحاط به عدد من الأصدقاء الشيوعيين الذي أثّروا فيه فحملت كتاباته نفَساً ماركسيّاً، جعلت من «كتبة التقارير يظنّونني عضواً في هذا الشقّ أو ذاك». كما أنّ صداقته التاريخيّة مع بوعلي ياسين، النّاقد لكلّ شيء، عزّزت لدى نبيل سليمان الحسّ النّقدي من كلّ شيء، والعزوف عن الانخراط في الأحزاب.
من ثمار هذه الصّداقة كتابهما المشترك «الأيديولوجيا والأدب في سورية»، الصادر عن دار ابن خلدون، ثمّ خاضا معاً مغامرة الرحيل إلى بيروت في ربيع 1979 تاركَين وراءهما أسرتين، راكضَين خلف الحلم بالعيش في «الفضاء الفلسطيني اللّبناني، وفضاء الثّورة والحرب الأهليّة اللاّهبة».
التقى الكاتبان في لبنان بمهدي عامل ويمنى العيد وماجد أبو شرار وجورج طرابيشي وسعد الله ونّوس وغيرهم، والتقيا كذلك سليمان صبح الذي أسّس دار ابن رشد، وذاع صيتهما سريعاً، ووضع ياسين وسليمان كتاباً آخر مشتركاً ونشراه لدى الدّار بعنوان «معارك ثقافية في سورية».

ابن قرية البودي
قرية البودي الواقعة على السّفوح الوسطى الغربية لجبال اللاذقية، المليئة بالآثار، والتي اكتشفت فيها قنوات مياه مطمورة، محفورة في الصّخر، يعود زمن بنائها إلى العصر الرّوماني.
ويروى أن ثمّة قصرين، شرقي وغربي، تتناثر آثارهما هناك، ويطلق عليهما الأهالي اسم «قصور الضهر»، كما يعتقد بأن أنقاض مدينة أثرية هامة ما تزال مطمورة في باطن ذلك الموقع، فالأحجار النحتية وبقايا الأبنية القديمة، تدلّ على علاقة القرية بالممالك الفينيقية القديمة، التي قامت على أرض الساحل السوري كأوغاريت وسيانو وغيرهما. وقد عثر في موقع برمّانا القريب على جرار فخارية، ونقود قديمة، أثناء شق الطريق بين عين شقاق والبودي.
ولد نبيل سليمان في صافيتا عام 1945، وتلقّى تعليمه في اللاذقية، وحصل على إجازة في اللغة العربية عام 1967. عمل مدرّساً وأسس دار الحوار للنشر في اللاذقية، حيث تفرّغ للكتابة منذ عام 1990.
بنى الروائي في بداية الثمانينيات، قصراً في قرية البودي التي تقع على بُعد عشرين كيلومتراً من جبلة وترتفع 600 متر عن البحر مطلةً على شواطئ بانياس إلى اللاذقية، ونقل مكتبته إلى هناك: «أعيش فيها عزلتي منذ عام 1987 متفرغاً للقراءة والكتابة. ولا يعرف لذة القراءة والكتابة إلا المتفرغ». ونبيل سليمان يعرف هذه اللذة منذ عام 1982 حتى اللحظة.
الحياة أو الكتابة
كان سليمان قد بدأ الكتابة روائيّاً قبل أن يتّجه إلى النّقد. خيار الكتابة أو «خيار الحياة»، اتّضح جدّياً لديه منذ 1969، حين كتب «ينداح الطّوفان» التي نُشرت بعد عام من كتابتها، ولم تتحدّث الرّواية عن الهزيمة أو الحرب.
لقد اكتفى صاحب «ثلج الصّيف» بالإشارة إلى الهزيمة، في كلمة الإهداء «إلى 5 حزيران عرفاناً بالجميل». ثم أتبعها بـ «هزائم مبكّرة» (1985)، التي تروي مسلسل الهزائم الذي لا يغفل عن بطولات هنا وهناك ويقاربها روائياً «اقتراناً بهزائم على المستوى الشخصي الرّوحي».
يتّضح التّنوع الثّقافي في شخصيّات رواياته، فمصدره التنقّل المبكّر بين الأمكنة: إنه مولود في صافيتا سنة 1945، ودرس الأدب العربي في جامعة دمشق وتخرج سنة 1967. وكان يسافر مراهقاً مع والده ليعيش فترات بين عامودا البلدة الكردية في منطقة الجزيرة، ثم عاش في قرية شركسيّة في عين صاف، إلى أن انتقل إلى الدريكيش. وعن ذلك يقول: «هذا الخليط جبلني تعددياً، وانفتاحياً وحوارياً». هكذا هي عوالم رواياته المتعدّدة والجدليّة.

وقد بات معروفاً أنّ مشروع نبيل سليمان الأكبر هو روايته «مدارات الشّرق»، التي يقول عنها: «صرت أصدّق أنّ في حياة كلّ كاتب مشروع العمر الذي يُكتَب مرّة واحدة ولا يتكرر». جاءت هذه الرواية بعد عمله «قيس يبكي»، فشرع في كتابة كتلة من أكثر من ألف صفحة كانت نتاجاً لعمل 15 ساعة يوميّاً صيفاً وشتاءً، حتّى أنجز «الكتلة الأولى»، بعد ستّة شهور، ثمّ تابع العمل حتّى بلغ 2400 صفحة.
تهيمن على معظم أعماله الروائية وأبحاثه النقدية الدراسات المضمونية والسوسيولوجية، وتطغى عليها الانطباعات الشّخصية، والأحكام الذّاتية، وتكتفي بتلخيص مضمون الرواية، في محاولة لتأكيد أحكام القيمة المستمدّة من العرض السّريع للمضمون.
بنية النّص عند نبيل سليمان، بنية مفتوحة على الحقول الدلالية، والثقافية والأيديولوجية والاجتماعية. ومن هنا نزوعها إلى تجاوز الدراسات السوسيولوجية التي تقف عند حدود المؤثرات، إلى التفاعل النّصي والتناص، وينفتح النص الأدبي على مستويات أعلى من الوعي والإدراك، ويتحوّل إلى «رؤية» للعالم، ذات دلالة اجتماعية، تنظّم فضاءه. ومع اعتبار المبدع واضعاً للصياغة الفنّية المناسبة للوعي الجماعي الذي يعتمل في ضمير مجتمعه، كما يقول ميشيل بوتور: «ليس الرّوائي هو الذي يصنع الرّواية، بل الرّواية هي التي تصنع نفسها بنفسها».
الرّواية والتّاريخ
يعكس الروائي نبيل سليمان الواقع الاجتماعي في تماسكه وتناقضاته وظاهره، لا انعكاساً بسيطاً ومباشراً، بل تعبيراً عن الطّموحات التي ينزع إليها وعي الجماعة التي يتحدّث الأديب باسمها. تعالج روايات نبيل سليمان، تاريخ سورية الحديث والمعاصر، منذ العهد العثماني وحتى اليوم.
لقد غطّى نبيل سليمان بإنتاجه الرّوائي قرابة ثلاثة أرباع القرن العشرين. وكان الطّابع العام لهذا الإنتاج هي التاريخية، والاجتماعية، معيداً الحق لأصحابه البسطاء العاديين الذين أهملهم التاريخ الرسمي، فجاء الفن الرّوائي ليصوّر بطولاتهم المنسيّة.
شخصيات مدارات الشرق (الأشرعة)
1ـ الذات/الموضوع: الشخصيات محورية، تقوم في رحلة البحث عن المصير (الموضوع).
2ـ المرسِل/ المرسَل إليه: تندغم «الذات» في المرسِل، و«الموضوع» في المرسَل إليه.
3ـ العامل المساعد/ المعاكس: يتمثّل العامل المساعد في النّصير، والمعاكس في النّقيض، فالمساعد هم الجنود الذين يعودون من الحرب، أملاً في بناء حياتهم وحياة الفلاحين المظلومين. والعامل المعاكس هو الاستعمار العثماني، الفرنسي، الإقطاعيون، الرأسماليون، حيث يتصارع الخير والشر، وتشهد أماكن الأحداث ملاحم بطولية، ومظالم عديدة يندى لها جبين الإنسانية. ويؤمن نبيل سليمان بالمذهب القائل إن البطولة ليست لفرد واحد وإنما هي للجماهير.
الشخصيات المحورية:

1ـ راغب الناصح، من الجولان.
2ـ ياسين الحلو، من الزنبقلي في جسر الشغور.
3ـ إسماعيل معلا، من كفر لالا، في مصياف.
4ـ عزيز اللباد، من قبية، في صافيتا.
5ـ فياض العقدة، من المشرفة، في حمص.

