احصائيات

الردود
19

المشاهدات
11516
 
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6


ناريمان الشريف will become famous soon enoughناريمان الشريف will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
25,777

+التقييم
4.65

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6405
01-30-2011, 02:44 PM
المشاركة 1
01-30-2011, 02:44 PM
المشاركة 1
افتراضي من شعراء العصر الحديث ( خليل حاوي )

أرض الوطن
( خليل حاوي )


أَغمضتَ عينيكَ عَلى رَمَادْ
أَغمضتَ عينيكَ عَلى سَوَادْ
***
تغُورُ في أَرضٍ بِلا سريرهْ
غُصَّاتُكَ المريرهْ
***


قديم 01-30-2011, 02:45 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
أنتِ ..
( خليل حاوي )


أَنتِ يا فرخَ الحَمامْ
أَنتِ يا زهرَ الغَمامْ
وغَمامَ الزهرِ في
ضَوءِ القمرْ
حِينَ ينهلُّ
عَلَى صحوِ السَّحَرْ
***
أَنتِ يا مَنْ تَغْسلُ الدُّنْيا
رُؤَاهَا
وكَفَاهَا
ظِلُّهَا الرَّيّانُ
عَنْ وَهْجِ الدَّرَارِي
أَنتِ يا مَنْ لا تُدَارِي
لا تُضَامْ
لا تُدَانيهَا
كوابيسُ الظَّلاَمْ
والضَّوَارِي
تَرتَوي في ظلِّهَا الريَّانِ
مِنْ طِيبِ الصِّيَامْ

قديم 01-30-2011, 02:46 PM
المشاركة 3
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الجروح السود
( خليل حاوي )


خليتُها تَروحْ
وانهارَ قلبي رُمةً
جنازَةً خرساءَ لا تنوحْ
تطلُّ من رسم على الجدارْ
ضحكةُ عينيها.. وعبر الدرب والغُبارْ
اِمرَآةٌ تُخفي بكفٍّ عينها
المزرقةَ الرهيبَهْ
تعيا بثقل الشمس والحقيبَهْ
تمضي إلى محطة القطارْ
مرارةٌ وعارْ
تفلٌ بلا طعمٍ
بقايا الحب, تفلُ الحقد في القرارْ.
وكيفَ أصبحْنا عدوَّينِ
وجسمٌ واحدٌ يضمُّنا, نفاقْ
كلٌّ يعاني سجنَهُ, جحيمَهُ
في غمرة العناقْ
لو كان فينا جمرةٌ خضرا
لثارَتْ واستَحالتْ خنجرًا يصيحْ
من لَهَبٍ أخْضرَ في الجروحْ
تُفتِّقُ البلسمَ والريحانَ والظلالْ,
كانت جروحٌ.. عاصفٌ وزالْ.
خلَّيتُها تروحْ,
جنازةٌ خرساءُ لا تنوحْ,
حمَّى جروحٍ
ودمٌ يَسْودُّ في الجُروحْ

قديم 01-30-2011, 02:46 PM
المشاركة 4
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الجسر
( خليل حاوي )


وكفاني أَنَّ لي أطفالَ أترابي
ولي في حُبِّهم خمرٌ وزادْ
مِن حصادِ الحَقلِ عندي ما كفاني
وكفاني أنَّ لي عيدَ الحصادْ,
أنَّ لي عيدًا وعيدْ
كُلَّما ضَوَّأَ في القَريةِ مصباحٌ جديدْ,
غَيرَ أَنِّي ما حملتُ الحب للموتى
طيوبًا, ذهبًا, خمرًا, كنوزْ
طفلُهُم يُولدُ خفَّاشًا عجوزْ
أينَ مَنْ يُفني ويُحيي ويُعيدْ
يتولَّى خَلْقَه طفلاً جديدْ
غَسْلَهُ بالزيتِ والكبريت
مِن نَتنِ الصديدْ
أينَ مَن يُفْني ويُحيي ويُعيد
يَتَولّى خَلْقَ فرخ النسرِ
مِن نَسلِ العَبيدْ
أنكَرَ الطفلُ أباهُ, أُمَّهُ
ليسَ فيه منهُما شبْهٌ بَعيدْ
ما لَهُ يَنْشَقُّ فينا البَيْتُ بَيْتَينِ
وَيَجري البَحرُ ما بَيْنَ جديدٍ وعتيقْ
صرخةٌ, تقطيعُ أرحامٍ,
وتَمزيقُ عُروقْ,
كَيفَ نَبقي تحتَ سَقفٍ واحدٍ
وبحارٌ بيننا.. سورٌ..
وصَحراءُ رمادٍ باردِ
وجليدْ.
ومتى نطفرُ مِن قبوٍ وسجْنِ
ومتى, ربَّاهُ, نشتدُّ ونبني
بِيَدينا بَيتنا الحُرَّ الجَديدْ
يَعبرونَ الجِسرَ في الصبحِ خفافًا
أَضلُعي امتَدَّتْ لَهُم جِسْرًا وطيدْ
مِن كُهوفِ الشرقِ, مِن مُستنْقعِ الشَرقِ
إِلى الشَّرقِ الجديدْ
أَضْلُعي امْتَدَّتْ لَهُم جِسرًا وطيدْ
"سوفَ يَمضونَ وتَبْقى"
"صَنَمًا خلَّفَهُ الكهَّانُ للريحِ"
"التي تُوسِعُهُ جَلْدًا وَحرْقًا"
"فارغَ الكَفَّيْنِ, مصلوبًا, وحيدْ"
"في ليالى الثَّلْجِ والأفقُ رمادٌ"
"ورمادُ النارِ, والخبز رمادْ"
"جامِدَ الدَّمْعَةِ في لَيْلِ السهادْ"
"ويوافيكَ مع الصبحِ البريدْ:"
".. صَفحَةُ الأخبارِ.. كم تجترّ ما فيها"
"تُفَلِّيها.. تُعيدْ..!"
"سوفَ يَمضونَ وتبقى"
"فارغَ الكَفَّيْن, مصلوبًا, وحيدْ".
***
اِخرسي يا بُومةً تقرعُ صدري
بومةُ التاريخِ مِنِّي ما تُريدْ?
في صَناديقي كُنوزٌ لا تَبيدْ:
فرحي في كُلِّ ما أَطعَمتُ
مِن جَوهرِ عُمْري,
فَرَحُ الأيدي التي أعْطَتْ وإِيمانٌ وذِكرى,
إنَّ لي جَمْرًا وخَمْرًا
إِنَّ لي أطفالَ أترابي
ولي في حُبِّهم خَمْرٌ وزادْ
مِن حصادِ الحَقْلِ عندي ما كفاني
وكفاني أنَّ لي عيدَ الحصادْ,
يا مَعادَ الثلجِ لَن أخْشاكَ
لي خَمْرٌ وجَمْرٌ للمَعادْ

