قديم 06-03-2012, 02:28 PM
المشاركة 811
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لقاء مع الكاتبة والروائية المصرية سلوى بكر
12/05/2008
التقاها في القاهرة : محمد القذافي مسعود
" لا أظن أن هناك رواية مثل " البشموري " "
" النقد العربي متخلف جدا والنقاد تحكمهم اعتبارات كثيرة "
لماذا كان اختيارك للسرد كشكل تعبيري دون غيره من أشكال التعبير الأخرى ؟
ربما كانت القصة القصيرة أو الرواية هي الشكل الأنسب لمساحة تعبيرية أوسع عن واقع وحياة وعن أسئلة ملحة في واقعنا وفي مجتمعاتنا العربية _ القصة والرواية كشكل أدبي هي شكل تعبيري يتيح للمتعامل معه أن يعتني بالتفاصيل ، أن يفرد مساحة واسعة بجملة من الإشكاليات والأسئلة من خلال الشخوص وعوالمها وتشابك هذه العوالم مع بعضها البعض ، في النهاية هذا السؤال يصعب الإجابة عنه لأن الإبداع في حد ذاته به جانب غامض جانب غير مفهوم لماذا تكتب القصيدة ولا تكتب الرواية ربما أيضا هنا تكمن الإجابة على هذا السؤال .
متى نستطيع أن نقول أن هذا الروائي أو هذه الروائية صاحبة بصمة أو خصوصية ؟
الروائي أو الروائية تكون صاحبة بصمة عندما تضيف إلى خارطة المنجز الروائي أو القصصي في زمن ما في منطقة ما أو ربما على مستوى العالم كله البصمة تصنع من خلال اجتياز مناطق وأمكنة جديدة لم تتطرق إليها الرواية أو القصة من قبل هنا تكون بصمة خاصة ، لذلك المسألة ليست في أن أكتب ولكن أن أضيف لما كتب هذا هو السؤال الصعب وهذا السؤال هو الذي يكون بصمة خاصة يصعب تجاوزها أحيانا كما في بعض حالات الكتابة أو بصمة تكون لها ملامح قد تفيد فيمن يسير على دربها فيما بعد .
في تقديمه لروايتك " مقام عطية " يقول محمد مظلوم " ويأتي انحيازها الواضح للنوفيلا كشكل سردي أطول من قصة قصيرة وأقصر من رواية طويلة "
هل جاء هذا الانحياز كمحاولة تجريبية أم أنه مجرد ارتياح لهذا الشكل ؟
أنا لم أنحاز للنوفيلا أو القصص القصيرة فقط فما أنتجته من أعمال به روايات طويلة لدي حوالي ستة روايات منهم على الأقل خمسة روايات يعني من النوع يمكن أن نقول أنها ليست نوفيلا هي رواية طويلة أنا لا أنحاز لشكل على حساب شكل آخر ولكن أنا أكتب على هوى القلب إذا ما وجدت الشكل المناسب هو القصة أكتب القصة ،إذا ما كان المساحة التعبيرية واسعة أكتب الرواية وهكذا فلا يوجد تحديد مسبق لما أنتوي أن أكتبه قبل الكتابة أنا دائمة التجريب كل عمل جديد هو بالنسبة لي مغامرة ، هو محاولة للاكتشاف اكتشاف ما بداخلي ، اكتشاف عوالم الآخرين إذن التجريب هو ضرورة وهو لا يمكن أن يفترق عن الإبداع بأي شكل من الأشكال .
هل مازال العالم العربي في حاجة إلى ثورات ؟
محتاجين إلى براكين وليس إلى ثورات ، العالم العربي يحتاج إلى ما هو أكثر من ثورات والثورات هنا قيمية ، نحن علينا أن نعيد طرح الأسئلة المتعلقة بادراة حياتنا بطرائق إدارة هذه الحياة ما هي الحضارة ؟
هي طريقة للحياة لماذا نحن متخلفين حضاريا لأننا لا نعيد طرح الأسئلة ولا نجدد الأسئلة المتعلقة بحياتنا بقيمنا بمفاهيمنا كيف نأكل كيف نحب كيف نتزوج كيف نرى الكون الخ هذه الأسئلة التي ربما تفوق الغرب علينا الذي طوال الوقت يجددها ويعيد إنتاجها بصرف النظر عن الإجابات قد تكون الإجابات خاطئة أحيانا ولكن عندما يعيد التساؤل مرة أخرى فهو يصل في النهاية إلى إجابة صحيحة ويربط هذه الإجابة بالزمان والمكان وهذا ما لا نفعله نحن لدينا إجابات من أزمنة مسبقة مازلنا نصر على أن هذه الأزمنة التي نعيشها الإجابات القديمة هي الملائمة لها .
المثقف والسلطة هذه العلاقة المتوترة كيف ترينها ؟
علاقة المثقف بالسلطة في العالم العربي هي علاقة ملتبسة علاقة نشأت في ظروف غير سوية نحن نعلم أن السلطات في مجملها هي سلطات قامعة في العالم العربي سلطات هي نتاج تركة تاريخية طويلة من القهر وعدم قبول الاختلاف وعدم احترام الرأي الآخر ، المثقف الذي تعامل مع سلطات من هذا النوع هو وقع دوما تحت تأثيرها سواء بالترغيب أو بالترهيب ناهيك على أن هذه السلطات دأبت على تهميش الثقافة ودور المثقف أيضا المثقف هو بدون حماية وغطاء من أحزاب سياسية قوية معارضة هو لا يستطيع أن يؤدي دوره ربما هذه هي الإشكالية ، العلاقة بين المثقف والسلطة يجب أن نفتش عليها في طيات غياب معارضة سياسية قوية في العالم العربي .
