قديم 11-01-2013, 09:11 PM
المشاركة 31
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اسْأَلِيني ما الذي يَجْعَلُني=شَبَحاً حتى أرى الخَلْقَ هَباءَ؟!
واسْأَلِيني عن دَواعِي عُزْلَتي=أَفكانَتْ جَفْوَةً أم خُيَلاءَ؟!
وإذا أثَرْتِ أنْ لا تَسْأَلي=فَدَعيني أُوثِرُ الدَّاءَ العَياءَ!
أنا وَحْدي في اعْتِزالي ذائِقٌ=لَذَّةَ الروح ابْتِعاداً واجْتِواءَ!
واسأليني ما الذي يُسْعِدُني=وأنا أُبْصِرُ حَوْلي السُّعداءَ؟!
إنَّني أُبْصِرُهم في نَشْوَةٍ=فَأَرى فيهم أمانِيَّ الوِضاءَ!
تلك كانتْ في شَبابي وانْمَحَتْ=وتَبَدَّلْتُ الأسى والبُرَحاءَ!
ثم عادتْ وَمْضَةً باسِمَةً=في مُحَيَّاهُم.. فَكانَتْ لي عَزاءَ!
تُسْعِدُ القَلْبَ الشَّجِيَّ المُسْتَوى=في دَياجِيهِ. نُجُومٌ مُشْرِقاتْ!
رُبَّما لا يُبْصِرُ الدَّرْبَ بها=فهو أَدْجى. أَوْ هو الحَظُّ المَواتْ؟!
هو في دُنْياهُ ما يَرْجُو سِوى=أَنْ يَرى العالَمَ مَوْفُورَ الهِباتْ!
ولقد يَرْضى لهم مائِدَةً..=مُشْتَهاةً. وهو يَرْضى بالفُتاتْ!
هكذا عِشْتُ غَنِيّاً بالرُّؤى=بالشَّذا تَشْفِي. وتروي بالفُراتْ!
وفَقيراً ما يُبالي باللُّهى=فهي قد تَسْلِبُهُ حُلْوَ السُّباتْ!
ولقد أَشْعُرُ أنِّي طَرِبٌ=في دُرُوبٍ مُدْلَهِمَّاتِ السِّماتْ!
ولقد أشْدو بِصَمْتٍ مُطْبِقٍ=تَتَمنَّاهُ.. فما تَحْظى –اللُّغاتْ!
واسْأَلِيني ما الذي يُكْرِبُني؟!=ما الذي يَدْفَعُني لِلإِنْزِواءْ؟!
رَغْمَ أَنِّي بانزوائي قِلِقٌ=دَنِفٌ يهفو لإِخْوانِ الصَّفاءْ!
أَيْنَهُم؟! إنِّي إِلَيْهِمْ تائِقٌ=أَيْنَهم؟! هل هُمْ كَمِثْلي غُرَباءْ؟!
لا تَلاقي بَيْنَنا إنَّ الوَرى=فَرَّقُوا ما بَيْنَنا خَوْفَ اللِّقاءْ!
والورى فيه صَباً.. فيه دَبُورْ=فيه عَقْلٌ مُبْصِرٌ. فيه عَماءْ!
فيه رَوْضٌ يانِعٌ. فيه يَبِيسْ=بَلْقَعٌ لَيْسَ به نَبْتٌ وماءْ!
طالَما أظْمَأَني.. لكِنَّنِي..=سِرْتُ فيه بين أشْتاتِ الظِّماءْ!
لم أَجِدْ فيه سِوى ما راعَني=مِثْلَ ما راع رَعيلَ الحُكماءْ!
واسأَلِيني ما الذي يَبْهَرُني؟!=ما الذي يَمْنَحُني حُلْوَ المتَاعْ؟!
ما الذي يُؤنِسُني في وَحْشةٍ=لَم تَجِدْ في لَيْلِها الدَّاجي شُعاعْ؟!
وأعْجَبي مِنِّي.. فما يؤنِسُني=غَيْرُ أَنْ تَحْلُوَ في الخَلْقِ الطِّباعْ؟!
فلقد أَلْقى رِعاعاً في سَراةٍ=ولقد أَلْقى سَراةً في رِعاعْ!
واسْأَليني. ما الذي يُرْهِقُني=فإِذا مُثْخَناً دُونَ صِراعْ؟!
وإذا بي الشِّلْوَ يَدْمي حَمَلاً=خائفا ما بَيْنَ أنْيابِ السِّباعْ!
وأنا الأَعْزَلُ لا سَيْفَ له=يَدْفَعُ الظُّلْمَ.. ولا رأْي مطاع!
لَتَمَنَّيْتُ. وما تُجْدِي المُنى=أَنَّني كُنْتُ طَعاماً لِلْجِياعْ!
واسألِيني. ما الذي يُلْهِمُني=ما الذي يُلْهِبُ فِكْري وشُعوري؟!
ما الذي يَمْلَؤُنِي مِن غِبْطَةٍ=وأنا المَحْزونُ يَطْويني ثُبُوري؟!
وأنا الآمِلُ في اللُّبِّ وقد=تَغْلِبُ اللُّبَّ وتَطْوِيهِ قُشُوري!
وأنا المُلْتاعُ في أَمْسائِهِ=حالكاتٍ تَشْتَهي نُورَ البُدورِ!
ما الذي يُلْهِمُني يا ماضِياً=حافِلاً بالحُسْنِ يُشْقي.. والغُرورِ؟!
ما الذي يُلْهِمُني يا حاضِراً=لم يَعُدْ عِنْدي سوى ذِكْرى حَرُورِ!
إنَّه ذِكْراكِ.. ذِكْرى أَلَمٍ=حارِقٍ كالجَمْر ما بَيْنَ الصُّدُورِ!
إنَّه أَنْتِ. وقد عادَ غَدي=مُلْهَماً يَبْكي على أَمْسي الحَصُورِ!
