قديم 12-31-2014, 02:20 PM
المشاركة 11
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(4)

ذلك الشيء



وها أنا ذا أبتسم في بلاهة لوجوه المعازيم التي تتأملني بنظرات تتقلب بين الفضول والحسرة .. من العمدة عظيم الكرش وحتى عوضين مجذوب القرية..
فضول وحسرة على الشاب الذي سيدخل عش الزوجية بعد قليل وبعدها سيخرج منكس الرأس حيران..
لكنني تجاهلت كم النظرات الفضولية وبحثت عن وجه الشيخ علوش نعم .. لقد وعدني أنه سيأتي ..ترى هل يفي الدجاجلة بوعودهم ..
لكن دعوني اصارحكم ..كنت أراه بزاوية بصري في كل ركن من الأركان يرمقني بعينه المتبقية بنظرة خاوية ..
وحينما التفت لا أجد شيئاً .. تكرر هذا عدة مرات ثم قررت أن أنفض الفكرة عن رأسي حتى لا أبدو معتوها أمام العيون المتربصة ..لقد حقق علوش وعده بالمجئ للعرس وإن لم يكن له وجود حقيقي فالوغد قد عبق المكان بروحه الثقيلة الخبيثة ..
ويمضي الزفاف كأي زفاف تقليدي .. كقطار بطيء يمر على أعصابك ذاتها ..
متى سأجد نفسي وحيدا مع شريكتي الجديدة في مشروع اليوتوبيا .؟
ما زال أمامنا طريق ليس باليسير حتى نصل لعش الزوجية في البندر .. وهذه في الحقيقة كانت حجتي حتى أخذ فتاتي وانطلق بعيداً بعيداً عن كل هذا الصخب والأعراف الغريبة وعبارات المجاملات المنمقة التي لا أدري كيف يحفظونها ..
وحينما انغلق الباب علينا التفت لفاطمة فوجدت وجهها أحمراً مثل ثمرة الطماطم .. ولم يكن هذا بفعل الزينة ولكن وجهها كان على وشك الانفجار بدماء الحياء ..
- هل تذكرين يوم تقابلنا لأول مرة ..؟
- مممم ..
- هل كنت تتصورين أن ينتهي بنا المطاف للزواج ..؟
- مممم ...
- إجاباتك بليغة للغاية ..
وحينما اقتربت منها رفعت كفها في إشارة تحذيرية واضحة ..
- ماذا بك ..؟
- لا تقترب اليوم ..
- نعم ..!!
ابتلعت ريقها كأنما تبحث عن كلام يعبر عما تريده .. ثم كان ما قالته عبقريا :
- اليوم .. لا .. لأن ..لا ..يصلح .. لأنه .. اليوم .. و..
فككت ربطة عنقي وخلعت سترتي وشمرت عن ساعدي وظللت لساعة أحاول توصيل كلماتها المتقطعة كي أفهم ..
وأخيراً فهمت ..
الفتاة قررت ممارسة نشاطها الفسيولوجي المعتاد قبل الأوان بسبب التوتر .. ووقفت في شرفة الشقة أرقب النجوم وأردد في حسرة :
- فقط لو كنا في اليوتوبيا ..لما كان هذا عائقا ..
لكنني قررت استثمار الليلة بنشاط بديل ..قضيت طوال الليل في محاولة شرح النظرية اليوتيوبية لزوجتي المبجلة فاطمة ..!! ولما لا .. فلا يوجد لدينا الأن سوى الثرثرة لحين إشعار أخر .. كنا واقفين عند مكتبتي الخاصة التي ألحقت بها كل الكتب التي جئت بها من القاهرة وكنت أحدثها أحياناً وأقرأ لها أحياناً فقرات من بعض الكتب وأحاول شرحها وتقريبها إلى فهمها وكانت فاطمة تنظر إلي في إنبهار طوال الوقت .. لقد ظفرت بزوج متنور كما تحب أن تقول .. كنت بالنسبة إليها كائن فضائي هبط عليها من عالم يسبق عالمها بملايين السنين الضوئية ..
هذه الفتاة الساذجة المثيرة للشفقة .. لم أشعر يوماً بالمسئولية عن شخص ما كما شعرت اليوم بالرغم من أنني رجل شرطة مسئول ..
هذه الفتاة الحمقاء الطيبة كيف سيمكنها السير ثلاث خطوات دون أن تتعثر ويدق عنقها ..
- لماذا تنظر إلي هكذا ..؟
انتزعتني عبارتها الخجول من تأملاتي فتنحنحت قبل أن أقول :
- ولماذا لا أنظر إلى زوجتي ..
- أشعر بالحرج من نظرات الأخرين..
- أنا لست كالأخرين .. أنا زوجك ...
اطرقت إلى الأرض متمتمة :
- مازلت لا أصدق أنني صرت زوجة ..
حككت أنفي قائلاً :
- عملياً نعم ..
ثم قررت أن أوجه دفة الحديث بعيداً فقلت لها مداعباً :
- لقد مر يومان حتى الأن ولم يحدث لي شئ ..هل فقد الشيخ علوش قدراته أم ماذا .. ؟
رفعت طرفها إلي وبدت مترددة في الإفصاح عن شئ ما .. ثم قررت أن تتكلم :
- الشيخ علوش ليس شريراً كما تتصور ..
ابتسمت بركن فمي قائلاً :
- ربما أكثر مما أتصور ..
- هل .. هل ستظل تكرهه لو علمت أنه السبب في زواجنا ..
شعرت برجفة تسري في عروقي .. وقبضت على ساعدها لا شعورياً قائلاً :
- ماذا تعنين ..؟
ابتلعت ريقها بصوت مسموع وساعدها يرتجف في قبضتي فأرخيت قبضتي معتذراً لها .. لكنني كنت بحاجة إلى أن تكمل ..
ساعتها طلبت مني حفظ ذلك السر .. فوعدتها وقلبي يدق بعنف...
فبدات تحكي لي ما دار يوم ذهبت سراً بطلب من والدتها إلى علوش ..لماذا ؟! طبعاً ليصنع لأخيها عمل دون علم أبيها ..قصة معتادة في قرية كفور الصوالح لكنها تمسنى وبشدة ..

***

لقد عادت فاطمة لتأخذ العمل الذي سيصلح من شأن أخيها مداح ..لكنها فوجئت بعلوش يضع في كفها لفافتين ..ولما تسائلت ابتسم لها فبدت لها أسنانه النخرة وهو يجيب :
- الأخر في اللفافة البنية هدية لك من عمك علوش حتى يرزقك الله بالزوج الصالح ..
تورد خدها ولم تدر بماذا ترد .. قبضت على العملين واستدارت لتنصرف فاستوقفها قائلاً :
- ولا كلمة شكر ..
لكنها لم تلتفت ولم ترد ..كانت من داخلها تشعر بمزيج من الخجل
والسعادة .. لقد سعت في خدمة اخيها مداح فعادت بعملين ..لها ولأخيها.. ستفرح امها كثيراً ..فهي لم تفكر في فاطمة لانها جميلة والعرسان ياتونها ليل نهار لكن فاطمة كانت كسائر الفتيات تفكر لماذا حتى الأن لا يطرق بابها ابن الحلال الذي يأخذها على حصان أبيض ويطير دون أن يتعنت والدها ..

