احصائيات

الردود
32

المشاهدات
61180
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,768

+التقييم
2.31

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
05-02-2013, 11:52 AM
المشاركة 1
05-02-2013, 11:52 AM
المشاركة 1
افتراضي رواية ساق البامبو لـ سعود السنعوسي ...دراسة تحليلية
قرأت حتى الان 139 صحفة من هذه الرواية التي فازت بجائزة البوكر...ولطالما قلت بأن اي نص حتى يفوز لا بد ان يكون قد كتبه يتيم او يروي قصة يتيم فالسحر موجود في كل ما يتعلق بالايتام دائما.

وقد وجدت بان الرواية تحكي قصة ايتام فوق العادة....بل هو يسوع او بوذا او تجسيد لهما...او ربما تناسخت ارواحهم في روحه...وقد اسماه الراوي (عيسى) ويسوعه وهي (ميرلا) التي لم تعرف لها اب...

والرواية من اولها حتى هذه الصحفة التي وصلت ( 139 ) تقطر الما ..وهي تبدو واقعية وشديدة الصدق واستغرب ان يكون راوي قادر على تصوير ما مر به ابطال هذه الرواية من الم ومعاناة ما لم يكن هو واحد منهم! فهي اقرب الي السيرة الذاتية! ويبدو ان سعود هو (عيسى) وان لم يكن فلا بد ان السنعوسي هذا ابدع رواية غاية في الاتقان والصدق والتصوير الواقعي.

انطباعي الاولي عن هذه الرواية هو انها ...رواية ساحرة .

سوف احاول تسجيل انبطاعات اولية هنا ثم اعود للتعليق على الرواية ككل بعد انجاز قراءتها....

وادعو المهتمين بالدراسات الادبية مشاركتي الدراسة التحليلية لهذه الرواية المدهشة.

اهلا وسهلا،،


قديم 05-02-2013, 12:27 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذه الفقرة المطبوعة على الغلاف الخلفي واحدة من بعض الفقرات السحرية العديدة المنتشرة في النص وربما ان هذه الفقرة تقدم تفسيرا لسر اختيار الاسم للرواية...خاصة ان المتلقي يجد نفسه يتساءل عن سر تسمية الرواية بذاك الاسم " ساق البامبو"..خاصة ان كاتبها من الكويت وربما ان احدا لم يتوقع ان يكتب روائي كويتي رواية بهذا الاسم ابدا..وعلى افتراض ان بيئة الكويت محصورة في الصحراء والبحر والحر والطوز والنفط ...اما ان يكتب عن ساق البامبو فلا بد ان وراء ذلك حكاية..


"لماذا كان جلوسي تحت الشجرة يزعج امي؟ اتراها كانت تخشى ان تنبت لي جذور تضرب في عمق الارض ما يجعل عودتي الى بلاد ابي امرا مستحيلا؟ ربما. ولكن، حتى الجذور لا تعني شيئا احيانا.

لو كنت مثل شجرة البامبو، لا انتماء لها نقتطع جزءا من ساقها نغرسه ..بلا جذور في اي ارض لا يلبث الساق طويلا حتى تنبت له جذور جديدة..تنمو من جديد.في ارض جديدة..بلا ماض..بلا ذاكرة.. لا يلتفت الى اختلاف الناس حول تسميته..كاوايان في الفلبين..خيزران في الكويت..او بامبو في اماكن اخرى..".

طبعا هذه الفقرة وغيرها من الفقرات المنتشرة في ثنايا النص تشير الى ان الروائي صاحب ثقافة عميقة وواسعة وهو مطلع على ثقافات الشعوب الاخرى وتمكن من استثمار هذه المعرفة والثقافة في كتابة روايته السحرية هذه.

فحتى اختيار الاسم لبطل الرواية لم يكن صدفة ( عسى ) فالراوي اراد حتما ان يبرز النقاط المشتركة بين بطل الرواية وبين عيسى اليسوع واهم هذه النقاط انهما من غير اب...

كذلك يجعل الروائي بطل روايتة عيسى يحب ممارسة طقس كان يمارسة بوذا قبل ان يصبح نبيا حسب الديانة البوذية وهو الجلوس تحت شجرة التين لساعات طويلة...

اذا سعود السنعوسي لم يكتب عن بطل عادي وانما عن بطل اشبه بالانبياء...بطل صنعه الالم، الم اليتم او العيش بلا اب، ثم بلا ام بسبب الظروف والزواج والعمل، والم العوز، والشعور بالوحدة، والم ضياع الهوية الناتج عن عدة اسباب...

وفي ذلك تسخير ذكي للموروث الديني..

وقد شدني جدا قدرة الروائي على التصوير وسرد التفاصيل بدقة عجيبة في اماكن عديدة من الرواية وتحديدا في بعض الفقرات الى حد انك كمتلقي تنسى انك تقرأ نصا روائيا...فهو بذلك يبعث في النص روحا وحياة لا يمكن الا ان تأسر المتلقي ...

قديم 05-04-2013, 10:25 AM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ملخص الحبكة رواية ساق البامبو لـ سعود السنعوسي

الرواية عبارة عن سيرة حياة بطلها الرئيس واسمه هوزيه ميندوزا في الفلبين واسمه عيسى الراشد في الكويت. ابن خادمة فلبينية وهي فتاة متعلمة ساقتها حياة الفقر في الفلبين لتلاحق حلم المال على شاكلة ابطال غسان كنفاني في روايته رجال في الشمس، في احدى بلاد النفط، فتكون الكويت هي تلك الدولة.

هناك تعمل تلك الخادمة جوزافين لدى عائلة كويتية ( عائلة الطاروف ) وهي من العائلات ذات الوضع الاجتماعي المرموق، حيث تلتقي براشد ابن العائلة الوحيد في ثنايا الليل والناس نيام، وهو ذلك الشاب الرومنسي اليتيم الذي يميل الى الكتابة والتعاطف مع الكادحين، ويبدو مصدوم لعدم موافقة والدته ( غنيمة) على الزواج من فتاة التقاها في الجامعة وحتما يكون السبب الفرق في المستوى العائلي.

المهم ان ظروف اليتم وبمساعدة الشيطان الذي كان ثالثهما في ساعات الليل المتأخرة والناس نيام نشأة علاقة حب بين راشد وتلك الخادمة جوزافين، وفي احدى الليالي يقرر راشد الزواج من جوزافين طبعا بشكل سري وبموجب عقد زواج عرفي يشهد عليه اثنين من اعز اصدقاؤه ( وليد وغسان ) .

