قديم 03-05-2015, 05:50 PM
المشاركة 11
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الفصل السابع
__________

سيطر الفزع والرعب على نفس عبد الباسط، وقبض الخوف على قلبه، ووجه البنهاوي أمامه تعلوه علامات الشر والغضب، وعيناه حمراوتان، وهو يضرب الفتاة بوحشية.. حاول بقوة أن يحرر يده من يد البنهاوي، التي تقبض عليها باستماتة، ولم يقاوم الصراخ، حتى فتح الباب، ودخل بعض الدكاترة، الذين سمعوا صرخات الاثنين، ورأوا المنظر العجيب، فحاولوا نزعهما عن بعضهما حتى نجحوا في تحرير عبد الباسط، وسقط البنهاوي على كرسي مكتبه مغشيا عليه، وسقط عبد الباسط على أرضية الغرفة في إعياء شديد، والرعب يظهرعلى ملامح وجهه..
أمسك رأسه بكلتي يديه، صارخا من قلبه:
- اللهم نجني من هذا الملعون..
هرول مغادرا المكتب والكلية، وهو يتمتم مكررا..
- إنه الملعون.. الملعون..
وبيد مرتعشة، أولج مفتاح السيارة بسرعة ليديرها، وكأن الشيطان يطارده.. انطلقت السيارة فجأه وبأقصى سرعتها،دون أى تدخل منه..
لم ير لحظتها معالم الطريق أمامه،
فجأة برزت أمامه سيارة فارهة سوداء اللون .. وكأن الأرض انشقت وبرزت منها أو هبطت من السماء واعترضت طريقه ولم يستطع تفادى الأصطدام بها ..
زاغت عيناه، وتداخلت الصور في بعضها..
شعر بدوار في رأسه فجأة، ثم بصدمة شديدة وارتطام رأسه بمقود السيارة..
وغاب عن الوعي..


قديم 03-05-2015, 06:29 PM
المشاركة 12
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أديبنا القدير رضا

ما زلت متابعة لهذا الحرف وفي كل مرة تتركنا والدهشة لا تفارقنا
في انتظار حرفك الى النهاية

واتمنى على من يجيد النقد والوقوف على القصة أن يشاركنا هذا الحرف الراقي
وهذا الفكر المبدع

مع التقدير

تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....
قديم 03-06-2015, 01:53 PM
المشاركة 13
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مازلت أتابع هذا الحرف الجميل .وأنتظر فصوله بشغف .
الأديب رضا الهجرسي ,أشعلت فضول الذائقة ...خالص الود

هبْني نقداً أهبك حرفاً
قديم 03-06-2015, 07:08 PM
المشاركة 14
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أديبنا القدير رضا

ما زلت متابعة لهذا الحرف وفي كل مرة تتركنا والدهشة لا تفارقنا
في انتظار حرفك الى النهاية

واتمنى على من يجيد النقد والوقوف على القصة أن يشاركنا هذا الحرف الراقي
وهذا الفكر المبدع

مع التقدير
المبدعة .. فاطمة جلال
وأنا سعيد بمتابعتك الواعية وأشكرك على الدعوة لنقد الرواية ..
وودى وتقديرى لحضورك الكريم

قديم 03-06-2015, 07:11 PM
المشاركة 15
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مازلت أتابع هذا الحرف الجميل .وأنتظر فصوله بشغف .
الأديب رضا الهجرسي ,أشعلت فضول الذائقة ...خالص الود
الراقى .. زياد القنطار
سعيد بمتابعتك وفى إنتظار نقدك .. ولك أهدى الفصل القادم ..
وودى وتقديرى

قديم 03-06-2015, 07:15 PM
المشاركة 16
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الفصل الثامن
_________