فاسْأَلِيني.. لا فما أُصْغِي إلى=فِتْنَةٍ عادت رفاتا في القُبُورِ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:12 PM
المشاركة 32
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نظَرْتُ إليها وهي تَرْنُو بِطَرْفِها=إليَّ كَلَيْثٍ في عَرِينٍ مُمَنَّعِ!
فَأطْرَقْتُ إجْلالا لها ومَهابةً=وخِفْتُ فقد تَلْهو وأَشْقى بِمَصْرَعي!
وقلت لها رِفْقاً فإنِّي مُفَزَّعٌ=من الحُسْنِ هذا وهو غَيْرُ مُفَزَّعِ!
ألا رُبَّ قَلْبٍ من جَمالٍ مُبَرْقَعٍ=يُطِيحُ بِقَلْبٍ من كَمِيًّ مُدَرَّعِ!
تَبارَكْتَ رَبِّي كيف يُشْقي قُلوبَنا=ويُسعِدُها حُسْنٌ شدِيدُ التَّرَفُّعِ؟!
ولو أَنَّني خُيِّرْتُ ما اخْتَرْتُ مَوْقِفاً=لَدى بابِهِ أُبْدِي إليه تَضَرُّعي!
فَلِلْحُرِّ نَفْسٌ لا تَطيقُ تَضَرُّعاً..=ولا تنثني عن مَجْدِها المَتَضَوِّعِ!
ولكِنَّها تهفو إلى الحُبِّ مُلْهِماً..=بِكُلِّ نَضِيرٍ في الحياةِ ومُمْرِعِ!
بِيَنْبُوعها الحالي.. بِشَدْوِ طُيُورِها=بِآلائِها من كُلِّ غالٍ ومُمْتِعِ!
فكيف أَطِيقُ الصَّبْرَ عنه وصَبْوَتي=إليه كجَمْرٍ حارِقٍ بَيْن أَضْلُعي؟!
فيا لَيْتَه لم يَطْغَ.. يا لَيْتَ قَلْبَهُ=شَجِيٌّ فما يَطْغى كَقَلْبي المُوَلَّع!
ولكِنَّ بَعْضَ الحُسْنِ يَدْفَعُ ربَّه=إلى جَنَفٍ يَقْسو على المُتَوَجِّعِ!
فَيَضْطَرُّه إِمَّا إلى النَّأْي كارِهاً=وإمَّا إلى جَدْي يَسيرُ بأَرْبَعِ!
ولَيْسَ كَمِثْلِ الهَجْرِ لِلْحُرِّ قاتِلٌ=ولَيْس كمِثْلِ النَّأْي لِلْمُتَفَجِّع..!
ولو كان رَبُّ الحُسْنِ يُدْرِكُ أَنَّه=غَداً سَوْفَ يَمْضي الحُسْنُ غَيْرَ مُوَدِّعِ!
لَمَا كانَ مَفْتُوناً.. وما كانَ قاسِياً=على عاشِقٍ ذِي خافِقٍ مُتَقَطِّعِ!
فيا رُبَّما يَغْدو العَتِيُّ وحُسْنُهُ=تَوَلَّى فَيُشْقِيه ازْدِراء التَّقطُّعِ!
وقال أُصَيْحابي. وقد شابَ مَفْرِقي=وبانتْ غُضُونٌ في المُحَيَّا المُضَلَّعِ!
متى أَنْتَ يا هذا المُدَلَّهُ تَرْعَوِي=وتُقْصِرُ عن هذا الهوى المُتَطَلِّعِ؟!
لقد عُدْتَ شَيْخاً راعِشاً مُتَخلِّعاً=وما زِلْتَ عن بَلْواكَ لَسْتَ بِمُقْلِعَ؟!
يُشِيحُ الهوى والحُسْنُ عنكَ. أَما تَرى=وتسمع ما قالاه فيك؟! ألا تَعِي؟!
وقُلْتُ لأَصْحابي. لقد كُنُتُ طامِعاً=وقد كانَ ما حاوَلْتُهُ شَرَّ مَطْمَعِ!
وقد كنْتُ ضِلِّيلاً حَسَبْتُ كهُولَتِي=كمِثْلِ شبابٍ ساءَ فيه تَمَتُّعي!
مِن الرُّشْدِ لِلْفانِي الذي عاشَ ماجناً=وصَدَّعَهُ الشَّيْطانُ أُنَكى تَصَدُّعِ!
تَراجُعُهُ عن غَيّهِ واجْتِنابُهُ=مآثِمَهُ قَبْلَ الرَّدى المُتَوَقِّعِ!
ولم أَتَراجَعْ بَعْدُ يا لَيْتَ أَنَّني=سَلَكْتُ سَبِيلي حِكْمةٍ وتَهَجُّعَ!
فَشَتَّانَ ما بَينيْ تَفَجّعِ يافعٍ=وشَيْخٍ على العِلاَّتِ لم يَتَوَجَّعِ!
تَبارَكْتَ رَبِّي هل سَتَسْخو لآِبِقٍ=بِتَوْبَتِه حتى يَرى خَيْرَ مَهْجَعِ!
فَيَمْشي به مِن بَعْدِ طُولِ غِوايةٍ..=ويَسْرِي على نورٍ هناك مُشَعْشَعِ!
بَلى إِنَّني أَرْجو فما لي وسِيلَةٌ=سوى عَفْوِهِ المأْمُولِ يَوْمَ التَّجَمُّعِ!
تَجَرَّعْتُ حُلْوَ الإِثْمِ يَوْمَ شَبِيبَتي=وها أنا أَشْكو من قرِيرِ التَّجَرُّعِ!
لقد جَعَلَتْ مِنِّي الغِوايَةُ طِفْلَها=وأدْنَتْ فَمي الظَّمآن مِن ثَدْي مُرْضِعِ!
وأهْفُو بِيَوْمي لِلتُّقى وجَلالِهِ=ونِيَّةِ قِدِّيسٍ. وعَزْم سَمَيْدَعِ!
