قديم 08-05-2014, 08:31 PM
المشاركة 81
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شبهات وردود:
http://saaid.net/feraq/sufyah/shobhat/01.htm

الشبهة(1) : إيجابهم اتخاذ الشيخ




ومن أقوالهم :
وصحبة شيخ وهي أصل طريقهم
فما نبتت أرض بغير فــلاحة
ومن أقوالهم في ذلك: الدين إطاعة رجل.
ومن أقوالهم : قول قائلهم «الغوث»: لو كشف عن نور الولي لعبد من دون الله.

وستكون مناقشة هذه الشبهة بعرض أقوالهم وأفعالهم وعقائدهم على القرآن والسنة قبل كل شيء:

1- يقول سبحانه في كتابه العزيز: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }.

واضح من الآية الكريمة كل الوضوح، ودون لَبْس أو إشكال أو غموض، أن من يردُّ ما يُتنازع فيه إلى غير الله ورسوله، فهو لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.

وردُّ الشيء إلى الله والرسول، يعني عرضه على الكتاب والسنة، فالقرآن كلام الله، والسنة كلام رسوله المُوحَى معناه من الله سبحانه.

والصوفية يردون كل شيء إلى شيوخهم، ويطلبون من الآخرين أن يردوه إليهم، ويكفي إيراد قولٍ واحدٍ لأحد أقطابهم:

«... وإن قال (قائل) للمريد: إن كلام شيخه معارض لكلام العلماء أو دليلهم، فعليه الرجوع إلى كلام شيخه... وإذا خرج المريد عن حكم شيخه وقدح فيه، فلا يجوز لأحد تصديقه؛ لأنه في حال تهمة لارتداده عن طريق شيخه».

- السؤال: أيها المسلم المؤمن! ما هو حكم الشريعة الإسلامية على من يقول هذا ومثله؟ أو يفعله؟ أو يعتقده؟

إن الآية الكريمة تضع الجواب الكريم: ]... فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ[، التي يُستنبَط منها: إن كنتم لا تؤمنون بالله واليوم الآخر، فردوه إلى الشيخ أو إلى من تريدون.

2- ويقول سبحانه: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.

فكل شرع في الدين، كائنًا ما كان، لم يأذن به الله فهو شرك.

والشيوخ في الصوفية يشرعون في دينهم كل ما لم يأذن به الله، ونكتفي بإيراد قول قطبهم المدَّرك:
من يذكر الله تعالى بلا شيخ، لا الله حصل ولا نبيه ولا شيخه.
فمن أين أتى بهذا التشريع؟ وما هو حكم من يأخذ بهذا التشريع الوثني؟
ونعود للسؤال؟ ما هو حكم الشريعة الإسلامية على من يقول هذا ومثله؟ أو يفعله؟ أو يعتقده؟
والآية الكريمة تقرر الجواب: ]وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[.

3- يقول سبحانه في وصف أهل الكتاب: { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.

يورد ابن كثير: سَمِعَ عدي بن حاتم الطائي (وكان نصرانيًّا فأسلم) هذه الآية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه: بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم.

وقد فعل الصوفية ذلك واتخذوا شيوخهم أربابًا من دون الله. ونكتفي بقولٍ لحجتهم الغزالي:

«... فالعلم بحدود هذه الأمور (أي المجاهدات والمقامات)... هو علم الآخرة، وهو فرض عَيْن في فتوى علماء الآخرة...».

وهو كلام واضح صريح، لا يُحتاج معه إلى غيره؛ لأنه كلام من يسمونه «حجة الإسلام»، مع أن غيره يملأ الكتب، على أنهم يُحلِّون ويُحرِّمون ويفرضون الفروض ويسنون السنن.

والسؤال: قل لنا أيها المسلم المؤمن، ما هو حكم الشريعة الإسلامية فيمن يقول مثل هذا؟ أو يفعله؟ أو يعتقده؟

وفي الآية الكريمة الجواب: { سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.

4- ويقول سبحانه: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ..}.

وقد اتخذ المتصوفة من شيوخهم أندادًا يحبونهم كحبِّ الله، بل أشد حبًّا، حتى كأن الآية أنزلت فيهم خاصة، وهذا قول مَرَّ معنا لأحد أقطابهم العظام:

«حقيقة حب الشيخ أن يحب الأشياء من أجله ويكرهها من أجله، كما هو الشأن في محبة ربنا عز وجل».

وقول الآخر: الطريق ذكر الله ومحبة الشيخ.

والسؤال: ما هو حكم الشريعة الإسلامية على من يقول هذا؟ أو يفعله؟ أو يعتقده؟

إن الآية الكريمة تعطينا الجواب الكريم: { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ }.

5- قال ربعي بن عامر لكسرى: «بعث الله إلينا رسولاً ليخرجنا من عبادة الناس إلى عبادة ربّ الناس».

وجاءت الصوفية لتعكس الآية وتعيد الشرك إلى مساره، فتخرج الناس من عبادة رب الناس إلى عبادة المشايخ وعبادة قبور المشايخ!

والسؤال: ما هو حكم الشريعة الإسلامية على هؤلاء؟ بل ما هو حكم الشريعة الإسلامية على من يتوقف في الحكم عليهم؟

6- سيقول لك المتصوفة وشيوخهم وكثير من الغافلين والمغفلين: «معاذ الله، الصوفية لا يعدون الشيوخ، لا يعدون إلا الله..» وقد يقدِّمون بعض الأمثلة الموهمة والمتداولة بينهم.

فنجيب: لا، بل يعدون الشيوخ، وهذه أقوالهم وأقوال عارفيهم وأقطابهم الذين يتبركون بالركوع أمام قبورهم ولثم حجارتها والاستغاثة بما فيها من رِمَم، وأمثلهم طريقة ذلك الذي يعتقد أنهم يقربونه إلى الله زُلفى وحسن مآب، وهذه أفعالهم كلها شاهدة عليهم بوضوح كوضوح الشمس في رائعة نهار مشمس، على أنهم يؤلهون الشيوخ ويعدونهم. ولو جمعت أقوال عارفيهم في تأليه الشيوخ لملأت ألوف الصفحات.

وإنكارهم هذا، يُسمى في الشريعة الإسلامية وفي اللغة العربية وفي جميع ما تعارف عليه البشر من أخلاق «الفجور».

- وسيقول بعضهم، متحرفًا لقتالٍ (وفي لغة العصر مناورة): هذا واقع كثير من المتصوفة، وهو من الدخن والانحراف الذي أصاب التصوف كما أصاب غيره من أمور الشريعة. والتصوف الحق بريء من ذلك.

فنقول: «شنشنة نعرفها من أخزم». إن واقع المتصوفة منذ أن وجدت الصوفية وفي كل الأمم، لا في المسلمين وحدهم، هو تأليه الشيخ وعبادته، وهي الطريق التي توصل المريد أو السالك إلى استشعار الألوهية، أما من يصل إلى الجذبة دون شيخ فيسمونه هم: «المراد»، ويعنون بها أن الله أراده فجذبه إليه. وهذا افتراء على الله الكذب؛ لأن القرآن ينفي على لسان المسيح صلوات الله عليه أن يعرف أحد ما يريده الله: {... إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ }، ونقول لهم: هذه صورة من مراوغاتكم (للالتفاف حول الهدف)، أتقنتموها أنتم وأشياخكم تظهرونها وتخفونها حسب الظروف المحيطة، وهي من أساليب التقية الواجبة في عقيدتكم الصوفية كما قال الغزالي:

وإن كان قد صح الخلاف فواجــب على كل ذي عقل لزوم التقيــة

7- وقد يأتي من لا يستحي من أن يقول: إن كلام العارفين هذا له تأويل!!

فنقول له: لقد انتهينا من خرافة التأويل، وأحبولة التأويل، ومغالطة التأويل، وخدعة التأويل، { يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }؛ لأنهم إذ يقولون هذا له تأويل، فهم يخادعون ويكذبون ويدجِّلون ويمكرون لجر المسلمين إلى زندقاتهم.

8- يدَّعون حب الله، وما أكثر أقوالهم في ذلك وفي العشق الإلهي. ومن المقامات التي يدعيها بعضهم في السلوك إلى الجذبة ما يسمونه «المحبة والشوق» إلى الله.

والله سبحانه وتعالى يقول آمرًا رسوله أن يعلمنا: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ }. فالله سبحانه يأمرنا إن كنا نحبه، أن نتبع رسوله، وهذا يعني أن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هو الدليل على حب الله، وعدم اتباعه دليل على عدم حب الله، وهؤلاء القوم يتبعون المشايخ الذين يأمرونهم بتأليه الرسول لا باتباعه. فهل هم بعد ذلك صادقون بادعائهم حب الله؟

الجواب: هو ما تقرره الآية الكريمة، بأنهم لا يحبون الله، وهذا هو واقعهم، فهم يحبون الجذبة واللذة التي يجدونها أثناء الجذبة والتي تستغرق كل خلية في كيانهم، وهي لذة تحشيشية جنسية يتوهمون أنها إلهية، ثم بعد أن يقعوا في الجذبة عددًا كافيًا من المرات، يُصابون بمرض الإدمان، مثل الإدمان الذي يصيب متعاطي الأفيون تمامًا، حتى إذا ما امتنعت عليهم الجذبة في بعض الأحيان لسببٍ ما، أصيبوا بنفس الأعراض التي تصيب مدمن الأفيون عندما ينقطع عنه، من وله قاتل وصداع وما يشبه الجنون. وهذا هو ما يسمونه «العشق الإلهي» الذي يظهر في بولهم.

النتيجة: الذين يتبعون المشايخ لا يحبون الله، إذ لو كانوا يحبونه لاتبعوا رسوله.

ويقول سبحانه: { اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } ، هذا أمر من الله، يكفر من يخالفه.

وهؤلاء القوم يتبعون من دونه المشايخ، يأمرونهم بكل ما لم ينزل به الله سلطانًا فيأتمرون به! يأمرونهم بالركوع للشيخ فيركعون! يأمرونهم بالرابطة التي يسمونها «شريفة» فيطيعون! يأمرونهم بالرقص فيرقصون! يأمرونهم بأوهام كشوفهم في العقائد والعبادات فيأتمرون! فهل يكونون بعد ذلك من أهل القرآن؟!

إن أهل القرآن هم الذين يعملون بأوامره وينتهون عن نواهيه.

9- يقول سبحانه: { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا }. فهل يتبعها هؤلاء القوم؟ طبعًا لا؛ لأنهم عندما يتبعون مشايخهم فقد خرجوا من اتباع الشريعة. وقد مَرَّ معنا قول أقطابهم للخادم: «كُلْ ولك أجر صوم شهر، وكُلْ ولك أجر صوم سنة»، وموافقة عالمهم القطب القشيري على ذلك.

فهل هذا هو اتباع للشريعة الإسلامية؟ طبعًا لا!

10- رأينا قول أبي مدين المغربي في الشيخ:
ففي رضاه رضا الباري وطاعتــه *** يرضى عليك فكن من تركها حـذرًا

وقول عبد القادر الجيلاني: إذا لم تفلح على يدي لا فلاح لك قط.

وقوله: والتحبب إلى الشيوخ من الأولياء والأبدال إذ ذاك سبب لدخوله في زمرة الأحباب.

وغيرها، وغيرها من الأقوال التي تملأ ألوف الصفحات. فما هو حكم الإسلام في ذلك؟

يقول سبحانه: { فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }.

إن المتصوفة هم أول من تنطبق عليهم أحكام هذه الآية باتخاذهم أولياء من دون الله ليقربوهم إلى الله زلفى..

- والسؤال: لم إذن يقدسون الشيخ هذا التقديس؟ وما هي فائدته؟

- إن للخضوع الكامل للشيخ ولعبادته وتقديسه فائدتين عظيمتين:

أ‌- خرق العادة: فمن القواعد المقررة أن الشياطين لا تقدم خدماتها للساحر إلاَّ بعد أن يكفر: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ }، والسحر هو الكهانة، وهي الصوفية؛ فكلما ازداد المريد غلوًّا في إشراكه الشيخ بالله، كلما ازدادت أمامه الخوارق الشيطانية، التي يسمونها «كرامات»، ويعزونها إلى المدد المفاض عليهم من الشيخ!

ب‌-التحقق أثناء الجذبة بالفناءات في الله: «الفناء في صفات الله وفي أسمائه وفي ذاته»، أو «التحقق بالألوهية»، وذلك أن المجذوب يرى في أحلام جذبته، صورًا هي خليط من انطباعات قديمة وحديثة مستقرة في أعماق لاشعوره، تختلط مع أماني وطموحات تسربت إلى أعماق نفسه من المحيط الذي يعيش فيه، وهذا هو نفس ما يراه متعاطي الحشيش والأفيون وعقار الهلوسة، ومن دون الشيخ تكون رؤى المجذوب مثل رؤى الحشاش، تدور حول الجنس واللهو واللذة أو الحقد والحسد، لكن الشيخ، بخبرته التي استقاها هو أيضًا من شيخه، يغرس في نفس المجذوب طموح العروج إلى السماوات والعرش والجلوس مع الله (جل الله)، ثم الفناء فيه بحيث يرى نفسه أنه جرء منه (سبحانه)، أو أنه هو هو بكامل أسمائه وصفاته (سبحانه وتعالى عما يصفون)، ويرى في أحلام جذبته أنه يتصرف بالكون، ويقول للشيء: كن، فيكون. ولا ينجح الشيخ بهذه المهمة إلا إذا كان المريد قد عجن عقله وعواطفه ونفسه كلها بحب الشيخ وتقديسه وطاعته، بحيث تغدو كلمة الشيخ جزءً من كيان المريد لدى التلفظ بها.

ويجب أن لا ننسى أن قوة شخصية الشيخ وجاذبيته تلعبان دورًا هامًّا في استقطاب قلوب مريديه وعواطفهم حوله وتساعدان على تهيئتهم لرؤى (تحشيشهم الروحاني) التي يسمونها «الكشف».

وفي هذا يقول الغزالي:
«... فكذلك المريد يحتاج إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض، وسُبل الشيطان كثيرة ظاهرة، فمن لم يكن له شيخ يهديه قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة، فمن سلك سُبل البوادي المهلكة بغير خفير فقد خاطر بنفسه، وأهلكها، ويكون المستقل بنفسه كالشجرة التي تنبت بنفسها... فمعتصم المريد بعد تقديم الشروط المذكورة شيخه، فليتمسك به تمسك الأعمى على شاطئ النهر بالقائد.. أهـ.

ولذلك قالوا أيضًا: «من لا شيخ له فشيخه الشيطان»؛ لأن رؤاه تكون مثل رؤى الحشاشين تمامًا.

- وأخيرًا، لنقرأ قوله سبحانه: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ }.

ولم يقل سبحانه: قد أفلح الذين يتمسكون بالشيخ، أو لا فلاح إلا باتباع شيخ، أو من لا شيخ له فشيخه الشيطان.. أو بقية الشركيات.

