قديم 04-19-2013, 08:01 PM
المشاركة 11
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
تم تعديل النص بنسخة محدثة ...بعد استطلاع الآراء.
مع تحيتي...




- ســــعديـــــة! صرخ عماد بصوته الجهوري: "اهدئي يـا مجنونة، ماذا تفعلـين؟!" أبعد يدها ساخطا، وقد تسللت إلى أزرار محرّمة... هب مسرعا، ينفث غضبه، يقتحم هدوء والديه...


- استيقظ يا أبي.. سعدية أصبحت لا تطاق، تضرب بعرض الحائط العرف والدين.. تمرغ كرامتنا واسمنا بالطين، الجميع صار يستهزئ بنا. الأدهى والأمرّ "وسيم" لعنة الله عليه شوهد وقد اختلى بها في الزقاق الخلفي.. ونحن مشغولين عنها.


يقذف حمما مبعثرة بصوت يترجرج قهرا ثم يجهش بالبكاء.. دمعه يسقط نارا تلتهم وجنتيه النضرتين..

لم تكن تلك الشكوى الأولى، تخص تصرفاتها.


سعدية بهجة البيت وزهرته البرية، تعودت مطاردة الأطفال منذ نعومة أظفارها، بعدها تنفجر بضحك هستيري لمّا يهربون من أمامها خائفين.


كلما كبرت في العمر، يسوء أمر إزعاجها لزبائن أبيها، فانصرفوا عن الشراء من عنده، مما أدى إلى تناقص دخلهم، وصار عيشهم كفاف يومهم.


بالرغم من جمالها الملائكي، لكنها ولدت وأمها متقدمة في السن، بعد إنجابها لأربعة من الذكور الأصحاء وبفارق عمري كبير.

تميز الأولاد بالذكاء، واستطاعوا الحصول على منح دراسية أتاحت لهم الإلتحاق في الجامعة.. وأصبحت فرصهم لتحقيق طموحاتهم في تبوء أعلى المناصب وافرة.

أما هي فاخضّرّ جسدها في سن مبكرة جدا، وأينعت ثمرة ناضجة. وفي غياب المنطق.. وبعد "وسيم" ابن الجيران، تحولت قطة شرسة، ووظّفت مراهقتها المتوحشة لمطاردة الشباب، تتبعهم في كل مكان تتلمسهم وتتحسهم بهدف إشباع رغباتها. ذات مرة شدت أخاها المراهق الصغير من بنطاله، فهوى أرضا وقد انزلقت عنه ملابسه، وفرّت من أمامه ضاحكة مستفزة، هذه العادة السيئة صارت جل هاجسها وهدفها...


- نعم طفح الكيل فعلا، أختك تتلبسها جنيّة شريرة.. رد الوالد مضيفا: أعرف إنها تقف حجر عثرة أمامك أنت وإخوانك، وأعلم أنها ستصعب عليك أن تصبح وزيرا كما تأمل فيما بعد، لكن لا بد أن نجد حلا...

لمّا تبادل النظرات مع زوجته، دبت فيهما القشعريرة، لقد وجدا الحل.

أم عماد الزوجة والأم.. قوية صبورة لكنها بسيطة غير متعلمة، كرست جهودها في خدمة أبنائها، لكن أهملت سعدية لكونها تجهل أصول التعامل معها.


- ( أمـــــي ...) كلمة تجتاح عروق الأمومة وتحتلها.

نادت سعدية بلغة ركيكة، مع بسمة بعيون متوهجة تمتلئ بالحياة. تتحسس بطنها بحنان، فرحة تردف:
(هــنا في بــيــبـــي)، تبسمت ابتسامة باهتة صفراء، لا تستطيع ضبط أعصابها إلا بصعوبة شديدة.. تحبس دمعات عصية تود الانسكاب.


- أمممم.. حسناً عزيزتي، تعالي أضعك في السرير. سأقص عليك قصتك المفضلة "ليلى والذئب" (بفستانها الأحمر) ..


صفقت بيديها الرقيقتين، بصخب الطفولة، التي تركتها وراءها منذ فترة بسيطة، واندست في فراشها، تتلذذ بدفء أمها تمسد شعرها.

- هاتي وسادتك.. سنمثل معا كيف قضى الذئب على جدة ليلى.. ركزي معي.. أمسك الوسادة ثم وضعها على وجهها هكذا مثلي تماما...

تقاوم! ترفرف بيديها كالفراشة "آآآه... أمي... لاااااا".

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 04-19-2013, 08:34 PM
المشاركة 12
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله


هذه هي مأساة الأسر العربية، والتي تحس أن الله عاقبها بإعطائها طفلا معاقا بل ويصبح الإحساس بالخجل من هذا الطفل هو السمة الغالبة ... ويكبر هذا الإحساس حتى يصبح في النهاية كرها لهذا المخلوق الضعيف والذي لا ذنب له في كونه ولد معاقا... فيصدرون أمرا بحبسه حتى لا يهزأ بهم أحد فيحكمون عليه بازدواجية القهر ... قهر المرض وقهر السجن ... فمن قال أن المعاق لا يعي ما يدور حوله.
هي حكمة الله في خلقه، لكن لو فكر الشخص منا ولو قليلا وطرح عليه السؤال ( لو أن الأدوار تبادلت) وكان هو صاحب الإعاقة ... لكانت أشياء كثيرة تغيرت...

شكرا ريما، قصة هادفة... صحيح أن النهاية صادمة وغير متوقعة ... لكن من قال أن العالم الذي نعيشه عالم المثل والأخلاق الفاضلة بل يحوي الكثير من المآسي الحقيقية والتي تبقي العقل مترددا لتصديقها.

الله يعافيك يا رب فاتحة الخير...

ولكم سعدت بحضورك وردك القيم...

أهلا بك ومرحبا...

مودتي واحترامي وتقديري...

تحيتي.

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 04-20-2013, 02:56 PM
المشاركة 13
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
اعتبروها جريمة فأجرموا في حقها.. حين نعتقد وحين ونصدق اعتقادنا
مجتمعنا يعرف كيف يعذب كل فئة بطريقته الخاصة..
أسجل إعجابي الكبير بالقصة..
تقديري واحترامي
أهلا بك الغالية أمال بو ضياف...

سعدت بحضورك وإعجاب وردك...

الله يسعدك ويوفقك ويحغظك...

مودتي واحترامي وتقديري.

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ســـــعديـة.. زهرة برية / ريما ريماوي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شغف... / ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 8 05-29-2021 06:26 PM
كلمات! / ريما ريماوي. ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 2 02-11-2018 07:41 PM
فكرة... (ق ق ج) / ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 6 11-05-2012 01:05 PM
قارورة عطر ( ق ق ج )_ ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 9 09-26-2012 01:45 PM
في السجن .. ! / ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 1 02-28-2012 10:29 PM

الساعة الآن 12:56 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.