الدكتور عبدا لله الغذامي يعتبر أن " الحداثة هي انتصار الأنوثة على الذكورة " مار أيك أنت ؟
هذا كلام أنا يعني لا أجده كلاما موضوعيا الحداثة ليست انتصر الأنوثة على الذكورة أو انتصار الذكورة على الأنوثة من وجهة نظري هي تجديد أسئلة تتعلق بكل مناحي الحياة التي نعيشها سؤال العلاقة بين الرجل والمرأة هو أحد هذه الأسئلة وأنا أتصور المسألة ليست ذكورة وأنوثة أن هذا تقسيم بيولوجي في المقام الأول ولكن هي المسألة ربما كانت امرأة ورجل كائن إنساني له كينونة خاصة مغايرة للكينونة الأخرى من هنا فأنا أرى أن هذا الكلام غير دقيق ولا يجب أن نتعامل معه بجدية .
من يعجبك من الروائيات المصريات ؟
في الحقيقة أنا معجبة بأوتل أولوب الدمرداشية وهي روائية مصرية كتبت بالفرنسية وعاشت في أواسط القرن الماضي ولكن أتصور أنها كانت يمكن أن تكون روائية هامة جدا لو تعلمت العربية وكتبت بالعربية على الأقل ما كتبته تأريخ لجانب من سيرة المرأة في مصر، ربما كنا لن نعرفها أبدا إلا إذا لم تكتبها هذه السيدة .
ومن الروائيات العربيات ؟
مش لازم بقى بلاش أصله إيه الأسئلة ذي ، تتكلم عن حد الباقيين يزعلوا تقول والله بتعجبني فلانة ، ما فيش داعي ....
إلى أي حد استطاعت الرواية التي تكتبها المرأة العربية تحقيق تفرد عن ما يكتبه الرجل ؟
طبعا في بعض الأحيان حققت الكاتبة انجازا روائيا يعتقد به وله تفرده وله قيمته أنا على سبيل المثال لا أظن أن هناك رواية مثل" البشموري " كتبت قبل أن أكتبها يعني لا توجد رواية مثلا على غرار" البشموري" وهذا ليس من الغرور يعني ، ولكن هذه حقيقة المرأة حققت منجزا إبداعيا لا يستهان به حتى الآن .
لماذا تصنف الرواية ضمن فنون المدينة ؟
ده سؤال إيه كبير قوي ، الإجابة عليه كبيرة قوي سيبك من السؤال ده .
" أنا أرى أن الأدب الذي تكتبه المرأة مهما كان جريئا إن لم يأخذ دوره في التغيير المجتمعي والتركيبة الوجدانية الأخلاقية للمجتمع فانه يكون أي شئ إلا أدب " كلاديس مطر ... ما تعليقك ؟
هذا الكلام جيد أنا أوافق عليه وهو كلام صحيح كلام كلاديس مطر ، كلام موضوعي وهذا جيد وأنا أتصور الجرأة ليست معيارا للقيمة العمل الأدبي ولكن معيار القيمة يتأتى من مدى قدرة العمل الأدبي على استشفاف رؤية وصورة لما هو آت والقدرة على طرح وتجديد أسئلة هامة بالنسبة للحياة .
" بالتأكيد هناك أسباب متعددة لموت القارئ لكن الكتاب عادة ما يتحاشون وضع أنفسهم بين المتهمين " هذا ما قاله عزت القمحاوي في جريدة أخبار الأدب ( 2006 ) .. .....؟
( ردت بشكل سريع وقاطع ...) لا ما بهتمش بكلام عزت القمحاوي خالص ولا بأخبار الأدب مجلة تافهة أصلا .. جريدة تافهة ...
وما هي الأسباب في رأيك أقصد عدم وجود قارئ لما يكتب وينشر ؟
ما فيش قراء لأسباب اجتماعية سوسيولوجية اقتصادية تعليمية ، نوع التعليم أسباب لا تتعلق بالأدب بقدر ما تتعلق بالمحيط الذي ينتج فيه الأدب ، عندما يكون لديك تعليما رديئا يكره الناس في الثقافة وفي القراءة وفي المعرفة إذا لن يقرأ الناس الأدب وغير الأدب عندما يسود المناخ الديني المتزمت السلفي على المجتمعات العربية يصبح الأدب نوعا من الإباحية أو اللهو أو الكلام الفارغ إذا المسألة تكمن في السوسيولوجية في الاقتصادي في الثقافي ولا تكمن في المنتوج الإبداعي أو الأدبي .
النقد في مقابل النص كيف تجدينه ؟
النقد العربي متخلف جدا ، النقد العربي لا يواكب المنتج الإبداعي النقاد تحكمهم اعتبارات كثيرة ، الأدب أو العمل الإبداعي ليس أولها الموضوع معقد وملتبس ولكن مما لاشك فيه أن النقد متخلف جدا ولا يندفع بحركة إبداعية إلى الأمام .
السؤال الملح الذي يجب أن تطرح الرواية العربية اليوم ..ما هو ؟
الرواية العربية لديها مهمات ، لديها أن تؤرخ للحظة الراهنة أن تسعى لطرح الأسئلة المتعلقة بها كي نتفهمها أن ترصدها بصدق اللحظة العربية الراهنة هي في حاجة إلى رصد على مستويات كثيرة وعلى الرواية أن تتبعها وترصدها على نحو أنين وعلى نحو صحيح .
تصنفين نفسك بكاتبة المهمشين فهل استطعت فعلا أن تكون صوتهم الذي يجب أن يصل ويعلو ؟
أنا أحاول أن أوصف أحوال المهمشين الذين لا صوت لهم ، أحاول أن أتعامل مع المتن والهامش الاجتماعي بحيث استقدم الهامش ليصبح متنا وأهمش المتن ، أظن أن هذا هو يعني مهمة من مهماتي في الكتابة .
محمد القذافي مسعود