ظلت تفكر في هذه الأشياء حتى عادت إلى دوار أبيها وهناك ادركت ان هناك ضيوف بالدار .. ولم تتصور أن الشيخ علوش سره باتع لهذا الحد إلا حينما أخبرتها امها أن الضيف ما هو إلا عريس جديد يطرق بابها وليس أي عريس ..إنه ضابط النقطة شخصياً هذه المرة ..

ساعتها ناولت لأمها العمل الخاص بأخيها ثم هرولت إلى حجرتها وهي تحتضن العمل الثاني ..وهنالك اخذت ترسم ألف صورة وصورة لضابط النقطة الذي جاء يتقدم لخطبتها .. لكنها شعرت بامتنان تجاه الشيخ الطيب علوش
لقد كانت تنقبض كلما رأته .. والأن ..كم تتبدل الأمور لم يعد علوش ذلك المقبض أعور العين .. وأسفت كثيراً لأنها حتى لم تكافئه ولا حتى بمجرد الشكر ...
كانت فتاة طيبة وساذجة إلى أبعد الحدود ..

***

استمعت إليها في صبر ..ثم ابتسمت في إشراق .. ولم يعد قلبي يدق بعنف بعد أن عرفت أنني تزوجت فتاة حمقاء .. وأن علوش هذا أحمق منها .. وأنا الذي انتظر منه الشر كل الشر الذي يدعيه ..الأن يتوجب علي أن ألقنها دروساً مكثفة تحصنها من سيطرة الأفكار الخرافية التي تسيطر على مداركها ..

أعرف ان هذا لن يكون سهلاً لكنه ليس مستحيلا .. ساستغل أيام حيضتها في غسيل دماغها من كل الأدران التى علقت بها سأفرغ عليها كل ما تعلمته من فكر تقدمي شمولي .. أنت أول براعمي يا فتاة الريف الساذجة ويبدو أن شيئاً غريباً قد بدأ يتخلخل جدار الصلب الذي يضخ الدم إلى رأسي .. ذلك الشئ يعرفه ابناء البيئات المحافظة بالميل ويعرفه الشاعريون بالحب .. وأعرفه أنا بالمغناطيس الجاذب لنقيضه ..وهكذا تمضى بنا طبائع الأشياء ..


***

قديم 12-31-2014, 08:51 PM
المشاركة 12
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا الأستاذ عمرو مصطفى

نص ممتع حقا ، فيه لمسات إبداعية هائلة ، وتشويق جارف

في انتظار المزيد تقديري لقلمك الوهاج .

نجوم وتثبيت

قديم 01-01-2015, 01:09 PM
المشاركة 13
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حبكة جميلة و قصة مذهلة ..

# متابعة لك بالتأكيد ..

عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..
قديم 01-04-2015, 10:48 AM
المشاركة 14
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(5)

ذلك النزيف


وحينما حان وقت انحسار شلال الطبيعة الانثوية أخيرا وبعد طول انتظار عدنا إلى حيث بدأنا في ليلة الزفاف ... ابتسمت لها في إشراق فأطرقت خجلى .. ثم رفعت وجهها وقالت في بطء :
-لا ..
-ماذا ..؟
-مازال ...
هرشت مؤخرة رأسي وسألتها محبطاً :
-وهل هذا طبيعي ..؟
-لا أدري ..
-الطبيب يدري ..
هنا انفتحت أبواب الجحيم - إن كان هناك واحداً – وخرجت الشياطين تغزو سحنة الفتاة البريئة ..والزبد يتطاير من شدقيها :
-تريدني أن أذهب لطبيب ..هذا محال .. هذه معرة كبيرة ..
كيف ..؟ كيف ..؟
وضع عندك عشرات من (كيف ) حتى تصل إلى المريخ ..
غاية ما هنالك هو أن والدتها ستستدعي الداية والتي سيكون اسمها – غالبا - أم شئ ما .. كي تفحصها وهو ماكان سيثير جنوني حتما ..هذا ما كان ينقصني ..علوش أخر في قالب انثوي ..
تباً للريف الذي يتعامل مع جسد الانثى بتلك الحساسية المفرطة الموروثة من القرون الغابرة ..!! قيود وعقد نفسية ذكورية لا أكثر.. !!
الواحدة من هؤلاء تتصور نفسها مطمعاً لكل ذكر متحمس حتى وإن كان طبيب لا يعبأ غالباً إلا بفاتورة الكشف الفلكية التي سيدفعها الزوج .. كنا في القاهرة قد تحللنا بقدر كافي من تلك القيود الشرقية بفضل الانفتاح على العالم المتحضر !! لكن المجتمع الريفي مازال يرسف في أغلال الماضي !!
وكان يوم عرضت فاطمة على الطبيب يوماً مشهوداً وأسوداً في تاريخ أل جابر الصوالحي ..
الفتاة عادت منهارة كأنما تعرضت لاغتصاب ..وعدت أنا محتاراً مشوشاً تدوي في أذني كلمات الطبيب :
-لا شئ .. زوجتك تتدلل عليك ...
-والدماء ...؟
-الفتيات يتحججن بما هو أكثر لتأخير اللقاء ..
هل هذا هو ما كان .. ؟ هل خدعت الفتاة القروية ضابط النقطة
الفذ .. وهذا كان يعني بالنسبة إلي قرار واحد .. لقد ولى عهد
الدبلوماسية وأتى عهد الحديد والنار ..
لم تكن بحالة مزاجية جيدة بعد زيارة الطبيب لكنني كنت حانقاً جداً ومصراً جداً .. سمعت كثيراً عن مكر الفلاحين ..لكنني اليوم أعاينه وأراه متجسداً في تلكم الفتاة التي تدعي السذاجة والبراءة الخادعة .. لكنني لم أكد أمسك كتفيها حتى انهارت كالبالون الفارغ من الهواء وانفلتت من بين ذراعي وخرت إلى الأرض..
لكنني لم أقبل أن اخدع مرتين فأهويت إليها حانقا وقبل ان اتفوه بكلمة ارتطمت عيني ببقعة الدماء التي تتسع وتتسع من تحتها ..
فرفعت بصري ملتاعاً إلى وجهها فهالتني الصفرة التي بدأت تغزو بشرتها ..تباً .. حتى المتنورون أمثالي يرتكبون الحماقات
القاتلة ..
(( لا شئ ..زوجتك تتدلل عليك ..))
ترددت الكلمات في عقلي وأنا اتحرك أمام غرفتها ذهاباً وأيابا
لقد تركتها بالداخل ومعها أمها ..لقد حضرت مع والدها الحاج جابر نزولاً عن رغبتها في استدعاء أمها لتكون بجوارها ..الفتاة في تلكم الاحوال تفتقد والديها وتحن إليهم .. لكنني غير مستعد لحلول أمها الخرافية ..لست مستعداً ولن أحتمل.. عقلي قد تحول إلى خلية نحل نشطة لا تكف عن الطنين ..
ترى مالذي يجري لي .. ماذا اصاب فاطمة .. النزيف يأتي أحياناً
للمتزوجين حديثاً لكننا لم نتزوج عملياً بعد ..
الطبيب يعلن لي انه لا سبب منطقي لذلك النزف .. وهل علي أن ابحث عن سبب خارج حدود المنطق .. لكن الحاج جابر عاجلني
بالضربة القاضية..

