قديم 11-26-2011, 12:18 PM
المشاركة 81
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الرحمن مجيد الربيعي.. الرواية والوطن

ضيوف الحلقة:
- عبد الرحمن مجيد الربيعي/ روائي عراقي
- رشيدة الشارني/ قاصة تونسية
تاريخ الحلقة: 12/3/2005
- بداية المشوار.. ثراء التجربة
- السياسة وتأثيرها على الروائي
- الزوجة والوطن والهمّ الأدبي

[
من بغداد إلى قرطاج رحلة طويلة قادت خطوات الروائي والقاص العراقي إلى تونس بعيدا عن الوطن الذي شهد تفتح الوردة في منتصف الستينيات، بعيداً عن بغداد الألم والدوائر المغلقة والملاحقات السياسية التي برع الربيعي في تصويرها في روايته الوشم ومن بعدها الوكر وما بينهما الأنهار والقمر والأسوار.
بداية المشوار.. ثراء التجربة
عبد الرحمن مجيد الربيعي– روائي عراقي: يعني أنا على صعيدي الشخصي والإبداعي والإنساني وكل شيء.. يعني أنا أقول بأن تونس هي العراق والعراق هو تونس وهما متوحدان في ضميري ومتوحدان في حياتي ولا أستطيع أن أقول هذا بلدي الأول وذاك بلدي الثاني وأيضا لي كتاب أنت الآن عرضته أمامي هو من سُمر إلى قرطاج ،هذا أيضا يمثل قراءاتي في الأدب التونسي التي جمعتها في هذا الكتاب وصرت أقدم حتى في الندوات التي تعقد ككاتب تونسي، باعتبار أن هذه الست عشرة سنة ليست فترة قصيرة وهي فترة تواصل يومي، أيضا من خلال قراءتي ومن خلال تواجدي مع أسرة تحرير المجلة الرئيسية في تونس.. الحياة الثقافية أنا يعني على تواصل مع كل النصوص التي تكتب، حتى التي لا تنشر يعني أنا على تواصل معها وتونس كانت كريمة معي قلبها كبير وواسع وأنا أحبها وأظن جدا أن تونس تحبني هي أيضا.
البداية كانت مع القصة القصيرة في الستينيات، الجنون الإبداعي في العالم كله، آنذاك كان التجريب على أشده في الساحة الثقافية العربية، آنذاك نشر الربيعي مجموعته القصصية الأولى السيف والسفينة ومنذ ذلك الوقت وإلى أيامنا هذه نشر الربيعي اثنتي عشرة مجموعة قصصية إضافة إلى إبداعاته في الرواية والشعر.
عبد الرحمن مجيد الربيعي: الأمر اللي أقوله بأنني لم أكتب الرواية إلا بعد أن نشرت أربع مجاميع قصصية، أما كيف امتلكت جرأة أن أنشر كتابي الأول هذه مسألة يعني مهمة لأنك كما تعرف بأن المسألة اليوم أصبحت سهلة جدا، أصبح بإمكان أيا من يكتب كتابا أو يظن أن هذا كتاب بإمكانه أن يطبعه ولكن نحن كنا في المرحلة الصعبة والفترة الصعبة، كنا نخشى نشر الكتاب، كانت عملية نشر الكتاب عملية مخيفة بالنسبة لنا وليست وسهلة، كيف تمتلك جرأة أن تنشر كتاب وتضعه في المكتبة وهناك أسماء كبيرة سبقتك ووضعت كتبها في المكتبات؟ إذاً عندما نشرت مجموعتي السيف والسفينة كنت أنطلق من نقطة هل هذه المجموعة تستطيع أن تقدم ما تضيفه أو تقدم الإضافة لما هو منشور في المدوَّنة القصصية العراقية أو العربية أو حتى العالمية لأننا يعني غير معزولين عن كل ما حولنا؟
تتداخل الأجناس في كتاباته، الشعر ينهض في تجربته كلها، في الشعر والرواية والقصة القصيرة ما يجعل كتابته أقرب إلى المختبر الإبداعي منها إلى المنجز المطمئن إلى حدوده وتصنيفاته، الشعر كرؤية للكون بعيدا عن التجنيس في جدل متواصل بين الحقول الإبداعية كافة داخل نص واحد هو نص الربيعي بامتياز.
عبد الرحمن مجيد الربيعي: شوف هو ليس هناك كاتب عربي، إلا في حالات قليلة.. إلا وبدأ شاعرا، كلنا نبدأ شعراء وحتى الذين هم لم يكونوا أدباء يعني ولم يتوجهوا نحو الأدب في.. بين أوراقهم وفي دفاترهم هناك محاولات يعني أقرب إلى الشعر وأنا أحد هؤلاء يعني لي قصائد كثيرة وكنت من أوائل العراقيين.. على فكرة ربما يعني الذين نشروا في مجلة شعر لصاحبها المرحوم يوسف الخال، نشرت فيها في عددها 22 وعددها 23 وعددها 24 قصائد النثر التي كنت أنا مهتما بها ولي حوالي ستة كتب مطبوعة في هذا المجال ولكني اعتبره ليس اشتغالي الأساسي أو الرئيسي لكني اشتغلت على اللغة الشعرية في نصوصي السردية وأيضا اشتغلت على مسألة أخرى وأنا كمختص بالرسم، تقنية الرسم كيف طبقتها على الكتابة.
غادر الوطن، غير أن تلك البلاد لم تغادره، ظلت تقيم فيه وفي حروفه وفي تونس حيث تزوج ويقيم، ظلت بغداد تتجول معه في الشوارع والليالي المعتمة وتقيم في صمته وكلامه، في تونس التي يحب يرى بغداد وقد أصبحت أقرب.. معتِمة ربما لكن مشعة في رواية ضخمة يسرد فيها الربيعي كلام الليل الطويل الذي لف بلاده ردحا طويلا من الزمن.
عبد الرحمن مجيد الربيعي: هذه رواية أنا اشتغل عليها منذ التسعينات وهي تقريبا اكتملت، سميتها أنا الاسم اللي أطلقته عليها كلام ليل مع عنوان آخر استطرادات روائية في صميم المحنة العراقية.. ربما ستكون في ثلاثة أجزاء، أنا لم أجزئها بعد لأنها أصبحت رواية طويلة ولكني وجدت أن هذه الرواية لا يمكن أن أحذف منها شيئا لأنني كتبتها عن عراق الثمانينات، العراق وهو يعيش الحرب العراقية الإيرانية ودخلت في تفاصيل وأعطيت رأيي في أمور ربما كان نشرها في ذلك الوقت صعبا وبقيت أرجئ نشر هذه الراوية إلى يومنا هذا لكني أنا الآن مُصر خاصة بعد أن نشرت سيرتي الذاتية عن دار الآداب في لبنان وهو مشروع كان جاهز، أصبحت الآن يعني المشروع الذي بين يدي هذه الراوية وربما سأطبعها في تونس لسبب أني أريد أن أراجعها بنفسي.. ولكني لا أرى في هذا الذي جرى ويجري رغم تفاؤل البعض يعني بالانتخابات أو.. أنا لا أرى فيها يعني ومضة أمل، أرى أننا ماضون نحو العتمة أكثر، الانتخابات لم تكن قرارا عراقيا كانت قرارا مفروضا والانتخابات تمت تحت الاحتلال، البلد فيه مائة وخمسين ألف جندي أميركي عدا الجنود الآخرين بدباباتهم وطائراتهم في الجو يملئون شوارع كل المدن والقرى، فكيف يمكن أن تكون انتخابات.. وهذا زائد الذين جنّدوا في المجموعات التي عسكرها النظام الحالي.. يعني المنصّب، فيعني كيف يمكن للناس أن ينتخبوا؟ ثم أننا أمام معادلة، هناك مثل عراقي شعبي يقول "لو تريد أرنب خذ أرنب، تريد غزال خذ أرنب" يعني المسألة إحنا كلها بالنتيجة خذ أرنب يعني ليس هناك اختيار آخر، هؤلاء الذين ترأسوا القوائم الانتخابية معظمهم أو القوائم الانتخابية الرئيسية هم الذين جاؤوا مع الاحتلال، جاؤوا بدباباته وهم الذين كانوا في مجلس الحكم وهم الذين وزعوا المناصب الوزارية وهم الذين انتُخبوا فيما سمي بالمجلس الوطني ثم هم الآن الذين سيتم انتخابهم أو تم انتخابهم في هذا البرلمان الجديد.
السياسة وتأثيرها على الروائي
عبد الرحمن مجيد الربيعي: أما بالنسبة للسياسة فنحن يعني من جيل بدأنا.. يعني وجدنا أنفسنا في خضم السياسة حتى دون أن يكون لنا خيار سياسي، يعني نحن بدأنا نعي هذه السياسة من حولنا ونجده فينا حتى بدون أن نكون منتمين إلى أحزاب أو تكون لنا اهتمامات سياسية أصلا لأن كل ما حولنا هو سياسي أو يمضي بنا نحو السياسة، ماذا يفعل مثلا طلبة هم في المدرسة الابتدائية يجدون البوليس يلاحقهم أينما ذهبوا حتى وهم يقرؤون في كتبهم المدرسية وأحيانا يأتينا ويقلب هذه الدفاتر لعل فيها منشورا سريا يندس بينها، هذا حصل كثيرا وذلك لأن هذا البوليس أو الشرطي كما نسميه هو مطالب بأن يلاحق هؤلاء الفتية لأن هناك منشورات توزع وكانت فترة غليان سياسي في الفترة الملكية في العراق وأنا أحدثك يعني عن أواخر الخمسينات لذلك.. يعني عندما بدأنا نكتب وجدنا أنفسنا يعني في السياسة ولسنا خارجها.. دعنا من نهب الآثار العراقية وحرق المكتبات، هذا كله.. هذا كله ليس عمليات من صنع غوغاء أو ناس عابرين وإنما هي عمليات مخطط لها والغاية منها هو تدمير هذا البلد الذي اسمه العراق.
في مغتربه التونسي يرى العراق ويأسى، هل ابتعد كثيرا عن الوطن وأية كتابة تلك التي ستعكس المآلات التي وصلت إليها بلاده؟ يتساءل الربيعي وكله حنين إلى مسقط الرأس وبلاد الرافدين هل سيعود إلى بلاده بعد كل ما حدث؟
عبد الرحمن مجيد الربيعي: عندما أرى الصور وأحيانا أربط هذه الصور التي أراها، صور الخراب بالأماكن التي كنت أعرفها والخراب الذي لحق بالأماكن التي كنت أعرفها أُصاب بالذهول، يعني ولا أدري كيف يمكن أن يبقى المرء متماسك وهو يرى ما حصل ولا أدري كيف يمكن للإنسان أن.. حتى الكتابة الآن أصبحت لا تستطيع مهما كانت عبقريتك الكتابية لا تستطيع أن تستوعب هذا الذي يجري في العراق الآن، شيء أكبر من التصور وأكبر من الكتابة ولكن مع هذا، لنا يعني أمل في العراق وفي العراقيين.. تونس هي بلدي.. يعني الآن أنا حياتي أصبحت في تونس وارتباطي في تونس، كل حياتي صارت في تونس ولكن أنا كنت أتمنى يعني لو أن العراق على غير ما هو عليه الآن لذهبت لزيارته ولذهبت لزيارة الأهل والأصدقاء والأقرباء، يعني أنا بي حنين كبير يعني للعراق ولكن لأي عراق أعود هل أستطيع أنا أن أمشي في شارع الرشيني أو في شارع المتنبي أو أمشي في شوارع الناصرية أو في شارع الحبوبي والدبابات أكثر من السيارات، الدبابات الغازية أكثر من السيارات الموجودة فيه، هذا مشهد أنا لا أحتمله شخصيا ولذلك أنا مثلا على قطيعة مع كل ما يُكتب وما يُنشر داخل العراق الآن رغم أن هناك من دعاني لأن أكتب في هذه الجريدة أو تلك المجلة لكني أقول أنا لن أكتب في أي جريدة أو مجلة تصدر بنظر الاحتلال حتى وإن كان خطابها معارضا له.
الزوجة والوطن والهمّ الأدبي
في تونس أيضا الزوجة والولد، أسرة هي الوطن الصغير وهمُّ أدبيُّ مشترك فالزوجة رفيقة الأدب والحياة، كاتبة هي الأخرى وقارئته الأولى ومرآته قبل أن يدفع بنصوصه إلى النشر، مسافة العين الأخرى ربما ولقاء جميل للمشرق بالمغرب في تقاطيع الحياة والكتابة وثنايا القصص.
رشيدة الشارني– قاصة تونسية: يعني أن يكون هناك شيء يجمع بين الزوجين، ميولات تجمع بين الزوجين هذا شيء جميل وشيء مهم جدا يعني هذا يسمح لكلا الطرفين أن يتفهم الآخر، قلت لك منذ حين أنني لا اضغط عليه كثيرا فيما يتعلق بالكتابة وفيما يتعلق بالمواضيع التي يتركها ولكني في المقابل لا أتناقش معه بشكل عفوي عن كثير من الأعمال الأدبية العالمية أو حتى عن الكتب الصادرة، كثير من الكتب لا يجد هو وقتا ليقرأها واقرؤها أنا وأعطيه رأيي بها أو أنقل له فكرة عنها وهو كذلك ينقل لي أفكارا حول بعض الكتابات، حياتنا فيها هذه؛ ديناميكية الأدب.. المكان يؤثر كثيرا على الكاتب، لديه كتابات قصصية تناولت المكان التونسي والشخصية التونسية وزواجه مني أيضا قرّبه من هذه الشخصيات، هو يعايش هذه، مثلا عادتنا وتقاليدنا في أكلنا في لباسنا في أشياء كثيرة وحتى في بعض المفردات التي ننطق بها يحاول حتى أن يكيف لغته مع.. يعني لهجته العراقية مع اللهجة التونسية، فهذه كلها أثرت به ككاتب.
عبد الرحمن مجيد الربيعي: ثم ما هذه النغمة الكريهة المقيتة المستفزة التي أشعر بالتقيؤ كلما سمعتها عندما يظهر كل واحد ويتحدث أنا شيعي أو أنا سُنّي أو أنا كردي أو أنا مش عارف إيه على قد ما هذه النغمة.. صدقني بأننا لم نكن نتحدث بهذا الموضوع، كنا نخجل أن نطرح هذا الموضوع بيننا حتى بيننا وبين أنفسنا، كنا نحس بعراقيتنا وبانتمائنا لهذه الأمة العربية، هذه العظيمة التي تمتد من المحيط إلى الخليج، يا أخي وصل الحد إلى أنني رأيت برنامجا يناقش فيه العراق؛ هل يصح أن نقول العراق عربي أو لا يصح والجواب ثاني يجاوب يقول لا يصح أن نقول العراق عربي لأن في العراق أكراد وتركمان.. يعني كأنما بلدان عربية أخرى يجب أن تكون بيور عربية حتى تصير عربية فما هو العراق إذاً؟ العراق باكستاني، العراق عربي وسيبقى عربي وكان عربي وكان مؤسسا للجامعة العربية، إذاً هذه المسائل كلها.. وماذا بعد؟ صحيح أنا معك أنا لم أستطع أن أعيش في ظل نظام صدام حسين وكانت لي الملاحظات الكثيرة لكني أنا تركت العراق بهدوء ثم أنني لم أنتمي لأي تجمع سياسي خارج العراق، انتميت إلى قلمي وإلى كتابتي وانتميت إلى ضميري وإلى وفائي لهذا البلد العظيم الذي ولدت فيه، لكني.. وكنت أتمنى أن يبدل هذا النظام، نظام صدام حسين ولكن ليس بالطريقة التي تمت فيها لم أكن أريد أن يبَدّل العراق، كنت أريد أن يبَدّل النظام الذي فيه لكن ما حصل أن العراق دُمر، العراق الآن مجزأ يا أخي، وصل الحد إلى أن يظهر أحدهم في البصرة، فيحاء العظيمة ويقول: أنا.. يتحدث عن إقليم جنوبي، يريد أن يصنع دولة يعني في جنوب العراق

