أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
( المشهد الثامن من مشاهد الرحلة الى المقابر )
ساعة تحت الأرض
= السلام عليكم أيها السادة الأحياء الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة إلى المقابر
في المشهد السابق حدثتكم عن تذكر الموت وتذكر القبر
وفي هذا المشهد قصة حقيقية يرويها رجل أسرف على نفسه
وعنوان القصة :
( ساعة تحت الأرض تقشعر لها الأبدان )
أرويها لكم على لسانه مع بعض التغييرات التي اقتضتها الضرورة
يقول :
= كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله
أنه احتفر قبراً في منزله
وكان يرقد فيه وإذا ما رقد فيه حتى يحل عليه الظلام
وعاش ويلات ظلمته ووحشته
صاح ( رب ارجعون رب ارجعون )
ثم يقوم منتفضاً ويقول : ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل ؟
= ويكمل راوي القصة
كنت أحافظ على أداء صلاة الفجر في موعدها في المسجد
وحدث مرة أن فاتتني صلاة الفجر فأحسست بضيق في صدري طوال ذلك اليوم
ثم تكرر معي هذا
فقلت : لا بد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها
حتى لا تركن لمثل هذا فيؤدي ذلك بي الى النار
فقررت أن أبيت ليلة في القبر حتى أؤدب نفسي
وأعلمها كيف لا تغفل عن صلاة الفجر
ولأذكرها بأن هذا هو منزلها ومسكنها إلى يوم البعث
وأقسمت أن أفعل وأبيت في القبر هذه الليلة ولا أؤجل ذلك الى الليلة التالية
فلما انتصف الليل قلت لنفسي قومي الآن إلى المقابر
وكان اختياري لهذا الوقت بالذات حتى لا يراني أحد
فتوجهت إلى المقابر وتساءلت : هل أدخل من الباب ؟
لا لئلا يفسد خطتي أحد يراني -
فقررت أن أتسلق سور المقبرة –
واقتربت من السور وصعدته وإذ بي بين القبور–
فدخل الخوف إلى قلبي قبل أن أدخل القبر مع أنني كثيراً ما دخلت المقبرة كمشيع
ولكنني أحسست وكأنني لأول مرة أرى القبور
ورغم أنها كانت ليلة مقمرة إلا أنني أقسم :
ما رأيت أشد سواداً منها تلك الليلة
– كانت ظلمة حالكة -
سكون رهيب لا يقطع هذا السكون
سوى أصوات بعض صراصير الليل
سكون فظيع هذا هو صمت القبور بحق !
أما رائحتها فلا يخطئها أنفي
فيها رائحة الموت – رائحة الحناء وبعض روائح المسك
التي تصب على بعض الموتى قبل دفنهم -
شعرت بتعب دونما أتعب
فاتكأت على السور وأنا أتلفت حولي
ونبضات قلبي تتصاعد وتعلو وصدري يكاد ينخلع من مكانه
قلت في نفسي : الرحمة يا رب الرحمة
واني والله لأشعر بملك الموت قريباً مني
يريد أن ينقض علي وينهش مني روحي
فجلست إلى نفسي أحادثها للحظات ريثما تهدأ
مرت علي كالسنين – إيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ه أيتها القبور – ما أشد صمتك !
وما أوحشك !
وما أقسى ما تخفيه تحتك !
ضحك ونعيم – عذاب وبكاء وعويل –
آه ما أصعب ما قررت !!!