***

-علوش ..
التفت إليه في حدة .. كان جالساً على أحد المقاعد وقد اراح رأسه على كفيه المشبكتين واستطرد بصوت متحشرج :
-هذا انتقام علوش منا ...لأنك لم تذهب إليه ..
كنت قد نسيت ذلك الاسم تماماً كانه لم يوجد إلا في مخيلتي ..
وهاهو ذا يقتحم على حياتي في أحلك الأوقات ..فقط ليزيد الطين بلة ..
وتداعت في ذهني ذكريات كابوس لم تندمل اثاره في نفسي بعد ..مطاردة كلب أسود لا ظل له .. بيت طيني ورائحة خبيثة ..وجه علوش المرحب والمائدة الخشبية .. و.. والساعة الرملية التي تحوي سائلاً أحمرا كالدم ..لا بل هو دم ..دم ينساب من أعلى لأسفل ..
لا اااااااااا .....
لا يمكن أن يكون هو وراء كل ذلك ..أنا الذي تحديته وكان ينبغي له أن يوجه سهامه إلي ..لا إلى فاطمة ..هذا لو كان يملك سهاماً أصلاً .. إنها الصدفة تلعب لعبتها مع العقول التي عششت فيها الخرافة وباضت وفرخت ..
-ولماذا لم يجرب حظه معي ..
قلتها في حدة فنظر لي باحثاً عن رد مقنع ثم أطرق إلى الأرض في أسى .. لعله يلعنني الأن في نفسه ويلعن اليوم الذي تزوجت فيه ابنته ..ألعني كما تشاء فقناعاتي لم ولن تهتز ..
لكن الأيام التالية وجهت لي المزيد من اللطمات ..
النزيف لا يأتي إلا حينما أحاول الاقتراب.. مجرد التفكير في ممارسة حياة زوجية طبيعية يعني عودة النزيف مرة أخرى ...
الطب النفسي ..؟ فكرت فيه وأخذتها بالفعل إلى واحد أعرفه
دون أن اخبر احداً حتى هي لم تفهم لأنني لا أريد المزيد من الاعتراضات التي يغذيها نازع الجهل لديها والذي يعتبر عيادة الطبيب النفسي هي عش للمجانين ..لذا تصورت انه طبيب أخر من أولئك الذين فحصوها من قبل ولم يقدموا لها سوى الحيرة وبالفعل لم يشأ الطبيب النفسي كسر القاعدة وعدنا للدار بخفي حنين ..
لا شئ يفسر ما نحن فيه ..تفسيراً علمياً منطقياً .. الجنون .. أحدهم يدفعنى لحافة الجنون ..أحدهم يغلق كل الأبواب ويترك لك باباً واحداً ..
باباً واحداً لكنك تتجنب حتى مجرد التفكير فيه ..
ووقفت أرمق أرفف الكتب المصفوفة في مكتبتي المتواضعة
كتب اليسار التي غرقت فيها حتى شحمة أذني ..وكأني انتظر منها الجواب .. لكن لا جواب .. لا فائدة ..حتى ماركس امتنع عن الظهور لي منذ قررت الزواج من فاطمة ..ولا أدري لماذا ؟..
حتى أنت يا ماركس تخليت عني ..
وطاشت يدي في الرفوف وتناثرت الكتب على الأرض لتدهسها قدمي بكل الحقد والغيظ .. لقد كفرت بمبادئي بعد كل هذا الزمن ووطئتها بقدمي ..
ونظرت لاهثاً لارفف المكتبة فوجدت كتاباً واحداً قد تبقى صامداً
لم يهتز ولم تطله بطشة يدي ..وتذكرت..
(( قبل أن ترحل سأعطيك شيئاً ..))
أغمضت عيني متوقعاً العطية التقليدية في مثل تلك المناسبات .. وسرعان ما دس أبي المصحف المزركش في يدي..نعم اتذكر
الكتاب الوحيد الذي لم يتهاوى مع بقية الكتب ..
لكن لماذا .. ؟
ولماذا احتفظت به رغماً عني وكأن هناك قوة ما دفعتني للإبقاء عليه .. وسط كل هذا الكم من الكتب التي تتنافى أفكارها مع
ثوابته ...ترى ما كنه تلك القوى ..وهل لديها حل لمعضلتي ..
كنت موشكاً على الجنون .. والفتاة تزداد اصفراراً وفرقاً كلما اقتربت منها ..
لقد تحول عش الزوجية إلى حفرة من حفر جهنم .. وصرت عصبيا انفجر عند أدنى كلمة ..وكنت كالصخرة التي تتدحرج حثيثاً نحو هاوية بلا قرار ..
-انا لا أصدق أن الشيخ علوش هو السبب ..
نظرت إليها بعينين منتفختين بسبب الإرهاق وقلة النوم..
علوش مرة أخرى ..حتى في الساعات المتأخرة من الليل ..لم أعد أحتمل .. ولم أرد عليها ..لأني لا أضمن أن يفلت الزمام من قبضتي ..و..
لكنها تابعت بحذر :
-لم يكن ليؤذيني فهو الذي جلبك إلي ..
- تباً لك ولعلوش ..
بعدها لم أشعر بنفسي ..المسكينة تلقت شحنة الغضب التي ما كان لها أن تتلقاها .. وما كان لها أن تحتمل صفعات وركلات ضابط شرطة محنك مثلي ..
وحينما تهاوت على الأرض لمحت بقعة الدماء التي انطبعت عبر ثيابها وأدركت الكارثة .. لقد عاد النزيف هذة المرة ليشترك معي في القضاء عليها ..هززتها عدة مرات لكنها لم تستجب .. صرخت في أذنها لكنها لم تستجب وضعت أذني على صدرها لأسمع دقات قلبها ..لكن دقات قلبها لم تستجب..
صرخت في أذنها لكنها لم تستجب.. دفنت وجهي في صدرها واستجديتها ..لكنها لم تستجب .. فاطمة البريئة الندية .. الشئ
الطيب الوحيد في حياتي .. فاطمة التي أشعرتني بأدميتي وأن لقلبي وظيفة أخرى غير ضخ الدماء ..
فاطمة الزهرة اليانعة التي سحقتها يد قاسية ..
فاطمة البسمة الرقيقة سقطت ضحية للعند والكبر والقسوة ..
ذئب ضاري لا يرحم هذا هو ما كنته.. لافرق بيني وبين علوش..
علوش .. الباب الذي رفضت طرقه .. والأن أنا مستعد لما هو أكثر ..
وحملتها حملاً إلى حيث غرفة النوم ووضعتها بحرص على الفراش ..وكان هناك خيط أحمر يتبعني حيث سرت .. تباً
الفتاة تتفلت مني ..تماسكي يا فاطمة حتى أعود..تماسكي أرجوك..وغادرت هائماً على وجههي قاصداً البيت الذي ظل يطاردني فترة في أحلامي ..

