احصائيات

الردود
53

المشاهدات
32118
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,768

+التقييم
2.31

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
02-16-2011, 02:37 PM
المشاركة 1
02-16-2011, 02:37 PM
المشاركة 1
افتراضي نبوءات الشعراء والأدباء : دراسة معمقة
يقول الشاعر الأمير عبد الله الفيصل في قصيدته الجميلة من اجل عينيك:

من بريق الوجد فى عينيك اشعلت حنينى
وعلى دربك آنَى رحُت أرسلت عيونى

وكأنه في ذلك يصف لحظة الاشتعال ولحظة الوجد ولحظة ولادة القصيدة حيث يحدث مثل ذلك البريق.

ويقول الدكتور الشاعر عبد اللطيف عقل في وصف تلك اللحظة وما يحل به كشاعر أثناء ولادة القصيدة
" في درجة فعل الشعر ينعدم التاريخ في لحظة وتصير الأمكنة كلها محشورة في نقطة"

وكأنه يقول بأن الزمن يصبح كله في لحظة واحدة وربما هذا ما يفسر قدرة الشعراء على الرؤيا المستقبلية، التنبوء المستقبلي.

وحين نفتش قصائد الشعراء نجد الكثير من "النبوءات" المدهشة والمزلزلة أحيانا والتي ينطق بها الشعراء ولا يتم الانتباه لها إلا بعد مرور زمن ربما يكون طويل أحيانا.

فالذي يستمع لقصيدة الشاعر احمد فؤاد نجم والتي يغنيها الشيخ إمام يتصور أن تلك القصيدة كتبت وغنيت بعد مشاهدة ما جرى في القاهرة مؤخرا.

ويلاحظ طبعا ان كل هؤلاء الشعراء أيتام تعمل عقولهم بطاقة البوزيترون؟؟؟!!!

دعونا نتعاون هنا لنرصد اكبر عدد من تلك نبوءات الشعراء التي اشتملتها قصائدهم لعلنا نجري عليها دراسات مقارنة وتحديدا لمعرفة :

- هل كان هناك علاقة بين اليتم والظروف التي يعيشها الشاعر وقدرته على الرؤيا المستقبلية؟


هذه دعوة للجميع.... وشكرا لكل من يمر من هنا او يساهم في رصد هذه النصوص التي تشتمل على مثل تلك النبوءات والتجليات المستقبلية،،،،










قديم 02-16-2011, 02:37 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
من نبوءات الشاعر أحمد فؤاد نجم
بقلم احمد الشريقي – الجزيرة نت

كان مفاجئا ربما أن ثوار ميدان التحرير الذين يوصفون بأنهم جيل الإنترنت وفيسبوك يعرفون الشيخ إمام هذا المغني الثوري، لكن العجب يزول حين نرى الصورة كاملة: ألم يكن هو الجيل نفسه الذي أطاح بالطغيان بعد أن عجز عن ذلك الآباء!

خمسة عشر عاما مرت على ذلك اليوم الذي أغمض فيه الشيخ إمام عينيه في إغفاءة أخيرة، دون أن يرى الفنان "البصير" أحلامه في الثورة تتحقق.

وفي وقت كان يعز فيه العثور على "كاسيت" يصدح بأغانيه، دوت في ميدان التحرير وفي أرجاء مصر أغنياته تعضد الثورة وتشد "حيل الثائرين"، وتعد بـ"الورد اللي فتح في جناين مصر".

ومنذ بروز نجمه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي انحاز إلى المهمشين، وانتقد الفجوة التي تتسع بين فقراء مصر وأغنيائها، متنبئا باللحظة التي تثور فيها جماهير الغلابة، تاركا حسم لحظة الانتصار "للي بيشغل مخه".

هما مين وإحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
وإحنا الفقرا المحكومين
لما الشعب يقوم وينادي
يا احنا ياهما في الدنيا دي
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا
حيغلب مين

قديم 02-16-2011, 02:39 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبوءات الشاعر احمد فؤاد نجم / زياد شليوط
11 فبراير , 2011

“مارد رفض وانتفض
زلزل عروش العار”
هذا ما تنبأ به الشاعر “الخارج على القانون” والمتمرد أحمد فؤاد نجم قبل أكثر من ثلاثين عاما ويتحقق اليوم، وربما يكون نجم أكثر شاعر مصري عبر عما يحس به الشعب البسيط المسحوق، حيث كان ملتصقا بالطبقات الفقيرة والمسحوقة والتي تشكل الغالبية الساحقة من الشعب المصري، فعكس ما يفكر به الشعب في شعره، وكثيرا ما وصلنا هذا الشعر عبر صوت وألحان الفنان الشيخ إمام زميل ورفيق نجم، وقد تلقينا تلك الأشعار والأغاني بفرحة أيام الدراسة في الجامعة، حيث اتفقت مع مشاعرنا ومع الحراك السياسي آنذاك، وان بدت بعض تلك الأشعار أيامها أمنيات أو مشاعر جميلة تزرع الأمل في النفوس، لكنها اليوم ومع اندلاع ثورة الغضب المصرية تبدو تلك الأشعار وكأنها تنطلق اليوم من جديد وتعكس حقيقة ما يجري في الشارع المصري وتصف لنا الواقع الحالي.
وتعكس قصيدة “هما مين” حقيقة الصراع ما بين الشعب والطغمة الحاكمة، حيث تصور وبسخرية لاذعة الفوارق بين الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة، حيث يفتتحها الشاعر بوصف الحال وكأنه حال مصر اليوم:
هما مين واحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
واحنا الفقرا المحكومين
حزّر فزّر شغّل مخك
شوف مين فينا بيحكم مين” ص748
ويواصل نجم عقد المقارنة بين الطرفين، بين من يمسك ويسيطر على مقدرات البلاد والمراكز الحساسة فيها، وبين من يعمل ويعرق ويخدم دون مقابل ودون كرامة الى أن يصل الى نهاية القصيدة التي تصف نهاية الصراع ومن سيفوز فيه في النهاية والتي تعكس موقف الشاعر وصدق رؤيته:
حادي يا بادي يا عبد الهادي
يا للي عليك قصد الغنوا دي
لما الشعب يقوم وينادي
يا احنا يا هما في الدنيا دي
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا
حيغلب مين” ص754
والمعنى واضح وهو يتحقق اليوم في الثورة على الحكام الفاسدين وأصحاب رأس المال والملاكين الكبار في مصر. وكان أحمد فؤاد نجم قد حذر من طول الصمت الذي يغط فيه الشعب المصري:
” أيها المواطنون
أيها المواطنات
مصر من طول السكات
بتناديكم
تسمعون؟” ص110
ويتابع في قصيدة “اصحي يا مصر” بالدعوة للخروج عن الصمت والنهوض من النوم لتحرير الوطن من مستغلي خيراته وناهبي أمواله:
” اصحي يا مصر
اصحي يا مصر
هزي هلالك
هاتي النصر
كوني يا مصر وعيشي يا مصر
مدي ايديكي
وطولي العصر
اصحي وكوني وعيشي يا مصر” ص311-312
حيث يحث العامل على الصحوة لأن جهده يحصده ” الحرامية” والفلاح يمتص جهده “السمسار” ويصف الجندي على أنه الابن المخلص للوطن والذي سيحرر البلاد من الاستعباد فهو ابن الشعب وهو حامي الشعب، ألم يستنجد أبناء الشعب بالجنود واستدعوهم ورحبوا بهم في الشوارع والميادين في ثورتهم الأخيرة؟ وكأن نجم يقول بلسانهم:
” اصحى يا جندي ودق الكعب
حرّر مصر وطهّر مصر
اصحي وكوني وعيشي يا مصر” ص317
ففي قصيدة “شيد قصورك” يسخر من الحاكم الفاسد والطاغي الذي يشيد قصوره من كد وعمل الناس ويفتح السجون لهم ويطلق أعوانه والمستفيدين من النظام بكلمات لاذعة تصور ما شهده بالضبط “ميدان التحرير”:
“شيد قصورك ع المزارع
من كدنا وعمل ادينا
والخمارات جنب المصانع
والسجن مطرح الجنينة
واطلق كلابك
في الشوارع
واقفل زنازينك
علينا”
فهذا ما فعله الحاكم “المخلوع” حسني مبارك الذي أطلق “كلابه” لينهشوا أبناء الشعب المنتفضين، لكن عندما يتحد العمال والفلاحون والطلاب تقوم الثورة التي ستنتصر حتما على أنظمة الطغيان والديكتاتورية:
” والتقينا
عمال وفلاحين
وطلبة
دقت ساعتنا
وابتدينا
نسلك طريق
ما لهش راجع
والنصر قرّب من عنينا
النصر أقرب
من ادينا” 609-613
أليس هذا ما حدث في الأيام الأخيرة ويجري اليوم في مصر؟ ونحن بانتظار النصر المنشود.