كأَنِّي بِنَفْسي. وهي في حَمْأَةِ القَذى=تَنِقُّ. فما كانت سوى نَفْسِ ضُفْدُعِ!
أَهِيْمُ بِمَجْدِ الخالِدين وأَجْتَلي=محاسِنَهُم.. أَهْلي وصَحْبي ومَرْبَعي

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:35 PM
المشاركة 33
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليلايَ كيف أَطَعْتِ ثُعبانَ السُّلُوِّ=فَسَمَّم القَلْبَ الشَّغوفْ؟!
أقْسَمْتِ أنَّكِ لَسْتِ ساليةً=ولو لاقَيْتِ في الحُبِّ الحُتوفْ!
وأنا الغَبِيُّ المُسْتهامُ..=أُصَدِّقُ الكذبَ العَصوف!
ما كانَ أَجْدَرَني بِهَجْرِكِ=حين كنْتُ أنا العَطُوفْ!
لا تَحْسَبي أنِّي الخَروفْ=فإِنَّني الأَسَدُ العَيُوفْ!
ولسوف يُدْمِيكِ الأَسى=ولَسَوْفَ تَحْصُدُكِ الصُّروفْ!
فَتَوقَّعي إلاَّ الرُّجُوعَ=إليكِ ما أحْلى العُزُوفْ!
ما عُدْتُ أَحْلَمُ بالّلآلِىءِ=أَوْ أَتُوقُ إلى الشُّغُوفْ!
بل عُدْتُ أَحْلَمُ بالبَتُولِ=يَزينُها القَلْبُ الرَّؤوفْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 11:51 PM
المشاركة 34
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
طرِبْتُ من العَرْفَجِ المُسْتَنيرِ=بِشِعْرٍ بدا كشُعاعِ القَمَرْ!
كَصَفْوِ الغَدِيرِ.. كشَدْوِ الكَنارِ=.. كحُلْوِ الثِّمارِ.. كنَفْحِ الزَّهَرْ!
فقُلْتُ له.. ما أَجَلَّ القريضَ=إذا ما سَبانا بهذي الغُرَرْ!
بدا لي كَمِثْلِ السَّحابِ النَّدِيِّ=يَجُودُ علينا بِحُلْوِ المَطَرْ..!
لقد أَدَني حَمْلُهُ في الحياةِ=ولكِنَّه كانَ حُلْوَ الثَّمَرْ..!
وأَسْتَنْبىءُ النَّجْمَ عَمْا اسْتَبانَ=-وكانَ الخَفِيَّ- وعما اسْتَسَرْ!
فُيُنْبِئُني يالَ هذا الحَصادُ=ويالَ بَدِيعُ الرُّؤى والسُّوَرْ!
تَبارَك مانِحُ هذا الشُّعورِ=يَصُوغُ لنا غَالياتِ الدُّرَرْ!
ويسقي النمير.. ويروي الظماء=فَنِعْمَ النَّمِيرُ.. ونِعْمَ النَّهَرْ!
وما نالَه غَيْرُ بَعْضِ الأَنامِ=وكانوا العَمالِيق بَيْن البَشَرْ!
وكانُوا السَّراةَ. وكانُوا الهُداةَ=وكانُوا الشُّداةَ به في السَّحَرْ!
أَراني الحَفِيَّ به المُسْتَعِزَّ=بِحالَةِ صَحْوِي به والحَذَرْ!
فيا ربَّةَ الشعر إنِّي الشغوف=وإنِّي الكَنارِيَّ ما بَيْن الشَّجَرْ
أَهِيمُ بجناتك الحاليات=هُيامي بِحَرِّ اللَّظى مِن سَقَرْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 12:03 AM
المشاركة 35
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رأيْتُ لعبد الله مَجْداً مُؤَثَّلاً=تحدَّر من آبائِهِ الصِّيدِ واسْتَعْلى!
فمن جَدّه عبد العزيز.. وفَيْصلٍ=أبيه تَبَدَّى المجد مُمْتَنِعاً فَخَلا!
ولله في عبد العزيز مآثِرٌ=رأَيْنا بها الوَبْلَ المُبَشِّرَ والطَّلاّ!
وكانتْ بِلادُ العُرْبِ شَمْلاً مُمَزَّقاً=وخَوْفاً.. فلا وَعْراً أَميناً. ولا سَهْلا!
فلا الحجُّ مأمُونٌ ولا المسجد الذي=تَمَيَّز بالمُخُتارِ.. وانْتَزَعَ الجهلا!
فكم مِن حَجِيجٍ راح يَقُصُدُ طَيْبَةٌ=تَفَزَّعَ نَهْباً. أو تَرَدَّى بِها قَتْلا!
طرائِقُ شَتَّى أفْزَعَتْ كُلَّ طارِقٍ=وإنْ بَذَلوا من الله ما جَلَّ واسْتَحْلى!
تَصَدَّى لها عبد العزيز فَصانَها=من العَبَثِ المُزْري. وكانَ له أَهْلا!
فما هي إِلاَّ جولة بعَدَ جوْلَةٍ=فَراحَ بها الباغُونَ صَرْعى بِما أَصْلى!
فمنهم أَطاعَ السَّيْفَ يَشْدخُ هامَهُ=ومنهم رأى أَنَّ الرُّضوخ به أوْلى!
فَلِله ما أَجْدى علينا جِهادُهُ=فقد صَحَّ منه ما تَهافَتَ واعْتَلاَّ!
يُشِيدُ به الشَّادُونَ في كُلِّ بُقْعَةٍ=فكم مِنَّةٍ تُرْوى. وكم آيةٍ تُتْلى!
وهذا هو الخُلْدُ الذي ظَلَّ شامِخاً=مُشِعّاً على الدُّنْيا بآلائِهِ المُثْلى!
ومِن بَعْدِه جاءَ الغَطارِيفُ.. كُلُّهُمْ=شَغُوفٌ بِمَجْدٍ لا يَخيسُ ولا يَبْلى!