قديم 01-30-2011, 02:47 PM
المشاركة 5
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
السندباد في رحلته الثامنة
( خليل حاوي )


-1
دَاري التي أَبحرتِ غرَّبتِ معي,
وكنتِ خيرَ دارْ
في دوخةِ البحارْ
وغربةِ الديارْ,
والليلُ في المدينهْ
تمتصُّني صحراؤُه الحزينهْ
وغرفتي ينمو على عَتْبَتِها الغبارْ
فأَبتغي الفرارْ,
أَمضى على ضوءٍ خفيٍّ
لا أَعي يقينَهْ
فتزهر السكينهْ
وأَرتمي والليلَ في القطارْ
***
رِحلاتيَ السبعُ وما كنَّزْتُهُ
مِنْ نعْمةِ الرحمانِ والتجارَهْ
يومَ صرعت الغُولَ والشيطَانَ
يومَ انشقَّتِ الأكفانُ عنْ جسمي
ولاحَ الشقُّ في المغارهْ,
رَوَيْتُ ما يَرْوُونَ عنِّي عادةً
كَتَمْتُ ما تعْيَا لهُ العِبارَهْ
ولم أَزَلْ أَمضى وأَمضى خلْفَهُ
أُحسُّهُ عندي ولا أَعيهِ
وكيفَ أَنساقُ وأَدري أَنني
أَنساقُ خلف العري والخسارَهْ
أودُّ لو أَفرغتُ داري عَلّهُ
إن مرَّ تُغْويه وتدَّعيهِ
أُحسُّه عندي ولا أَعيهِ.
-2
وكان في الدارِ رواقٌ
رَصَّعَتْ جدرانَهُ الرسومْ
موسى يَرى
إزميل نارٍ صاعقَ الشرَرْ
يحفرُ في الصخْرِ
وصايا ربِّهِ العَشَرْ:
اَلزفتُ والكبريتُ والملحُ على سَدُومْ.
هذَا على جدارْ
على جدارٍ آخرٍ إطارْ:
وكاهنٌ في هيكلِ البعْلِ
يُرَبِّي أُفعُوَانًا فاجرًا وَبُومْ
يَفْتَضُّ سرَّ الخصبِ في العَذَارى
يهلِّلُ السكارى
وتُخصبُ الأرحامُ والكرومْ
تُفَوِّرُ الخمرةُ في الجِرَارْ.
على جدارٍ آخرٍ إطارْ:
هذا المعَرِّي,
خلف عينَيْهِ
وفي دهليزِهِ السحيقْ
دنياهُ كيدُ امرأَةٍ لم تغْتسِلْ
من دمِها, يشتمُّ ساقَيْها وما يُطِيقْ
شطَّي خليجِ الدنسِ المطليِّ بالرحيقْ
تكويرةُ النهدينِ من رغوتِهِ
وسوسنُ الجباهْ,
اَلمجرمُ العتيقْ
والثمرُ المرُّ الذي اشتهاهْ.
***
من هذه الرسومْ
يرشحُ سيلٌ
مثقلٌ بالغَازِ والسمومْ
تمتصُّهُ الحيَّةُ في الأنثى
وما في دمها من عنصر الغَجَرْ
والنِمرُ الأعمى وحمَّى يدهِ
في غَيرةِ الذكَرْ:
"لوركا" و"عُرسُ الدمِ" في إسبانيا
وسيْفُ ديكِ الجِنِّ يوم ارتدَّ من حماهْ
اَلعُنُقُ العاجِيُّ نهْرٌ أَحْمَرٌ
يا هولَ ما جمَّدَهُ الموتُ على الشفاه.
هذا الدمُ المحتقنُ الملغُومُ في العُروقْ
تعضُّهُ, تكويهِ ألفُ حُرْقَهْ
وفي حنايا دَرَجٍ
في عَتْمَةِ الأَزقَّهْ
حشرجةٌ مخنوقةٌ وشهقَهْ.
***
عاينتُ في مدينةٍ
تحترفُ التمويهَ والطهاره
كيف استحالتْ سمرةُ الشمسِ
وزهوُ العمرِ والنضارهْ
لغصَّةٍ, تشنُّجٍ, وضيقْ
عبرَ وجوهٍ سُلختْ من
سورها العتيقْ,
عاينتُ في الوجوهْ
وجهَ صبيٍّ ناءَ بالعمرِ
الذي أتلفَهُ أبوهْ
وأَطعمَ الجوعَ من الأفيونِ
رؤْيا خلَّفتهُ يعلكُ اللِّجامْ
وبعدَ حينٍ يحمدُ الصيامْ.
مدينةُ التمويهِ والطهارهْ
مدينةُ (...) تستفيقْ
فتبصرُ الأدغالَ تغْزو سورَها العتيقْ
وتبصرُ الحجارَهْ
تفرُّ في الطريقْ
ومن كهوفٍ شبعتْ مرارَهْ
تفورُ قطعانٌ جياعٌ
ليسَ يرويها سوى التدمير والحريقْ
***
هذا الدمُ المحتقنُ الملغومُ في العروقْ
-3
بَلَوتُ ذلك الرِّوَاقْ
طِفلاً جَرَتْ في دمهِ الغازاتُ والسمومْ
وانْطَبَعتْ في صدرِهِ الرسومْ
وكنتُ فيه والصحابَ العتاقْ
نرفِّهُ اللؤْمَ, نحلِّي طعْمَهُ بالنفاقْ
بجُرْعةٍ من "عَسَلِ الخليفَهْ"
"وقهوة البشيرْ"
أُغَلِّفُ الشفاهَ بالحريرْ
بطانةِ الخناجرِ الرهيفَهْ
لحلوتي لحيَّةِ الحريرْ
***
سلَختُ ذاكَ الرِّواقْ
خلَّيتْهُ مأْوى عتيقًا للصحابِ العِتاقْ
طهّرْتُ داري من صدى أشباحِهِمْ
في الليل والنهارْ
من إلِّ نفسي, خنجري,
لِيني, ولينِ الحيَّةِ الرشيقَه,
عشتُ على انتظارْ
لعَلّهُ إن مَرَّ أُغويهِ,
فما مرَّ
وما أرسلَ صوبي رعدَهُ, بروقَهْ.
طلبتُ صحوَ الصبح والأمطَارَ, ربِّي,
فلماذا اعتكرتْ داري
لماذا اختنقَتْ بالصمتِ والغُبارْ
صحراءَ كلسٍ مالحٍ بَوَارْ.
وبعدَ طعْمِ الكلسِ والبَوَارْ
اَلعَتْمَةُ العَتْمَةُ فارَتْ مِنْ