هل أتراجع ؟
لا والله لن أتراجع
قمت من فوري وسرت بين القبور –لأجد قبرا فارغاً أبيت فيه –
ها قد وجدت – هذا القبر لي
الآن سأدخل فيه بسرعة حتى لا يراني أحد
ويقال عني مجنون
فلا أحد يصدق أني أعاقب نفسي لأني أضعت صلاة الفجر
وقبل أن أدخل القبر قلبت بصري يمنة ويسرى
واذا بقبور مفتوحة تنتظر ساكنيها
لمن هذا القبر؟؟
لعله لرجل كان في عز شبابه أضاع عمره
في الاستماع الى الأغاني
وغره شبابه وفي لحظة مرة داهمه الموت
فلم ينفعه الشباب في شيء
وهذا لعله قبر رجل ضيع صلاته مثلي
وهذا القبر لعله لرجل أعمال جمع من الأموال ما جمع
ولم تغن عنه أمواله شيئا - وهذا وهذا ؟؟؟؟؟؟؟؟
أرجعت بصري أرضا ونظرت إلى قبري
وقلت : سبحان من قهر عباده بالموت
ولشدة خوفي قلت في نفسي سأجلس خارجه قليلاً
حتى تسكن أعصابي
كثيراً ما رأيت القبور ولكن هذه المرة تختلف
– لها طعم آخر –
لحظة وأحسست همهمة وكأن شخصا يتنفس في أذني –
قلت هو اذن ملك الموت
رفعت بصري ولا أرى إلا قبورا وخيالات سوداء
وكأن أهل القبور خرجت تستقبلني – أين أذهب ؟
أين سأهرب – ومم أهرب ؟
وكأني أسمع نفسي تصيح بي : يا مجنون
كيف تجرأت ووصلت الى هنا ؟
هذا هو القبر هيا اهبط فيه –
ألست أنت من أقسمت أن تبيت في القبر الليلة ؟
انزل لا بد أن أبر بقسمي وأبيت الليلة في القبر
جلست القرفصاء وبذا اقتربت أكثر فأكثر من القبر
تأملته وتساءلت : سبحان الله
كيف تكون هذه الحفرة الصغيرة روضة من رياض الجنة
أو حفرة من حفر النار ؟
هل الطقس بارد ويزداد برودة أم أنها قشعريرة الموت
او هو الإحساس بالموت؟
أسمع صوت رياح – ما هذه الريح ؟
لا أرى ذرة من غبار ؟ ما الذي أسمع وما الذي أحس ؟
يجب أن انزل القبر ولم أتيت إلى هنا أصلاً ؟
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ومن وسوساته اللعينة
وشمرت عن ثيابي – وهبطت إلى القبر وقلبي يختلج
يكاد ينخلع من صدري – ومددت نفسي داخل القبر –
والصقت نفسي بجدار القبر لا أدري أحتمي من ماذا ؟
أنا لست جباناً لكنني شعرت بالخوف حقاً -
كل هذا وأنا مغمض العينين –
فتحت عيوني وأزحت بصري إلى الناحية الأخرى
فإذ بي أرى جداراً من تراب تتحرك فيه ديدان سوداء
تقلبت على ظهري ورفعت بصري إلى أعلى
فلم أر إلا سقفاً من تراب لا يكاد يرتفع عن وجهي بضع سنتمترات
فقلت : ماذا لو انهال علي التراب فجأة ؟
يا لشدة الموقف !!
إنه المكان الذي لابد منه – وبدأت أفكر .........
سبحان الله ننام على فراش وثير وهذه هي النهاية
نريد أن نحصل على كل شيء في الدنيا وهذه هي النهاية
لاشيء لا شيء
إلى الذين يتنازعون على الدنيا وما فيها هذه هي النهاية
تعالوا شاهدوا بأم أعينكم – هذا هو القبر-
وأردد بصوت خافت يا أهل القبور مالكم لا تسمعون ؟؟
أين أصواتكم التي كانت تجلجل ؟
تركتم صلاتكم وتنازعتم على مال الدنيا هل تنفعكم الآن ؟
هل تغنيكم عن هذه الرقدة ؟
آثرتم الغناء على القرآن –
صمت للحظة أتفكر بصمت يتناسب وصمت القبور الرهيب
كيف سيأتي منكر ونكير ؟ من أي ناحية سيأتياني ؟
كيف سيكون الحساب ؟
ما هي ضمة القبر ؟ وكيف يكسر الأضلاع ويتداخل فيها ؟
آه ما أجهلنا نستاء من طعام لا يتوافق مع شهيتنا
ونصير نحن أكلة دسمة لهذا الدود الذي
أراه يخرج من بين التراب
يريد أن يسبح على جسدي
فكرت أن أنظر الى القبر المجاور فخفت أن أرى عينين تلمعان
في الظلام وتنظران الي
فقررت ألا أنظر الى الناحية المجاورة
فليس بي شجاعة أن أزيح بوجهي من شدة الخوف
فما زال القلب ينبض بشدة –
وضعت يدي على صدري
وتخيلت نفسي محمولاً في النعش وأصحابي يسيرون بي
ويدخلونني القبر ويرشون الماء عى التراب فوقي
تخيلت رجلاً كبير السن من أهلي
وقبل أن يتركوني وحيداً في قبري
يقول : توقفوا لحظة أدعو لصاحبكم فإنه الآن يسأل
وراح فكري هنا وهناك - وبكيت إلى ما شاء الله أن أبكي
ويكأني غبت عن الدنيا وما فيها لأكثر من ساعة
وأنا أتفكر في الموت –
وما صحوت من غفلتي إلا والدود قد بدأ يمشي علي
وكأني أقول له – مهلاً – أنا لست ميتا لتأتي علي تأكلني
اهتز جسمي وقلت رب ارجعون رب ارجعون
فأدركت أني على قيد الحياة
نهضت من مكاني ونفضت ملابسي مما علق بها من تراب
ودود وغيرها
وغادرت المقبرة وعدت إلى بيتي أردد قول جبريل عليه السلام
للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
( عش ما شئت فإنك ميت
وأحبب من شئت فانك مفارقه
واعمل ما شئت فانك مجزي به )
لك الله يا ناريمان , كم هي جميلة ومؤثرة , تعرية الحقيقة كم هي صعبة على النفس , سبحانك ربي
الكريمة ناريمان , أنثري البِذار وعلى الله الإنبات
دمتي لي أختا ً في الله , ربما تشملني دعوة من دعواتك
سلامي لك
مرة أخرى أشكرك ..