بدا فَيْصَلٌ لِلنَّاسِ مَجْداً مُلألِئاً=يُضِيءُ.. فلا حِسّاً يَضِلُّ. ولا عَقْلا!
تأَلَّقَ في عَيْنَيْ أَبيهِ فَسَرَّهُ..=وكيف؟! وقد كانَ السَّبوق الذي جَلىَّ؟!
فقال له كُنْ نائبِي.. وأَحَلَّهُ=مَحلاًّ رَفِيعاً.. ما أَعَزَّ وما أَغْلى!
فقد كانَ فيه المُصْطَفى سَيِّدُ الورى=فكانَ به طِفْلاً.. وشَبَّ به كَهْلا!
فَراسةُ مَوْهُوبٍ عَظِيمٍ مُسَوَّدٍ=وفِطْنَةُ مَوْهُوبٍ. وكان له نَجْلا!
ولَسْتُ بِمُسْطِيعٍ. ولا الشّعْرُ قادِرٌ=على صَوْغِ ما كانا بِه. وله أَهْلا!
فَفي البَحْرِ أَسْرارٌ. وفي الطَّوْدِ رِفْعةٌ=تُحَيِّرُ قَوْلا.. أَنْ يُحاوِلَ.. أْو فِعْلا!
وشاءَ يَراعي مَرَّةً فأَرابَني=فَقُلْتُ له – لما رَثَيْتُ له – مَثلا!
وقُلْتُ له أَبْصِرْ.. فَحَوْلَكَ ثُلَّةٌ=كَوَاكِبُ.. كانُوا لِلَّذي سادَنا نَسْلا!
أَشاوِسُ. لَو فَوْق النُّجُومَ مَنَابعٌ=لَتاقُوا إليْها. واسْتَطابُوا بها النَّهْلا!
ولم يَثْنِهمْ عَن قَصْدِهم غَيْرُ نيْلِهِ=وكيْفَ.. وقد أَدُّوا له الفَرْصَ والنَّفْلا!
وقد ناضَلُوا حتى اسْتَوَوْا فَوقَ هامِهِ=فساروا وقد مَدّ الطُّمُوحُ لهم حَبْلا!
تَذكَّرْ سعوداً وهو أوَّلُ عاهلٍ=تَسَنَّم عَرْشاً يَنْشُدُ الحقَّ والعدْلا!
تَسَنَّمه والنَّاسُ تحمد ما بَنى=أبُوهُ.. ويَلْقى حَوْلَه الحَوْلَ والطَّوْلا!
وحَسْبُكَ مِن هذه السُّلالِة خالِدٌ=وفَهْدٌ. وقد كانَ السُّمُوُّ لهم شُغْلا!
فَأَوْرَثَهم مَجْداً طَريفاً وتالِداً=وأَوْرَثَنا نَحْن الكرمةَ والفَضْلا!
لَك الله يا فَهْدُ الحَبِيبُ وخالدٌ=فإنَّكُما الجُودُ الذي اسْتَأْصَلَ البخلا!
وإنَّكُما الفَخْرُ الذي يَستَفِزُّنا=إلى المَدْحِ.. لولا أنَّه لم يكُنْ جَزْلا!
ويا شِعْرُ هل لي أَنْ أَبُوحَ بِمُضْمَرٍ=من الحُبِّ أَصْلاني الذي لم أَكُنْ أصْلى!
لَئن عَزَّني فيه الثّناءُ فَإِنَّني=أراني بِحُبِّي أعْشّق الصَّدَّ والوَصْلا!
وأعْذُرُ شِعْري إنْ تَقَاصَر واسْتَوى=على العَجْزِ واسْتَخْذى بِقافيةٍ عَجْلى!
فما هو إلاَّ الشِّعْرُ يَسْتَقْطِبَ النُّهى=فَيَشْدو كما تَشْدُو مَشاعِرُهُ الجَذْلى!
وما هو إلاَّ المَجْدُ.. إلاَّ رُسُوخُهُ=وما هو إلاَّ أَنْ غَدَوْتَ له ظِلاَّ!
عَشِقْتُ العُلا مَنْذُ الصِّبا فَوَجَدْتُها=لَدَيْهِ. فَنَادَتْني أَلا كُنْ له خِلاَّ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 12:09 AM
المشاركة 36
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أشعريني بأنَّ يوْمَكِ كالأمْسِ=حناناً ورِقَّةً وفُتونا!
إنَّني لا أطيقُ مِنْكِ ازْوِراراً=إنَّه يُورِثُ الضَّنى والجُنونا!
ما أُحَيْلى الأيَّامَ تلك وأَشْجاها=فقد شَيَّدَتْ لحُبِّي حُصُونا!
ما أُبالي لا بالحُطامِ ولا المَجْدِ=وأَرْضى قَيدي وأَرْضى الشُّجُونا!
إن حُرِّيتي لَتَشْرُفُ بالرِّقِّ=يَراعاً ومَمْطَراً مَكْنُونا..!
هو يُفْضي إليَّ جَهْراً وهَمْساً=بالذي يُذْهِلُ العُقُولَ ويَشْفِي!
بالَّذي يَرْفَعُ الضَّميرَ إلى الأَوْج=ويبدي لها الذي كان يخفي..!
ما يَرى منه كُلُّ قَلْبٍ حَفِيٍّ=أَوْ مِن جَلالِه كُلُّ طَرْفِ!
ما تَخيّرْتُ دُونَ القِمَمَ الشُّمَّ=وأَخْتارُهُ بِدَيْجور كَهْفِ!
إنَّ بَعْضَ الدَّيْجُورِ نُورٌ يُغَشِّيكَ=بِمَرْأىّ يَجِلُّ عن كَلِّ وَصْفِ!
ولقد بانَ ساطِعاً فَتَخَشَّعتْ=فَسَفْحي غَدا رفيِعاً كسقفِ!