دهاليزي, وكانت رَطْبةً
مُنْتِنَةً سخينَهْ
كأَنَّ في داري التقَتْ
وانسكبَت أَقنيةُ الأوساخِ في المدينَهْ,
تَفُورُ في الليلِ وفي النهارْ
يعُود طعْمُ الكلس والبَوَارْ
وذاتَ ليلٍ أرْغَتِ العَتمةُ
واجترَّتْ ضلوعَ السقفِ والجدَارْ,
كيف انطوى السقفُ انطوى الجدارْ
كالخرقةِ المبتلَّةِ العتيقَهْ
وكالشراعِ المرتمي
على بحارِ العَتْمَةِ السحِيقَهْ,
حفُّ الرياحِ السودِ يُحْفيهِ
وموجٌ أَسودٌ يعلِكُهُ,
يرميهِ للرياحْ,
أغلقتِ الغَيْبوبةُ البَيْضاءُ عَيْنَيَّ
تركتُ الجَسدَ المطحونَ
والمعْجونَ بالجراحْ
للموجِ والرياحْ
-4
في شاطىءٍ من جُزُرِ الصَّقيعْ
كنتُ أَرى فيما يَرَى المُبَنَّجُ الصريعْ
صحْراءَ كلْسٍ مالحٍ, بَوارْ,
تمرجُ بالثلجِ وبالزهرِ وبالثِّمارْ
داري التي تحطَّمَتْ
تنهضُ من أَنقاضِها,
تختلِجُ الأخشابُ
تلْتمُّ وتحيا قُبَّةً خضراءَ في الرَّبيعْ
لن أَدَّعي أَنَّ ملاكَ الربِّ
ألقى خمرةً بكرًا وجمرًا أخضرًا
في جسدي المغْلُولِ بالصقيعْ
صفَّى عروقي من دمٍ
محتقنٍ بالغَازِ والسمومْ
عن لوحِ صدري مسحَ
الدمغَاتِ والرسومْ,
صحوٌ عميقٌ موجُهُ أُرجوحةُ النجومْ.
لن أَدَّعي, ولستُ أَدري كيفَ,
لا, لعَلَّها الجراحْ,
لعلَّهُ البحرُ وحفُّ الموجِ والرياحْ
لعلَّها الغَيْبوبةُ البيضاءُ والصقيعْ
شدَّا عروقي لِعُروقِ الأرضِ
كانَ الكفنُ الأبيضُ درعًا
تحتَهُ يختمرُ الربيعْ,
أَعشبَ قلْبي,
نبضَ الزنبقُ فيهِ,
والشراعُ الغَضُّ والجناحْ,
طفل يغَنّي في عروقي الجهلُ,
عريانٌ وما يُخلجني الصباحْ,
اَلنبضةُ الأولى,
ورؤْيا ما اهتدت للَّفظِ
غصَّتْ, أَبرقتْ وارتعَشَتْ دموعْ
هلْ دعوةٌ للحُبِّ هذا الصوتُ
والطيفُ الذي يلْمعُ في الشمس
تجسَّدْ واغْترفْ من جَسَدي
خبزًا وملْحًا,
خمرةً ونارْ,
وحدي على انتظارْ
أفرغتُ داري مرة ثانيةً
أَحيا على جمرٍ طريٍّ طَيبٍ وجوعْ
كأَنَّ أَعضائي طيُورٌ
عَبَرَتْ بحارْ
وحدي على انتظَارْ
-5
في ساحة المَدينهْ
كانَتْ خُطَاها
زورقًا يجيءُ بالهزيجْ
من مَرَحِ الأمواجِ في الخلِيجِ
كانَتْ خُطَاها تكسرُ الشمسَ
على البلَّورِ, تسقيهِ الظلالَ
الخضرَ والسكينهْ,
لمْ يَرَها غيري تُرَى
في ساحةِ الْمدينَهْ?
لم تَرَها عينٌ من العُيونْ.
اَلعُمرُ لن يقولْ
يا ليتَ من سنينْ
ملءُ دمي وساعدي
أَطيَبُ ما تزهو به الفصولْ
في الكرم والينْبوعِ والحقولْ,
اَلعُمرُ لن يقولْ
يا ليتَ من سنينْ.
-6
داري تعاني آخرَ انتظارْ
وقعُ الخطى الجَريئهْ
تُفتِّقُ المرجانَ والمرجَ
بأَرض الدارِ والجدارْ,
مرآةَ داري اغتسلي
من همِّكِ المعْقودِ والغُبارْ
واحتفلي بالحلوةِ البريئهْ
كأَنها في الصبحِ
شُقَّتْ من ضلُوعي
نبتتْ من زنبقِ البحارْ
ما عكَّرَ الشَّلالَ في ضحكتها
والخمرَ في حلْمَتِها
رعبٌ من الخطيئهْ
وما دَرَتْ كيْفَ تروغُ الحيَّةُ
الملْساءُ في الأقبيَةِ الوَطيئهْ,
اِحتفلي بالحلوَةِ البريئهْ
بالصحوِ في العيْنَيْنِ,
ما صحوُ الشعاعِ الغَضِّ
عَبْرَ النبعِ والثلوجْ,
بالصدرِ والخصرِ,
ترى ما تربةُ المسكِ
طريًّا دافئًا
ما بيْدرُ الحنطةِ والمروجْ
ما سُمْرةُ الصَّيْفِ على الثمارْ
ما نكهةُ البهارْ
ما كلُّ ما رَوَيْتْ
خلَّيْتُ للغَيرِ كنوزَ الأرضِ
يكفيني شبِعْتُ اليومَ وارتَوَيْتْ,
اَلحلوة البريئهْ
تُعْطي وتدري كلَّما أَعطَتْ
تَفُورُ الخمْرُ في الجِرَارْ
بريئةٌ جريئهْ
جريئةٌ بريئهْ
في شفَتيْها تُزبدُ الخمْرُ
وتصفُو الخمرُ في القَرارْ
لن يتخَلَّى الصُّبحُ عنا
آخِرَ النَهارْ.
-7
وليلُ أَمسِ كانَ ليلَ الجنِّ
والزوبعَةِ السوداءِ
في الغَاباتِ والدروبْ
مال إليْنا الزنبقُ العريانُ
أَدفأناهُ باللمسِ وزودْناهُ بالطيُوبْ
أَوَتْ إليْنا الطيرُ
من أعشاشِها المخرَّبَهْ
رُحْنا مع القافلَةِ المغَرِّبَهْ
في أرخبيلِ "الجُزُرِ الحِيتانِ"
حوَّلْنا استرحنَا والتحَفْنَا الليْلَ والغُيُوبْ,
