قديم 09-25-2010, 01:24 AM
المشاركة 381
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تأثير القرآن الكريم في عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
لقد كان عمر بن الخطاب كثير الإيذاء للمسلمين إذ دفعه حقده وحدّته لأن يعتزم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بلغه أنه مجتمع مع أصحابه في بيت عند الصفا ويروي رضي الله عنه قصّة إسلامه إذ يقول: كنت للإسلام مباعداً وكارهاً ومحارباً، وكنت صاحب خمر في الجاهلية، أحبها وأحرص على شربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش على شربها.
فأرقت في ليلة من الليالي وخرجت أريد جلسائي في مجلسهم ذلك، فلم أجد أحداً، فقلت: لو أني جئت فلاناً الخمّار لعلّي أجد عنده، فجئته فلم أجده، فقلت لو أني ذهبت إلى الكعبة فطفت بها مسبقاً، فجئت الكعبة لأطوف بها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلّي... فقلت حين رأيته لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول. ثم قلت في نفسي: لئن دنوت منه لأروّعنّه، فابتعدت عنه، وجئت الكعبة من جهة حجر إسماعيل ودخلت تحت ثيابها، وجعلت أمشي رويداً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلّي يقرأ القرآن، حتّى قمت في قبلته مستقبله، ما بيني وبينه إلّا ثياب الكعبة ! ثم سمعت القرآن، رقّ له قلبي فبكيت ودفعني إلى الإسلام، ولم أزل قائماً في مكاني ذلك حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعته وأسلمت [102].
وهناك رواية أخرى لإسلام عمر وهي أنّه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجتمع مع أصحابه في بيت عند الصفا، فلقيه نعيم بن عبد الله، فقال له: أين تريد يا عمر ؟ فقال: أريد محمداً هذا الصابئ الذي فرّق بين أمر قريش، وسفّه أحلامها ولما في دينها فأقتله. فقال له نعيم: أفلا رجعت إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ؟ قال: وأيّ أهل بيتي ؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك فاطمة بنت الخطاب فقد والله أسلما.
فرجع عمر إلى أخته وزوجها، وكان عندهم خباب بن الأرتّ معه صحيفة فيها سورة طه يقرؤونها، فلمّا سمعوا حسّ عمر، اختبأ خباب في بعض البيت وخبّأت فاطمة الصحيفة، وكان عمر قد سمع شيئاً من القراءة حين دنا من البيت. فلما دخل قال: ما هذا الذي سمعت ؟ قالا له ما سمعت شيئاً. قال: بلى... وقد أُخبرت أنكما تابعتما محمداً على دينه، وبطش بسعيد فقامت إليه فاطمة تدافع عن زوجها فلطمها حتّى سال الدم من وجهها وعندئذ قالت فاطمة وزوجها له: نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك، فلمّا رأى عمر ما بأخته ندم على ما صنع وقال لأخته أعطني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤونها آنفاً، أنظر ما هذا الذي جاء به محمد ووعدها أن يردّها عليهما إذا قرأها، فلما طمعت أخته في إسلامه، قالت له: يا أخي إنّك نجس، على شركك وإنّه لا يمسّه إلّا المطهّرون. فقام عمر واغتسل، فأعطته الصحيفة وفيها: { بسم الله الرحمن الرحيم، طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلّا تذكرة لمن يخشى تنزيلاً ممن خلق الأرض والسماوات العُلى، الرحمن على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى }[103]
فلما قرأ عمر الآيات المكتوبة في الصحيفة، هدأت ثورته، وذابت حدّته، وسطع أمامه نور المعجزة بما لا يستطيع دفعه وقال لما قرأ ذلك: ( ما أحسن هذا الكلام وأكرمه )[104]
لقد انفعلت نفس عمر بهذا الكلام، كيف لا ؟ وهو العربيّ القرشيّ الّذي يتذوّق العربيّة ويتمايل لسماعها طرباً، وما كان منه إلّا أن قال: ( ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ) وما كان منه إلّا أن ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن – لا ليقتله هذه المرة – ولكن ليعلن إسلامه وليضيف إلى التاريخ حادثاً من أهم الحوادث في تاريخ المعجزة القرآنية.