* الأشعار مأخوذة من “ديوان أحمد فؤاد نجم” الأعمال الكاملة في جزأين، طبعة أولى 1986
(شفاعمرو/ الجليل)


قديم 02-16-2011, 02:41 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبوءة احمد فؤاد نجم تتحقق بعد ثلاثة عقود

فريدوم هاوس

من حوالي 32 سنة وقف شاعر مصر العظيم احمد فؤاد نجم وغرد بقصيدة شعر كانت الهام محض ... ونبوءة تنتظر رجالها لتتحقق:


ايران يا مصر ، زينا
كان عندهم .. ما عندنا
الدم هو دمنا
والهم من لون همنا
تمسك ودانك من قفاك
تمسك ودانك من هنا
الخالق الناطق هناك
الناطق الخالق هنا
الارض حبلى بالربيع وبالغنى
والجو مشحون بالقصايد والغنا
والشمس فوق الكل تشبه شمسنا
والثروة ملو الارض والناس والبنا
بس العصابه الامريكاني مربعة
فوق الغلابة والديابة مضبعة
والصحفجية العرصجية الاربعة
لابسين صاجات
وكل حاكم له غنا
تمسك ودانك من قفاك
تمسك ودانك من هنا
الخالق الناطق هناك
الناطق الخالق هناك
نفس البلاوي
ع الغلابه متلتله
من فقر شوف وهم خوف
نازل بلا
والقهر زاد
والسيف على رقاب العباد
والمخبرين زي الجراد
ملو الخلا
والفنانين المومسين والفنانات
دول شغالين تبع وزير الاعلانات
يحصل جواز يحصل طلاق يحصل ممات
دول مبسوطين
ومأبجين طول السنة
تمسك ودانك من قفاك
تمسك ودانك من هنا
اللي حصل فيهم هناك
لازم حيحصل عندنا

ويقال انه تنبأ
هذا الشاعر البندقية كما يطلق عليه
الذي تنبأ في شعره بـ مقتل السادات

كما تنبأ :
بسقوط نيكسون بعد زيارته لمصر 1974

قديم 02-16-2011, 02:42 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبوءات الشاعر صلاح جاهين

من الشعراء المصريين الذين كتبوا الشعر بالعامية المصرية الجميلة، وكتب عشرات الأغاني ومنها الوطنية في العهد الناصري وشدا بمعظمها مطرب الثورة، عبد الحليم حافظ. لكن صلاح جاهين دخل في حالة من الاحباط والنكوص بعد هزيمة حزيران، حيث خاب أمله من الشعارات التي رفعها والتي "خدع" فيها الناس كما كان يردد، واعتكف في منزله وانعزل عن الحياة العامة حتى وفاته.

لكن لو أن صلاح جاهين يعيش اليوم في مصر، أو يعود الى الحياة ليشاهد ثورة شباب مصر، فاني على يقين أنه سيعود لفترته الأولى فترة الأمجاد والشعور القومي والايمان بالاشتراكية، وستعود له عافيته ويسترد معنوياته وينطلق بكتابة الشعر الثوري من جديد. فأشعار صلاح جاهين تلك، تعكس تحركات الشباب المصري وثورته على نظام الفساد والرشوة والاستعباد اليوم، واذا ما عدنا الى ما كتبه جاهين أسوة بزملائه في الحقبة الناصرية، نرى أن أشعاره حينها يمكن أن تقال اليوم وكأنها تعايش الحدث، وها هو في رباعياته يتوقع عودة ربيع الشباب:

" طال انتظاري للربيع يرجع

والجو يدفا والزهور تطلع

عاد الربيع عارم عرمرم شباب

ايه اللي خلاني ابتديت افزع؟

عجبي" (أنغام سبتمبرية ص102)

وبناء عليه ونظرا لايمان الشاعر القوي بارادة الشعب، فانه يطلب من الشعب أن يقوم ويحكم بلاده، وكأني بالشعب المصري يعمل بوصية جاهين التي يقول فيها:

" احكم يا شعب
احكم يا شعب
وخد بنفسك مكانك
الأمر صعب
والنهي صعب
إمسك بيدّك ميزانك
احكم وقول
يا بلادي كوني سعيدة
عيشي في أيام مجيدة
واحكم يا شعب" (الأغاني ص49)

فهذا اليوم العظيم الذي يسطره الشعب المصري لن يكون مثله، وبعده سيكون المجد والعز والحرية، وهو اليوم الذي سقط فيه النظام المصري الفاسد برئاسة مبارك فيقول جاهين في هذا وكأنه يقف في ميدان التحرير:

"اليوم ده بعده مفيش
غير مجد وعز وحرية
لو متنا ولادنا تعيش
ونعيش في الأجيال الجاية" (الأغاني ص52)

وهذا الأمر لن يتحقق بدون وحدة أبناء الشعب من فلاحين وعمال وطلبة، كما عبر عن ذلك أحمد فؤاد نجم (انظر المقال السابق)، فيهتف صلاح جاهين بدوره:

" يا فلاحين يا جنود يا طلبة يا عمال
عدوكم حلف لاستعمار ورأس المال
عاش الطريق لشتراكي قوم يا شعب وثور" (أنغام سبتمبرية ص76)

رغم أن رفع شعار الاشتراكية لم يكن مطروحا علنيا في ثورة اليوم، لكنه يعبر عن جوهر الحقبة الناصرية، كما يعبر عن مطالب الشعب في ثورته الحديثة حين يرفع شعارات محاربة الفساد والرشوى ومحاكمة مصاصي جهد الشعب، كذلك رفع رواتب العمال والموظفين وتوفير فرص العمل للشباب.