غريبةٌ ومثلُها غريبْ
حيْثُ نَزلْنا ارتفعَتْ
دارٌ لنا ودَارْ
خَفَّ إليْنا ألفُ جارٍ مُتعَبٍ وجارْ
في دَوْخةِ البحارْ
وغُرْبةِ الديَارْ
-8
ولم أزَلْ أَمضى وأَمضى خلْفَهُ
أُحسُّهُ عنْدي ولا أَعيهِ
أَودُّ لو أفرغتُ داري علَّهُ
إنْ مرَّ تُغْويهِ وتدَّعيهِ
أُحسُّهُ عنْدي ولا أَعيهِ.
***
تمضي إلى غُرفتها
تعْثرُ في وَحْشتي,
وحدي,
مَدى عَتْمَتي
مَدى ليالى السهَادْ
دقَّاتُ قلْبي مثلُ دَلْفٍ أَسودٍ
تحفِّرُ الصمتَ
تزيدُ السوادْ,
وكانَ ما عاينتُ ممَّا ليْسَ
يُروى عادةً أَو يُعَادْ:
بئرٌ جفافٌ فوَّرَتْ,
وفورَتْ من عَتْمتى منارَهْ
أُعاينُ الرؤيا التي تصرعني حينًا,
فأَبكي,
كيْفَ لا أَقوي على البشارَهْ?
شهرانِ, طالَ الصمتُ,
جفَّتْ شَفَتي,
مَتَى مَتَى تُسعِفُني العبارَهْ?
وطالما ثُرْتُ, جلدتُ الغُولَ
والأَذنابَ في أَرضي
بصقتُ السم والسبابْ,
فكانتِ الأَلفاظُ تجري من فمي
شلاَّلَ قطْعَانٍ مِن الذئابْ,
واليَومَ, والرؤيا تغَنِّي في دمي
برعشَةِ البرق وصحو الصباحْ
وفطرةِ الطيرِ التي تَشْتَمُّ
ما في نيَّةِ الغاباتِ والرياحْ
تُحِسُّ ما في رَحِمِ الفَصْلِ
تَرَاهُ قبلَ أن يولدَ في الفُصُولْ,
تُفَوِّرُ الرؤْيا, وماذَا,
سوف تأتي ساعةٌ,
أَقول ما أَقولْ:
-9
تحتلُّ عَيْنيَّ مروجٌ, مُدْخَناتٌ
وإلَهٌ بَعْضُهُ بَعْلٌ خصِيبٌ
بعْضُهُ جبَّارُ فحْمٍ ونارْ,
ملْيُونُ دارٍ مثلُ داري ودارْ,
تزهو بأَطفالٍ غصُونِ الكرمِ
والزيتونِ, جمرِ الربيعْ
غبَّ ليَالى الصَّقيعْ
يحتلُّ عيْنيّ رِواقٌ شمختْ
أَضلاعُهُ وانعَقَدَتْ عَقْدَ
زنودٍ تبتنيهِ, تبتني المَلْحَمَهْ
ومن غِنى تربتنا تستنبتُ
البلَّورَ والرخامْ
تكدَّسَ البلَّورُ من رؤيا عيُونٍ
ضوَّأَتْ واحترقتْ في حلَكِ الظَلامْ
وفرَّخَتْ أَعمدةُ الرخامْ
من طينَةِ الأَقبيَة المعْتِمَهْ
تلْك التي مصَّتْ سيُولَ الدمعِ,
مصَّتْ رَبَواتٍ
من طحينِ اللحْمِ والعِظَامْ
واختمرتْ لألفِ عامٍ أَسودٍ وعامْ
فكيْفَ لا يفرخُ منْها ناصعُ الرخامْ
أَعمدةً تنمو ويعْلوها رِواقٌ أَخضَرٌ
صَلْبٌ بوجهِ الريحِ والثلوجْ
اَلمِحورُ الهادىءُ والبرجُ الذي
يصْمدُ في دوَّامَةٍ تبتلِعُ البروجْ
***
رؤيا يقين العَينِ واللمسِ
وليْست خَبَرًا يحدو به الرواةْ
***
ما كانَ لي أن أحتفي
بالشمْسِ لو لم أرَكُمْ تغْتَسِلُونَ
الصُّبحَ في النِّيلِ وفي الأردنِّ والفُراتْ
من دمغَة الخطيئهْ
وكلُّ جسمٍ ربوةٌ تجوهرتْ في الشمْسِ,
ظلٌّ طيِّبٌ, بحيرةٌ بريئهْ.
أَمَّا التماسيحُ مَضَوا عن أرضِنَا
وفارَ فيهم بحرُنا وغَارْ
وخلَّفُوا بعْضَ بقايا
سُلِخَتْ جلُودُهُمْ,
ما نبتَتْ مطرحَها جلُودْ,
حاضرُهُم في عَفَنِ الأمس الذي
ولَّى ولنْ يَعُودْ
أَسماؤهمْ تحرقُها الرؤيا بعَينيَّ
دخانًا ما لها وجودْ.
***
ربِّي, لماذَا شاع في الرؤيا
دخانٌ أحمرٌ ونارْ?
أَحببتُ لو كانت يدي سيْلاً,
ثلُوجًا تمسحُ الذنوب
من عَفَنِ الأمس تنمِّي الكرْمَ والطيُوبْ,
تضيعُ في بحري التماسيحُ
وحقدُ الأنهرِ الموحلَهْ
وينبعُ البَلْسَمُ من جرحٍ
على الجُلْجُلَهْ.
أَحببتُ, لا, ما زالَ حبّي مطرًا
يسخُو على الأخضَرِ في أرضي,
عداهُ حطَبٌ وَقودْ
تحرقها الرؤيا بعَينيَّ دخانًا
ما لها وجودْ,
وسوف يأْتي زمنٌ أَحتضنُ
الأرضَ وأَجلو صدرَها
وأَمسَحُ الحدودْ
-10
رِحلاتيَ السبْعُ رواياتٌ عن
الغُولِ, عن الشيطَانِ والْمَغارَهْ
عن حِيَلٍ تعْيا لها المَهارَهْ,
أُعيدُ ما تحكي وماذَا, عَبَثًا,
هيهاتِ أَستعِيدْ,
ضيَّعتُ رأس المالِ والتجَارَهْ,
ماذا حكى الشلاَّلُ
للبِئرِ وللسدودْ
لريشةٍ تجوِّدُ التمويه تُخفِي
الشحَّ في أقنِية العِبَارَهْ
ضيَّعْتُ رأس المالِ والتجارَه,
عدتُ إليكم شاعرًا في فمه بشارَه
يقولُ ما يقولْ
بِفِطرةٍ تحسُّ ما في رَحِمِ الفَصْلِ
تراهُ قَبْلَ أن يولدَ في الفُصُولْ