لما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلبه للقرآن، دخلت أنواره قلبه وبددت منه ظلمات الكفر فتأثّر بالقرآن وخشع، ورقّ له قلبه، وبكى من التأثّر والخشوع وأعلن إسلامه رضي الله عنه.


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:24 AM
المشاركة 382
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ب- أثر القرآن في نفس الطفيل بن عمرو الدوسي:
الطفيل بن عمرو الدوسي شاعر شريف لبيب، صفات تجمع بين الذكاء العقلي الحاد والإحساس الوجداني المرهف إضافة إلى شرف المكانة العالية في قبيلته، فجاء مكة مقابلة رجال من مشركي مكّة وسادتها وحذّروه من السماع من محمد صلى الله عليه وسلم وخشية أن يؤمن به، إلا أن النتيجة كانت على عكس ما رموا إليه وأراده، لأن ما أثر في نفوسهم لابد أن يؤثر في نفس الطفيل وغيره، من كل من عقل كلام العرب وتذوّقه.
يقول الطفيل: كنت رجلاً شاعراًً سيداً في قومي، فقدمت مكّة فمشيت إلى رجالات قريش فقالوا: يا طفيل إنّك امرؤ شاعراً، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه فإنما حديثه كالسحر فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا، فإنّه قد فرّق بين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء ودينه، فوالله ما زالوا يحدّثوني في شأنه وينهوني عن أن أسمع منه حتى قلت: والله لا أدخل المسجد إلّا وأنا سادّ أذني، فوضع قطناً سادّاً أذنيه كي لا يسمع القرآن.
ودخل الطفيل إلى المسجد الحرام، فإذا به يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يصلّي عند الكعبة، فاقتربت منه، وأبى الله إلا أن يسمعه بعض قوله، فسمع كلاماً حسناً فقال في نفسه: والله إن هذا للعجز وإني امرؤ ثبت، ورجل شاعر لبيب، ما تخفى عليّ الأمور حسنها وقبيحها، والله لأتسمّعنّ منه فإن كان الّذي يأتي به حسناً قبلته، وإن كان قبيحاً تركته. فنزعت الكرفس، فلم أسمع كلاماً أحسن من كلام يتكلّم به، فقلت يا سبحان الله ما سمعت كاليوم لفظاً أحسن ولا أجمل منه.
ثم انصرف محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيته وتبعه الطفيل حتى دخل بيته ثم قال له: يا محمد ! إن قومك جاءوني فقالوا لي كذا وكذا فأخبرته بما قالوا ثم أبى الله إلّا أن أسمعني منك ما تقول، وقد وقع في نفسي أنّه حقّ فأعرض عليّ دينك، فعرض عليّ الإسلام فأسلمت [105].


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:25 AM
المشاركة 383
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ج- تأثير القرآن الكريم في سيّد قطب:
نموذج آخر لتأثير القرآن الكريم في نفوس المؤمنين، أنه سيد قطب الذي يحدّثنا عن تأثير القرآن الكريم في نفسه:
يقول رحمه الله عند تفسيره لسورة النجم: ( كنت بين رفقة نسمر حينما طرق أسماعنا صوت قارئ للقرآن من قريب يتلو سورة النجم، فانقطع بيننا الحديث لنستمع وننصت للقرآن الكريم وكان صوت القارئ مؤثّراً وهو يرتّل القرآن ترتيلاً حسناً.
وشيئاً فشيئاً عشت معه فيما يتلوه، عشت مع قلب محمد صلى الله عليه وسلم في رحلته إلى الملأ الأعلى، عشت معه وهو يشهد جبريل عليه السلام، في صورته الملائكية التي خلقه الله عليها.