ويثق جاهين كل الثقة؟ أن ابناء هذا الجيل سيعيشون ليروا نتائج الثورة المجيدة:

" ح نعيش ونشوف مصر سعيدة نعيش ونشوف دنيا جديدة
وكفاحنا يكون بكرة قصيدة توصف أيام ثورة مجيدة" (الأغاني ص52)

ولو ان صلاح جاهين موجود اليوم ويعيش أحداث الثورة الشعبية، لم يكن ليقول إلا:

"انا قلبي مليان حماسة
لكل شيء حر صادق
ما ليش كتير في السياسة
لكن باحب المباديء" (الأغاني ص72)

وأمام ما لجأ اليه نظام مبارك من أساليب بلطجية لكسر إرادة الشعب، يسخر جاهين منه ومن تفكيره بأنه سيسد فجر النصر:

" الفجر طالع مين يحوشه من الطلوع
ويا شعب يا ممنوع يا ويل من يمنعك
الله معك.. الله معك.. الله معك" (م.س ص75)

فهذا الشعب لا توجد قوة توقفه او تمنعه من تحقيق اهدافه بعد، ولهذا سيحققها بعدما عرف طريقه، وهذا ما حصل فعلا:

" الشعب قام يسأل على حقوقه
والثورة زي النبض في عروقه
اللي النهاردة يحققه ويرضاه
هوّ اللي بكرة، بهمته، يفوقه" (م.س ص104)

لكن الصورة لا تكتمل دون وجود القائد المحبوب، الذي يصبو لتحقيق آمال شعبه، لهذا فشاعرنا يحن لعودة الفارس الأصيل، ابن البلد "الريس" عبد الناصر، وتجلى ذلك في رفع صوره خلال أيام الثورة الشبابية المجيدة، وهنا يخاطبه الشاعر قائلا:

" وحشتنا نظرة عيونك للبلد يا جمال
والحزم والعزم فيها وحبها المكنون" (أنغام سبتمبرية ص8)

وهكذا تكتمل الصورة التي طالما تغنينا بها وانتظرناها وحققناها في يوم من الأيام، وما زلنا نشتاق لتحقيقها ثانية:

"صورة صورة صورة
كلنا كدة عايزين صورة
صورة للشعب الفرحان
تحت الراية المنصورة
يا زمان صورنا
صورنا يا زمان" (الأغاني ص34)

وفعلا حقق الزمان والقدر ما يصبو إليه شعب مصر العظيم، وكل ذلك بهمة الشباب وإصرارهم وصمودهم، ووقوف الشعب بمعظمه من خلفهم، وتأييد الشعوب والجاليات العربية والصديقة في الوطن العربي وأرجاء العالم، وتحقق المطلب الأساس بإسقاط النظام لأن هذه هي إرادة الشعب التي لا يغلبها غلاب.

(شفاعمرو/ الجليل)

قديم 02-16-2011, 10:16 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبوءات الشعراء
كتبها حسن توفيق ، في 14 أبريل 2008 الساعة: 23:00 م

الملهمين أصدق من تحليلات المفكرين والسياسيين

طرفة بن العبد: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً

برتولت بريشت: أنتم يا من ستأتون.. فكروا في الزمن الأسود الذي عشناه

أبوفراس: ونحن أناس لا توسط عندنا لنا الصدر دون العالمين أو القبر

بقلم: حسن توفيق

أيها الشعر.. يا أيها الفرح المختلس- كل ما كنت أكتب في هذه الصفحة الورقية- صادرته العسس.. هذا ما قاله أمل دنقل في قصيدة من أوراق أبي نواس وكان أبناء جيلي معجبين كل الاعجاب باقتران الشعر بالفرح الذي يختلسه الانسان من بين ركام الحزن الذي يحيط بالجهات كلها، فالحق أن أعماق الشعراء تظل حزينة ومتألمة، حتي وان اكتست ملامح وجوههم بما يوحي بالفرح ، وكما قال الشاعر الرومانسي الرقيق بيرسي شللي انه يحل بين جوانحه شهوة إصلاح العالم فكذلك يشعر هؤلاء جميعا، وهم يتأملون ما حولهم من خطايا وأخطاء ونقائص، وما تحفل به الحياة ذاتها من متاهات وصراعات ونقائض.
لو أننا جمعنا ما قاله الشعراء وما سيقولونه خلال الاحتفال المتجدد باليوم العالمي للشعر، فإننا سنجد أن الحزن سمة مشتركة بين ما قيل وما سيقال، لأن الشاعر الحقيقي لا يقنع بما يري حتي وان كان جميلا، فإذا كان ما يراه قبيحا فإنه يسعي لأن يجعله جميلا، وإذا كان بالفعل جميلا فإنه يطمع في أن يراه أجمل، وهذا هو الفارق الجوهري بين الفن الذي يريد الوصول إلي المستحيل وبين السياسة التي تقنع بالممكن وفقا لمقولة خذ .. وطالب !
دون انحياز للشعر ضد السياسة،فإن الشواهد كلها تؤكد أن نبوءات الشعراء الملهمين- وهم ليسوا بالطبع كثيرين- تبدو أعمق وأصدق من تحليلات المفكرين والسياسيين، لأن الشعر يستطيع أن ينفذ إلي ما هو أبعد بحدسه النقي، أما المفكر فإنه ينظر من خلال وقائع مرحلة معينة،بينما السياسي لا يهتم إلا بما حوله مباشرة، وقد يكون ضيق الأفق فلا يري أبعد من موطيء قدميه.
منذ أقدم العصور، يحاول الشعراء أن يحثوا سواهم علي كل ما من شأنه أن ترتقي حياة الإنسان فوق
الأرض، ابتداء من دعوة زهير بن أبي سلمي الي إحلال السلام بدل الحرب، وهي دعوة مبكرة اطلقها الشاعر العربي منذ قرون من الزمان الي حث المتنبي للمقهورين بألا يستسلموا لما يتعرضون له من قهر وهوان، لأن من يسهل يسهل الهوان عليه - ما لجرح بميت إيلام ومن المتنبي العبقري الي شعراء العالم الكبار، نجد أن دعوات المحبة تتكرر، وان مجابهة الظلم مطلوبة في كل الأحوال، حتي لو كانت المجابهة بأضعف الايمان، وهذا ما يتردد في قصائد الشعراء الذين توجهوا الي الانسانية رغم اختلاف جنسياتهم والوانهم وعقائدهم، ومنهم رابندارانات طاغور - الهندي وفيديريكو جارثيا لوركا - الاسباني وفلاديمير مايكوفسكي - السوفييتي وبرتولت بريشت - الألماني وناظم حكمت - التركي.
في إحدي قصائده الشهيرة - من ترجمة الدكتور عبدالغفار مكاوي - يقول برتولت بريشت موجها كلامه لأبناء الأجيال المقبلة: .. انتم يا من ستظهرون - بعد الطوفان الذي غرقنا فيه - فكروا عندما تتحدثون عن جوانب ضعفنا - في الزمن الأسود الذي نجوتم منه - لقد كنا نخوض حروب الطبقات - ونهيم بين البلاد - ونحن نغير بلداً ببلد - أكثر مما نغير حذاء بحذاء - يكاد اليأس يقتلنا - حين نري الظلم أمامنا - ولا نري أحداً يثور عليه.. . ومن هذا المنطلق ذاته يمكننا أن نعود مع الزمان بعيدا لنسمع صرخة أبي فراس الحمداني التي تتشابه في بعض ملامحها مع ما قاله بريشت:
ونحن أناس لا توسط عندنا
لنا الصبر دون العالمين أو القبر
يستطيع الشاعر الملهم - لا المزيف المتشاعر - أن يتنبأ، ويمكن أن يقول وهو يري المصائب والكوارث المحدقة بالجميع .. رعب أكبر من هذا سوف يجيء.. ويمكنه إذا عدنا كذلك مع الزمان أن يردد ما قاله طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأنباء من لم تبع له
بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
لعمرك ما الأيام إلا معارةً
فما استطعت من معروفها فتزود
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه
فإن القرين بالمقارن يقتدي
يوم عالمي للشعر فيه تخصيص، وفيه تكريم للشعراء دون سواهم، لكن الشعر في الحقيقة فن من الفنون التي تسمو بالانسان، وترفعه مما يشترك فيه مع الحيوان الي منزلة أعلي وأرقي.. فإذا كنا نحتفل بالشعر فعلينا كذلك ألا ننسي: الموسيقي.. الفنون التشكيلية.. الأدب بصفة عامة.. ولكن بشرط واحد أساسي هو أن تكون كل هذه الفنون نابعة من قلب انسان مبدع الي قلوب بني الانسانية اجمعين، دون تعصب مقيت، ودون تفاخر سخيف، وهذا الشرط لا يستطيع أن يحققه الا النضال الأصيل وحده.. وتحية للشعر في يومه العالمي.. تحية للفرح المختلس