ويكون عيسى ثمرة ذلك الزواج حيث تحمل جوزافين وما يلبث امر حملها ان يظهر فتقوم والدة راشد ( غنيمة ) بطردها من المنزل بعد ان يعترف راشد ان من تحمله جوزفين هو ابنه من زواج عرفي، طبعا خوفا من الفضيحة ليخرج راشد من منزل اهله كنتيجة لغضب والدته عليهما ، ويسكن مع جوزافين في شقة منفصلة.

يولد عيسى ويحمله راشد الى والدته لعل قدوم الطفل يحنن قلبها خاصة انه الذكر الوحيد الباقي من عائلة الطاروف، لكنها ترفضه وبطلب من والدته تخلى راشد لاحقا عن جوزافين لتعود الى الفلبين بعد انجاب عيسى.

هناك في الفلبين تربى عيسى، لدى عائلة جده ميندوزا حيث تدور معظم احداث الرواية وتغطي تلك الاحداث كامل طفولة عيسى، وتحكي قصص الاشخاص الذين ارتبط بهم خالته ايدا وابنتها ميرلا وخاله بيدرو وجده وتلك العجوز التي اسكنها جده في طرف الارض التي كان يعشقها ويقضي فيها وتحت اشجارها الكثير من الوقت مثل بوذا. ولا ننسى اخاه من امه الذي غرق في مياه المجاري المجاوره الى البيت ليصاب باعاقه دائمه في الدماغ اثناء وجود خوسيه ( عيسى ) فقط عنده وهو ابن خمس سنوات وشعوره الدائم بالذنب على ما حدث له.

تمر الايام ويصبح عيسى شاب قادر على السفر ويسافر الى الكويت ارض والده - بلاد العجائب - والتي كانت امه جوزافين تقول له انه لا بد ان يعود اليها في يوم من الايام وكانت تهيئوه لذلك الغرض باستمرار.

طال انتظاره وتأخر اتصال والده ليكشف لهم صديق والده غسان بأن والده كان قد وقع في الاسر اثناء مقاومتة للاحتلال العراقي وعثر على جثته في قبر جنوب العراق.

ويقوم غسان على مساعدته في الوصول الى الكويت وتعريفه على عائلته الطاروف، لكن ملامحه الفلبينية شكلت عائق لقبوله ضمن افراد العائلة فعاش على الهامش في غرفه جانبيه وكأنه واحد من الخدم... ولا يكاد احد يتواصل معه الا اخته من اباه لكن حتى تواصلها كان منقوصا...فقام على شراء سلحفاة ليناجيها عندما يشعر بالوحشه والوحدة.

ودفعه صراعه الداخلي ورفضه الى الاستمرار في العيش بتلك الصفة الى مغادرتة المنزل خوفا من الفضيحة بعد ان بدأت ام جابر احدى الجارات تتساءل عن ذلك الخادم الفلبيني وتطلب ان يساعدها في خدمة ضيوفها...

وعلى اثر ذلك اجبر الى ترك العائلة والاستقلال عنها ليسكن في شقة منفصلة، ليعمل في احد المطاعم، ونتعرف اثناء ذلك على واحدة من الشخصيات المهمة في حياته وهو فلبني مسلم اسمه ابراهيم ويلعب هذا الابراهيم دورا محوريا في الرواية.

لكنه في لحظة ضعف وربما بسبب فقدان السيطرة كنتيجة لشرب الخمر وحالة الانفعال التي احس بها بعد علمه من خلال الشلة الكويتية التي كان يتسكع معها بعد ان تعرف اليهم اثناء رحلة لهم الى الفلبين والتقاهم في الكويت صدفه، بأن عمته ( هند ) هي احدى المرشحات للانتخابات البرلمانية، مما دفعه لكشف سر علاقته بعائلة الطاروف، فافتضح امره عن طريق جابر ابن ام جابر جارة العائلة احد افراد الشلة ، لتقوم جدته غنيمة بقطع المال الذي كانت تخصصه له شهريا.

وكنتيجة لحالة الضياع التي ظلت مسيطرة عليه وفي لحظة ضعف احس فيها بحاجته الى العائلة عاد الى الفلبين مجبرا تاركا ارض والده ليعيش الى جوار عائلته في ارض ميندوزا، حيث تزوج ابنة خالته التي لم تعرف لها اب مثله ولكن في ظروف مختلفة، وكان قد احبها على الرغم انها تكبره باربع سنوات.

وتنتهي الرواية بعد ان نعرف بأنه انجب طفلا ذكرا لم يكن يشبه والدته ذات الملامح الاوروبية، وانما جاء بملامح كويتية فاسماه راشد على اسم والده.

ولا شك ان هذه النهاية المفتوحة تمكن الراوئي من تتبع راشد الحفيد في رواية لاحقة.

الرواية غاية في الجمال والشد والادهاش الى حد انني لم اتمكن من تركها الا بعد ان انتهيت من قراءتها خلال يومين تقريبا.

وربما ان احد الاسباب هو انني سكنت في الكويت وعرفت عن قرب الاماكن التي دارت فيها احداث الرواية في الكويت، الجابرية والسرة وشارع دمشق الخ...كما ان الرواية ايقظت فيّ شعور الغربة القاسية وحياة العزوبية القاتلة التي عانيت منها اثناء عملي في الكويت..

اما السبب الاخر الذي شدني الى الرواية هو انها تعالج سيرة حياة اكثر من يتيم ، عيسى، وميرلا، وحتى مندوزا الجد والذي يتبين في النهاية انه لم يعرف له اب وان تلك العجوز الذي قام على اسكانها في ارضه هي والدته، ويبدو انها حملت فيه اثناء عملها في النوادي الليلية وهي نفس الظروف التي ادت الى ولادة ميرلا حفيدته من ابنته ايدا التي دفعها للعمل في مثل تلك النوادي لجلب المال الذي انفقه مندوزا على مصارعة الديوك...

واتصور ان الروائي نجح في بناء شخصياته بصورة غاية في الاتقان والحرفية حتى اننا نجد حوزيه ( عيسى ) الذي كان يمارس طقوس الجلوس تحت شجرة في حديقة جده على طريقة بوذا ينطق بالحكمة مثله مثل بوذا في اكثر من موقع في نهايات الرواية...

ولا ننسى بأن الروائي اغنى روايته بشكل كبير حينما اختار ان يضمنها سيرة حياة بطل الفلبين القومي ويستخدم عدد من مقولاته واسمه ايضا خوسيه ريزال.

وكأن الروائي اراد القول بأن المعاناة والفقر والالم والاستعمار هي التي تصنع الابطال...