***
بيت علوش مرة أخرى لكنها ليست كالمرة السابقة ..
قمت بتوجيه أقسى ركلة ممكنة للباب الذي لم يحتمل وانفتح على مصرعيه فإذ بالشيطان يعدو في فزع ناحية باب أخر خلفي ..لكن رصاصة مدوية استقرت في فخذه جعلته يبرك كما يبرك الجمل أمام الباب .. ونهض مساعد الشيطان عطوة مذعوراً من نومه وعقله لم يستوعب بعد ما يجري وحينما رأني فتح فمه ليقول شيئاً لكنني عاجلته بطلقة هشمت أسنانه وخرجت من قفاه.. وحينما هوى كالحجر تجاوزته بخطوة لأصل إلى علوش الذي صرخ حينما قبضت على ياقته وجررته إلى منضدته الأثيرة ..
دفعته ليرتطم بالمنضدة فانقلبت وتناثر من تحتها موقد كيروسين
وبعض اللفائف من ورق وجلد ومساحيق لا أدري كنهها ..
وشئ أخر أثار عند رؤيته الرجفة في أوصالي .. الساعة الرملية
التي رأيتها في الكابوس .. بيد مرتجفة رفعتها وتأملتها عن قرب
لقد قرب السائل الأحمر في أعلاها على النفاذ ..
-لم يكن مجرد كابوس إذن ..
ثم التفت إلى علوش مستطرداً :
- كنت أنت السبب في كل ذلك ..وإن كنت لا أدري كيف ..ودفعت فاطمة ثمن عبثك ..لكنك ستخبرني كيف اتخلص من تلك اللعنة ..
سعل العجوز مرتين ..وعض شفته السفلى في ألم وهو يتحسس فخذه
ثم رفع طرفه إلي في مقت مستطرداً :
-إذن فقد أمنت أخيراً انني لست مجرد دجال هه ..
تلقى ركلة عاتية في فخذه المصابة فشق صراخه سكون الليل
وصدع جنباته .. وجذبته من شعره الجعد وضربت رأسه بالمنضدة صائحاً :
-سوف أجعلك تنزف كل قطرة من دمك أمام عينيك.. لولم توقف نزيف فاطمة ..
قال لاهثاً :
- الساعة الرملية وسيلة لا يتوصل إليها إلا المحنكون أمثالي الساعة الرملية المليئة بسائل خليط يشبه سائل الحياة .. نوع من الأعمال السفلية التي تصنع للنساء كي تظل الواحدة منهن تنزف دون سبب كلما اقترب منها زوجها ..النهاية محتومة ..الموت نزفاً .. كان هذا هو انتقامي ..ولم يعد هناك فائدة لن يستطيع أحد إنقاذها ..هه .. لم يعد باستطاعة أحد إنقاذها ..
دفعت فوهة مسدسي في ثقب الطلقة الغائر بفخذه فصرخ كالنساء .. وهدر صوتي كهزيم الرعد في أذنيه :
- سأقتلك ألف مرة يا علوش لو كررتها ..
- لـ ..لا فائدة ..قلت لك لم يعد باستطاعة أحد إنقاذها ..
أظلمت أمامي الموجودات ..هل فقدت فاطمة إلى الأبد ..؟
ذلك الكلب يعرف ما يتكلم عنه جيداً ..
وإذا كانت فاطمة قد رحلت ..فما جدوى بقاء الكلب الذي عقرها ..
وصوبت إليه سلاحي فصاح فزعاً :
-ألم تسأل نفسك لماذا لم أوذيك أنت ؟
صمت برهة وأنا اتردد في نسف جمجمته..نعم أيها الشيطان
ربما مازالت بحاجة إليك كي أفهم .. قلت له في مقت :
-تكلم ؟
هنا قرر الكلب أن يكف عن اللهاث ويتكلم ..


***

قديم 01-04-2015, 11:01 AM
المشاركة 15
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا الأستاذ عمرو مصطفى

نص ممتع حقا ، فيه لمسات إبداعية هائلة ، وتشويق جارف

في انتظار المزيد تقديري لقلمك الوهاج .

نجوم وتثبيت
تقبل شكري وتقديري للنجوم والتثبيت ..
منتداكم ذكرني بالأيام الخوالي .. في منتديات ما قبل طوفان الفيسبوك..

قديم 01-04-2015, 11:04 AM
المشاركة 16
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حبكة جميلة و قصة مذهلة ..

# متابعة لك بالتأكيد ..
يشرفني متابعتك للقصة بكل تأكيد .. وتم إضافة فصل جديد أرجو أن ينال استحسانكم..

قديم 01-05-2015, 12:52 PM
المشاركة 17
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(6)
تلك الحقيقة