هؤلاء الأبطال فرّوا من الجيش العثماني والتحقوا بالجيش الميمّم شمالاً، جيش الثورة العربية الكبرى. وبعد أن انتصرت الثورة رغب كل منهم في العودة إلى قريته، بعد أن انتهى الجهاد الأصغر، في محاربة العدو الخارجي، وجاء الجهاد الأكبر، في محاربة العدو الداخلي (الإقطاع، البورجوازية).
بنات نعش:

يهدي نبيل سليمان هذا الجزء قائلاً:
«لبو علي ياسين وعبد الرّحمن منيف،
لأفئدة تلوّح:
سلاماً
لشرق قضى
وقرن مضى
سلاماً
لدنيا جديدة».
حيث يتابع نبيل سليمان في الجزء الثاني من «مدارات الشرق» مصير الشخصيات، وتبدأ بطلقات عزيز اللباد على عبود بك الرشدة الذي قتل هيلانة:
«صارت البندقية خفيفة بين يديه، كالرّيشة. صارت دافئة وأليفة، كأنّها لم تغادره منذ انتزعوه من قبية، وجعلوه يقطع هذا السّهل حتى طرابلس. لا ينبغي له أن ينأى عنها ثانية، وحدها تستطيع أن تجمع في ومضة سنيه المقضيّة، أسفاره ومراراته، أصدقاءه وأهله، سنيّه التي قد تكون بقيت له، أجمل أو أقبح، ما الفرق؟
وحدها البندقية يستطيع أن يركن إليها وقت الشدة. وعما قليل سوف ترفع حذاء عبود بك وغير عبود بك عن رقبته. سوف تنتزع من تحت ذلك الحذاء وكل حذاء، سوف تنتزع هيلانة من أحضان الضيوف العرب أو الفرنسيين أو الأتراك، وتمسح دموعها وجراحها، تستر عريها، وتزفّها، أو تشيّعها كما يليق. لن يدع عزيز أحداً يخرج في جنازتها سواه. وإذ يصل بالنعش الصغير إلى أهلها يطلب يدها، ويدفن فؤادها معه، وينطلق ثانية مثلما انطلق من حمص بعد أن أودع نجوم لدى العم حاتم.
كان يعاين فتحات القصر ومحيطه، الأضواء والأصوات، والليل يعدو وهو يلهث خلفه، ويملأ صدره من الهواء المسائي القوي، ويحمحم مثل حصان، يكتم ضحكته مما كان بالأمس، بل لتوّه، ويحاول أن يقلّد نهيق الحمار.
قبيل الفجر قرّر أن الجميع قد هجعوا. تسلل من البرج خفيفاً وممتنّاً للعيون الغافلة. دار حول القصر حتى النافذة التي قدر أن وردة كانت تنام خلفها. أيقظت طرقاته الخفيفة من كانت نائمة خلف النافذة، وجاءه صوت غير أليف. أمر صاحبة الصوت بفتح النافذة. ظهرت وردة في النافذة، فشهق وسمّى باسم الله الرحمن الرحيم. سأله الصوت عما يبتغي، وخاطبه باسمه. صار الصوت أليفاً، بيد أن صاحبته لم تعد وردة تماماً. سأل عمن في الغرفة وأمر صاحبة الصوت أن تذهب لتنام في مكان آخر. قفز إلى داخل الغرفة وصوت وردة يشهق. أمر الخادمة بالصّمت، ثم أمرها أن تستطلع له الممر والطابق الأرضي. خرجت الخادمة منوّمة، ولم تلبث أن عادت بصوت وردة الرّاجف:
ـ لا أحد.
سأله الصوت أو رجاه:
ـ ماذا تريد يا عزيز؟
ـ ريثما أعود افتحي النافذة المجاورة للبوّابة. افتحي النافذتين المجاورتين وعودي إلى غرفتك، ونامي. أغلقي هذه النافذة ونامي. إياك أن يراك أحد.
ألحّ الصوت:
ـ ماذا تريد يا أخي؟
وكان قد ابتعد. جرت خلفه، لكنه كان قد بدأ يقفز فوق الدّرج إلى الطّابق العلوي. طارت إلى البوابة، ثم إلى غرفتها، وقبل أن تستلقي سمعت دويّ رصاصة أو رصاصتين. طارت إلى الممر، لكن صوت خبطة قوية سمّرها. تلفّتت حيرى، جزعة، فإذا بدويّ جديد للرّصاص. جرت إلى نافذة غرفتها تدعو الله أن يحمي عزيز اللباد، وتمعّن في عتمة الليل التي تضاعفها ظلال الأشجار. ولم تلبث الأضواء أن أخذت تشتعل في القصر، والأصوات تعلو».
الشخصيات الأنثوية:

جانيت الفرنسية، خديجة التكلي، والست زهرة، ووردة، أم عثمان، نجوم. لكن النّص الرّوائي يتّهم جميع نساء المدينة بالتهتّك والعهر: سارة، مريانا، أم نور الدين، بينما يرى كل نساء الرّيف فاضلات، ولا همّ لهن غير العمل والبطولة. والمرأة الرّيفية تتمتّع بقوّة نادرة في الدّفاع عن شرفها أمام البيك والآغا والوكيل: فأم عثمان تصمد أمام الكثير من المحاولات، وتحترم سنّها وأمومتها، ووردة عندما تُرغم على التعرّي أمام الفرنسي، تهرب، لتموت في بطولة تراجيدية، دفاعاً عن شرفها. ونجوم الصوان، الصلبة، الشجاعة، ترتقي إلى مستوى الرمز الوطني والتاريخي، لتمثّل الشام والوطن كلّه.
يشكّك نبيل سليمان بصدق العربي فيما يتبنّاه من مبادئ: «هل الجمهورية عميقة وأصيلة فينا؟ كما أظن أنّ فكرة الديمقراطية ليست أصيلة ولا عميقة، رغم كل ما نعتدّ به من زوايا مضيئة في التاريخ».
حاول سليمان في «مدارات الشرق» أن يبحث في أسس التيارات الماركسية والقومية والإسلامية، ويتأمل نشأتها وما آلت فيه في القرن العشرين من دمار على جميع المستويات الفكرية والاجتماعية والوطنيّة والمؤسساتيّة.
لكن ألم يكن لأي مؤرخ أن يقوم بهذا العمل على نحو أفضل من الروائي؟ هنا تأتي تلك التجربة الغاضبة، تجربة اللذة الغاضبة: «الكتابة بلا أي حساب للخبرة الفنية وللرقيب التاريخي والسياسي، تجربة من الحرية. أظن أنها عجنت كل الحمولة التاريخية والفكرية التي في "مدارات الشرق"، واقترحت شكلاً يبدو للوهلة الأولى كلاسيكياً».
في هذه الرواية وبحسب الكاتب نفسه، ثمة تجربة خاصة في بناء الزمان الممتد عبر 65 سنة، بُني على شكل موجات. وهذا المقترح الجمالي في «مدارات الشرق»، هو إضافتها الأهم من محاولتها تصوير ما كان عليه أمر النفط في الثلاثينيات في سورية والعراق، وما وصل إليه مع بدء الانقلابات العسكرية عام 1948.

أمّا مشروعه كناشر، فتجلّى في «دار الحوار» التي أسسها سنة 1982، وانصرف إليها انصرافاً كاملاً بدل عمله في التدريس. يقول عنها منذر المصري: «أرادَ أن يخرج من حالة الهزائم المبكرة التي بدأ بها حياته وجعلها عنوان إحدى رواياته، إلى حالة الانتصارات المتأخرة، ويكون صاحب مشروع ثقافي متكامل».

قديم 12-18-2011, 12:12 PM
المشاركة 147
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،،
مدارات الشرق:


قام المؤلفان د. محمد صابر عبيد، ود. سوسن هادي جعفر البياتي، بدراسة في الملحمة الروائية «مدارات الشرق»، متسائلين عن العلاقة التي تربط الفن الروائي بالتاريخ، بوصفه معيناً مركزياً يغذّي الراوي بمادة كثيفة وفعّالة، وكيفية استنطاق الحدث التاريخي وتفعيله روائيا، والوسائل المتاحة أمام الروائي ليستطيع تحويل الحدث الواقعي إلى رواية تاريخية، لاسيّما وأن منظّّر الرواية التاريخية (لوكاتش) اعتبر الرواية أدباً اجتماعياً، وفناً في التعبير عن المجتمع بكل إسقاطاته وتجلياته، إيجابياته وسلبياته، صفائه وشوائبه، وبكل ما يختزنه من أحداث وهموم ومصاعب إلى جانب أحلامه وآماله وطموحاته.