واتصور بأن اختياره للاسماء ( خوسيه، وعيسى )، لم يكن صدفة فقد اراد من خلال ذلك ان يصور تلك المعاناة التي عاشها ابطال روايته ( خوسيه ريزال، وخوسية مندوزا، وميرلا مندوزا، ومندوزا الجد التي اتقن الروائي بناءها بشكل مذهل ) والذين تألموا كثيرا كل بطريقته بسبب غياب الاب، وحالة الفقر والضياع باستثناء ريزال الذي قتله الاستعمار الاسباني بسبب مقاومته له لتنفجر ثورة في الفلبين، بعد ان ضحى ذلك البطل بنفسه لتستقل بلاده على اثر ذلك.

هذه الرواية عن الفلبين وعن بطلها القومي، عن ظروف الفقر التي تعاني منها شعوب جنوب شرق اسيا، واضطرارها للعمل في ظروف قاسية وغير انسانية للحصول على ما يسد الرمق، وما يترتب على ذلك مثلما هي عن الكويت وحياة الكويت بكافة تفاصيلها ( من ظاهرة الخدم وما يترتب على ذلك، ثم اثر الضغوط الاجتماعية في التأثير على البناء الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية، عن ظاهرة البدون، وعن الظروف السياسية التي كانت مسيطرة اثناء الثمانينيات والتسعينيات ثم الاحتلال العراقي وكيف اثر على المجتمع، ولكن الاهم من كل ذلك هو قدرة الروائي على تصوير ما يدور في البيت الكويتي وطريقة تعامل الاسرة الكويتية مع الخدم وذلك من خلال عيون رجل كويتي بملامح فلبينية، جعله الروائي يعيش حياة الفلبيني العادي في شقه منفصلة يسكنها العزاب) .

حيث تمكن الراوئي وبذكاء شديد من تعريفنا على طبيعة الحياة التي تعيشها الاسرة الكويتية وبتفصيل شديد يتعلق بكل ما يتصل بالعلاقة مع الخدم واثر ظاهرة الخدم على المجتمع، ومن ناحية اخرى اثر العادات والتقاليد على تلك العائلة وعلى المجتمع الكويتي بشكل عام، وكل ما يتصل بحياة الانسان الكويتي واثر المال والنفط في تشكيل العلاقات الاجتماعية، حتى انه يتطرق بذكاء الى قضايا حقوق الانسان ويفرد لمشكلة (البدون) مساحة واسعة من الرواية من خلال جعل احد ابطالها ( غسان ) من هذه الفئة المهمشة في المجتمع والذي يلعب دورا محوريا في الرواية حيث يقوم على تبني عيسى حسب وصية صديقه ابن عائلة الطاروف.

كان انطباعي الاولى بأن هذه الرواية (ساحرة) وهنا اؤكد على ذلك الانطباع بل هي مذهلة.

ولا شك انها متقنة البناء بشكل استثنائي وقد تمكن الروائي من استثمار ثقافته الواسعة على ما يبدو ومنح الرواية بعد عالميا من خلال حديثه عن بطل الفلبين القومي ومقاومته للاستعمار..

والحديث عن عيسى، وبوذا، وكذلك الحديث عن اليس في بلاد العجائب تلك الرواية العالمية المعروفة واستثمارها لاغناء حبكة الرواية.. حيث جعل عيسى ابن راشد يحلم بأن ذلك الارنب لا بد ان يوصله في يوم من الايام الى بلاد العجائب كما صورتها له والدته، بلاد والده راشد- الكويت-، وكان عازما ان يستقر هناك لانه مثل ساق شجرة البامبو يمكن ان ينبت في اي بقعة من الارض ليخلص بعد كل ما واجهه في الكويت من غربة واغتراب بأن بعض الاشجار لا تعيش في الصحراء؟!

طبعا إن اهم ما يميز الرواية هو اتقان بناء الشخصيات فقد تمكن الروائي من جعلها نامية دينامكية متطورة، غنية، ومكتملة البناء round characters بل ان حياة كل شخصية تكاد تمثل حبكة منفصلة متكاملة البناء.

واشد ما سحرني اتقانه لبناء شخصية مندوزا الجد...الذي يدفعك لتكرهه بشدة كنتيجة لمجموعة تصرفاته ثم تكتشف لاحقا انك كنت مخطأ في حقه فهو لا يستحق سوى العطف وانما هو ضحية لمجموع ظروف حياتة...وان ادمانه على مصارعة الديكة مثلا كان له اسباب عديدة...فهو جندي سابق حارب في فيتنام ومصارعة الديكية تنفيس عن مآسية التي تعتمل في داخله.

جميلة هذه الرواية جدا بل هي سحرية ومذهلة بحق. ويبقى الكثير ليقال عنها.

قديم 05-08-2013, 11:15 AM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
طبعا ملاحظة او كلمة المترجم ( ابراهيم سلام ) وهو احد الشخصيات المحورية في الرواية شيء لافت للانتباه خاصة ملاحظته او تنويهه الذي يخلي فيه مسؤوليته عن كل ما جاء في هذا النصمن آراء واسماء وتفاصيل واسرار تمس الحياة الشخصية لاصحابها ولم يقل (قد تمس) وانما قال تمس وذلك يعني بأن القصة واقعية وان ابطالها هم اشخاص حقيقيون .

وإن لم يكن فأن الروائي يكون قد اخترع هذه الاضافة العبقرية ليجعل الرواية تبدو واقعيه بشخوصها واقرب الى الحياة.

ايضا تشير الملاحظة الى ان الرواية لم تكتب باللغة العربية وانما ترجمت عن النص الاصلي والذي هو باللغة الفلبينية ( ang tangkay ng kawayan ) وذلك يشير الى ان كاتب النص عاش فعلا في الفلبين طفولته حتى انه ظل قادر على التعبير بلغتها اكثر من اللغة العربية. ..وما يشير الى ان النص مترجم هو استخدام كلة ( يفه ) وهي كلمة غير متداولة وفقط مرة واحدة كتب ولم (ينبس ببنة شفة) وهو التعبير المتداول عن الكاتب باللغة العربية.

وان لم يكن فلا شك ان الكاتب كان عبقريا في ملاحظة حياة شخص او شخوص بدقة متناهيه الى حد انه كتب عنها بتلك التفاصيل وربما انه كتب قصة حياة بطله في بداية الرواية وهو اسماعيل فهد اسماعيل فهي نسخة طبق الاصل عن قصة عيسى بطل الرواية لكنه جعله فلبينيا بدلا من عراقيا لحساسية الامر وخاصة ان اسماعيل عاش في الفلبين..وهو ما يعني ان الكاتب تعرف على ظروف البيئة الجغرافية هناك ولا بد ان اسماعيل ساعده في ذلك. وهذا هنو في الغالب ما حصل؟!