قديم 01-30-2011, 02:49 PM
المشاركة 6
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الكهف
( خليل حاوي )


وعرفتُ كيف تمطُّ أَرجلها الدقائقُ
كيف تجمد, تستحيل إلى عصورْ
وغدوتُ كهفًا في كهوف الشطِّ
يدمغ جبهتي
ليلٌ تحجَّر في الصخورْ
وتركتُ خيل البحر تعلكُ
لحم أحشائي
تغيِّبه بصحراءِ المدى
عاينتُ رعب زوارقٍ
تهوي مكسَّرة الصدى,
عبثًا يدوِّي عبر أقبيتي الصدى
يلقي على عينيَّ ليل جدائلٍ
في الريح تُعولُ, تستغيثُ, وترتمي
غبَّ انسحاب البحرِ
يرسب في دمي
سمك مواتٌ,
بعض أثمار معفنة, قشورْ
ويدي تميع وتنطوي في الرملِ
ريحُ الرمل تنخرها,
وتصفر في العروقْ
ويحزُّ في جسدي وما يدميهِ
سكِّين عتيقْ,
لو كان لي عصبٌ يثورْ
ربَّاهُ كيف تمطُّ أَرجلَها الدقائقُ
كيف تجمدُ, تستحيلُ إلى عصور
***

قديم 01-30-2011, 02:55 PM
المشاركة 7
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
بعد الجليد
( خليل حاوي )