يا سمائي التي أَنَرْتِ سِبيلي=إجْعَلي النور صاحبي ودليلي!
واجْعَليه إذا سَرَيْتَ نَجِيِّيَ=واجْعَليه إذا لَغِبْتُ خليلي!
هو نُورٌ كأنَّه المُزْنُ يَرْوي=ظَمَأِي في السُّرى ويَشْفي غَليلي!
وهو الرَّوْض بالثِّمارِ وبالزَّهْرِ=غِذاءٌ ونَشْوَةٌ لِلْعَليلِ..!
وهو سِفْرٌ مُجَلَّلٌ بالتَّرانِيمِ=أَراهُ في بُكْرَتي وأَصِيلي!
يا فَتاتي لقد جَنَحْتُ إلى الحُسْـ=نِ وَضيئاً يَنْأى عن الأَوْهاقِ!
كنْتُ فيه أَسْعى إلى الجَسَدِ=البالي. وأَصْبُو لِضَمَّةٍ وعناقِ!
كان فيه الفِراقُ يَدْعو إلى الذُّلِّ=مَهِيضاً.. مُتَيَّماً بالتَّلاقي!
لَيْس إلاَّ العُتُوٌّ فيه ذلك الحُسْنِ=فَمرْحىً لِعِزَّتي وانْعِتاقي!
ولَشَتَّانَ بَيْن حُسْنٍ يُواليكَ=طَهُوراً. وبَيْن حُسنٍ عَصُوفِ!
ذاك يَحْنو عليك غَيْرَ مُدِلٍّ=و يُفَدِّيكَ بالرَّؤى والطُّيُوفِ!
مُلْهِمٌ. فاليراعُ منه نَدِيٌّ..=بِمعانٍ تَزَيَّنَتْ بالحُروفِ!
وعذارى من الطَّرائِفِ تَشْفِي=عاشِقَ الفَنِّ مِن بلاءِ الصُّرٌوفِ!
هي مَجْدٌ مَؤَثَلٌ لِمُعَنَّى..=بِهَواها – مُغامِرٍ مَشْغُوفِ!
ما يُبالي إذا احْتَوتْهُ وناجَتْهُ=بآياتِها بِوَشْكِ الحُتُوفِ!
والمُدِلُّ القصُوفُ تَسْطَعُ حيناً=ثم يَخْفو ويَنْتَهي بالمِحاقِ!
كم تَعالى به الفُتُونُ فأشْجى=ثم أَهْوى به إلى الأَنْفاقِ!
فإذا بالنَّميرِ منْه سَرابٌ=عادَ لغَيِّ لعْنَةَ الأَحداقِ!
ظَنَّ أَنْ يَخْلُدَ الفُتُون. فأَشقاهُ=غُروبٌ أَطاحَ بالإِشْراقِ!
يال هذا العرس الشهي ازدهته=فرحة. ثم أفزعت بالطلاقِ!
يا حَياةً يُغْرِي اللِّقاءَ بها النَّاسَ=وتَطْوِي إغْراءهَا بالفِراقِ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 12:11 AM
المشاركة 37
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ذكرياتي تُمزِّقُ مِن قَلْبي=وتُشْجي حِسيِّ الرَّهيفَ ولُبِّي!
أيَّها اسْتَعْرضَ الضَّمِيرُ تبدىَّ=شَرِساً.. حانِياً.. مُشِيحاً.. مُلبِّي!
ربما صِرْتُ من رُؤاها كطَيْرِ=وادِع.. أو مواثِبا مِثْلَ ذِئْبِ!
قد يكونُ الحبيبُ منها كَرَوْضٍ=ويكونُ الرَّهِيبُ منها كجُبِّ!
أسلمتْني حِيناً إلى الفَرَحِ الحاني=وحينا إلى اكْتِئابٍ وكرْبِ!
يالَ حِسِّي الذي يُؤَجِّجُ ناراً=في حَناياي.. من بِعادٍ وقُرْبِ!
لتَمنَّيْتُ أن أكونَ كصَخْرٍ=ما تَلَظَّى ولا أنْتَشى بالتَّصبِّي!
لَيْتَني مِثْلَهم. فما كنْتُ أَشْقى=كَشَقائِي هذا يَشُقُّ كَعَضْبِ!
إنَّ بعض الغَباءِ بَعْضٌ من=النِّعْمةِ يا لَيْتَني أعِيشُ كَسِرْبي!
فَهُما يَسْبِقان طَرْفي إلى الخَيْرِ=بإيثار عاطِفَيْن.. وحُبِّ!
فإذا ما اشْتَكَيْتُ مَسّاً من الضُّرِّ=شَكَوْا مِثْلَهُ.. وضاقُو بِرَحْبِ!
وهَمَتْ مِنْهُما الدُّموعُ فَوَيْلي=بالذي يّذْرِفان منه.. وحسبي!
وتّذّكَّرْتُ إخْوَتي.. وكُنَّ . وكانُوا=كنَميرٍ بَرْوِي الظَّمأ ويُسْبي!
ما أُحَيْلى أَصْواتَهُمُ. وهي تَشْدُو=بافْتِخارٍ إذا نَعِمْتُ. وعُجْبِ!
وتَذكَّرْتُ ثُلَّةً مِن رِفاقٍ=كلُّهمْ نِعْمَةٌ من الله رَبِّي!
كالرِّياضِ التي تَضُوعُ بِنَفْحٍ=مِن زُهُورٍ تَظَلُّ تَخْتالُ جَنْبي!
وثِمارٍ تُغْنِيكَ عن كُلِّ رَطْبٍ مِن=شَهِيِّ الطَّعام. أَوْ عَذْبِ شُرْبِ!
عِشْتُ ما بَيْنَهُم سعِيداً.. وعاشُوا=سُعداءً بِصَفْوِ وُدِّ وعَتْبِ!
خَلَّفوني من بَعْدِهمْ في اشْتِياقٍ=فَفُؤادي بِهِ حَزِينٌ. وهُدْبي!