وخلاصة القول انه لا بد ان هذه الرواية اقيمت على اساس احداث واقعية ولم يكن الكاتب ان ينجح بهذه البراعة لولا انه استند على مثل تلك الاحداث الواقعية .

وهذه شيء عن حياة اسماعيل "

اسماعيل فهد اسماعيل:أنا ابن الاثنين العراق والكويت

الكويت ـ إيمان حسين - الاسبوعية

اسماعيل فهد اسماعيل:
أدباء وشعراء ومثقفو محافظة البصرة احتفلوا بمناسبة مرور سبعين سنة على ولادة الكاتب والروائي الكويتي المعروف اسماعيل فهد اسماعيل.
ولد اسماعيل في العام 1940 في البصرة وعاش فيها لأكثر من ثلاثين عاما، كون والدته عراقية ومن البصرة، وفي الكويت احتفى الوسط الثقافي، كذلك، بهذه المناسبة. ويعد اسماعيل المؤسس الحقيقي لفن الرواية في الكويت، وقد قدم لروايته الأولى «السماء زرقاء»، التي كشفت عن موهبته المتميزة، الأديبُ المصري المعروف صلاح عبد الصبور في العام 1970، وقال عنها: أجد أن هذه الرواية هي رواية القرن، وكانت مفاجأة كبيرة لي كونها جديدة في فكرها وطرحها، وقادمة من أقصى المشرق العربي.
تميز هذا الروائي بإحتضانه المواهب الأدبية الإبداعية الشابة من خلال الملتقى الذي أنشأه وسماه ملتقى الثلاثاء، أو من خلال طباعة روايات وكتب تحمل أفكارًا جديدة ومهمة بالنسبة الى القصة والرواية كتشجيع ودعم لتلك المواهب. «الأسبوعية» التقته لتسجل معه هذا الحوار:
هل أنت ابن البصرة، أم ابن الكويت، أم ماذا؟
أنا ابن الاثنين، فوالدي كويتي ووالدتي عراقية من البصرة؛ تلك المدينة التي شكلت فكري وانتمائي وحبي وعشقي للأدب والقصة. كل أهل البصرة أهلي وأصدقائي وأحبتي، هناك كونت مجموعة من الأصدقاء الذين لم يبقَ منهم إلا القليل بعدما شردت الحروب والاضطهاد والظلم والموت القسم الأكبر منهم، ولم يبق لي إلا الذكرى. كانت أيام لا يمكن أن تنسى بكل ما تحمل من شقاوة وعطاء واختلاف. ولدت في البصرة وبقيت هناك. درست وكبرت وترعرعت وتعلمت الكثير من مدينة السياب، الفيحاء الباسقة، بجمالها، على ضفاف النهر، وهذه المدينة تركت بصماتها الجميلة والرائعة على كل جوانب حياتي.
ما ذكرياتك عنها، وماذا تحمل الى الآن منها؟
كوّنا مجموعة من أدباء البصرة وكنا نلتقي في مقهى «هاتف» وهو مقهى معروف في المدينة، نتبادل الاحاديث ويقرأ بعضنا على البعض ما كتبناه لنستمع الى آرائنا في ذلك ونتناقش بكل ما نقرأه. الحقيقة كان هذا اللقاء اليومي يشبه المنتدى الفكري الذي انضم إليه فيما بعد عدد آخر من أدباء وشعراء البصرة. وفي أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات ضغطت الأسرة عليَّ بأن أعود الى الكويت. وكان ظهور صدام حسين وحزب البعث، ما دفعنا الى أن نتفرق؛ كل يذهب الى جهة بعيدة عن الآخر. أنا عدت الى الكويت، وفي بداية عودتي شعرت بنوع من الملل والضجر، لأن إيقاع الحياة اختلف كثيرًا عما كنت أعيشه وأحياه مع أهلي وأصدقائي، لكنني تأقلمت بعد فترة طويلة وليست بقصيرة، بل كنت أسافر الى البصرة كل أسبوع، إلا أن الحياة هناك أخذت تتغير كثيرًا، وأغلب أصدقائي سافروا وهاجروا للتخلص من الظلم والدكتاتورية، وبدأت أبحث وأسأل عنهم وجدت أنني كل يوم أفاجَأ بموت أحدهم، أو بسجنه نظرا لصراحة رأيه.
وكيف كان شعورك بعد غزو صدام حسين للكويت؟
كان شعورًا مليئا بالحزن والحسرة والقهر، لأن الكويت لم تؤذه يوما، ولا حتى الكويتيون، وكذلك الشعب العراقي لم يؤذه، لكن للأسف كان أسوأ شخص حكم العراق، وأضر بكل شيء ينبض بالحياة. اللطيف في الموضوع هو انه بعد تحرير الكويت كان كل من يستمع إلي يضحك ويسخر من لهجتي لكوني أتحدث اللهجة العراقية، ومن هنا بدأت قصة أخرى وهي الدفاع عن العراق والعراقيين كونهم لم يكن لهم يد في موضوع الغزو بقدر ما كان صدام حسين هو الذي خطط ورسم ونفذ للهجوم والغزو. فعلاً الأيام بعد ذلك أثبتت ما كنت أقوله وأدافع عنه، وبعد سقوط صدام حسين ونظامه البائد ظهرت الحقائق للجميع سواء في الوطن العربي أو في العالم؛ أن الشعب العراقي ظلم مئة ألف مرة على يد الطاغية أكثر من ظلمه للكويت.
نحن اليوم نعيش أجواء الأشقاء والأخوة بشكل صادق، كيف تعمل أنت في هذا الجانب؟
منذ ولادتي وأنا أعمل على استمرار أجواء روح الأخوة بين الكويت والعراق، وعلى فكرة وليس دفاعًا عن الكويتيين، انهم أكثر شعب يشعر بإرتياح وسهولة في التعامل مع الشعب العراقي دون غيره، فالعلاقة التاريخية الطويلة والعمق الجغرافي، والمصاهرة الموجودة بين الشعبين، لها دورها في تفعيل العمل ونقاط التلاقي بين الطرفين. واذا كنت أنا حالة ونتاجاً عراقياً- كويتياً فهناك آلاف غيري هم في الحالة نفسها، لذا يجب أن لا نلتفت الى الأصوات النشاز التي تعلق من هنا أو هناك لأنها سرعان ما تنتهي كالفقاعة التي تنفجر بعد صعودها في الجو من دون أن تؤثر أو تضر بأحد. وأود هنا أن أذكر شيئا مهمًا جدًا وهو أن مؤسسة عبدالعزيز البابطين أسست لمرحلة غاية في الأهمية بين الشعبين العراقي والكويتي على صعيد الثقافة، ونأمل أن يتكرر الشيء ذاته في جوانب أخرى كثيرة، لا سيما الجانب الاقتصادي الذي يجب علينا، ككويتيين، أن نبادر ونعمل في هذا المجال كي يعود علينا وعلى العراقيين بالنفع والفائدة.