( 1 ) عصر الجليد
عندما ماتتْ عروقُ الأرضِ
في عصرِ الجليدْ
مات فينا كلُّ عِرْقٍ
يبستْ أعضاؤنا لحمًا قديدْ
عَبثًا كُنَّا نصدُّ الريحَ
والليْلَ الحزينا
ونداري رعشةً
مقطوعةَ الأنفاسِ فينا,
رعشةَ الموتِ الأكيدْ
في خلايا العظمِ, في سرِّ الخلايا
في لُهاثِ الشمسِ, في صحو المرايا
في صريرِ البابِ, في أقبيَةِ الغَلَّةِ,
في الخمرةِ, في ما ترشحُ الجدرانُ
من ماءِ الصَديدْ
رعشةُ الموت الأكيدْ
***
يا إلهَ الخصبِ, يا بعلاً يفض
التربةَ العاقِرَ
يا شمسَ الحصيدْ
يا إلهًا ينفضُ القبرَ
ويا فِصْحًا مجيد,
أنتَ يا تموزُ, يا شمسَ الحصىدْ
نَجِّنا, نجِّ عروقَ الأرضِ
من عُقْمٍ دَهاها ودهانا,
أَدْفئِ المَوتَى الحزانى
والجلاميدَ العَبيدْ
عَبْرَ صحراءِ الجليدْ
أَنتَ يا تمُّوزُ, يا شمسَ الحصىدْ.
عَبثًا كنا نصلِّي ونصلِّي
غرَّقتْنا عتْمَةُ الليلِ المهلِّ
عَبثًا نَعْوي ونعْوي ونُعيدْ
عَبْرَ صحراءِ الجليدْ
نَحنُ والذئبُ الطريدْ
عبثًا كنا نهزُّ الموتَ
نبكي, نتحدّى,
حُبُّنا أقوى من الموتِ
وأَقوي جمرُنا الغَضُّ المُندَّى.
وارتمَيْنا جثثًا, لحمًا حزينَا
ضمَّ في حسرته لحمًا قديدْ,
عبثًا نغتصبُ الشَّهْوةَ حرَّى
عَبثًا نسْكبُها خمْرًا وجمْرا
مِنْ بقايا في الوَريدْ,
علَّهُ يُفرخ من أَنقاضنا نسلٌ جديدْ
ينفُضُ الموْتَ, يغلُّ الريحَ,
يدوي نبضَة حرَّى
بصحراءِ الجليدْ
"حُبُّنا أقوى من الموتِ العنيدْ"
غير أنَّ الحبَّ لم يُنبِتْ
مِن اللحْمِ القديدْ
غَيْر أَجْيالٍ من الموتى الحزانى
تتمطَّى في فم الموت البليدْ
***
( 2 ) بعد الجليد
كيف ظلَّتْ شهوةُ الأرضِ
تدوِّي تحت أَطباقِ الجليدْ
شَهوةٌ للشمسِ, للغيثِ المغنِّي
للبذارِ الحيِّ, للغَلَّةِ في قبوٍ ودنِّ
للإله البعلِ, تمُّوزِ الحصىدْ,
شَهوةٌ خضراءُ تأبي أنْ تبيد,
وحنينٌ نبضُه يسري إلى القبرِ, إلينا,
يا حنينَ الأرضِ لا تقسُ علينا
لا تحر الدمَ في الأمواتِ, فينا
موجِعٌ نبضُ الدَّمِ المحرُورِ
في اللَّحمِ القديدْ,
في عروقٍ بَعْضُها حُمَّى ربيعٍ
وجحيمٌ يبْتَلينا
بعضُها صمتٌ ثقيلٌ وجليدْ,
إنْ يكنْ, ربَّاهُ,
لا يُحيي عروقَ الميِّتينا
غيرُ نارٍ تلدُ العنقاءَ, نارْ
تتغذَّى من رمادِ الموتِ فينا,
في القرارْ,
فَلْنعانِ من جحيمِ النارِ
ما يمنحُنا البعثَ اليَقينا:
أُممًا تنفضُ عنها عفنَ التاريخِ,
واللعنَةَ, والغيبَ الحزينا
تنفُضُ الأمسَ الذي حجَّرَ
عَينَيها يواقِيتًا بلا ضوءٍ ونارْ,
وبحيراتٍ من الملحِ البوارْ,
تنفُضُ الأمسَ الحزينا
والمهينا,
ثم تحيا حُرةً خضراءَ تزهو وتُصلِّي
لصدى الصبحِ المطلِّ
وتُعيدْ
مِن ضِفاف "الكنجِ" "للأردنِّ" "للنيلِ"
تصلِّي وتُعيدْ:
يا إِله الخصبِ, يا تمُّوزُ, يا شمسَ الحصىدْ
بارِكِ الأرضَ التي تُعطي رجالاً
أقوياءَ الصُّلبِ نسلاً لا يَبيدْ
يَرثونَ الأرضَ للدهرِ الأبيدْ,
باركِ النَسل العَتيدْ
باركِ النَسل العَتيدْ
باركِ النَسلَ العتيدْ
يا إله الخصبِ, يا تموزُ, يا شمسَ الحصيدْ

قديم 01-30-2011, 02:56 PM
المشاركة 8
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
بعد الجليد !!
( خليل حاوي )