منذ سنوات عديدة ظهر علوش في أطراف القرية ..
البحث الدءوب عن مكان خرب مليئ بالقاذورات والنجاسات كانت بغيته .. ولم يكن هناك أفضل من ذلك البيت الطيني الخرب في اطراف القرية .. القاذورات في كل مكان حوله والرائحة خانقة لا تطاق تلك الأشياء مهمة جداً لما سيقوم به .. وتلك الرائحة بالنسبة له كانت كعبير الياسمين ..الطقوس ستكون بالليل..
أشعل مصباح الكيروسين واخرج ادواته من جعبته التي جاء بها للقرية .. كل شئ سيتم بهدوء ويسر وليحالفه الحظ وليلقى رضا الأسياد .. وهكذا استل مديته وقام بذبح أرنب وفرق دمه على شكل
نجمة خماسية على الأرضية .. وجلس ينتظر ..
وفي الليلة الأولى لم يلقى استجابة .. كان هذا متوقع .. فالأسياد يحتاجون إلى ما هو أكثر .. تضحيات أكثر ..
وهكذا عاد في الليلة التالية بكبش سرقه من أحد بيوت الفلاحين في غفلة من أهله .. دماء أكثر لكن بلا استجابة ..
الأن لم يعد هناك مفر من الخطوة التالية .. الضحية البشرية ..
لن يستطيع اختيار ضحية بشرية من أهل القرية سيقلب هذا القرية رأساً على عقب .. عليه أن يستدرك طفل من قرية مجاورة ..
يقوم بتخديره ويحمله في جوال إلى حيث البيت الطيني الخرب الذي سيصير مقره فيما بعد ..
ذبح البشر ليس سهلاً ..خصوصاً الأطفال لكنه تعلم أن قلبه مجرد مضخة تضخ الدماء وتبقيه على قيد الحياة ولا أثر لأي مشاعر من تلك التي تشعرك بأدميتك .. المجد ينتظره وعنق هذا الطفل هي مفتاح العبور لذلك المجد ..
لذا فقد تناول المدية الحادة وقام بشحذها عدة مرات على قطعة حجر
وتوجه إلى الجوال وقام بفك ربطته وإخراج الطفل فاقد الوعي ..
ما حدث بعد ذلك كابوس اتركه لخيالك ..
المهم أن الضحية هذة المرة أثمرت .. حيث سمع العواء الطويل الحزين بالخارج .. وتهلل وجهه وهو يرنوا جهة الباب ..
- يا مرحب بالأسياد ..
بالخارج جاء يمشي حثيثاً ..أسوداً كالليل البهيم .. عيناه جمرتان من جهنم ..أسنانه تبرق كالماس تحت ضوء القمر ..
كلب أسود بلا ظل ..
وخر الرجل على ركبتيه في تبجيل مستقبلاً ذلك الذي وفد عليه من الجحيم .. أخيراً لبى الأسياد نداءه ..
مر الكلب بجواره وتجاوزه متجاهلاً إياه ..ثم اتجه حثيثاً ناحية جثة الطفل المذبوح ..
دار حولها وهو يتشمم الدم .. ثم ولغ فيه فتوهجت عيناه ..ثم دار على أربع وانصرف كان لم يكن ..
إنها علامة القبول ..
وأغمض الرجل عينيه وقلبه موشك على التوقف .. وبدأ يهذي بكلمات بلغة الأسياد ..ورأسه يتمايل يمنة ويسرة ثم صاح بصوت مرتجف دون أن يفتح عينيه :
- ستجدونني خادم مطيع .. خادم مطيع ..
شعر بشئ بارد يتحسس وجهه ففتح عينيه على اتساعهما وهو يلهث محاولاً السيطرة على ردود أفعاله ..لم يكن هناك شئ ..فقط هواء بارد يداعب وجنتيه ..قال بصوت مبحوح :
-أنا خادم الأسياد المطيع..
وشعر أن جدران البيت الطيني كأنها تتموج ..وبرودة تسري في اطرافه
-أنا خادم الأسياد الـ...
هنا بدأ يهتز كأنما مسه ألف جان ..وبدأ يهذي كالمحموم :
-أنا خادم الأسياد .. بحق طارش لم يسبق لي أن عقدت صفقة مع الأسياد من قبل ..؟
ثم بدأ يزوم مثل القط :
- هووووم ..فعلت.. كل الموبقات فعلت..كلها .. حتى أكل لحوم الموتى في قبورهم ..فعلت ..هووووم ...لم يعد لي قلب ..هووووم ولا ينبغي لي أن يكون ...هووووم ...مستعد للتضحية في سبيل رضاكم عني ..هووووووم .. لقد بذلت كل ما بوسعي ..
هووووم ..
ثم فجأة تبدل صوته إلى صوت أنثوي حاد :
-عينك اليمنى أيها الفاني ..عينك اليمنى .......
وحينما استعاد علوش وعيه بعد اللقاء الحميم مع الأسياد شعر بذلك الألم الحارق في عينه اليمنى وسائل الحياة اللزج يلطخ وجهه وثيابه وأنه لا يرى بعينه اليمنى و..
دوت صرختة مجلجلة طويلة ملتاعة ..
صرخة رجل نزع عينه ليضعها في طبق ..قرباناُ للأسياد ..

***

وبعد أيام من تلك الوقعة الحافلة بدأ في البحث عن معاون له فيما هو أت ..فظهر له فتى يدعى عطوة وهومثال جيد لمساعد الشيطان ..هو يريد لقمة ونومة ولن يسألك عن شئ بعدها ..وهذا هو ما يريد ..لا يريد أسئلة كثيرة فقط يريد سمع وطاعة بلا نقاش ..
الزبائن تترى من أهل القرية وربما القرى المجاورة لقد ذاع صيته منذ عقد الصفقة مع الأسياد .. البداية كانت معالجاً للسحر وبعد مرور سنوات صار كابوساً جاثماً على قلوب أهل كفور الصوالح ..
كانت الأمور تمضي على وتيرة واحدة حتى علم أن ضابطاً جديداً جاء إلى القرية ..هو لا يحب الحكومة ولا رجالها القادمون من مصر .. لقد حدثت له مشاكل كثيرة معهم على مدار السنون وكانت تنتهى دائماً بتعهد عدم تعرض من الجانبين ..
أنت في حالك ونحن في حالنا .. فقط لا تخالف القانون ..
وهذا القادم الجديد سيحتاج إلى فترة حتى يصل معه لنقطة اتفاق ..
من قال أن كفور الصوالح تحتاج للحكومة .. هو كان السلطة الزمنية المتحكمة فعلياً بأهل القرية ..هو المنبع والمصب .. من يجرؤ اليوم على الزواج دون زيارته .. ومن يجرؤ اليوم أن ينجب ويستهل ولده صارخاً قبل أن يضع الحلوان في حجره .. بل من يجرؤ على أذية جاره خوفاً من لجوء جاره للشيخ علوش ..
العمدة زوج ولده الشهر الماضي ولقد وضع في حجره مبلغاً يسيل
له اللعاب غير المواشي والطيور ..فقط .. دع ولد العمدة يتزوج في سلام .. بعدها بعدة أشهر سيدعه كي ينجب وكي (يسبع) وكي.. وكي ..
وكل كي بكية .. وابتلع ريقه الذي سال ..ثم تذكر ضابط النقطة
وتمنى لو طلب من الأسياد إزالة النقطة من الوجود ..
لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه والأسياد لا يفعلون شئ دون مقابل ..
متى سيحتك به البك الضابط ؟.. وكيف ؟..
فليدع هذا للأيام ..
-شيخ علوش ..
التفت في حدة إلى مصدر الصوت ..صوت أنثوي يثير رجفة في قلبه ..لماذا .. لأنه صوت فاطمة ..
-شيخ علوش ..
غادر الدار الطينية فوجدها واقفة على بعد ثلاثة أمتار من الدار..
فاطمة جاءت إليه اخيراً بعد طول انتظار .. وبرقت عينه الوحيدة
وارتعشت شفتيه :
-خطوة عزيزة يا فاطمة ..
قالت له في رهبة وهي تضع كفها على صدرها :
-أمي تريد منك خدمة ..
-أنا خدام ..
-تريد عمل لأخي مداح كي ينصلح حاله.. ولك الحلوان ..
ابتلع ريقه وهو ينظر لها بعينه الوحيدة في ثبات :
-بدون حلوان يا فاطمة .. يكفي تشريفك ..
لوحت له بكفها أن لا ..ثم أخرجت صرة من جيبها ورفعتها إليه قائلة :
-امي تريد هذا سراً ..انا هنا بدون علم أبي ..
تناول الصرة منها دون ان يرفع نظره عنها متمتماً :
-سرها في بئر بلا قرار ..
هنا استدارت فاطمة دون مزيد كلام .. وانطلقت مبتعدة دون سابق انذار .. ووقف هو يتبعها بعينه الوحيدة ..
لقد وجد قلبه أخيراً في فاطمة وظيفة جديدة غير ضخ الدماء ..
لكن هذا لن يعجب الأسياد .. تمخط وبصق بصقة محترمة قبل أن يقول في اعتداد :
-تباً للأسياد ..
بعمل واحد من أعماله السفلية فاطمة ستاتي إليه راكعة ..
لأول مرة سيستعمل سحره لنفسه .. العطف .. كثيراً ما عمل العطف لرجال ونساء ولم يفهم سر طلب الناس أن يحبهم فلان ويهيم بهم علان .. وما فائدة الحب أصلاً .. لكنه حينما قابل فاطمة فهم .. صحيح أن فرق السن وطبيعة عمله تجزم أنه ليس عريساً مناسباً لواحدة من الأحياء لكن من قال أن الأمور هنا تخضع لقانون الناس .. قانون علوش سيمضي ولن يعترض عليه أحد .. وبالفعل عادت الفتاة لتأخذ عملين بدلاً من عمل وانطلت عليها خدعة علوش ..لقد قرر أن هذه الفتاة له وليست لأحد غيره .. والويل كل الويل لمن تسول له نفسه الاقتراب من طرف ذيلها