- وهنا يقف المسلم الصادق أمام أمرين لا ثالث لهما، إمّا أن يؤمن بالقرآن الكريم ويكفر بهؤلاء القوم وبعقيدتهم، وإمّا أن يؤمن بهم وبعقيدتهم ويكفر بالقرآن الكريم، وأي طريق آخر لا وجود له إلا بالمراوغة والدجل .

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 603 – 611 بتصرف يسير ) .

المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:32 PM
المشاركة 82
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لشبهة(2) : شبهة الرياضة ( المجاهدة ) وما فيها من جوع وصمت وخلوة ..الخ




لنبدأ مناقشة هذه الشبهة بقراءة آياتٍ من كتاب الله:
{ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }.
{ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي }.
{ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.
{ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو رسول الله، لا يأتي من عنده بشيء في التشريع مطلقًا، وكل شيء يأمر به وينهى عنه فهو اتباع لما يوحى إليه.

{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى }.
ويأمره الله سبحانه، والأمر موجه لكل من يتبع الرسول:
{ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَ }.
{ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء }.
{ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ }.
{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ }.

والآيات كثيرة، والأحاديث كذلك كثيرة، منها:

«وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».

«من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ».

ومن القواعد الأصولية المقررة: كل العبادات باطلة إلا ما نزل به نص.

فهل يتبع الصوفية آيات الله وأحاديث رسوله، فيما يسمونه افتراءً «السير إلى الله»، وما هو إلا السير إلى الجذبة، وإلى الرؤى العصابية والشيطانية التي يستشعرونها في الجذبة. هل يتبعون آيات الله وأحاديث رسوله؟!

1- الخلوة:
ليست من العبادات الإسلامية، ولا خلوة في الإسلام، وهي بدعة محدثة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد أصحابه وتابعيهم وتابعي تابعيهم.

إنها بدعة محدثة في الإسلام، أما في الأمم الأخرى فهي قديمة قِدم الكهانة.

2- الصمت:
وهو مناقض للعبادة في الإسلام، إذ العبادة هي أقوال وأعمال معينة، علَّمها الرسول للمسلمين ليتبعوها ولا يتبعوا غيرها، (وإلا فما هي الفائدة من رسالته؟).

ولا يوجد أي نص يجعل الصمت من العبادة الإسلامية، فهو بدعة.

وهو موجود في كل الأمم التي بُنيت عقائدها على الكشف والإشراق.

3- الجـوع:
فرض الله سبحانه صيام رمضان، وسن رسوله صلى الله عليه وسلم صيام أيام آخر، وحَرَّم الوصال في الصيام، كما أمر أن يكون الصيام في غير رمضان متقطعًا.

وجوع الصوفية هو صيام أيام كثيرة لا يفطرون فيها مع المغرب، ولا سحور فيها، بل جوع مستمر حسب الأسلوب الكهاني الموجود في الهندوسية والبوذية والجينية والطاوية وغيرها، فهو ليس من العبادات الإسلامية، وليس من الإسلام في شيء، وهو بدعة.

4- السهـر:
الوارد في الإسلام هو قيام الليل ضمن الحدود التي رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: «... ولكني أُصلي وأنام، وأصوم وأُفطر.. فمن رغب عن سنتي فليس مني».

فليس السهر من الإسلام، ولا من عبادات الإسلام، ولا من المعمول به في الإسلام، وقد رأينا قول رسول الإسلام فيه وفي الجوع: «فمن رغب عن سنتي فليس مني»، أي: إن الذين يقومون بهذه الطقوس ليسوا من رسول الله، وبالتالي ليسوا من الإسلام.

5- تعذيب النفس بالضرب (كما كان يفعل الشبلي وغيره)، أو بالوقوف على رجل واحدة طيلة الليل، أو غير ذلك مما هو مستفيض في كتبهم، فهذا واضح البطلان، وهو من تلاعب الشياطين بهم، وليس الله سبحانه بحاجة أن يضربوا أنفسهم ويعذبوها ليرضى عنهم: { هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }، إنما يرضى الله عن المؤمنين إذا عبدوه كما أمرهم (لا كما يبتدعونه أو يقلدون به أصحاب الوثنيات)، ويرضى سبحانه عن المؤمن إذا أدى لكل ذي حق حقه.

· ملاحظة هـامة:

من أساليب القوم في المغالطة والمخادعة، قولهم: إنهم يتأسون، في الخلوة وتوابعها، بمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه كان قبل الرسالة يختلي أيامًا كثيرة في غار حراء.

هذه المغالطة، مثل غيرها، فيها جهل غبي، أو تجاهل ماكر؛ لأن الآية الكريمة تقول: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.. }.

ولم يصبح محمد «رسولَ الله» إلا بعد أن نزل عليه الوحي بالرسالة، أما قبلها فقد كان إنسانًا كبقية الناس على الإطلاق، لا يمتاز عنهم إلا بأخلاقه الكريمة، يقول سبحانه: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ }، وهذه الآية واضحة كل الوضوح، لا لبس فيها ولا غموض، بأن الفرق بينه صلى الله عليه وسلم وبين بقية البشر، هو الوحي.

ويقول سبحانه: { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُول }، ويقول: { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ.. }، ويقول صلى الله عليه وسلم : «أنا فيما لم يوحَ إليَّ كأحدكم».

ونعود إلى آية التأسي، إنها تأمرنا أن تكون أسوتنا برسول الله (الذي ينزل عليه الوحي)، وذلك لأن (رسول الله) معصوم بالوحي، أما قبل الرسالة فلم يكن معصومًا، لأنه لم يكن يُوحى إليه صلى الله عليه وسلم .

وفي واقع الأمر، إصرارهم على القول بالتأسي بمحمد قبل الرسالة، منبثق عن:

1- عقيدتهم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم وصل إلى النبوة بالمجاهدة والرياضة، وأن النبوة هي فتح مثل فتوحهم، وهم بالتالي، لا يعتقدون أن النبوة فضل من الله سبحانه يجعلها حيث يشاء.

2- منبثق عن عقيدتهم بما سموه «الحقيقة المحمدية» النابعة من «وحدة الوجود»، الباطلة الكافرة.

3- عن إنكارهم للمعنى الشرعي الصحيح لآيات القرآن وأحاديث السنة، وتأويلهم لها لتتفق مع كشفهم، كما صرَّح بذلك حجتهم الغزالي، وكما نراه معمولاً به في كتبهم.

4- عقيدتهم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم معصوم عصمة ذاتية، وليس بالوحي! وأنه أخذ علومه عن طريق الكشف، لا عن طريق جبريل عليه السلام، كما صرَّح بذلك حجتهم الغزالي وغيره.

أخيرًا..

المجاهدة، أو الرياضة، بكل عناصرها، ليست من الإسلام، ولا من عقيدة الإسلام، ولا من عبادات الإسلام، ولا من سنن الإسلام، ولا من مستحبات الإسلام، ولا من فضائل الإسلام، ولا من ممارسات الإسلام، ولا من عادات الإسلام، ولا من الأعمال المأجورة في الإسلام، ولا من الأعمال المشكورة في الإسلام.

إنما هي طقوس كهانية، مارستها وتمارسها الأمم الوثنية، تقود إلى الجذبة، لا إلى رضى الله تعالى.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 613 – 617 بتصرف يسير ) .

المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:32 PM
المشاركة 83
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(3) : الذكر عند الصوفية ومدى شرعيته




لم أعثر في حدود اطلاعي، عند إشراقيي الأمم الأخرى، على وجود ممارسة للذكر بمداه الواسع وشكله الأساسي الموجودين عند متصوفة المسلمين.
ففي الأمم الأخرى، يعتمدون أساسًا على الرياضة (الخلوة والجوع والصمت والسهر)، مع تركيز البصر على نقطة ما، مدة طويلة، مع تعذيب النفس في أكثر الأحيان، وهم – أثناء الرياضة – يُركزون الفكر ويثبتونه على كلمة ما، فعند الهندوس مثلاً، يأخذ السالك في رياضته إحدى وضعيات اليوغا، ويركِّز بصره على شيء ما، ثم يركِّز فكره في كلمة «أوم» التي هي عندهم الاسم المستتر لبراهمان، أو «راهام».

قد تدوم مثل هذه الرياضة مدة طويلة جدًّا ، ومن حين لأخر يعمدون إلى الرقص العنيف والموسيقى الصاخبة المدوية يصاحبها الزعاق، ثم يعودون إلى رياضتهم.

- والخضوع المطلق للشيخ (السامانا) الأكبر هو محور كل مجاهداتهم.

تسبب هذه المجاهدة؛ مع الاستمرار والزمن، إفراغًا لمراكز الوعي والشعور في الجملة العصبية، وهي حالة «الاستخدار» التي تجعلها في استرخاء يفقدها كثيرًا من فعالياتها، ويهيئها للتأثر بكمية من المخدر، أي مخدر، أقل من الكمية المؤثرة في الحالة العادية، كما تدفع الجسم لإفراز المادة المخدرة بكمية أكبر من المعتاد.

لكن هذه الرياضة تحتاج إلى كثير من قوة الإرادة والصبر، كما تحتاج إلى العزلة التامة.

على أن متصوفة المسلمين عرفوا أسلوبًا سهَّل عليهم الأمر كثيرًا.. إنه ترديد كلمة ما، كائنة ما كانت، بشكل مستمر دون انقطاع، ليلاً ونهارًا، وهو ما سموه «الذِّكر».

وهذا الذِّكر المستمر يساعد كثيرًا على الوصول إلى حالة الاستخدار، ثم إلى الخدر «الجذبة» بمدة أسرع.

لكن هل صحيح ما يدعيه متصوفة المسلمين أمام الناس، أن ذكر الله، سواء بالاسم المفرد «الله» أو بالأذكار الإسلامية الأخرى، أو بأذكارهم وصلواتهم التي يبتدعونها، هي التي تقود إلى الجذبة؟

الواقع خلاف ذلك! فها هم أقطابهم وعارفوهم وعلماؤهم، يؤكدون أن ترديد أي كلمة كانت، أو أي جملة، بصورة مستمرة، مئات الألوف من المرات، أو ملايينها، يؤدي إلى الجذبة، بعد مدة قد تطول وقد تقصر.

وهذه أدلة من أقوالهم في ذلك:

يقول ابن عطاء الله السكندري:

«... والذِّكر تختلف أنواعه وتعدد، والمذكور واحد لا يتعدد ولا يتحدد..».

- لننتبه إلى قوله: «لا يتحدد» وماذا تعني.

ويقول: ... ورُوي أن أبا القاسم الجنيد رحمه الله تعالى قال لبعض خواص أصحابه: إن اسم الله الأعظم هو «هو»... وذُكر أن أهل المعرفة في هذا الاسم على أربعة أصناف أيضًا: فعارف قال: «الله»، وعارف قال: «هو»، وعارف قال: «أنا»، وعارف بهت...

- ما هو معنى قوله: «وعارف بُهت»؟ ولِم بُهِت؟ أظن الجواب واضحًا، إنه بُهت؛ لأنه عرف أن كل شيء هو اسم الله الأعظم.

ومن النصين نفهم أن الذكر يمكن أن يكون بترديد كلمة «الله الله الله الله»، أو «هو هو هو هو»، أو «أنا أنا أنا أنا»، أو الأشياء التي جعلت العارف يُبهت.

ويقول ابن عطاء الله أيضًا:

... أما المسلوب الاختيار فهو مع ما يرد عليه من الأذكار وما يرد عليه من جملة الأسرار، فقد تجري على لسانه «الله الله الله»، أو «هو هو هو هو»، أو «لا لا لا لا»، أو«آه آه آه آه»، أو صوت بغير حرف، أو تخبط، فأدبه التسليم للوارد؛ وبعد انقضاء الوارد يكون ساكنًا ساكتًا، وهذه الآداب لمن يحتاج إلى ذكر اللسان، أما الذاكر بالقلب فلا يحتاج إلى هذه الآداب...

ويُورد عبد الوهاب الشعراني ما يُشبه هذا، يقول:

... وقال سيدي يوسف العجمي رحمه الله: وما ذكروه من آداب الذكر محله في الذاكر الواعي المختار، أما المسلوب الاختيار، فهو مع ما يرد عليه من الأسرار؛ فقد يجري على لسانه «الله الله الله الله»، أو «هو هو هو»، أو «لا لا لا» ، أو «آه آه آه»، أو «عا عا عا عا» أو «آ آ آ آ»، أو «هـ هـ هـ»، أو «ها ها ها»، أو صوت بغير حرف، أو تخبيط، وأدبه عند ذلك التسليم للوارد.

ويقول ابن عربي:

... فأغلِق بابك دون الناس، وكذلك باب بيتك بينك وبين أهلك، واشتغل بذكر الله بأي نوع شئته من الأذكار، وأعلاها الاسم، وهو قولك: «الله الله الله»...

- نفهم معنى قوله: «بأي نوع شئته من الأذكار» من قول آخر له: «.... فما عُبد غير الله في كل معبود..».

- يعني أن كل ما عُبد من صنم وشجر وبشر وغيره هو الله، ويمكن للذاكر أن يذكر بما يريد من أسماء المعبودات التي عبدت في كل الوثنيات، كأن يردد مثلاً: «هبل هبل هبل هبل..»، أو «جيلاني جيلاني جيلاني..»، أو «جذبة جذبة جذبة جذبة...»، أو «لينين لينين لينين لينين...»، أو «إنتاج إنتاج إنتاج إنتاج....»، أو «مقام مقام مقام مقام...»، أو «ضريح ضريح ضريح ضريح..»، أو «رفاعي رفاعي رفاعي..»، وغيرها.

ويروي ابن عجيبة قصة الششتري، فيقول:

... وكذلك قصة الششتري رضي الله عنه مع شيخه ابن سبعين؛ لأن الششتري كان وزيرًا وعالمًا، وأبوه كان أميرًا، فلما أراد الدخول في طريق القوم، قال له شيخه: لا تنال منها شيئًا حتى تبيع متاعك وتلبس قشابة وتأخذ بنديرًا وتدخل السوق؛ ففعل جميع ذلك، فقال له: ما نقول في السوق؟ فقال: قل: «بدأت بذكر الحبيب»، فدخل السوق يضرب بنديره ويقول: «بدأت بذكر الحبيب»، فبقي ثلاثة أيام وخُرقت له الحجب...

- نلاحظ أن ذكره هنا ليس فيه شيء من أسماء الله الحسنى.

وكتب ابن سبعين إلى حد مريديه «في الرسالة النورية»:

... وجميع ما توجه الضمير إليه، اذكره به ولا تبال، وأي شيء يخطر ببالك سمِّه به، ومَن اسمه «الوجود» كيف يخصص بأسماء منحصرة؟! هيهات! الله لا اسم له إلا الاسم المطلق أو المفروض، فإن قلت: نسميه بما سمى به نفسه أو نبيه، يقال لك: إن من سمى نفسه «الله» قال لك: أنا كل شيء، وجميع من تنادي أنا.. وبعضهم كان يقول: قد قد قد هذا هذا هذا له له له...