قديم 06-03-2012, 02:29 PM
المشاركة 812
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سلوى بكر: أنقب في هوامش التاريخوالجغرافيا لاكتشف حقيقة اللحظة الراهنة
القاصة والروائية المصرية لـ«الشرق الأوسط»: شخوصيمسلحة بإرادة المقاومة ولا تنحاز لأيديولوجيا محددة
القاهرة: عبد النبي فرج
أصدرت الكاتبة المصرية سلوى بكر لحد الآن أربع مجموعات قصصية منها «زينات في جنازة الرئيس» و«ايقاعات متعاكسة»، وسبع روايات منها «البشموري» و«وصف البلبل» و«سواقي الوقت»، اضافة الى مسرحية بعنوان «حلم السنين»، كما ترجم عدد من اعمالها الى الانجليزية والفرنسية والالمانية والهولندية والكورية.

هنا حوار معها عن تجربتها القصصية والروائية:
* هل تتفقين مع الرأي الذي يقول: ان الرواية هي الفن الاكثر ملاءمة للقرن الحالي خاصة وانت تمارسين كتابة القصة القصيرة والمسرح والرواية؟
ـ القرن المنصرم والقرن الحالي هما بالفعل القرنان الاكثر تعقيدا رغم أننا مازلنا في مفتتح القرن الحالي. فلقد بلغت هذه التعقيدات الانسانية ذروتها بسبب الاقتصاد والسياسة، اضافة الى الصراع الاستعماري وهيمنة القطب الواحد، والرواية ساحة ابداعية أوسع وتستطيع بالفعل ان تستوعب هذه التعقيدات التي تمور داخل المجتمع وتفاصيله المتشعبة. كما يجب الانتباه الى شيء مهم هو أن فضاء الرواية متسع لتعدد الأصوات الانسانية وتناقصها، ومن هنا ربما كانت الرواية بما تتضمنه من امكانيات العزف على الانواع الادبية الاخرى، هي الاكثر ملاءمة لروح القرن الحالي.
* هل كونك روائية هو الذي جعل الحوار في مسرحية «حلم السنين» يتميز بالاسهاب حتى يتحول في كثير من المسرحية الى مونولوج داخلي طويل. كيف تفسرين ذلك؟
ـ في «حلم السنين» هناك بالتأكيد بعض المونولوجات المسرحية الطويلة والتي قد يظن البعض أنها أقرب الى الرواية منها الى المسرح، لكن هذا التكنيك الذي لجأت اليه في هذه المسرحية لا يبتعد كثيرا عن فن المسرح. فتلك المونولوجات تتضمن حكايات تتسق مع الجو العام للمسرحية، وهي يمكن ان تؤدى من قبل الممثلين على طريقة الحكواتي، أو المسرح داخل المسرح فمثلا، المشاهد التي تصور العلاقة بين الوزير وطائر الرخ الخرافي لا يمكن تجسيدها في مشاهد حية على المسرح. ولكن يمكن التغلب على تلك المشكلة على هذا النحو مثل استخدام خيال الظل الحكواتي، السينوغرافيا وغيرها من الاستخدامات والتجهيزات الحديثة في المسرح.
* لماذا العودة الى التراث في رواية «البشموري»، أعني لماذا العودة إلى هذه الفترة الملتبسة من تاريخ مصر؟
ـ من حق أي كاتب ان يعود الى التراث فلا يوجد مانع اطلاقا في العودة الى التراث، أما عن هذه الفترة فلأسباب كثيرة يمكن ايجازها في أن هذه الفترة أعادت تشكيل المشهد الثقافي الحضاري لمصر والمنطقة العربية كلها، وربما لان إغواء الكتابة عنها كان كبيرا ومن هنا فإن «البشموري» كانت نوعا من الابداع المجذوب الى التاريخ.
* لكنك صدرت هذه الرواية بوصفها بـ«رواية الروايات»؟
ـ تقوم بنية «البشموري» على تلاحم فسيفساء تاريخية كثيرة على خلفية من السرد الروائي لتشكل ضمن هذه الخلفية محصلة وقائع ورؤى روائية لفترة غامضة، يبدو التاريخ فيها وكأنه لا نهاية له، ومن هنا فان نص الروائي ما هو الا جملة نصوص كتبت في فترات تاريخية مختلفة، اضافة الى هذا النص، وكأن الرواية تعيد تنسيق وتنظيم الروايات التاريخية هذه ضمن لوحة مشكلة للمشهد الثقافي الحضاري لتلك الفترة بالغة الأهمية، فهي تحتفي بالهامش التاريخي وتعتبره متنا داخل الرواية، كما انها تحتفي بالمسكوت عنه خصوصا اليومي والمعتاد وتضمه ضمن متطلبات ذلك الهامشي المبتعد، وتنقض في الوقت نفسه المتون التاريخية المزمنة والمنحازة الى كل الأيديولوجيات المسبقة والتي تلوي عنق الحقائق والوقائع الانسانية باتجاهه وتفقدها مضامينها النبيلة.
* في الوقت الذي تدينين هذه الايديولوجيا تتكئين في عملك عليها من حيث احتفاؤك بالهامش الذي هو بالطبع ايديولوجيا؟
ـ كل انسان في العالم يرتكز على ايديولوجيا بشكل من الاشكال، حتى وإن لم يع ذلك تماما. وانا بالطبع منحازة لكل ايديولوجيا تحتفي بالفقراء والمهمشين وتلك الكتل البشرية المنسية التي لا يعبر عنها في الأدب أو التاريخ. ولكن الحقيقة ان الذي اردت معارضته في هذه الروايات وما حاولت اثباته هو تجيير الحقيقة لصالح الايديولوجيا والعصف بها ضمن حسابات المصالح الايديولوجية، واعتمدت تكنيك رواية الروايات انطلاقا من مقولة «من قلمك أدينك» وأظن ان هذا جنوح موضوعي تقصدته في العمل على امتداده.
* الاتكاء على كل هذه المراجع المثبتة بنهاية الرواية ألم يحد من طاقة الخيال لديك؟
ـ لا افهم ما علاقة الخيال باستخدام هذه المراجع العديدة. فالمخيلة الروائية هي التي افترضت هذا النص وشكلت ملامحه ووضعت شخوصه وصورتها منذ البداية الى النهاية، وروايات المؤرخين على اختلاف انواعها هي التي دعمت هذا النص وجسدته. لقد وضعت على سبيل المثال شخصية البشموري ضمن اطارها التاريخي المروي في كتابات المؤرخين، بمعنى ان المتخيل الروائي وضع في اطاره الزماني المكاني، كما ان المعرفي ساعد بالفعل على إثارة المخيلة، وطرق اماكن وجغرافيا كثيرة لا يمكن بأي حال ولا أستطيع أن اصل اليها نتيجة عفوية الخيال. اذن هذه الروايات التاريخية كانت فعلا سندا حقيقيا ودعامة لجنوح الخيال.
* الاسهاب في وصف المكان من حيث الملابس والطقوس والعادات والتفاصيل.. وغيرها لماذا برأيك؟
ـ التفاصيل في هذه الرواية بالغة الاهمية فالبورتريه المطلوب لهذه الفترة يستلزم تفاصيل هائلة، ولكن هذه وظيفة أولية لها. هناك وظائف اخرى مثل تبيان التداخلات الثقافية الحضارية على مستوى المنطقة خلال تلك الفترة، فمثلا هناك نص يتضمن ما يزيد على عشرين اسما للطيور أو الاسماك. هذه النصوص المأخوذة عن القزويني في «عجائب المخلوقات» مكتوبة في عدة لغات مثل المصرية القديمة والقبطية والسريالية واليونانية والفارسية والعربية وربما لغات اخرى لا أعرفها باعتباري غير متخصصة، وايضا من هذه الوظائف ابراز وضع اللغة العربية باعتبارها لغة جديدة في مصر وطبيعة تراكيبها وابراز الانتقال اللغوي وعملية الاحلال والاضمحلال للغة خلال هذه الفترة، كما افادت التفاصيل في ابراز الاشارات والرموز القديمة المتداولة والمستخدمة خلال تلك الفترة، فمثلا عندما يقوم القيم أو خادم الكنيسة بوصف تفاصيل الادوات الكنسية باسهاب فانه ايضا يقدم ما وراء هذه الادوات من فلسفة ودورها في العقيدة. أن هذا التفصيل المكثف انما هو تفصيل يغني «البشموري» لكونه فسيفسائية لعالم قديم ضاعت في ذاكرتنا المعاصرة الكثير من ملامحه بفعل احادية التاريخ وبفعل أغراض اخرى اهدرت المعرفة، وشوهت يقينها ودورها الحقيقي.
* اصبحت السيرة الذاتية مصدرا اساسيا لمعظم التجارب الروائية الجديدة، كيف تقيمين هذا التيار في ضوء تجربتك؟
ـ السيرة الذاتية ان لم تأت كمحصلة لتجربة حياتية غنية وتتماس مع حيوات بشر آخرين، فإنها تظل محدودة وعقيما مهما كتبت بفنية وحرفية عالية. فالسيرة هي نوع من قول شيء للعالم عن هذا العالم وربما تكون هي نوع من العجز أو قصور المخيلة الروائية، وعموما انا لا أصدق الكثير من السير الذاتية المكتوبة، فهي مليئة بالكذب والمبالغات واضفاء ملامح غير حقيقية للشخص موضوع السيرة.
* تتميز شخوصك في معظم اعمالك بأنها شخوص مقاومة، لكن الملاحظ ان شخوصك في «سواقي الوقت» تسقط امام أول اختبار لماذا برأيك؟
ـ حجم المتغيرات الهائل الذي تم بالنسبة للمجتمعات الانسانية الذي يعيش فيها ناس من أمثال «حسن» لا تسمح بالمقاومة، فهي اشبه بالطوفان الكاسح الذي لا يترك للمرء أية فرصة للمواجهة أو المقاومة.
* لماذا تبدو صورة المرأة قي «سواقي الوقت» اما هامشية أو سلبية «سلعية»؟
ـ ان امرأة مثل امرأة حسن لا بد ان تكون على هذه الشاكلة، وفقا للمنطق والعلاقات الداخلية للرواية. والمرأة وان بدت هامشية في هذه الرواية الا أنها تفضل اختبار الحرية في حدود فهمها للحرية، وأن تنحاز الى قناعتها الخاصة بالعشق حتى النهاية، فهذه المرأة «البدوية» ترفض الحساب في علاقات الحب وترفض ان تكون اسيرة لأسباب لا تتعلق بموجبات العاطفة، ولذلك فهي نموذج رافض لعالم «حسن» المنسلب وفي الوقت نفسه هي قوية بشكل أو بآخر.