تلك الحادث العجيب المدهش حين يتدبّره الإنسان ويحاول تخيّله ! وعشت معه وهو في رحلته العلوية الطليقة، عند سدرة المنتهى، وجنة المأوى، عشت معه بقدر ما يسعفني خيالي، وتحلّق بي رؤاي، وبقدر ما تطيق مشاعري وأحاسيسي، وتابعته في الإحساس بتهافت أساطير المشركين حول الملائكة وعبادتها وبنوّتها وأنوثتها....!
ووقفت أمام الكائن البشري ينشأ من الأرض وأمام الأجنّة في بطون الأمّهات وعلم الله يتابعها ويحيط بها.
وارتجف كياني تحت وقع اللمسات المتتالية في المقطع الأخير من السورة، الغيب المحجوب الذي لا يراه إلا الله، والعمل المكتوب لا يندّ ولا يغيب عن الحساب والجزاء، والمنتهى إلى الله في نهاية كلّ طريق يسلكه العبيد.
والحشود الضاحكة، والحشود الباكية، وحشود الموتى، وحشود الأحياء، والنطفة تهتدي في الظلمات إلى طريقها، وتخطو خطواتها وتبرز أسرارها فإذا هي ذكراً أو أثنى، والنشأة الأخرى ومصارع الغابرين، والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى !
واستمعت إلى صوت النذير الأخير مثل الكارثة الداهمة { هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة }.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:25 AM
المشاركة 384
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثم جاءت الصيحة الأخيرة واهتزّ كياني كلّه أمام التبكيت المرعب { أفمن هذا الحديث تعجبون، وتضحكون ولا تبكون وأنتم ساجدون }.
فلما سمعت الآية { فاسجدوا لله واعبدوا } كانت الرجفة قد سرت في قلبي حقّاً إلى أوصالي، واستحالت رجفة عضلية مادية ذات مظهر مادي، لم أملك مقاومته، فظل جسمي كله يختلج ولا أتمالك تثبيته، ولا أن أكفكف دموعاً هانئة لا أملك احتباسها مع الجهد والمحاولة.
وأدركت في هذه اللحظة أن حادث السجود صحيح، وأن تعليله قريب، إنه كامن في ذلك السلطان العجيب لهذا القرآن [106].
أكتفي بهذا القدر من تأثير القرآن الكريم في قلوب المؤمنين وهناك من الأمثلة الكثيرة التي لا يفسح لها المقام.


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:26 AM
المشاركة 385
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثالثاً: تأثير القرآن في غير العرب:
كما أثّر القرآن الكريم تأثيراً بليغاً في نفوس العرب كفّاراً ومسلمين، وأثّر في نفوس المسلمين من غير العرب، المؤمّلين به الخاشعين عند تلاوته، كذلك أثّر في نفوس غير العرب من الذين لا يعرفون من اللغة العربية شيئاً، وسأقف على بعض الشواهد لتأثير القرآن الكريم في بعض غير العرب الذين لا يعرفون شيئاً منها.
تأثير القرآن الكريم في الفتاة الأمريكية شارون:
لقد سجّلت الفتاة الأمريكية شارون قصّتها مع القرآن الكريم على الإنترنت ونقلتها مجلّة الفرقان الصادرة عن جمعية المحافظة على القرآن الكريم في الأردن:
تحدّثت الفتاة الأمريكية شارون عن بداية حياتها مع أهلها، ومع الكنيسة والأناجيل والقساوسة وأنها كانت فتاة مشاكسة متمرّدة على الجميع، وحتى تحصل على الهدوء والطمأنينة طلبت من الله أن يرزقها رجلاً مسيحياً متديّناً تتزوجه، فساق الله لها رجلاً فسلطينياً مسلماً قادها في النهاية إلى الإسلام، بعد أن حاربت الإسلام وقرآنه أولاً، لكنّها تأثّرت بالقرآن بعد ذلك ودخلت في الإسلام.