فإذا كانت الرواية أدباً اجتماعياً ـ في المنظور اللوكاتشي ـ والتاريخ جزءاً من نشاط المجتمع البشري في حقبة زمنية معينة، بل هو كنز الأسرار الخاصة والعامة المرتبطة به والممثلة له على نحو أو آخر، فإن الرواية هي تعبير تمثيلي ـ تخييلي عن الفضاء العام لهذا الكون الإنساني في أنموذجه الاجتماعي ـ التاريخي، فثمة علاقة ثلاثية المنشأ تستلهم أركانها من هذه الأعمدة الثلاثية المكوّنة للمثلث النصي في التشكيل الروائي: المجتمع/التاريخ/الرواية. فالمجتمع هو الأساس الأولي الحيّ وعليه ومنه ينطلق التاريخ في تسجيل أحداثه المرتبطة به والممثلة له.
ورواية «مدارات الشرق» قد استوعبت في ثناياها الكثير من الأحداث التاريخية وصاغتها صياغة روائية ـ تمثيلاً وتخييلاً ـ عبرت بالأزمنة والأمكنة الحدود الروائية التقليدية في إطارها العام، وتعاطفت مع الشّخصيات التي عانت ما عانت، من جراء خذلان أصحاب الزّعامات لها وهي تبحث عن ممكنات عيشها الرّغيد على حساب الطبقات المسحوقة، في نمط خفي من الصّراع الطّبقي المهيمن على ذهنيّة مجتمع تشكّلت نسقيته على هذا الأساس.
تجاوزت الرواية في هذا السياق السمات السردية التقليدية الجاهزة، لتخلق لها سمات مبتكرة تفرضها الطبيعة الملحمية للحدث الروائي، وصياغة حوارات ذات وظائف انفعالية وتفسيرية وإشارية، لتؤسس عبرها لغة روائية خاصة يندمج فيها المديني بالرّعوي والشرقي بالغربي، مع ما فيها من صدامات ومشاحنات وتنافر تصل حد الإذلال المتعمّد والمهين لكرامة الإنسان واستحقاقات وجوده الطبيعي في الحياة عبر كشف أساليب تعذيبية وحشية. فالرواية على وفق هذه الجدلية زاخرة بالمقابلات الضدّية مادياً ومعنوياً: الحياة والموت/الاتصال والانفصال/الثورة والرضوخ/السلطة والاستعباد/المقاومة والعجز، حيث التضاد شكل من أشكال الصراع الملحمي العنيف.



مفهوم الأنا والآخر والمسؤولية الثقافية

تثير مسألة الأنا والآخر إشكالية سردية ترتبط باختلاف وجهات النظر أو الزاوية التي ينطلق منها الروائي في إبرازها بصورة قد تكون معقدة وشائكة نوعاً ما، وربما تظهر الأنا مفردة بصورة أكثر وضوحاً فيما لو اقترنت بالآخر، ولا سيما إذا كان هذا الآخر هو العدو بحدّ ذاته، حيث يضع الأنا في موقع تصادمي وصراعي على الدّوام، وهو ما يؤسس إشكالية العلاقة، التي تحكمها أسس ثقافية وفكرية وفلسفية وسيكولوجية وأيديولوجية، تنهض بصناعة طبيعة العلاقة وكيفيتها على عدّة مستويات.

ويتم بناء صيغة العلاقة وتلقّيها عبر المقابلة بين صورة الذات (أو «الأنا»، أو «النحن» العربية) وصورة «الآخر» الحضاري الغربي، مع فروق في الطرح تحددها مواقف ورؤى المفكّرين والأدباء. وقد تعاملت الرواية العربية منذ تجاربها المبكّرة مروراً بكل التحولات والثورات التي مرت بها حتى الآن مع هذه الإشكالية التي صارت ثيمة محورية في الخطاب الروائي العربي، واشتملت على طروحات ورؤى، حتى باتت أشبه بموضة طالت مشاغل أكثر الروائيين العرب، إلا أنها جاءت على مستوى عال من المسؤولية الثقافية والإبداعية عند الروائيين المخلصين لمشاريعهم، حيث تخلّصوا من سلطة التقليد وعالجوا القضية بوعي فنّي وفكري وتقاني متميز، انعكس إيجابياً على تجاربهم وأصبح قضية مركزية من قضاياهم الرّوائية.
فوضع الحدود الفاصلة للمفاهيم واجتراحها، هي النقطة الأهم والأشمل، خاصة إذا تعلق الأمر بالآخر، ذلك أن هذا الآخر لا يبقى على وتيرة واحدة وشكل واحد ورؤية واحدة وحساسية واحدة بمرور الزّمن، كما هو الحال في «مدارات الشرق».
إن نقطة الالتقاء بين الأنا والآخر هي التي تشكّل المادة الأساس لمشروع السّرد الرّوائي: «أنا النص والآخر، منتجاً جملة من الإحالات اللغوية والنفسية والفكرية، التي غالباً ما تكون في خصوصية المعنى، تعبّر عن أنا وآخر في الوقت نفسه، فالسّرد بوصفه التّوليفة المحايثة لتوظيف كل منهما في تركيبة الوعي، كرغبة إرادية تمتحن صيغ التعايش الممكنة بينهما، وتجعل من الآخر مرتدّاً في حيّز الوجود إلى الأنا في إطار الكينونة».
فنحن إذن أمام تعدّد الآخر وتنوّعه ـ في الشكل والهوية والمشروع والمنهج والفكر ـ فيما تبقى بالمقابل، الذات العربية، الأنا الفردية، والأنا الجمعية واحدة لا تختلف عبر مرّ العصور وإن اختلفت وجهات نظرها وتطلّعاتها وآمالها، على النّحو الذي يخلق إشكالاً تفاعلياً بين حركة الآخر في تغيّره المستمر وثبات الأنا في استمرارها النّمطي على حال شبه مستقرّة.
تتموضع الأنا والآخر إذاً في مكان واحد وفضاء عملي واحد، فلا يمكن الحكم على الآخر بأنه الآخر، ما لم يكن هناك صلة تربط الاثنين ببعضهما، يتحرّكان في فضاء مكاني وزماني واحد، ففي إطار هذه المفاهيم تتكوّن «فكرة الآخرية من حجم الصّراع بين الإنسان والإنسان، وكل صراع بين إنسان وإنسان يبتدئ من تموضع كلا الطّرفين في حيزيّ الآخرية، فلا يمكن أن يحدث بينهما صراع ما لم يكن كل منهما آخر بالنسبة للآخر، على المستويين الفردي والجمعي، والآخر هو الكلية المزدوجة للكينونة الذاتية وتقويضها في الآن نفسه».
فالصراع بين الطرفين يبدأ عندما يحس عامل الأنا، بأن رغبة الآخر تشتغل للاستحواذ على الفضاء الخاص به وتحييده وتهميشه وإقصائه، وممارسة إكراهات معيّنة على رصيده الأنوي المستقل.
أشكال الأنا:

يتدخّل الراوي دوماً في إقحام ذاته، بين «الأنا» و«النحن»، وبالتالي يصبح ضمير الغائب هو الفاعل والمسيطر على هذا التلاعب في الضمائر، وذلك إنما يعود إلى أسلوب خاص يتبعه الرّاوي في التّحديدات الضمائريّة، وهي تحديدات تعلن مسبقاً عن مهارة الراوي وبراعته في التلاعب وقدرته على إدارة دفّة السّرد والتحكّم بمجرياته: «كان ميتاً بحق، على الرّغم من أنه قد طاف في ساحة البيت، وحوله، ثم حول النّهر، يتحاشى أن يصادف أحداً ممّن يعرف أو لا يعرف، يتلمّس الجنيه الذي أودعتَه في جيبه هذا الضّحى المشمس. وبعد المغيب يتسلّل إلى المحطة، يقعي في زاوية قذرة ومعتمة حتّى يأتي القطار، فيتسلّل إلى جوفه، ويدفن نفسه هناك.
أيّهما كان أكثر عجزاً: ذلك الشّاب الذي خلف شماً وراءه بلا عنق، أم هذا الكهل الذي خلف نجوم وراءه بلا سروال؟ أيّهما كان أكبر هزيمة؟ هل كان ما فعل رصاص الفرنسيين في الكهل أقتل مما فعلت سكاكين الخيالة في الشاب؟ شخصية العم حاتم أبو راسين من الشخصيات المثيرة حقاً في الرواية، تنمو وتتطور مع الأحداث على الرغم من إنه يتحرّك في نطاق مكاني ضيّق، ومع محدوديّة الدّور الذي يلعبه ـ إذ ينتهي هذا الدّور مع نهاية الجزء الأول ـ إلا أنه استطاع أن يترك بصماته على الأحداث، سواء أكانت الأحداث الماضية التي يعود إليها بذاكرته عبر تقانة الاسترجاع أم الأحداث الراهنة التي يعيشها في الحاضر، إذ يمكن اعتباره رمزاً، وانعكاساً فنّياً لمعاناة الإنسان المقهور في المجتمع الاستبدادي الشرقي المتطلع إلى الحرية والتقدم».