ولا أملك إلا الدعاء لك ولإخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات
بارك الله في حسناتك .. وجعل قبرك روضة من رياض الجنة
اللهم أحسن خاتمتنا يا كريم
برحمتك يا أرحم الراحمين ... وصلى الله على محمد
= السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها السادة الميتون عما قريب
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر
= الموت : كلمة مرعبة حقا ––
والموت نقيض الحياة وقد ذكر الموت في القرآن
فهل تذكره حقا كلما مررت بآية فيها لفظ الموت
وليس للموت اسم واحد
بل له أسماء عدة فالمنية والوفاة والنهاية والأجل وغير ذلك اذن أنت تسمع بالموت هو يعرفك ولكنك لا تعرفه
فلا زلت أخي المستمع على قيد الحياة فلم تمت بعد
ولكني أود أن أعزيك قبل وفاتك بتذكر الموت
لا لشيء بل لقسوة في قلبك
فالقلب القاسي لا يدخله الخشوع ولا يغمره الخوف من الله تعالى ولا يحسب حسابا للحظة يقف فيها بين يديه
ولا تعتقد للحظة أن تذكيري لك بالموت
لا سمح الله لأغم بالك وأنكد عليك عيشك
ولكني أعمل بنصيحة عائشة رضي الله عنها
فقد روي أن رجلا جاء الى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقال : يا أم المؤمنين ان بي داء فهل عندك دواء ؟
قالت : وما داؤك ؟
قال : القسوة
قالت : بئس الداء داؤك
عدْ المرضى واشهدْ الجنائز وتوقعْ الموت .
فها هو تذكر الموت علاج لقسوة القلب
فمن ذكر الموت رق قلبه وانفطر حزنا على أيامه
فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه قال : ما أكثر رجل من ذكرالموت إلا زاد ذلك في عمله )
فذكر الموت ليس للسلوى ولكن لشد الحزام
والاستعداد للهبوط الى القبور
فقد أقلعنا في الدنيا بما فيه الكفاية
ورحلنا فيها شرقا وغربا
وتنعمنا بنعيمها زيادة وكفاية
وحان الآن موعد الهبوط على تراب الأرض
والغوص في قعرها في قبر سيحفر لنا فيها
استعد الآن للهبوط واعمل
اشدد حيازيمك للموت** فان الموت آتيك
ولا تجزع من الموت ** اذا حل بواديك
وتذكيري لك بالموت لتترك الرغبة في حطام الدنيا الفاني
وتتمسك بما هو باق
فيا عجبا منك يا ابن آدم تبيع الغالي بالرخيص
وتستبدل الباقي بالفاني
= وروي عن عمرو بن مرة أنه قال :
ذكر رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأثنوا عليه
فقال عليه السلام : كيف زهده في الدنيا وتركه لما يشتهي منها؟ قالوا : انه ليصب منها
قال : فكيف ذكره للموت؟
قالوا : ما سمعناه يكثر ذكره
قال : ليس صاحبكم هناك
فمن لا يكثر ذكر الموت ولا يترك الرغبة في حطام الدنيا
فلا خير فيه)
= وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
تركت فيكم واعظين ناطقا وصامتا
فالناطق القرآن والصامت الموت )
فمسكين من لا يقرأ القرآن ويتعظ بما جاء فيه
ومحروم من لا يتعظ بالموت
وما فيه من سكرات وغمرات وآلام وأوجاع
= مسكين ابن ادم فلا بالقرآن عمل ولا بالموت تفكر
فمن أين له الموعظة بعد هذا
يمسي ويصبح وقلبه معلق بعلائق الدنيا
وما عنده للموت من خبر ولا هو منه على حذر
وكأن الموت بعيد بعيد
قلبه خال من الخوف من الرحمن
عامر بوساوس الشيطان وما يسليه إبليس بفرح في دنياه
كأنه قد ضمن غدر الليالي وطوارق الأيام
انا بالدهر عليم ** وأبو الدهر وأمه
ليس يأتي الدهر ** يوما بسرور فيتمه
= ويروى أن رجلا دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له : أوصني