قالت في رسالتها: ( كان أول رجل طلبني للزواج فلسطينيّاً، وكان به عيبان لم أردهما في الرجل الذي سيتزوجني، كان عربيّاً وكان مسلماً، لكنه على الرغم من ذلك كان يختلف عن أي رجل قابلته في حياتي، فلم يكن يشرب الخمر وكان مستقيماً.
تزوّجنا ولكن زواجنا كان سيئاً للغاية، وقلت له بأن لا يناقش دينه معي أبداً فلم يفعل ذلك، وجعلت حياته بؤساً في البداية. وفي إحدى الليالي أحضر لي معه قرآناً أعطاه لي قائلاً: هذا هو كتابنا المقدّس وإنني أستطيع أن أقرأ فيه إن أردت !
فرددت عليه قائلة: ضعه هناك فأنا لا أريد أن أقرأ فيه.
وانتظرته حتى غط في نوم عميق ثم دعوت الله قائلة: يا إلهي أرني إن كان هذا القرآن هو الحقيقة أم لا ؟ فإن كان هو الحقيقة فسوف أقبله ! ولكن أرني ذلك.
وفتحت القرآن عشوائياً وإذا بي أفتح على سورة العلق فقرأت قوله تعالى: { اقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم }[107] فشعرت بعاطفة من نوع جديد تسري في عروقي.
ثم فتحت القرآن عشوائياً على صفة أخرى فإذا بي أقرأ قوله تعالى في سورة سبأ: { ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربّك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد }[108].
وفجأة وللمرّة الأولى كنت مدركة تماماً أنني أحمل بين يدي كلام الله، وعندئذ عرفت بأن الله لم يكرهني عندما أرسل إليّ زوجاً مسلماً عربيّاً بل كان ذلك رحمة منه لكي أجد هذه المعجزة، وهذه الحقيقة التي طالما بحثت عنها.
أحسست بسعادة تغمرني حيث وجدت الكنز أخيراً، وعرفت بأن الله منحني الرحمة لأنه قادني لأجد الحقيقة.
وفي تلك اللحظة شعرت بالخجل الشديد من نفسي لأني كنت في غاية السخرية تجاه خالقي وإلهي الرحيم وجلست متسمّرة في مكاني لبعض الوقت، مبتهجة بكنزي الجديد وكانت الساعة تشير إلى الرابعة صباحاً لكن هذا لم يهمّني فقد وجدت المعجزة.
وركضت إلى زوجي لأوقظه قائلة: استيقظ أريد أن أقول لك شيئاً استيقظ، وقال: عن أي شيء تتحدثين ؟ قلت له: القرآن ذلك الكتاب الذي أعطيتني إيّاه، إنه معجزة من الله ! لماذا لا تصرخون بأعلى صوتكم أيها المسلمون لتعملوا الناس كتاب الله ؟ ابتسم زوجي قائلاً: القرآن الكريم كلام الله، وكل آية في القرآن معجزة ! فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله )[109]


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:26 AM
المشاركة 386
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تأثير القرآن الكريم في الدكتور لويس أميليو بلسوني البرازيلي:
الدكتور لويس طبيب أسنان برازيلي، ترجع قصة تعرّفه على الإسلام إلى فترة دراسته في الجامعة في أوائل الثمانينات، وعلى الرغم من أنه نشأ في عائلة مسيحية كاثوليكية حرصت منذ البدء على تربيته على مبادئ الديانة المسيحية من خلال النشاطات في الحي ومن خلال التحاقه بمدرسة ابتدائية كنسيّة فإن ذلك لم يكن عائقاً أمام النور الربّانيّ الّذي تسلّل إلى قلبه.