قديم 02-16-2011, 10:16 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبوءات الشعراء
كتبهـا : حسنالحارثي - بتــاريخ : 1/17/2011 2نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة44 pm, التعليقــات :
رحل محمد الثبيتي – قامة الوطن الشعرية السامقة- وظلت أحرفه نبوءة سيد البيدووقعا في مقبل الأيام والأوجاع والوطن. رحل وهو يتهجى الحلم والوهم والصحو، وتركلنا عذوبته وتراتيله وعنفوان تضاريسه وشيئا من مسكنات الذاكرة. رحل وهو يغزل الوطنبحبات الرمل ويصوغ منه رحلة شهية للسماء.





لم يكن الشعر يوما حديثا يردد وكلامايغنى قط، الشعر روح الزمن وإعادة تشكيل وعيه، هو نبوءة المثقفين والفلاسفة الذينيرسمون للوطن الخطى ويكتبون الرؤى الخالدة بعد أن تمكنوا من قراءة تفاصيل المرحلةفكريا وسياسيا وراحوا ينشدون تكامل الحاجات الإنسانية وغاياتها العظمى.






ولم يكنالشاعر الفرنسي العظيم فيكتور هوجو مجرد أديب منظر أو رجل بلاغي، لقد كان محارباتنويريا في وجه الظلامية وصوتا جهورا للإنسان الفرنسي البسيط في القرن التاسع عشر،رغم أنه عاش النصف الأول من عمره نبيلا من نبلاء باريس.





كانت أشعار هوجووكتاباته نضالية محضة، ترصد حاجة المواطن الفرنسي في تلك الحقبة للحريةوالديموقراطية والتعددية وكان يمقت بأحرفه الحارقة، البورجوازية والتصنيف الطبقيوبربرية نابليون وسيادة الأصولية على الحداثة والتمدن. كان يقول "لن أتردد في قولأشياء تجتاز عتبات القرون".





طالب آنذاك بثلاثة اشياء:
-عدم إستغلال الأطفال فيالعمل.
- وتحسين وضع المرأة.
- وحرية التعبير والنشر في الصحافة،
ورغم أنه مات ولم تتحققهذه المطالبات التي حشا بها أشعاره وروايته الخالدة "البؤساء" إلا أن هذه النبوءةرأت النور بعده بفترة وجيزة، وبات هوجو أهم وأقوى رجل في تاريخ فرنسا ومازال.





أنها نبوءة الشعراء، وإن كانوا يهيمون في كل واد، ولم يكن شعراء أوروباومثقفيها وحدهم من يستشعرون المرحلة ويكتبون أحلام الشعوب على ورق الحقيقة، فها هينبوءة ابو القاسم الشابي تتحقق في تونس، وها هو القدر يستجيب لشعب أراد الحياةالكريمة، وهاهم التوانسة يكتبون وطنهم بأيديهم ويختارون مصيرهم في ثورة الخبزوالكرامة.






ديمومة :
فما زال في الغيب منتجع للشقاء - وفي الريح من تعبالراحلين بقايا



قديم 02-16-2011, 10:17 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشاعر أمل دنقل : النبوءة المعذبة ، وغربة الرسول


جبر جميل شعث


كنت وما زلت أؤمن برسالية الشعر ، وبنبوءة الشاعر
، فالشعر يجب أن يكون

مؤسساً على فكرة معينة ، ومنطلقاً برؤيا واضحة غير مشتتة ، وموصلاً رسالته

إلى المتلقي الموجود على الأرض ، والشاعر يجب أن يكون ( تلباثياً ) يستشعر علىالبعد ، يستشرف الآتي ، متنبئاً به ، بحسه الشعري وثقافته التأسيسية المتجاوزة ، والتجاوز لا يتحقق الا بشرطية التأسيس ، وخلخلة وتفكيك القائم الراهن لا يتحقق الا بشرطية التأصيل ، بمعنى ؛ خلخلة المؤسس والمؤصل ثم

إعادة بنائه وترتيبه ، ضمن الخصوصية الثقافية للشاعر ، وأنبه إلى أن الخصوصية هنا لا تعني انكفاء الشاعر على ذاته ، واكتفائه بالعناصر المكونة لثقافته ، بل هي الخصوصية المنفتحة على الثقافات الأخرى ، المفيدة منها والرافدة لها ، لكن دون الانبهار والانسحاق ودعاوى القطيعة ، ما يؤدي إلى الذوبان وضياع الهوية بمكوناتها المختلفة .

إن ما هو قائم اليوم في بلادنا وفي عمقنا العربي ، ليؤكد بأننا نعيش في عصر صراع الحضارات ومحاولة طمس الهوية ، وصولاً إلى هيمنة حضارة واحدة تفرض مفاهيمها ومعاييرها وأخلاقها وثقافتها على العالم كله .

لقد سقطت بغداد ، ولا يختلف اثنان على قراءة دلالات هذا السقوط ، إن حضارة بأكملها قد سقطت في يد من يحاولون فرض حضارتهم وثقافتهم الاستهلاكية اللاأخلاقية علينا ، ويحاولون تذويب هويتنا الثقافية ، من خلال بث ثقافة النسيان المتمثلة في الجنس والشذوذ وقيم المال المزيفة والرامبوية التي تحركها العقد المختلفة ، حتى نصبح مثل بعض الأمم والشعوب في أفريقيا وأميركا اللاتينية التي أفقدها الاستعمار خصوصيتها ومحق هويتها الثقافية .

انه الخطر الذي يتهددنا " ومهمة الشاعر بالذات أن يوصل هذا الإحساس إلى وعي الأمة وأن لا تتحول قصائده إلى مفردات قاموسية مجردة عن أي معنى أو إلى معان مطلقة تسعى إلى تخدير الوعي وإماتة الحواس بدلاً من إيقاظها ، وفي مرحلة الهوان والانحطاط كالمرحلة التي نعيشها الآن لابد أن يتخلى الشاعر عن

الوقوف في دائرة الأحلام الذاتية وقبل أن يحاول التحرر من القوالب الميتة أو التي يراها كذلك ، عليه أن يتجنب الوقوع فيما هو أخطر من هذه القوالب كالشكلية وتزييف الواقع " (د . عبد العزيز المقالح ، مقدمة ديوان أمل دنقل،ص33)

كان لا بد من هذه المقدمة قبل الدخول إلى كون الشاعر أمل دنقل ، الشاعر الصعلوك ، أمير شعراء الرفض ، الذي عانى بسبب مواقفه الوطنية والقومية من الجوع والفقر والمطاردة ، والذي تجاهلته المؤسسة الثقافية الرسمية

، شأنه في ذلك شأن كل المتمسكين بمبادئهم ، غير المساومين عليها ، غير المهادنين للسلطة ورقبائها من أشباه المثقفين ، ومن المفتين الذين يعملون بنظام القطعة . لقد بقي الشاعر الراحل أمل دنقل على تناقض مع السلطة ، وهو بهذا التناقض كان يؤكد مقولة : إن الشاعر الحقيقي لا يمكن أن يلتقي مع السلطة وما تمثله ومن يمثلها .