ذِكْرَياتي أَنْتُنَّ فِرْدَوْس نَفْسي=حِين أَلْقى بِكُنَّ حُبِّي المُوّلِّي!
وجَحِيمي إذا بِكُنَّ تَذكَّرْتُ=بَلاءً أَزْرى بِحِسِّي وعَقْلي!
غير أنّي أهْفو إلَيْكُنَّ باللَّيْلِ=ففيه الشُّجونُ بالصَّدْر تَغْلي!
إنَّ عِلْمي بالناس أصبح يغتال=ضَميِري. فأشْتَهي اليوْمَ جَهْلي!
رُبَّ ماضٍ ذَكرْتُهُ فتذكَّرْ=تُ رِجالَ العُلا. ووَقْتَ التَّجلِّي!
شَدَّ ما أَشْتَهي الرَّحيل فَبَعْدي=لم يَعُدُ يَرْفَعُ اللِّواءَ كقَبْلي!
ليس كُلُّ النَعْماءِ تُرْضي حًَنايايَ=فَبَعْضُ النَّعماءِ حَظُّ العُتُلّ!
وأَنا لَسْتُ بالعُتُلِّ وما أَرْضى=بِعَيْشٍ يَطْوي المُضيءَ سِجِلِّي!
إنَّني أَبْتَغِيهِ عَيْشاً كريماً=ولَئِنْ كانَ في افْتِقارٍ ومَحْلِ!
يا فتاتي التي تُضيءُ طَرِيِقي=أَرْقِبيني فقد توسَّدتُ رَحْلي!
مَجِّدِ اللهَ يا ضَميري. فقد=عِشْتُ بِقَوْلي مُحَرَّراً. وبِفِعْلي

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 12:13 AM
المشاركة 38
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يا هِنْدُ عِشْتُ مُضَرَّجاً=بِدَمٍ يكادُ يَصِيح ظُلْما!
يا هِنْدُ عِشْتُ مُتَيَّماً=ومُهَذَّباً رُوحاً وجِسْما!
قد كنتُ أَحْسَبُكِ الوفيَّةَ=في الهوى. وَصْلاٌ وغُنْما!
عادَ اليَقينُ لَدَيَّ فيكِ=وقد غَدْرْتِ اليَوْمَ وَهْما!
ما كنْتُ أَحْسَبُ أنَّني=سأعُودُ بعد التٍّبْرِ فَحْما!
نأنا لَسْتُ صِفْراً إنْ أَرَدْتِ=وإنْ أَرَدْتِ أكُونُ رَقْما!
كلاَّ فإنِّي بعد غَدْرِكِ=قد غَدَوْتُ أَشَدَّ عَزْما!
يا هِنْدُ هل راجَعْتِ قَلْبَكِ=قَبْل أَنْ تَعِمي السَّجايا؟!
فارْتَحْتِ لِلْظُّلْمِ الرَّهِيبِ=ولم تُرَوِّعْكِ الضَّحايا!
ورأَيتِ أشْلاءً تَنِزُّ=ولم تُخَوِّفْكِ المنايا؟
كنْتِ السَّبِيَّةَ بَيْنَهمُ=وهُمُ العِطاشُ إلى السَّبايا!
يا لَلْهَوانِ.. لقد تَرَكْتُ=لكِ المباذِلَ والدَّنايا!
يا هِنْدُ. والأَمسُ الوَفِيُّ=يُطلُّ لِلأمْسِ الغَدُورْ!
فَيَرى به القَسَماتِ شاهَتْ=- وَيْلُ يَوْمِكِ- بالبُثُورْ!
شَتَّانَ ما بَيْنَ الأَثِيْمِ=هَوى وما بَيْنَ الطَّهُورْ!
ويَرى ندَاماكِ الهياكِل=كالأرانِبِ في الجُحُورْ!
ويَراكِ في الأَمْسِ الوَضِيء=وأّْنتِ لِلظُّلُماتِ نُورْ!
زِنْتِ الِحجابَ مِن العَفافِ=وفُقْتِ رَبَّاتِ السُّفورْ!
أَفلا تَرَيْنَ الفَرْقَ بَيْن=الأَمسِ واليَوْمِ الكَفُورْ؟!
أَفَلا نَدِمْتِ على الكريم=يرُوحُ عَنْكِ بلا ارْتِدادْ؟!
قد كانَ في يَدِهِ القِياد=وقَد عَدَوْتِ على القيادْ!
وأَرَدتِ أَنْ يَبْقى الرَّهِينَ=لَدَيْكِ مَسْلوُبَ الرَّشَادْ
يَشْقى به العَقْلُ الرَّجِيحُ=ويَسْتَطَيِرُ به الفؤادْ!
كلاَّ. فَقَدْ عافَ اقْتِرابَكِ=واسْتَراحَ إلى البِعادْ!
وَلَّى هَناؤُكِ فالْبَسي=يا هِنْدُ أثْوابَ الحِدادْ..!
إنَّي لأَشْتَفُّ النَّدامةَ=في مَلاِمِحِكِ الجَمِيلةْ!
وأرى بها الأَلمَ المُبَرحَّ=يَسْتَبِدُّ على الكَلِيلَهْ!
تَرْجو الرُّجُوعَ إلى المُهاجِرِ=دُونَ أن تَجِدَ الوَسِيلَهْ!
هَيْهاتَ أَنْ تَجِدي السَّبِيلَ=وقد قَطَعْتِ له سبِيلَه!
خَلَّي الظُّنُونَ الآمِلاتِ=وَوَدَّعي نَفْحَ الخَمِيِلهْ!
بَعْد الجَهامِ سقى رِياضي=وَابِلُ السُّحُبِ الثَّقِيلَهْ!
ما كانَ أنداها عَلَيَّ=فلم تكن أَبَداً بَخِيلَهْ!
إنَّي أقُولُ.. ولسْتُ=أَشْمَتُ.. يا فَتاتي المُسْتَطِيلَهْ!