قديم 06-03-2012, 02:30 PM
المشاركة 813
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد المجيد: سلوى بكر كاتبة "خبيثة"
الثلاثاء، 11 مايو 2010 - 19:25
الروائى إبراهيم عبد المجيد
كتبت هدى زكريا
قال الروائى إبراهيم عبد المجيد، إن الكاتبة سلوى بكر استطاعت أن توجد تيارًا روائيًا وقصصيًا خاصًا بها، وهى كاتبة "خبيثة" تشبه إلى حد كبير فى كتابتها القاص الروسى الشهير "أنطون تشيخوف" فكثيرا ما تترك أعمالها القصصية أمام القارئ بدون نهايات لتدفعه الى التأمل والتفكير.

وأضاف، نتحدث دائما أن هناك أزمة تتعرض لها القصة القصيرة فى المجتمعات العربية وأن المشهد الإبداعى انحاز بأكمله لصالح الرواية ولكن هذا غير صحيح على الأطلاق لأن القصة القصيرة مازالت هى الأقرب إلى روح المتلقى وتحتاج لقليل من الوقت والجهد فى كتابتها على عكس الرواية تماما.

وقال الشاعر شعبان يوسف، إن سلوى بكر من أبرع كُتاب القصة القصيرة وعلى الرغم من الروايات العديدة التى أصدرتها، إلا أنها كثيرا ما تعاود الرجوع لبيتها الأول وهو كتابة القصة القصيرة بالإضافة إلى أن لديها مخزونا قصصيا حافلا وللأسف لم تنشره ولم تكشف عنه حتى الآن.

جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت صباح اليوم بالهيئة المصرية العامة للكتاب، لمناقشة المجموعة القصصية "وردة أصبهان" للكاتبة سلوى بكر، حضر اللقاء الروائى إبراهيم عبد المجيد، الدكتور محمد حافظ دياب، الناقدة الدكتورة جيهان فاروق وإدار الندوة الشاعر شعبان يوسف.

وعن المجموعة قال محمد حافظ دياب "يشكل الوعى بالزمن بُعدا أساسيا فى هذه المجموعة، ويتميز أسلوبها بأنه مشوق وجذاب يجبر القارئ على استكمال قراءتها من أول قصة لآخر قصة بالمجموعة، ولم تلتزم خلال مجموعتها بمساحة معينة لقصصها بل على العكس نجدها جميعها تتراوح بين القصر والطول وتكشف عن حالة من التصعيد".

وقالت سلوى بكر فى كلمتها، بداية أود أن أحيى موظفى الهيئة الذين تركوا مكاتبهم وعملهم وجاءوا ليستمعوا إلينا، أما عن المجموعة فهى بها اتجاهات وعوالم مختلفة وإن كان هناك قاسم مشترك يربط بينها، وأهتم كثيرا برصد المأزق الحضارى الذى نعيشه وهذا ما أظهرته خلال هذه المجموعة، التى عكست إشكاليات المجتمع المصرى على مستوى القيم والمفاهيم وعلى الصعيد السياسى والاقتصادى والاجتماعى.