لقد هاله عندما درس في الجامعة مادة الفنون الجميلة مقدار انتقال كثير من الفنون الإسلامية في المعمار والهندسة إلى الثقافة الغربيّة ثم عرف أن الثقافة الغربيّة قد نهلت كثيراً من المسلمين في مجالات أخرى متعدّدة تعرف عليها بعد أن أخذ حبّ القراءة في هذا الباب بشدّة يوماً بعد يوم، لقد أدرك منذ البداية أن القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم هو سبب ذلك التغيير العميق في الحضارة الإنسانية على امتداد العصور.
فبعد دراسة متعمّقة ومتواصلة بعد تخرّجه من الجامعة امتدّت لعشر سنوات أراد أن يسلك طريقاً أكثر قرباً من الإسلام فبحث عن مركز إسلامي في ضاحيته، وقرّر أن يدرس اللغة العربيّة ويعرف المزيد عن القرآن الكريم بلغة القرآن مباشرة، ولم تطل الفترة، ففي خلال ثلاثة أشهر فقط أعلن الدكتور لويس إسلامه واختار أن يكون اسمه مركّب من اسم النبي صلى الله عليه وسلم فكان اسمه ( محمد أمين ) إنه لا يستطيع أن ينسى ذلك الشعور الّذي هزّه عندما سمع الشيخ يقرأ القرآن قبل دخوله في الإسلام على الرغم أنه لم يكن يفهم اللّغة العربيّة حينئذ إلا أنّ القرآن الكريم كان يمسّ جزءاً ما في روحه... لقد أعلنها بسهولة: ( لا إله إلّا الله محمداً رسول الله ) وأصبح يحسّ ويرى ويسمع ويشعر بكلّ ذرّة في كيانه بمعنى وحقيقة قوله تعالى: { إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين } ومنذ ذلك التاريخ بدأ يُعنى بتعليم نفسه وأسرته الإسلام ويحاول أن يحفظ القرآن الكريم ويتعلّم اللّغة العربيّة، والتحق بحلقة النّدوة العالميّة للشّباب الإسلامي لتعليم القرآن الكريم في ( ساوباولو ) ودرس التجويد [110]
ما أعظم هذا الدين لو وُجد له رجال يحملونه وينشرونه ويهدون به الضّال ويرشدون به الحائر وما أشدّ حاجة الناس إليه، فهل من مشمّر ؟


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:26 AM
المشاركة 387
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رابعاً: أثر القرآن الكريم على المنافقين:
لقد ترك القرآن الكريم أثره في نفوس المنافقين فصاروا يعيشون في خوف وحذر دائمين منه، لأنّه يكشف عن خبيئة قلوبهم وينشر على المؤمنين ما أسرّه المنافقون وأبطنوه في طوايا نفوسهم يقول الله تعالى: { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إنّ اللّه مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعفُ عن طائفة منكم نعذّب طائفة بأنهم كانوا مجرمين }[111] إلى هذا الحدّ بلغ تأثير القرآن الكريم من نفوس المنافقين فهم يحذرونه حتى قبل أن ينزل، لأنّهم أخفوا في قلوبهم أموراً، والقرآن سيكشفها بصدق لا مراء فيه.
وقد كان لهذه الآيات الكاشفة الفاضحة لطوايا نفوس المنافقين الخبثاء، والّتي جعلته قتادة يسمّي سورة براءة التي ذكرت فيها فيها باسم ( الفاضحة )[112] من شدّة تأثيرها على بعضهم وتفاعل مع ما بقي من هشاشة الإيمان في قلوبهم، فأقلعوا عن النّفاق.