قديم 12-01-2011, 03:59 PM
المشاركة 82
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
- لم يعرف عن الربيعي إلا الدماثة والخلق .. هو محب للناس ، معارفه كثيرون لكن أصدقائه قليلون.
- عاش غربته الطويلة في تونس وهو يغني لوطنه ..
- قال انه كان حكّاء وأنه لم يرو سيرة آخرين بل سيرته هو.
- إنه كاتب عراقي وفنان تشكيلي
- ولد سنة1942 بالناصرية جنوبالعراق.
- . بدأ الكتابة فيالعشرينات من عمره، وذلك سنة1962 بقصة"الخدر"، ومجموعة قصصيةبعنوان"السيف والسفينة" سنة1966، تلتها رواية"الوشم" ثم"وجوهمرت" مجموعة بورتريهاتعراقية.
- كان من جيل الستيناتالذي لم يكن قطريا، وإنما يكاد يكون عربيا، فكل الذين كتبوا في تلك الفترة كانوا متقاربين فيأعمارهم وهمومهم، ومعاناتهم من أجل طرح تجاربهم، التي كانت تئن تحت ثقل الرقابةالاجتماعية من جهة، ورقابة النقد الماركسي من جهة ثانية.
- مجيد الربيعيتساءل مبكرا حول الذات والهوية.
- يقيم الروائي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي في تونس منذ عام 1976. فقد اتخذها مقرا له بعد رحلة في العمل الإبداعي والإداري الحكومي بين بغداد وبيروت.
- يصف حياته في العراق بقوله انه كان يشعر بالخوف وهو لا يدري لماذا.
- يصف نفسه بقوله " أنا من الكتاب الخارجين على التبويب تحت عناوين معينة والمنتمين إلى أنفسهم وإلى همومهم".
- ينحدر الربيعي من عائلة، أو كما يحلو له أن يقول قبيلة فلاحية شأنها شأن العديد من عائلات الجنوب العراقي. فعائلته سكنت وما زالت تسكن في قرية أبو هاون وهي من بين القرى المتوزعة في الجنوب على امتداد نهر الغراف المتفرع من دجلة عند مدينة الكوت.
- من بغداد إلى قرطاج رحلة طويلة قادت خطوات الروائي والقاص العراقي إلى تونس بعيدا عن الوطن الذي شهد تفتح الوردة في منتصف الستينيات، بعيداً عن بغداد الألم والدوائر المغلقة والملاحقات السياسية التي برع الربيعي في تصويرها في روايته الوشم ومن بعدها الوكر وما بينهما الأنهار والقمر والأسوار.
- يقول "نحن من جيل بدأنا.. وجدنا أنفسنا في خضم السياسة حتى دون أن يكون لنا خيار سياسي، يعني نحن بدأنا نعي هذه السياسة من حولنا ونجده فينا حتى بدون أن نكون منتمين إلى أحزاب أو تكون لنا اهتمامات سياسية أصلا لأن كل ما حولنا هو سياسي أو يمضي بنا نحو السياسة، ماذا يفعل مثلا طلبة هم في المدرسة الابتدائية يجدون البوليس يلاحقهم أينما ذهبوا حتى وهم يقرؤون في كتبهم المدرسية وأحيانا يأتينا ويقلب هذه الدفاتر لعل فيها منشورا سريا يندس بينها، هذا حصل كثيرا وذلك لأن هذا البوليس أو الشرطي كما نسميه هو مطالب بأن يلاحق هؤلاء الفتية لأن هناك منشورات توزع وكانت فترة غليان سياسي في الفترة الملكية في العراق وأنا أحدثك يعني عن أواخر الخمسينات لذلك..
الظروف التي مرت بها العراق خلال النصف الثاني من القرن العشرين لا شك صعبة للغاية كما أن الغربية تضاعف حجم الألم. لا يعرف شيء عن طفولة الربيعي على المستوى الشخصي لكن لا شك انه عاني الكثير لأسباب عدة يمكن أن نستشفها مما كتب ومما قال عن طفولته.

لكننا ولعدم وضوح أسباب المعاناة والألم سنعتبره لغرض هذه الدراسة مجهول الطفولة.

قديم 12-04-2011, 08:56 AM
المشاركة 83
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
13- الرجع البعيدفؤاد التكرليالعراق
دخل الروائي فؤاد التكرلي عالم الأدب من بعد خبرة طويلة في مجال القضاء، وذاع صيته مع رواية الرجع البعيد التي تعد من قمم الروايات العراقية في عقد الستينات وقد تمركزت حول حياة الطبقة الوسطى في بغداد.
عاش التكرلي الحاصل على العديد من الجوائز الأدبية المعتبرة في الدول العربية سنوات عديدة من حياته في تونس وسوريا والأردن، دون إن يستطيع التغلب على حنينه إلى الحياة البغدادية في مناخ حضاري يكفل للفرد كرامته وللمبدع حريته، هذا ما أفصح عنه في محاضرة قدمها في مدينة لاهاي، وربما هذا الحنين هو الذي دفعه لاختيار بلد قريب من مسقط رأسه في السنوات الأخيرة من حياته.
باب الشيخ
ثمة ظلال لمحلة باب الشيخ وهي من الأحياء الشهيرة في بغداد في أغلب روايات التكرلي، وهي إما من الطبقات الفقيرة الآخذة في طريقها نحو الطبقة الوسطى أو من أبناء الطبقة الوسطى المنحدرة الى الطبقة الفقيرة مع تلميحات لشخصيات في طريقها لتجاوز الطبقة الوسطى نحو الأرستقراطية وبالعكس. يقول فؤاد التكرلي: "اعتقد أن المكان الذي حملته دائماً، وعشت فيه مجازاً حتى اليوم هو محلة "باب الشيخ"، فكل رواياتي وقصصي تقريباً تستند إليه، وحتى حديقته الصغيرة بقيت للآن جزءا من تاريخي الشخصي".

في خاتم الرمل نحن إزاء بيوتات بغدادية تتغلب على ضجرها بإقامة حفلات البنكو، صالت فخمة، تنزه على الكورنيش، حدائق، بساتين نخيل محاذية للشوارع العامة، تشغيل اسطوانات لشوبان ،نواد وبارات ليلية حفلات ومصابيح حمراء وزرقاء تضفي أجواء من البهجة على ليل المدينة ومفردات عديدة كانت في صلب الحياة المدنية البغدادية ، ولا يمكن أن تعود إلا من باب الحنين .
وغير خال من الدلالة هذه الفقرة التي يصف فيها التكرلي المرأة التي تحظى باهتمام البطل: "إنها فتاة لها ميول ثقافية واسعة وهي من عائلة محترمة، نشأت نشأة طيبة، وهذا بالطبع هو ملخص ما كان يمكن أن يقال آنذاك عن كل فتيات بغداد غير المتزوجات."


==
فؤاد التكرلي(22 أغسطس 1927م - 11 فبراير 2008م روائي عراقي استطاع أن يحصد أوقات نجاحه بحرية وبلا صخب روايات قليلة، إلا أن مساحة تأثيرها كانت أكبر انها نموذج للروايات الكلاسيكية الحديثة ببنائها. روائي عراقي أسهم في تطور الثقافة العربية وأثرى المكتبة العربية بالكثير من قصصه الأدبية،
ولد التكرلي في بغداد عام 1927 ودرس في مدارسها، تخرج من كلية الحقوق عام 1949 ثم عمل ككاتب تحقيق وبعدها محاميا، ثم قاضيا، وتولى عدة مناصب في الدولة ومنها في القضاء العراقي حيث تم تعيينه قاضيا في محكمة بداءة بغداد عام 1964، وبعدها سافر إلى فرنسا ثم عاد ليعين خبيرا قانونيا في وزارة العدل العراقية. وعاش في تونس لسنوات بعد تقاعده، وعمل في سفارة العراق بعد حرب الخليج عام 1991، وألف القصص بأسلوب أبداعي متميز.
ينتمي التكرلي إلى عائلة ذات حظوة دينية ومكانة اجتماعيّة متميزة، وإذا كانت هذه العائلة بتفرّعاتها المختلفة قد تمتّعت بمباهج السلطة في بداية الحكم الملكي في العراق، فإنّها سرعان ما تخلّت عن الدور الذي أنيط بها موقتاً لجيل جديد من السياسيّين نشؤوا تحت الراية العثمانية وتعلّموا صرامة عسكرها، لكنّهم تعلموا أيضاً من الاحتلال البريطاني بعض عناصر الحداثة الأوروبية. وقد أدى ذلك إلى فترة انفراج نسبي اجتماعيّاً أسهمت في إظهار ذلك الجيل الذي لا يتكرّر من المبدعين أو ساعدته على إنضاج تجاربه.
نشر التكرلي أولى قصصه القصيرة في عام 1951 في مجلة الأديب اللبنانية، ولم ينقطع عن نشر قصصه في الصحف والمجلات العراقية والعربية، كما صدرت له في تونس عام 1991 مجموعة قصصية بعنوان (موعد النار). وفي عام 1995 صدرت له رواية (خاتم الرمل). وكتب روايته الأخيرة (اللاسؤال واللاجواب) عام 2007. كانت له أيضا مؤلفات أخرى مثل خزين اللامرئيات والرجع البعيد التي أسست لخطاب روائي متميز وأرخت لحقبة تاريخية مهمة في الحياة العراقية وكانت مفعمة بالروح والأعراف الشعبية ونكهة كل وجبة وبهاء كل طقس اجتماعي لأهل بغداد العجيبين. الأعمال الكاملة 1و القصص الأعمال الكاملة – 5و

قديم 12-04-2011, 08:57 AM
المشاركة 84
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
غربال الذاكرة : فؤاد التكرلي

فيصل الياسري

غربال ذاكرتي هذه المرة يختلف عن سابقاتها ، فقد كنت كل مرة اكتب عن معايشة ذاتية عن قرب لمبدع غادر الدنيا قبل سنوات او اشهر على الاقل ، هذه المرة اكتب عن مبدع عرفته عن قرب : الروائي فؤاد التكرلي (1927 ) وغادر الدنيا قبل ايام قليلة وما زال صوته يرن في اذني وذكرياتي الودودة معه ما زالت متجسدة في مخيلتي ، وقبل ساعات فقط من وفاته كانت هند كامل تجلس جوار سريره برفقة زوجته التونسية السيدة حياة !!
وعادت هند الى البيت لتنقل لي تحيات فؤاد التكرلي وتأكيده انه مستعد لتصوير البرنامج التلفزيوني الذي خططنا له ، في اقرب وقت ، وربما الاسبوع القادم ..
لم يعش فؤاد التكرلي حتى الاسبوع القادم .. فقد رن الهاتف في منزلنا صباح يوم الاثنين 11 شباط 2008 وكانت المتحدثة صديقة مشتركة ابلغت هند بان فؤاد قد غادر هذه الدنيا التي لم يمل منها ولم يكرهها ابدا بالرغم من كل الاحباطات وخيبات الامل الكثيرة ،!!
اسرعنا هند وانا لنكون بجانب زوجته حياة التي روت لنا كيف كانت ساعاته الاخيرة ، وكان حديثها مؤثرا ومتقطعا بسبب الدموع تارة والرد على الهاتف تارة اخرى بينما كان ولده الشاب عبد الرحمن يستقبل بعض الاشخاص الذين سيرتب معهم مراسيم الدفن في مقبرة سحاب في عمان !! كان عبد الرحمن يرغب في نقل جثمان ابيه الى بغداد ليدفن في مقبرة العائلة ولكن ظروف العراق الامنية الحالية تحول حتى دون دفن موتانا في تربة الوطن !!