( 1 ) في الصومعهْ
بيني وبينَ البابِ أقلامٌ وَمِحْبرةٌ,
صَدًى متأفِّفٌ,
كُوَمٌ من الوَرَقِ العتيقْ.
هَمُّ العبورِ,
وخطوةٌ أو خطْوتانِ
إلى يقين البابِ, ثمَّ إلى الطريقْ
*************
( 2 ) كذبٌ,
دَمي ينحَرُّ, يشتمني, يَئنُّ:
إِلى متى أزني, وأبصِقُ
جَبهتي, رِئَتي
على لقبٍ وكرسيٍّ
أُضاجعُ مومياءْ?
أنا لستُ منكمْ طغمةَ النسَّاكِ
واللحمَ المقدَّدَ في خلايا الصومعَهْ
لن يستحيلَ دمي إلى مصْلٍ
كذبتُ, كذبتُ,
جرُّوني إلى الساحاتِ, عرُّوني
اسلخوا عنِّي شِعَارَ الجامعَهْ
*************
( 3 ) اَلنَّاي
"اِبني, وقاهُ اللهُ, كنزُ أبيهِ,"
"جسرُ البيتِ, يحملُ همَّنا همًّا ثقيلْ"
"... اَلعامُ خلفَ البابِ يا بِنْتي, يعودُ"
"غدًا, يعودُ إِليكِ, بَعْضَ الصَّبرِ"
"سوفَ يعُودُ, واللهُ الكفيلْ."
***
ولربَّما ماتَتْ غدًا
تلكَ التي يبسَتْ على اِسمي
ومصَّ دماءَها شَبحِي
وما احتفلتْ بلذَّاتِ الدماءْ,
ماتَتْ مع النايِ الذي تهواهُ
يسْحَبُ حزنَهُ عَبْرَ المساءْ
ومع الورودِ متى التوَتْ
بيضاءَ, ينسجُ عُرسهَا ثلجُ الشتاءْ
طولَ النهارِ
مدى النهارْ
تنحلُّ في عَصَبي جِنازَتُها
يحزُّ النَّايُ فيهِ
وما يزيحُ عنِ القرارْ:
ماتَتْ وما احتفلتْ وما عَرَفَتْ
رَفَاهَ يدٍ تُظلّلُها ودارْ.
*************
( 4 ) الرِّيح
طولَ النهارِ
مدى النهارْ
رَبّي متى أَنشقُّ عن أُمِّي, أَبي
كُتُبي, وصومَعَتي, وعَن تلكَ التي
تحيا, تموتُ على انتظارْ
أطأُ القلوبَ, وبينها قلبي,
وَأَشرَبُ من مراراتِ الدروبِ بلا مرارَهْ,
ولعلَّ تخصِبُ مرة أُخرى
وتعْصِفُ في مدى شَفَتِي العِبارَهْ.
دربي إلى البدويَّةِ السمراءِ
واحاتِ العَجينِ البكرِ,
والفجواتِ أَوديةِ الهجيرْ,
وزوابعِ الرملِ المريرْ.
تعصَى وليْسَ يَرُوضُها
غيرُ الذي يتقمَّصُ الجَمَلَ الصَّبُورْ
وبقلبهِ طفلٌ يكوِّر جنَّةً,
غيرُ الذي يقتاتُ من ثَمَرٍ عجيبْ:
نِصْفٌ من الجنَّاتِ يسقطُ في السلاَلْ
يأْتي بلا تَعَبٍ حلالْ
نصْفٌ من العَرَقِ الصَّبيبْ.
اَلشوكُ ينبتُ في شقوقِ أظافِري
اَلشوكُ في شفتيَّ يمرجُ باللهيبْ
... في وجهها عَبَقُ الغريزةِ
حين تصْمتُ عن سؤَالْ
... نهضَتْ تلمُّ غرورَ نهدَيْها
وتنفضُ عن جدائلها حكاياتِ الرمالْ,
تحدو, تدورُ كما أُشيرُ بإصبعِي
ولربَّما اصطَادَتْ بُروقًا
في دهاليزي تمرُّ وما أَعي
وبدونِ أَن أُملي الحروف وأَدَّعي
تحدو, تدورُ, تزوغُ زوبعَةً طروبْ
وأَرى الرياحَ تسيحُ; تنبعُ
من يدَيْها:
منبعَ الريحِ المعطَّرةِ الجنوبْ
ومنابعَ الريحِ الطَّريَّةِ والغضوبْ
للريحِ موسمُها الغضوبْ.
***
وحدي مع البدويةِ السمراءِ
كنتُ مع العِبارَهْ
في الرملِ كنتُ أَخوضُ
عَتْمَتهُ ونارَهْ
شربُ المراراتِ الثقالِ
بلا مرارَهْ.
***
ريحٌ تهبُّ كما تشيرُ عبارتي
للريحِ موسمُها الغضوبْ,
للريحِ جوعُ مَبارِدِ الفولاذِ
تمسحُ ما تحجَّرَ
من سياجات عتيقَهْ
ويعُود ما كانت عليهِ
التربةُ السمراءُ في بدء الخليقَهْ
بكرًا لأوَّلِ مرَّةٍ تشهَى
بحضنِ الشمسِ, ليلُ الرعدِ
يوجعُها وتَسْتَمْري بروقَهْ
ماذا سوى أَرضٍ تَعُبُّ
الحلْمَ, تُنبِتُهُ كرومًا والكرومُ
لها شروشُ السنديانِ,
لها عروق السنديان
وَرَفَاهُ فيءِ البيلسانْ,
ماذَا سوى عَقْدِ القبابِ البيضِ
بيتًا واحدًا يزهو بأَعمدةِ الجباهْ
يزهو بغاباتٍ من المُدُنِ الصَّبايا
لِين أَرصفةٍ وَجَاهْ
أَيصحُّ عَبْرَ البحرِ تفسيخُ المياهْ?
***
وأرى, أَرى الطَاووسَ يُبْحِرُ
في مراوحِ ريشهِ,
نشوانَ يبحر وهو في ظلِّ السياجْ
ويظُنُّ أَنَّ الوردَ والشِّعْرَ المنمَّقَ
يسترانِ العَارَ في تكوينهِ والمهزلَهْ
في صدره ثديانِ
ما نبتَا لمرضعَةٍ
ولا للعَانسِ المُسْترجلَهْ
ثديانِ يأْكلُ منهما عسلاً
ويحصدُ منْهما ذهبًا وعاجْ
لو يستحقُّ صلبتُهُ
ما شأنهُ بصَلِيبِ إيمانٍ
يسوقُ لجُلْجُلَهْ
وكَّلْتُ ريحَ الرملِ
تعْجنُهُ بوحلةِ شارعٍ أَو مزبلَهْ
هو والسياجْ
وطيوبُ ثديَيْهِ وما حصَداهُ
من عَسلٍ وعاجْ
في موسم الريحِ الغضوب
مَسْحُ السياجات العتيقة في العقولِ
وفي الدروبْ
*************
( 5 ) الناسك
ألنَّاسكُ المخذولُ في رأْسي
يُطِلُّ عليَّ, يَسألني, يَحَارْ
"أَهملتَ فرضَكَ",
"هَلْ جُنِنْتَ فرحتَ تحلُمُ في النهارْ"
"حلم النَّهَارْ"
"مدى النَّهَارْ?"
"هلْ كنْتَ تتبعُ ذلكَ الجنِّيَّ"
"هل أغواكَ شيطَانُ المغارَهْ?"
وحدي مع البدويةِ السمراءِ
كنْتُ مع العبارَهْ
في الرملِ كنْتُ أَخوضُ
عَتْمتَهُ ونارَهْ,
شربُ المراراتِ الثِقالِ
بلا مرارَهْ.
- "أَلغازُ مجنونٍ" وعاد
لغرفةِ الآثارِ في رأْسي,
وللسلعِ العَتيقةِ,
عاد منخَلعَ الوقارْ.
*************
( 6 ) طولَ النَّهارِ
مدى النهارْ
اَلحينُ بعْدَ الحينِ تعْبرُ جَبْهَتي
صُوَرٌ وتنْبتُ في الطَّريقْ
صورٌ يشوِّهُها الدوارْ
أُمِي, أَبي, تلك التي
تحيا تموتُ على انتظارْ.
اَلنَّاسك المخْذولُ في رَأسي
يشدُّ قُواهُ ينهرني, أُفيقْ:
بيني وبين البابِ
صحراءٌ منَ الورقِ العَتيقِ وخلفَها
وادٍ منَ الورقِ العَتيقِ وخلفَها
عمرٌ من الورقِ العَتيقْ