ويقول ابن أنبوجة الشنقيطي في «وصف العارف»:

... فهو (أي العارف) الخليفة الأعظم، إذ لا اسم له يختص به؛ فإن أسماء الوجود كلها أسماؤه، لتحققه بمراتبها، ولكونه هو الروح في جميع الموجودات، فما في الكون ذات إلا وهو الروح المدبر لها والمحرك والقائم فيها، ولا في كرة العالم مكان إلا وهو حالٌ فيه ومتمكن منه، فبهذا الاعتبار لا اسم له يتميز به عن الوجود...

- نرى في هذا النص أنهم يسبغون على العارف صفات هي نفس ما يسبغونه على الله (تعالى الله عما يقولون)، وعليه يمكن ذكر الله بترديد كلمة: «عارف عارف عارف عارف..» أو «عمر بن الفارض عمر بن الفارض عمر بن الفارض..»، أو «الغزالي الغزالي الغزالي الغزالي..»، أو «الشيخ الشيخ الشيخ الشيخ..»، أو «سيدي سيدي سيدي سيدي..» الخ.

ويقول أبو الهدى الصيادي الرفاعي:

... والفناء، حقيقة سر الاعتقاد به من سر قوله عليه الصلاة والسلام: «لو اعتقد أحدكم على حجر لنفعه».

- الحديث مكذوب، والاعتقاد به كفر؛ لكن يهمنا أنهم يؤمنون به، ويؤمنون أن الاعتقاد به ينفع، ومنه إن ذكر ذاكر اسم «حجر حجر حجر حجر»، أو «قبة قبة قبة قبة»، أو «صخرة صخرة صخرة صخرة..» نفعه (في الوصول إلى الجذبة طبعًا).

يردد علي نور الدين اليشرطي نفس القول:

... لو اعتقد أحدكم بحجر؛ لنفعه، وقال: ليس الحجر الذي ينفع، إنما هو الاعتقاد.

- طبعًا، إنهما لم يقررا هذا الحكم إلا بعد تجارب، ويجب أن ننتبه إلى أنه ينفع في التصوف والكهانة والسحر فقط؛ (لأن الصوفية هي نفس الكهانة، والسحر بعضها)، ولا ينفع في شيء غيرها.

ويقول محمد بهاء الدين البيطار:

... فأسماء الله على الحقيقة أعيان العالم وحقائقه، ومظاهر الأسماء هي صور العالم، فلكل اسم إلهي من الصور ما لا يتناهى؛ فكل ما أمات مثلاً من ثعبان أو سيف أو رصاص أو حجر أو عصا فهو صورة من صور الاسم «المميت»، ومعنى المميت: شأن من شئون الذات الإلهية، وهو عين الذات...

ويقول ابن سبعين في «الرسالة النورية» يخاطب أحد المريدين:

...هذه الكلمات التي نذكرها لك مرموزة مني، غير أن الذاكر ينتفع بها، وهي: عمرش أش عمر صح راهيا إيداحا أيهم أردع صعر عرجم كعلم... فقل إذا وجدت البحر والوجود والحمد: قهوم طمس هوالم صعنج ذلك الله ربكم يايايا...

- بديهي أن ابن سبعين لم ينصح مريده بالذكر بهذه الأسماء إلا بعد تجريبها.

- وكما فهمنا من نصوصهم، الذكر يقود إلى الجذبة التي هي الغاية، وفي الطريق قد يحصل للذاكر بعض الخوارق، وينصحونه ألاَّ يهتم بها؛ لأنها تحجبه عن الغاية المنشودة.

والطريق إلى الجذبة قد يقصر وقد يطول، حسب استعداد السالك النفسي والفيزيولوجي، ولعل الذكاء الفطري العالي يبعد الوصول إلى الجذبة! ولعل الغباء الفطري يقصر الطريق إليها.

* وخلاصة لما تقدم:
الذكر بترديد أي كلمة كانت مقرر من كبار عارفيهم، فلا مجال للاعتراض عليه أو الشك فيه، إنهم يقدمونه لمريديهم قاعدة يسيرون عليهم في مسيرهم إلى... الجذبة.

ومن البديهي أنهم لم ينصحوا به مريديهم إلا بعد تجربة.

ومنه تعلم أن حقيقة ذكرهم ليست مرتبطة بذكر الله سبحانه، وما التزامهم الاسم «الله» أو عبارات الثناء عليه ودعائه إلا أسلوب ذكي لإلباس التصوف رداء الإسلام، وضعه لهم سيدهم الجنيد، وتوسع فيه حجتهم الغزالي، وهو أحد مظاهر الطريقة البرهانية الغزالية، التي يسمونها «التصوف السنِّي».

وذكرهم كله، موضوعه، وشكله، وزمانه، ومكانه، هو بدعة كله، غريب عن الإسلام كله، ومن الردود المفيدة عليه وعليهم، هو رد الإمام النووي رحمه الله.

لقد اتصل الإمام النووي في أول وصوله إلى دمشق، وهو صغير، بالمتصوفة، وسار في طريقهم، وعندما اتسعت معارفه وفهم الإسلام، ترك الصوفية دون ضجيج، ورد عليهم بكتابين:

1- رياض الصالحين: يُبين فيه بالنصوص الصحيحة (إلا قليلاً منها) طريق الصلاح، وحيث يتبين طريق الصلاح، فكل الطرق من دونه ضلال.

2- الأذكار: يُبين فيه الأذكار الإسلامية ، نصوصها، وأوقاتها، وأماكنها، كل ذلك بأسانيد أكثرها صحيح، وإذ يتبين ذلك، يتبين أن الذكر الصوفي الذي يستعمله السالكون إلى الجذبة، ليس من أذكار الإسلام.

- من جهة ثانية:

كل عبادة في الإسلام لها شروط وأركان.

ويوجد شرط مشترك لكل العبادات الإسلامية (مر معنا في بحث «البدعة»)، وهو: «كل العبادات باطلة إلا ما ورد به نص»، وبصيغة أخرى: «لا عبادة دون نص».

والذكر عبادة، فهو يحتاج إلى النص، وإلا فلا يكون عبادة.

وذكر الصوفية من حيث الشكل واللفظ (إذا كان بالاسم المفرد أو «بما شئت من الأذكار» الواردة آنفًا)، لا نص فيه، والنصوص التي يقدمونها، إنما يلفقونها بالتأويل والترقيع، إذن، فهو ليس عبادة.

كما أن للذكر في الإسلام أركانًا: نجدها في الآية الكريمة: { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ }.

يهمنا في بحثنا هنا قوله سبحانه: { فِي نَفْسِكَ...وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ }، فعبارة { فِي نَفْسِكَ } تعني: ألا تسمع نفسك، وعبارة: { وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ } تعني: ألا يسمعك جارك؛ لأن الجهر هو ما يستطيع سماعه الجار.

إذن، فيجوز في الذكر أن يُسمِع الإنسان نفسه وأن لا يُسمعها.

وأما الجهر، فمنهيٌّ عنه بأكثر من آية وأكثر من حديث.

مع ملاحظة أن هناك حالات نص عليها الشارع، يجب فيها رفع الصوت بالذكر أو يجوز، كما في التلبية بالحج، وقبل صلاة العيدين، وفي التعليم، والحالة العفوية، ولتذكير الغافلين (حيث يجهر بعبارة الذكر مرة أو مرتين فقط)، وليس تفصيل هذه الأمور داخلاً في موضوعنا.

وكل محاولة أو مراوغة لاختراق الحدود التي رسمها الشارع من أجل التوسع بمدلول النص لتبرير الأساليب المبتدعة، هي محاولة باطلة، وهي بدعة وهي ضلالة، { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }

وتعرف الحدود الشرعية من النص، أو من فعل الرسول r، ومن فعل أصحابه.

والأذكار التي يستعملها الصوفية في الخلوة أو السياحة وفي الحضرة وفي مجلس الذكر أو مجلس الصلاة على النبي أو بعد الانتهاء من الصلاة، كلها فاقدة لشرط وركن معًا، أو لأحدهما على الأقل، لذلك فهي باطلة، وهي بدعة، وهي ضلالة.

والباطل لا يقود إلا إلى باطل.

وإن كلمة قالها الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان «أمين سر رسول الله r» لهي كافية لحسم هذا الموضوع، قال: كل عبادة لا يتعبدها أصحاب رسول الله r فلا تَعَبَّدوها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً.

- هذا إن كان الذكر بالأسماء الحسنى أو بعبارات الثناء على الله.

أما إن كان بغيرهما مما يقرره كهانهم من أسماء حجارة أو أوثان أو قبور أو غيرها فهي واضحة الزندقة بيّنة الكفر، وهي من الوثنية التي جاء الإسلام ليحاربها باعتبارها المصدر الرئيسي لكل الشرور، وهي السحر وهي الكهانة.

* قصة مرسلة:-
مستشار في محاكم الاستئناف في مدينة حلب، كانت تجمعه الصلاة في المسجد مع بائع شراب متجول، وفي ذات مرة، طلب إليه البائع أن يجرب أن يقرأ بعد كل وقت من أوقات الصلاة، الكلمات: «بطدٍ زهجٍ واحٍ يا حي ياهٍ» مائة مرة، وبعامل الفضول، صار المستشار يرددها بعد كل صلاة...

بعد ثلاثة أيام، بينما كان جالسًا على قوس المحكمة يفصل في قضايا الناس، إذا به يرى أمامه بيته وأهله يقومون بأعمالهم حسب المعتاد، وعندما رجع إليهم بعد الظهر، سألهم عما كانوا يفعلونه في ذلك الوقت؟ فكان في بعض ما رآه بعض ما كانوا يفعلونه.

وصارت مثل هذه الحالة تتكرر أمامه كلما كرر تلاوة الأسماء.

فِقرة من كتاب صوفي:-
... ولِحرف الباء خلوة، وخادمه مهيائيل، فإذا أردت استخدامه اكتب الحرف وضعْه في رأسك بعد الرياضة، واتل الدعوة والقسم دبر كل صلاة 31 مرة، واتل العزيمة والرياضة 40 يومًا، فإن الملك يحضر ويقضي حاجتك، ومهما أردته تبخر وتقول: أجب يا خادم حرف الباء، فإنه يحضر...

- إن كتب التصوف المحض، والتي لم تؤلف للخداع والتضليل والمراوغة، ملأى بمثل هذه الفقرة، وهي واضحة كل الوضوح في أن التصوف هو السحر، والفرق بينهما أن الصوفي مخدوع مراوغ، والساحر صادق.

ويكفي للدلالة على أن الصوفية هي السحر، الرجوع إلى كتاب «شمس المعارف الكبرى» للبوني، وكتاب «مجموع ساعة الخير» لابن عربي، و«المضنون به على غير أهله» للغزالي، و«صفحات من بوارق الحقائق» للصيادي، وغيرها..

لكن أقطاب التصوف العارفين بالله يتواصون فيما بينهم بتأليف الكتب الموهمة أنها من الإسلام، ذات المظهر الإسلامي الخداع؛ لأن الحكمة تقتضي ذلك، وطبعًا هم يفعلون ذلك عن إخلاصٍ وإيمانٍ بما يفعلون، شأن أي متدين مخلص لدينه ومؤمن به.

وقبل الانتقال إلى البحث التالي، يجدر الانتباه إلى أن المتصوفة قد يستعملون الأذكار الإسلامية حسب المنهج الإسلامي، ويكون هذا منهم عملاً صحيحًا، لكنه لا يكون أبدًا تبريرًا لأذكارهم الصوفية حسب المنهج الصوفي.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 618 – 627 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:33 PM
المشاركة 84
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(4) : الحضرة الصوفية هل هي شرعية ؟




الحضرة الصوفية تكون: جالسة صامتة، أو جالسة صائتة، أو راقصة (بنقص أو من دون نقص).

1- الجالسة الصامتة:

في الرد عليها يكفي حكم عبد الله بن مسعود، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (كما يرويه الحافظ الذهبي في «التذكرة»): «خذوا عهدكم عن ابن أم عبد».

نجد حكم عبد الله بن مسعود هذا في «سنن الدارمي»:

... عند عمر بن يحيى قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه، قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة (أي الفجر)، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخَرَجَ عليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعًا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته، ولم أرَ والحمد لله إلا خيرًا. قال: فما هو؟ قال: إن عشت فستراه.. رأيت في المسجد قومًا حلقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبّروا مائة مرة، فيُكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة مرة، فيُهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة مرة، فيسبحون مائة. قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء. ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكُم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء أصحابه متوافرون، وهذه ثيابه لم تبلَ، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة. قالوا: والله! يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله، لا أدري، لعل أكثرهم منكم...

- الرجاء ملاحظة أن الجلسة النقشبندية هي مثل هذه الجلسة.

2- الحضرة الجالسة الصائتة:

في الرد عليها نذكر ما يلي:
- الآية الكريمة: { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ... }، وهؤلاء يجهرون بذكرهم، كما يخلو ذكرهم من التضرع والخيفة.

- الحضرة بجميع أنواعها، ومثلها هذه، بدعة تنطبق عليها كل الأحاديث الواردة في البدعة، والتي رأيناها قبل قليل.

- حديث ابن مسعود السابق هو رد عليها كما هو رد على الجالسة الصامتة.

- قول حذيفة بن اليمان: «كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله فلا تعبدوها»، رد عليها وعليهم.

وبالتالي، هذه الحضرة«الجالسة الصائتة» هي مثل غيرها، بدعة، فهي مردودة عليهم.

3- الحضرة الراقصة (وكلها صائتة):

إن جميع الردود على البدعة وعلى أساليبهم في الذكر، وعلى الجالسة الصامتة، وعلى الجالسة الصائتة، هي ردود على الحضرة الراقصة، يضاف إليها:

- هي نفس صلاة اليهود!

جاء في المزمور (149) عدد (3): «ليسبحوا اسمه برقص، بدُف وعود، ليرنموا له..».

وفي المزمور (150): «سبحوه بدف ورقص، سبحوه بأوتار ومزمار، سبحوه بصنوج التصويت، سبحوه بصنوج الهتاف...».

- وثنيو إفريقيا السوداء «الفيتيشيون» عباداتهم كلها رقص وسماع.

- الهندوس، صلاتهم لأصنامهم مثل الحضرة الراقصة، يتوسطهم الكاهن أمام الصنم، يرقصون ويهزجون، أي إن صلاتهم هي رقص وسماع وقرع أجراس.

· الخلاصــة:-

الحضرة الصوفية بجميع أشكالها، بدعة، ونقض للآيات والأحاديث، وتَشبُّه كامل بالطقوس اليهودية والوثنية، (فيتيشية وهندوسية وجينية وطاوية..).

- أما كونها نقضًا للآيات والأحاديث؛ فهي كفر وزندقة ورِدة.

- وأما كونها تشبه الطقوس الوثنية واليهودية؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من تَشبَّه بقوم فهو منهم».

ولا حاجة للزيادة.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 628 – 630 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:34 PM
المشاركة 85
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(5) : السماع الصوفي ومدى شرعيته




إن كل النصوص الواردة في السماع، حلاله وحرامه، وكل بحوث العلماء (وأقول: العلماء)، هي نصوص وبحوث فيه على أنه أمر دنيوي، ودنيوي فقط، لا علاقة له بعبادة ولا بتقرب إلى الله.
ولم يرد فيه نص (علمي) قط، بتحليل أو تحريم، إلا على أنه أمر دنيوي يُمارس في الأعياد والأعراس والحرب، أو في التسلية واللهو والطرب.