التقيت فؤاد التكرلي اول مرة عام 1982 وكنت قد قرأت روايته ( الرجع البعيد) التي سحرتني بسردها المحكم واحداثها المتشابكة وبنائها المعماري ، وبحوارها الصادق والمتنامي باللهجة العراقية الرشيقة وكأنه مكتوب للمسرح اوالسينما ، وعرضت عليه ان نتعاون في تحويلها الى فيلم روائي او مسلسل تلفزيوني ، فطلب مني ان نتريث حتى يتفرغ من مهنة القاضي التى امضى فيها 27 عاما ( اصبح قاضيا عام 1956 ) .. وفعلا تمت احالته على التقاعد عام 1983
ولسبب ما ، لم يتحقق مشروعنا السينمائي ولم التق فؤاد التكرلي الا بعد عشر سنوات عندما زارني في منزلي بحي الجامعة في بغداد في امسية جمعت الكاتب جبرا ابراهيم جبرا والشعراء يوسف الصايغ وعبد الرزاق عبد الواحد وحميد سعيد واخرين ..
فاجأني فؤاد التكرلي بنسخة معه من روايته ( الرجع البعيد ) قدمها لي ليذكرني بمشروعنا القديم بتحويلها الى فيلم ، وتحمس الحاضرون للفكرة ، وشجعونا كثيرا ، وتطوع جبرا لتولي مهمة الدراماتورج ( المستشار الدرامي ) ...
ولم يتحقق المشروع هذه المرة ايضا ، فقد دفعت الاحباطات وخيبات الامل ، والانزعاج مما اصاب العراقيين جراء خطيئة اقتحام الكويت ، دفعت التكرلي الى النزوح الى تونس .. ليعيش ظروفاً نفسية واقتصادية صعبة،اثرت سليبيا على الكتابة والإبداع ، فقد كان يجدحسب قوله- صعوبة وعسرا في عملية الخلق بعيدا عن الوطن !!
ولكن هذا العسر تمخض عن عمل فني عملاق هو رواية (المسرات والأوجاع) عام 1998 التي تناول فيها بجرأة وادراك الوضع السياسي في العراقي ... من خلال تجسيد الهم الاجتماعي للمواطن العراقي – وقد اعتبر الناقد صبري حافظ رواية ( المسرات والاوجاع) من الروايات العربية النادرة التي نستطيع ان نضعها في مصاف الروايات العالمية الكبرى ..ويضيف (.. فالمسرات والاوجاع رواية انسانية كبيرة باي معيار من المعايير وهي في الوقت نفسه رواية عربية خالصة ، او بالاحرى رواية عراقية حتى النخاع )
قبل ايام من وفاة فؤاد التكرلي ، وفي موجة البرد والصقيع في عمان ، اتصل بي المخرج محمد شكري جميل وعرض علي ان نذهب لزيارة فؤاد التكرلي ، وعندما عرف انني كنت عنده قبل يومين طلب ان اكرر الزيارة اليوم ، وجوابا عن استفساري عن سبب الحاحه للقيام بالزيارة قال انه بحاجة الى ان يشكر التكرلي ويعبر له عن اعجابه بروايته الرائعة (المسرات والاوجاع ) فقد قضى معها ايام البرد الاربعة فشعر بدفئ المشاعر الانسانية ومتعة اكتشاف عمل فني كبير ..
كانت هند كامل قد سبقت محمد شكري جميل في اطراء الرواية عندما اعادت قرأتها في غمرة التحضير لبرنامج تلفزيوني كان سيجمعها مع فؤاد التكرلي في حوار فكري حول ملامح السرد الروائي عربيا وعالميا ، وتاثير وسائل المولتيميديا على الكتاب المقروء ورواج روايات حكايات الفنتازيا التي تجنح الى الخيال والغرابة وتجمع التاريخ بالحاضر والعلم بالخرافة .. وقد تحمس صديقنا فؤاد التكرلي للموضوع واغناه بافكاره وكان من المفروض ان نصور هذه الايام كاول حلقة من برنامج ( على ضفاف الفكر ) .. ولكن كان للموت حسابات اخرى فاقتلع فؤاد التكرلي من بيننا تاركا فراغا في دنيا الرواية العربية لن يعوض بسهولة .



==
اسمه : هو فؤاد عبد الرحمن محمد سعيد التكرلي ( 1927 – 2008 )

مولده :
ولد ببغداد سنة 1927

تعليمه :
وكان جده محمد سعيد التكرلي ، كما يقول الاستاذ حميد المطبعي في ( موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين) ، نقيبا لاشراف بغداد . وفي محلة باب الشيخ ( عبد القادر الكيلاني) المعروفة ببغداد ، بدأ يتلقى علومه فدخل المدرسة الابتدائية ، واكمل الاعدادية ، وتخرج في كلية الحقوق ( القانون حاليا) سنة 1949 . وبعد تخرجه عين ( كاتبا اولا) في محكمة بداءة بعقوبة .

ظهرت اهتمامات فؤاد التكرلي الادبية منذ وقت مبكر من حياته ، وراح يلتقي عددا من زملائه ومجايليه المعروفين بحبهم للادب والشعر والقصة امثال عبد الملك نوري ، وعبد الوهاب البياتي، وشقيقه نهاد التكرلي . وقد نشر اول قصة له سنة 1951 في مجلة الاديب ( البيروتية) بعنوان : ((همس مبهم)) .

كما ابتدأ سنة 1948 بكتابة روايته (بصقة في وجه الحياة) .. وقد سبق ان اشرنا آنفا انه اكملها سنة 1949 ، لكنه لم ينشرها قائلا فيما بعد ان مجتمع العراق آنذاك لم يكن يستوعب نشر مثل هذه الرواية لما تضمنته من افكار ورؤى وتفسيرات كانت تضر بسمعته هو قبل غيره ، وقد نشرت الرواية في بيروت بعد ربع قرن (1980) .

تولى مناصب قضائية كثيرة خاصة بعد عودته من بعقوبة ( محافظة ديالى) الى بغداد، ومن ذلك تعيينه قاضيا في محكمة بداءة بغداد سنة 1964 لكنه لم يلبث في هذا المنصب طويلا ، اذ حصل على اجازة دراسية لمدة سنتين وسافر الى فرنسا ثم عاد ليعين خبيرا قانونيا في وزارة العدل .

لم ينقطع فؤاد التكرلي عن نشر قصصه في الصحف والمجلات العراقية والعربية، فلقد استطاع سنة 1960 من اصدار مجموعة قصصية بعنوان : ( الوجه الاخر) . وفي سنة 1980 صدرت روايته (الرجع البعيد) ، وبعد ذلك بست سنوات أصدر مجموعة حواريات بعنوان : ( الصخرة) . كما صدرت له في تونس سنة 1991 مجموعة قصصية بعنوان : ( موعد النار). وفي سنة 1995 صدرت له رواية (خاتم الرمل)

محطات :
في مقابلة نشرتها مجلة المدى (البغدادية )يوم 16 اذار 2004 )) : كل اعمالي هي ضد السلطة ،ومع ذلك كتبت وانا في العراق وبقيت فيه ... ،ويضيف : كنت أعيش في العراق بشكل طبيعي ... ركزت في كتاباتي على المشاكل الحقيقية لدى الشعب العراقي ،ولم اكن أشتم أو احتج بطريقة فجة ،بل اخترت الكتابة العميقة ....

- والتكرلي، وهو ينهي السنة الثمانين من عمره لايزال صادقا في التعبير عن كل خلجة من خلجات الانسان العراقي ، وهو يواجه التحديات الجديدة ، ويصر على ان يوفق لفترة يحاول العالم ، كما قال ، محوها من تاريخ العراق مع انها من أقسى المراحل التي مر بها تلك هي مرحلة الحصار الظالم البشع ، والذي لم يقتصر على الجوانب الاقتصادية وحسب بل تعداها لتشمل الحصار العلمي والحصار النفسي ، لذلك جاءت روايته الجديدة الموسومة : ( اللاسؤال واللاجواب) لتعكس حالة الانسان العراقي وهو يواجه تلك السنوات القاسية، ومع انه يحس بوطأة الاحتلال ولا معقولية ما يشهده العراق من اوضاع راهنة ، الا ان التكرلي يعترف ، وهو في هذه السن ، بانه لايستطيع:التعبير عن فصول المأساة المستمرة ...فالوضع في العراق يستعصي على أي روائي مهما كانت عبقريته ، انه غير معقول ، ولا ينطبق عليه حتى وصف العبثية ، افكار السرياليين تبدو ساذجة تجاه ما يجري!!

- أن الأديب "فؤاد التكرلي" يفضل ألا تسمى كتاباته المسرحية بالمسرحيات بالمعنى الفعلي للكلمة، حيث يقول في تعريفه على غلاف كتاب المسرحيات الذي يضم تلك الأعمال ضمن سلسلة أعماله الكاملة : " هذه ليست مسرحيات بالمعنى الحرفي والمتفق عليه للكلمة، إنها بالأحرى محاولات في الحوار، استغلت بعض قابليات المسرح لتقديم الواقع منظوراً إليه من زاوية نظر مختلفة وغير مألوفة، إن فيها بحثاً مخلصاً عن الحقائق عبر طرائق ملتوية، ظهرت أحياناً، وكأنها تضمن الوصول إلى الهدف، إلا أنها، في أغلب الأحيان، تبدت غير جديرة بذلك وأشبه بمن ضيع هدفه قبل الخطوة الأخيرة.

من أقواله :
-عندما أتوصّل الى الشكل، أبدأ الكتابة فوراً. فكرة «الرجع البعيد» (1980) جاءتني عام 1963 وبقيت أفكر حتى عام 1969 في كيفية إخراجها فنياً. أنا نادم على الوقت الطويل الذي استغرقته في كتابتها. كان يُمكن اختصار الوقت لو بذلت جهداً أكبر. لا طقوس استثنائية لدي أثناء الكتابة، بضع أوراق وقلم حبر أخضر سيّال، وشيء من الموسيقى الكلاسيكية. أمّا القراءة فمسألة أخرى، قضية حياة… لا يمنعني عنها إلّا المرض.

- لقد أعطت الكتابة معنىً لحياتي… ولم تأخذ مني شيئاً. كانت حبل نجاة من بحيرة الحياة التافهة، وأنقذتني من طموحات الوظيفة. وجعلتني أؤمن بأنّ حياتي لم تكن عبثاً.

ما قاله النقاد :
يقول (ا.د.ابراهيم خليل العلاف) في موضوع أعده بمركز الدراسات الاقليمية -جامعة الموصل

قلة من الكتاب العراقيين ، هم من انصرفوا لتوثيق تاريخ العراق المعاصر ، قصصيا ، وروائيا ، ومسرحيا ،ولعل ذو النون ايوب ، وفؤاد التكرلي ، وعبد الخالق الركابي أبرزهم على الاطلاق .. فؤاد التكرلي ، كتب روايته الاولى (بصقة في وجه الحياة) سنة 1949 ، وكتب روايته الاخيرة (اللاسؤال واللاجواب) سنة2007 ، وبين 1949 و2007 ،وقعت في العراق الكثير من الاحداث .. في الرواية الاولى أرخ لاوضاع الحرب العالمية الثانية وانعكاساتها على نفسية المواطن العراقي وواقع مجتمعه . وفي الرواية الاخيرة أرخ لسنوات العراق الصعبة ايام الحصار القاسي الذي شهده العراق طيلة المدة من 1990 وحتى 2003 . ولم يتورع التكرلي من ان ينتقد السلطة في العراق ومشاكلها ايا كانت ..

وكل اعماله دعوة الى التمرد على سبئات المجتمع .

فعلى سبيل المثال كان التكرلي جريئا في روايته (المسرات والاوجاع) ، هذه الرواية التي صدرت سنة 1999 . والتكرلي في تشريحه للمجتمع العراقي ووضعه اليد على معايبه ومشكلاته ، كان أديبا واقعيا صادقا لهذا لم يتعرض لاي مضايقة او ملاحقة ، هذا فضلا عن ان السلطة في كل مراحل تاريخ العراق كانت تعرف بان التكرلي ، وهو قاض نبيل ومعروف ، واحد من رجالات القصة والرواية والابداع لذلك لم يكن من الصواب ان تتعرض له لأي سبب من الاسباب ،لابالعكس كانت تقدره وتضعه في المكان الذي يستحق.