كان أمل دنقل شاعراً ثورياً منتمياً إلى وطنه والى عمقه العربي بمكوناته الحضارية والثقافية ،كيف لا وهو الشاعر العربي الوحيد الذي وظف هذا التراث

توظيفاً نسيجياً في شعره ، ولم يكتفِ به ، بل انفتح على التراث الإنساني يبحث في فضاءاته عن معان ودلالات جديدة لقصيدته . لقد انحاز إلى المواطن المقهور المكمم ، المغيب، وتبناه في شعره ؛ لأنه أدرك أن السلطة لا تدافع عن مواطنيها وأن الشعارات التي ترفعها محض كذب وخداع ، وان الأسلحة التي نراها في الاستعراضات ويفرح بسطاء الناس بها متوهمين أنها من أجل الدفاع عن وطنهم وعنهم وهي في الواقع لقمعهم وقتلهم :

قلت لكم مراراً
إن الطوابير التي تمر..
في استعراض عيد الفطر والجلاء
( فتهتف النساء في النوافذ انبهارا )
لا تصنع انتصارا
إن المدافع التي تصطف على الحدود ، في الصحارى
لا تطلق النيران .. الا حين تستدير للوراء
إن الرصاصة التي ندفع فيها.. ثمن الكسرة والدواء:
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا ..إذا رفعنا صوتنا جهاراً
تقتلنا، وتقتل الصغارا !


(قصيدة: تعليق علىما حدث ، ديوان أمل دنقل ص210)


إن أمل دنقل الذي لم يكن يملك ثمن قوت يومه ، والذي كان يتبادل نفس القميص مع زميله ، هو

نفسه أمل دنقل الذي كان يملك الوعي العميق ، والقدرة الخارقة

على قراءة وتحليل الواقع ، والتنبؤ من خلال هذه القراءة بما سوف يكون ، وانطلاقاً من النبوءة تلك كان تحذيره لقومه الذين لم يعيروه اهتماماً ولم يصدقوا نبوءته ، ولم يكتفوا بذلك بل اتهموه بالتجديف ورموه بالكفر ، ولكن متى صدق القوم أنبياءهم ؟

لقد صرخ الشاعر معبراً عن ضمير الأمة الجمعي بكل ما أوتي من كلمات ..ولكن ماذا تفيد الكلمات البائسة إن لم تجد آذاناً صاغية ؟ ومتى كانت السلطة الطاغية تأخذ بكلمة الشعوب ورأيها ؟


إن الحكام يظلون على علوهم ، يعمهون في طغيانهم إلى أن يدق رؤوسهم الخطر
وعندئذ يلتمسون النجاة والفرار ، تاركين الشعوب للموت والحطام والدمار :

أيتها العرافة المقدسة..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ ، يا زرقاء بالبوارْ
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فوجئوا بحد السيف: قايضوا بنا..
والتمسوا النجاة والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروح والفم
لم يبقَ الا الموتُ
والحطام والدمارْ


(قصيدة البكاء بين يدي زرقاء اليمامة، الديوان ص125)


هذا ما كان من حال زرقاء اليمامة مع قومها ، التي رأت بعينيها الحادتين الغزاة وحذرت قومها ، لكنهم اتخذوا كلامها هزوا ، حتى باغتهم الغزاة وفرقوهم أيدي سبأ .وهي ذات الحال التي كانت للشاعر مع قومه ، وكلنا يعرف ماذا حدث في حزيران عام 1967وهو زمن كتابة القصيدة .


وبالرغم من ثبوت رؤية زرقاء اليمامة ، وتحقق نبوءة الشاعر ، الا أن القوم أعادوا سيرتهم الأولى ، وظلت الزرقاء وحيدة عمياء ، وظل الشاعر وحيداً منبوذاً :


ها أنت يا زرقاءْ
وحيدة.. عمياءْ !
وما تزال أغنيات الحب.. والأضواءْ
والعربات الفارهات.. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المشوها (قصيدة البكاء بين…الديوان ص126).

لقد قرأ الشاعر أمل دنقل التداعيات السياسية وغير السياسية التي أعقبت حرب أكتوبر سنة 1973م ، قراءة عميقة واعية، واستشعر ، بل تنبأ بالكارثة التي ستقع ، والتي تمثلت في زيارة الرئيس السادات إلى القدس في عام 1977م ، وكان قد أنهى كتابة قصيدته / النبوءة ( لا تصالح ) في تشرين الثاني 1976م

، وهي من قصائد القناع ، وقد استلهمها الشاعر من سيرة الزير سالم ، وبالتحديد من حادثة مقتل أخيه كليب ( الذي نصب نفسه ملكاً ) على يد جساس الذي كان معارضاً للملك الظالم المستبد ( كليب ) ورافضاً لملكه المفروض بالقوة على سائر العرب.

والقصيدة مبنية على فكرة ( رفض الصلح ) وذلك بناءًا على وصايا كليب العشر لأخيه المهلهل التي كتبها بدمه على بلاطة وهو يحتضر ، ما أدى إلى حرب البسوس الشهيرة التي كان شرط توقفها مستحيلاً ، إذ تمثل في قول المهلهل :

فانا لا نصالح في كليب الا أن نراه علا الحصانا
وفي قول اليمامة :
أنا لا أصالح حتى يعيش أبونا ونراه راكب يريد لقاكم


"وواضح أن الموقف الذي استغرق اهتمام الشاعر وحرص على تفصيله وشحنه بالعناصر الفكرية والشعورية ، هو وصية كليب لأخيه المهلهل ، وهي وصية أراد الشاعر أن تعكس رؤيته المعاصرة لطبيعة الصلح مع إسرائيل _ وهذا ما لم يختلف فيه أحد _ بل كان أمل يعلنه في كل مجالسه ، ويرى أن الأرض العربية السليبة لن تعود إلى الحياة الا بالدم … والدم وحده" ( التراث الانساني في شعر أمل دنقل ، د. جابر قميحة ص139).


يقول أمل دنقل :
لا تصالح !
ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما ..
هل ترى ..؟


(قصيدة لا تصالح ، الديوان ص324)

ويحذر الشاعر من القوى الدولية المتواطئة الوسيطة غير النزيهة والتي نشطت بعد حرب أكتوبر المجيدة ( وبصرف النظر عما قيل بشأن تلك الحرب ، وحول ما إذا كانت حرب تحرير أم حرب تحريك باتجاه الصلح مع إسرائيل ) فان تلك القوى تحركت عندما شعرت بأن المشروع القومي العربي قد حقق اختراقاً مهماً وبدأ في التشكل والتبلور نحو التحرر والتحرير ، فأخذت في نشر المبادرات والتلويح بشتى أنواع الضغوطات والعزف على أوتار السلام والتنمية والرخاء الاقتصادي الذي سيعم على البلاد العربية في عهد السلام :

لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنس؟


………………………………
………………………………
كيف تحلم أو تتغنى بمستقبل لغلام
وهو يكبر بين يديك بقلب منكس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام .

( قصيدة لا تصالح ، الديوان ،ص330)


والحال اليوم ، هي أن الأنظمة لا تكتفي باقتسام الطعام مع من يقتلوننا ، بل تقتسم معهم الرصاص وخبرات التعذيب وكمامات الأفواه وصمغ الآذان ..والكلاب البوليسية .