لم يَبْقَ لِلْحُسْنِ المُدَلَّلِ=غَيْرُ أيَّامٍ قَلِيلهْ!
هلاَّ ارْتَقَبْتِ من الفُتُونِ=وقد قَسَوْتِ به. رَحيلَهْ؟!
هلاَّ رَعَيْتِ الطَّيْرَ .. ما=أَحْلاهُ.. ما أَحْلى هَدِيلَهْ!
والرَّوْضَ ما أَحْلى الزُّهُورَ=به. وما أّحْلى نَخِيلَهْ!
لو قد رَعَيْت لكُنْتِ خالِدةً=بما يشْفِي غَلِيلَهْ!
أنا شاعرُ الخُلْدِ الطَّمُوحُ=ولن ترَيْ أَبَداً مَثِيلهْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 12:15 AM
المشاركة 39
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عدْني بِوصْلٍ منكَ يا فاتِني=فأنْتَ لي مَصْدَرُ إلْهامي!
وأنت لي دُونَ الورى مُتْعَةٌ=تُشُعِلُ أَطْراسي وأَقْلامي!
جاشَتْ بصَدْري ذِكْرياتٌ لها=عِطْرٌ بأيَّامي وأَحلامي!
أيَّامَ كنْتَ الفاتِنَ المُسْتوِي=بِمُهْجتي. والمُغدِقَ إلهامِي!
إنَّي أُكَنَّي عَنكَ مِن بَعْدِما=لاقَيْتُ مِن هَجْرِكَ مَا أَسْقَما!
شَقِيتُ منه. يا لَهذا الهوى=شّرِبْتُ منه سَلْسَلاً .. عَلْقما!
كانَ اللَّظى يَسْلِبُ ِّمنِّي الكرى=حِيناً.. وحِيناً كانَ لي بَلْسَما!
وكانَ لي في شَفَتَيْهِ اللَّمى=يُسكَرني .. يَجْعَلُني المُلْهَما!
وكنتُ لا أُبْصِرُ إلاَّ المُنَى=مُشْرقةً.. تُورِدُني جَنَّتي!
إلاَّ الطُّيورَ الشَّادِياتِ التي=تُطْرِبُني.. تُشْعِلُ لي صَبْوَتي!
لا فِكرتي تِشْغَلُني بالذي=يُكْرِبُ كالأَمْسِ. ولا مُهْجَتي!
أَوّاهِ كانَت سوى فَترةٍ=حالِمةٍ .. ثم انْتَهَتْ فَتَرَتي!
ودَهَمَتْني يَقْظَةٌ كالرَّدى=قاسيةٌ.. جَفَّ بها جَدْوَلي!
أَذهَلني منها عُزُوفُ الهوى=عنِّي. كَسَهْمٍ حَطَّ في مَقْتَلي!
ما كانَ أَقساهُ. فكيف ارْتَضى=سفكَ دَمي؟! كيف لَوى مِفْصَلي؟!
ما كنْتُ هائِماَ يَكْتويِ=فَيَرْتَضِي باللَّهب المُشْعَلِ!
وكانَ لِي النَّجْمَ الذي أَهتدي=بِنُورِه في الحالِكِ المُظْلِمِ..!
يَسْخو بْه من غَير ما مِنَّةٍ=سخاءَ مَنْ يَحْنُو على المُلْهَمِ..!
كانَ هو المُلْهْمُ هذي الرُّؤى=كأَنَّما يَغْرِفُ مِن مِنْجمِ..!
يَحُوطُني بالحُبَّ يَروِي به=صَدايَ رِيَّ المانِحِ المُنْعِمِ..!
وقال لي يَوْماً .. أَلا تَشْتَهي=جَنايَ؟! إنَّي لا أُبِيحُ الجَنى!
إلاَّ لمن كانَ شَدِيدَ الجوَى=مُسْتَعْذِباً فيه الضَّنى والوَنى!
فإِنَّه يَحْظى به ناعِماَ=من شِقْوَةٍ يَشْتارُ مِنْها المُنى
وأَنْتَ حتى الفَقْر تَرْضى به=منه.. فَبَعْضُ الفَقْرِ بَعْضُ الغِنى!
قد كُنْتَ هذا.. واصِلاً.. حانِياً=فكيف ضَرَّجْت الهوى بالصُّدُودْ؟!
كيف تَحَوَّلْتَ إلى عاصِفٍ=أَهْوِي به للسَّفْح بعد النَّجُودْ؟!
ما كُنْتُ أسَتَأْهِلُ هذا الأسى=ما كُنْتُ أسْتَأهِلُ هذا الجُحُود!
خَسِرْتَني .. قد كنْتَ تَعْلو الذُّرى=مِنَّي. وقد كنْتَ تُلاقي الخُلُودْ!
راوَدَني الغِيدُ .. فلم أَنْجَذِبْ=لَهُنَّ.. لم أَحفَلْ بحور الجنانْ!
كُنَّ على ما يَشْتِهيه الهوى=حُسْناً ودَلاَّ من حَصانٍ رَزَانْ!
يَشْغَفْنَ بالشَّعْرِ. وبالمُعْتَلي=به إلى النَّجْمِ.. وَضِيءِ البَيانْ!
وقُلْنَ لي .. دَعْ عَنْكَ تِلكَ الَّتي=تُشْقِي .. وأَنْتَ الحُرّ تأْبى الهَوانْ!
لسَوْف تَطْوِينَ الحَشا دامياً=منِ بَعْد أَنْ بارَحْتُ ذاك الحِمى!
فإِنَّني اليَومَ على صَبْوةٍ=تَحْمي. ولا تَسْفِكُ ِّمنِّي الدَّما..!
حَوْلي من الخُرَّدِ ما أَزْدَهي..=به. وما يَرْوِي شدِيد الظَّما..!
وهُنَّ يَطْوِين نَقِيَّ الهوى=فلا فؤاداً جائراً .. أَو فَما!