وقد كتب عنه الناقد الادبي الكبير الاستاذ الدكتور (علي جواد الطاهر )فقال : ان التكرلي ليس قصاصا حسب ، انه مثقف في فن القصة ،وفي علمها : قواعدها ، قوانينها ، سماتها . أما القاص والروائي (محمد خضير)، فقد قال عند تكريم جريدة المدى (البغدادية) للتكرلي ، معقبا على بعض أحداث وشخوص روايته ( الوجه الاخر) نحن الان نشم فيه النسمات الاخيرة لشارع الرشيد . ولم ينس الروائي (علي بدر) ان يؤكد حقيقة مهمة في ما قدمه التكرلي حين قال : بأن الاجيال القادمة ستتذكر بأن ملامح الشخصية العراقية موجودة في اعمال فؤاد التكرلي. كما اشار الناقد والشاعر فاروق سلوم في مقال له منشور على موقع كتابات (الالكتروني) يوم 6 ايلول 2007 الى ان فؤاد التكرلي أصر على النزعة البغدادية المدينية.. مقابل أي اتجاه آخر، كان رهانه العالمي على هويته فشخصياته كلها من الواقع العراقي المعاصر الرافض لكل قيد .. فتوفيق بطل رواية ( المسرات والاوجاع) فاسد لكنه نتيجة حياة مرة ومجتمع صعب ، اما عدنان ومدحت بطلا روايته ( الرجع البعيد) فهما علامة فارقة لمجتمع متنوع ومتوافق يقبل الفساد .. ويقبل العفة . لقد عاصر التكرلي اجيالا من السياسيين ، وشهد تقلبات العراق السياسية ، لحقب ثكلى ومحملة بالاسى .. وكان مسؤولا في قاعة المحكمة عن الظلم والمظلومين ، لكنه ظل ، يقول سلوم ، يريد كشف جوهر الصراع ، وخباياه النفسية والاجتماعية والتربوية ، ويلتقط الباحث (كرم نعمة ) الخيط في موقع جريدة البينة (2005) ليقرأ بعضا مما جاء في ( المسرات والاوجاع) ، هذه الرواية التي وصفها الناقد (صبري حافظ )بانها (رواية العصر الكبرى) ، قائلا : انه عندما نستذكر بطل هذه الرواية في الخاتمة، وقد نزل عليه مبلغ هائل من المال ،وهو يتجول في الكرادة ، ويقتني قطعة حلوى ...نشعر ان المكان في ذاكرة التكرلي قائم ومخلص لعراقيته.

أما (اسماعيل زاير ) الناقد والصحفي المعروف ، فأكد في تقديمه لملف كامل عن التكرلي نشرته جريدة الصباح الجديد في عددها الصادر يوم (10 ايلول 2007) : ان التكرلي من أفضل وأجمل تعبيرات الذات العراقية الحرة والمنطلقة على هواها وبما تمليه سجيتها .

قال الناقد (ماجد السامرائي )في حوار له مع التكرلي نشرته الحياة (البيروتية) يوم 26 تشرين الاول 2003: ان الرؤية الاجتماعية الواقعية هي التي أطرت ادب التكرلي القصصي والروائي والمسرحي كما انها كانت دافعا لاحداث التنوع فيه.

أما الناقد( ناطق خلوصي )فكتب مقالة بعنوان : مدرسة التكرلي في الابداع منشورة على موقع قناة الشرقية ( الفضائية) جاء فيها ان التكرلي أول من تناول موضوعة الجنس في روايته تناولا مباشرا وصريحا احيانا ، مع ان الاقتراب من هذه الموضوعة كان يصطدم بالمحرمات الدينية والاخلاقية والاجتماعية .. ويقينا انه استفاد من عمله ، كقاض ومن هنا فان تعامله مع شخصياته ، كان تعاملا وفق منظور نفسي ـ اجتماعي ..

فهو يعطي للعوامل والظروف الاجتماعية والاقتصادية ما تستحقه من اهتمام ، ويسعى للتوغل في أعماق الشخصيات .. ويضيف( خلوصي )الى ذلك قوله ان التكرلي في مجمل أعماله الروائية كان يحرص على تقديم استقراء لتاريخ العراق المعاصر وخاصة في ال50 سنة الاخيرة .. ويبدو ان التكرلي ، وهو ابن الطبقة الوسطى ، مع أنه عد يساريا في افكاره ، كان على علم ببواطن وخفايا واسرار هذه الطبقة لهذا حرص على اختيار شخصياته منها مع رغبة متناهية في ادانة كل انواع الظلم الاجتماعي ، والسياسي ، والاقتصادي .كان التكرلي يعد كتابة الرواية عملية غامضة وممتعة ،ومحاطة بالمعاناة، والحرية الداخلية ،بنظره ،تطلق طاقة الابداع .

ويضع الناقد والشاعر (ياسين طه حافظ )، فؤاد التكرلي ضمن سياق زمنه وعصره ، فيقول : ( ان فؤادا ، وقد بلغ الثمانين من العمر طوى عصورا ثقافية ، وازمنة انسانية وهو يتابع حركة الانسان وعذاباته في طريق الشمس . ويضيف : فؤاد كاتب كبير فنا ، وفؤاد قبل هذا وبعده انسان اخلاقي كبير .

أما الناقد( جمال كريم ) :فيؤكد في الملف انف الذكر ان التكرلي وثق للمكان والاحداث في حقب جد مهمة وشائكة في تاريخ العراق المعاصر السياسي والاجتماعي ولكن من وجهة نظر روائي محايد ومتمكن من أدوات فنه السردي .ويضرب على ذلك مثلا فيضيف الى ذلك قوله انه في مرحلة ما بعد ثورة 14 تموز 1958 ،وما خلفت من تداعيات على صعد حياة المجتمع العراقي انذاك ،بل وما رافقها من صراعات سياسية على دفة الحكم وخزائن الثروة ،فالاحداث والشخصيات المحورية ،بمختلف انتمائاتها الاجتماعية والسياسية والثقافية تتحرك على فضاءات مكانية عراقية وخاصة في بغداد العاصمة وضمن جغرافية الاحياء (المحلات ) الشعبية ومنها محلة باب الشيخ وما يتبعها من ازقة أو شارع الكفاح (غازي )وما يتماس أو يتقاطع معه من شوارع ،يحاول التكرلي ،تبعا لخصوصية هذه الامكنة، من حيث المشكلات الاجتماعية ومستويات الفقر، وعمق معاناتها ،وحدة صراعاتها ،ان يتعامل معها بمنتهى الواقعية.

مؤلفاته :

قصة :

-العيون الخضر

روايات :

- خاتم الرمل
- بصقة في وجه الحياة
- المسرات والأوجاع

مسرحيات :

- أوديب الملك السعيد / ملهاة مأسوية في منظر واحد
- مسرحية "الصخرة

وفاته :
توفي يوم الاثنين 11 شباط فبراير 2008 في العاصمة الأردنية عن عمر ناهز 81 عاما بعد صراع طويل مع السرطان



قديم 12-04-2011, 08:59 AM
المشاركة 85
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
The writer's novel "Tree Talk" was our readers' club selection for April 2009. Visit our Readers Club main page Find more information on our April 2009 selection: the book,the author and his work through our Readers Club Archives.
One of the pioneering writers of his generation, the Iraqi novelist Fuad al-Takarli was renowned as the authentic voice of modern Iraqi society. Informed by a long career within his country’s judiciary, al-Takarli broke with the literary conventions of Arabic fiction in the 1950s and 1960s to develop his own personal style. His journalism and fiction gained attention and accolades as much for his idiosyncratic writing as for his vivid evocations of a rich and articulate culture now teetering on the brink of civil war.

His literary career began in the 1950s with The Green Eyes, a collection of short stories, but it was with the publication of The Long Way Back (published in Arabic in 1980 as al-Rajea al-Baeed; in English in 2001) in the 1970s that he made his name. An ambitious and unusual novel for its time, it depicts, through the eyes of four generations of a Baghdad family, the tumultuous events within Iraq leading up to the overthrow of the republican regime of Abd al-Karim Qasim in 1963 by a group of Baathist civilians and soldiers. The book was particularly audacious in its criticism of the regimes, especially that of Saddam Hussein, that followed the political unrest provoked by Qasim’s assassination. Publication in Iraq was denied after al-Takarli refused the Iraqi censor’s request to remove a leading character who represented the Baath party. Consequently, the novel was published in Beirut, and only in 1980 was it finally brought out in Iraq.

Al-Takarli turned to writing full time after pursuing a highly successful legal career. He graduated in law from Baghdad University in 1949 and worked at the Iraqi Ministry of Justice for 35 years, where he was respected for his honesty. In 1956 he became a judge and went on to head Baghdad’s Court of Appeals before leaving for Paris in 1964 for postgraduate study. He continued in the legal field until 1983 when he decided to concentrate exclusively on writing, leaving for Tunis in 1990 with his second wife.

Within the canon of Iraqi literature, al-Takarli was the natural successor to Abdul Malik Nouri. Nouri, unlike his fellow authors in the 1940s, preferred to examine the role of the individual in society and the impacts of colonialism and class struggle on society rather than deliver the sociorealist fiction in vogue at the time which he and others dismissed as little more than creative reportage by a “katib maqala”, an essay writer. Nouri’s fiction reflected an interest in sociology and psychoanalysis, shared by al-Takarli, as both men also shared a deep admiration for the novels of Fyodor Dostoevsky.

Although this sociorealist style prevailed in the 1950s, al-Takarli placed himself beyond its limitations, concentrating on the development of his personal style, doubtless influenced also by his boyhood friend, the poet Abdul Wahab al-Bayati who was hailed by The New York Times as “a major innovator in his art form” in breaking with more than 15 centuries of Arabic poetic convention to write in free verse.

The publication and distribution in Iraq of The Long Way Back in 1980 came at a time when an interest in Arabic literature in translation was just beginning to emerge. Historically, few books by Arabic authors were translated into English, resulting in Western perceptions of Arabic culture and society as being shaped mainly by books written by Westerners, a subject addressed at length by the late Edward Said in Orientalism (1978), and elsewhere. The popularity of writers such as Naguib Mahfouz, Yusuf Idris, Tahar ben Jelloun and Tayeb Salih did not extend much beyond the Arab world until in 1988 Mahfouz became the first Arabic author to win the Nobel Prize for Literature.

This was the catalyst for a small boom in the publication of Arabic fiction in translation, with the field opening up for Mahfouz’s contemporaries, among them al-Takarli. He would later be awarded the United Arab Emirates Sultan bin Ali Owais Cultural Foundation Award for his contribution to modern Arab fiction.

In other works, among them The Other Face, The Sandy Ring and Spit in the Face of Life, al-Takarli continued to explore the social changes brought about under the Baathist regime, and contributed articles to London’s Arabic press, including al-Hayat and al-Sharq al-Awsat.

In 1985 The Long Way Back was translated into French: the English-language edition appeared in September 2001. A Sunni with no particular political affiliation, al-Takarli was concerned about the power struggle between Sunni and Shia factions. Just as violence had given him the subject for the novel that brought about his literary success, so it was the backdrop (albeit at some remove) for his death from pancreatic cancer. “There is no place for me in Baghdad.” He said. “It is not my Baghdad, not my Iraq.” For the past three years he had been living in Amman, Jordan, where he was buried.

Al-Takarli is survived by his second wife and their son, and by three daughters from his first marriage.

Fuad al-Takarli was born in 1927. He died on February 11, 2008, aged 81
Source: The Times 28 February 2008.

فؤاد التكرلي
رواية االكاتب " حديث الأشجار" كانت اختيار شهر ابريل 2009 في نادي القراء
تجد ملفا كاملا عن الكتاب وكاتبه والحوار الذي دار حوله في صفحة كتاب شهر ابريل 2009
أنظر أرشيف نادي القراء
التكرلي روائي وقاص ومسرحي له الكثير من الأعمال الأدبية التي بدأ في نشرها منذ الخمسنيات.

ولد التكرلي في بغداد عام 1927، ودرس القانون في كلية الحقوق وتخرج عام 1949، وعمل في البداية كاتبا في إحدى محاكم بعقوبة، ثم محاميا وقاضيا ومستشارا قانونيا، وظل يتنقل بين عدد من الوظائف العامة إلى أن تقاعد.

وقد ظهرت اهتمامات التكرلي الأدبية في وقت مبكر من حياته ربما قبل تخرجه مباشرة في عام 1949 حينما أنهى كتابة روايته الأولى "بصقة في وجه الحياة".

إلا أنه لم يجرؤ، كما صرح فيما بعد، على نشر هذه الرواية لأنه اعتبرها "سابقة لعصرها" وأن جراتها كانت كفيلة بخلق الكثير من المتاعب له ولناشريها. وظلت تلك الرواية حبيسة الأدراج إلى أن نشرها عام 1980 عقب نشر روايته "الرجع البعيد".

أما مجموعته القصصية الأولى "الوجه الآخر" فقد نشرها عام 1960. وكانت قصته القصيرة الأولى قد نشرت في مجلة "الآداب" البيروتية عام 1951 بعنوان "همس مبهم".

وأصدر بعد ذلك عددا من الروايات والمجموعات القصصية والمسرحيات منها "خاتم الرمل" و"موعد النار" و"الصخرة" و"الكف" و"خزين اللامرئيات" المسرات والأوجاع".
أدب اجتماعي

ويتفق الكثير من النقاد على اعتبار أدب التكرلي أدبا اجتماعيا سياسيا يهتم بالإنسان في محيطه السياسي الاجتماعي، ويمنح الاهتمام لسيكولوجيته الاجتماعية، لكنه من زاوية أكثر شمولا، يعد ادبا تاريخيا لقسم من تاريخ العراق المعاصر.

وفي روايته "اللاسؤال واللاجواب" وهي آخر رواياته وقد صدرت عام 2007، يتناول التكرلي سنوات الحصار التي عاشها العراق من عام 1990 إلى 2003.

ويعتبره النقاد أحد أبرز كتاب "جيل الخمسنيات" أو ما يطلقون عليه جيل الريادة الحقيقية في القصة العراقية إلى جانب غائب طعمة فرمان (1927-1990) وعبد الملك نوري (1921-1998) ومهدي عيسى الصقر(1927-2006).

وقد حاول هؤلاء على اختلاف رؤاهم ومشاربهم الفكرية والسياسية تأسيس شكل جديد في النثر العراقي يوازي ما صنعه مجايلوهم في الرسم والنحت والشعر.
حزمة واحدة

عن هذا الجيل تحدث التكرلي ذات مرة فقال إنم يشكلون "حزمة واحدة متكاملة، يتشابهون في التعبير الواقعي عن المجتمع" لكنه يشعر أنه مختلف عنهم فيما يتعلق بالتعبير عن الفرد.