ويقول في احدى المقالات عن ازمة الهوية "البحث عن الهوية شكل محورا في اغلب أعمالك الروائية ما سبب ذلك ؟

الإنسان لا يمكنه ان ينفرد عن هويته وانتمائه مهما ابتعد عن مكانه الاصل ومهما حاول الآخرون أن يقلعوه من جذوره،وعليه فأن موضوع الهوية هي من أكثر القضايا الروائية بالنسبة إلي جدلا،وقد تحدث أصدقائي في الاصبوحة عن الهوية وعن انقسامها وانا وربما توارد خواطر فقد كتبت ورقة عنوانها (الهوية صندوق عجب) قلت فيها: ورد في المجلد الأربعين من معجم تاج العروس للسيد محمد مرتضى الحسيني ان الهوية عند أهل الحق هي الحقيقة المطلقة كذلك ورد في المنجد ما مفاده ان الهوية حقيقة الشيء او الشخص عندما تطلق مجتمعة على صفاته الجوهرية وباشتمال التعريفين أي الحقيقة والإطلاق وهو ما منح الأنظمة أي الحكومات حق ان يطلقوا لفظ الهوية على البطاقة المحددة لانتماء الفرد الى بلد معين ضمن مسميات متفق عليها كالبطاقة المدنية وغيرها (الجنسية) (وثيقة السفر) وصولا الى (البطاقة التموينية) وإذا أخذنا الهوية بمعناها السائد نجدها مفرغة من تلك المرين اي (الحقيقة) و(الإطلاق) ما دامت تتعاطى مع الإنسان بصفته كائن ينتمي لمكان معين قبل انتماءه لوثيقة رسمية معترف بها او غير معترف بها.

لذا فقد حاولت ومن خلال أعمالي الروائية والأدبية ان اطرح فكرة الوطن بشكلها الجميل والذي فقدناه وسط هذا الكم من الاغتراب والضياع الذي لامس حياتنا.

* انت تقول ان الذاكرة هي الهوية ماذا تحمل ذاكرتك عن البصرة؟

- تقول أيميل جوثان وهي كاتبة بلجيكية معاصرة (متى نعود إلى الديار) غالبا ما كنت اسأل ابي والديار هنا تعني (اليابان) ابدا لن نعود يجيبني ابي وكان القاموس أي المعجم يؤكد لي فضاعة تلك الإجابة.

أميلي عاشت طفولتها في اليابان وابيها يعمل في السلك الدبلوماسي تقول (أبدا) كانت هي البلد الذي اقطنه اليابان هي بلدي الذي خسرته لا كنه لم يخسرني ابدا كانت سمة لي بوصفي إحدى رعاياها ولان ذاكرة الفرد تجلد صاحبها تواصل أميلي سكان أبدا لا رجاء لهم واللغة التي يتكلمونها هي الحنين والعملة التي يتداولونها هي الزمن العابر هذا عن يابانية الهوية بالمعنى ألعرفاني بلجيكيتها بالتبعية الرسمية.

في روايته الأخيرة المعنونة (سرايا انتربول) يردد أميل حبيبي بين صفحة وأخرى ومشيت في درب الآلام والإحالة هنا على سيدنا المسيح (ع) والمراد لدى حبيبي انه بصدد ارتياد المكان واستعادة هل الذاكرة لان أميل حبيبي كان فرد من عائلة تتفكك متكونة من أب وأم وأخوة حين كتب سراياه جاوز سبعيناته حينما تركه الأخوة والأخوات والأولاد والبنات ليتكاثروا في بلدان أخرى أوربية او عربية.

لذا فيمكنني القول ان البصرة لم اخسرها ولم تخسرني لأني اعترف بفضلها وهي تفخر بكوني احد أبناءها البارين.فانا لا زلت احن للأيام التي كنا نقضيها في مقهى(هاتف) وهو مقهى معروف في المدينة يرتاده الأدباء والمثقفين نستمع لبعضنا حتى أصبح هذا المكان أشبه بمنتدى ثقافي يضم الكثير من الأدباء والشعراء.

قديم 05-09-2013, 10:10 AM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاهداء ايضا والذي هو مدون الى مشعل وتركي وجابر وعبد الله ومهدي ...وهم شخوص مهمة في الرواية مؤشر آخر بأن القصة واقعية، وهم اشخاص حقيقيون... وان الرواية اقرب الى السيرة الذاتية وهي تسجيل لاحداث وقعت بالفعل.

قديم 05-11-2013, 11:24 AM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يفتتح الروائي روايتة بمقولة لبطل الفلبين القومي " خوسية ريزال " تقول " لا يوجد مستبدون حيث لا يوجد عبيد"، وهي عبارة موحية لما يدور في الرواية حيث نجد ان الاحداث تدور حول صراع من اجل لقمة العيش عند العديد من ابطال الرواية وهو ما يجعلهم مثل العبيد عند الطبقة الميسورة.

ونجد ان الروائي قد اختار عنوان مثير للجزء الاول من روايته " عيسى ...قبل الميلاد" وهو ما يعطي الانطباع بأن الحديث ربما يدور حول احداث تمت قبل الميلاد نظرا لارتباط التاريخ الميلادي بعيسى ليكتشف المتلقى ان الحديث يدور عن احداث وقعت قبل ولادة ( عيسى ) بطل الرواية والذي تطلق عليه والدته اسم خوسية تيمننا باسم البطل القومي الفلبيني ( خوسية ) ...

فهو في الكويت عيسى وهو الاسم الذي اعطاه اياه والده ( راشد الطاروف ) وفي الفلبين ( خوسيه ) وهو الاسم الذي اعتطه اياه امه (جوزفين) التي انجبته من راشد وهي تعمل خادمة لدى عائلة الطارووف في الكويت.

قديم 05-14-2013, 11:07 AM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
من العبارات العجيبة التي تشملها الرواية هي ما ورد على لسان البطل عيسى في مدخل الرواية ص. 18 حيث يقول

" هناك من يمارس الرذيلة لاشباع غريزته وهناك مع الفقر من يمارسها لاشباع معدته! والثمن في حلات كثيرة ، ابناء بلا اباء..
تتحول الفتيات هناك الى مناديل ورقية، يتمخط بها الرجال الغرباء...يرمونها ارضا ..يرحلون..ثم تنبت في تلك المناديل كائنات مجهولة الاباء " .