وبفعل الروح الوطنية التي يحملها، فإنه يتحطم إنسانياً بفعل الضربات الموجعة التي تلحق بروحه وجسده وحلمه هزيمة ساحقة، هذه الهزيمة التي تترك أثرها في علاقته بنجوم، ومن ثم يبرز الهروب بوصفه بديلاً أو وسيلة للتخلّص من عقدة الذنب التي يحسّها، هذه العقدة التي نشأت لديه بعد أن ترك شمّا تُذبح أمام عينيه وهو ساكن وعاجز لا يتحرّك ولا يتمكّن من فعل شيء. هنا تتحول الشخصية التي عرفناها في بداية الرواية ـ مرحة، ثورية، فاعلة ومتفاعلة مع الآخرين، محبّة ـ إلى شخصية أخرى محطّمة، منسحقة، فيثور، وتبرز هذه الثورة في نقمته على نفسه، والتمرّد عليها، إذ ينشأ الصراع داخليا وذاتياً أكثر مما هو خارجي، وبفعل الضّغوط والمواجهة الحادّة مع النّفس تتشكّل رؤيته الخاصة لذاته ولشخصه ككيان يحمل في داخله آثار الدّمار والعجز ومحاولة إفناء الآخرين من غير تعمّد.
«أيقن عمر وهو يخرج من اللجة، ويلتقط أنفاسه، إنه قد جبل من طينة أخرى، ليست مثل طينة أحد ممن عرف حتى اليوم، وإذ راوده ذلك فيما بعد، لام نفسه على غرورها. فعمر التكلي هو على الأقل ابن الحاج المرحوم، شقيق هولو وخديجة. ولكن نفسه تأبت على هذا النّسب، استصغرته بالأحرى، كما لم تشأ أن تقترن إلى سليم أفندي ولا الباشا ولا الخواجة ثابت، بل أنها زينت له أن أولاء جميعاً قد يكون فيهم ما ينسبهم إليه، ولهم على أية حال أن يكونوا من طينة أخرى إن شاؤوا. أما هو، فله أن يشمخ عالياً، يبتدع أصلاً وفروعاً، ولذلك تكون النسبة إليه. وبقدر ما يقترب الآخرون منه يكونون من طينته، لا فرق بين طه اليتيم أو الباشا أو أمه العجوز أو أي كان. فسوى ذلك ليس ثمة إلا المساكين والحمير، سواء أكانوا باشوات أم خدماً، خواجات أم أمراء، فلاحين أم بدواً أم تجارا، فرنسيين أم سوريين. إنه عمر العمر، لا عمر التكلي، ولو أمكن لجعل الناس جميعاً ينادونه بهذا الاسم الجديد العتيد».
من خلال شخصية عمر التكلي نقف على نشأة البرجوازية الحديثة في الشرق العربي، واهتمامها بمصالحها الشخصية، وتحيّنها الفرصة للصعود، فهي شخصية نرجسية، تعيش في عالم آخر أكثر ثراء من العالم الذي تركته خلفها، فهاهو عمر مزهواً بذاته، متملّقاً حتى في أبسط الأمور، انتهازياً بكل معنى الكلمة، ونرجسيته هذه تجعله ينظر إلى نفسه بمنظار آخر إذ يحتفي بذاته ويتمركز حولها تمركزاً شديداً.
كذلك شخصية فيّاض العقدة الذي أحب نجوم الصوان، ورغب الزواج منها، وبعد أن خطبها وحدث احتلال مرجمين، أُصيب فياض وتشردت نجوم بعد أن قُتِل أبوها وماتت أمها، تلتقي بعزيز فيأخذها إلى العم حاتم أبو راسين ويغيب عنها، تتزوج نجوم من العم حاتم، في أثناء ذلك يستطيع فياض الهرب من المستشفى والبحث عنها، يلتقيها هناك في بيت العم حاتم بعد أن يكون قد استشهد وتركها أرملة.
يتحوّل فياض إلى شخصية انتهازية وجشعة، نرجسية، يتنكّر لأصدقاء الأمس بغرور، يحاول السيطرة على الآخرين، محاولاً الاستحواذ على كل ما يمكنه الاستحواذ عليه في سبيل الإعلاء من شأن وجوده الشخصاني، وكأنه يعاني من «مركب النقص» ذلك أن إحساسه بفقدان الكثير مما كان يأمل الحصول عليه قبل الاحتلال، نمّى لديه شعوراً قويا بالعقدة - لاحظ التسمية المقصودة في اسمه - وهذه العقدة تدفعه إلى التعامل مع الآخرين بقوة مزعومة، فيتعامل مع الفرنسيين ويضطر الثوار إلى قتله.
أما شخصية فؤاد، فهو مثقف أولاً، عاش في الغرب مدة من الزمن، تنتمي عمته إلى إحدى الدول الغربية التي عاشت فيها وتزوجت هناك من المستر بيجيت، ينتمي إلى أسرة عريقة فأبوه الباشا شكيم أحد باشاوات سورية، له صلة بالإنكليز، عاش حياة مترفة، متنقّلاً بين الشرق والغرب. يتجاذبه طرفان، الغرب من جهة، والشرق من جهة أخرى، ومع هذا الانتماء فإنه لا يحس بانتمائه لأي جهة منهما، بل ينتمي إلى وطنه ويسمّي عشيقاته بسورية. ويتجلى أنموذج الأنا من خلال عنصر الشخصية، حيث تتمادى في أنويتها على حساب الذوات المجاورة مما يكسبها حسّاً فاعلاً بوجوب حصولها على استحقاقات إضافية ليست لها في الأصل.
إشكالية الأنا/الآخر:

تغدو الأنا في علاقتها بالآخر المحور المهم في توجيه الصراع الدائر ووضعه على طاولة المفاوضات الثنائية التي لا تجد مفراً سوى الرضوخ لهذه الثنائية وبالتالي التماهي بين الاثنين، وإن كانت النتيجة تحسم دوماً في صالح الجانب الآخر بوصفه الحلقة المسيطرة في عمليات الصراع ودينامياته.
فشعور العربي بتفوق الغرب عليه، في كافة المجالات خلق لديه هاجساً مريراً، فنشأ الصراع بين «الأنا والغرب» مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تساوي كفتي الصراع. فصورة الآخر المتفوق والمهيمن والمركزي والمتسلط والصانع للحضارة دوماً، تجعل العربي يظهر بمظهر المهزوم، المضطرب والضعيف ويندرج ضمن هذا المحور عدة أقانيم تحدد شكل العلاقة وتفسّرها.
الآخر/الإنساني، وفيه:

الآخر/العربي. الآخر/الغربي. الآخر/الصهيوني. الآخر العربي في نظر الأجنبي. الآخر الغربي في نظر الأجنبي. الشرق/الغرب.
وتظهر صورة الآخر/العربي بكل قسوته وجبروته وطغيانه ضد الأنا/العربية المستضعفة والمقهورة التي لا حول لها ولا قوة. فشخصية عزيز اللباد في نظرته السلبية والدونية إلى عبود بك، مقابل نظرة هذا الأخير الفوقية المتعالية إلى عزيز، ورغبة الأخير في الإبادة التامة التي يمارسها على كل من يحاول الخروج عن الطاعة. أما القوة، العزوبية، الهدوء، الأمانة، عفّة النفس، فهي صفات يحملها القطب الآخر، المواجهة لعبود بك، الصفات التي يفتقدها ويبحث عنها عند الآخر، وتمسكه بعزيز وحرصه على بقائه معه، إنما يأتي من باب التمسك بهذه الصفات.
«لقد استهواه عمر منذ البداية، ومليا فكّر من بعد فيما ينطوي عليه ذلك الشاب من قدرات فيما يجذب الناس إليه، في ألغازه وتناقضاته. كان عمر يبدو لراغب ضعيفاً وساذجاً، يقدر أن يلعب بعقله مثل الطفل، حتى إذا همّ بذلك، تكشف عن رجل صلب ومحنّك، عن خبيث بخاصة. وأياً كان لا تنقصه القوة. كان راغب يشفق على ما يخيل إليه من تردد عمر وجهله، يودّ لو يأخذ بيده فإذا بعمر، حيث ينبغي أن يكون، خبيراً وصارماً، لا هو بابن الحرزة التي استهاب راغب بأصله، ولا هو مثل من عهد أو عرف من الوكلاء أو التجار...».
يظهر عمر في صورة شخصية مركّبة، قلّما يستقر على حال واحدة، انتهازية نشأت مع الطبقة البرجوازية، ينمو مع الأحداث ويتغيّر معها، تارة يكسب أعداء كثيرين، وقلما يحتفظ بصداقاته مع الآخرين إلا بما يخدم مصلحته الشخصية الضيقة، وفي نظرة راغب إليه تتكشف هذه الحقيقة السردية التي تفصح عن نفسها في مونولوج يرصده الراوي بصيغة الغائب الذي يعبر عن مكنونات النفس الداخلية وما يحاول راغب التعبير عنه. وعلى الرغم من أن ضمير الغائب هو المهيمن على النص، إلا أنه يتناوب في الانتقال من شخصية إلى أخرى، فالضمير الغائب الموجود في «استهواه، بعقله، إليه، يود، ينقاد، نأى، يفكر، يقرأ، سره، يميل» يعود إلى راغب. فيما يعود الضمير نفسه في الأفعال الأخرى إلى عمر، والنص مسرود عن طريق الراوي كلي العلم، حيث السرد الموضوعي هو الطاغي على مجريات القول الروائي، حيث يبرز الصدام بالوعي الثقافي المغترب، في النظرة إلى هذه الثقافة التي تؤطّر نفسها داخل أسوار البيئة التي انبثقت منها، فيما تتحرر من هذه الأسوار بمجرد ما تنفتح على الخارج وتدخل في حوار مع ثقافة أخرى، فالمثقف الشامي، والعربي عموماً، يكبر بمجرد ما يهاجر. هنا يصبح الانفتاح على الآخر انفتاحاً تحررياً يدعم حرية الذات وصيرورتها على نحو ما، فالذات العربية عندما تجد نفسها في بوتقة ما محاصرة حصاراً ضيقاً يصل إلى حد صعوبة التنفس، تحاول التمرد والخروج على قوانين الأسوار المحيطة بها، ويستغل الآخر هذا التمرد والخروج على القوانين فيعمل على تلبية كل المطالب الممكنة لهذه الذات المتمردة، ليس بدافع التعاطف معها، بل إن ثمة دافعاً حقيقياً وراء هذه الاستجابة غير المشروعة. فهو وبكل بساطة يريد من هذه الذات أن تكون بوقاً أو أداة دفاع تم إعادة إنتاجها وفق صياغات هذا الآخر من جهة، ومن جهة أخرى يعمل على إذلال الآخر/العربي وعزله عن طريقه بوساطة مشاريعه الرامية عادة إلى استغلال الآخر/العربي على المستويات كافة، إذ يعطي الغرب حرية كافية للتغيير في محاولة منه لجذب الآخر/العربي إليه وإيهامه بحلم الخلاص والتغيير الذي يلوح أمام شخصيته، وهنا يكمن سر الهجرة وتكمن سرّ الإشكالية التي تحكم هذه العلاقة. يجد المثقف نفسه دوماً مقيداً محاطاً بمجموعة من التابوهات غير المسموح بتجاوزها (السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية)، وربما كانت السياسة والجنس أكثر هذه التابوهات قبولاً.
الآخر/الغربي:

إن الاعتراف بالهزيمة، هزيمة الذات العربية ينطلق من الإحساس الفاجع بأن الذات العربية هي مصدر البلاء وأساسه، ولولا ضعفها واستسلامها لما كان للعدو أن يمزق جسد الأمة العربية على هذا النحو المرعب، يصول ويجول فيها ويتلاعب بمقدرات الذات العربية كيفما يشاء، فالعرب منهمكون دوماً في نواح مستمر وبكاء وجلد للذات على إحساس دائم بالانكسار والهزيمة لا ينتهي.
«إذا بقي الانكليز يحلبون الشام مثلما كان من قبلهم يحلبها. وكما لم يخرج من قبلهم إلا بالقتال، ظني أنهم لن يخرجوا إلا بالقتال. ولن يكون الحال أفضل مع الفرنسيين. هاهو الساحل كله أمامك، ألا تسمع بما يجري هناك؟ قل يا راغب بربّك: لماذا تطمع الدنيا ببلادنا؟ بل لماذا تطمع الناس ببعضها؟ ماذا يضرّهم لو تركونا نعيش بسلام؟ هل كتب الله علينا ذلك؟ مرة الأتراك ومرّة الإنكليز، ومرة الفرنسيين، وهاهي فلسطين تبتلى بالصهاينة!! شيء يحيّر! شيء يقبض القلب. لو كنا أقوى فهل تظن أن الآخرين كانوا يتطاولون علينا هكذا؟».
وتبرز روسيا ـ بوصفها مرحلة أخرى من مراحل النكبة التي شهدتها سورية ـ مبعثاً للوباء الشيوعي المستشري فيها، وبمقطع صحفي نقف عند نظرة العرب إلى الشيوعية: «وفي اليوم التالي جاءني بجريدة حلبية وقال لي: اقرأ. قرأت على قدر ما أستطيع، وحفظت وطار صوابي. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إليكم أيها العمال، أيها الفلاحون المغرورون بمحاسن المذهب الشيوعي والآخذون بدعاية رسل السوفييت وأضاليلهم. إليكم يا بني وطني هذه الصفحة السوداء عن روسيا الحمراء مبعث الوباء الشيوعي. والصفحة يا هولو حديث ليهودي روسي هارب من هناك، الشيوعيون ملحدون، يحاربون كل مؤمن، مهما كان دينه، يمنعون المسلم والمسيحي واليهودي من العبادة. الشيوعيون فجّار، يركبون بعضهم مثل البهائم. لا يحللون ولا يحرّمون، وروسيا مثلها مثل كل البلاد فيها الصالح والطالح، ولكنها تحاول أن تكون أفضل. ولم تمش مع الأبالسة الذين يقهرون الشعوب ويحلّلون دمها».
وبهذه السلبية تظهر فرنسا في نظر العرب، فزين العرب يعقد مقارنة بينها وبين غيرها من الدول الغربية وفيها تظهر إشارة إلى أصالة الأمة العربية وكيف يعمل العربي على الإعلاء من شأن أمته على الرغم من السلبية التي ترزح تحتها، وتظهر هذه المقارنة عبر أصوات عديدة تحاول الكشف عن همجية فرنسا والدول الغربية.

قديم 12-18-2011, 12:13 PM
المشاركة 148
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،،
الندوة النّقديّة التّكريمية

كرّمت وزارة الثّقافة مؤخّراً الرّوائي والنّاقد نبيل سليمان في المركز الثّقافي العربي باللاذقية، بإقامة النّدوة النّقدية التكريمية، التي تناولت عطاء المبدع الرّوائي والنّقدي، الذي امتدّ على مساحة نصف قرن، بلغ فيها نتاجه سبعة وثلاثين كتاباً.
استمرّت النّدوة لمدّة يومين متتاليين، تضمّنت ثلاث جلسات شارك بها عدد من الباحثين النّقديين من مصر، العراق، السّعوديّة، وسورية، وأفصحت أبحاثهم عن مكوّنات إبداعه ومزاياه الدّاعمة للرّؤى الفكريّة والإنسانيّة القوميّة.
أهدى المبدع سليمان تكريمه إلى من هو أولى منه في هذه المدينة، وخصّ بالذّكر بو علي ياسين وإلياس مرقص وهاني الرّاهب، وحضّ القيّمين في اللاذقية على ذكرهم على الأقل باسم شارع أو مدرسة. وحثّ وزارة الثّقافة لتوالي نهجها الحميد بتكريم من ذكر ومن فاته ذكرهم. مضيفاً: «أصارحكم بأنني كلما اقترب هذا المساء كنت أزداد غبطة وقلقاً، إنّها الغبطة بهذه المودّة وبهذا التّقدير. وإنه القلق في اشتباه التّكريم بالوداع الأخير في ثقافتنا المعاصرة، حيث نصيب التّكريم أدنى بكثير من نصيب النّسيان والنّكران. لكنني متمسّك بالبقاء معكم، أي بالكتابة معكم وعنكم وإليكم، أمّا التّرميم فلعلّ أبْلغه هو في دراسة ونقد أعمال المكرّم».‏
وأكّد السيّد وزير الثقافة د. رياض نعسان آغا على أنّ معرفته بنبيل سليمان بدأت بعدم حبّه للنّهج النّقدي الذي يكتب ويتّخذ المواقف النّقدية من خلاله، ثم بدأ حباً به كشخص ليتحول إعجاباً بنتاجه الرّوائي بشكل عام، وهذه كانت إحدى مفارقات نبيل سليمان. ‏
إنجاز ضخم:

في الجلسة النقدية الأولى التي تمحورت حول نبيل سليمان ومواقفه الفكرية والأدبية والنقدية شارك د. سيد البحراوي من مصر الذي تحدث عن نبيل سليمان النحلة والإنسان مؤكداً على أن المحتفى به إنسان يمتلك الكثير ويحرص على أن يقدم هذا الكثير إلى العالم وأنجز عشرين كتاباً نقدياً وثقافياً وسبع عشرة رواية، وهو إنجاز ضخم على مستوى الكم يحتاج إلى وقت.‏ غير أن الأهم هو الخصائص النوعية، فمع أن تركيز سليمان غالب على الرواية إبداعا ونقداً، إلا أن أعماله النقدية تنوعت، فبالإضافة إلى النقد الروائي هناك اهتمام واضح بالأيديولوجيا والثقافة عامة والماركسية والتراث العربي. مضيفاً بأن نبيل سليمان لا يتورع من تجريب كل أشكال الكتابة الروائية من حيث الطول، فلديه القصيرة (جرماتي)، والخماسية التي تتجاوز الألفي صفحة (مدارات الشرق)، ومن حيث التوجه الفني بين الواقعية والسيرة الذاتية وتيار الوعي والحلمية.
وتناول د. سعيد الدين كليب نبيل سليمان ونقد النقد مبيناً أن سليمان قدم خدمة كبرى للحركة النقدية الأدبية في سورية، سواء أكان ذلك من خلال المشاركة والمتابعة والمساجلة النقدية أم من خلال توطيد النقد ونقد النقد في الوعي الثقافي. وعرض الدكتور كليب سمات نقد النقد لدى سليمان والتي تتحدد بنقد النقد المتبع في النص النقدي في علاقته بالنص الأدبي، ونقد الأسس النظرية الكلية الناظمة للنقد، ونقد الآراء والأفكار الجزئية في علاقتها فيما بينها وعلاقتها بالأسس النظرية الكلية، ونقد النقد من منظور علاقته بالفعالية الاجتماعية - الثقافية.
استمرت الندوة التكريمية للروائي نبيل سليمان في يومها الثاني وتصدت الجلستان النقديتان لنبيل سليمان قاصاً وروائياً. شارك في الجلسة الأولى د. سعد البازعي من السعودية وتناول ارتباك العيش في «درج الليل- درج النهار» فهذه الرواية تطرح جملة من القضايا على مستوى الثيمات والشكل وتقترح توظيف الشكلي للدخول في المستوى الآخر، فالاقتباس أولاً: لرواية تضيء دلالات العنوان مثلما تعين على تبين بعض جوانب الثيمات التي يتناولها العمل. وفي المجمل فإن ما تطرحه الرواية هو صورة من مجتمع نخبوي تكنوقراطي يعيش حالة من الارتباك الوجودي، أي المتصل بقيمة سلوكه مثلما هو متصل بالظروف التي تحيط به على المستويات كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويتابع البازعي مؤكداً: الاقتباس الأول، المستمد من مصدر صوفي، يوحي بأن ثمة حقيقة يمكن الوصول إليها وراء تلك الأدراج المتعاقبة في الليل والنهار بإشارته إلى «درج الحقيقة» لكنه في الآن نفسه يشير إلى حجم الاضطراب والزيف اللذين تموج بهما أحداث الرواية، وذلك بإشارته إلى تخلي الأصدقاء وحجم المعاناة المطلوبة للوصول إلى تلك الحقيقة، أو إلى إنقاذ المجتمع من الوضع الذي يعيشه، ومنها التحقيق الأمني والاضطهاد الذي تلقاه فئة دينية هي فئة الإيزيديين. كما تفيض الرواية بقلق إزاء الأحداث السياسية المحيطة، وفي طليعتها الحرب المتوقعة في العراق حين كتبت الرواية.‏
إضاءات‏:

وقدم د. محمد صابر عبيد من العراق مجموعة من الإضاءات التي كشفت عن مفاصل القراءة لرواية «دلعون» بوصفها الرواية الأخيرة للمحتفى به، وعرج فيها على التشكيل الإيروسي وحساسية التعبير السردي. فـ «دلعون» أتت بعد تجربة ثرة امتدت على مساحة زمنية اشتغل بها الروائي على عدة كتابات، وتفنن بالتقانات الروائية الحرة التي أعطته فرصة للكتابة كما يشاء.‏
فتجربة سليمان أسهمت إسهاماً فاعلاً في إنتاج الرواية المعاصرة، ورواية «دلعون» مغامرة روائية شكلت موقعاً متميزاً في المدونة السردية العربية الحديثة.‏

وأشار د. عبيد إلى أن الروائي حاول كسر هيمنة القضية المركزية وسيطرة الحكاية على المسرود الروائي وراح يفتح أفقه على مسارات سرد سيري شخصاني، مشتت نسبياً، لا يعبأ بالعناصر والمكونات والسياقات التقليدية في الحكي والتصوير السردي بغية إنشاء عمارة سرية ذات هندسة روائية خاصة، تنهض على تفوق حضور الشخصية الروائية ذاتها، وانفتاحها على المشهد السردي بتلقائية مقصودة تتعمد استظهار باطنية الشخصية على سطح ظاهرها .‏ مبيناً أن الفضاء العام والمهيمن على الرواية فضاء مقهور ومتوتر ينطوي على ضياع مأساوي عميق، ويحظى التشكل الإيروسي فيه بحضور طاغ وجوهري ومقصود، وهو في مضمونه الدفين يسعى إلى الانتصار على اللحظة السردية المشبعة بالقهر والتوتر وفقدان الأمل.‏
نص كرنفالي:

وتصدت د. زبيدة القاضي لرواية «مجاز العشق»، ملتقى النصوص والفنون، واعتبرت الرواية نصاً «كرنفالياً» مشيرة إلى أن المواد غير الأدبية فيها انفتحت على جملة من الخطابات والنصوص غير الأدبية استعارها الكاتب من فضاءات مختلفة، واختزلتها في ثلاثة حقول (إعلامي، ثقافي، اجتماعي). واستمدت الرواية حداثة كتابتها من التفجير المتعمد من قبل الروائي لأبنية اللغة وأنساق الأسلوب بغية اشتقاق لغة جديدة من اللغة ذاتها، ونحت أسلوباً متميزاً من خلال تدميره أنساق الأسلوب التقليدي بتحويل التناسق إلى تفكك يصبح هو الآخر تناسقاً يطبع كلية النص، لا تجزئة ولا تفصيلاً، وتأتي الكتابة وكأنها جملة واحدة متواصلة.‏


واتخذ د. وفيق سليطين رواية سليمان الأخيرة «دلعون» مادة لبناء «الذرى السردية في التأويل والتنازع الدلالي»، فبدأ بتعريف مقترح للذروة السردية، يفرق فيه بينها وبين الحبكة ويميز بين أنواع الذرى السردية، المركزية منها والفرعية، على قاعدة الربط بالبنية والوظيفة من جهة، وبإنتاج الدلالة الكلية من جهة أخرى، كما ذهب إلى تطبيق مقترحه الموصول بالذروة السردية على الرواية مشخصاً ذروتها المركزية في احتدام المواجهة عند شليطا (سردياً ودلالياً)، وقدم من خلال التحليل الموضوعي فحصاً لحوافز التنامي، ولمركبات التعقيد والتنازع المشكلة للذروة الموصوفة في منحى تحريض ممكنات التأويل والانفتاح عليها، من خلال الربط بتحولات السرد وخاصيات بناء لحظة (الذروة) لرد ذلك على باقي الأجزاء في تعالقها وتفاعلها، بما يهيئ الدلالة الكلية للنص من منظور هذا التناول.‏


في غيابها


ورغم أن د. فيصل درّاج لم يتمكن من الحضور شخصياً، إلا أن بحثه قدم من خلال د. صلاح صالح وجاء فيه: «يمثل نبيل سليمان منذ ثلاثة عقود تقريباً الصوت السوري الروائي الأكثر اجتهادا وتنوعاً، إن لم يمثل حالة ثقافية خاصة تمارس النقد والنشر والكتابة الروائية والمداخلة الفكرية الضرورية، وإذا كان في هذه الممارسة أعطى الرواية السورية أفقاً جديداً، فقد كان ذلك الجهد المتراكم الذي صوب أدوات الروائي، وأتاح له أن يكتب مدارات الشرق التي قرأت التاريخ القريب بأدوات روائية، وأن يساجل التاريخ القائم في مساحات يومية ضيقة، كما في روايات أخرى (السجن، ثلج الصيف). إلا إنه على هذا السجال الخصيب الذي يقرأ الواقع في نزوعه وينظر إلى هذا النزوع من دون غبطة ولا مسرة. والتاريخ اليومي الذي يرصده سليمان ويؤوله ويرفضه، مرآة للقيم الإنسانية التي إن ارتقت وعدت بخير وإن تسفلت أنذرت بمستقبل من هشيم».


وتشير الورقة إلى أن أعمال سليمان الروائية تنتج بمعنيين مختلفين للتاريخ: يساوي الأول منهما بين التاريخ والوقائع الماضية حيث ما مضى أخذ دلالة خاصة به تقبل أكثر من تأويل، أما المعنى الثاني فمرتبط بوقائع حاضرة لا تزال تتكون وتتطور ولم تأخذ صيغة نهائية بعد، والمعنى الثاني صادر عن شخصيات مختلفة تعيش حياة يومية وتسهم في تشكيلها وبنائها انطلاقاً من ممارسات ومواقف وتصدرات متعددة. يتعين المعنى الثاني في حقل القيم، ذلك أن التاريخ في تقدمه وتراجعه مرآة لتقدم القيم أو تراجعها.