إن السلام قيمة أخلاقية كبرى ، بها يستقيم العالم ويكتمل الإنسان ، وهي المحور الرئيس في جميع الديانات والمعتقدات الرسالية وغير الرسالية ، والإنسان السوي يسعى دوماً بفطرته إلى العيش في أمن وسلام ، ولكن هناك أناساً قد خرجوا من شقوق الخرافات ، لا يؤمنون بالسلام بين البشر، بل يرون فيه خطراً يهدد وجودهم ..هؤلاء اللصوص الذين سرقوا الأرض من أصحابها بالتذبيح والتهجير لا ينفع معهم صلح هم في الأساس لا يسعون إليه :

لا تصالح
فما الصلح الا معاهدة بين ندين
( في شرف القلب )
لا تنتقص
والذي اغتالني محض لص
سرق الأرض من بين عينيّ
والصمت يطلق ضحكته الساخرة


!( لا تصالح ، الديوان ص335)

نعم، انه صمت الغرب الاستعماري المشارك المبارك الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق ، وصمت الممالك والمشيخات التي قاتلت بالشعر الرديء والأسلحة الفاسدة :

هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ


( لا تصالح، الديوان، ص336)


كان الشاعر أمل دنقل مؤمناً بالمستقبل وبالأجيال القادمة ، على الرغم من تسليمه برداءة الراهن ، وبعقم السلطة السياسية ، وبتغول الغرب الاستعماري المتحالف مع تلك السلطة ليشكلا معاً الجدار القاسي الذي يحول دون شروق الشمس على حلم الشعوب المقهورة التي ستظل تنقر في الجدار حتى تثقبه ويمر النور _ إن لم يكن لها_ فللأجيال القادمة :

آه ما أقسى الجدار
عندما ينهض في وجه الشروق
ربما ننفق كل العمر كي نثقب ثغرة
ليمر النور للأجيال ..مرة
…………………….
…………………….
ربما لو لم يكن هذا الجدار:
ما عرفنا قيمة الضوء الطليق!!


(قصيدة حكاية المدينة الفضية، الديوان ص238)

نعم ، لقد استطاع أمل دنقل برغم عمره القصير (1940_1983) أن يثقب أكثر من ثغرة ويمرر لنا منها نبوءته الشعرية ..ورسالة الشعر الخالدة .لقد وصلت الرسالة وتحققت النبوءة ، وهأنذا مكبٌ على ديوانه أبكي بين يديه نادماً

قديم 02-16-2011, 10:17 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
النبؤة الشعرية

عبد احافظ بخيت
النبوءة الشعرية مصطلح ظهر مؤخرا فى الدراسات النقدية الحديثةوهذا المصطلح يعنى قدرة الشاعر على استشراف المستقبل والاخبار عنه من خلال ابداعهالشعرى, ولا يعنى ان الشاعر ممكن ان يصل الى مرتبة النبوة.
والشاعر بحسه الشعرىوقرائته لواقع امته السياسى والثقافى يستطيع ان يرسم صورة المستقبل لأنه من اهمالتابعين والراصدين لحركة الأمة على كل المسيويات وبالتالى يمكن له ان يجازف ويعلنبما سوف يكون عليه المستقبل ويبدأ على هذا الأساسيتعامل مع واقعه فنيا على اعتبار ماسوف يكون على حد تعبير علماء البلاغة القدامى,وان كان هذا المصطلح ظهر حديثا فىالأطروحات النقدية وتحديدا بعد هزيمة 67 بدأ النقاد يتحدثون عن قصيدة الشاعر أملدنقل التى تنبأت بالهزيمة وهى قصيدة "بين يدى زرقاء اليمامة"والتى اعتمد فيهاالشاعر على توظيف أسطورة زرقاء اليمامة العربية والتي كان معروفا عنها انها ترىلمسافت بعيدة استطاع الشاعر من خلال هذه الأسطورة ان يرى ان الهزيمة آتية لا محالةومن هنا ابتكر النقاد العرب ما يسمى بالنبوءة الشعرية .
والحقيقة اذا كان ذلك كذلكفان ابا تمام كان اسبق من امل دنقل فى النبوءة الشعرية هذا اذا تركنا الحديث عنالمتنبى ونبواءته التى يثور حولها جدل حتى الان ,فأبو تمام رفض نبوءة المنجمين فىفتح عمورية واعتمد على نبوءته حين قال :
السف اصدق أنباء من الكتب فى حده الحدبن الجد واللعب
بيض الصفائح لاسودالصحائف فى متنوخن جلاء الشك والريب


ونحنالآن ازاء قصيدة أخرى تنبأت بانتصار الجنوب اللبناني وهى قصيدة الجنوبالتي كتبها الشاعر الراحل نزار قبانى والتي جاء فيها:
"1"
سميتكالجنوب
يا لابسا عباءة الحسين
وشمس كربلاء
يا شجر الورد الذى يحترفالفداء
يا ثورة الأرض التقت بثورة السماء
يا جسدا يطلع من ترابه
قمحوانبياء
اسمح لنا بأن نبوس السيف بين يديك
اسمح لنا
أن نعبد الله الذىيطل من عينيك
يا يها المغسول فى دمائه كالوردة الجورية
انت الذى أعطيتنا شهادةالميلاد
ووردة الحرية
"2"
سميتك الجنوب
يا من يصلى الفجر فى حقل منالألغام
لا تنتظر من عرب اليوم سوى الكلام
لا تنتظر منهم سوى رسائلالغرام
لا تلتف الى الوراء يا سيدنا الأمام
فليس فى الوراء غير الحهلوالظلام
وليس فى الوراء غير الطين والسخام
وليس فى الوراء الا مدن الطروحوالأقزام
حيث الغنى يأكل الفقير
حيث الكبير يأكل الصغير
حيث النظام يأكلالنظام
"3"
سميتك الجنوب
سميتك الشمع الذى يضاء فى الكنائس
سميتكالحناء فى اصابع العرائس
سميتك الشعر البطولى الذى
يحفظه الأطفال فىالمدارس
سميتك الأقلام والدفاتر الوردية
سميتك الكتابة السرية
سميتكالرصاص فى أزقة النبطية
سميتك النشور والقيامة
سميتك الصيف الذى تحمله
فىريشها الحمامة
"4"
سميتك الجنوب
سميتك المياه والسنابل
وشتلة التبغالتى تقاتل
ونجمة الغروب
سميتك الفجر الذى تنيظر الولادة
والجسد المشتاقللشهادة
يا آخر المدافعين عن ثرى طروادة
سميتك الثورة والدهشةوالتغيير
سميتك النقى والتقى والعزيز القدير
سميتك الكبير ايهاالكبير
سميتك الجنوب
"5"
سميتك الجنوب
سميتك النوارسالبيضاء والزوارق
سميتك الأطفال يلعبون بالزنابق
سميتك الرجال يسهرون حولالنار والبنادق
سميتك القصيدة الزرقاء
سميتك البرقا لذى بناره تشتعلالأشياء
سميتك المسدس المخبوء فى صفائر النساء
سميتك الذين بعد انيشيعوا
يأتون للعشاء
ويستريحون فى فراشهم
ويطمئنون على أطفالهم
وحيتيأتى الفجر يرجعون للسماء
"6"
سميتك الجنوب
يايها الطالع مثل الأعشاب مندفاتر الأيام
يا يها المسافر القديم فوق الشوك والآلام
يا يها المضيئ كالنجمةوالساطع كالحسام
لولاك مازلنا على عبادة الأصنام
لولاك كنا نتاعطى علنا
حشيشة الأحلام
اسمح لنا بأن نبوس السيف فى يديك
اسمح لنا ان نجمع الغبارعن نعليك
لو لم تجئ ي سيدى الأمام
كنا أمام القائد العبرى
مذبوحينكالأغنام.
ففى هذه القصيدة استطاع نزار قبانى بحسه الشديد الحساسية وخبرتهالفنية الدقيقة ان يستشرف المستقبل ويفضح تخاذل العرب ويتنبأبالانتصار

قديم 02-16-2011, 10:18 PM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبوءة الشعراء



ولا تقتلوا 'زهران' الجديد: مصر وتونس تعيدانالحنين الى الزمن الثوري





ابراهيم درويش



2011-01-30





القدس العربي
بالعودة إلى شرارة الثورةالتونسية التي انهت حكم طاغية آخر ـ شاهدنا الجماهير التي لم تنس الشابي وراحت تردداغنياته عن الحياة والقدر والارادة، والآن نجد انفسنا امام ثورة المصريين وكل مناله وصفه للثورة الحالية.