أما أن يكون طقسًا تعبُّديًّا، كما هو عند المتصوفة؛ فهذا شيء ما عرفه التشريع الإسلامي، ولا تكلم فيه عالم؛ لأنه بديهيًّا، غير وارد في العبادات الإسلامية.

أما المتصوفة، فيتخذون السماع طقسًا تعبديًّا روحانيًّا يسهل عليهم ما يسمونه ظلمًا وعدوانًا «السير إلى الله»، وهنا يكمن الداء، ويعشش البلاء.

إن السماع عند المتصوفة عبادة، وفي الغالب يكون مصحوبًا بالآلات، وهذا كله:

1- بدعة، وذلك بيِّن لا يحتاج إلى دليل، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

2- تشبُّه بالوثنيين وأهل الكتاب، يقول سبحانه في وصف صلاة المشركين: { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً }.

وجاء في التوراة (الحالية) في المزمور (144) عدد 9: «يا الله، أرنم لك ترنيمة جديدة..».

وفي المزمور (146) عدد 2: «أُسبح الرب في حياتي وأرنم لإلهي ما دمت موجودًا».

وفي المزمور (149) عدد3: «ليُسَبِّحوا اسمه برقص، بدُف وعود، ليرنموا له..».

وكذلك هو في الديانات الوثنية طقس تعبدي.

إذن فالصوفية يتشبهون بالسماع بالوثنيين وأهل الكتاب، «ومن تشبَّه بقوم؛ فهو منهم».

* ملاحظة هامة جدًّا:
من العجب العجاب، مغالطتهم في كل مقولاتهم عن السماع، في كل كتبهم (ابتداءً من أمهات كتبهم «اللمع»، «التعرف»، «قوت القلوب»، «الرسالة القشيرية»، «إحياء علوم الدين» إلى بقية ما كتبوا وما دونوا)، حيث يبدءون بمناقشة السماع حسب الشرع والنصوص المزور بعضها، وطبعًا كل النصوص الشرعية في السماع إنما تتكلم عنه على أنه أمر دنيوي يمارس للتسلية واللهو، لكن الصوفية يتوسعون في التحليل حسب طريقتهم في التزوير، ثم يطبقون ذلك على سماعهم التعبدي الذي يجعلونه قربى يتقربون به إلى الله.
ولعل الأمثلة التالية يمكنها توضيح مدى الفساد والضلال في أسلوبهم هذا:

- يُبيح الشرع أكل «الشاورما»، فهل يصبح أكل «الشاورما» بهذه الإباحة طقسًا يُعرج به إلى الله؟

- يُبيح الشرع البصاق الذي ليس فيه أذى، فهل يجوز بناءً على ذلك، أن نجعل البصاق طقسًا تعبديًّا في «السير إلى الله»!

لا يعترض الشرع على أحد إذا خطر له أن يحك أذنه بإبهام رجله، فهل يصح بناءً على هذا أن يكون حك الأذن بإبهام القدم طقسًا تعبديًّا يمارس تنشيطًا على «العروج إلى الله»؟!‍
عجيب أمر هؤلاء القوم! هل هم لا يكادون يفقهون حديثًا؟ أم { يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }؟
وغاية الطريقة الإشراقية هي الوصول إلى الجذبة التي هي الولاية (كما يتوهمون)، وهي حالة خدرية تُشبه الحالة التي يقع فيها متعاطي الحشيش والأفيون ورفاقهما شبهًا تامًّا.

* النتيجـة:
هذه هي طريقة الإشراق، كلها كفر وضلال وزندقة، إنها ليست مجرد بدع ساذجة أو انحرافات بسيطة، بل هي الطقوس الوثنية (وأقول: «الطقوس») التي تعبدت بها كل وثنيات التاريخ (في الحال والماضي والاستقبال)، والعقائد الوثنية التي دانت بها أو حامت حولها كل وثنيات التاريخ في ماضي الزمان وحاضره، إنها ليست مجرد اجتهادات شاذة في الفروع أو في الأصول، أو حتى في العقائد؟ إنها طقوس وممارسات وعقائد غريبة عن الإسلام كل الغرابة، بعيدة عن الإٍسلام كل البعد، أُقحمت على الإسلام ومُزجت به بأساليب إبليسية لتشكل ما يسمونه «الطريقة البرهانية» ولو أنصفوا لسموها «الديانة البرهانية».

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 631 – 633 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:34 PM
المشاركة 86
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(6): مناقشة الطريقة البرهانية (الغزالية)«ويسمونها عادة التصوف السنّي»




إن أول من اشتهر عنه هذا الأسلوب هو الجنيد، الذي كان يتستر بالفقه على مذهب أبي ثور، تلميذ الشافعي، وهو أول من نادى به وطالب المتصوفة بتطبيقه.
وقد قال أبو الحسين النوري عندما خاطب الجنيد قائلاً: يا أبا القاسم، غششتَهم فأجلسوك على المنابر، ونصحتُهم فرموني على المزابل.
لقد غشَّهم الجنيد بتكلمه عليهم بالفقه! ونصحهم النوري بعرضه عليهم الحقيقة الصوفية!

وكانت تجربة الجنيد ناجحة، سار المتصوفة على خطاها، وهذه التجربة مضاف إليها تحبيره مصطلحات الصوفية، وإيجاده أسلوب «العبارة الصوفية» بإشارتها ورموزها وألغازها، كل هذا جعل منه سيد الطائفة بلا منازع؛ لأنه رسم لهم الطريق التي يسيرون فيها بأمان، ويستطيعون بواسطتها نشر عقيدتهم الإشراقية في المجتمعات الإسلامية من دون ضجة.
وسار المتصوفة على خطاها، ومن شذَّ عنها واجه سيف الردة والتكفير، فقُتل من قُتل، طُرد من طُرد، واستتيب من الكفر من استتيب.
ومن أبرز من أصَّل طريقة الجنيد بعده، هو أبو طالب المكي في كتابه «قوت القلوب» الذي بدأه بعرض بعض آيات من القرآن الكريم، انتقاها بحيث يمكن أن يكون لها (بعد ليّ عنقها) علاقةً بالتصوف، وجاء بشيء من الأحاديث في الأوراد وما دار حولها، ثم دخل في علم الباطن وأتبعه بفقه العبادات، وحشا ذلك كله بما يستهوي قلب القارئ نحو التصوف.
ولا يستبعد أن يكون هذا هو منهج الطريقة السالمية التي تخرّج فيها أبو طالب؟
وجاء من بعده حجتهم الذي سموه «حجة الإسلام» أبو حامد الغزالي، فألَّف في الفقه على مذهب الشافعي، وألف في علم الأصول، ومواضيع أخرى، ثم وضع عشرات الكتب في ما سماه «العلم المضنون به على غير أهله» في قمتها كتابه المشهور «إحياء علوم الدين»، ولو أنصف لسماه «إعياء علوم الدين»، أو «إحياء علوم الكهانة».
وبسبب هذا الكتاب، نسبت الطريقة البرهانية إلى الغزالي.

فلنلقِ عليه نظرة عابرة لنصطدم بما يلي:

1- تقسيم الكتاب: قسَّم الغزالي إحياءه إلى أربعة أرباع: رُبع العبادات، ورُبع العادات، ورُبع المهلكات، ورُبع المنجيات.
حيث نرى في هذا التقسيم الظالم أنه جعل المنجيات غير العبادات، وجعل العبادات غير منجيات.
ونترك الحكم على هذا التقسيم لكل إنسان عرف بديهيات الدين الإسلامي، بل وبديهيات الأديان جميعها من أولها إلى آخرها، ولكن نسأل: كيف يكون المروق من الإسلام؟

2- لم يكن هذا التقسيم صادرًا من الغزالي عن غفلة أو عن غلط أو عن غير قصد، بل كان مقصودًا عن وعي وتصميم واعتقاد، وقد مرَّ معنا قوله: (بعد أن تكلم عن المقامات الصوفية): «فالعلم بحدود هذه الأمور.. هو علم الآخرة، وهو فرض عين في فتوى علماء الآخرة (أي الصوفية)، فالمعرض عنها هالك بسطوة ملك الملوك في الآخرة، كما أن المعرض عن الأعمال الظاهرة (أي العبادات) هالك بسيف سلاطين الدنيا، بحكم فتوى فقهاء الدنيا (أي علماء الشريعة)». وقد تكرر هذا المعنى في الإحياء في أكثر من موضع، مرَّ بعضها في الفصول السابقة.
وهذا الكلام هو، تمامًا، مثل قول عبد القادر الجيلاني الذي مرَّ في فصل سابق: «تدري كم عنده من الطاعات والصوم والصلاة لا يعبأ بها، إنما مراده منك قلب صاف من الأقدار والأغيار»، والفرق بين العبارتين هو الفرق بين المهارتين في استعمال الإشارة والرمز واللغز.

وهذا يعني أن هذه العقيدة هي عقيدة كل الصوفية؛ لأن الرجلين عندهم في قمة التقديس.

- المهم، أن الغزالي يقرر في «إحيائه» أن العبادات لا قيمة لها عند الله؛ لأنها لإرضاء السلاطين والفقهاء فقط.

3- مرَّ معنا في ثنايا الكتاب النصوص الكثيرة المنقولة من «الإحياء»، والمشحونة بالكفر والزندقة، وهي بعض من كثير.

4- يضاف إليها أكثر من أربعمائة حديث موضوع ومكذوب، يقول الحافظ العراقي (مُخرِّج أحاديث «الإحياء»)، عن قسم منها: «لم أجده»، أو: «لم أجد له أصلاً»، مما يجعلنا نظن أن الواضع لها، أو لبعضها على الأقل، هو الغزالي نفسه، أو كشفه، (أما إذا أردنا الحق، فيبقى الغزالي متهمًا بوضعها كلها، حتى يثبت العكس).

5- يضاف إليها أكثر من هذا العدد من الأحاديث الضعيفة، وبذلك يكون مجموع الأحاديث الموضوعة والضعيفة قريبًا من نصف مجموع أحاديث الكتاب، إن لم تكن أكثر.

وموقف الإسلام من هذا وذاك هو قوله صلى الله عليه وسلم في ما رواه مسلم: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»، وقوله: «من حدَّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين».
أما الذين يبتغون الهدى في مثل هذا الكتاب الذي يحتوي على مثل هذا العدد الضخم من الأحاديث الموضوعة والضعيفة، فحكم الإسلام فيهم هو قوله سبحانه: { إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ }؛ لأن الأخذ بالأحاديث الموضوعة هو من أعظم الشرك إلى جانب كون الذي يُحدِّث بها أحد الكاذبين، أما الأخذ بالأحاديث الضعيفة فطريقٌ إلى التهلكة؟ وذلك؛ لأن ضخامة عددها في الكتب المختلفة هي دليل على أكثرها من الموضوعات، وهذا يجعل خطر الأخذ بها كبيرًا جدًّا، أكبر من أية فائدة متوهمة.
ومن أعاجيب المتصوفة في المغالطة، أنهم عندما يقول لهم قائل: إن كتاب «الإحياء» مشحون بالأحاديث الموضوعة والضعيفة، يكون الجواب الذي سمعناه مرارًا: «لقد خرّجها الحافظ العراقي وانتهى الأمر!!»، أو ما يدور حول هذا المعنى! فنقول:
- يا هؤلاء، اتقوا الله واخشوا يومًا تقفون فيه بين يديه، حيث لن تنفعكم جذباتكم ولا شياطين الجن التي تمسرح لكم مشاهداتكم في جذباتكم، ولا شيوخكم الذين يوصلونكم إلى جذباتكم.

- يا هؤلاء، إن الأخذ جهلاً بالحديث الموضوع، يمكن أن يكون معه عذر الجهل، أما الأخذ به بعد تخريجه، ومعرفة وضعه، فهو الشرك الأعظم!.

والأخذ بالأحاديث الضعيفة بعد معرفة ضعفها هو طريق يؤدي في النهاية إلى الضلال.
ولا بأس من إيراد كلمة في وصف «الإحياء» لأبي بكر الطرطوشي، يقول: «شحن أبو حامد «الإحياء» بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما أعلم كتابًا على بسيطة الأرض أكثر كذبًا منه».
- نقول: إن قول أبي بكر الطرطوشي هذا، كان قبل تأليف كتب المتصوفة الأخرى.

6- يضاف إلى ما سبق، تفسير آيات القرآن الكريم تفسيرًا لا تعرفه اللغة العربية، ولا أصول التفسير، وما عرفه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من اتبعهم بإحسان، وقد مرت نماذج منها في الفصول السابقة، منها على سبيل المثال: { إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى }، و{ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى }، التي يجعلها إشارة إلى وحدة الوجود.
والغزالي لا يتفرد بهذا الأسلوب، بل كلهم في كل كتبهم يُحرفون الكلم من بعد مواضعه، وما أكثر الأمثلة التي مرت في هذا الكتاب، وهي بعض من كل.

7- يضاف إليها: أخبار غيبية عن الله سبحانه وتعالى، وعن الملائكة واللوح المحفوظ، وعن الرسل، وهي أخبار لا يمكن أن تُعرف إلا عن طريق الوحي الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يرد فيها أي دليل من هذا الوحي، ولعل الغزالي عرفها بالكشف! وقد رأينا نماذج منها.
وهي بالتالي كذب على الله، وكذب على ملائكته، وكذب على رسله، وكذب على اليوم الآخر، وكذب على القضاء والقدر (خيره وشره)، وكذب على الصحابة، وكذب على التاريخ، وكذب، وكذب، وكذب.

8- يضاف إليها دعوة إلى أخلاق غريبة، فالتواضع هو الذل والمهانة، والورع هو التفاهة والبلاهة، والتوكل هو الاستسلام تطوعًا للجوع والعطش والعرى والمرض، والزهد هو التسوُّل وأكل القمامات وروث الحيوانات، وقد رأينا نماذج منها.

9- يضاف إليها تعطيل أحكام الإسلام بحجج فيها الكثير من المكر، فهذا لم يُغير منكرًا أو لم ينه عنه، أو لم يقم بعمل خير خوفًا من أن يكون عمله رياءً، وذاك لم يأمر بمعروف خوفًا من أن يكون داخلاً في حكم الآية: { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ }، وذلك لم يتضرع إلى الله ولم يسأله خوفًا من أن يكون دعاؤه اعتراضًا على قضاء الله، ورابع لم يتزوج خوفًا من أن يكون الزواج ركونًا إلى الدنيا، وآخر ينهى عن طلب الحديث والعلم؛ لأنه طلب للرئاسة، وآخرون ينهون عن تعلم القراءة والكتابة؛ لأنه أجمع لهمة المريد... إلى آخر ما مر وما لم يمر مما أفسد المسلم في دينه ودنياه.