قديم 06-03-2012, 02:31 PM
المشاركة 814
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الجديدة ـ أعداد ـ أوراس الكيلاني
ولدت سلوى بكر في العام 1949 في القاهرة وأصبحت واحدة من أكثر الروائيات ومؤلفات القصة القصيرة تقديرا في زمنها ، تخرجت من جامعة عين شمس حصلت في عام 1972 على شهادة في إدارة الأعمال، لكنها لم تكتفي بذلك فقررت الانخراط والتخصص في مجال النقد الدرامي وحصلت على شهادتها في العام 1976.
بدأت مشوارها في الكتابة والتأليف في منتصف السبعينات، ونشرت أول مجموعة من القصص القصيرة على حسابها الخاص، لكن نجاح هذه التجربة اثبت أنها لن تواجه صعوبة في إيجاد ناشرين يتولون نشر أعمالها في المستقبل.
من أشهر رواياتها:
ـ زينات في جنازة الريس 1985.
ـ مقام عطية 1986.
ـ أن الروح التي سرقت تدريجياً 1989.
ـ عجين الفلاحة 1992.
ـ وصف البلبل 1993.
ـ البشموري.
كما نشرت روايات بالانكليزية:
ـ The Wiles of Men 1992 .
ـ My Grandmothers Cactus 1993 .
في عام 1993، منح (نالت) الراديو الوطني الألماني الكاتبة سلوى بكر جائزة الأدب الأولى عن قصصها القصيرة. وتم مؤخراً في النرويج الاحتفال بتوقيع روايتها (العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء)، والتي ترجمت إلى 16 لغة حتى الآن.
قراءة موجزة في رواية “البشموري”:
رواية “البشمورى” تجري أحداثها، في عهد الخليفة المأمون، إذ ثار تمرد على الدولة وقتذاك في منطقة البشمور بشمال الدلتا المصرية شارك فيه نصارى ومسلمون مصريون، ومعهم بعض الأندلسيين. وتبدأ هذه الأحداث بإرسال الكنيسة في الفسطاط ممثِّلَيْن عنها، هما الشماس ثاونا وبدير خادم الكنيسة، إلى البشامرة لإقناعهم بالتخلِّي عن ثورتهم ضد الدولة. وفي أثناء المسيرة في الرواية يصف لنا بدير كل ما يلقاه في طريقه سواء كان له اتصال بأحداث الرواية أو لا. إنه كالمرشد السياحي لا يترك شيئا يراه دون أن يعلق عليه ويصفه تفصيلا. كما تنهال الذكرياتُ عليه وتتلاحق، فهنا كان مسقط رأسه، وهناك كان غرامُه بفتاة كانت بينه وبينها معاشرة جنسية حبلت منه بسببها، وخطبها أهله لأخيه، الذي لم يكن يعلم شيئا عن هذه العلاقة، فانتحرت… إلى أن يصلا إلى مركز البشامرة، الذين يرفض زعيمُهم النصراني المسمى في الرواية خطأً: “مينا بن بقيرة” فكرة العدول عن الثورة. ثم يأتي جيش الخلافة فيقضى على التمرد. ويفترق بدير عن ثاونا، ويؤخذ أسيرًا ويُنْقَل مع غيره من الأسرى في طائفة من القوارب إلى أنطاكية مركز المسيحية الشرقية. وتخوض الرواية في تفاصيل حياة الأديرة وعادات الناس، وتعرفنا بعدد من الأماكن التي اندثرت ولم تذكرها كتب التاريخ. وفي أنطاكية يعمل بدير في خدمة أحد الكهنة، ثم بعد وفاة معلِّمه ينتقل إلى خدمة كاهن آخر ذي ميول شاذة وعلاقات مع بعض الجهات الأجنبية، فيرى أن أفضل طريقة للهروب من خدمة معلِّمه الجديد هي التنكُّر لماضيه الكهنوتي. ثم يُنقَل بعد هذا إلى قصر الخليفة ببغداد خادما في المطبخ. ثم بعد مكوثه فترة في بغداد ودخوله في الإسلام يقرِّر العودة إلى مصر كي يقابل ثاونا ويدعوه إلى الدخول في الدين الجديد. وفي طريق العودة يقضي سنوات في فلسطين درويشًا، ليتابع بعد ذلك طريق عودته إلى بلده، فيصل إلى معلِّمه، الذي كان على فراش الموت، ويحاول هدايته إلى الدين الجديد، لكنه يرفض ويموت عقب ذلك. أما بدير فيتحول إلى درويش يجوب الطرقات متعرضًا للأذى والإهانة، جاعلاً علاقته على نحو مباشر مع الله سبحانه وتعالى.

قديم 06-03-2012, 03:03 PM
المشاركة 815
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الظروف الحياتية التي اثرت في تكوين الاديبة سلوى بكر
- أنا أحاول أن أوصف أحوال المهمشين الذين لا صوت لهم ، أحاول أن أتعامل مع المتن والهامش الاجتماعي بحيث استقدم الهامش ليصبح متنا وأهمش المتن ، أظن أن هذا هو يعني مهمة من مهماتي في الكتابة .
- القرن المنصرم والقرن الحالي هما بالفعل القرنان الاكثر تعقيدا رغم أننا مازلنا في مفتتح القرن الحالي. فلقد بلغت هذه التعقيدات الانسانية ذروتها بسبب الاقتصاد والسياسة، اضافة الى الصراع الاستعماري وهيمنة القطب الواحد، والرواية ساحة ابداعية أوسع وتستطيع بالفعل ان تستوعب هذه التعقيدات التي تمور داخل المجتمع وتفاصيله المتشعبة..
- السيرة الذاتية ان لم تأت كمحصلة لتجربة حياتية غنية وتتماس مع حيوات بشر آخرين، فإنها تظل محدودة وعقيما مهما كتبت بفنية وحرفية عالية. فالسيرة هي نوع من قول شيء للعالم عن هذا العالم وربما تكون هي نوع من العجز أو قصور المخيلة الروائية، وعموما انا لا أصدق الكثير من السير الذاتية المكتوبة، فهي مليئة بالكذب والمبالغات واضفاء ملامح غير حقيقية للشخص موضوع السيرة.
- حجم المتغيرات الهائل الذي تم بالنسبة للمجتمعات الانسانية الذي يعيش فيها ناس من أمثال «حسن» لا تسمح بالمقاومة، فهي اشبه بالطوفان الكاسح الذي لا يترك للمرء أية فرصة للمواجهة أو المقاومة.
للاسف لا يوجد تفاصيل عن طفولة هذه الكاتبة، وسنعتبرها لاغراض هذه الدراسة وكنتيجة لغياب هذه التفاصيل مجهولة الطفولة.

مجهولة الطفولة .

قديم 06-04-2012, 09:00 AM
المشاركة 816
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ابرز حدث في حياة كل واحد من الروائيين اصحاب افضل الروايات العربية المائة من رقم 91- 100:

91- السائرون نياما سعد مكاوي مصر.....مجهولة الطفولة.
92- 1952 جميل عطية إبراهيم مصر......مجهولة الطفولة.
93- طيور أيلول أميلي نصرالله لبنان.........يتيمة اجتماعيا.
94- المؤامرة فرج الحوار تونس ............مجهول الطفولة.
95- المعلم علي عبد الكريم غلاب المغرب...مجهول الطفولة.
96- قامات الزبد إلياس فركوح الاردن.......يتيم اجتماعي.
97- عصافير الفجر ليلي عسيران لبنان.....يتيمة الاب فيسن الرابعة .
98- جسر بنات يعقوب حسن حميد فلسطين....يتيم اجتماعي.
99- الوسمية عبد العزيز مشري السعودية.....مأزوم.
100- البشموري سلوي بكر مصر.....مجهول الطفولة.