الماغوط والارهاب العربي
وفي هذه اللحظة يجدالمرء نفسه مدفوعا للعودة الى ما كتبه الماغوط وهو 'يخون وطنه' ( ربما لم يقرأ منالثائرين الجدد هذا) متسائلا 'هل فقدت الشعوب العربية احساسها بالأرض والحريةوالكرامة والانتماء إلى هذه الدرجة؟ أم أن الارهاب العربي قد قهرها وجوّعها وروّعهاوشرّدها سلفا أكثر بكثير مما فعلته وما قد تفعله اسرائيل في المستقبل؟'. هذه نبوءةالشاعر تتحقق، وهنا لا بد من الاشارة إلى ان الشاعر الذي هرب من وطنه قبل ان يجديدا يحمل فيها حقيبته او يرتبها كتب قائلا 'آخر مرة كانت الى تونس، اربعة الاف كيلومتر فوق البحار والقارات وانا احدق من نافذة الطائرة، كما يحدق اليتيم في واجهاتالحوانيت في الاعياد. كانت الغيوم هاربة من العرب، الامواج هاربة من العرب، الاسماكهاربة من العرب التلوث هاربا من العرب، العروبة هاربة من العرب. وبعد اسبوع كنتاعود اليهم وحزام الامان ما زال حول خصري'. لكن العرب اليوم اكتشفوا ذاتهم وحريتهموحطموا جدار برلين. تأخروا قليلا ولكنهم الان على قمة العالم. لم يخن الماغوط وطنهلان قلبه كان عليه، فهو لا يمكن ان يكون من نوعية الخونة الذين تساءل عنهم السياب 'اني لأعجب كيف يمكن ان يخون الخائنون.... أيخون انسان بلاده؟؟'، ولا من بائعيالارض الذين تحدث عنهم ابراهيم طوقان 'اما سماسرة البلاد فعصبة / عار على اهلالبلاد بقاؤها'.




دمشق والثلاثية الحمراء
اليوم وفي انتفاضات الشعوب العربيةالتي تكسر قيود الخوف وتطالب بالتغيير ـ تحضر في القلب والعقل كل القصائد الجميلةالتي سجلت الحزن والفجيعة والثورة.


من شوقي ومرثيته لدمشق وهو يغني 'وللحرية الحمراءباب / بكل يد مضرجة يدق'، وهو يرثي عمر المختار،
وابراهيم طوقان وهو يكتب 'اوبرا' الثلاثية الحمراء عن شهداء انتفاضة البراق الذين اعدمهم الاستعمار البريطاني في سجنعكا 'لما تعر ض نجمك المنحوس / وترنحت بعرى الحبال رؤوس/ ناح الأذان واعول الناقوس/ فالليل اكدر والنهار عبوس'.


مثل الشهداء في الزمن العربي السابق يعيد لنا هؤلاءالشبان الزمن الجميل، الزمن الذي كان فيه الشعر بياناً ثورياً لم يذق بعد حسالهزيمة. شعر كان يتطلع إلى الحرية، ولم يكن قد واجه بعد عام 1948 ولا عام 1967 ولاحتى خروج المقاومة 1982.


تذكرنا الانتفاضات الجديدة بالشعر الجميل هذا مع اننا لمنسمع منه الكثير في مظاهراتهم التي لم تحمل سوى يافطات تهتف بسقوط الصنم، وقطعاسيأتي الشعر الجميل فيما بعد. ويظل من الغبن ان نصف ثورات الشباب بأنها ثوراتالياسمين والخبز والزبدة، فهي ثورات مخضبة بالدماء تحمل وسام سليمان الحلبي وعمرالمختار وعز الدين القسام وشهداء الثورة الجزائرية، وزهران بطل صلاحعبدالصبور.
صلاح عبدالصبور وشنق زهران


ويجد من يشاهد الانتفاضة المصرية عنبعـد نفسه مدفوعا مرة اخرى إلى القراءة والبحث عن صورة البطولة في الحياة المصريةوما اكثرها، ويقع على ما كتبه صلاح عبد الصبور عن مذبحة دنشواي، حيث تمنحه المشاهدالملحمية صورة تتفاعل وتتماهى بين ابطال اليوم وشبابها وبين ما صوره عبد الصبور عنزهران.
كانت مذبحة دنشواي، تلك القرية الهادئة التي وقعت فيها المذبحة في بدايةالقرن العشرين، بداية مرحلة للخروج من رق الاستعمار ثم جاءت الثورة المصرية عام 1919 لتعيد خلق الانسان المصري وصورته عن نفسه. ومصر اليوم في بداية العقد الثانيمن القرن الحادي والعشرين على اعتاب ثورة ستكون لها اصداؤها ليس في مصر بل في كلالعالم. فأيامها الأربعة او الخمسة او الستة هزت حتى الان المنطقة. وما يهم الان هوان لا ندع الديكتاتور يشنق زهران/ الشباب لأن عب دالصبور كتب عن بطله زهران قائلا:


'كان زهران غلاما ..
امه سمراء
والاب مولد، وبعينيه وسامة
وعلى الصدغ حمامة،
وعلىالزند ابو زيد سلامة .
ممسكا سيفا وتحت الوشم نبش كالكتابة..
اسم قرية ( دنشواي)
.. شبّ زهران قويا ونقيا،
يطأ الارض خفيفا واليفا'،
فهذا الشباب ولد من نسغ زهران الذي 'كان يحب الحياة..
كان زهران صيقا للحياة،
مات زهران وعيناه حياة..
فلماذا قريتيتخشى الحياة؟'.
لكن شباب اليوم يحبون الحياة مثل زهران ولم تعد مصر تحب الموت كماكان اجدادهم الفراعنة يهيئون كل شيء لما بعد الموت.