10- يضاف إليها علم الكلام الذي أنكره نظريًّا واستخدمه عمليًّا في كل كتبه، وخاصة في «الإحياء»، استعمله بمهارة ولباقة، وأدخله في أصول العقائد والعبادات، حيث جاء إلى الاعتقادات الغيبية التي لا يمكن معرفتها إلا عن طريق الوحي، فأخذ يستنبطها بأساليب علم الكلام، ليُبرر تلقيها عن الكشف، بعد أن كانت لا تؤخذ إلا من نصوص القرآن وصحيح السنة.
واستعمله بمهارة ولباقة، فأقحم به الصوفية على الإسلام، حتى جعل المتصوفة هم «الخصوص»، وجعل أقطابهم «خصوص الخصوص»، وجعل أهل الشريعة هم العامة.
واستعمله بمهارة ولباقة، فجعل العبادات غير منجيات، وجعل المنجيات هي مقاماتهم الصوفية التي تُدمر الأخلاق والإيمان والإسلام.

11- يضاف إليها مجموعة وافرة من المعلومات الخرافية المبثوثة في الكتاب، والتي شكلت جزءًا هامًّا من المعارف والثقافة عند المسلمين طيلة القرون، وكانت سببًا لما وصلت إليه المجتمعات الإسلامية من ضياعٍ وتفتت، وقد مرت صور منها في الفصول السابقة.
- وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهي أن قسمًا من «إحيائه» هو نصوص منقولة حرفيًّا من «قوت القلوب» للمكي، وبعضًا من «اللمع» للطوسي...
كما أنه يأخذ أفكاره وفلسفاته وأقواله في التربية والنفس والمجتمع، من أفكار وفلسفات إخوان الصفا، وقد انتبه إلى هذا كثيرون منهم ابن سبعين والمازري والذهبي وغيرهم.
لقد استطاع الغزالي بهذه الأساليب أن يمزج التصوف بالإسلام، ويجعل الآخرين يعتقدون أنهما شيء واحد.
وتبعه مثقفو المتصوفة على هذا النهج، وشيئًا فشيئًا، فشا هذا في الأمة، إلا من رحم ربك، وشيئًا فشيئًا، أصبح الإشراق وعلم الكلام آلة لاستنباط العقائد والعبادات في الإسلام، وشيئًا فشيئًا، جعلوا التصوف قمة الإسلام، وقبلوا تسميته «الإحسان»!
ولهذا السبب، أطلقوا على الغزالي لقب «حجة الإسلام»، وما هو إلا حجة الكهانة.
ولهذا السبب، جعلوا كتابه «إحياء علوم الدين» كتابًا مقدسًا، ففي كل بلاد المسلمين، نرى من يسمّون «العلماء» وأتباعهم، يقرؤون القرآن للتبرك، ولترديد كلمة «الله» عندما يقف القارئ على الآي، يمطونها ويكررونها! وكأنهم لم يقرؤوا قوله سبحانه: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }، كما يقرؤون «صحيح البخاري» في المساجد جماعة إذا حزبهم أمر، بينما يقرؤون «الإحياء» و«الرسالة القشيرية» و«الحكم العطائية»، وغيرها من كتبهم، ليطبقوها ويتخذوها منهجًا طاغوتيًّا من دون القرآن والسنة، وأحسنهم طريقة من يُشرك كتب التصوف بالوحي المحمدي، يأخذ منها اعتقاداته وعباداته.
هذه هي الطريقة البرهانية بإيجاز، وهي لا تزيد عن كونها أسلوبًا ذكيًّا لاستدراج المسلمين وجرهم إلى نقمة «حكمة الإشراق»، إلى ضلالات الكهانة والكهان؛ إلى تلبيسات الخوارق الشيطانية وتفاهات العلوم اللدنية، إلى الوهم الممسرح الذي سموه معرفة، والكفر المموه الذي سموه توحيدًا، إلى الصوفية التي سموها «الإحسان».
ويجب أن لا ننسى الجهود، التي نشكوها إلى الله، والتي قدمها في خدمة التصوف كثير من شيوخ الجامع الأزهر، عبر تاريخ الجامع الأزهر، حيث كان طلاب العلم يأتونه من مختلف البلاد الإسلامية، فيتعلمون فيه العلوم الإسلامية ممزوجة بالتصوف وعلم الكلام (أي الطريقة البرهانية الغزالية) ثم يعودون إلى بلادهم لنشرها في مجتمعاتهم التي كانت تحترمهم وتأخذ عنهم؛ لأنهم «خريجو الجامع الأزهر» (‍!).
وهكذا صار التحشيش الإشراقي المتستر بالإسلام، وجذبات التحشيش الإشراقي المتلفعة بالإسلام، وهلوسات التحشيش الإشراقي الممزوجة بالإسلام هي الموجه الحقيقي للمجتمعات الإسلامية طيلة القرون الطويلة، حتى وصلت المجتمعات الإسلامية إلى ما هي عليه من جهل وتخبط وذل وانحطاط وتمزق.
وأعود فأذكر أن المتصوفة وعلى رأسهم شيوخهم وأقطابهم هم من أوائل المخدوعين والمضلَّلين، فهم قبل غيرهم، يعتقدون أنهم على منهج الإسلام، وأن الإسلام كذلك؛‌ لأنها لا تعمى الأبصار.
وهم عندما يخادعون ويراوغون ويغالطون، فإنما يعتقدون أن هذا من الحكمة وأن الله سبحانه يريد منهم ذلك، وأن الرسل كلهم أُرسِلوا من أجل ستر الحقيقة التي هي وحدة الوجود.
وهذا الحكم صحيح بالنسبة للذين أخذوا التصوف ممزوجًا بالإسلام (أو لغالبيتهم العظمى)، أما أوائل المتصوفة في الإسلام، الذين أخذوا الصوفية عن كهانها غير ممزوجة بشيء فأولئك كانوا خلاف ذلك؛ لأنهم هم الذين وضعوا لأخلافهم قواعد المكر والكيد حينما مزجوا الإسلام بالتصوف وأوصوا بالتقية ووضعوا العبارة الصوفية.
وماذا يُنتظر من مجتمعات تتعبد الله بمثل هذا منذ أكثر من تسعة قرون، إلا من رحم ربك؟ أليس ما وصلت غليه هذه المجتمعات هو نتيجة منطقية لهذا؟
ولا ننسى ملاحظة هامة، وهي أنهم نادرًا ما يستعملون عبارة «الطريقة البرهانية» أو «الطريقة الغزالية»، وإنما يستعملون في العادة عبارة «التصوف السني» وقد يُعبرون عنها أيضًا بمثل قولهم: «حقيقتنا مُقيّدة بالقرآن والسنة»، أو «طريقتنا سلفية وحقيقتنا صوفية»، وغيرها من العبارات التي مرت في هذا الكتاب والتي لم تمر.

ونختم هذا الفصل بفقرة لابن الطفيل، يقول:
وأما كتب الشيخ أبي حامد الغزالي، فهو بحسب مخاطبته للجمهور، يربط في موضع ويحل في آخر، ويكفر بأشياء ثم ينتحلها، ثم إنه من جملة ما كفّر به الفلاسفة في كتاب «التهافت» إنكارهم لحشر الأجساد، وإثباتهم الثواب والعقاب للنفوس خاصة، ثم قال في أول كتاب الميزان: «إن هذا الاعتقاد هو اعتقاد شيوخ الصوفية على القطع»، ثم قال في كتاب «المنقذ من الضلال والمفصح بالأحوال»: إن اعتقاده هو كاعتقاد الصوفية، وإن أمره إنما وقف على ذلك بعد طول البحث، وفي كتبه من هذا النوع كثير يراه من تصفحها وأمعن النظر فيها، وقد اعتذر عن هذا الفعل في آخر كتاب «ميزان العمل»، حيث وصف أن الآراء ثلاثة أقسام:
1- رأي يشارك فيه الجمهور فيما هم عليه.
2- ورأي يكون بحسب ما يخاطب به كل سائل ومسترشد.
3- ورأي يكون بين الإنسان وبين نفسه لا يطلّع عليه إلا من هو شريكه في اعتقاده.

- نقول: إن ما أورده ابن طفيل هنا وارد في كتاب «الإحياء»، وقد مرت نصوصه في الفصول السابقة، ورغم هذا كله وغير هذا كله، يُسمون الغزالي «حجة الإسلام»؟!

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 635 – 643 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:35 PM
المشاركة 87
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(7) : مناقشة خوارق العادة




لمناقشة خوارق العادة عند الصوفية، يجب أخذ فكرة – ولو موجزة – عن تلك المخلوقات التي ترانا ولا نراها، والتي يجري خبثاؤها من ابن آدم مجرى الدم، هذه المخلوقات هي الجن، وخبثاؤها هم شياطين الجن.
لكن قبل المضي في ذلك، أُحب أن أُنبه إلى أمر:

يوجد في مجتمعاتنا، كما في كل المجتمعات، متعالمون يدَّعون العلمية، والفكر العلمي، والأسلوب العلمي في التفكير، وقد يكونون علماء – في اختصاصاهم – فعلاً.

وإلى جانب هذه الميزة، توجد عند بعضهم ميزة أخرى، هي مقدرتهم على الكتابة بأسلوب قد يكون رائعًا وقد يكون مقبولاً، كما قد يحمل بعضهم ألقابًا علمية عالية.

قد يخطر على بال أحد هؤلاء العلميين أن يتكلم عن «الخرافة»، فيكتب مقالة في جريدة أو مجلة أو بحثًا في كتاب، يوزع فيه لقب «الخرافة» على كل ما يخالف قناعاته الفكرية التي لم يكلف نفسه بدراستها دراسةً علمية عميقة.

ومن جملة ما يقذفونه في زنبيل «الخرافة» الجن وخرق العادة.

هنا، أرجو من القارئ الكريم أن يُغلق أذنيه؛ لأنني أريد أن أهمس في أذن هؤلاء «العلميين» همسة صغيرة، فأقول لهم:

1- مرحبًا يا علميون (لأن السلام قبل الكلام).

2- من منسياتكم: أساليب البحث العلمي ووسائل تختلف حسب الموضوع المعروض للبحث!

فمثلاً: وسائل البحث العلمي وأساليبه في مسألة فلكية، تختلف كليًّا عنها في مسألة كيميائية، وهذه تختلف كليًّا عنها في مسألة تاريخية... وهكذا.
وكلها تختلف كليًّا عن جلسة الصفا أمام الكأس المفعمة في جو الموسيقى الراقصة في ماخور عام أو خاص.

كذلك البحث العلمي في مسألة الجن وخرق العادة له أساليبه ووسائله الخاصة، التي تختلف كليًّا عنها في غيرها، ويمكن لكل من يريد متابعتها أن يتابعها، ليتأكد بنفسه من وجود الجن، ومن حدوث خرق العادة، وبذلك سيعرف أنه كان يغرف من زنبيل الخرافة عندما كان يظن أن الجن وخرق العادة من الخرافة.
لكنه سيجد – في خوضه هذا البحث – أناسًا يخوضون فيه، وقد مسخت الخرافة عقولهم! ‍فهم يعزون كل شيء إلى الجن! ويؤمنون بخوارق لا وجود لها إلا في مخيلاتهم المريضة، فهم بفهمهم السقيم للجن وخرق العادة، يغرفون أيضًا من زنبيل الخرافة، ولكن من الجانب المقابل وبنَهمٍ لا يشبع.
فكلا الأخوين خرّاف، ولكن ذوي الفهم السقيم في الجن وخرق العادة، هم أخرف من أولئك؛ لأن أكثر ما لا يفهمونه خاضع لسنن الله في خلقه، عدا عما يضخمونه من الأمور العادية.
وعلى كل حال، الجن موجودون، وخرق العادة موجود، وكاتب هذه الكلمات، خرقت أمامه العادة مرات ومرات.

- نعود لأخذ فكرة موجزة عن الجن:

للجن قدرات وخواص مادية وتشريحية وفيزيولوجية ونفسية، تختلف كثيرًا عما يقابلها لدى الإنسان، يهمنا منها ما يلي:

1- يستطيعون الترائي للإنسان بأشكالٍ مختلفة، وأحجام تتراوح أطوالها بين مليمترات (أو أقل)، وبضعة أمتار لا يستطيعون تجاوزها، وإن استطاعوا فغير كثير، وذلك تبعًا لأحجامهم الطبيعية، ولعل الترائي بالأحجام الصغيرة جدًّا يكون بجزء من أجسامهم.

2- يستطيعون، عندما يتراءون ألا يتركوا أحدًا من الناس يراهم، إلا من يريدونه أن يراهم.

3- «إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم»، وبذلك يستطيع أن يدغدغ مراكز الحس التي يريد، فيثير البسط والقبض، واللذة والانزعاج، والتجلي الجمالي والتجلي الجلالي، مع العلم أن هذه الإحساسات وأمثالها، لها في الأساس أسباب فيزيولوجية.

4- يستطيعون قطع المسافات بسرعات كبيرة، فقد يقطعون في الثانية الواحدة مسافة تقاس بالكيلو مترات، إن لم يكن أكثر من ذلك.

5- يستطيع الواحد منهم (أو بعضهم) حمل ثقل يعجز عنه عدد من أفراد الإنس.

6- يظهر أن للجن متعة خاصة بالتلهي ببني الإنسان والتلاعب بعقولهم وعواطفهم، وملازمتهم.

بهذه الميزات، وبغيرها، يستطيع شياطين الجن أن يصنعوا لوليهم «العارف» بعض الأعمال الخارقة للعادة.
فقد يأتونه بخبر جديد من بلد بعيد بعض البعد، بعد وقوعه بدقائق، فيخبر به الناس، الذين عندما يتأكدون من وقوعه، يعتبرونه كرامة من كرامات الشيخ.
وقد يوسوسون لإنسانٍ ما، بفكرة ما، ثم يلقونها إلى الشيخ، فيخبره بها، فيعتبرونها كرامة من كرامات الشيخ.
وقد يلقي الشيطان إلى الشيخ أسماء أشخاص لا يعرفهم، فينبئهم بها، فيعتبرونها كرامة من كرامات الشيخ.
وقد يكون الشيخ في بلد ما، في وقت ما، ويتمثل به شيطان في بلد آخر في نفس الوقت، وقد يتمثل به شيطان ثالث في بلد ثالث في نفس الوقت أيضًا، فيرى أهل كل بلد أن الشيخ كان عندهم في ذلك الوقت! دون أن يعرفوا – لجهلهم – أنها خدعة شياطين! ويعتبرونها كرامة من كرامات الشيخ.
وقد يتراءى شيطان، أو شياطين، أمام الشيخ، بشكل شخص، أو أشخاص غائبين أو أموات، فيعدها الشيخ كرامة له.
وقد يتراءى شيطان الشيخ أمام الشيخ بشكلٍ ما، ويوهمه أنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أحد غيره من الأنبياء.
وقد يتراءى شيطان أو أكثر أمام الشيخ بشكل أشباح تتطاير، فيظنهم من الملائكة أو من أرواح الأولياء.
وقد يحمل الشيطان وليّه العارف في الهواء وينقله من مكان إلى مكان وقد يمشي به على سطح الماء.
.... وقد .. وقد ... إلى آخر ما يسمونه – جهلاً أو افتراءً – الكرامات! والتي لا تزيد عن كونها ألاعيب شياطين يخدعون بها وليهم العارف، ثم يخدعون به وبها الآخرين.
وهنا نصطدم مع هؤلاء القوم، بفهمهم السقيم للغة العربية، وبالتالي، لنصوص الحديث الشريف، ومن قبله القرآن الكريم.
إنهم، في رؤيتهم لما يتوهمونه أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، يظنون أنهم يرونه حقًّا، ويحتجون لذلك بالحديث الشريف: «من رآني في المنام فقد رآني حقًّا، فإن الشيطان لا يتمَثَّلُ بي».
والحديث واضح البيان، لا لبس فيه ولا غموض! فهو يقول: «من رآني...»، والفرق كبير جدًّا بين هذا القول وبين: «من رأى شخصًا يدَّعي أنه أنا..»، أو: «من رأى شخصًا وظن أنه أنا...»، أو: «من رأى شخصًا وقيل له: إنه أنا..‍»! الفرق كبير جدًّا بين هذه العبارات وبين عبارة الحديث: «من رآني..»، التي تعني رؤيته صلى الله عليه وسلم ، بشكله وصورته التي كان عليهما، بل وزيه أيضًا.
ويقول في الحديث أيضًا: «.. فإن الشيطان لا يتمثل بي»، وفي رواية: «لا يتمثل بصورتي»، والمعنى واحد. وهنا أيضًا الفرق كبير جدًّا بين هذا القول، وبين قوله لو قال: «.. فإن الشيطان لا يدعي أنه أنا» أو «لا يستطيع شيطان أن يقول عن شيطان آخر: إنه أنا»، أو: «لا يستطيع أحد أن يُخدع فيتوهم شيطانًا يراه أنه أنا» !
إن عبارة «فإن الشيطان لا يتمثل بي» تعني أن الشيطان لا يستطيع أن يتراءى بصورة الرسول وشكله وزيه التي كان عليها صلى الله عليه وسلم في حياته، بحيث لو رآه أي إنسان من أصحابه لعرفه أنه هو.