قديم 06-04-2012, 04:10 PM
المشاركة 817
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
101- الفارس القتيل يترجل إلياس الديري لبنان

نــاقـــد حـــر



الياس الديري : عودة الذئب الى العرتوق



مشرقي على الحافة

في رواية الياس الديري " عودة الذئب الى العرتوق " تطل على القارئ السمات الكلاسيكية لبطله المتعدد الأسماء، فهنا سمران الكوراني، وزيان في " تبقى وحيداً وتندم " وعواد، في " الفارس القتيل يترجل " .
بطل الديري نموذجي، ثابت الطباع، ومقولب في إطار قناعات الروائي الأخلاقية والفكرية، يتحرك وفق إيقاع عام، ومناخات متشابهة .
فسمران كسائر ابطال الديري يبحث عن ذاته وخلاصه الفردي، تموج في صدره الرغبات المتناقضة، وتتوزعه العواطف والأفكار . التمزق جوهره، والضوء والظلمة يمتزجان في عينيه . يتأرجح على الحد الفاصل بين الذوبان في مجتمعه والإنفصال عنه، التقدم اليه والتراجع عنه، التجمعن والتفردن .
يقترب سمران من الإنسان العدمي الذي يواجه الحياة، مجرداً من اي هدف، او تصور محدد، إلا البحث عن سعادته الخاصة، وجلب الشعلة المضيئة الى مملكته المظلمة . غير ان العدمي فعال، هدّام، حين ان سمران تعوزه الجرأة والمبادرة . فهو هروبي، رضوخي، امتثالي، سلبي حتى الفناء : " يريد ان يتبخر فجأة الى اللامكان . تمر عاصفة خانقة، يمر إعصار، فيأخذه الى شواطئ نائية وبحار لم يكتشفها انسان، وغابات لا تزال عذراء، وهناك يتحول الى ذرات لا وظيفة لها، يتكون منه غمام لا يحمل مطراً، لا شيء" .
ويبلغ سمران العدمية المطلقة إذ يستوي في ناظريه البناء والهدم، النور والظلمة. وتؤول جذور هذه السلبية الى ماضي طفولته، المثقل بتراث قمعي يمثله الأب جبرون ( الجبار ) وتماهيه بأمه الضعيفة فهيدة ورضوخها . لذا يمتثل بسهولة لإرادة مالك قائد مجموعته، وينقاد لأسيلا حبيبته، كما لأوامر الحزب . ويخاف التجارب لأنها خروج عن المألوف والمعطى والثابت . ومالك ليس قائده فحسب، انما صورة أبيه الصارم، رجل المهمات والفصول . الفارس، القادر، المطاع، المتفوق، الموجّه . مكسو بقشرة شفافة من الصلابة، تحجب نهراً من الحنان، يسلخ المرأة من زوجها، والحبيبة من حبيبها، ويمارس عليهن فحولته الشرقية .
سمران طفل اربعيني، جبلي يفتش عن دفء الأمومة في الحبيبة فلا يجده، وعن ضيعته ضهر المهر في جادات باريس فلا يلمحها .
لا يحتك سمران بالواقع، بل بأفكاره الذاتية، يتآكل من الداخل . وعيه ليس انعكاساً جدلياً بين الداخل والخارج، او اداة لتحرير ارادته من سلطة القدر المجهول، او وسيلة لإعادة تكوين الواقع . انما وعيه الخارجي، يسلطه الروائي من فوق . عقل تبريري اجتراري تزييفي واستلابي، فسمران مكتمل الصنعة . يحمل في داخله ، منذ قذف به الى الرواية المعطى العبثي. كرة ثلج تزداد حجماً كلما دارت على نفسها، عبث يتغذى من عبث، وخواء يتغذى من خواء. إيقاع دائري يكرر نفسه . فالعبثية ليست موجودة في المؤسسة : البيت، المدرسة، الوظيفة، الحزب، الدين، النظام . انما هي مطبوعة في عقل سمران ووجدانه، لذا يظل من الصفحة الأولى الى الأخيرة أسير حتمية ذهنية متصلبة وجامدة، وحقيقة ذات سطح واحد .
والتذهن المقطوع الصلة بالواقع، يغري سمران بتغيير التاريخ ورموزه، من خلال تبديل ألأسماء، ويحصره في منطقة الرأس فقط . الثورة المستحيلة التحقيق واقعاً، يبنيها في فردوس خياله الذاتي . وعندما يحب أسيلا ، او يتخيل ذلك ـ لا فرق ـ يطلبها لا كشعور وعاطفة وجسد، بل كمطلق، فكرة مجردة، سر مغلق، قدر، غاية نهائية . تقول له اسيلا : " ... المشكلة انك تحبني كما تشتهي ان تكون حبيبتك المرسومة في خيالك . لا كما أنا أسيلا . لست قديسة ولا راهبة ولا مبشرة . انزلني من البرواز المعلق في جدار أحلامك الأفلاطونية، ... ويستحضرها ويتدفق شلال من الصور الباهرة : البهية، الطالعة من الحلم، الأبعد من الخيال، الأقوى من الطبيعة ... " .
عصب الرواية حركة تناوبية بين القناع والوجه، الدور والممثل، الحضور والغياب، الفرد والجماعة، الأب والإبن، الأم والحبيبة . لعبة المرايا المتعاكسة . ثنائية متبادلة. وسمران نقطة العبور والتقاطع، واقف على شوار لا يهوي ولا يستقر .
وباريس هي المختبر المكاني، المحك، التجربة الفاصلة . يأتي اليها مثال الرجل الشرقي الكلاسيكي، ساحباً وراءه أعواماً طويلة من الكبت والقحط واللامرأة واللاحب. وباريس : المرأة ، النبع ، الإرتواء ، باريس توفيق الحكيم وسهيل ادريس ... باريس اسيلا وانجيليك وميشلين . باريس : القوة والنفوذ والمال والجمال والأناقة .
وفي عاصفة الفضاء الرمادي تزهر صحراء سمرون ، ويطلق طير العرتوق من قفص السنين، ويتطهر من العذاب والقهر، يرى باريس في وجه أسيلا المتفتحة على الحياة بكل نوازعها وأحاسيسها واندفاعها وثقتها بنفسها ليضعها في قالب المرأة الشرقية، مدجنة وديعة، طائعة، قانعة، على مثال أمه، غير انها تفر من بين يديه حلماً مستحيلاً ، وعيناها المشعتان ككنيسة القيامة، تجسدان شوقاً مقدساً لا يدرك كنهه .
الغرب مقابل الشرق . أسيلا مقابل فهيدة . السان جرمان والملهى والكافيار والشمبانيا، مقابل دروب ضهر المهر والعرتوق والذئب وصيد القنافذ وغبار الفحم الأسود . الحضارة المرفهة المنفتحة مقابل السليقة البدائية والإندفاع الطبيعي . مرة أخرى يقف سمران عند منعطف حاد، وتجربة يهتز لها وجدانه . تحكمه المفارقات الغريبة والمصادفات، و " في الموقعين يقف مهزوزاً، غير قادر على اتخاذ قرار. في الموقعين هو ليس هو " . يتمنى ان يترك على باريس علاماته الشرقية الفارقة، يعكر ماءها، يهز مفاهيمها وعاداتها . وفي آن، يتشوق الى الإكتمال بها والخضوع لها . لكن ثمة مسافة من الصقيع تفصله عنها . وهو كائن غريب يطأ كوكباً مجهولاً . " عصفور غريب ، ألوانه فاتحة، لا تألفه عصافير السماء الرمادية . وباريس باردة ومتغطرسة . الفضاء رمادي والحجارة رمادية، وعصفور مشرقي ينوح في قفص من الزجاج ".
الماضي يلفظه والمستقبل يخيفه . وهو في النقطة الفاصلة صامت وحيد، وصوت داخلي يهتف به : حدد موقعك، حدد اتجاهك . وعندما حاول ان يحدده في اتجاه الماضي : القرية، الطفولة، الأرض، حرج العرقوب، دهمه إحساس غريب، وسقط في دهشة اللامألوف. تنكر للواقع فأنكره الحلم، تنكر لباريس فأنكرته ضهر المهر . وما رآه في مرآة السان جرمان لم يكن وجهه . وبين بيوت ضهر المهر المستحدثة تبعثرت ملامح حلم طفولي .
بطل الديري معطى سكوني جاهز، ينغمس في طبيعته الخاصة، دون ان يتحرر منها، وحركته نحو الآخرين يخالطها سوء تفاهم، سماكة غير قابلة للتحويل، على تعبير إيمانوييل مونييه، تشكل حاجزاً للتخاطب " ما تراه من حولك ليس ابنية، انه فخاخ، ما تراه من حولك ليس سوى فخاخ، فخاخ منصوبة لجناحك الطري الريش، لذيلك، لمنقارك، وسوف تعلق بالفخ، وسوف تقع على رأسك" .
ويرافق حركته البطيئة الى الخارج، نزوع جارف نحو الداخل عبر التأمل الذاتي، والإنطواء في الأعماق . إذ تغريه تجربة العودة الى الينابيع السحيقة بالوقوف عند البعد الداخلي، ما يجعل " الأنا " الأفق الوحيد لحياته . تستولي عليه كسرطان في الجسد، يجعله في رعب موحش، بارد . في حين ان الحياة الشخصية لا تتم إلا عبر حركة مزدوجة بين الداخل والخارج، وتواتر بين تأكيد الذات ونفيها. جزر يتجمع لتجد نفسها، ومدّ يتوزع ليغنيها .
اما أسيلا وسمران قطبا الرواية فيجسدان الصراع الذي لا يبلغ منتهاه، في فلسفة سارتر، بين الإعتراف بحب "الآخر" وإخضاعه لسلطان ذاته العاشقة، على طريق امتلاكه او "ابتلاعه". وبين "الآخر" الذي يحاول أيضاً التحرر من قبضته والسيطرة عليه . لذا يدور العاشقان أسيلا وسمران في حلقة مفرغة، وبينهما هوة عميقة لا يمكن عبورها .
والحوار في الرواية ليس دافئاً، لأنه يتفرع من جذر واحد . أصداء متشابهة في صوت سمران . تنوع لحني لنغم واحد . الحوار يشرح ويفسر، ولا يضيء من الداخل .
تمثل "عودة الذئب الى العرتوق" إشكالية الإغتراب العامة والنموذجية، المعهودة قبلاً في روايات عربية. ولكن ما يمنحها خصوصيتها، ونكهتها المحلية المميزة هو أسلوب الديري ولغته الملبننة، حيث يُسقط عليها بمهارة ودقة تصوراته الفكرية ومنحاه الروائي .