ويمضي موضحا: " نشترك برسم لوحة بانورامية واسعة لمجتمع تلك الفترة، ما أنجزه الخمسينيون في القصة يفوق ما أنجزه زملاؤهم الشعراء والذي كتب عنه الكثير، أما لماذا لم يتم الإهتمام به عربيا؟ فلأن للشعر سطوة أقوى من القصة القصيرة، الشاعر المجد هو الأعلى، بينما يأتي كاتب القصة خلفه بمراحل".

لم يتعرض التكرلي لبطش السلطة في عهد صدام حسين كما تعرض كتاب عراقيون غيره، بل حاول النظام السابق دائما استمالته و"تحييده".

وقد اشتغل طويلا بوظائف عامة في الدولة وعين في مناصب رسمية. وربما يكون هذا الموقف وراء ما تعرض له من انتقادات قبل وفاته بعدة أشهر عندما قبل العمل كمستشار للرئيس العراقي، جلال طالباني، لشؤون الثقافة والأدب.

هذا الموقف دفع بعض نقاد التكرلي إلى مهاجمته واتهامه بـ "التقاعس عن ابداء أي اشارة احتجاج على احتلال العراق" بل وحاولوا ايضا التقليل من شأن موهبته الأدبية.

وقد انتقل التكرلي بعد سقوط نظام صدام عام 2003، إلى سورية ومنها إلى تونس حتى استقر في عمان حتى وفاته
.

قديم 12-04-2011, 09:28 AM
المشاركة 86
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حوار مع الروائي فؤاد التكرلي



أجرى الحوار : فراس عبد المجيد

بعض ما جاء في حوار سبق وأن أجريناه مع الكاتب الكبير ، وتحديدا في سنة 2003 في ندوة الرواية العربية التي عقدت في العاصمة المغربية في إطار الاحتفال بالرباط عاصمة للثقافة العربية

س : الأدب ( والرواية خصوصا ) كان يطمح إلى واقع أكثر جمالا و أكثر عدالة .. وثعرجات السياسة حالت دون تحقيق هذا الطموح. كيف تصف لنا هذه العلاقة ؟

ج : الأدباء دائما يحلمون ، والأدباء يعتبرون الأدب تعبيرا عن تمنيات وأحلام . الأديب يريد الخير لشعبه .. وكانت السلطة تتدخل باستمرار في إبداعه ، وخاصة في مرحلة الانقلابات العسكرية . في الخمسينات لم تكن الحكومات تتدخل إلا بشكل طفيف وبصورة غير مباشرة ، ونسبيا كانت لدينا حرية داخلية كنا نمتلكها . بعد ذلك جاءت الثورات ، وجاءت الأيديولوجيات ، صارت الرقابة صارمة . فقد زاد تدخل السلطات ، وهو ما أدى إلى انحرافات في الأدب بشكل من الأشكال . فالأديب الذي يريد أن يعبر عن بعض الأفكار التي يظنها مرفوضة من قبل السلطة ، يلجأ إما إلى الرموز ، أو إلى تبريرات أخرى . من هذه الناحية فأن الأدب في البلاد العربية خاصة ، لا يسير في الاتجاه الصحيح ، ولا يؤخذ وكأنه وسيلة من أجل الإصلاح ، بل كوسيلة من أجل مقاومة السلطة . وهذا خطأ .. فالأدب ينبغي أن يعامل بحسن نية . فالأدباء ليسوا ثوارا ، بل هم كتاب مسالمون
، وقصدهم هو لفت النظر الى المظالم التي تحصل في المجتمع .. لا أكثر ولا أقل .


ج : أنا لم يكن لي موقع في الستينات ، هذا الجيل الذي جاء بعد ثورة تموز 1958 والتطورات والمتاهات التي أعقبتها اضطرابات ، وكان بعض كتاب هذه المرحلة أنتجوا أعمالا مهمة تختلف عما أنتجه الخمسينيون ، وأمسكوا بشخصيتهم بسرعة ، مثل محمد خضير وموسى كريدي وعائد خصباك وعبد الستار ناصر الذي كانت بداياته جيدة . لقد أصبنا ، نحن الخمسينيين ،
بنوع من الذهول المستديم ن بحيث بقينا صامتين فترات طويلة ، ولم أكن أكتب خلال عام إلا قصة واحدة .. أو لا أكتب أصلا . وهذا بسبب تغير الجو الفكري . كنا نشعر بأن الجو أصبحت تسوده الفوضى .

س : وهل هذا الذهول بسبب التقلبات السياسية ؟

ج :
بالتأكيد بسبب التقلبات السياسية وما رافقها . بالنسبة إلي لا أشعر بأن الستينيين لهم علاقة بي بقدر ما كانت علاقتهم بعبد الملك نوري ومهدي عيسى الصقر . ولم يكمل أحد منهم الخط الذي بدأته في تجربتي .

س : هناك ملاحظة حول روايتك " الرجع البعيد " تقول أنها ، وبرغم دقة تصويرها الذي تضمنته ، لم تكن حاسمة في إدانتها ، مما يعكس شيئا من المهادنة . وقرأت مؤخرا نفس الملاحظة حول روايتك الأخيرة " الأوجاع والمسرات " .. كيف ترد على ذلك ؟

ج : أنا لست محاربا .. وحكاية المهادنة هذه في غير مكانها ، أنا كاتب وأديب ، وأعتبر نفسي فنانا بالدرجة الأولى أكثر مما أنا أديب ، فأكتب أشياء مرتبة فنيا . وللذين يعتبرونني مهادنا أقول : أنا ربما كنت الكاتب الوحيد الذي كتب ضد حزب البعث وهو في السلطة ، وكنت حينها في العراق . أما من يطلقون أحكامهم بالمهادنة وهم خارج العراق فهذه مسألة أخرى.. بالنسبة
لرواية " الرجع البعيد "" لا يوجد – حسب اعتقادي – أي عراقي قرأها ولم يفهم مقاصدها ، فالجميع فهموا ما أقصد إليه
. بل وزادوا من رموزها أكثر مما تحمل . المهم أنه لا مجال للمزايدة في مثل هذه المواضيع . إن ما قادني إلى كتابة الرواية هي الناحية الفنية ، وطبعا شعوري كأديب ، مثلها مثل " المسرات والأوجاع " ، ليست لدي حمولات سياسية بقدر ما أحمل من إدانة فنية . لقد فضحت الحكام واعتبرتهم مجرمين بطريقتي الخاصة . أما أن أظهر على شاشة التلفزيون وأشتم ، فهذه ليست مهمتي .

س : ولو أعدنا السؤال بشكل آخر ، وهو : هل أنك ، عندما تكتب ، تضع في اعتبارك أن ثمة سلطة تجب إدانتها ؟
ج : أنا لا أضع شيئا أمامي سوى أنني أملك حريتي الداخلية ، وهل أني أكتب ما أريد أم لا أستطيع ذلك ؟ كنت دائما أطمئن إلى أنني أكتب ما أريد دون زيادة أو نقصان . ولو افترضنا أنني ، في ظل هذه الظروف ، أكتب رواية " الرجع البعد " لكتبتها كما هي دون تغيير ، ودون اهتمام بالاتهام بالمهادنة .

س : ...إذن فشكل الرواية جاء متطابقا مع مضمونها . وهذا يحيلنا على منهجيتك في الكتابة ، فقد دعوت في مداخلتك ، في ملتقى الرواية العربية في الرباط إلى إقامة الصلة بين الكاتب والقارئ إلى جانب العمل على التأثير فيه . كيف توضح ذلك ؟ هل هي دعوة إلى تكريس الواقعية كمنهج في الرواية ؟

ج : لا .. أبدا . ليس ذلك تكريسا للواقعية . أنا تركت الموضوع لبصيرة الكاتب وكيف يجد قراءه . المهم انه يجب أن يشعر أن ثمة صلة تبقى حية بينه وبين القارئ . أما إذا كان ثمة كاتب عربي ( مغربي أو عراقي أو مصري مثلا ) يفكر في أن أمامه قارئا فرنسيا أو ألمانيا فهذه حماقة . فلهذا القارئ جو آخر وثقافة أخرى وماض آخر . هو يمكن أن يفهم منك بعض الأشياء ، إلا أن القارئ العربي لا يستسيغ ذلك ، لا يمكن أن يحتمل ذلك ولا يمكن أن يفهمه .
فالتواصل هو المهم ، والتأثير يأتي بالدرجة الثانية . فإذا أنت لم تستطع التواصل مع القارئ العربي ، ولا يمكنك التأثير فيه ، فمن الأفضل لك ألا تكتب
. فحدود التجديد ( وكنت في مداخلتي أتحدث عن التجديد و ليس عن مبدأ معين ينبغي التمسك به ) تتطلب الإتيان بقوالب جديدة ، أو بتغيير بعض القوالب الروائية ، أو باختراق بعض الحدود الروائية . هذه الأمور إذا تم التفكير فيها ، فينبغي أن يتم ذلك بالموازاة مع التفكير بالقارئ . لابد من المحافظة على الصلة بالقارئ ومحاولة التأثير فيه . ولا يمكن الحديث في أشياء لا يمكن أن يتواصل معها القارئ أو لا تؤثر فيه .

س : في الأخير : بم تنصح الكاتب الشاب ؟

ج : أهم شيء هو التواضع . فليس كل من كتب سطرين يتخيل أن على العالم أن ينحني له .. أغلب الأدباء الذين اشتهروا بدؤوا متواضعين . خاصة وإنهم يقدرون أعمالهم ، ويقيمونها قبل أن يتناولها النقاد ، ويعتبرونها وصلت حدا معينا من الجودة . الكاتب الشاب ينبغي أن يعمل على تطوير عمله ، فلا يمكن أن يصدر الكاتب مجموعة قصصية صغيرة ، ويريد من النقاد أن يصفقوا له ، وأن تقام له طقوس الاحتفال .. هذا غير ممكن . فالتواضع مطلوب ، وكذلك الانتظار والصبر. إضافة إلى أن الكاتب الشاب لابد أن يلتفت الى بيئته المحلية . فالمحلية مسألة أساسية ، وخاصة في موضوع الرواية . وأنا شخصيا أعتبر تجربتي قائمة على المحلية . فإذا كنت نحيا في بيئة تعرفها وتعايشها ، يمكنك أن تكتب عنها عملا ذا قيمة .



قديم 12-04-2011, 12:32 PM
المشاركة 87
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المجتمع اللا اجتماعي..دراسة في أدب فؤاد التكرلي
عن دار التنويرفي بيروت صدرللناقد علي حاكم صالح كتاباً نقدياً جديداً بعنوان ( المجتمع اللا اجتماعي / دراسة في ادب فؤاد التكرلي ) وتضمن الكتاب قراءة نقدية في قصص وروايات الروائي العراقي الراحل فؤاد التكرلي وابتدأ الكتاب بمقدمة كتبها الناقد حسن ناظم جاء فيها “ الناقد الذي كتب هذا الكتاب والروائي الذي درست رواياته درسا خاصا يتشاركان هنا في رؤية واحدة ومزاجا واحدا.

ففي عصر يعج بالروايات العربية التي تعسر ملاحقتها كلها، ينتخب علي حاكم صالح روايات فؤاد التكرلي لغاية خاصة في نفسه. فهو يوجه عبرها، في كتابة تحليلية تليق بمجتمع لا اجتماعي، بصفة آخرى في وجه الحياة، بعد ان فعل ذلك فؤاد التكرلي نفسه قبل نصف قرن في رواياته (بصقة في وجه الحياة) المنشورة في العام 2000. ومن المؤكد ان بصقة الرواية غيرها بصقة الكتابة النقدية. لقد وجد علي حاكم صالح نفسه وعزلته (كتب الكتاب في الدنمارك)، وعجزه وغربته في مجتمعه اللا اجتماعي في بغداد الثمانينيات والتسعينيات، مثلما وجد فؤاد التكرلي نفسه غريبا على مجتمعه اللا اجتماعي في بغداد الخمسينيات ، فكتب تلك الرواية ولم ينشرها الا بعد خمسين عاما. هذا الوضع يثير سؤالين محددين: الاول: الم يتغير ذلك المجتمع اللا اجتماعي عبر نصف قرن من الزمان؟ والثاني: الم يكن نفي الكاتب نفسه، طوعا او كرها، نوعا من الحل للخلاص من المجتمع اللا اجتماعي؟ ان الكتابة الروائية التكرلية هي “كتابه انتهاكية” لكنها ايضا “ترياق” والكتابة النقديه لدى على حاكم صالح كتابة تحليلية، وهي ايضا ترياقا. وحين انقذت الكتابة الروائية صانعها الروائي من مجتمعه اللا اجتماعي في خمسينيات بغداد القاسيه، انقذت الكتابة النقدية صانعها الناقد من مجتمعين لا اجتماعيون في الواقع: الاول هو المجتمع اللا اجتماعي العراقي ابان الثمانينيات والتسعينيات، والثاني هو المجتمع اللا اجتماعي الدنماركي من العام 2000 حتى العام 2010؛ والعام الاخير هو عام عودة الكاتب الى العراق، وذلك بالانهماك بالبحث والقراءة والكتابة والترجمه، طاويا تحت كل ذلك احساسا فريدا بما يجري وقدرة على تحويله الى كتابه. وفي هذه العودة الى العراق، وضع علي حاكم صالح حداً لهذه الكتابة المعلق بوضع حد لذاته المعلقة، فوضع خلاصته وهو في خضم مجتمع العراق الغاطس في اللا اجتماعية حد الجنون، مجتمع تشظى نسيجه المتهرئ اشد التشظي، وتحول من مجتمع الارتياب الخائف والتفسخ المطلي بطلاء الانسجام الى مجتمع الكراهية الصارخة والعفونة البادية، مجتمع عراق ما بعد سقوط الدكتاتورية وكشف المكبوت والمكتوب من “طبيعة المجتمع العراقي”.
فالذي دفع الروائي التكرلي الى موقفه ذاك، والذي شكل ازمته الروحية هو عينه ما عاشه الناقد وشكل ازمته الروحية :”حرمان، واستلاب، وقهر، وكبت اجتماعي وسياسي” ، واذا كانت الثمرة الوحيدة التي جناها الروائي من كتابة عمله “بصقة في وجه الحياة” ابان الخمسينيات، حين قرر عدم نشره، هي “حفظ توازن شخصية كاتبه”، فان علي حاكم حفظ توازن شخصيته في كتابته النقدية ايضا “.