وقد يتساءل متسائل: كيف نعرف إن كان من نراه في المنام هو الرسول أم لا؟

الجواب: تورد كتب الحديث وكتب الشمائل أوصافه صلى الله عليه وسلم ، فمن رآه في منامه إنسانًا تجتمع فيه كل تلك الأوصاف، دون استثناء، فهناك احتمال أن يكون هذا الذي رآه هو الرسول صلى الله عليه وسلم .

وأقول هنا احتمال أن يكون هو الرسول، لأن الأوصاف المذكورة هي أوصاف إجمالية لا تفصيلية، وغير دقيقة، حيث يكن أن نراها مجتمعة في عشرات الأشخاص الذين يختلفون عن بعضهم بدقائق صورهم وتفاصيلها.

وفي قصة جماعة الحرم عبرة لأولي النهى، فقد رأى عشرات منهم الرسول في المنام، وأخبرهم أن محمد بن عبد الله القحطاني هو المهدي المنتظر، ولا يخلو أن يكون بعضهم على علم بأوصاف الرسول الموجودة في الكتب، وأن يكون رآه حسب تلك الأوصاف المجملة، ثم كانت النتيجة أن القحطاني لم يكن المهدي، وبالتالي كانت كل تلك الرؤى من وسوسات الشياطين، أو من حديث النفس.

إن في هذه الحادثة برهان عملي ساطع على أن الشيطان يدعي أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن معنى الحديث: «لا يتمثل بي».

أي لا يظهر بصورته وشكله الكاملين اللذين كان صلى الله عليه وسلم عليهما في حياته.
كما يجب أن لا ننسى العدد الوافر من الأولياء العارفين الذين رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنهم هم «المهدي المنتظر»، ثم كانت النتيجة أن الذي رأوه كان إما وسوسة شيطان، أو حديث نفس، أو كشفًا إن كان الرائي من المكاشفين.
هذا بالنسبة للرؤية في المنام أو في الجذبة.
أما ما يقوله المتصوفة من الرؤية في اليقظة فهذا واضح البطلان والضلال، كما هو واضح أن المترائي هو شيطان يضحك على أذقانهم، ويسلبهم عقولهم وإيمانهم، ويضل بهم غيرهم.
إن الشيطان يدّعي أنه الله، فهل كثير عليه إن ادّعى أنه الرسول؟
وهناك خارقة يؤخذ بها المخدوعون أكثر من غيرها، هي ضرب الشيش في الخدَّين والبطن حيث الأمعاء، وفي الجلد، وهي مشتهرة بين أتباع المشيخة الرفاعية والجزولية والعيسوية، يمارسونها في حضراتهم التظاهرية، وهي مثل غيرها لا تزيد عن كونها شيطانيات، بدليل أنها تحصل مع الكفرة، بل يحصل منهم ما هو أكبر منها، وفي فصلٍ لاحق سنرى شيئًا من هذا، ولعله من الجائز أن يكون تفسير هذه الخارقة كما يلي:
أ‌- لجلد الإنسان خاصة مطاطية، وكذلك الخدان والبطن والأمعاء، وهذا مشاهد ملموس.
ب‌- إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فهو بذلك يستطيع التخلل في أي مكان من الجسم.

ولعله يجد بذلك متعة خاصة نجهل طبيعتها.
وتتم العملية حسب الآتي:
يوجه الشيطان يد الشخص المتخلل فيه، ليضع الشيش في المكان المناسب من البطن، وعندما يضعه على الجلد، يباعد الجني بين خلايا النسيج الجلدي، وما تحته بمقدار ما يمر الشيش بسلام دون أن يمزق شيئًا من الخلايا، وعندما يصل الشيش إلى الأمعاء (في المكان المناسب) يباعد الشيطان بينها، كما يباعد بين خلايا النسيج الذي يضمها بمقدار ما يمر الشيش بسلام أيضًا... وهكذا.. يساعده على ذلك الخاصة المطاطية في هذا الأجزاء من الجسم، وسرعة الحركة التي يمتاز بها الجن.
ومثل هذا يحدث في الخدين وفي الجلد.
لكن مهما كانت الدقة التي ينفذ بها الجن هذه العملية بالغة، فلابد من تمزق بعض الخلايا، مما يسبب سيلان قطيرة أو قطيرات من الدم عند سحب الشيش.
كما يبقى المكان الذي حصلت فيه العملية أحمر بعض الشيء لمدة ما، بسبب الضغط التي عانته الأنسجة.
- طبعًا، هذا تفسير ظني، أما الحق، فيجب أن تخضع هذه الظاهرة ومثيلاتها إلى دراسة علمية جادة، وستكون وسيلة لاكتشاف مساحات مجهولة من النفس الإنسانية، بل والحيوانية أيضًا، كما ستكون وسيلة لاكتشاف وظائف فيزيولوجية مثيرة.
أما عملية قطع العنق بالسيف، أو قطع اليد، وما شابهها، فهي خداع بصري يقوم به أيضًا خبثاء الجن، وكذلك ضرب الرصاص.
وهناك عملية الدخول في النار التي تكاد تنعدم عند متصوفة المسلمين، بينما توجد بين كهنة الهنادكة، وهي عملية يقوم بها الجن أيضًا، يساعدهم عليها سرعتهم الهائلة، وقوتهم على الحمل، ومقدرتهم على الترائي بشكل الإنسان، وأن النار العادية لا تؤثر فيهم.
كما يساعدهم أيضًا، خاصة بصرية عند الإنسان، فالعين الإنسانية لا تحس بما يحدث أمامها في مدة تقل عن عُشر الثانية.
تحدث العملية بأن يحمل شياطين الجن الفقير الذي يتظاهر بالعزم على دخول النار وتنقله إلى مكان آخر، ثم يتراءى شيطان مكانه بشكله.
تتم هاتان العمليتان في مدة تقل كثيرًا عن عُشر الثانية، فلا يرى أحد من الناس الحاضرين شيئًا مما حدث، ويرون الفقير ما زال في مكانه يستعد للدخول في النار!‍
يدخل الجني المترائي بشكل الفقير إلى النار، ويخرج منها، دون أن تؤذيه طبعًا، وبعد خروجه، يعيدون الفقير، ويتلاشى الجني بنفس السرعة السابقة، ولا يرى أحد من الناس الحاضرين إلا أن الفقير دخل في النار وخرج منها سالمًا، بل والفقير نفسه، قد لا يحس بما حدث، وقد يظن أنه دخل النار في حالة غيبوبة.

* الخلاصـة:
خوارق الصوفية، التي يسمونها كرامات، كلها ألاعيب شيطانية، وهي نفس الخوارق السحرية، ونفس الخوارق الكهانية التي تحدث في كل الوثنيات.
وللعلم: تعلم السحر يتم بالشرك الكامل في الشيخ الساحر (تمامًا كالشرك في الشيخ الصوفي)، وبالقيام بنفس الرياضة الصوفية، وخاصة ما يسمونه «الذكر»، والذي يسمونه في السحر «القَسَم» أو «الطلّسم» وليس هنا مكان هذا البحث.
إن الفرق بين الصوفية والكهانة والسحر هو الادعاء فقط، فالصوفي والكاهن يدعيان بغرور السير إلى الله والعروج إليه، والساحر أصدقهم، والصوفي والكاهن غايتهما الجذبة، والساحر يقف عند خرق العادة، وإذا أراد الجذبة اختصر الطريق إليها بتناول شيء من الحشيش أو الأفيون وما شابههما، وقد يصل إلى الجذبة بالرياضة.
إن هذه الخوارق الشيطانية، التي يسمونها «كرامات» لا تكفي لدفع الشيخ وأتباعه إلى مستنقع الكفر، إلى وحدة الوجود؛ لأن الأمر يحتاج إلى تمثيليات من نوع آخر، تظهر فيها مناظر غريبة ذات أبعاد كبيرة، لا يستطيع شياطين الجن تمثيلها لصغر أجسامهم بالنسبة لها! لذلك كان لابد من خواص الجذبة ليستطيعوا تنفيذ تلك التمثيليات.

فلننتقل إلى مناقشة الجذبة وخواصها.
وقبل الانتقال، نذكر أن الكرامات الصحيحة موجودة، لكن الطريق إليها هو طريق الإسلام الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وكانت تظهر أكثر ما تظهر في الانتصارات العجيبة التي تشبه الأساطير، وفي الأخلاق الكريمة والسلوك العادل المتسامح مع المسلم ومع غير المسلم، والدعوة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول الحق بصراحة تامة مع المقدرة على الاحتفاظ بصداقة الذي يدعونهم وينهونهم... وهكذا انتشر الإسلام.
مع ملاحظة هامة، هي أن الذي ينتهج النهج الصحيح في الإسلام، لا يعني أن كل خرق عادة يحصل أمامه هو كرامة، وعلينا أن نتذكر، بل علينا ألا ننسى الآية: { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ }، وهذا يعني أن الخوارق التي تحصل أمام الذي ينتهج نهج الإسلام الصحيح، كما كان ينتهجه سلف الأمة من الصحابة وتابعيهم، هذه الخوارق سيكون أكثرها من الشيطانيات، وأقلها، إن لم يكن أندرها، من الكرامات الحقيقية.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 647 – 654 بتصرف يسير ) .



المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:36 PM
المشاركة 88
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(8) : مناقشة الجذبة وأحلامها وخرافاتها




من المفيد، قبل الدخول في مناقشة الجذبة، أن نلقي نظرة سريعة على مفعول المخدرات: الحشيش والأفيون والكوكائين وعقار الهلوسة (إل، إس، دي، 25) وغيرها.
* من تأثير الحشيش:-
يقول الدكتور محمد رفعت (نقلاً عن أحد الباحثين يصف تجربته مع الحشيش):.... أحسست كأن جسدي يتحلل أو يذوب.. بدوت وكأنني شفاف تمامًا.
جفون عيني تطول إلى ما لا نهاية، هذه الجفون ما لها تسقط وحدها هكذا ككرات من ذهب، سرعتها تثيرني، ألوان جميلة تحيط بي، هل أنا أنظر في منظار سِحري صغير يقدم تلك الأشكال الزخرفية الملونة...
... إن سمعي أصبح فجأة حادًّا تمامًا.. إنني أستمع إلى صوت الألوان، كنت لا أستطيع أن أسمع للألوان صوتًا من قبل.. الألوان الحمراء والزرقاء والخضراء لها موجات صوتية تصلني وأميزها بوضوح.. أ هـ.
هنا نسأل الأولياء الذين ذاقوا الفناءات وتحققوا بالأسماء، أليست هذه الرؤى، وما بعدها، هي صور من مكاشفاتهم؟
ويقول نفسه:

والحشاش قد يقنع نفسه بقدرته على إيجاد حل لكل مشكلة، وهذا طبعًا نتيجة ما يعتريه من هبوط في المراكز العصبية العليا، ومنها حاسة التقييم والتقدير، فيظل يَهِم في آفاق وتصورات كلها سراب خادع وضلال مبين....أ هـ.
- لنتذكر هنا قول الصوفية عن كشوفهم: إنها حق اليقين وعينه ونوره، وعن أنفسهم: إنهم العارفون الذين عرفوا الأمور على ما هي عليه..
ويقول: عندما يتعاطى الشخص الحشيش لأول مرة فإنه يشعر بهذه الأعراض:
ارتعاشات عضلية في جسمه… إحساسات جسمية خاطئة أو وهمية.. مثل الشعور بطول في الأطراف.. اضطراب في الحواس، خصوصًا السمع والبصر. ا هـ.
- لنتذكر وصف عبد العزيز الدباغ لمبدأ حاله بالجذبة.
ويقول: الآثار النفسية لإدمان تعاطي الحشيش: اضطراب الحواس، خصوصًا السمع والبصر، فتصبح الحواس حادة للغاية، إلا أن المدركات كلها تبدو في صورة مغايرة ومحرفة، سواء من ناحية الشكل أو اللون، كما يعاني المدمن من الهلاوس… فيرى أشكالاً ويسمع أصواتًا ليس لها وجود مادي، كما يعاني من خداع الحواس… فإذا رأى حبلاً ظنه أفعى، وإذا رأى كلبًا خُيل إليه أنه أسد… وهكذا…
واختلال إدراك الإنسان للزمان والمكان، فيبطئ إحساس الإنسان بالزمن… فإذا قضى دقائق في عملٍ ما، يخيل إليه أنه قضى فيه ساعات طوال… أما بالنسبة للمسافات فإنها تطول جدًّا… فإذا سار عشرة أمتار خُيل إليه أنه قطع عدة كيلو مترات..
اضطرابات في التفكير تؤدي إلى اختلال في حكم الشخص على الأمور…
بطء شديد في عمليات التفكير بسبب التخدير الذي يشمل قشرة المخ، ويدفع الإنسان إلى عدم الاكتراث بما حوله، ويفقد المبادأة.. كما يعطل مراكز الضبط والتحكم وتمحيص الأمور.. مما يجعل المتعاطي قابلاً للإيحاء…
اضطرابات وجدانية، فيشعر المتعاطي بشعور زائف بالسعادة الوهمية… وإحساس بالرضا والراحة.. يل أحيانًا إلى درجة النشوة.. إلا أن هذه السعادة الزائفة تحمل في طياتها وسائل التدمير لشخصية الإنسان. ا هـ.
وسُئل حشاش: بماذا تُحس وأنت تُحشش؟ فأجاب:
أحس بفرح، وربما بحزن، وقد أضحك كثيرًا، أو أبكى كثيرًا، حسب الحالة التي تجلبها الحشيشة، فليست كل الحالات سواء، ولكنني أشعر بحاجة إلى الهدوء… مرة شعرت بأنني أسابق السيارة المنطلقة في الشارع، بينما كنت جالسًا في مكاني! والحالات مختلفة على كل حال. ا هـ.
- نعيد نفس السؤال موجهًا للأولياء المكاشفين: أليس مثل هذا ما يشاهدونه في مكاشفاتهم؟ وخاصة الفرح والحزن، اللذين يسمونهما «البسط والقبض»، وكذلك طول المسافات، وطول الزمن، والشعور بالسعادة، والوصول أحيانًا إلى درجة النشوة؟…
* من تأثير الكوكائين:-
يقول الدكتور محمد رفعت:
ولعل أغرب مظاهر الشذوذ الحيوي في جسم المدمن، الهلوسة التي تصيب جلد مدمن الكوكائين.. إلا أن المدمن هنا يحس وكأن آلاف القمل والبراغيث وشتى أنواع الهوام تنهش في جلده، وتجري تحت جلده مباشرة..
والكاثين ضئيل الأثر، ويشبه الكوكائين في إحداثه نوعًا من الخدر أو التنميل..
ويقول أحد الباحثين (دكتور لوغر):
يشعر مدمن الكوكائين بآلاف الهوام تدب على جلده وداخل جسمه، ويحس بلدغات مئات القمل والبق و… إلخ. وبظاهرة حسية غريبة ما اعتادت المخدرات الأخرى توليدها، تبلغ هذه الظاهرة حدًّا يرى فيه المدمن حشرات لا وجود لها على جلده فيأخذها متوهمًا ويحبسها ويضعها في علبة، حتى إنه ينظر إليها بمكبرة، ويا لغرابة الأمر… إنه يراها وقد تجسمت أمام عينيه كما لو أنها موجودة فعلاً، وغالبًا ما يلاحق مدمن المخدرات هذه الطفيليات المزعجة يبحث عنها على الأبواب وفوق الكراسي وفي الفراش وبين الأظافر وفي جميع أجزاء جسمه وحتى داخل فمه ومنخريه وأذنه، وقد يغدو هذا النمط من الهذيان والهراء (الهلوسة) جماعيًّا.. إذ لا غرابة أن تجد مدمنين اثنين يبحث كل منهما عن هذه الهوام على جلد الآخر مخففًا عنه العذاب على حد اعتقاده.
* الملاحظة:
لننتبه إلى أنه يرى حشرات وقد تجسمت أمام عينيه، حتى إنه ينظر إليه بمكبرة.. أي: يرى ما لا وجود له في الحقيقة، وكذلك الرؤى الكشفية.
· من تأثيرات عقار التهليس (l.s.d.25):-
يقول محمد رفعت:
وهذا العقار يعتبر من السموم الكبرى ذات الأثر العميق فيما يتعلق بانتقال المتعاطي من عالم الهلوسة والهذيان، وهم يُطلقون عادة على الحالة الجديدة للمريض المدمن اسم (رحلة)، وهذه الرحلة لا يلزمها الكثير من هذا السم الزعاف، إذ يكفي من 200 إلى 400 ميكروغرام.
وبعدها يكون الرحيل إلى سفر يستغرق ثماني ساعات من الزمن يتخيل المريض وكأنها رجلة عمر كامل من الهلوسة والهذيان والتخيلات التي يسودها اللامعقول والإثارة الحسية، والنشاط الحيوي المزعوم بينما يكون المدمن في واقع الأمر جثة هامدة طيلة السفر بعد الرحيل...
... وتختلف آثار هذا العقار على الإنسان باختلاف شخصيته، وتركيبه النفسي، وكذلك باختلاف الجو العام الذي يتم فيه التعاطي، وهذه بعض الأعراض (لتعاطي 3 ميكروغرام):
- زغللة بالعينين، واضطراب في شكل المرئيات، وظهور بعض الأشياء التي لا تحمل أي معنى، كعلامة في الحائط مثلاً، كما لو كانت كلمات مفهومة مثلاً، أو وجه إنسان، أو أي شيء آخر له معنى.
- هلاوس بصرية... أي رؤية أشياء ليس لها وجود مادي.. فيكفي أن يتخيل الفرد شيئًا أو يتمنى رؤيته، حتى يراه أمامه مجسمًا، وبالألوان الطبيعية أيضًا.. فهلاوس هذا العقار تتميز بأنها تظهر بالألوان، عكس هلاوس الحشيش والأفيون التي تظهر أبيض وأسود فقط، (في الواقع، هلاوس الحشيش والأفيون ليست واحدة عند كل الأشخاص فمنها ما يكون بالألوان الطبيعية).
- اضطراب في إحساس الفرد بالزمن... فقد يتوقف الزمن تمامًا، أو يمر ببطء شديد.. وقد يسرع جدًّا، فيبدو كأن آلاف السنين قد مرت في لحظات.
- توقف كامل للنشاط العقلي.. فيصبح من الصعب على الإنسان أن يبت في أي أمر، أو يفكر في أي مشكلة، أو حتى يقوم بالعمليات الحسابية البسيطة.
- إحساس زائف بالراحة والسعادة الدافقة.. أو يحدث العكس تمامًا.. فيشعر الإنسان باكتئاب شديد ورعب.. (لنتذكر البسط والقبض).
ولكن أعجب شعور يمكن أن يحسه الإنسان هو ذلك الشعور بتداخل الحواس... عندما يتداخل السمع مع البصر مع الشم مع الذوق مع اللمس، فينتج عنه ذلك الخليط العجيب من الحواس الذي يعتبر من الأعراض المميزة لعقار الهلوسة... عندما يسمع الإنسان لون الورد، ويشم صوت الموسيقى، ويرى الطرق على الباب، ويشم جرس التلفون.. إلخ.
- وهنا نعيد السؤال، نوجهه إلى أي صوفي مكاشف: أليست رؤاه الكشفية مثل هذه الرؤى الهلوسية؟ يمر بفكره شيء فيراه مجسمًا أمامه؟ يحسب اللحظات سنين طويلة؟ ثم الرؤى الناتجة عن تداخل الحواس؟ وغيرها؟
ومما يذكره مكتشف العقار (هوفمان) عن تجربته له.
يقول: وجدت نفسي عند العصر مجبرًا على التوقف عن العمل.. فأغمضت عيني.. لأرى، كما يرى الناظر في المنظار السحري، عرضًا لسبحة لا تنقطع من صور عجيبة مجسمة وغنية بألوان غير عادية، وقد دام ذلك العرض ساعات عديدة... ا هـ. (أليست رؤى الجذبة هكذا؟).
ومما حدث له، في تجربة ثانية:
بعد أربعين دقيقة، شعر بدوار خفيف وإثارة واضطرابات في الرؤية ونوبات حمقاء من الضحك ما استطاع لها ردعًا... كانت الوجوه تبدو له كأقنعة مضحكة... وأكثر ما أدهشه هو التلون الشديد الذي كانت تتلون به الأشياء ويتلون به الأشخاص، وعلى خلفيات يسيطر فيها اللونان الأخضر والأزرق كانت تضطرب ألوان ذات صفاء ولدونة مدهشين، كان كل شيء ينقلب إلى ألوان، حتى إن أصوات البوق الآتي من الشارع كان يراه كشعاع ملون، وكانت المشاهد تترى، كان يرى نفسه يومئ، ويصمت ويتحرك.
* من تأثير الهروئين (من مشتقات الأفيون):-
الهروئين، يحمل الإنسان إلى جنان خيالية، وخيالات من نوع أنه أصبح من الملائكة، أو أنه أصبح نبيًّا، أو أن له موعد مغازلة مع القمر (الذي هو الشمس)، ثم يدفعه ذلك أن يتصرف حسب تصوره هذا، فيحاول الطيران من أعلى البناية باتجاه السماء، فيسقط على الأرض وتتهشم ضلوعه..

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:37 PM
المشاركة 89
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
* من تأثير الإيتير:-
يقول أحد الذين جربوه (الكاتب الفرنسي غي دوموباسان):
كان أول ما شعرت به همسًا خفيفًا ناعمًا ومهدهدًا، ثم ما لبثت أن لاحظت بأن جسمي أخذ يخف... أخذ يخف ويخف، حتى بدا لي فيها كما لو أنه كان يتبخر، أحسست بأنه لم يبق لي من جسمي سوى الجلد... لم يبقَ سوى ما يكفي لأشعر بلذة العيش، بأن أشعر بأنني أتأرجح في هذه السعادة التي تغمرني... ما كنت أرى أحلامًا كالتي يسببها الحشيش، وما كان ذهني يمتلئ بالرؤى التي يسببها الأفيون، لقد كان إحساسًا بحدة ذهنية كبيرة، إحساسًا بشكل جديد من الكينونة والتفكير والإحساس والحكم على الحياة، إحساسًا بالاقتناع بأنني كنت أدرك عندئذ الواقع الحقيقي للعالم... كان يبدو لي بأنني تذوقت ثمرة شجرة الحياة، وأن كل الأسرار تنكشف أمامي...
وهنا أيضًا نتوجه إلى أي صوفي وصل إلى مقام الجمع، وذاق الفناءات، ونسأله: أليست هذه الحالة وهذا الشعور والهمسات المهدهدة الناعمة تشبه ما ذاقه أثناء فناءاته وما سمعه من خطابات توهمها إلهية، وذلك الإحساس الزائف بأنه صار يدرك واقع العالم؟.

* من تأثير فطر المكسيك المقدس:-
قام بالتجربة شخص اسمه (آلان ريشاردسن) مع رفيق له اسمه (غوردن واسن): وقد تمت التجربة في أعالي المكسيك بين الهنود الأصليين:
كانت الغرفة مظلمة ومزدحمة بالناس، كانوا جميعًا هنودًا مكسيكيين... وكانت هناك كاهنة تغني مُلوحة بالفطر في دخان لهب نار تتقد في المذبح لتطهر الفطر من أدرانه فيغدو جاهزًا للتناول.
قدم الهنود للرجلين اثني عشر فطرًا مطهرًا فأخذا يأكلانها... لكن الكاهنة انبرت تغني بمزيد من النشاط، مصفقة بطريقة غريبة وبلحن مهدهد، وفجأة دار «ريشاردسن» نحو رفيقه هامسًا في أذنه بأنه يرى أشياء غريبة، فأجابه «واسن» إن الرؤى ستترى، وإنك ستراها سواءً أسدلتَ جفنيك أو فتحتَ عينيك.
بدأت الرؤى تظهر رسومًا فنية، كسجادة تبرق بزينتها وتتألق، ثم تتحول إلى قصور وباحات وأقواس وحدائق... تراءى لريشاردسن حيوان أسطوري يجر عربة ملكية ذات عجلتين، ثم بدت له الجدران وكأنها تنحل... وأحس بروحه تطفو.. وشعر بأن نظره يحيط بفراغات لا متناهية... كان يرى نماذج من الأفكار الأفلاطونية، وصورًا غير كاملة للحياة اليومية... ا هـ.
- السؤال: أليست هذه الرؤى هي نفس ما يراه الأولياء العارفون المكاشفون؟ مع العلم أنه لو كان جلوسه في مكان غير الغرفة المظلمة، أو لو كانت ثقافته غير ثقافته، لأمكن أن تتغير رؤاه قليلاً أو كثيرًا.
ويقول الدكتور صلاح يحياوي:
يستهلك سكان بولينزيا «الكافا» بكميات كبيرة ليعيشوا دائمًا تقريبًا في رؤى جنة صنعية يهيؤها لهم هذا المخدر... ا هـ.
- ونفس السؤال إلى نفس الأولياء المكاشفين: أليست هذه الهلوسات هي نفس الهلوسات التي تهيؤها لهم جذباتهم؟
- كيف كان الناس ينظرون إلى المخدرات؟
يقول الدكتور صلاح يحياوي:
... كان من المعروف بأنهم (الكهان) كانوا في طقوس «المسارة» يستخدمون مخدرات ما كان يعرفها غيرهم، وبذلك كانوا يعمرون أذهان المبتدئين بأحلام مرعبة وواضحة إلى درجة كانت تجعل هؤلاء يعتقدون أنها واقعية.
... كان «باراسلو» يحمل الأفيون دائمًا معه، مطلقًا عليه اسم «حجر الخلود».
... ففي القرن الحادي عشر، وبعد ثلاثمائة عام من نشر العرب لاستخدام الأفيون، بدأ يظهر ثناء العامة وإطراؤهم على هذا المخدر، فكانوا يتغنون به كـ «شراب الآلهة».
... لقد أكد الإينكا (سكان البيرو الأصليين) للأسبان بأن الكوكا (منها يستخرج الكوكائين) نبتة إلهية أوصى بها الإلهان «مانوكو كاباك» وزوجته «ماما أوكيو».
لقد خصت هذه الصفة الإلهية، والتي لازال بعض هنود أمريكا الجنوبية يؤمنون بها، خصت حكام الإينكا وحدهم بحق امتلاك مزارع هذه الشجيرة، ويقاسم الكهان الحكام هذا الامتياز.
ومما يذكره صلاح يحياوي أيضًا:
كانت جميع شعوب العالم القديم تعرف هذا المخدر (الحشيش)... وقد أحاطت الهالات خواصه، فنسب إليه الهندوس أصلاً إلهيًا، فقالوا بأن الإله «فيشنو» قد نصح جميع الآلهة الصغار وجميع الشياطين بأن يجتمعوا في يوم حدده لهم للحصول على إكسير الخلود... وكانت النتيجة أن إكسير الخلود هو القنب الهندي الذي استخلص منه الحشيش..
* وملاحظات هامتان من المفيد إيرادهما:
يقول الدكتور محمد رفعت:
من الطريف أن نعرف ماذا يفعل المخدر بالإنسان... مع ملاحظة أن هذه الأعراض لا تظهر جميعًا في نفس الوقت ولا بنفس الشدة في جميع الحالات.. كمالا تظهر عند كل الناس.
ويقول الدكتور صلاح يحياوي:
... إن أفعالها (أي المخدرات) مطابقة لما يسببه الجنون في أطواره البدائية.
أقول: إن هذه الملاحظة الأخيرة التي يذكرها الدكتور صلاح يحياوي تدلنا على أن باستطاعة الجسم أن تتولد فيه مادة تفرزها غدة ما، لها نفس مفعول المخدرات، وهذه المادة هي التي تسبب الجنون.
وقبل الانتقال إلى الفصل التالين نسأل أي صوفي فتح عليه فوصل إلى الجذبة ورأى الكشوف وذاق الفناءات، أليست هذه الرؤى والمشاهدات الهلوسية التحشيشية هي صورًا مشابهة لرؤاه ومشاهداته في جذباته ومعارفه المتوهمة؟
إن كان الصوفي الذي سيُسأل هذا السؤال صادقًا مع الله تعالى ومع الناس ومع نفسه فسيقول الحق ويعترف أنها شيء واحد، وإن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ويرجو رحمة الله ويخاف عذابه فسيتوب ويرجع ويحاول إصلاح ما أفسد، وإلا فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، وليعلم أن عليه آثام من استجرهم والمستجرِّين بمن استجرهم إلى يوم القيامة.
ويجب أن لا ننسى أن الحشاشين لو كان لهم شيخ يوجههم لكانت مشاهداتهم مطابقة كل المطابقة لمشاهدات الصوفية في فتوحهم وكشوفهم وفناءاتهم، وذلك؛ لأن من لا شيخ له فشيخه الشيطان (لكن من هو الشيطان؟).