قديم 01-30-2011, 02:57 PM
المشاركة 9
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
جحيم بارد
( خليل حاوي )


ليتَني ما زلتُ في الشارع أصطادُ الذُّبابْ
أنا والأعمى المُغَنِّي والكِلابْ
وطَوافي بزوايا الليلِ,
بالحاناتِ مِن بابٍ لِبابْ
أتَصدَّى لذئاب الدربِ..!
ماذا? ليتَني ما زِلتُ دربًا للذئابْ
وعلى حشرجة الأنقاض في صدري,
على الكَهْف الخَرابْ
يلهثُ الوغدُ بحمَّى رئتَيهِ
بدعابات السكارى, بالسِّبابْ
أنا والدربُ نعاني الليل وَطْئًا وسِبابْ
ليتَه ما لَمَّني من وحلة الشارعِ
ما عوَّدني دفءَ البيوتْ
ويدًا تمسحُ عاري وشحوبي
ليت ما سلَّفَني ثوبًا وقوتْ..
وَنَعِمْنا بعضَ ليْلاتٍ.. تَلاها:
هذيانٌ, سأَمٌ, رعْبٌ, سكوتْ
اَلرؤى السوداءُ, ربِّي, صَرَعتْهُ
خَلَّفَتْهُ باردًا مرًّا مقيتْ
ليت هذا البارِدَ المشلولَ
يحيا أو يموتْ
رثَّ فيه حسُّه,
أعصابُه انحلَّت شِباكًا مِن خيوط العنكبوتْ
شاعَ في البيت مُناخُ القبرِ: دلفٌ,
عَتْمةٌ, ريحٌ حبيسٌ, وسكوتْ
بِرْكةٌ سوداءُ يطفو في أَساها
وَجْهُه المُرُّ الترابيُّ الصَّموتْ,
ليْتَ هذا البارِدَ المشلولَ
يَحْيَا أو يموتْ
ليته!
يا ليت ما سلَّفني دفئًا وقوتْ

قديم 01-30-2011, 03:20 PM
المشاركة 10
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
حب وجلجلة
( خليل حاوي )


وأَنا في وحشَة المَنفَى
مَع الداءِ الذي ينثرُ لَحْمي
ومع الصمت وإِيقَاعِ السُّعالْ,
أنفُض النومَ لَعلِّي أَتَّقي
الكابوسَ والجِنَّ التي تحتلُّ جِسْمي
وإِذا الليلُ على صدري جلاميدٌ,
جدارُ الليلِ في وجهي
وفي قلبي دخانٌ واشتعالْ,
آهِ ربِّي! صوتهم يصرخُ في قبري:
تعالْ!!
كيف لا أنفضُ عن صدري الجلاميدَ
الجلاميدَ الثقالْ
كيف لا أصرعُ أوجاعي ومَوتي
كيف لا أضرعُ في ذلٍّ وصمتِ:
"رُدَّني, ربي, إِلى أرضي"
"أعِدني للحياة"
وليكن ما كانَ, ما عانيتُ منها
محنةَ الصلب وأعيادَ الطغاة.
غير أني سوف ألقى كل من أحببتُ
مَنْ لولاهُمُ ما كان لي
بعثٌ, حنينٌ, وتمنِّي
بِي حنينٌ موجع, نارٌ تدوِّي
في جليد القبر, في العرق المواتْ,
بِي حنينٌ لعبير الأرضِ,
للعصفور عند الصبحِ, للنبعِ المغنِّي
لشبابٍ وصبايا
من كنوزِ الشمس, من ثلجِ الجبالْ
لصغارٍ ينثرونَ المرجَ
مِنْ زهوِ خطاهمْ والظِّلالْ
في بيوتٍ نَسيَتْ أَنَّ وراءَ
السور مرجًا وظلال.
أنتُمُ أَنتنَّ يا نسل إلهٍ.
دمُهُ يُنبت نيسانَ التِّلالْ
أنتُمُ أَنتنَّ في عمري
مصابيحٌ, مروجٌ, وكفاهْ
وأنا في حُبِّكمْ, في حبكنَّ
- وفِدى الزنبق في تلك الجباهْ -
أتحدَّى محنةَ الصَّلبِ,
أُعاني الموتَ في حبِّ الحياهْ


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: من شعراء العصر الحديث ( خليل حاوي )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من شعراء العصر الحديث ( عمر الفرا ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 12 06-24-2011 11:52 AM
من شعراء العصر الحديث ( محمود درويش ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 48 01-14-2011 08:53 PM
من شعراء العصر الحديث ( بدر بن عبد المحسن ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 20 10-19-2010 04:15 PM
من شعراء العصر الحديث ( أبو القاسم الشابي ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 73 10-02-2010 08:58 AM
من شعراء العصر الحديث ( فدوى طوقان ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 39 10-01-2010 03:27 PM

الساعة الآن 01:02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.