الحُسْنُ لَوْلا الشَّهْرُ ما يَسْتَوي=إلاَّ قَليلاً من حَنايا الوَرى!
الطُّهْرُ يُعْلِيهِ .. ويَهْوي الخَنى=به إلى الدَّرْكِ.. ويُغْوِي السُّرى!
والخُلْدُ لِلشّعْر إذا ما سَما=وعافَ بالعِزَّ خَسِيسَ القِرى!
عَلَيْهِ. أَنْ لا يَنْحَني صاغِرا=فالشاَّعِرُ. الشَّاعِرُ لن يَصْغَرا

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 12:17 AM
المشاركة 40
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليس لي أنْ أقولَ شعراً وهذي=نَفَثاتٌ تَفُوقُ.. شعراً ونثرا!
ومن العَدْلِ أَنْ أُمَتَّعَ سمعْي=بالذي شاقَني فَجَلىَّ وأَغْرى!
فأَمامَ المُبرِّزينَ أراني=عاجزاَ أَنْ أقولَ شَهراَ أَغَرَّا!
ولقد حاول اليراعُ فأَعْياه=البليغُ الذي إذا قالَ سَرّاً..!
ولقد حاول البيانُ فلاقى=بَعْد يُسْرٍ من المَلاحِمِ عُسْرا!
يا حُماةَ البَيان.. ما أَكرَم المرْءَ=إذا ما أقامَ لِلْحقَّ جِسْرا!
ولأَنْتُمْ بُناته فَذَروهُ=يَرْفَعُ الرَّأْسَ بالمآثِرِ تَتْرى!
إنَّ مِنَّا الكثيرَ صَرْعى الأباطِيل=ومِنَّا الكثيرَ في القَيْدِ أَسْرى!
فَعسانا بِما نَطِيِقُ من القَوْل=رشيداً نَشُدُّ للحَقَّ أَزرا!
إنَّه الرِّبْحُ للحياة وإلاَّ=كان حَظُّ الحياةِ ذُلاً وخُسْرا!
ما أراني بَيْن العَماليقِ إلاَّ..=قَزَماً .. ما يَطِيقُ نَفْعاً وضَرّاً!
ولَوْ أنِّي اسْتطَعْتُ كنْتُ المُجَلي=في سباقي . والفارِسَ المُسْبَطرَّا!
غَيْرَ أَّني كنْت المُصَليَ في السبق=وكان الرِّفاقُ بالسَّبْقِ أَحْرى!
وحياةُ الورى حُظُوظٌ.. وحَسْبي=مِن حَياتي .. ما حَوَّلَ الشَّرَ خَيْرا!
ما حياةُ الأَنام إلاَّ هباءٌ=إنْ تَكُنْ لا تُتِيحُ مَجْداً وفَخْرا!
إنَّما تَشْرُفُ الشُّعُوبُ بما بانَ=مِن الذَّكْرِ حالِياً واسْتَسَرَّا!
حدَّثَنْني نَفْسي بأنِّي غَرِيبٌ=ما ترى لي بَيْن الوَرى مُسْتَقَرَّا!
قُلْتُ يا نفس. أَنْتِ تَدْرينَ=بالسَّرِّ.. وإنْ كنتِ لا تُقِيمين عُذْرا !
أَنْت من قَادني إلى العُزْلَة=المُرَّة.. حتى سَلكْتُ دَرْباً أَمَرَّا!
لمْ تَقُودي سُراتي في لاحِبِ=الدَّرْب.. وما كُنْتِ في الدُّجُنَّةِ بَدْرا!
لا تَلُومي مُرَزَّاً أَنتِ أَولى=مِنْه باللَّوْمِ. أَنتِ أَعظَمُ وِزْرا!
ضِقْتُ ذَرْعاً بِما أُلاقِى. فَكُوني=من فَتاكِ الحَسِيرِ أَوْسَعَ صَدْرا!
وذَرَفْنا دَمْعاَ سَخِيّاً.. فقد=كُنَّا سواءً بما اقْتَرَفْناهُ نُكْرا..!
أَمْ تُرانا مَعاً نَعيشُ مع الغُرْبةِ=نَطْوِي الفَلا . ونَسْكُنُ قَفْرا؟!
ارْتَضَيْنا به .. ويا رُبَّ راضٍ=عادَ بعد الرِّقَّ المُسَخَّر حُرَّا..!
كم رُفاتٍ يَغْدو بهِ القَبْرُ صَرْحاً=وحياةٍ يَغْدو بها الصَّرحُ قَبْرا!
فاعْذُرُوني إذا اقْتَضَبْتُ. فما=أَقْوى على أَن أكُون في الجَوَّ صَقْرا!
كم تَمَنَّيْتُ أّنْ أكُونَ فَأَعْيَتْ=أُمْنياتِي . وكنْتُ في السَّفْرِ سَطْرا!
قُلْتُ حَسْبِي أنِّي غَدَوْتُ من الطيْرِ=وأَنَّي وَجَدْتُ في الرَّوْض وَكْرا!
فَجَناحي المَهِيضُ أضْعَفُ من أَنْ=.. يَسْتَوِي مِثْلَهُنَّ في الجَوَّ نَسْرا!
عَرَفَتْ قيمتي حَناياي سِرّاً=ثُمَّ قالَتْ .. قُلها لِرَبْعِكَ جَهْرا

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ديوان / محمد حسن فقي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ديوان المعتمد بن عباد - جمع وتحقيق: أحمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 1 04-25-2016 02:00 PM
ديوان الشيخ أحمد سحنون د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-13-2014 10:10 PM
لغة شعر ديوان الهذليين - علي كاظم محمد علي المصلاوي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 09:22 PM
ديوان ابن عساكر - جمع وشرح: محمد عبد الرحيم د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 12:31 AM
ديوان سيد قطب - جمع: عبد الباقي محمد حسين د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-25-2014 10:44 PM

الساعة الآن 03:14 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.