مناقشة الجذبة:

لنناقشها أولاً على ضوء القرآن والسنة:
يدعي الصوفية، دون خوف من الله، أن رياضتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان، هي الطريق إلى الله سبحانه ومعراجهم إليه؛ لأنها توصلهم إلى الجذبة‍‍ ويعتقدون أن الله سبحانه يجذب بها العبد إليه، ولذلك سموها الجذبة، ومفهوم لفظ الجلالة «الله» عندهم يعني- كما أصبح واضحًا الآن – كل الموجودات بما في ذلك ذواتهم، ومعنى «يجذبهم إليه»، أي: يزيل عنهم الحجاب، الذي هو الوهم بأنهم غير الله، ويبعدهم عنه، ويجذبهم إلى استشعار الألوهية في أنفسهم، أي: يشعرون أنهم الله «سبحان الله»، ويشاهدون أن كل شيء هو الله، وهذا هو ما يسمونه الوصول إلى الله، والجذبة هي الولاية والصديقية ... الخ، وهي عندهم حال يتدرج ويمر بأطوار من الرؤى والمشاهدات المختلفة والاستشعارات حتى تصبح مقامًا.
ففي باديء الأمر، قد يصل السالك إلى الجذبة بعد رياضة، طويلة أو قصيرة، لكن الجذبة تزول بسرعة ثم لا تعود إلا برياضة مثل الأولى، أو أكثر أو أقل، فالولاية هكذا هي حال.
ومع المثابرة يصل إلى درجة يقع فيها في الجذبة بشيء من الذكر، وتطول مدتها، فتكون ولايته هنا مقامًا، ويصير وليًّا صديقًا مقربًا.. مقيمًا إذا صارت الجذبة دائمة.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 08:37 PM
المشاركة 90
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فهل في هذا التصور شيء من الصحة؟

الجواب : لا ‍ للأسباب التالية:
1- إن كون الجذبة ولاية وصديقية وقربًا و.. هو، في أحسن الحالات، أمر غيبي لا يعرف إلا بنص من الوحي الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، أي بنص من القرآن والسنة الصحيحة، ولا وجود لمثل هذا النص، إلا ما كان من تأويلاتهم الباطلة وافتراءاتهم الظالمة. { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ }.
2- إن ادعاء الولاية والصديقية هو هو تزكية النفس على الله، وهو من كبائر الإثم: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاًً. انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينً } و{ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }.
وكذلك اتهام الآخرين بالولاية والصديقية هو من كبائر الإثم؛ لقوله سبحانه مخاطبًا رسوله { {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحَى إِلَي } ولغضب رسوله عندما سمع صحابية جليلة تزكي صحابيًا جليلاً، فقال لها: «والله ما أدري ما يفعل بي وأنا رسول الله» ثم أقرها عندما قالت: «فلن أزكي بعدها على الله أحدًا»، أي إنه صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن لا نزكي على الله أحدًا.
وهكذا كان فهم الصحابة الكرام، فهذا علي بن أبي طالب يثني على عبد الله بن مسعود فيقول: «إنه لخيرنا، ولا أزكي على الله أحدًا» ! إن عليًا بن أبي طالب لم يزك عبد الله بن مسعود على الله !.
إذن، فتزكية النفس وتزكية الغير هما من كبائر الإثم، والإصرار على ذلك هو كفر بالقرآن والسنة.
وبذلك يكون الادعاء بأن الجذبة صديقية وقرب وولاية هو كفر بنصوص القرآن والسنة.
3- رأينا في الفصول السابقة أن السالك يدخل في الشرك الأكبر منذ الخطوة الأولى في طريق الصوفية، ثم يسير في طريق كلها بدع وضلالات وطقوس طاغوتية وتشبه بالكفرة ومخالفة للقرآن والسنة وتزوير لنصوصهما وافتراء على الله سبحانه، وخداع لعباده (بل ولنفسه أيضًا) بادعائه اتباع القرآن والسنة، وكذب على الله وعلى ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكذب على الحقائق، وكذب على التاريخ والجغرافيا، واحتقار للعقل والعلم اللذين كرم الله بهما بني آدم، وتقديس للجهل والعته والجنون! ثم لم يكتفوا بهذا حتى مزجوه بالإسلام! فشوهوا الإسلام وحرفوه! وهنا الطامة الكبرى، وقد رأينا كل هذا في ما مضى من فصول الكتاب من نصوصهم وأقوال أقطابهم وعارفيهم وعلمائهم.
فهل يمكن لمسلم في قلبه إيمان بالله وكتابه ورسوله واليوم الآخر أن يعتقد أو يظن أن هذه الطريق هي الطريق إلى الله؟ أو أنها تقود إلى حق أو حقيقة؟
بل هل يمكن لذي عقل سليم كائنًا من كان، أن يعتقد أو يظن أن طريق إبليس هذه هي طريق السير إلى الله والعروج إليه؟ سبحان الله عما يصفون.
إن طريق الشيطان لا تقود إلا إلى مسارح الشياطين ومتاهاتهم.
والجذبة مسرح شيطاني ومتاهة إبليسية، وليست صديقية‍
4- إن الجذبة الإشراقية تشبه الجذبة التحشيشية الأفيونية تمامًا مظهرًا ومخبرًا وجملة وتفصيلاً، فإن كانت جذبة الصوفية ولاية وصديقية فجذبة التحشيش مثلها، ويكون الحشاشون والأفيونيون أولياء صدجيقين، ويكون الهيبيون هم الأبدال والأقطاب والأغواث.
* الخلاصة:
ليست الجذبة ولاية ولا صديقية، وإنما هي مسرح شيطاني، وكذب وباطل ما يدّعون.
وفي الجذبة تكشف لهم الكشوف ويتلقون العلوم اللدنية ويرون المناظر الغيبية والمشاهدات الإلهية، إلى آخر الهلوسات الجذبية.
فإلى مناقشتها وعرضها على الكتاب والسنة.

مناقشة أحلام الجذبة:

التي يسمونها: الكشف، أو العلوم اللدنية، أو المناظر الإلهية، أو المشاهدات (قبل البدء، أرجو من القاريء الكريم أن يعيد قراءة مفعول المخدرات، ويكرر قراءتها).
نستطيع أن نقسمها، من حيث مصدرها، إلى قسمين:
1- هلوسات فيزيولوجية: وهي تسربات من الأماني والمعلومات (الصحيحة أو المتوهمة) المختزنة في اللاشعور، تتسرب من مخازنها، لتنزلق مباشرة إلى مراكز التفسير الحسي في الدماغ، فما كانت منها صورًا بصرية، انطبعت في مركز التفسير البصري، فيراها المجذوب وكأنها ماثلة أمامه، سواء فتح عينيه أم أغمضها؛ ‍ لأنها لم تصله عن طريق العين. وما كانت منها صورًا سمعية، انطبعت في مركز التفسير السمعي، فيسمعها أصواتًا لا يعرف مصدرها بالضبط؛‍ لأنها لم تصله عن طريق الأذن. ومثلها ما كان صورًا شمسية أو ذوقية أو لمسية.
2- هلوسات شيطانية: يتراءى بها شيطان المجذوب أمامه، مستفيدًا من خاصة الجذبة في تضخيم الأطوال، أو ينفثها في لا شعوره، وهو الميدان الذي يستطيع الشيطان أن ينفث فيه وسوساته، لتتسرب منه إلى مراكز الحس في الدماغ، مثل بقية الهلوسات الفيزيولوجية.

لا يكون هذان القسمان منفصلين عن بعضهما، بل ممتزجين، إلا فيما ندر، وفي حالات كثيرة يمكن التمييز بينهما.
وإن تسميتهم لها المناظر الإلهية، أو الكشف، أو نور اليقين وعين اليقين وحق اليقين، أو غيرها مما مر في هذا الكتاب ومما لم يمر، ما هي إلا جهل مغرور، وافتراءات على الله الكذب، وضلالات موغلة في الجرأة عليه سبحانه وجل عما يفترون. والبراهين ما سبق وما يلي:-
1- أن الله سبحانه كرم الإنسان: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } عندما خلق فيه مراكز الوعي، ووهبه بها العقل وتوابعه، كالإدراك والفهم والعلم، ومنها التكاليف.
فالله سبحانه، عندما يخاطب الإنسان، فإنما يخاطب فيه العقل والوعي والشعور، وعندما أرسل الرسل بالدين والتكاليف، فإنما أرسلهم يخاطبون العقل والوعي والشعور. والآيات المبينة الدالة على ذلك كثيرة، منها:
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى }. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }. { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ }.{ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ }. { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }. { لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ }. { {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }. { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }. { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }. { وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }. { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }.{ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ }. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }.{ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا }. { انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }. { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُون }. { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُون }. َ{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ }...
والآيات كثيرة، كلها تبين أن الوعي في الإنسان هو الذي أعده الله تعالى لتلقي كلماته، وهو الذي أعده لفهم الحقائق وأدراكها، وخاطبه بالوحي، ليكون الوحي المرتكز الأساسي الذي ينطلق منه العقل الواعي في جميع ميادينه.
وعندما يكون الخطاب الإلهي موجهًا إلى الوعي والشعور، فهذا يعني أن الطريق إلى رضوان الله لا يمكن أن تكون إلا عن طريق الوعي والشعور التامين.
أما الشيطان، فاللاشعور في الإنسان هو ميدانه الذي يصول فيه ويجول، والآيات الدالة على ذلك كثيرة، منها:
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ. إِلَهِ النَّاسِ... مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ.مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ }. { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا }. { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ }. { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ }. { وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ }...
وعلى ذلك لا تكون الجذبة فتحًا إلهيًا، بل استحواذًا شيطانيًا، ولا تكون هلوساتها نور اليقين ولا عين اليقين ولا حق اليقين، وإنما وحي إبليس وجنوده، ولا تكون مناظرها إلا مسارح الشياطين وهلوسات الحشاشين.
2- مر في بحث سابق الآيات التي تبين أن طريق الضلال لا تقود إلا إلى ضلال، وأن سبيل الشيطان لا تؤدي إلا إلى غرور { وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورً }.
ورأينا ما هي الطريق إلى رؤية هذه المناظر وتلك الكشوف، إذن فهي كلها باطلة، وهي كلها شيطانية.
3- إذا كانت هلوسات جذبة الإشراق كشوفًا إلهية، فهلوسات جذبة المخدرات مثلها تمامًا؛ لأن الجذبتين شيء واحد، وكل ما بينهما من فرق أن المخدر في جذبة التحشيش يأتي من خارج الجسم بينما يأتي المخدر في جذبة الإشراق من داخل الجسم، والنتيجة واحدة في الحالتين.
وإذا كانوا يصرون على أن هلوساتهم هي فتوحات إلهية وعلوم لدنية‍ فلم لا يختصرون الطريق ويوفرون الوقت والجهد؟ إذ بدراهم معدودة شراء شيء من الحشيش أو الأفيون أو عقار التهليس أو الايتير أو غيرها، وبثواني معدودة تشرق عليهم الأنوار، وتنكشف أمامهم الأسرار، ويعرجون في السماوات العلى ويتمتعون بالمحاضرة والمكاشفة والمشاهدة، ويذوقون معاني الأسماء كلها، ويتنقلون في الفناءات.. إلى آخر الهلوسات .
مادام كلا الطريقين إلى جهنم، فلم لا يتبعون الأقل مشقة ؟‍
4- بالرغم من أن كل الصفحات السابقة هي براهين ساطعة واضحة على أن رؤاهم هي هلوسات شيطانية، وأن فيها الكفاية وأكثر من الكفاية. ومع ذلك فهناك الكثير من الأدلة غيرها من كشوفهم وعلومهم اللدنية ومشاهداتهم... فإلى كشوفهم وعلومهم اللدنية ومشاهداتهم:
ولنبدأ بجبل قاف. ولنستعد قبل ذلك بعض خواص الجذبة:
- تضخم الأطوال (الجفون تطول إلى ما لا نهاية، والأطراف تطول والمسافات حتى يرى الأمتار طول ما بين المشرق إلى المغرب).
- رؤية أشكال وسمع أصوات ليس لها وجود.. وأحيانًا رؤيتها بمجرد تمنيها أو مرورها بالفكر..

- رؤية الحبل أفعى والكلب أسدًا.. وما شابهها.

ولا بأس من الرجوع إلى أول هذا الفصل لمراجعة المخدرات ومفعولها.

* جبل قاف :-
كان كثير من الأقطاب العارفين الأبدال يرونه (أثناء الجذبة طبعًا)، ويصعدون عليه، ويذهبون إلى ما وراءه، ويرونه محيطًا بالأرض، يبلغ ارتفاعه ثلاثمائة سنة (أي ما يزيد عن بعد القمر بأكثر من تسع مرات) ويرى بعضهم الحية المحيطة به (وبالتالي بالأرض) وذيلها عند رأسها...
كانوا يرون هذه الأمور بالكشف! بينما الآن، صار من البدهيات عند الجميع، حتى الصوفية، أن الأرض كروية، وقد دُرس سطحها كله إلى أعماق محترمة دراسة دقيقة؛ فقد دُرس سطح اليابسة بدقة بالغة، جبالاً ووديانًا وسهولاً وصحاري وبحيرات وأنهارًا، ودرست تربتها إلى أعماق تقاس بالكيلو مترات بدقة أيضًا. ودرست طبقات الأرض دراسة إجمالية، لكنها صحيحة، إلى أعماق تقاس بألوف الكيلو مترات، كما درست البحار كلها سطحًا وأمواجًا ومدًا جزرًا، وعرفت أعماقها بدقة، ووضع لقيعانها الخرائط الصحيحة، ووضعت الأسماء لما فيها من جبال ووديان ومنبسطات، أي إن سطح الأرض كله درس دراسة دقيقة إن لم يكن بالمتر المربع فبالكيلو متر المربع

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عين على الصوفية!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النازعون عن الصوفية! عبده فايز الزبيدي منبر الحوارات الثقافية العامة 9 08-21-2013 08:24 PM
اعلام الصوفية واليتم: ما هي نسبة الايتام من بين اصحاب المدارس الصوفية؟ دراسة ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 42 06-15-2013 12:20 PM
الصوفية والتصوف عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 5 12-19-2011 06:29 AM
الصوفية والتصوف عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 12-17-2011 08:16 PM
الصوفية والتصوف عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 4 12-17-2011 11:02 AM

الساعة الآن 09:05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.