طبعا في مدخل الرواية نسمع صوت البطل، بطل الرواية عيسى ، وهو موجود في الكويت وقرر على ما يبدو كتابة قصة حياته فيعود ليقص على المتلقي كيف جاء الى هذه الدنيا ،ويصف تلك الظروف التي جاءات به، ولكن التركيز ينصب على ازمة الهوية التي احسن الروائي ابرازها في مدخل الرواية حيث تشعل هذه الازمة فضول المتلقي ليتعرف على القصة بكاملها.

ونجد البطل يقول " اسمي Jose ،، ينطق في الفلبين كما في الانكليزية هوزيه وفي العربية يصبح كما في الاسبانية خوسيه وفي البرتغالية بالحروف ذاتها يكتب ، ولكنه ينطق جوزيه..اما هنا في الكويت فلا شا، لكل تلك الاسماء باسمي حيث هو عيسى!".

اذا الروائي يطرح قضية اشكالية في مطلع الرواية حيث يقول على لسان البطل كيف ولماذا؟ اسمي هكذا ..لا اعرف السبب وان كل ما يعرفه بأن العالم كله اتفق على ان يختلف على اسمي؟

وتلك الاسماء ليست نهاية المطاف فنجد الراوي يقول بأن اسمه في الفلبين Isa ومعناها هناك واحد، ولذلك امه لجأت لتسميته خوسيه تيمنا باسم بطل الفلبين لكن الناس هناك كانت تسميه Arabo وفي الكويت اخذت تناديه الفلبيني.

كل ذلك يشير الى ان الروائي ابرز في مدخل رواية ازمة الهوية التي فرضت على بطل الرواية ، مما يجعل الرواية قصة لشخص يعاني من ازمة هوية كنتيجة لطبيعة الظروف التي ولد ونشأ فيها.

وظني ان اختيار الاسم عيسى وهو اسم غير مألوف في الكويت جاء بقصد توظيف التراث الديني في قصة ولادة سيدنا عيسى من غير والد..

كذلك لم يكن اختيار الاسم خوسية صدفة وانما هو لتوظيف التراث المقاوم لذلك البطل في اغناء النص الروائي. ونجد ان بطل الرواية يتخذه قدوة ويقتبس من اقواله اثناء الرواية الكثير.




قديم 05-16-2013, 12:13 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اذا نجد ان الكاتب في هذه الرواية يوظف مجموعة من العناصر التي شكلت الروعة حتى منذ اللحظة الاولى:
- هو يقتبس مقولة للكاتب الكويتي اسماعيل فهد اسماعيل والمعروف ان اسماعيل عاش بعيدا عن والده ولكن في العراق تماما مثل بطل الرواية وسافر الى الفلبين لعيش هناك في وقت لاحق.

- يوظف مقولة للبطل القومي الفلبيني خوسيه ريزال وبذلك فهو يوظف التراث النضالي لذلك البطل الذي بقيادة للنضال الوطني ضد الاستعمار ثم باعدام ( التضحية بنفسه ) تحقق حلم الفلبين في الاستقلال.

- يوظف التراث الديني من خلال استخدام اسم ( عيسى ) وما يرتبط مع الاسم من تراث، ولم يكن ذلك صدفه حتما وانما في ذلك استثمار لما يرتبط مع ذلك الاسم خاصة ان النبي عيسى عليه السلام من دون اب.

- وكأن الكاتب اراد القول بأن تضحيات بطله في رواية ساق البامبو ومعاناته لا تقل في عن فضاعتها عن معاناة وتضحيات اؤلئك الثلاثة.

سر الروعة في رواية موسم الهجرة الى الشمال:

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=9559

قديم 05-29-2013, 12:58 AM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عن القدس العربي بقلم رشيد العناني
سعود السنعوسي، وهو كاتب شاب لم يتجاوز الحادية والثلاثين من العمر وروايته الفائزة هي الثانية من ، قرر أن يفعل شيئا لا نحب نحن العرب أن نفعله عادة: أن نجابه الأشياء مجابهة مباشرة، وأن نسميها بأسمائها مهما قبحت، أن ننظر إلى أنفسنا فنرى عيوبنا فلا نتستّر عليها بل نصارح أنفسنا والآخرين بها باعتبار ذلك أول خطوة على طريق الإصلاح. كل هذا لا نحب أن نفعله، مختارين غالبا الاعتقاد الآمن المطمئن بأننا خير أمة أُخرجت للناس وأنه ليس في الإمكان أحسن مما كان، وأن القذي دوما في عيون الآخرين وحدهم، أما نحن فمنه براء. لكن الكاتب الكويتي الشاب اختار أن يستقيل من عضوية هذا النادي الذاهل المرتاح، وأن يسمح للأدب أن يقوم بوظيفته المرتجاة، وهي الكشف والتعرية، الصدم والمجابهة للفرد والمجتمع، كخطوة على درب الفهم والتغيير. ولأن هذا شيء جدّ نادر في أعرافنا الاجتماعية والأدبية والإعلامية، فكان حتما أن يُلاحظ جهده وشجاعته، وأن تلتفت إليها لجنة تحكيم ‘البوكر العربية’ فتسبغ عليها من التكريم والتنويه ما يأتي في سياق الفوز بهذه الجائزة.
تثير الرواية قضايا عديدة لصيقة بالتركيبة الاجتماعية الخليجية وبالعلاقة بين المجتمعات الخليجية الوطنية وملايين العاملين الذين تستضيفهم في بلادها لتسيير شؤونهم المعاشية، خاصة في مجالات العمالة الدنيا مما يستنكفون عن القيام به بأنفسهم وتيسّر لهم قوتهم الاقتصادية الاستعانة عليه بالغير. وتكشف الرواية عن النظرة المتعالية المُحتقِرة، العنصرية في جوهرها، التي ينظر بها الكويتي، والخليجي بالتعميم، إلى الطبقات العاملة في خدمته من آسيا وغيرها. وتكشف عن أن المبدأ الديني الأخلاقي الذي تعتنقه تلك المجتمعات من أنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، إنما هو شعار مثالي نظري، وأن الفضل من الناحية العملية المطبّقة إنما يكون بالقوة والمال والعصبية العرقية والأسرية والقبلية.
تكشف الرواية عن كل هذا مما يعرفه الجميع ولكن لا يتحدث فيه أحد عن طريق قصة شاب نصف كويتي نصف فيلبيني نتج عن زواج سري بين شاب كويتي من أسرة مرموقة وخادمة فلبينية تعمل في منزل الأسرة. وعلى الرغم من نبالة الشاب، فإن الأسرة والتقاليد ترغمه على تطليق زوجته وإعادتها مع رضيعها إلى الفلبين، ولا يلبث الأب أن يلقى حتفه على يد الغزو العراقي للكويت. ينشأ الصغير في ظروف فقر وبؤس في الفلبين حتى يصير شابا يافعا ويقرر أن يرحل إلى الكويت ويحصل على الجنسية التي هي من حقه ويحاول الانتماء إلى أسرة أبيه. لكن المجتمع الكويتي يرفض تقبله والاعتراف به. حقا أنه ينال الجنسية الكويتية بموجب القانون كون أبيه كويتيا، ولكن هذا الاعتراف القانوني يبقى مجرد ورقة رسمية لا تنفع بشيء أمام أسرة أبيه المتوفى والمجتمع بأسره الذي يلفظه ويرفض انتمائه له رفضا صريحا. ولا يشفع له في شيء اعتناقه الإسلام، دين أبيه، على الرغم من نشأته مسيحيا في الفليبين. ولكن تبقى ملامحه الآسيوية و’وصمة’ الجزء الفليبيني ‘الوضيع′ من دمه عائقا منيعا أمام تقبله على قدم المساواة في الأسرة والمجتمع.
يُحسن السنعوسي صنعا إذ يعطي وجهة النظر في السرد الروائي للشاب التعس الذي نسمع القصة من منظوره، فنرى عذابه وحيرته، شوقه للانتماء، محاولاته لأن يُحبّ، لأن يُقبل، والتي تنكسر كلها على صخرة التقاليد والأعراف الاجتماعية والعصبية العنصرية. ومما يُحسب للروائي أنه لا يُصوّر القضية تصويرا مبسّطا بالأبيض والأسود، وإنما هو واعٍ تماما بأهمية الظلال الرمادية، بالتداخل بين النقيضين، بالمنطقة الوسط بين حركة بندول النوازع البشرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. فالأسرة الرافضة من جدّة وعمّات الخ ليست بلا قلب، وليس رفضها مطلقا أعمى، وإنما هي أيضا فريسة للعرف الاجتماعي والعصبية المتوارثة جيلا عن جيل، والذي يثبت أنه أقوى من أي نوازع للقبول والاعتراف لدى بعض أفرادها. لا تسعى الرواية للإدانة والحشر في خانات الطيّب والشرير، وإنما تسعى لأن تقول: لدينا مشكلة اجتماعية وأخلاقية خطيرة، كفانا تجاهلا لها، دعونا نتصارح بها ونفكّر فيها.