طرق أذنيه صوت همهمات تشبه التعويذات التي يحفظها عن ظهر قلب، والمذكورة في الكتاب الثاني لطرد الأرواح وتلبس الجان والمس الشيطاني. انسلت إلى أنفه رائحة بخور كبخور أمه، فاطمئنت نفسه لتلك الرائحة والهمهمات، فهو الآن بالتأكيد في حضن أمه ورعايتها..
انتفض واقفا في فزع، عندما علت صوت الهمهمات بصوت أجش، وفتح عينيه متنقلا ببصره في أرجاء المكان الغريب، فرأى رجلا تخطى الخمسين من عمره، أبيض الوجه، في لون لحيته، أمامه مبخرة يلقي بها البخور، ويتمتم بتعويذته..
سأل في ارتباك، وكأنه يناجي نفسه..
- أين أنا؟.. ومن أنت؟.. وما الذي آتى بي لهذا المكان..
صاح الرجل صيحة مدوية..
- حي.. اجلس يا عبد الباسط ولا تقاطعني..
في استسلام جلس محدقا في الرجل في خوف، حتى انتهى من تعويذاته، ثم ابتسم في بشاشة لعبد الباسط، وتكلم في ود..
- يمكنك الآن أن تسأل ما شئت يا شيخي..
- شيخك..
- نعم شيخي وتاج رأسي..
- كيف أكون شيخك؟..
- بهالتك ومواجهتك للملعون والقضاء عليه..
- هل مات؟..
- نعم يا شيخي وتاج رأسي.. وأحمد الله على إتمام مهمتك..
- ولكن كيف عرفت؟..ومن أنت؟.. وأين أنا؟..
- لا تسأل..واعلم أن الله راض عنك، ولك الحق الآن في أن تمارس حياتك الطبيعية، وتتزوج وتصبح لك ذرية من صلبك.
أما سؤالك عن كونيتي، فكان يجب أن تعرفني دون سؤال..
أنا دليلك.
أخذ عبد الباسط نفسا عميقا، وزفره بقوة في ارتياح. ثم في فضول
واستيحاء..
- ولكن قل لي يا سيدنا الشيخ بالله عليك.. كيف حضرت إلى هنا؟.. هل أمي من أحضرتني إليك؟
- لا يا مولانا..لم تحضرك أمك الفاضلة، بل أحضرتك سيدة كريمة طاهرة، بعد أصطدام سيارتك بسيارتها، وغيابك عن الوعي.
- لكن كيف عرفت ما حدث بيني وبين الملعون..
صاح صيحة انخلع لها قلب عبد الباسط..
- حي..قلت لك لا تسأل.. ليس مصرح لي بالرد عليك، فلا تسأل وتعرضني للحساب العسير. مصرح لي فقط أن أبلغك أن مهمتك قد تمت، وُرفعت عن كاهلك
قاطعهما مساعد الشيخ بدخوله، وهمس في أذن الشيخ. تهلل وجهه، وابتسم في وجة عبد الباسط قائلا..
- حظك في قدميك يا فتى.. ها هي قد حضرت منقذتك لتشكرها بنفسك..
خرج المساعد مسرعا، ثم عاد وهو يشيربيديه مرحبا..
- تفضلي يا سيدتي.
وقف الشيخ، واستقبلها استقبالا حارا..
- أهلا أهلا بسيدتنا الكريمة.. حللتِ أهلا ونزلتِ سهلا.. تفضلي..
امرأة جمعت مجامع الفتنة ووقارها.. أنوثة طاغية مع وجة ملائكي.. عيون ساحرة تسحر العقول قبل القلوب، ينطبق عليها قول الشاعر..
عيون إذا أبصرت قلبا خليا من الهوى..
تقول له كن مغرما فيكون..
خطف عبد الباسط لمحة خاطفة، ثم غض بصره مسرعا، عندما شعر
باندفاع الدم في رأسه، بل في جميع أجزاء جسده الفتي. استيقظ بداخله شباب جسده، الذي حرم من الاقتراب من النساء من أجل هالته.. في هذه اللمحة، فقد عبد الباسط عذرية مشاعره، فلكزه الشيخ في كتفه ضاحكا وهامسا في أذنه..
- تمالك نفسك يا شيخنا..وسيطر على نفسك ودع الأمر لي..
- أي أمر؟..
- لا تخف.. فسرك عندى في جب عميق.. فقد كافأك الله بعد أن
أنهيت مهمتك وقضيت على الملعون بهذه المرأة الصالحة
الطاهرة، فلا ترفض عطية الله لك، واطمئن، فقد كشفت على
طالعكما في النجوم، ونجماكما – حمد الله- متوافقان، وأبشرك بشرى سيسعد بها قلبك.. فهذه المرأة تملك من المال والجاه ما كان عند قارون وأكثر، أي جمال ومال وجاة وطهر؛ ماذا تطلب أكثر من ذلك؟..
في تردد..
- ولكن يا شيخنا..
في وعيد..
- ولكن ماذا؟ أتريد أن ترد عطية الله لك؟
- حاشا لله أن أفعل.. ولكن ألا نحصل على موافقتها أولا؟
- أبشر يا مولانا.. فهي من طلبت مني أن أخطبك.. ولكن لها شرط واحد وبسيط..
- وما هو؟
- ألا تعود للعمل بالجامعة، وتدير لها أموالها، وتصبح السيد
الآمر الناهي..
- قبلت شرطها..
- إذن..فلنُحضر المأذون ونعقد القران..
- الآن يا شيخنا!..لا أستطيع..
- وما المانع يا مولانا؟
- أمي.. يجب أن أبلغها، وأحصل على موافقتها، وتحضر القران..
- أذن هيا.. واذهب من فورك لتحضرها ونحن هنا في انتظارك.. هيا يا مولانا، أسرع وعجل..
مد عبد الباسط يده ليصافح الشيخ مودعا أياه، ففوجئ بالشيخ يتجاهل يده الممدودة، و يدير له ظهره، مغادرا الغرفة في ارتباك و عجالة، مصطحبا معه المرأة..

