« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات » |
قصَّتي بعنوان عنبر في جزيرة المرجان عنبر في جزيرة المرجان . مع كلِّ نسمة عليلة كانت مياه المحيط تتألَّق تحت أشعَّة شمس الصَّيف السَّاطعة الدَّافئة . وفي هذا اليوم الصَّيفي الجميل خرج الحوت عنبر من بيته وهو شارد البال مفكِّر، فقد كان يشعر بالملل ، إذ لا عمل لديه هذا اليوم . وما هي إلَّا لحظات حتَّى أنصت إلى نداء صديقيه الحوتين مسكٍ وريحان: السَّلام عليك يا عنبر ،أتينا كي نصحبك في رحلةٍ ممتعةٍ إلى جزيرة المرجان، وما إن صمتا حتَّى علت وجه عنبر ابتسامة عريضة ، ثمَّ هزَّ رأسه إيماءً بالقبول . سار مع صديقيه في طريقهم حتَّى وصلوا إلى وسط المحيط، فوجدوا أنفسهم أمام جزيرة مستديرة ،وردية اللَّون، أخذت شكل البركان ،لاتبعد عن سطح المحيط كثيراً . وقف عنبر يتأمَّلُ الجزيرة الجميلة الممتدَّة روعتها إلى آخر مدى تراه عيناه . ولمَّا اقتربوا منها أكثر سمعوا صوتاً يقول لهم : أهلاً بكم .نظر عنبر بعينين ثاقبتين ،و لكنَّه لم يجد أحداً ، وأخيراً قفز من قلب أحد الهياكل الوردية اللون حيوان صغير على شكل أسطوانة ،كان فمه جميلاً جدَّاً ،تحيط به قرون استشعار دقيقة . فتحت مسك فمها لتتكلَّم ، ولكن قبل أن تنطق بحرف واحد سمعت الحيوان الغريب يقول لها : ( إنّي أعرف ما تريدين أن تسألي عنه ،و إليك الجواب ) الحيوان الغريب الَّذي يقف أمامك هو البولب المرجاني . ولكنَّ عنبر لم يستطع أن يكتم تساؤلاً جال في ذهنه ،فما كان منه إلَّا أن قال : أيُّها البولب المرجاني العجيب، هلَّا حدَّثت عنبر وصديقيه عن نفسك ؟ ردَّ البولب قائلاً :حسناً ،بكلِّ سرور .صمت قليلاً ثمَّ قال: كنت قسمين صغيرين خرجا من والدي في ليلة واحدة بإعجاز إلهي ، ثمَّ اتحدا حتَّى أصبحت يرقة صغيرة تسبح في سطح المحيط عدِّة أيَّام ، وبعدما مللتُ من السَّطح عدتُ إلى القاع، والتصقت بسطحٍ صلب حتَّى أصبحت على شكلي الحالي .كان الجميع يمعن الإنصات ،مما أدخل البهجة على قلب البولب و أشعره بمكانته و أهميَّته وشجَّعه على تتمَّة الرواية قائلاً : ولكن عندما شعرتُ بالوحدة بدأت بالانقسام حتَّى كوَّنت بوالب مطابقة لي تماماً ،ولكي أحمي نفسي تناولت كربونات الكالسيوم من ماء البحر، ثمَّ فرزتها حولي مكوِّناً هيكلاً وردياً مرجانياً صُلباً . كانت علامات الدَّهشة تملأ وجه عنبر، فما كان منه إلاَّ أن قال متعجِّباً: و هل هذا يعني أنَّ المرجان الفاخر الَّذي يقتنيه البشر ما هو إلَّا هيكلك الخارجي ؟ فأجاب البولب:نعم . ثمَّ قفز ومدَّ قرونه ليصطاد العوالق البحرية من المياه الطافية، وما هي إلَّا لحظات حتَّى قام بابتلاعها ، وفي تلك اللَّحظة صاح ريحان :أيُّها البولب الجَّميل ،هل هذا هو طعامك الوحيد؟ نظر البولب إليه بعينين سعيدتين ثمَّ قال: لا لقد جعل الله في أنسجتي طحالب تقوم بعملية التركيب الضَّوئي، تحوِّل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين وغذاء أعتمد عليه كثيراً. ثمَّ قال بصوتٍ ملؤه الفرح : غداً عندما أموت أترك هيكلي الخارجي، ليكون أساساً لبولبٍ آخر ،يبني فوقه هيكله الخاص ،وهكذا تتكوَّن الشعاب المرجانية . صمت البولب، ثمَّ راح عنبر و صديقاه يتسامرون مع أسماك الزِّينة بين النَّباتات ،وما كادت الشَّمس تغيب متعبةً وراء الماء حتَّى ودَّع عنبر و صديقاه البولب الجميل ،وساروا باتِّجاه بيوتهم وفي أثناء سيرهم كانوا يفكِّرون ويتحدَّثون بأمر ذاك البولب الجميل ، والجزيرة الآسرة . ******************************* واعذروني إن تأخرت في الرد و المشاركة فهي بعض الظروف و الضغوطات . |
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تعالوا نكتب 1000حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم | أميرة الشمري | نسمات إيمانية | 3123 | 01-26-2024 08:32 PM |
مواقف ... ساحرة .. وأخرى ساخرة .. | الجيلالي محمد | المقهى | 16 | 06-08-2019 12:43 AM |
أطفال .. | فتحية الحمد | منبر البوح الهادئ | 2 | 06-04-2015 10:46 AM |
أطفال كالرجال...... | سنان المصطفى | منبر البوح الهادئ | 3 | 05-12-2015 07:33 PM |
إلى أطفال الحولة | ديمة زيدان | منبر شعر التفعيلة | 2 | 06-15-2012 01:35 PM |