احمد زين الدين

قديم 06-04-2012, 04:11 PM
المشاركة 818
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إلياس الديري

نبذة النيل والفرات:
"إلياس الديري، قصاص الخيبة"، هو أول بحث أكاديمي، يتناول الروائي والأديب والصحافي اللبناني إلياس الديري، فيعرض لمختلف مراحل حياته الشخصية بعامّة والأدبية والروائية منها بخاصة، بشتى من التفصيل والتحليل. ويؤرشف لمختلف أحاديثه وكتاباته ونتاجاته القصصية والأدبية ويحللها جميعاً، فيظهر الديري من خلالها على حقيقته، فيلسوف الخيبة، نتيجة تجارب له في الحياة مريرة وتداعيات تعتمل في ذاته التائهة ليلامس حدود "فلسفة الخيبة" تلك!!...
تبدأ تلك التداعيات والمفارقات الغريبة منذ سني الصغر الأولى وتمضي تلاحق الديري طيلة حياته كالظل، فالديري يبدو غريباً في كل المدائن في بيروت إلى الكويت إلى باريس، تسكنه الغربة، وللوهلة الأولى يتألف البطل-الكاتب مع ذئب "العرتوق" ويتنكر لانتمائه الإنساني، والوجودي!! حتى السياسة التي عاش من أجلها وكتب، يطلقها إلى الأبد ويشفق على ربع قرن من عمره هدره بالصحافة السياسية.
لماذا خيبة البطل-الكاتب؟! سؤال كبير يحتاج إلى اكثر من مجلّد، وحول هذا السؤال يتمحور البحث الذي بين أيدينا محاولاً الإجابة من خلال عرض موثق ومدروس لأفكار الديري وآثاره وتحليلها وتناول ما كُتب حولها من آراء مخالفة أو موافقة ومؤيدة. ويبقى المهم في الديري إن فعل الكتابة كان يلازم فعل الخيبة في حياته ونتاجاته التي تعكس تلك الانكسارات الحادة بكل صدق. هو المندفع نحو غايته والمنكسر في نهاية الشوط، ليعود ويندفع من جديد حيث تنتظره الخيبة وينتظره الانكسار وهولا يملك شيئا سوى هذا الصراخ الصادق الذي يعادل وجوده، وكان هذا الصراخ يقوى ويقوى كلما صقلته تجارب الحياة أكثر، وكلما عاش الخيبة أكثر كان يصرخ في وجه هذا العالم.