قال : أوصيك بثلاث : أن تحفظ آلاء الله عليك في كل حالة كنت
وأن تذكر اطلاع الله عليك في كل حالة كنت
وأن تذكر الموت ودخول القبر في أي حالة كنت
= نسيت أن أقول لك أن الموت يلقب بهاذم اللذات
فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
أكثروا ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات
وتوسدوه اذا نمتم واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم
واعمروا به مجالسكم فانه معقود بنواصيكم
فالموت نعيمكم
ويخرب مصانعكم ويفنيكم كما أفنى من كان قبلكم
فلا تنسوه فانه لا ينساكم
ولا تغفلوا عنه فانه ليس بغافل عنكم
= ما أحسن حال من ذكر الموت فعمل لخلاصه قبل الفوت
وأشغل نفسه بخدمة مولاه وقدم من دنياه لأخراه
ورغب في دار لا يزول نعيمها ولا يهان كريمها
الموت لا شك آت فاستعد له ** ان اللبيب بذكر الموت مشغول
فكيف يلهو بعيش أو يلذ به ** ن التراب على عينيه مجعول
=وقيل للربيع رحمة الله عليه : ألا تجلس معنا نتحدث؟
فقال : ان ذكر الموت اذا فارق قلبي ساعة فسدّ علي قلبي
= وروي عن عيسى عليه السلام أنه قال :
ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تراب الأرض
التي يموت فيها
أمر على المقابر كل حين *** ولا أدري بأي أرض قبري
وأفرح بالغنى ان زاد مالي ** ولا أبكي على نقصان عمري
= وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أنه ذكر الموت وغمه وكربه فقال :
هو أشد من ثلاثمئة ضربة بالسيف .
فيا معشر الموقنين بنزوله - ما هذا الفتور والشعور بالفترة وما أشد هذه السكرة ؟
من ذكر الموت قل فرحه وزال حسده وتلاشت رغبته .
= وروي أيضا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أنه كان اذا رأى فترة أو غفلة من الناس
وقف بباب المسجد فأخذ بأعضاد الباب ثم صاح بأعلى صوته
( يا أيها الناس الموت الموت
جاءكم الموت بالوحي سعادة أو شقوة
جاءكم الموت بما جاء به الروح والراحة والكرامة الرابحة
في جنة عالية لأولياء الله من أهل دار الخلود
الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها
ألا ان لكل ساع غاية وغاية كل ساع الموت
جاءكم الموت بما جاء به بالخزي والندامة والمكرمة الخاسرة في نار حامية لأولياء الشيطان من أهل دار الغرور
الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها
ألا ان لكل ساع غاية وغاية كل ساع الموت
فسابق ومسبوق )
ولله در القائل :
دنيا تحول بأهلها في كل يوم مرتين
فغدوها لتجمع ورواحها لشتات بين
= هذه هي الدنيا صلاة تنتهي بسجدة الموت
وهذا هو الموت مفرق الأحباب مشتت شمل الجماعات
فعليك بذكر هازم اللذات ومفرق الجماعات
فان ذلك علامة من علامات انشراح الصدر للاسلام
فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى ( فمن يرد أن يشرح الله صدره للاسلام ) قال : اذا دخل النورالقلب انفسح وانشرح )
قالوا : هل لذلك من علامة يعرف بها ؟
قال : الانابة الى دار الخلود والتنحي عن دار الغرور
والاستعداد للموت قبل الموت )
فبعد كل هذا
هل لك أخي المستمع أن تذكرالموت
= فاجعل الموت نصب عينيك واحذر غولة الدهر ان للدهر غولا
والسلام عليكم أيها الميتون عما قريب
راجية لكم الرحمة من مولاكم
لاتنسوني من الدعاء
القاكم في الغد القريب باذن الله هذا ان عشنا ليوم الغد