تجليات ثقافية:‏


وتناولت د. شهلا العجيلي «تجليات النسق الثقافي في نص سليمان الروائي»، والتي أكدت خلال عرضها أنه نص متطور وتجربته في الكتابة تجربة تصاعدية يتحول النص فيها من الأيديولوجي ليصير إلى الجمال المعرفي الذي تسعى إليه نظرية الرواية، ويبدو هذا التحول جلياً في انتقال سليمان من كتابة «المدارات» بأجزائها الأربعة إلى كتابة رواياته الأخيرة: «في غيابها»، «درج الليل- درج النهار»، و«دلعون». إذ يلحظ المتلقي انتقال الكتابة الروائية لدى نبيل سليمان من مرحلة استقطاب النص لمقولات النظرية إلى مرحلة كتابة التجربة، فكيفّ نصه ليكون أيديولوجياً، وتاريخياً، وسياسياً من غير أن يتخلى عن الأيديولوجيا والتاريخ والسياسة. ويعود ذلك التحول إلى اكتشاف المبدع وجوهاً جديدة لعلاقته بالنسق الثقافي، ما اقتضى الشغل بلعبة سردية جديدة على كل النسق المسيطر والنسق المعارض في الثقافة.‏

تعدد بنية السرد‏:


واختتم القراءات النقدية د. رضوان قضماني بقراءة لخطاب نبيل سليمان الروائي «من الحكاية إلى تأويل الحكاية: السرد ولغة التشكيل الدلالي فيه»، مشيراً إلى أن منذ صدور روايته «ينداح الطوفان» (1970)، وحتى صدور روايته الأخيرة «دلعون» (2006) راحت بنية السرد الروائي عند سليمان تتعدد بين عمل وآخر منتقلة من الحكاية القائمة على أحادية صوت الراوي إلى تجاوز الراوي إلى عدة ساردين سعياً إلى خلق تعددية الأصوات، وراحت لغة السرد الروائي في تشكيلاتها الدلالية تتجاوز الخطاب التنويري ثم الثوري الأيديولوجي إلى اختراق التابوات السياسية والدينية والجنسية في محاولة للخروج من حكي الحكاية إلى تأويلها ليخرج صاحبها بذلك عن نهج الرواية السورية قبل حروب عام 1967، متجاوزاً الواقعية بأنواعها وأشكالها إلى تشكيلات سردية جديدة تتجاوزها على الرغم من حفاظ السرد على تفاصيل الحياة الدقيقة التي قد تصدم القارئ بما تحمله من كشف وصراحة وصدق ومرارة في حياة جيل كامل نشأ في سورية.‏

ختام الندوة:‏


في ختام الندوة التكريمية تلت د. شهلا العجيلي رسالة الناقد سعيد يقطين التي وجهها إلى الروائي المكرم وعنوانها «نبيل سليمان شهريار التخييل العربي»، جاء فيها: «لقد تبين لي من خلال اللقاء والقراءة والاطلاع أن نبيل سليمان من معدن نادر من الرجال. وحسبه أنه ممن يؤلف ويألف. يملأ المجالس الثقافية بهجة وحبوراً، وكيف والبسمة لا تفارق محياه حتى في أحلك الظروف وأصعبها، كما أن نقاشاته الجادة تكشف عن شخص لا يسالم ولا يهادن، ليس حباً في السجال والخلاف، ولكن مبتغاه تحقيق حلم راوده أبداً، وهو أن يرى للإنسان العربي موقعاً جيداً في العصر الحديث».‏
ويضيف الناقد سعيد يقطين: «مكانة نبيل سليمان متميزة في المشهد النقدي والروائي العربيين، وهذه المكانة لم تتحقق إلا له بصورة فريدة، وتكمن هذه المكانة في كونه متتبعاً جيداً دؤوباً ودقيقاً لكل ما يصدر في العالم العربي من نقد ورواية وسواهما.‏ والكاتب نبيل سليمان المهووس بقلق السرد لأنه يتصادى مع هموم الأمة وشجونها، والناقد المشاكس لأنه يهوى الارتقاء بالإنساني فيه في الواقع من الشجن إلى الشجو.‏ تقصر الكلمات عن الإحاطة بعوالم كتاباتك الزاخرة والغنية والمتنوعة. طالما أجلت اقتحام هذه العوالم وارتياد فضاءاتها الرحبة. هنيئاً لك هذا التكريم الذي أنت أهله، ومزيداً من العافية والعطاء».‏



مؤلّفاته
ـ سيرة القارئ، دار الحوار، 1969.
ـ جرماتي، أو ملف البلاد التي سوف تعيش بعد الحرب، القاهرة، دار الثقافة الجديدة، 1977.
ـ النّسوية في الكتاب السّوري المدرسي 67-76، دمشق، وزارة الثقافة، 1978.
ـ ثلج الصّيف، دار الفارابي، بيروت، 1979.
ـ النقد الأدبي في سوريا، بمثابة البيان الروائي، بيروت، 1980.
ـ الرواية السورية 67-77، دمشق، وزارة الثقافة، 1982.
ـ ينداح الطّوفان، دار الحوار، 1983.
ـ الأيديولوجيا والأدب في سوريا، تأليف نبيل سليمان وبوعلي ياسين، اللاذقية، دار الحوار، 1985.
ـ وعي الذات والعالم: دراسات في الرواية العربية، دار الحوار، 1985.
ـ هزائم مبكّرة، اتحاد الكتاب العرب، 1985.
ـ أسئلة الواقعية والالتزام، دار الحوار، 1985.
ـ أيديولوجية السلطة: بحث في الكتاب المدرسي، دار الحوار، 1985.
ـ الرواية العربية بين الواقع والأيديولوجيا، تأليف: محمود أمين العالم، يمنى العيد، نبيل سليمان، 1986.
ـ السجن، دار الحوار، 1986.
ـ مساهمة في نقد النّقد الأدبي، دار الحوار، 1986.
ـ الماركسية والتراث الإسلامي: دراسة للنزعات المادية، دار الحوار، 1988.
ـ قيس يبكي، دار الحوار، 1988.
ـ في الإبداع والنّقد، دار الحوار، 1989.
ـ مدارات الشّرق، دار الحوار،1990ـ 1993.
ـ التخلّف وعلم نفس المعوقين، دمشق، جامعة دمشق، 1991.
ـ اللباس والزينة في العالم العربي: دراسة موثقة بالصور، تأليف: بينول، بو عجينة، بوحلفاية. ج: نبيل سليمان، بيروت شركة المطبوعات، 1992.
ـ فتنة السّرد والنّقد، دار الحوار، 1994.
ـ حوارات وشهادات، دار الحوار، 1995.
ـ الثقافة بين الظلام والسلام، اللاذقية، دار الحوار، 1996.
ـ المسلّة، رواية، القاهرة، مصر العربية، 1997.
ـ مجاز العشق، دار الحوار، 1998.
ـ حوارية الواقع والخطاب الروائي، دار الحوار، 1999.
ـ أسئلة في الطّب النفسي، دمشق، مكتبة صايمة، 1999.
ـ الرواية العربية: رسوم وقراءات، القاهرة، مركز الحضارة العربية، 1999.
ـ متن المثلث، دار الحوار، 1999.
ـ أطياف العرش، اللاذقية، دار الحوار، 2000.
ـ الكتابة والاستجابة، دراسة، اتحاد الكتاب العرب، 2000.
ـ سمر الليالي: رواية، دار الحوار، 2000.
ـ أقواس في الحياة الثقافية، اللاذقية، دار الحوار، 2001.
ـ جماليات وشواغل روائية: دراسة، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 2003.
ـ في غيابها، دار الحوار، 2003.
ـ أسرار التخييل الرّوائي، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 2005.
ـ درج الليل - درج النهار، دار الحوار، 2005.
ـ دلعون: رواية، دار الحوار، 2006.
ـ شهرزاد المعاصرة: دراسات في الرواية العربية، اتحاد الكتاب العرب، 2008.
ـ عبد السلام العجيلي: حكواتي من الفرات، الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، 2008.

يعمل حالياً على نص جديد، بعد سنتين من صدور روايته «دلعون». وكان في العام الماضي قد أثار سجالاً بعد هجومه على الرواية الجديدة خلال مؤتمر الرواية العربية في دمشق والمؤتمر الأول للرواية في عمّان.
الخاتمة
إن احترام الإنسان، والدّفاع عن المظلوم، وتخليد البطولة المنسيّة، بلغة حوار جذابة، قوية، وصور لا تُمحى من الذاكرة، هي الخيوط التي رُبطت بطائرة الرّواية الورقيّة، والتي يستطيع القارئ أن يمسكها، يحرّكها، ويركض بها لتحلّق بعيداً بعيداً ويحلّق معها في فضاءات الواقع والبيئة والإحساس، وكأنّه صانع لهذه الطّائرة بنفسه.
المصادر
ـ موقع البودي.
ـ جريدة الأخبار.
ـ جريدة الثورة.
ـ رواية بنات نعش.
ـ جماليات التشكيل الروائي، د. محمد صابر عبيد، د. سوسن هادي جعفر البياتي.
ـ فضاء النّص الروائي، تأليف: محمد عزّام.
- مواقع إلكترونية.