كما كتب مؤلف الكتاب مقدمة آخرى مهد من خلالها للكتاب جاء فيها “ بدأً بروايته بصقة في وجه الحياة المكتوبة بين عامي 1948 – 1949 وانتهاء بروايته اللا سؤال واللاجواب المكتوبة بين عامي 205 – 2006، تتوارت في ادب التكرلي بثبات بضع موضوع (تيمات).
ويأتي الجنس، السوي منه والشاذ (سفاح المحارم) في مقدمة هذه الموضوعات. وسأكتفي بالتنويه هنا الى ان حضور هذه الموضوعة لم يكن بنفس الدلالة. فدلالاتها، وابعادها الترميزية، تتغير من عمل الى آخر، ولكن مع ذلك يظل هناك خيطا دلاليا واحدا ينتضم بعض الاعمال التي ترد فيها. وهناك موضوعات آخرى، كموضوعة اثر التكوين الثقافي على الفرد، تحمل الدلالة نفسها تماما في كل ما كتبه التكرلي. اما موضوعة فساد العائلة كوحدة اجتماعية فهي الاكثر اثارة والاكثف دلالة على موضوعة الحياة الاجتماعية غير السوي، او غير الانسانية، او بحسب تعبير هذا الكتاب حياة لا اجتماعية. ان العائلة في جميع اعماله تقريبا عالما زائفا مبنيا على علاقات التواجد المكاني لا اكثر، لان اصل قيامها، الزواج، لم ينبن على علاقة حب حقيقية. والمفارقة التي تضعها امامنا اعماله هي ان شرط البناء السليم للعائلة اعني الحب، لم يتحقق في جميع اعماله الا خارج “مؤسسة العائلة” بالضبط. وهذا ما يسلمنا الى موضوعة مركزية آخرى في نتاجه؛ اعني اللذة الحسية الصرفة، التي تبلغ احيانا عند بعض شخصياته حد الانتهاك الصارخ لكل قيمة اجتماعية، حتى انها في الغالب تأتي في صورة منحرفة لا تكترث باي قيمة اجتماعية كافعال سفاح المحارم، او محاولة الشروع فيها “.


قديم 12-04-2011, 12:32 PM
المشاركة 88
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،
اماالفصل الاول من الكتاب فقد تضمن دراسة بعنوان ( الكتابة والجنس المحرم ) وجاء فيهيستهل فؤاد التكرلي رحلته في الكتابة بنص انتهاكي للقيم الاجتماعية السائدة. وسيظلهذا النص محتفظا بانتهاكه لاخلاقيات المجتمع الذي ولد فيه. وبسبب من هذا الانتهاك،بالتأكيد، لم يقدم على نشر نص “بصقة في وجه الحياة” المكتوب في العام 1948 الا بعداكثر من خمسين عاما. وهو النص الوحيد الذي خصه الكاتب من بين جميع اعماله بمقدمةتناولت الشروط المتنوعة التي ولد فيها؛ وليس تأخير النشر السبب الوحيد الذي دفعهالى كتابة مقدمته هذه، فالرسالة الانتهاكية التي ينقلها النص جعلت من هذه المقدمةامرا ضروريا ايضا” ، ويعود ليؤكد المؤلف ان النص كان متكوناً من نصين حيث يقوليتكون النص “بصقة في وجه الحياة”، بهذا الحساب من نصين : النص التخييلي المكتوب عام 1948، والمقدمة التي تصدرته عندما نشر. ويجب ان نثبت اولا ان هذه المسافة الزمنيةمثلومة ان صح التعبير، لان النص المكتوب في العام 1948، لم ير “النور” الا في العام 2000؛ اي مثلومة من جهة تواصلها مع القارئ. فلقد ظل حبيس درج المؤلف وبعيدا عنتداول القراء، رغم ان بعض النقاد تسنى لهم الاطلاع عليه بحكم علاقاتهم الشخصيةبالمؤلف. ولكنه مع ذلك لم يعش زمان القراءة طوال تلك الفترة الطويلة التي هي عمرالثقافة العراقية الحديثة تقريبا “.
وفي الفصل الثاني من الكتاب والذي جاء تحتعنوان ( العائلة والمجتمع ) فقد قال فيه الناقد “ كانت العائلة الميدان الرئيسوالاثير الذي اراده التكرلي في كل مشواره الادبي، وبالنسبة لي ستكون هذه المؤسسةالاجتماعية من جهة علاقتها بالعالم الاجتماعي السياسي دليلا الى تقسيم مسيرة كتابةالتكرلي على مرحلتين، الاولى: مرحلة الكتابة الاجتماعية الخالصة، المنكبة على تناولالعلاقات الاجتماعية والعائلية دون الخوض، صراحة ام ضمنا، بالحاضنة التاريخيةالسياسية التي تنمو فيها شبكة العلاقاتهذه.
اما المرحلة الثانية فسوف تشهدكتابته انعطافة لترتيب علاقة قدرية بين السياسي والاجتماعي. ان للسلطة السياسية فيالمجتمع العراقي اثرها الكبير على طبيعة العلاقات الاجتماعية والعائلية وعلى كتابةنفسها.
حدث هذا التغير الجوهري في كتابته بعد العام 1966. ففي هذا العام سيبدأرائعته الرجع البعيد وسينهيها ببطء سلحفاتي في العام 1977، لتنشر في العام 1980. وسيكتب في غضون ذلك ثلاث قصص “الصمت واللصوص” (1968)، و”التنور” (1972)، و”سيمباثي” (1972)، وثلاث مسرحيات؛ وهي “الصخرة” و”هروب او متهمون سياسيون”، و”الطواف” وجميعهاكتبت في العام 1969. ومن حيث السبق الزمني ارى ان قصة “الصمت واللصوص” اول عمل يلمعالى بعد جديد لم نعهده في كتابته من قبل. وتحتاج هذه القصة وقفة خاصة هنا “.
فيما حمل الفصل الثالث قراءة آخرى لنصوص التكرلي وتحت عنوان ( القراءة ) حيثيقول المؤلف “ نوهت فيما تقدم الى ما يمكن ان تفعله القراءة في بعض شخصيات التكرلي،والنتيجة التي تنهض امامنا من كل ذلك هي ان القراءة، لا سيما قراءة الرواية والادبعموما، تجتث صلة الفرد القارئ بمن حوله، وبالمجتمع الذي يعيش فيه. كانت هذه موضوعةاساسية في معظم ما كتبه التكرلي، وستبلغ امثل صورة لها في رواية المسراتوالاوجاع.
تزخر هذه الرواية بمستويات عديدة، متداخلة، ومتناسجة، يفضي كل واحدمنها الى الآخر، يمنحه ابعادا ودلالات تنتثر عبر القراءة واعادة القراءة اكثر منمرة. ولعل فرز احد هذه المستويات، بعد ان تناولنا في الفصل السابق بعض اوجهها،وتسليط الضوء عليه، للكشف عن بعض الوسائل والاساليب الفنية التي تضمنتها هذهالرواية، يساعد على الكشف عن اسلوب جديد في الكتابه ينتهجه التكرلي في بناء الشخصيةالرئيسةز فكان بناء هذه الشخصية ثمرة تطور وتبلور لهذه الموضوعة نفسها توفر عليهماالتكرلي بمرور الزمن “.
اما خاتمة الكتاب فقد جاءت بتساؤل للمؤلف اتى تحت عنوان ( اللا سؤال واللا جواب ) حيث قال فيها “ لقد كان ادب التكرلي عن حال هذا الفردالمقهور سياسيا واجتماعيا كما جسدتها رواياته وبعض قصصه في ما اسميته بالمرحلةالثانية من كتابته الادبية. فجميع شخصياته لم تكن تريد اكثر من الاستمرار في العيشوالبقاء، مجرد البقاء، مكتفية بذلك من دون الدخول في مغامرة التفكر في نوع ومنزلةوجودها، لان تفكيرا كهذا سوف يورطها في سؤال وجواب في مجتمع متقلب لا يبعث علىالطمأنينة. وعلى الرغم من كل الحذر الذي تنشأ عليه هذه الشخصيات، فانها تذهب ضحيةهذه التقلبات الجذرية. بل يحاسب هذا الفرد حتى على احلامه.
ولهذا الغرض بالذاتكتب التكرلي مسرحيته: تتمة (خزعبلة في حوار) في العام 1992”. ويعد هذا الكتاب مهماًنظراً لما احتواه من تحليل نفسي وادبي لاغلب نصوص الناقد الراحل فؤاد التكرلي ، كماانه كتاب سيغني المكتبة العراقية ، التي افتقدت في الفترة الاخيرة الكتاب النقديالعراقي الحقيقي.

==

الرجع البعيد
في "الرجع البعيد" صدى يستدعيك لاجتياز تخدم الوجدان العراقي، التغلغل فيه عبارات، كلمات، ومشاهد تصبح من خلالها واحداً من الأسرة العراقية التي اختارها فؤاد التكرلي لتكون وقائع حياتها محور روائية، يصدر من خلالها الواقع الحياتي العراقي بكل أبعاده الاجتماعية السياسية الاقتصادية... رواية لم تقف على أعتاب الكلمات، بل تجاوزتها لتقف على أعتاب الإحساس الإنساني المتفاعل مع محيطه أينما كان وحيثما كان.