***
لكنني ظهرت وطمعت فيما هو أكثر بكثير من ذيلها ..
ووصلته الأخبار بسرعة فهو المصب لكل المعلومات في القرية حتى الأمور بالغة الحساسية لا تخفى عليه ..دعك من أن مثل هذه الأشياء ينقلها الهواء قبل أن تتناولها الألسن ..
فاطمة ستتزوج ضابط النقطة .. البك الضابط الذي جاء من مصر ليخطف فاطمة على حصان أبيض..ولم يتوقع علوش أن يكون الصدام بينه وبين ضابط النقطة من أجل فاطمة ..
لابد أنه شاب ووسيم .. .. ومغرور كذلك ..لايمكن أن يتصوره إلا هكذا .. كما أنه لا يتصور نفسه إلا عجوزاً قبيحا ضحى بعينه اليمنى كي يرضي الأسياد ..
ً والأن ماذا حدث للعمل الذي أعطاه لفاطمة .. هل أخطأ في شئ ..
هل ألقت الفتاة العمل بمجرد أن مرت على ترعة..؟
لايمكن لفتاة في مثل سنها أن تفعل وقد اخبرت أن في تلكم اللفافة يقبع عريس المستقبل .. إذن ماذا حدث ..؟
-هل أصرف الزبائن بالخارج ..؟
التفت إلى عطوة بوجه خالي من التعبيرات وتمتم :
-أصرفهم ..
لا زبائن بعد اليوم .. سيكرس مجهوده كله في حل ذلك اللغز ..
ترى هل تخلت عنه الأسياد ..؟ بعد كل ما فعل .. أي شيطان جاء من مصر كي يعكر عليه صفو الأيام .. سيقضي الليل كله متفنناً في إيذاء ذلك الضابط .. سيخرج كل مواهبه الشيطانية فيه كي يجعله عبرة لمن يعتبر .. سترتجف من هول ما سيكون جدران البيوت في كفور الصوالح و ..
لكن عليه أولاًً أن يتأكد من أن الأسياد مازالو في صفه ..
وهكذا جلس أمام صفحة مليئة بالرمل وبدأ يخط عليها ثم أغمض عينيه وبدأ يقرأ ..
يهتز ويقرأ .. يحرك رأسه يمنة ويسرة ويقرأ ..
اخيراً تشنجت قبضته وهي تقبض قبضة من الرمل مصدراً انيناً كأنما يعذب في سقر .. ثم فتح عينه السليمة حمراء كالدم وهو يردد في حنق :
-لكن لماذا هو ..؟
و ضرب صفحة الرمل بقدمه فتناثر الرمل في كل مكان ورفع عقيرته إلى السماء صارخاً :
-لماذا ....؟

***

نعم لماذا ..؟
السؤال الذي يتردد بداخلي ويعصف بكياني .. والتمعت عينه الباقية في تلذذ ..هو مستمتع بإثارة الرعب في نفسي ..لكن هل كنت أبدو حينها خائفاً ؟
لقد تغيرت مائة وثمانون درجة يا مجدي .. وغرقت حتى أذنيك في مستنقع عالم لم تتخيل يوماً أن له وجود واقعي وليس في مخيلة العجائز .. ولفح صوته المتشهي أذناي :
-بعد رفض الأسياد التصديق على إيذائك وجعلك عبرة ..
قررت أن اكرس انتقامي من تلك التي فطرت قلبي حين تزوجتك ..
- لـ ..لماذا رفضوا إيذائي ..؟
قلتها كطفل تائه تركه أبواه في دهاليز عالم مزدحم بالطلاسم والأحاجي .. وكان صوت علوش هو المرشد لي في تلك المتاهة :
-لأنك .. لأنك مهم جداً بالنسبة إليهم ..
-لا أفهم ..
صاح علوش في جشع متلذذ :
-بل تفهم وتدرك في قرارة نفسك ..لكنك تكابر .. كل منا يخدم الأسياد بطريقته الخاصة .. وجهان لعملة واحدة .. لكن يبدو أنك في الوقت الراهن الأهم بالنسبة إليهم ..

***
حينما كنت صغيراً كانت أمي تنهرني إذا أكلت بالشمال وتخبرني أن ذلك فعل الشيطان ..وإذا كذبت تنهرني وتخبرني أن ذلك من وسوسة الشيطان .. وأن علي ألا استجيب لنداءات الشيطان التي يبثها في روحي فهو يجري في عروقي مجرى الدم وإلا صرت من حزبه وفريقه المخلد في النيران .. وعلى أن استجيب لنازع الخير..
الملاك الذي يرشدني إلى الخير كي اصير من اهله لكنني بالرغم من التحذيرات كنت اتلذذ بكل الموبقات التي يقع فيها طفل من سني ثم أنسب ذلك إلى الشيطان ..وما ذنبي أنا إنه الشيطان..
ولما كبرت وداهمتني أفكار اليسار أمنت أنه لا غيب وبما أن الملاك والشيطان غيب فهما لا وجود لهما على الحقيقة .. وكل ما يصدر مني هو مني ولا دخل لعوامل أخرى خارجية ..والخير والحق والعدل امور نسبية تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان ..
هل عشت قرابة الثلاثين عاما في خدمة الشيطان ..وتذكرت ماركس وحواراتي معه ..هل كانت محض خيال أم وساوس شيطان مريد ..