قديم 03-08-2015, 05:35 PM
المشاركة 17
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:70%;"]

الفصل التاسع
__________

طوال طريق عودته إلى المنزل لم يرحمه عقله من التفكير.. تلاطمت الأفكار في رأسه كموج بحر هائج الأمواج. بدءً بالدكتور البنهاوي الملعون، وصورة الفتاة المكبلة بالحديد في سريرها، وجلد الملعون لها بكل تلك القسوة والوحشية، انتهاءً بدليله الشيخ وبشراه، التي أزاحت الحجر الثقيل من على صدره بإتمام مهمته الجليلة، وهبة ربه له بزينة الحياة الدنيا من المال والزوجة الجميلة، التي تسر نظره وتبهج قلبه، وتكون الأم الصالحة لأولاده.
عندما رأت أمه اصفرار وجهه، والفزع والخوف ورعشة يديه وارتعاد جسده..
على الرغم من محاولته إخفاء ذلك بابتسامة بشوشة على وجهه
هم بأن يفتح فمه ليقص عليها ما مر به من أحداث جسام، فأوقفته إشارة من يدها إلى غرفة الهالة.
استجاب لإشارتها على الفور دون اعتراض، ودخل الغرفة مستنجدا بها، لتعيد لروحه السكينة. لفحت وجهه نسمة عطرة، استنشقها بعمق، لتختلط بدمه المعكر فتنقيه.. سمع ترنيمات ملائكية، انسابت إلى روحه وكيانه ونفسه الفزعة.. قام إلي سجادة الصلاة، وأخذ يصلي شاكرا ربه على نعمه الكثيرة، التي أنعم بها عليه.
ردت إليه نفسه، وشعر براحة روحية غمرته، واختفت تماما من عقله تلك الصور المفزعة للفتاة. خرج إلى أمه متورد الوجه، يبتسم لها في بشاشة وود. ردت عليه أمه ابتسامته، وهي تشير بيدها إلى منضدة الطعام، وقد وضعت عليها كل ما تشتهيه نفسه. جلس إلى طعامه بشهية مفتوحة ورغبة في الحياة، وأخذ يقص عليها أول مواجهة له مع الملعون ابن الملعون والقضاء عليه، وعثور دليله عليه، وهبات الله التي غمره بها، والمرأة الجميلة الصالحة التي سلبت عقله وقلبه.. وهي تستمع له دون أدنى تعليق!
حتي دق جرس الباب..
ابتسمت له ابتسامة ودودة، وتركته يكمل طعامه، وقامت لترى من بالباب. سمع عبد الباسط عبارات الترحيب من أمه بالزائر القادم، فانتابه الفضول، فليست هذه عادة أمه. وفاجأ أذنيه صوت الدكتور البنهاوي يسأل عنه..
سمحت له أمه بالدخول مع عبارات الترحيب، ودخل البنهاوي بخطواته البطيئة، وهو في حالة إعياء شديد. وقف عبد الباسط فزعا صارخا في أمه..
- كيف تسمحين لهذا الملعون ابن الملعون بالدخول؟
في ابتسامة مطمئنة..
- اجلس واهدأ يا بني..واعلم إن هذا البيت مرصود، لا يدخله شيطان ولا جان، وإلا احترق قبل أن تطأ قدماه بابه. تمالك نفسك، واستمع إليه.. تذكر كلمات أبيك لك بالمقبرة.. اسمعه وأطعه.
التفتت للبنهاوي في بشاشة وود..
- كيف هي قهوتك يا دكتور ..
بهت عبد الباسط من تصرفات أمه، بينما ابتسم البنهاوي في ود واقترب منه، محاولا أن يطمئنه، واضعا يده على كتفه في حنان. ابتعد عبدالباسط فزعا، مبعدا يديه خوفا من سابق تجربته المفزعة.. ابتسم الدكتور في ود قائلا:
- استمع لي أولا يا بني، ثم حكم عقلك وضميرك..
- أحكم عقلي وضميري فيم؟..ما رأيته كافٍ لأعرف من أنت
- لا تتعجل وتحكم على الأمور بظواهرها، فأنت ستواجه سيدًا من أسياد الشر الأسود، والذي لن تنتهي ألاعيبه الخبيثة لأقصائك عن مهمتك. ما انتقل إليك من ذاكرة هالتي صحيح ولا أنكره. حدث ذلك في مواجهتي الفاشلة له. دعني أقص عليك كل ما حدث بتفاصيله، حتى تتعلم كيف تواجهه، ولا يتمكن من خداعك كما فعل معي.
دخلت الأم، ووضعت القهوة أمام البنهاوي. مسحت على رأس عبد الباسط في حنان، وبصوت حنون قالت..
- اسمع منه يا بني بقلب مفتوح، وتذكر ما أوصاك به أبوك.
قبل يد أمه رادا على كلامها:
- سمعا وطاعة يا أمي.. وأنا كلي آذان صاغية لسماع ما سيقول.