==
الربيع والخريف بَين الرواية وَالسّيرة الذاتيّة
رواية السيرة الذاتية‏
إن الإنسان هو إلى حد كبير خلاصة تجربته الذاتية وخبرته الشخصية. وإذا كان المؤرخ الألماني "ترايتشكه" قال عبارته المشهورة "أن الإنسان يصنع التاريخ" فإن صامويل جونسون قال "لا يوجد شكل من أشكال الأدب أجدر بالرعاية والاهتمام من تراجم الحياة، وأنه لا يماثل هذا اللون أي لون آخر".‏
وفي بحثي لرواية "الربيع والخريف" فإنني أحاول الاستفادة من عبارة "نيتشه" "الاستدلال عن طريق الرجوع إلى العمل إلى صاحب العمل، ومن الفعل إلى الفاعل".‏
ولا بد هنا من الوقوف قليلاً على بعض الآراء وأراها ضرورية كمعين لوجهة نظري.‏
الأول للناقد الياس خوري الذي يقول: "إن العامل الذي يتحكم في بنية الرواية العربية هو عامل من خارج العلاقات المعقدة التي ترسمها الشخصيات في الرواية، إن في ممارسة المؤلف دوراً مباشراً في سياق روايته، يستنطقها ما يريده هو، ويقوم بشكل مباشر بعملية ضغط على شخصياته".‏
والرأي الثاني هو للمفكر المغربي عبد الله العروي وهو:‏
"عرفت الرواية العربية شكلاً واحداً هو شكل السيرة الذاتي إلى حد أن الرؤية الفنية ظلت خلال زمن طويل مرادفاً لرواية السيرة الذاتية".‏
والرأي الثالث هو للناقد حسام الخطيب وهو:‏
"أن أبرز الثغرات في الرواية العربية هو تدخل آثار التجربة الذاتي والعنصر الأوتوبيوغرافي بشكلها الخام".‏
ونحن هنا نرى أن الكاتب قد يأخذ بأحداث حياته، ولكنه مهما كتب فهو لا يكتب دائماً سيرته الذاتية، ولكنه يضع جزءاً من نفسه في العمل أو في أي عمل يكتبه. ولا نطرح هنا مصادرة على كتابة السيرة الذاتية فهي ضرورية ومطلوبة، لأنها تساعدنا على الوقوف على أرضية الكاتب أو الروائي، ولكن من المؤكد أن أكثر الروائيين فشلاً كما يقول الروائي عبد الرحمن منيف "هو ذلك الذي يكتب سيرة ذاتية فقط". والروائي قد ينجح مرة عندما يريد أن يضع تجربته الشخصية في عمله الروائي ولكنه يفشل عندما يريد أن يضع تلك التجربة في كل مرة يكتب فيها رواية. هناك نسبة معينة من الروائي في كل رواية يكتبها، وكلما كانت هذه النسبة قليلة كلما كانت الرواية أفضل. والروائي مثل المطر، لا يعطي نفسه دفعة واحدة، هو الشخصية الفلانية. لا ولكنه يتوزع على شخصيات متعددة. وبالتالي لا يستطيع أحد أن ينكر بأن الروائي موجود فيما يكتب، ولكن الروائي بالتأكيد يريد أن يقدم أفكاره حتى المتناقضة منها، ولذا فإنه يقدم شخصيات مختلفة.‏
ولكننا نعثر في الروايات على نماذج مختلفة فبعض الروائيين ومنهم شكيب الجابري صاحب روايات "نهم" و "قدر يلهو" و"قوس قزح" يقول بالحرف الواحد:‏
"لا أستطيع أن أخرج في رواياتي عن حياتي، مهما أخذت ففي حياتي الواقعية ما يكفي من المادة لتغذية خيالي وأكسل في التفتيش عن مواضيع خارج حياتي! وفيم أفعل!".‏
أما نجيب محفوظ فيختار نمطاً من حياته، نمطاً واحداً لا كلاً كاملاً كالجابري. وهو يقول وبالحرف الواحد أيضاً:‏
"كمال عبد الجواد في الثلاثية هو أنا، وكمال يعكس أزمتي الفكرية، وهي أزمة جيل فيما أعتقد".‏
وهكذا ينسحب الأمر على:‏
حامد في رواية هيكل "زينب".‏
ومحسن في رواية الحكيم "عودة الروح".‏
وإبراهيم في رواية المازني "إبراهيم الكاتب".‏
وهمام في رواية العقاد "سارة".‏
وإسماعيل في رواية يحيى حقي "قنديل أم حقي".‏
وكذلك "الحي اللاتيني"، والخندق العميق" لسهيل إدريس. و"الوطن في العينين" لحميدة نعنع وروايات عبد الرحمن منيف وحيدر حيدر والياس الديري وغائب طعمه فرحان وباقي الروائيين العرب الذين لا مجال لذكرهم هنا.‏
بعد هذه المداخلة لا بد لنا من العودة إلى متابعة مناقشاً للرواية رواية الربيع والخريف –السيرة الذاتية.‏
"كرم" أم حنا مينة؟‏
أفضل وسيلة للإجابة عن هذا التساؤل، هي اللجوء إلى كلام الروائي نفسه. وهو يقول في كتابه "هواجس في التجربة الروائية":‏
"في العام 1959 غادرت سورية تشردت طوال عشرة أعوام. طلبت بدل العلم العمل ولو في الصين. وفي لبنان، وبعض بلدان أوروبا. عرفت ماذا يعني أن يكون المنفى مهنة شاقة". (ص6).‏
ويقول في مكان آخر:‏
"أن الإنسان ولو كان مؤلفاً لا يمكنه أن ينخلع عن البيئة والتأثيرات التي يحملها المؤلف من أفكار وأوهام ورواسب، كل ذلك لا بد أن نجد لها ظهوراً في مؤلفاته الأدبية" (ص 27).‏

==
هل تعلم أن المحلل السياسي الياس الديري هو روائي أديب عمل صحافياً في مدينة طرابلس بلبنان، ثم رأس تحرير النهار الدولي، وهو عضو نقابة المحررين وعضو نادي القصة منذ عام 1960. والديري من مواليد دده (الكورة) شمال لبنان عام 1937. درس في مدارس طرابلس. وهو الآن يعمل كمحلل سياسي لإذاعة الشرق في باريس. من مؤلفاته القصصية: الرجل الأخير، جدار الصمت، الفارسي القتيل يترجل.


قديم 06-04-2012, 04:16 PM
المشاركة 819
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الياس الديري

- إلياس الديري، قصاص الخيبة.

- يلقب بفيلسوف الخيبة نتيجة تجارب له في الحياة مريرة وتداعيات تعتمل في ذاته التائهة ليلامس حدود "فلسفة الخيبة" تلك!!...
- تبدأ تلك التداعيات والمفارقات الغريبة منذ سني الصغر الأولى وتمضي تلاحق الديري طيلة حياته كالظل، فالديري يبدو غريباً في كل المدائن في بيروت إلى الكويت إلى باريس، تسكنه الغربة، وللوهلة الأولى يتألف البطل-الكاتب مع ذئب "العرتوق" ويتنكر لانتمائه الإنساني، والوجودي!! حتى السياسة التي عاش من أجلها وكتب، يطلقها إلى الأبد ويشفق على ربع قرن من عمره هدره بالصحافة السياسية.



لا يوجد له على الشبكة سيرة ذاتية للاسف ولا يوجد تفاصيل عن طفولته لكن يمكننا من المعلومات القليلة عنه ان نقدر بأنه عاش حياة ازمة وخيبة خاصة في سني حياته المبكرة.

مأزوم.

قديم 06-04-2012, 10:10 PM
المشاركة 820
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
102- التوت المر محمد العروسي المطوي تونس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
غلاف كتاب التوت المر


التوت المر هي رواية تونسية أحد أهم أعمال الأديب محمد العروسي المطوي أصدرت عام 1967.
[عدل] أنظر أيضاً


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 0 والزوار 16)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 03:12 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.