هل كنت مهندساً في معمار الأسياد المسمى يوتوبيا ..؟
وهل يمكن أن اعود بعد قرابة الثلاثين عام إلى نقطة البداية مرة أخرى .. الإيمان بوجود نازع الخير ونازع الشر ..؟
الملاك والشيطان ..وما فوقهما من تدبير كوني ..بيد الله..
الله ..
كلمة لم أرددها منذ زمان ..
رباه ..لقد كان بإمكاني إنهاء عذابي ..فقط لو كنت لجئت إليك ..
لقد وقعت فاطمة البريئة الندية ضحية لذئبان ضاريان لا مكان للرحمة في قلبيهما ..؟
علوش أيها التاريخ الحافل بالإيذاء ..الأن بعد أن فهمت .. وعرفت حقيقتي لم أعد بحاجة إليك.. ودون تردد صوبت مسدسي الميرى إلى عين علوش المتبقية قائلاً في برود :
-كلانا يعرف في قرارة نفسه أنه يستحق ..
ولمحت شبح ابتسامة باهتة تغزو تجاعيد وجهه الشاحب وهو يتمتم :
-نعم ..
و ضغطت الزناد ..

***

قديم 01-05-2015, 12:54 PM
المشاركة 18
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
خاتمة

وقفت مشدوهاً اتأمل اللوحة الدموية التي رسمتها بنفسي في قلب بيت علوش الطيني .. الدم وشظايا الجمجمة ورقائق المخ البيضاء تلطخ الجدار الطيني وراء علوش .. علوش الذي كان منذ ثوان يتأملني في تلذذ ..
الأن جاء دوري كي اتلذذ ولأول مرة في حياتي بقتل إنسان
صحيح أن علوش لم يكن إنساناً لكنه يبدو كذلك وهو ميت ..
جثة تعسة فقدت عينها اليمنى مقابل صفقة مع الأسياد وفقدت اليسرى بطلقة من مسدس خادم أخر من خدامهم ..دجال أخر وإن كان من نوع خاص ..
الأن لقى المجرم الاول عقابه ..وحان وقت عقاب المجرم الأخر
الذي يستحق القتل عشرات المرات ..
هنا لمحته .. بالفعل لم يكن له ظل وهو يعبر الباب المهشم ويتجه حثيثاً إلى حيث جثة علوش ..لقد حكى لي الأخير مشهداً مماثلاً يوم عقد الصفقة مع الأسياد .. الكلب الأسود الذي يلغ في دم الأضحية التي يتقرب بها للأسياد ..ترى هل قرر الأسياد اعتبار دم علوش مقدم لصفقة جديدة .. معي ..
ولما لا .. إن الإغراء يبدو شديداً ..ذلك العالم المجهول الذي
يفتح أبوابه أمامك لتدخل ..
- لكنك تملك خيار الرفض كذلك ..
التفت لمصدر الصوت .. كان ماركس يستند إلى الجدار في لامبالاة وهو يستطرد :
- ضغطة واحدة على الزناد وتتحرر من كل القيود ..
نعم ..ربما حان الوقت لقطع الصلة بينك وبين الأسياد .. وللأبد ..
ملمس الفوهة الساخنة التي يفوح منها رائحة البارود بدت وكأنها لمسة الموت ذاتها .. أغمضت عيناي ..
مداعبة يسيرة للزناد وتغادر ذلك العالم الغامض ..
لكن إلى أين ..؟ ربما لعالم أشد غموضاً ورهبة .. و..
وتذكرت ..
كانت أمي تنهرني إذا أكلت بالشمال وتخبرني أن ذلك فعل الشيطان ..
وإذا كذبت تنهرني وتخبرني أن ذلك من وسوسة الشيطان ..
وأن علي ألا استجيب لنداءات الشيطان التي يبثها في روحي فهو يجري في عروقي مجرى الدم .. وإلا صرت من حزبه وفريقه المخلد في النيران ..
وعلى أن استجيب لنازع الخير ..الملاك الذي يرشدني إلى الخير كي أصير من أهله..
وصرخت موقفاً تداعي سيل الذكريات :
- لا ...
لقد اختفى الكلب الأسود اللعين ..لكن كارل ماركس ظل واقفاً مستنداً للجدار بلامبالاة .. لو كانت النظرات تحرق لتحول ماركس إلى رماد الأن..
- لن أطيعكم ..
بالفعل كانوا هم المستفيدين في كلتا الحالتين .. إما أن أكون عبداً لهم وإما منتحراً هالكاً في سقر..
قال ماركس :
- لقد انذرتك منذ البداية ..لكنك ركبت رأسك ودمرت كل شئ ..
همست من بين أسناني :
- كنت شيطاني منذ البداية وأنا الذي حسبتك ملهمي ..
ابتسم في تواضع قائلاً :
- كنت ملهمك بالفعل ..ومازلت ..
جذبت نفس عميق وأنا أنظر إليه في غل ..
- لا ..
كان علي أن أخيب ظنه وأخالف وساوسه .. ولو لمرة واحدة..
وتناولت موقد الكيروسين ..
- ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟..
تجاهلته وقمت بإفراغ الموقد على كل شئ تقريباً في ذلك البيت الشيطاني الكريه ..
- أنت تدمر اليوتوبيا ..
التفت إليه ممسكاً بعود ثقاب مشتعل وقلت ببرود :
- نعم ...
هل هذه أصوات صرخات ..؟ لن أرتجف .. هل هذه أصوات توسلات .. ؟ لن استجيب ..
لقد تحررت منكم يا سادة الجحيم .. وحينما وقفت بالخارج
اتأمل النيران وهي تأكل البيت الشيطاني كنت أشعر في الحقيقة أنني
لا أحرق بيت علوش ..
بل أحرق شيء أخر عشت أسيراً له منذ نعومة أظفاري.
وأذكر وقتها أنني كنت أردد على أصوات طقطقة اللهب :
- فلتسقط اليوتوبيا ...
***
ومع أول شعاع للشمس عدت لداري ..
الدار التي تركت فيها فاطمة غارقة في دمائها ..لابد للمجرم أن يعود إلى موضع جريمته كي ينال عقابه ..
اتجهت إلى الفراش وانحنيت عليها وطبعت قبلة على جبينها الوضاء..لم أعد أملك إلا مراقبتها وهي تموت .. ودوت كلمات الكلب العقور في أذني ..
(( لم يعد باستطاعة أحد إنقاذها ..))
((لم يعد باستطاعة أحد إنقاذها..))
هنا رأيتها تفتح عينيها ببطء.. وسمعتها تهمس :
- مجدي ..لقد عدت ..
- نعم يا حبيبتي ..
تمتمت في وهن :
- حمداً لله على سلامتك ...
ساعتها لم اتحمل كل هذا القدر من الطهر والنقاء ..لقد نست ما جرى وما كان من بطشي بها ولم يشغلها إلا سلامتي ..
وبكيت بين يديها كطفل ..يوشك أن تفارقه أمه للأبد ...
- مجدي أنا بخير ..
رفعت طرفي إليها وشهقت مستجمعاً أنفاسي المتلاحقة :
- ستكونين بخير .. بمشيئة الله ستكونين بخير ..
نعم ..
فاطمة لن ترحل وما كان لها أن ترحل وتتركني وحدي لأكمل الرحلة رحلة الإيمان ..
سأقضي جوارها الليل والنهار بين يدي مصحف أبي ..
((قبل أن ترحل سأعطيك شيئاً ..))
((حاول أن تثبت أنك ابني حقا ..))
نعم يا أبي ..الأن فقط صرت ابنك حقاً.. بيد مرتجفة افتح المصحف ..
(( لم يعد باستطاعة أحد إنقاذها ..))
كذب علوش .. لقد انساه سحره إرادة الله ..
كما انستنيها أفكار اليسار ...