شهق البنهاوي نفسا عميقا، وارتد بظهره، واضعا يده على جبهته في تفكير عميق، كمن يسترجع ذكريات من زمن سحيق. وفي صوت مرتعش ضعيف، بدأ يسرد قصته مع الملعون..
- حضر إليّ زوج الفتاة وأبوها وهما في انهيار وفزع شديدين، بعد أن ظهرت عليها ظواهرالتلبس، وما كانت تفعله من حرق للأثاث والستائر، وتبدل ملامح وجهها، وانتشار شرها إلى خارج البيت، وانتشار حرق الزراعات المحيطة بالبيت. ذهبت وأنا أظن أنها مجرد روح شريرة تلبستها أو مس من الجن، وأنني سأطرده بسهولة، كما طردت من قبله أرواحا شريرة كثيرة..
قاطعه عبدالباسط صارخا في غضب..
- ولكنك كنت تمزق جسدها بالسوط بقسوة ووحشية..
- لم أكن أدري يا بني أني أواجه أمير من أمراء الظلام الأسود.
نحن في العادة نهدد الروح لطردها بالسوط، لتخرج من الجسد.
ومن المؤكد أن أباك علمك ذلك.
- أبي لم يعلمني شيئا، فالموت لم يمهله ليعلمني.. ولكني قرأت هذا في كتاب طرد الأرواح، إرثى وإرث هالتي.. أكمل يا سيدي..
- هناك أيضا من يستخدم خيزرانة رفيعة للضرب ليهدد بها..
- لكنك لم تكن تهدد؛ بل كنت تمزق جسد المرأة المسكينة..
- أنا لم أكن أمزق جسد المرأة؛ بل جسد الملعون ابن الملعون..
- ولكني رأيتك تمزق جسدها..
- نعم.. نعم أنا لا أنكر ذلك.. لقد تلاعب بي الملعون بخبثه وشره. رأيته يهتك عرض أمي أمام عيني، فجن جنوني، وأخذت أضربه وأمزق ظهره ليتوقف عن هتك عرض أمي.. تدخل زوج المرأة وأبوها وأنقذوها من بين يدي، ولولا تدخلهم لقتلتها ضربا بالسوط، وأنا أظن أني أضرب الملعون ابن الملعون.
تأكدت ساعتها أنني لست الند لهذا الملعون، عندما رأيت هالته السوداء القوية. وعندما رأيت هالتك، عند أنقطاع الإضاءة في قاعة المحاضرات، ووجدتها لا تقل قوة عن هالته، بل قد تفوقه قوة، أيقنت أنك من اختاره الله لهذه المهمة الجليلة. وعند مصافحتي لك، أنتقلت ذكريات هالتك إلي عقلي.. رأيتك مع أبيك بالمقبرة، وعلمت تفاصيل ما دار بينكما من حديث، وتأكدت ساعتها أني دليلك..
وها أنا ذا يا بني رهن إشارة من بنانك.. دليلك ومعاونك.
في تردد وارتباك رد عليه..
- دليلي! كيف هذا وقد وجدنى دليلي بالفعل، وبشرنى بالقضاء على الملعون، وأبلغنى رضاء الله عني، بأن أرسل لي عطاياه وهباته مكافأة لي على إتمام مهمتي؟!..
اعتدل البنهاوي في انتباه، وهو يحدق في وجهه قلقا..
- كيف حدث هذا؟.. ومتى أتممت مهمتك، وأنا أمامك سليما معافىً
أكلمك وتكلمني؟
- لا أعلم.. عقلي يكاد أن يجن..
- اهدأ، وقص عليّ ما حدث بكامل تفاصيله.. ولا تهمل شيئا
سرد عبد الباسط ما حدث له بتفاصيله، والبنهاوي يسأله ويراجعه في أدق التفاصيل حتى أجهده، وسمع القصة كاملة دون لبس..
ارتد بظهره ليلتقط أنفاسه المتلاحقة، وفي صوت ضعيف مجهد..
- هذا ما كنت أخشاه.. بدأ الملعون في مراوغتك، وعرف كيف يدخل إليك من خلال فتوة شبابك وقلة خبرتك..
فزعا صرخ:
- أتعنى أنني قابلت الملعون وجها لوجه..
- أو أرسل لك أحد معاونيه، فهو لا يغادر مكمنه..
- لما؟
- خوفا من مواجهتك.. فهو يعلم كل شيءعنك، ومدى قوة هالتك..
هو يخشاك، وحاول أن يستخدم ألاعيبه وخبثه في إقناعك بأنك
أتممت مهمتك، وأراد أن يضعف هالتك بوضع تلك المرأة في
طريقك، ليثير شهوتك لرغبات جسدك، التي حرمت منها من أجل هالتك. أزاغ بصرك ولهاك، ووضع أمامك المال والسلطان والجاه.. تلك الثلاثية التي يقتل الأخ أخاه من أجلها، ناسيا شريعة الله التي شرعها لبني آدم.. فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وثق في الله أكثر وأكثر، حتى لا تُهزم في مواجهته.. واحمد الله أن هالتك حمتك من تعويذاته التي ألقاها عليك.
- أعوذ بالله وأستغفر الله من غفلتي.. دعني الآن يا سيدي أدخل خلوتي، فأنا في أشد الاحتياج إليها..
[/tabletext]