إعداد: أميرة سلامة


اكتشف سورية

قديم 12-18-2011, 12:59 PM
المشاركة 149
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبيل سليمان

ولد نبيل سليمان في صافيتا عام 1945، وتلقّى تعليمه في اللاذقية، وحصل على إجازة في اللغة العربية عام 1967. عمل مدرّساً وأسس دار الحوار للنشر في اللاذقية، حيث تفرّغ للكتابة منذ عام 1990.
- عمل مدرساً وأسس دار الحوار للنشر في اللاذقية- متفرغ للكتابة منذ عام 1990.
- في صيف 1959 كنت قد أنهيت الدراسة في المرحلة الإعدادية وذهبت مع صديقي إلى قريته في ريف طرطوس وهناك اشتريت دفتراً صغيراً وبدأت أكتب حكاية أو رواية حتى انتهت صفحات الدفتر وأسميتها (حكاية مها) وعلى شكل روايات الأدباء المصريين كانت قصة حب والبطل له اسمي وكانت مليئة بأحداث كالانتحار وغيرها ...
- درست بعد ذلك في الثانوية الصناعية و بعد ها أعدت الدراسة في الثانوية العلمية وكان كل توجهي وحلمي أن أدرس الهندسة ولم أفكر يوماً في أن أدرس الأدب لكن قراءاتي في الأدب ابتداءً من السير الشعبية ( ألف ليلة وليلة – سيرة عياض – سيف بن ذي يزن - ..الخ ) ورغم نظرة الاستعلاء التي ينظر بها بعض المثقفين إلى هذه القصص فهي كنوز .
- العجز المادي اضطرني إلى أن أعمل في التعليم إلى أن أدرس الأدب العربي في الجامعة بانتظار أن يتحسن الوضع المادي لأتابع الدراسة في الهندسة، وهذا لم يتحقق إلى الآن.
- عدا إلى هزيمة 1967 ، فاكن الشعر والرواية والقصة والمقالات وغيرها في صخب الهزيمة و كان أن كتبت رواية عنوانها ( ثلج الصيف ) استلهمت فيها الهزيمة ،ولكن دون أن أذكرها مباشرة بحرف واحد ، فقط في الإهداء الذي جاء فيه إلى خمس حزيران 1967 اعترافاً بالفضل.
- في رواية المسلة عرفت بدرجة أكبر ماذا تعني السيرة الذاتي في الرواية ،و فيها حملت شخصيتها المركزية اسمي الأول وكانت هذه الرواية سانحة لي بالتفكر في المشهد السياسي السوري في السبعينيات .
- قيض لي خلال حياتي أن أسافر كثيراً والسفر عامل أساسي في تكويني وخصوصاً أن نشأتي كانت موزعة بين عدة قرى وعدة مناطق في بلدي ، وهذا ما أزعم أنه قد أغنى علاقتي بالفضاء أو بالمكان داخل سورية لكنني لم أكن لأجرؤ على أن أكتب عن ما وفره لي تجوالي فغي أنحاء العالم حتى جاءت رواية ( في غيابها ) عام 2003 وهي أول رواية أصف فيها واحدة من رحلاتي التي كانت إلى أسبانيا ، وحيث اشتغل السؤال الأندلسي وسؤال الاستعمار الاستيطاني وسؤال الحضارة و سؤال التعايش والتسامح والتلقي بين الديانات والثقافات ، فهذه كانت المرة الأولى التي استثمرت إحدى أسفاري ، وعسى أن أكمل ذلك .
- عندما عثر الوالد على كرّاسة حزب البعث العربي الاشتراكي تحت سرير ولده البكر، حتّى ضربه وأرهبه، وقد ظهر هذا الحدث جليّاً في عمله «هزائم مبكّرة»، والتي لم تكن إلا سيرة ذاتيّة للرّاوي منذ بداية تعلّمه، وحتّى نيله شهادة الدّراسة الثانويّة الصّناعيّة، ووصفاً لتنقّله بين القرية والبلدة والمدينة، وللأحداث الهامّة التي مرّ بها الوطن، والمظاهرات الطلاّبية التي اكتسحت الشّوارع مطالبة بالوحدة والإصلاح، حيث كانت الثانوية الصّناعية، حينذاك، وكراً من أوكار البعثيّين والنّاصريّين الّذين يسيّرون التّظاهرات بهتافاتهم: «بدنا الوحدة باكر باكر مع هالأسمر عبد النّاصر». هكذا حلّق نبيل سليمان في فضاءات عبد النّاصر، ثمّ تأثّر بالماركسية، دون أن ينتسب إلى الحزب الشيوعي.
- تزوّج والده بامرأة أخرى، وهجر أمّه وإخوته وأرسلهم للعيش بعيداً كي يظلّ مع زوجته الشابّة، ممّا ترك جروحاً، ربّما لم تبرأ، حتى الآن لدى الكاتب، الذي ما زال يتحدّث عن تلك المرحلة بألم.
- بنى الروائي في بداية الثمانينيات، قصراً في قرية البودي التي تقع على بُعد عشرين كيلومتراً من جبلة وترتفع 600 متر عن البحر مطلةً على شواطئ بانياس إلى اللاذقية، ونقل مكتبته إلى هناك: «أعيش فيها عزلتي منذ عام 1987 متفرغاً للقراءة والكتابة. ولا يعرف لذة القراءة والكتابة إلا المتفرغ». ونبيل سليمان يعرف هذه اللذة منذ عام 1982 حتى اللحظة.
- كان يسافر مراهقاً مع والده ليعيش فترات بين عامودا البلدة الكردية في منطقة الجزيرة، ثم عاش في قرية شركسيّة في عين صاف، إلى أن انتقل إلى الدريكيش. وعن ذلك يقول: «هذا الخليط جبلني تعددياً، وانفتاحياً وحوارياً». هكذا هي عوالم رواياته المتعدّدة والجدليّة.
- يعكس الروائي نبيل سليمان الواقع الاجتماعي في تماسكه وتناقضاته وظاهره، لا انعكاساً بسيطاً ومباشراً، بل تعبيراً عن الطّموحات التي ينزع إليها وعي الجماعة التي يتحدّث الأديب باسمها.
- رواية «مدارات الشرق» قد استوعبت في ثناياها الكثير من الأحداث التاريخية وصاغتها صياغة روائية ـ تمثيلاً وتخييلاً ـ عبرت بالأزمنة والأمكنة الحدود الروائية التقليدية في إطارها العام، وتعاطفت مع الشّخصيات التي عانت ما عانت، من جراء خذلان أصحاب الزّعامات لها وهي تبحث عن ممكنات عيشها الرّغيد على حساب الطبقات المسحوقة، في نمط خفي من الصّراع الطّبقي المهيمن على ذهنيّة مجتمع تشكّلت نسقيته على هذا الأساس.
- تجاوزت الرواية في هذا السياق السمات السردية التقليدية الجاهزة، لتخلق لها سمات مبتكرة تفرضها الطبيعة الملحمية للحدث الروائي، وصياغة حوارات ذات وظائف انفعالية وتفسيرية وإشارية، لتؤسس عبرها لغة روائية خاصة يندمج فيها المديني بالرّعوي والشرقي بالغربي، مع ما فيها من صدامات ومشاحنات وتنافر تصل حد الإذلال المتعمّد والمهين لكرامة الإنسان واستحقاقات وجوده الطبيعي في الحياة عبر كشف أساليب تعذيبية وحشية.
- الرواية على وفق هذه الجدلية زاخرة بالمقابلات الضدّية مادياً ومعنوياً: الحياة والموت/الاتصال والانفصال/الثورة والرضوخ/السلطة والاستعباد/المقاومة والعجز، حيث التضاد شكل من أشكال الصراع الملحمي العنيف.
- تتمحور اعماله حول موضوعات مثل "احترام الإنسان، والدّفاع عن المظلوم، وتخليد البطولة المنسيّة، بلغة حوار جذابة، قوية، وصور لا تُمحى من الذاكرة.

عزلة في الريف، بحر في الجوار، جبال شاهقة، وسفر متكرر، مظاهرات في المدرسة، عجز مالي، هزيمة عسكرية شنيعة اصابت الوجدان بمقتل، اب عسكري متسلط يهجر الزوجة ليعيش مع إمرأة اخرى شابة، فيترك الما لا يزال يؤلم.... ولا غرابة ان تكون اول رواية ( حكاية مها ) عبارة عن سيرة ذاتية لذلك الالم حيث ينتحر البطل...
هذه هي حياة نبيل سليمان المأزومة بأختصار شديد، وهذا هو النبع الذي فجر في ذهنه طاقات ابداعية غزيرة وعميقة... واضح ان هجر الوالد للوالدة كان بمثابة يتم اجتماعي.

يتيم اجتماعي.

قديم 12-19-2011, 10:13 AM
المشاركة 150
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ابرزأحداث في حياة الروائيين أصحاب أفضل الروايات من11-20
11-المجوس إبراهيم الكوني ليبيا..............................يتيم اجتماعي
12 -الوشمعبد الرحمن مجيد الربيعي العراق..................مجهول الطفولة
13- الرجع البعيدفؤاد التكرلي العراق...............يتيم فعلي في سن الـ 15
14-الشراع والعاصفةحنا مينه سوريا.........................يتيم اجتماعي
15- الزيني بركاتجمال الغيطاني مصر......................مأزوم
16- ثلاثية 'سأهبك مدينة أخرى'أحمد إبراهيم الفقيه ليبيا....مأزوم
17- أنا أحيا ليلي بعلبكي لبنان................................مأزومة
18- لا أحد ينام في الإسكندرية إبراهيم عبد المجيد مصر......مأزوم
19- الحب في المنفي بهاء طاهر مصر.......................مأزوم
20 - مدارات الشرق نبيل سليمان سوريا.....................يتيم اجتماعي
- عدد 1 أيتام فعليين 10%
- عدد 3 يتيم اجتماعي 30%
- عدد 5 مأزوم 50%
- عدد 1 مجهول الطفولة 10%

- أي أن نسبة الأيتام الفعليين+ وأيتام يتم اجتماعي + ومن عاش حياة أزمة هي 90%.
- مجهول الطفولة 10%


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 46 ( الأعضاء 0 والزوار 46)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 02:08 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.