وبصوت مرتعش من أثر الرهبة .. قرأت..
((وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ..
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ..
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ))
ستشفى فاطمة.. بإذن الله ستشفى ..هذا هو رجائي في الله .. وهو لن يخذلني ..
بعد أن خذلتني زبالات أفكار البشر ..
الله وحده هو القادر على شفاء فاطمة ..
ولا يأس مع الإيمان ..

***
كان خبر احتراق بيت علوش قد شاع وصار حديث الناس ..
و تردد بينهم أن البيت احترق بفعل فاعل ..لكن من ..؟ هنا لا استطيع أن أجزم أنني خرجت من دائرة شكوكهم ..خصوصاً أهل أهل فاطمة لكن من يستطيع أن يثبت شيئاً ..ومن الذي ينكر على من يقتل ثعباناً.. لقد ذهبت مع ديريني وعبد الرحيم إلى موضع البيت المحترق ..وكان كلاهما لم يتخلص بعد من رهاب علوش .. مازال يخيفهم وإن صار كومة من الرماد..
أخذا يرددان بعض الأيات القرأنية وأنا معهما كذلك مما أثار الدهشة في عيونهما.. لكنني لم التفت.. كنا قد أبلغنا المركز وعملنا الإجراءات المطلوبة .. لقد تنفس رجال كثيرون الصعداء بموت علوش حتى رجال المركز فقد قال لي وكيل النيابة وهو يغلق ملف احتراق بيت علوش :
- لا شك أن الحادث لا يخلوا من شبهة جنائية ..لكن لو كان الأمر بيدي لأعطيت للفاعل نيشاناً ..
وبعد فترة قصيرة تمت ترقيتي فابتسمت متذكراً كلام وكيل النيابة
لقد تغيرت كثيراً جداً .. وأنا الذي جئت لأغير تلك القرية البكر
التي نظرت إليها يوماً باحتقار ..فغيرتني وكشفت لي حقيقتي..
كنت أشعر بسعادة غامرة وطمئنينة لم أشعر بها من قبل ..
فقد بدأت فاطمة تتعافى بالفعل ..لقد زال عنها سحر علوش ..
صار بإمكاني الاقتراب منها ولمسها ومداعبة وجنتيها فيتوردان خجلاً وقد زالت عنهما الصفرة المقيتة وغزاهما دم الحياء ..والحياة ..
وغداً أخذها لزيارة عائلتي ..
نعم ..
نعم يا فاطمة لقد كنت كاذباً حينما ادعيت أنني مقطوع من شجرة .. فلدي عائلة .. وسأفخر جداً حينما أقدمك إليهم ..
وسأظل أفخر بك حتى وأنا بالمعاش ..حتى وأنا أدون تلك الذكريات.. وإلى جوار افتخارى بك سأكتب : أنني كنت الأحمق الذي تحدى الدجل بالإلحاد..واجه الشر بالشر..
انكرت الشمس في وضح النهار ..وكان الدرس قاسياً ..
كنت أقول أن الرجل الحقيقي هو الذي يعرف متى يتكلم ومتى يصمت ولقد تكلمت كثيراً جداً وأرى أنه قد آن الأوان ..كي ألوذ بالصمت..
وإن كنت موقناً أن صدى كلماتي سيظل يتردد عبر ردهات العقول وفي أقبية الأذهان..

***

تمت


عمرو مصطفى

انتهيت منها بفضل الله ومنته وكرمه في
الأحد 21 شعبان 1434- هـ
30 يونيه 2013 – م

قديم 01-05-2015, 03:19 PM
المشاركة 19
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مدهش هذا النفس الروائي ,والمدهش أكثر هو سبك أوثق عرى النص فجاءت الحبكة لتمسك بيد القارئ آخذة إياه بحنو هذا الحرف وسلاسته إلى روض ذائقة يسره النظر إليه أين التفت ..لغة باذخة وعذبة ...هذا النص بحاجة لوقفات متأملة إلا أنني استعجلت المرور للثناء على هذا العمل المائز الذي أثرى وأوقد لذائقتنا ...
خالص التقدير دام لحرفك هذا الجمال .

هبْني نقداً أهبك حرفاً
قديم 01-05-2015, 04:26 PM
المشاركة 20
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مدهش هذا النفس الروائي ,والمدهش أكثر هو سبك أوثق عرى النص فجاءت الحبكة لتمسك بيد القارئ آخذة إياه بحنو هذا الحرف وسلاسته إلى روض ذائقة يسره النظر إليه أين التفت ..لغة باذخة وعذبة ...هذا النص بحاجة لوقفات متأملة إلا أنني استعجلت المرور للثناء على هذا العمل المائز الذي أثرى وأوقد لذائقتنا ...
خالص التقدير دام لحرفك هذا الجمال .
حقيقة لا أدري ماذا أقول ..
أرجو أن تعود لقراءة القصة كاملة وأن تجدها ربع ما وصفت ..
خالص تقديري لرأيك السريع .. الذي أخجلني حقيقة ..
وإلى أن تعود مرة أخرى على مهل..


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: يوتوبيا الشياطين..........
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
*يوتوبيا* أحمد فؤاد صوفي منبر الآداب العالمية. 7 06-09-2023 05:05 PM
المدينة الفاضلة (يوتوبيا) ثريا نبوي منبر الحوارات الثقافية العامة 3 08-17-2022 01:59 AM
يوتوبيا لأحمد خالد توفيق عامر قاسم منبر القصص والروايات والمسرح . 1 08-17-2019 04:53 AM
شجرة التوت ورؤوس الشياطين..!! فجرالوائلي منبر القصص والروايات والمسرح . 2 07-23-2019 12:30 PM
أقنعة الشياطين منى شوقى غنيم منبر البوح الهادئ 14 08-31-2011 08:44 PM

الساعة الآن 07:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.