قديم 03-10-2015, 10:27 PM
المشاركة 18
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الفصل العاشر
__________

تركه البنهاوي في خلوته دون إلحاح عليه، حتى يستعيد قوة هالته، ويرد نفسه، ويتخلص من آثارالصراعات التي واجهها في أول مرة له. ثم رتب البنهاوي مع عميد الكلية إجازة مفتوحة له ولعبد الباسط، وذهب إليه حيث أبلغه أنه جاهز لبدء مهمته. بادره بطرق الموضوع مباشرة..
- دعنا الآن لا نضيع الوقت، فالشر ينتشر ويجب مواجهته
والسيطرة عليه..
- وكيف؟..
- ألم يقل لك أبيك كيف؟..
- سبق وقلت إنه لم تمهله ساعته وقضاء الله وقدره..
- يا الله..وكيف سيواجه فتي غر مثلك أمير من أمراء الظلام الأسود؟!..
- ثق بالله.. هذا ما قاله لى أبي..وكرره على مسامعي..
- ونعم بالله نصيرا.. قل لي، ماذا أنت حافظ من القرآن؟
- كله..
- فليكن سلاحك هو القرآن.. وستقرأ سورة الأعراف والكرسي..
- بل سورة البقرة.
- ولما سورة البقرة، وليست سورة الأعراف، والتي ذكر فيها الله قصة إبليس ورفضه أن يسجد لآدم، عندما أمره الله..
بسم الله الرحمن الرحيم..
"وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ"
صدق الله العظيم..
هذه الآيات يذكر فيها كفره وعصيانه لأمر الله، وغضب الله عليه، وطرده من جنته..
- نعم، ولكني سمعت من أبي هذا الحديث عن أشرف الخلق..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( لَا تَجعَلُوا بُيُوتَكُم مَقَابِرَ ، إِنَّ الشَّيطَانَ يَنفِرُ مِنَ البَيتِ الذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ )
- فتح الله عليك يا بني..إذًا هيا بنا، فأمامنا سفر طويل..
- سفر!.. إلى أين؟
- إلى بطن الصعيد، في وادٍ يسمى وادي الجن. فقد وجد غايته في جسد هذه المرأة المسكينة، التي تحملت تلبسه لقوة جسدها. إنه يحتاج لاتصال مادي حتى يستطيع أن يحرك الأشياء ويحرق ويدمر.. مهمتك أن تطرده من جسد تلك المرأة كي يغادر الأرض.
دخلت أمه حاملة بيدها حقيبة جلدية، وضعت بها بعض ملابسه..
وبدأت رحلتهم ومهمتهم المقدسة..