قديم 09-20-2013, 10:17 AM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
‘[OVERLINE]
ساق البامبو’ لسعود السنعوسي: عندما تدير لي الكويت ظهرها أهرب الى الفليبين
[/OVERLINE]!
د. محمد بن مسلم المهري
SEPTEMBER 19, 2013


… انتهيت من قراءة رواية ساق البامبو لمؤلفها سعود السنعوسي ، ولا أنكر الشعور الذي انتابني عند آخر صفحة قرأتها لقد أدخلني المؤلف جوا من الحزن والأسى كان آخر العهد به حين فرغت من قراءة رواية البؤساء .
لم يكن عيسى أو هوزيه أو جوزيف كاجان فولجان، ولكنهما ينطلقان من زاوية واحدة وهي ظلم المجتمع، ولست هنا للمقارنة بين الروايتين ولكن شيئا ما ذكّرني برواية هوجو العالمية .
لقد استطاع المؤلف أن يشكل شيئا من عقلية ‘ السيد’ في الخليج العربي ويأخذ بها إلى جانب طالما ألح علينا كمواطني مجلس التعاون النظر أو إعادة النظر إليه، وهو مسألة الجاليات الوافدة من أقطار العالم للعمل في هذه المنطقة الغنية من الأرض، سيما وما تحمل هذه الجاليات من ثقافات تأصلت لديها، وما تراه من ثقافة تخالف الموروث لديهم ، بل إنهم ملزمون بكل هذه العادات الدخيلة عليهم ، ناهيك عن الأخلاق التي يقابلون بها في الكثير من المرافق الخدمية التي يتعاطونها.
لقد استطاع السنعوسي بشخوصه القلائل وتقسيمه العجيب بين بلدين وثقافتين متباعدتين أن يبعث روحا خفية ما كان لها أن تحيا لو أنها ظلت حبيسة سجلات الأحوال المدنية التي دونت في أغلبها الأعمال المخلة التي ترتكبها بعض الجاليات الوافدة، متناسين المعاملة السيئة التي تتعرض لها الكثير من هذه الجاليات ، وكذلك الأحوال التي رمت بهم إلى تلك البلدان التي تختلف كل الاختلاف عن بيئتهم ومعتقداتهم ، كما أنه من الملاحظ عدم تدخله في حوارات شخوصه إلا في أضيق الأحوال وهو ما يلاحظه القارئ حين تحدث عن الإسلام والأديان وما يفعله الاتباع في استقطاب الآخر ص299
لقد جالت الرواية بكل أجزائها الخمسة وصفحاتها التي اقتربت من ( 400) صفحة بمأساة قل من التقطها في عالم الرواية الخليجية على الأقل بهذه التقنية الجميلة ، وبهذا الإخراج المبدع، والحق أن المؤلف تجاوز في روايته مرحلة القراءات المؤقتة ، حيث إنه لم يترك الفسحة للقارئ حتى يجزئ الرواية للأوقات المناسبة ، إنه يمارس سطلة سحرية تجبر القارئ بسبب ولسبب أن يتم القراءة إلى نهاية الجزء والأجزاء إلى نهاية الرواية.
فالرواية تسير بطريقة سلسلة في تصوير الأحداث إلى درجة أن القارئ يخرج بحصيلة مفادها أن الآباء لا يعلمون حجم الذنب الذي اقترفوه حين يلقون بتلك النطف في حالة من حالات النشوة أو الانتقام، فما حدث لجوزافين في شاليه آل الطاروف أنبت إنسانا يقبل بأكثر من أم وبالتالي أكثر من اسم .. ووطن .. ودين .
عيسى عبدالله الطاروف الذي ولد في الكويت لأب كويتي وأم فلبينية كان حظه أن يتخلى عنه والده لاعتبارات اجتماعية ؛ فعاش عيسى العربي وjose بالإنكليزية وهوزيه بالفلبيني وخوسيه بالإسباني، طفولة متناقضة بداية بالأصحاب والأقران في قريته، فكانوا ينادونه Arabo رغم أنه لا يشبه العرب في شيء إلا نمو شاربه وشعر ذقنه بشكل سريع ، وعند أمه ‘آيدا’ ذلك الكاثوليكي الذي يعمد ، وعند أمه مسلم بالوراثة ، وفي عقله بوذي متأمل.
هوزيه ذو السحنة الفلبينية المتجذر في بلد المنشأ حتى لامس جذوره أعماق الأرض كشجرة البامبو أو الخيزران ما لبث أن اقتلعته الأيام إلى موطن الأجداد.
هنا يشاهد عيسى المجتمع الذي عاند والده في القدم فورّثه ذلك العناد بواقعه المرفوض جملة وتفصيلا ‘ الأمر ليس سهلا ‘ هكذا قالت ‘خولة’ أخته، إذن الدخول إلى طبقة كهذه ليس كنزهة في كهوف بياك- نا باتو مع (ميرلا محبوبته وابنة خالته) إنها عقدة الاسم وما يجب أن يقدم له من القرابين ليبقى كالنجم لا يستطع الوصول إليه أحد، عائلة الطاروف لا تقبل إلا من يليق بها اسما ومكانة لأنها تحيا تلك العقدة الطبقية التي تميزها عن غيرها ، فالمجتمع يعيش صراعا طبقيا يبدأ بالفرد وينتهي بما يحويه من طبقات.