دروسك ِ حكم ٌ بليغة ٌ
و الله ِ
أتابعك ِ بشغف
و أنتظر دروسك ِ بلهفة
و أرغبُ بالمزيد
فلا تبخلي بالمزيد
جزاك ِ اللهُ سبحانه خيرا ً
و تقبلَ عملك ِ
و جعلهُ في ميزان ِ حسناتك
دمتِ متألقة
دروسك ِ حكم ٌ بليغة ٌ
و الله ِ
أتابعك ِ بشغف
و أنتظر دروسك ِ بلهفة
و أرغبُ بالمزيد
فلا تبخلي بالمزيد
جزاك ِ اللهُ سبحانه خيرا ً
و تقبلَ عملك ِ
و جعلهُ في ميزان ِ حسناتك
دمتِ متألقة
23 / 8 / 2010
أخي حميد
سلام الله عليك
سعيدة جداً بمتابعتك .. وهذا يجعلني أقدم المزيد
بارك الله فيك .. وأشكرك على ذوقك الرفيع
في هذه الحلقة سنعرض لكم المشهد العاشر
من مشاهد الرحلة الى القبر
= الموت هادم اللذات وهازم اللذات ومكدر اللذات
انه يهدم ويهزم ويكدر كل لذة قد يشعر بها الانسان في شريط حياته –
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان في بيت بعض نسائه اذ سمع صوتا في مجلس من مجالس اصحابه – وقد استعلى على حديثهم الضحك-
فخرج عليهم صلوات الله وسلامه عليه حتى قام على رؤوسهم
فقال : أرى الضحك قد غلب على مجلسكم هذا –
أفلا تذكرون مكدر اللذات في أثناء حديثكم ؟
قالوا: وما مكدر اللذات يا نبي الله؟
قال : ذكر الموت فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجمعهم .
فاذا كان أصحاب رسول الله مصابيح الاسلام
وقادة الأنام قد تحول ضحكهم الى بكاء من هول يوم الحمام
أصحاب الرسول صلى اللله عليه وسلم
يخافون الموت ويبكون هلعا وذعرا
وهم الذين قضوا أعمارهم في طاعة الله
وقطعوا أيامهم في العمل بالسنة والاحكام –
فكيف بنا وقد تمادينا بالمعاصي والآثام
الموت في كل حين ينشر الكفنا ** ونحن في غفلة عما يراد بنا
لا تطمئن الى الدنيا وزهرتها ** وان توحشت من أثوابها المحنا
أين الاحبة والجيران ما فعلوا ** أين الذين همو كانوا لنا سكنا
سقاهم الدهر كأسا غير صافية** فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا
= الموت ليس فقط هازم اللذات
انه مفرق الجماعات أيضا –
فكم فرق أحبة وكم باعد بين أصدقاء وكم شتت أم عن ولدها وأب عن ابنته
وكم من جماعة فرق بينهم
فالبعض فوق التراب والبعض تحت التراب
فرق جمعهم وشتت شملهم
وكم يتم اطفالا – ورمل نساء ورجالا
هذا هو الموت الذي نسيتموه
تجمعتم واحتفلتم ونسيتم أنه يفرق ويمزق 0
= يروى أن سعيد بن المسيب دخل يوما مسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فجعل يلتفت في أركان المسجد
يتفكر فيمن أدرك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ثم بكى وأنشد :
ألا ذهب الحماة وأسلموني ***فوا أسفا على فقد الحماة
فأجابه هاتف من ركن المسجد بصوت محزون
ومن كبد مشجون وهو يقول :
فدع عنك الثقاة فقد تولوا *** ونفسك فابكها حين الممات
فكل جماعة لا بد يوما *** يفرق بينهم وقع الشتات
فقال سعيد : من أنت فقد زدتني حزنا على حزن ؟
فقال : أنا من مؤمني الجن كنا في هذا المسجد سبعين رجلا
فأتى الموت على جماعتنا كما أتى على جماعتك
ولم يبق منهم غيري كما لم يبق غيرك من الانس
وانا بهم لاحقون
فانا لله وانا اليه راجعون
جرت الرياح على جميع ديارهم*** فكأنما كانوا على ميعاد
فأرى النعيم وكل ما يلهى به*** يوما يضير الى بلى ونفاد
والآن لا بد أن تسأل نفسك : لمن أجمع مالي ؟
لم لا أتصدق بها ؟