بين جوع المقريزي وجوع الحرية اليوم المثير الآن في ثورات الشبان انها ثورات محلية وان كان لها بعدٌخارج اراضيها ومع ذلك تظل مطالبها محلية تطالب بإزالة آثار استعمار الديكتاتوريينوانظمة قمع استعمرتهم لعقود، وهي وإن تأثرت ببعضها البعض من خلال التكنولوجياالحديثة، التويتر، والانترنت والفيسبوك الا ان مطالبها لا علاقة لها بالهم العربيالعام، فهي ليست معنية بالصراع العربي ـ الاسرائيلي ولا الوحدة العربية ولا 'الوطنالاكبر' ولا الوحدة الاممية ولا حتى الوطن الاسلامي الذي رفعه المصلحون المسلمونوالاسلاميون. انها ثورات بلا اعلام ولا قيادات ولا شعارات الا شعارات، وبلا لحى اوخنافس، ترفع اصواتها ضد الظلمة وهي في هذه تعيد الينا الهبات الشعبية في التاريخالماضي عندما كان الناس يهبون مطالبين. ونعود مرة ثانية الى ان الثورات هذه وانذكرتنا بثورات الجياع التي حدثنا عنها المؤرخ المعروف المقريزي في كتابه 'اغاثةالامة بكشف الغمة' و الذي صور فيه 'تاريخ المجاعات في مصر' ، لكن هؤلاء الشبانالثائرين المتعلمين تختلف فهم يريدون العمل والحياة الكريمة، جوّعهم النظام، وليسواكجياع المقريزي الذي كتب عن المحن والمآسي التي عاشها المصريون في غفلة من حكامهم،الذين ابتعدوا عن الجماهير. فقد ذكر المقريزي في كتابه ما يقرب عن 26 مجاعة. ويعودالمقريزي الى جذور مصر الفرعونية ليحدد ان اول مجاعة اصابت البلاد حدثت في عهدالملك السابع عشر. ويقدم المقريزي قصصا اخرى عن البلاء الذي حل بمصر بشكل ادى الىان راح الناس يأكلون الكلاب والاطفال الصغار. وفي احدى المجاعات بيع رغيف الخبزبألف دينار فيما اكلت جماعة حمار الوالي فشنقها الاخير، ووجد الناس ان جثثالمشنوقين قد اكلت قبل طلوع الفجر. ولم يكن المقريزي هو من كتب وحده عن مجاعات مصربل قص علينا عبداللطيف البغدادي في كتابه 'الافادة والاعتبار في الامور المشاهدةوالمعاينة بأرض مصر'. وقصص البغدادي مزعجة عن الحال الذي آلت اليه مصر. رجال يأكلونبعضهم بعضاً وولاة يأكلون لحم الصغار وصعاليك يأكلون لحم امرأة سمينة. ويقول انالجوع اشتد بالفقراء حتى اكلوا الميتات والجيف والبعر والروث ثم تعدوا ذلك واكلواصغار بني آدم...'. في مصر اليوم جوع من نوع آخر، جوع حقيقي ( غياب الفرص واسعارباهظة واغنياء يعيشون في بيوتهم المسورة) وجوع للحرية والتخلص من الطغيان. ولهذا لميعد المواطن يحلم بالوحدة العربية او حتى يهتم بالقضية الفلسطينية بنفس الحرارةالتي يعرف بها المصريون طوال عهود القضية، وهم الذين قدموا من اجلها الارواحوالاموال. وشوق المصري للحرية وكذا العربي التونسي والجزائري والسعودي واليمني هوشوق للتخلص من حكام تكلسوا على كراسيهم وقادوهم من كارثة إلى أخرى وافقدوهمكرامتهم، وهذا يذكر ما دمنا نبحث في الشعر عن مقابل او مواز للاحداث في العالمالعربي.


لا بد من العودة إلى القصيدة ـ البيان الثوري الممنوع في وقته للشاعرالفلسطيني المعروف عبد الكريم الكرمي ( ابي سلمى) ( 1909 ـ 1980). وهي القصيدة التينعى فيها الحكام العرب ، حيث قدملهم صورة ساخرة كاريكاتيرية.

بيان ابي سلمى الثوري
في الوقت الذي كتب فيهالقصيدة كانت فلسطين تعيش ثورتها الكبرى ( 1936- 1939) وجاءت القصيدة كغنائيةبياناً ثورياً، تحمل كل ألام المستضعفين في العالم العربي ويدعو الشاعر فيها العربإلى الخروج من قيد السجن والتخلي عن حكامهم الذين يلهون أنفسهم بلعب الشطرنج وصيدالصقور وملك يسبح ويلبس عباءة التقوى وحاكم لا يزال يعيش شعبه في عصر ثمود، سيوفهصدئة.

وفي مقابل هذه النخبة التي حملها ابو سلمى مسؤولية الكارثة هناك القسام الذييضيء وجهه الفجر، وفرحان السعدي ( احد قادة الثورة الفلسطينية) الذي يمشي الى حبلالشهادة 'صائما مشي الاسود'.

القصيدة هي 'لهيب القصيد'.
انشر على لهب القصيد /
شكوى العبيد الى العبيد.
شكوى يرددها الزمان الى الابد الابيد' .

ومثل ملوك العرباليوم وحكامهم يعبر ابو سلمى عن حال المواطن العربي في نبوءة شعرية .
وتبدو لهجةابي سلمى القاسية على ملوك زمنه وهو يقول

دكت عروش زينوها بالسلاسل والقيود
سحقالمن لا يعرف سوى التعلل بالوعود
واعطف على بغداد واندب عرش هارون الرشيد.

وفي القصيدة يبدو غضب الكرميعلى الانكليز المستعمرين - لم يكن الامريكيون بعد قد جاؤوا- حيث يقول 'لو كان ربيانكليزيا لدعوت بالجحود
لن تطهر الدنيا وفيها الانكليز على صعيد'.

طبعا يمكن تغييرالانكليز اليوم بالامريكيين.

النيلالمثقل بالقيود
والبيان الثوري يظهر كيف يقتل الحاكم آمال قومه كما فعل صاحباليمن السعيد 'وما هو باليمن السعيد' حيث يكتب عن شعبه قائلا '

تفنى الحياة وشعبه مابين قات او هجود'.

ويذكر ملك مصر، فاروق، بانه دمية يلهى بها في يوم عيد.

ولأنفاروق كان يتهيأ له انه سيصبح خليفة المسلمين حيث لبس عباءة الخلافة ومسبحتها وكتب '
دع عنك سبحة التضليل واخلع عنك كاذبة البرود
احسبت ان الملك يطلب بالتسبيحوالورود'.

والنبرة الاكثر اثرا هي وصفه للنيل الذي يقول '

والنيل يبكي حيث لا يقوىعلى جر القيود
زرق العيون حياله من كل شيطان مريد'.

ماذا ترك الملوك اللاهونلأمتهم غير الاهلين الذين ضاعوا بين الوعد والوعيد

ما بين ملقى في السجون وبينمنفي طريد
او بين ارملة تولول او يتيم او فقيد'.

اهم ما في قصيدة ابي سلمى انهوضع التغيير في يد الشعوب العربية عندما قال

ايه شعوب العرب انتم مبعث الاملالوحيد
لا تصهر الاغلال غير جهنم الهول الشديد'.

وكما في مصر وتونس واقطار العالمالعربي اليوم يقول ابو سلمى '
حلفت دماء الثائرين على العلوج ان لا تسودي
الثورةالحمراء نطعمها الجسوم مع الكبود'.

واخيرا ينادي ابو سلمى الشعوب العربية وهو يقول

'يا من يعزون الحمى ثوروا على الظلم المبيد
بل حرروه من الملوك ومن العبيد'.

نبوءة شعر ام تهويمات من زمن ماض، فالايام القابلة تحمل معها رايات من نوع جديد،رايات كسر حاملوها حواجز الخوف. فهل نرحب بالفرسان الجدد ام ندعو الله ان لا يقتلالصنم زهران في مصر؟
ناقد من اسرة 'القدس العربي'


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: نبوءات الشعراء والأدباء : دراسة معمقة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معلقة عمرو بن كلثوم أسامة المهدي منبر ديوان العرب 7 12-30-2019 11:23 AM
شرح معلقة زهير بن أبي سلمى كاملة ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 17 12-05-2019 10:49 PM
ظلم الأدب والأدباء سليّم السوطاني منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 1 01-02-2016 05:51 PM
فضآءآت معلقة علي مشارف النبض محمد الشيخ مرغني محمد منبر البوح الهادئ 4 09-01-2015 09:11 PM
سألت سائلة من هو عمر في معلقة عنترة؟ ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 03-20-2013 02:19 AM

الساعة الآن 08:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.