قديم 12-04-2011, 12:34 PM
المشاركة 89
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بصقة في وجه الحياة ----رواية فؤاد التكرلي
إنّ أولى الإشكاليات التي تثيرها رواية المبدع الراحل «فؤاد التكرلي»: «بصقة في وجه الحياة» – منشورات الجمل، 2006- هي مسألة الريادة الفنية في الرواية العراقية، فقد اتفق النقاد العراقيون على أن الريادة الفنية في مسيرة الرواية العراقية الناضجة قد رفع لواءها الروائي العراقي الراحل «غائب طعمة فرحان» عندما أصدر روايته: «النخلة والجيران» و«خمسة أصوات» ببغداد عامي 1965 و1967 على التوالي.. فقد وفرّ «غائب» الشروط الفنية لرواية عراقية مقتدرة تجاوزت السرد الحكائي الكلاسيكي الأولي الذي كان يقترب من السذاجة أحياناً، والذي تجسد في النماذج التي كتبها «جلال أحمد السيّد» و«ذنون أيوب» و«عبد الحق فاضل». ورغم أنني قد دعوت في دراسة سابقة إلى ضرورة التوقف عند رواية «الرسائل المنسية» لـ «ذنون أيوب» والتي تختلف عن كل ما كتبه الأخير من روايات بفنّيتها العالية وحبكتها المحكمة ومدخلها الجديد وتقدمها في الرؤية على الواقع وتكثيفها السردي وتخلصها من الاستطالات، إلاّ أنني أجد الآن – وبصورة لا تقبل اللبس – أنّ الريادة الفنية ينبغي أن تمنح للمبدع «فؤاد التكرلي» عن روايته هذه «بصقة في وجه الحياة» والتي بدأ بكتابتها في حزيران عام 1948 وانتهى منها في آب سنة 1949، أي قبل ما يقارب العقدين من صدور رواية «غائب» «النخلة والجيران». فرواية «التكرلي» رواية متكاملة فنياً تقريباً رغم أن «التكرلي» نفسه يعتبر نصّه هذا فجّاً فنياً وسوقياً وذا لغة ركيكة (ولا يوجد سند لأي من أحكام الكاتب هذه، وهو أمر لابدّ أن يتوقف عنده الناقد المحلل). نحن نقف الآن، أمام رواية نفسية مركبة غير مسبوقة في السرد العراقي حتى ذلك الحين، رواية يسيطر عليها تيار من صراعات اللاّشعور وتستكشف فيها أغوار المكبوت في أعماق الشخصية المركزيّة، التي يوظف الكاتب، من أجل تصعيد توتر الوقائع الدرامي، تقنيات فنّية متفردة آنذاك مثل المونولوج الداخلي والأحلام والاستعادات السريعة والمديدة وتداخل الأزمان وإهمال المكان (كان بلزاك يصف كل المقاهي والشوارع والمحلات التي يمر بها بطله حين يسير لشراء فرشاة أسنان مثلاً) وإثراء السرد الفكري وثانوية الحوار الذي كان يعتبر سرداً ووصفاً خارجياً بدلاً من أن يكون أداة في تنمية واستثارة صراع الإرادات وإضاءة العوالم الداخلية المعقدة بمركباتها المحتدمة، لكن الأهم من ذلك كلّه هو أنها تصدت وبجسارة لمعالجة واحدة من أخطر التابوات في مجتمعاتنا وهي عقدة السفاح بالمحارم. ومن يعالج تاريخ القصّة العراقية سيجد هذه المعالجات المبكرة، خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، للدوافع المحارميّة، ويتجلى ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، في قصص «يوسف متّى» قبل أن يعتزل النشاط الأدبي ويتفرغ للنشاط السياسي – بصورة عامة، وهذا الانهمام الواسع، نوعاً وكماً، من قبل «فؤاد التكرلي» في التناول المكثف ومتعدد المقتربات لموضوعة العلاقات الجنسية المحرّمة بصورة خاصّة.
ويمكننا القول إن «التكرلي» هو أكثر الكتّاب العراقيين والعرب اقتداراً وجرأة في طرح هذه المسألة الشائكة التي تعدّ من المحرمات الدينية والاجتماعية. في قصصه القصيرة هو أكثر مَنْ عالج هذا الأمر كما هـو الحال في قصص مثل: (همس مبهم، الدملة، المجرى، التنور، أمسية خريف، القنديل المنطفئ، الغراب…وغيرها). أمّا في مجال الرواية ففوق أنه صاحب الكم الأكبر في الإنتاج الروائي العراقي في هذا المجال: (الرجع البعيد، خاتم الرمل، المسرّات والأوجاع)، فإنه صاحب السبق في مجال الريادة على المستوى العربي، كما أشار إلى ذلك الناقد الراحل «د. عبد الإله أحمد» في كتابه «الأدب القصصي في العراق» وذلك في معرض حديثه عن رواية «التكرلي» هذه «بصقة في وجه الحياة»، حيث قال : (( إننا لا نعتقد أن عملا قصصيا يتناول هذه العلاقات الجنسية الشاذة على النحو الذي تناولتها قصة ( بصقة في وجه الحياة ) يمكن أن يتقبله واقع المجتمع العراقي، إن لم نقل واقع المجتمع العربي الحديث عامة، في الفترة التي كتب فيها. فنحن لم نجد عملاً قصصياً في أدبنا العربي الحديث، بجرأته في تناول هذه العلاقات ومحاولة إيجاد المبرّرات لها، حتى تاريخ كتابته، ولعل ذلك يكفي سبباً لدراسته (…) بالإضافة إلى ما أشرنا إليه من جرأتها على طرح مضمون يتناول الجنس بشكل لم يجرؤ عمل قصصي على طرحه في الأدب العربي الحديث حتى تاريخ كتابتها.. قد نجد ذلك في الشعر، في بعض قصائد «إلياس أبي شبكة» التي نشرها في ديوانه: «أفاعي الفردوس». لكن من الهام الإشارة إلى أن ريادة «التكرلي» العربية في طرح موضوعة المحارم لم تكن تاريخية وفنيّة حسب بل فكرية أيضاً حيث حاول تسريب قناعاته الفلسفية المسمومة التي تبغي تجاوز جسارة، بل شراسة كشف أغطية المكبوت المحرّم إلى وضع تأصيل نظري صادم ينسف القناعات القائمة ويؤسس لمقدّس جديد يبزغ بمخادعة تخديرية من رحم المدنّس. ويمكن القول إنّ «الـتـكرلي» قد رسم مسار روايته هذه لتكون الخطوة التنظيرية والمدخل الفلسفي لمشروعه التعرضي هذا، وهي خطوة لم يكررها بعد ذلك لا في قصصه ولا في رواياته وكأنه قد نفض يديه من مسؤولية (الإقناع) وتأسيـس ركـائز الـديانة المحارمية الجديدة إذا جاز التعبير، ففي جميع نتاجاته التي أعقبت هذا النصّ، وهذا ما لاحظه الناقد المبدع «عبد الإله أحمد»، نجد أن أبطاله يندفعون في تيار ممارسة العلاقات الآثمة أو الانحدار المذعن مع مجرى دوافعها حتى الخراب النهائي دون أن يناقشوا، ولو للحظة، ما تعنيه هذه العلاقات والدوافع من خرق لما هو قائم وتدنيس لما هو قابع في حياتهم وحياة المجتمع الذي يحيط بهم.
إنّه أي «التكرلي» يبدو وكأنه قد أنجز – وباقتدار كما يرى هو نفسه – بلورة الصيغة الفلسفية للديانة الجديدة وحدّة الملامح الدقيقة لقوانينها العلائقية في روايته هذه؛ وعليه فإنّ النصوص اللاّحقة ستكون تشخيصاً لسلوك (مؤمنيه) الجدد ووصفاً أميناً لحياة مريديه الذين كانوا أقوياء صلبي الإرادة في تنفيذ اختياراتهم المحارمية وممارستها بلا تردّد رغم معرفتهم بالنتائج الكارثية التي تترتب على ممارسة هذه الاختيارات الجحيمية لأنهم يستمدون أسباب قوتهم من معين قوة (خالقهم) الذي عبّر عن مشاعر (الانتصار) والقوّة التي تملكته عندما أنهى نصّه المحارمي هذا وذلك في المقدّمة التي كتبها له: «أنهيت هذا النصّ في آب سنة 1949، وكنت منتصراً قبل أن أدخل المعركة، نجحت في امتحاني العسير لأنني كنت قوياً خلاله. وكنت قوياً لأنني أكملت عملاً استثنائياً من أعمال تصفية الذات».

قديم 12-04-2011, 12:36 PM
المشاركة 90
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في آخر لقاء صحفي قبل رحيله : فؤاد التكرلي يروي سيرته

عبد اللطيف السعدون


تاريخ النشر 22/02/2008 06:00 am

• مرحلة الخمسينيات في العراق تشبه النهضة الايطالية في القرون الوسطى

• على الكاتب أن يتفادى السقوط في هوة المباشرة !



يخطر بذهن المحاور وهو يجالس فؤاد التكرلي الروائي الذي أقترن اسمه في مطلع خمسينيات القرن الراحل بتيار التجديد في القصة العراقية المعاصرة , أن التكرلي لو لم يكن روائيا لكان شاعرا مع أنه لم يجرب كتابة الشعر , والذي يقربه من الشعر دائما تدفق أحاسيسه واكتمال رؤيته الفنية , واتضاح نوازعه وخلجاته الانسانية . وهو بهدوئه ومثابرته وصبره وتسامحه مع الذين يحاولون النيل منه , وكذا بجسده النحيف وطوله الفارع وعينيه الثاقبتين يصبح شاعرا في نظر من يجالسه أو يحاوره , وقد التقيناه في منزله في العاصمة الأردنية عمان في شهر آب ( أغسطس ) 2007 على مدى أكثر من ثلاث جلسات , وكان يستعد للاحتفال بعيد ميلاده الثمانين , اذ ولد في الثاني والعشرين من آب عام 1927 وقطع مسيرة طويلة قبل أن ينضم الى جيل الرواد في القصة والرواية العراقية والعربية , على حد سواء .

لكننا ونحن نعد هذا الحوار للنشر , وفي انتظار أن يرسل الينا التكرلي مجموعة من الصور والرسائل والوثائق الشخصية , حسب وعده لنا , صدمنا خبر رحيله الى مثواه الأخير فلم نجد سوى أن نستعين بالصبر وبالعزاء . وبتذكر الفقيد الراحل وآرائه وكتاباته .
* * *

محطات حياته شملت أماكن شتى في الشرق والغرب , لكنه ظل ملتصقا بمكانه الأول في محلة (باب الشيخ ) في بغداد , وهو في حواره معنا يبدأ من هذا المكان وينتهي اليه , لكن زمانه يظل مفتوحا على امتداد العقود الثمانية التي مرت :


* ماذا تعني محلة "باب الشيخ" بالنسبة إليك اليوم؟

- محلة "باب الشيخ" مسكونة في نفسي لحد اليوم، وقد تجاوز عمري الثمانين، مسكونة في حياتي كلها، بمعنى أني ما زلت عائشا فيها رغم مغادرتي لها، وقد كتبت عنها وأنا بعيد عنها، كانت هاجسي الأول والأخير في التعبير عما يشبه رمزها، وجذرها المعنوي في نفسي.
في هذه المحلة ولدت في 22/8/1927 ، وعشت فيها طفولتي، وقد صادف أن تركنا البيت الذي ولدت فيه وأنا في الخامسة أو السادسة، ولكن نفسي بقيت عالقة به، وما زلت أتذكر كل تفاصيله، حتى الصغيرة منها، كل حجارة من أحجاره .. كل محجر من محجراته العتيقة ، حتى " دلكاته " ، أعمدته والنقوش التي حملتها .

وحتى حديقته الصغيرة بقيت للآن جزءا من تاريخي الشخصي ، ولم يكن فيها سوى شجرة زيتون واحدة وشجرة رمان واحدة وشجرة ليمون واحدة ، ما زلت أتذكر كيف كنت أجري فيها ، أقلد فيها " طرزان " الذي شاهدته في السينما .. أتسلق أشجارها وأقفز بين شجرة وشجرة ، وأختفي فيها كما كان يفعل " طرزان " في أفلام السينما , ومازلت للآن أشعر بوجودها الحي في أعماقي !


* ظهر " البيت " الأول في أكثر من رواية وقصة لك ، كيف ترى " المكان " في الرواية؟

- المكان في الرواية والقصة هو الأساس ، اذا ما اعتبرناه يحدد " المحلية " ، أي الانطلاقة الحقيقية للجو الروائي أو للجو القصصي .

لقد كتبت " الرجع البعيد" بدءاً من مكان بيتنا القديم، أنك عندما تختار المكان فإنك تختار، ضمنه أو معه، عناصر كثيرة: الشخصيات ، المشاكل التي يعيشونها ، الأحداث التي تمر من خلالهم .. وهو يشكل أهم عناصر الرواية أوالقصة.


* تعددت الأمكنة بالنسبة إليك، حيث تنقلت بين بغداد ومدن أخرى في العراق، ثم مدن أخرى في العالم: باريس، تونس، ودمشق وأخيراً عمان، كيف تنظر إلى كل هذه الأماكن من ناحية ارتباطها برواياتك وقصصك؟

- في الحقيقة تختلف النظرة الى مكان وآخر، هناك مكان تعيش فيه ويدخل نفسك، مكان تنسجم معه وينسجم معك، مكان تتدمج فيه، وآخر لا تشعر برغبة في الاندماج فيه.

أما بالنسبة لي فاعتقد أن المكان الذي حملته دائماً، وعشت فيه مجازاً حتى اليوم هو محلة " باب الشيخ " ، فكل رواياتي وقصصي تقريباً تستند إليه، ولكن بعض الأماكن الأخرى التي أشرت إليها مرت بي، ومررت بها من دونما علامة فارقة تتركها علي، ربما اشعر أنني قضيت فيها وقتاً ممتعاً لا أكثر.. اذكر أنني عندما كنت في تونس مثلاً، على بعد آلاف الكيلومترات من " باب الشيخ " كنت استرجع " باب الشيخ " بكل تفاصيلها وادخلها في رواياتي.


* قضيت 20 عاماً تقريباً في "باب الشيخ" من الطفولة الى المراهقة وما بعدها، هل جعلت من معارفك فيها أبطالاً في قصصك؟


- في الحقيقة لا، رغم أن شخصياتهم ظلت في ذاكرتي واضحة الملامح، لكنني اخترت غيرهم من نفس المرحلة الزمنية ، وحسب حاجتي إليهم في رواياتي ، اخترتهم لضرورة التشكيل الفني للرواية.


* يقال إن الروائي ينتقي البطل، لكن يحدث أن البطل هو الذي ينتقي الروائي، هل واجهت هذا الصنف من الأبطال؟


- انني أنتقي أبطالي، كما قلت، حسب حاجتي إليهم، ولكن في "خاتم الرمل" البطل هو الذي انتقاني، وهو الذي طلب مني أن اكتب سيرته. كذلك في "المسرات والأوجاع" البطل هو الذي عرض علي حياته، أما في " الوجه الأخر" فأبطالها كانوا في دائرة الوسط ، هناك شخصية اخترتها من حادثة رواها أحد معارفي ، لأنها كانت توحي لي بأشياء كثيرة .


* كيف كان تأثير محيط الأسرة عليك؟


- عندما ولدت كان أبي في الرابعة والستين ، وحين أصبح عمري 6 سنوات كان قد اقترب أبي من السبعين ، تلك كانت مفارقة، وكان عندي خشية من المستقبل، فقد شعرت أن الحياة أوقعتني بين عجوزين : والدي الهرم وبيتنا القديم ، وقد كان والدي يدللني ويحبني كثيراً، وكان احساسي أن هذا الوضع لن يدوم لفترة طويلة.


كنت الأصغر في الأسرة، وأبي متزوج من اثنتين، أنجب من الأولى أخوين لي، ثم تزوج والدتي عام 1902 لكنها لم تنجب إلا بعد عشرين عاماً ، ولذلك فان الفارق بيننا نحن وبين أخوتنا من الأولى يصل لأكثر من 30 عاماً ، تلك كانت مفارقة أخرى ..


المفارقة الثالثة أنني وجدت نفسي وسط عائلة كبيرة ، أنا وأخي نهاد ، وشقيقتان وأمي، وجدتي وآخرون من أقارب قريبين ، بعبارة أخرى أن البيت كان مليئاً بالبشر، وكان والدي قد تقاعد من عمله كمأمور كمرك في العهد العثماني، وبراتب بسيط 5-6 دنانير شهرياً ، ومعيشتنا كانت أقل من متوسطة، لكنني لم أكن أشعر وأنا صغير بالمشاكل المالية التي تواجهها الأسرة ، على العكس كنت أحس أحياناً برفاهية غريبة .


لكن عندما بدأت الحرب العالمية الثانية أخذت حياتنا تضيق شيئا فشيئا , وحين توفي والدي عام 1942 ضربنا سيف الفقر والحرمان كثيرا .( توفي والده وعمره 15 سنة).



* ربما كان هذا هو السبب في أن تصبح في رواياتك صوتا للفقراء والمحرومين , حتى وأنت تتقدم صاعدا الى طبقة أعلى .



- لا أعتقد ان هذا هو وحده السبب فقد كانت مشاكل الفقراء تجذبني منذ بدايات عمري , وكنت أشعر بنوع من التعاطف معهم , ووفر لي عملي في سلك القضاء اطلاعا أكثر على تلك المشاكل ومعرفة مباشرة بها , وعندما بدأت أكتب الرواية كان لدي احساس بأنني لو كتبت عن أجواء الطبقات المترفة لما أمكنني أن أقدم شيئا ذا جدوى .