لمن أبني وأعلي في البنيان ونهايتي بيتا تحت الأرض
لا تتجاوز مساحته مترا في مترين
ماذا ستفعل في الشهادات والشركات ؟
هل تغنيك عن سؤال القبر؟
هل أموالك التي جمعتها ستجيب عنك
أم هل ستدفع عنك الشجاع الأقرع ؟
هل توسع عليك القبر ؟
وهل تنير ظلمة القبر؟
هل تدفع الدود الذي أول ما يبدأ بالأكل يأكل الحدقتين
بالتأكيد لن تغنيك
والآن
ارجع بذاكرتك الى الوراء
وعد على أصابعك كم من الناس ماتوا وهم في آخر مرحلة
من مراحل انجاز مشاريعهم الضخمة
كم من الناس ماتوا وهو يعدون أملاكهم
ويحسبون حساباتهم المالية
وكم من الناس ماتوا بسب ضغط العمل الدنيوي الفاني
يا أيها الناس كان لي أمل*** قصر عن بلوغه الأجل
ما أنا وحدي نقلت حيث*** تروا كل الى مثله ينتقل
فليتق الله ربه رجل *** أمكنه في حياته العمل
فهذا الشاب كان له أمل
ولكن الأجل حال دون تحقيق الأمل
وهذا الشاب لم يبق لديه سوى يوم واحد
ويناقش رسالة الدكتوراة
فيأتيه الموت يتخطفه ليلا ولا يستفيق أبدا
وهذ ا آخر بنى بيته وعمره وأثثه بأجمل الأثاث
ولكنه لم يسكنه ولم يستمتع بما شيد وعمر
لأن ملك الموت كان ينتظره حتى يفرغ من بناء بيته
وآخر جهز جهاز عروسه وحضر بدلة العرس
وحجز الصالات ونحر المواشي للمدعويين
ومات من ليله ولم يصبح فتزفه أمه الى القبر
وبدلا من أن يقام الفرح أقيم المأتم – وغيره وغيره
هذه هي الدنيا : حلالها حساب وحرامها عقاب
عسلها مشوب بسُم
وفرحها موصول بغم
وسعادتها مذيلة بهم
بالله عليك أليست دنيانا هكذا تعطي ومع العطاء تأخذ
فلو يكن شيء سوى الموت والبلى ** وتفريق أعضاء ولحم مبدد
لاشتغلت دوما يا ابن آدم بالبكا **على نائبات الدهرمع كل مسعد
= ورحم الله القائل : الدنيا دار قلق
رغب عنها السعداء
وانتزعت من أيدي الأشقياء
فأشقى الناس بها أرغب الناس فيها
وأزهد الناس فيها أسعد الناس بها
هي الغواية لمن أطاعها
المهلكة لمن اتبعها
الخائنة لمن انقاد لها-
علمها جهل
وغناها فقر- وزيادتها نقصان وأيامها دول.
= أما الحسن البصري يرحمه الله أوصى رجلا فقال له :
أما بعد قاني أوصيك بتقوى الله والعمل بما علمك الله
والاستعداد لما وعد الله مما لا حيلة لأحد في دفعه
ولا ينفع الندم عند نزوله
فأحسر عن رأسك قناع الغافلين
وانتبه من رقدة الجاهلين وشمر الساق
فان الدنيا ميدان مسابقة والغاية الجنة أو النار
= فاذا حلت بك السعادة فلا تغتر بالدنيا
وتطمئن وتنسى الموت
واذا حل بك الشقاء فلا تيأس ولا تقنط -
= والقبر دار وسطى بين الحياة والموت
يقضي فيه الانسان ميتا حتى قيام الساعة
ينتظر فيه نفخة البوق حيث تعود الأرواح الى الأجساد
وتقوم الناس من قبورها للوقفة بين يدي رب العزة ل
يحاسب المرء فيها على الكبير والصغير
فقل لنفسك ما قال هذا:
اعمل لمثواك في الضريح *** واندم على فعلك القبيح
ولا تقصر وفيك روح *** فسوف تبقى بغير روح
واقرح الخد من دموع *** بالجد من قلبك القريح
والتمس الصفح قبل يوم*** تنقل فيه الى الصفيح
يا نفس اني غدا طريح *** والتراب يحثى على الطريح
نوحي فلو قد حواك قبر*** لم تقدري فيه أن تنوحي
= فاللهم أحسن خاتمتنا ولا تجعل الموت مفرقا لجماعتنا
إلا على خير يا أرحم الراحمين
وأحسن مساعينا
وأحسن خاتمتنا
وهون علينا الموت وشدته والقبر وظلمته
برحمتك يا أرحم الراحمين
ألقاكم غدا في المشهد التالي
من مشاهد الرحلة الى المقابر