وجاء في تفسير ابن كثير: ( كان رجل ممّن شاء الله أن يعفو عنه يقول: ( اللّهم إنّي أسمع آية أنا أعنى بها، تقشعرّ منها الجلود، توجل منها القلوب، اللّهم اجعل وفاتي قتلاً في سبيلك لا يقول أحد، أنا غسّلت، أنا كفّنت، أنا دفنت، قال فأصيب يوم اليمامة فما من أحد من المسلمين إلا قد وجد غيره )[113]
لقد تسآل المنافقون هذا السؤال العجيب الذي يتبيّن منه خوفهم الدائم على ما تخفيه قلوبهم أن يظهره القرآن ويكشفه يقول الله تعالى مصوّراً حالهم: { وإذا ما نزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً فأمّا الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأمّا الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون }[114].

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:27 AM
المشاركة 388
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سؤال غريب عجيب لا يقوله إلّا الذين لم يستشعروا وقع السورة المنزلة في قلبه وإلا لتحدّث عن آثارها في نفسه بدل التساؤل عن غيره وهو في الوقت ذاته يحمل رائحة التهوين من شأن السورة النازلة والتشكيك من أثرها في القلوب.
لذلك يجيء الجواب الحاسم ممن لا رادّ لما يقول { فأما الّذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأمّا الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون }.
فأما الذين آمنوا فقد أضيفت إلى دلائل الإيمان عندهم دلالة فزادتهم إيماناً وقد خفقت قلوبهم بذكر ربّهم خفقة فزادتهم إيماناً وقد استشعروا عناية ربهم بهم في إنزال آياته عليهم فزادتهم إيماناً وأمّا الّذين في قلوبهم مرض الذي في قلوبهم رجس من النفاق فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون، وهو نبأ من الله صادق وقضاء منه سبحانه محقّق [115].
فأثر القرآن ومظاهر هذا التّأثير واضحة في الفريقين: في المؤمن: زيادة في الإيمان واستبشار في الوجود، وفي المنافقين: زيادة في الرجس والشّرّ والدّنس، وخاتمة سيّئة، وهو موت على الكفر.
فأثر القرآن مختلف في الفريقين حسب نوع المتلقّي وما لديه من استعدادات لاستقبال المؤثّرات القرآنية أو موانع في أمراض القلوب المتنوّعة، ومنها بالنّسبة للتّأثّر بالقرآن كما يقول ابن كثير: ( فأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم، أي زادتهم شكّاً إلى شكّهم وريباً إلى ريبهم كما قال تعالى: {وننزّل من القرآن ما هو شفاء}[116] وقوله: { قل هو للّذين آمنوا هدىً وشفاء والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد }[117] وهذا من جملة شقائهم أن ما يهدي القلوب يكون سبباً لضلالهم ودمارهم كما أن سيئ المزاج لو غذي بما غذي به لا يزيده إلّا خبالاً ونقصاً[118].


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:27 AM
المشاركة 389
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
خامساً: أثر القرآن الكريم على الجماد:
القرآن له أثر عظيم لأنه كلام الله تعالى وهناك آيات تخبر عن أثر القرآن الكريم على الجبال لو خاطبها الله به وآيات تبيّن أثر القرآن على القلوب المؤمنة التي تحمله.
أمّا أثر القرآن الكريم على الجبال والجوامد فيما لو خاطبها الهل به ففي قوله تعالى: { ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض، أو كلّم به الموتى، بل لله الأمر جميعاً، أفلم ييأس الّذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحلّ قريباً من دارهم، حتى يأتي وعد الله، إن الله لا يخلف الميعاد }[119]
يقول سيّد قطب وهذا القرآن العميق التأثير، حتى لا تكاد تسير به الجبال وتقطع به الأرض ويكلّم به الموتى لما فيه من سلطان وقوّة ودفعة وحيويّة.
ولو أنّ الله أراد أن يكون القرآن هكذا، وأن يكون أثره على الجوامد لفعل، ولو أراد الله تسيير الجبال بالقرآن لفعل، ولو أراد الله تقطيع الأرض بالقرآن لفعل، ولو أراد تكليم الموتى بالقرآن لفعل [120].