* متى بدأ اهتمامك بالقراءة ؟

- اهتمامي بالقراءة بدأ من السادس الابتدائي ، عام 1939 ، و بداية اهتمامي بالقراءة تؤشره حادثة طريقة فقد كان لنهاد صديق يقرأ " روايات الجيب" التي كانت تصدر آنذاك ويجمعها بعناية، ويهتم بها كثيراً ، وكان يسارع لاقتناء كل عدد يصدر منها ويصل إلى العراق من مصر .. لكنه مع قراءاته هذه كان لا يهتم بدروسه، كان كسولاً ونادراً ما ينجح في الامتحانات ، فاضطر والده أن يهدده بأنه إذا ما رسب فسيحرق كل هذه الروايات التي جمعها , وخوفاً من أن يقدم والده على تنفيذ تهديده نقل مجموعته من الروايات إلى أخي نهاد وطلب منه حفظها لديه إلى أن يجد حلاً للقضية مع أبيه .

وهكذا وضع نهاد مجموعة كتب صديقه في خزان صغير وحفظها فيه ، وشرعت من جانبي أختار يومياً أحد الكتب لاقرأه ، كان عمري 12 عاماً، وهكذا تملكتني وفي عمر مبكر، هواية القراءة .. قراءة الروايات بالذات ، وتعرفت إلى أرسين لوبين، واجاثا كريستي وستيفان زفايج وسومرست موم... وغيرهم.. كنت اقرأ أحياناً روايتين في اليوم الواحد.. وأكملت في فترة العطلة وما بعدها بشهور قليلة قراءة أكثر من 150 رواية .


* ربما كانت هذه القراءات العامل الذي شدك إلى التفكبر في كتابة الرواية ؟


- قراءاتي لتلك الروايات أعطتني القدرة على التمييز المبكر بين كتابات أجاثا كريستي مثلاً وديستويفسكي أو ستيفان زفايج أو سومرست موم أو غيرهم، كما أنها تركت تأثيرها علي، و شدتني أكثر لخوض مجال الكتابة .


* شهدت مرحلة الخمسينات تألقاً لك وظهوراً على صفحات الصحف والمجلات، كيف تراها اليوم؟

- مرحلة الخمسينات كانت مرحلة غنية بأشياء كثيرة ليس في القصة والشعر فحسب، إنما في الفنون التشكيلية ، وفن العمارة ، وفي المجالات الأخرى أيضاً .. كان ثمة نهضة غريبة تشبه النهضة الإيطالية في القرون الوسطى ، ولو أنها لم تستمر سوى فترة قصيرة ..
في تلك الفترة لم يكن يخطر ببالي أن أكون كاتباً كبيراً أو روائياً مشهوراً ، كل ما كنت أسعى اليه أن اكتب قصة مكتملة فنيا ومؤثرة ، كان شاغلي الوحيد هو التفكير في اختبار اللغة .. اختيار المضمون .. الحوار.. الشخصيات .. إلخ .

ولذلك كنت اكتب واكتب ثم أرمي في سلال المهملات ، وكتبت أكثر من 50 قصة قبل أن أشعر أن بإمكاني أن أقدم ما أكتبه إلى القارئ .


* هل كنت ترى أن ما تكتبه غير مكتمل فنيا ؟


- نعم .. وكنت أشعر أن قصصي التي اكتبها ضعيفة، لا تليق بأن تنشر، أو أن أضعها تحت أنظار الآخرين .. واستمر ذلك إلى أن كتبت رواية " العيون الخضر " عام 1950 .


* في تلك الفترة كنت ضمن شلة تكتب وتقرأ وكنتم تتبادلون الأفكار والحوارات.. إذا استعرضنا أسماء أفراد هذه الشلة كيف كنت ترى كل واحد منهم.. لنبدأ بعبد الملك نوري.

- عبد الملك نوري شخصية مهمة في حياتي ، كنت تعرفت إليه عام 1949 ربما بالصدفة ، فقد كنت في حينها قد أنجزت (10) قصص قصيرة وقدمتها إلى صديقي نزار سليم (الفنان والروائي ) لمعرفة رأيه فيها ، إلا أنه سلمها إلى صديقها المشترك ساطع عبد الرزاق لإعاداتها لي بعد أن قرر السفر إلى سوريا لإكمال دراسته اثر اخفاقه في الدراسة في بغداد ،
ومن الصدف أن يكون ساطع على معرفة بعبد الملك وأن تصل مجموعتي القصصية إلى يد عبد الملك عن هذا الطريق ، وعند اطلاعه عليها عرض أن يلتقيني في " كافيه سويس " في شارع الرشيد وقد نشأ بيننا منذ اللقاء الأول نوع من المودة، فقد أحببت صراحته وحبه للحياة رغم أنه كان خارجاً للتو من مأساة شخصية بعد افتراقه عن زوجته. وأصبحنا نتبادل قراءة كتابات أحدنا الآخر، وكان قد سبقني بالكتابة والنشر ، واشتهر في الأوساط الأدبية بقصصه التي كانت تنشرها له مجلة " الأديب" .
واستمرت علاقتنا على هذا النحو حتى وفاته رحمه الله، عام 1998 ، وكنت كلما نشرت رواية جديدة فإن النسخة الأولى منها تذهب لعبد الملك .
وآخر رسالة وردتني منه قبل أسبوع من وفاته ، كنت في حينها في تونس وقد شعرت أنني فقدت صديقاً حميماً قل أن يجد المرء مثيله .
والثاني الذي كان ضمن شلتنا هو الشاعر عبد الوهاب البياتي الذي ارتبطت به منذ زمالتنا في الصف الأول الابتدائي ، اذ كانت أسرته تسكن في نفس محلتنا " باب الشيخ " ، وبقينا سوية على مقاعد الدراسة حتى نهاية الإعدادية .
كان يبدو على عبد الوهاب ، منذ ذلك الوقت ، طابع الميل إلى العزلة والانطواء على النفس ، ولم يكن لديه أصدقاء ، وربما كنت صديقه من بين أصدقاء معدودين.
وأتذكر أن عبد الوهاب كتب أول قصيدة له عام 1943، وكانت عن بغداد، وهي من الشعر العمودي وقد عرضها علي، من باب المودة لقرائتها، وقد بقينا على علاقة عندما تخرج من كلية الآداب عام 1950 وعين مدرسا في مدرسة ثانوية بمدينة الرمادي، في حين كنت أنا أعمل قاضيا يمدينة بعقوبة، وواضبنا على التراسل فيما بيننا، وكلما كان يكتب قصيدة كان يبعثها لي، وفي حينها أصدر ديوانه الأول " أباريق مهشمة " .

وطيلة سنوات النصف الأول من عقد الخمسينات كنا، أنا وعبد الملك وعبد الوهاب وأخي نهاد ، نلتقي مساء كل خميس في " كافيه سويس " ومنها ننتقل إلى " مشرب غاردينيا " " المطل على شارع أبي نؤاس لنكمل السهرة ، التي كانت مفعمة بالحوار، والنقاش، وتبادل الآراء في الشعر والأدب والسياسة .


* هل كنتم تشعرون، في حينه، أنكم متجهون نحو حركة تجديد وريادة سواء في الشعر أو الرواية أو غيرهما ؟

- كان يسكنني هاجس أننا نحاول التجديد ، ونحاول أن نتغلب على ما يواجهنا من صعوبات.. اي أننا كنا في مرحلة تجريب لتقديم شيء مختلف عما ألفناه .

كان أخي نهاد يحدثنا باستمرار عن حركات التجديد على الساحة الفرنسية، حيث كان باستطاعته متابعتها بحكم قراءاته باللغة الفرنسية، آنذاك كانت الحركة الوجودية، طاغية سواء كأدب أو كفلسفة، وكان هناك تجديد ومراجعة داخل حركات اليسار كلها ..


* هل كنتم جزءاً من حركة يسار أو من تيار وجودي، أو كان لكل منكم اتجاهه الخاص؟


- كان لكل منا اتجاهه الخاص .. عبد الملك كان ماركسياً ، أما البياتي فأنا منذ ذلك الوقت لا أأخذ أفكاره ووجهات نظره مأخذ الجد فهو، كما عرفته دائما ، يسخر كل طاقته وعلاقاته الشخصية والسياسية لصالح إبرازه كشاعر، وللدعاية لشعره ، كان يريد أن ينسج من حوله أسطورة " الشاعر العظيم ، وقد نجح في ذلك .


* وحسين مردا ن ؟

- حسين مردان كان من أصدقاء عبد الملك ، ولم ارتح إليه في البداية وعاملته بجفاء عند تعارفنا ، وقد التقيت به للمرة الأولى بعد خروجه من السجن اثر الحكم عليه بسبب ديوانه " قصائد عارية" . بعد فترة ، أصبحنا أكثر معرفة، لكن علاقتنا ظلت فاترة .
لكنني أراه اليوم نمطاً آخر، كان متمرداً وشجاعاً حين نشر " قصائد عارية " فيما لم أمتلك أنا الشجاعة لنشر " بصقة في وجه الحياة " في حينه ، كنت أخشى أن أحاكم وأسجن ، وكنت أخاف أيضاً من الفضيحة !
+.. والآن بعد هذه السنوات الطويلة هل أنت راض عن كل ما كتبته ؟

- كنت راضياً عندما كتبته في حينه ، وأشعر الآن أن كل عمل كتبته يمثل إنجازاً فنياً، في مرحلة معينة ، والكاتب يتطلع إلى إنجاز جديد في كل مرحلة ، مختلف عما سبقه ، وهذا ما أحاوله باستمرار، فقد كتبت مثلاً " خاتم الرمل " و " المسرات والأوجاع " بسهولة كبيرة، وشعرت أنني نضجت فنياً أكثر، بينما كتابتي لرواية " الرجع البعيد " استغرقت 11 سنة، وكنت أشعر، اثناء كتابتها، أنني باستمرار أمام مشاكل وعقد علي حلها قبل أن انتقل إلى صفحات جديدة ..


* كيف تستقبل النقد بشكل عام ؟

- أغلب النقد الذي وجه لكتاباتي كان إلى جانبي ، وأنا شخصياً اشعر بالارتياح حينما أجد صدى لكتاباتي، لكنني أحياناً أواجه انتقادات جزئية صغيرة ، أو حكما مجردا بجملة واحدة ، ومن دون حيثيات على عمل بكامله ، كأن يقول شخص ما "إن هذه الرواية تافهة!"، أو أن يهاجمني شخصياً... وهذا طبعاً لا استسيغه ولا اعتبره نقداً بأي حال !.

والنقد بشكل عام يشجع الكاتب على مواصلة الكتابة وتجاوز أخطائه .


* إذا اعتبرنا كتاباتك صورة للوضع السياسي والاجتماعي العراقي، فيها خيبات وانكسارات واحباطات كتلك التي يعاني منها الوضع العراقي، ما الذين تحمله الآن بخصوص المستقبل.. أي مستقبل تراه للعراق ؟


- أرى ان الوضع الكارثي الماثل لا يمكن أن يدوم ، وهذا البلد مهم في المنطقة، لا يمكن أن يترك على حالة الحاضر، فهو اليوم أشبه بمساحة خضراء تلعب فيها الكلاب كما تشاء ... إنه أمر غير معقول، أنا أشعر بقدر من التفاؤل في أن الوضع لن يستمر هكذا!.


* هل ضمنت هذه الرؤية في عمل روائي جديد، أو ادخرت ذلك للمستقبل؟


- الواقع أنني نشرت ثلاث حواريات عن الوضع الماثل، واعتقد أن عملاً روائياً كبيراً بهذا الخصوص يحتاج زمناً أطول، لكي يتفادى الكاتب السقوط في هوة المباشرة. والكتابة بشكل وصفي عن العنف والقتل والدم... أن الروائي عليه أن يعثر على ثيمة كبيرة، وأن يخطط لعمل كبير ينجزه لاحقاً ..


* ما هي عاداتك الحميمة وطقوسك الخاصة في الكتابة .. كيف تكتب ومتى ؟

لا عادات كثيرة لدي أثناء الكتابة ولا طقوس ، وجدت دائما أن الفكرة الروائية او القصصية هي التي تقودني للجلوس والامساك بالقلم . ما يهمني غالبا ، ان أكون وحيدا وأن يكون بمقدوري الاستماع الى موسيقى هادئة ، كذلك أحب أن أكتب على ورق صقيل ، لا يهم ان كان مخططا أم لا ، وبقلم حبر رقيق الريشة .
أما وقتي المفضل فهو الليل ، منذ ساعاته المتأخرة قليلا حتى ما بعد منتصفه ، سكون الليل يمنحني هدوءا نفسيا وقابلية على التركيز .
---------------
* أجزاء مقتطعة من حوار مطول مع رائد الرواية العراقية الراحل فؤاد التكرلي , سينشر كاملا في كتاب ( حوارات ) المعد للطبع .


حسب آخر مقابلة له لقد كشف التكرلي بوضوح عن سر عبقريته الادبية فهو هذا الطفل الذي يولد لاب في عمر الرابعة والستين بعد عشرين عام زواج ، كان الموت ينتظر على الباب في تصور التكرلي الطفل يترصد والده، وكانت الحياة اقرب الى العدم وعندما سقط الوالد وعمر الولد 15 عاما ، اصبحت الحياة اكثر قساوة فصهره البؤس كما صهر غيره من المبدعين، وليس من الغريب والحال كذلك ان تكون اول رواياه " بصقه في وجه الحياة".


يتيم في سن الخامسة عشرة.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 42 ( الأعضاء 0 والزوار 42)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 02:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.