قديم 03-10-2015, 10:32 PM
المشاركة 19
رضا الهجرسى
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الفصل الحادى عشر
_____________

توقع البنهاوي العراقيل التي سيضعها الملعون وهم في طريقهم إليه، عن طريق مريديه من الجن والأنس.. بالفعل بدأت بتعطل سيارتهما، وعدم استجابة جميع سيارات الأجرة لتوصيلهما لمحطة القطار.
لكن الله لم يتخل عنهما، وسخر لهم عبدًا من عبيده ليعاونهم، فوقفت لهما سيارة ملاكي، دعاهما صاحبها لتوصيلهما. في الطريق إلى محطة القطار، سأله عبد الباسط..
- أشكرك سيدي، ولكن.. ما الذي جعلك تتوقف وتضيع وقتك لتوصيلنا، وأنت لا تعرفنا؟
صمت الرجل قليلا وكالمغيب..
- لا أدري.. هذا ليس بطريق عودتي للمنزل، وهذه أول مرة أصطحب فيها غرباء لا أعرفهم في سيارتي
هتف البنهاوي في وجه عبدالباسط عاليا، فارتعد جسده..
- الله أكبر..إن كيد الشيطان كان ضعيفا.. ألم أقل لك ثق بالله.
خلال سفرهم الطويل بالقطار، سرد البنهاوي قصته مع الملعون وما فعله من طرق لطرده، من ترديد الأذان في أذن الفتاة، لأن الشيطان إذا سمع الآذان خرج إلى العراء.. ومن رش مياه على فتاة سبق قراءة القرآن عليها..وخنقها وضربها ودهن ثلاثة وثلاثين موضعا من جسدها بالمسك.. حتى جلدها بالسوط.. كل هذه الوسائل فشلت في إخراجه وطرده، رغم تجربتها على الجن والأرواح الشريرة، وقدرتها المذهلة على طردهم. لكن هذا الملعون تحميه هالته السوداء القوية، فهالته السوداء تلك التي ورثها عن أبيه الملعون إبليس، من القوة لكيلا تتأثر بمثل هذه الطرق المعتادة.
- لذلك يا بني وهبك الله هذه الهالة، لتستطيع مواجهته، وطرده من أرض الله التى عاث فيها فسادا وفجرا وفسوقا..
في تردد، كشف عبدالباسط ما داخله من خوف، بعد ما سمعه منه
- لقد فعلت يا سيدي كل شيء كنت أنوي فعله في مواجهته وفشلت؛ فكيف أنجح أنا؟
قبل جبهته في تقدير واحترام..
- يجب أن تعلم يا بني أن الشيطان مثل الكلب، يهاجمك حين يشعر بخوفك.. فثق بالله واقتل الخوف بداخلك..


قديم 03-11-2015, 03:50 AM
المشاركة 20
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
على موعد مع القادم .وننتظر بشغف ...سلم اليراع وسلمت قادحاً زناد الإبداع ......
مودتي

هبْني نقداً أهبك حرفاً

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الهالة و الملعون .. رواية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضاءات المكان في رواية الملعون المقدس، بقلم: محمد فتحي المقداد محمد فتحي المقداد منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 5 12-18-2023 07:58 AM
رواية رديئة محمد عبدالرازق عمران منبر مختارات من الشتات. 4 02-24-2012 05:49 PM

الساعة الآن 02:56 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.