فهذا هو أثر القرآن على الجبال والأرض والموتى فيما لو خاطبها الله به وكلّفها به وأمرها بتنفيذ ما فيه ولكنّ الله الحكيم سبحانه ما أراد ذلك ( لقد شاء أن يكون القرآن خطاباً للبشر الأحياء ذوي القلوب والنفوس والمشاعر والأحاسيس فلماذا لا يتفاعلون معه ؟ ولماذا لا يسعدون معه ؟[121]
وأخبرنا الله تعالى عن أثر القرآن الكريم على الجبل – فيما لو خاطبه به – فقال تعالى: { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلّهم يتفكّرون }[122]
فإنّ هذا القرآن لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله لكمال تأثيره في القلوب، فإن مواعظ القرآن أعظم المواعظ على الإطلاق، وأوامره ونواهيه محتوية على الحكم والمصالح المقرونة بها [123].

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 01:28 AM
المشاركة 390
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الجبل الجامد يتأثّر بالقرآن لو أنزله الله عليه، سيتصدّع هذا الجبل من تأثير القرآن ويخشع هذا الجبل من خشية الله، ولكن الله تعالى ما شاء ذلك، إنما شاء إنزال القرآن على بشر وليس على جبل، فأنزله على قلب سيّد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وتأثّر بالقرآن وتفاعل معه.
وهذا القرآن خطاب للإنسان، فلماذا لا يتأثّر كيانه بهذا القرآن، ولماذا لا يخشع قلبه من خشية الله منزّل هذا القرآن ؟
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عمل له منبر – وقد كان يوم الخطبة يقف إلى جانب جذع من جذوع المسجد، فلما وضع المنبر أول ما وضع، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليخطب، فجاوز الجذع إلى المنبر، فعند ذلك حنّ الجذع، وجعل يئن كما يئن الصبي الذي يُسكّت، لما كان يسمع من الذكر والوحي عنده، وهكذا هذه الآية. إذا كانت الجبال الصّمّ لو سمعت كلام الله وفهمته لخشعت وتصدّعت من خشيته، فكيف بكم وقد سمعتم وفهمتم [124].
ويصوّر سيّد قطب تأثير القرآن في الجماد أبلغ تأثير فيقول: ثم يجيء الإيقاع الذي يتخلل القلب ويهزّه، وهو يعرض أثر القرآن في الصخر الجامد لو تنزّل عليه: { لو أنزلنا هذا القرآن..... }
وهي صورة تمثل حقيقة فإن لهذا القرآن لثقلاً وسلطاناً وأثراً مزلزلاً، لا يثبت له شيء يلتقّاه بحقيقته، ولقد وجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما سمع قارئاً يقرأ من سورة الطور: { والطّور وكتاب مسطور في رقّ منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إن عذاب ربّك لواقع ما له من دافع } فارتكن إلى الجدار، ثم عاد إلى بيته يعوده الناس شعراً مما ألمّ به.
واللحظات الّتي يكون فيها الكيان الإنساني متفتّحاًَ لتلقّي شيئاً من حقيقة القرآن يهتزّ فيها اهتزازاً ويرتجف ارتجافاً، ويقع فيه من التغيّرات والتحوّلات ما يمثّله في عالم المادّة فعل المغناطيس والكهرباء بالأجسام أو أشد، والله خالق الجبال، ومنزل القرآن، والّذين أحسّوا شيئاً من حسّ القرآن في كيانهم يتذوّقون هذه الحقيقة تذوّقاّ لا يعبّر عنه إلّا النّصّ القرآنيّ المشعّ الموحي [125].

~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعجاز فى القرآن سرالختم ميرغنى منبر الحوارات الثقافية العامة 6 07-07-2019 11:10 AM
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ماجد جابر منبر الحوارات الثقافية العامة 11 06-10-2012 07:51 PM
( 2 ) الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 60 11-05-2011 09:16 AM
الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 18 10-30-2010 12:21 PM

الساعة الآن 08:15 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.