‘ شيء معقد ما فهمته في بلاد أبي. كل طبقة اجتماعية تبحث عن طبقة أدنى تمتطيها ، وإن اضطرت لخلقها، تعلو فوق أكتافها ، تحتقرها وتتخفف بواسطتها من الضغط الذي تسببه الطبقة الأعلى فوق أكتافها هي الأخرى’ ص279
المجتمع ليس سهلا .. الديانة التي ورثها عيسى كانت ثقلا يضاف إلى الأعباء التي وجدها في أرض الوطن خاصة وأنه يحمل في ذهنه الطقوس الكاثوليكية والتأملات البوذية والصور الجهادية المظلمة ، عليه لن ولم يتخلص منها بهذه السهولة، وإن قابل إبراهيم سلام وحادثه عن الدين الإسلامي وأتى له بالخوارق والمعجزات ‘ لأن الأديان أعظم من معتنقيها’299ص .
الديانة لم تك سوى مرحلة من مراحل التغيير المجتمعي الذي حدث لعيسى بدليل أنه لم يتحمل الذهاب إلى المسجد خمس مرات وما أن حذرته هند من الاقتراب من إبراهيم سلام وأصدقائه حتى لاذ بالفرار عن بقايا موروث ديني خالط جيناته .
لم يكتف السنعوسي بالطبقة المخملية فراح يهبط ببطله إلى مطعم للوجبات السريعة وكأنه يبحث عن نبض الشارع الكويتي وما يحدث من تصادم بين تلك الطبقات والفئة الوافدة وما يدور بينهما من معارك في ساحات ( البورجر) حين يتلقون الشتائم لأتفه الأسباب و’ لكن أوغاد ينتقمون من أوغاد’ ص333
مما يلاحظ في سياق التشكيل السردي تسارع الأحداث، إذ تصل الذروة حين يتداخل والطبقة الوسطى التي قد تتفهم ما يعانيه كونهم ينادون بالتغيير للكثير من المفاهيم العالقة بالمجتمع خاصة فيما يتعلق بالنظرة للآخر إن كان من ( البدون) أو الطائفية البغيضة فكان الاعلان للانتخابات هي الخلطة السحرية التي تجمع القلوب على مشاربها المختلفة، وإن شئت فقل المصالح هي جامعة القلوب والعقول ، نتج عنها تلك الحوارات الساخنة التي تأتي على كل صغيرة وكبيرة وخلال تلك النشوة العابرة فاه عيسى بالسر الذي لم يطلع عليه أحد وإن كانت أم جابر الجارة الثرثارة ، ولكن جابرا كان من الحاضرين بقوة خلال الحوار.
- المرشحة هند الطاروف هي عمتي.
- أنت تمزح !! تركي
- هند عيسى الطاروف .. شقيقة عبدالله عيسى الطاروف أبي.
- جابر: أنت تكذب !!!
بهذا الخبر الذي انداح في الكويت ( لأنها صغيرة كما يقول البعض) الذي يمثل الذروة في الحبكة لا من حيث الجانب الدلالي فحسب وإنما من الناحية العاطفية للمتلقي الذي يطالع بدوره ذلك الزيف المستشري في مجتمع يدعي الإسلام ويعامل أبناءه من خلال اللون، والشكل، والاسم، مجتمع يقوم بطرد أبنائه في الداخل والخارج :
‘ الكويت .. كلما أحكمت قبضتي على طرف ثوبها فلتت من يدي .. أناديها .. تدير لي ظهرها .. أركض إلى الفلبين شاكيا’ ص304
لم تعد الشكوى في هذه المرحلة مجدية بل أصبح من الضرورة الرحيل والعودة إلى وطن لا يلفظه، وطن يبحث عنه ويعتز وروحه التي سكنت هناك إلى الأزل بالرغم من انقسامها وميلها إلى تربة الأجداد التي لم يأخذ منها إلا تلك الذكريات العجيبة
‘ بلاد العجائب .. صورة مغايرة لصورة كنت أراها طيلة حياتي في الفلبين .. صورة خاطئة مطابقة لأحلامي .. لا شبه بين البلاد في مخيلتي القديمة وواقعي الجديد سوى أن هذه وتلك .. كلاهما .. بلاد العجائب ‘ص367.
مما لا شك فيه أن السنعوسي حين كتب ساق البامبو كان يستحضر في مخيلته أكواما من الأحداث التي جرت في أرض الخليج عامة والكويت على وجه الخصوص أقلها من خلال اللقاء بهم في مخافر الشرطة فقد مارسها عيسى ( المؤلف ) حين أضاع الأوراق الثبوتية فطالع الوجوه الخائفة على لقمة العيش وتلك التي تمارس الغواية على ضعيفي النفوس والثالثة التي لا تبالي في أي وادٍ هي.
في الختام لم يخرج عيسى من الفلبين إلى جنة وارفة، وإنما خرج ليطالع بنفسه تلك الوجوه التي سافرت في سماء الأحلام ، وقرر أن يرى مجريات الأمور وما يحدث لها خلف البحار ، لم يك عيسى الطاروف حالما بالثروة بقدر التعرف على مالكيها الذين يحسبون كل صيحة أو اسم قد يدمر بنيانهم الذي بنوا عبر أجيال ، والتي لم تك في حقيقة الأمر قبل الطفرة شيئا يذكر.
عيسى الطاروف ( المؤلف ) كشف الأوراق بصورة ممتعة من خلال كويتي من أصل فلبيني أو العكس إذ إن شهادته لن تقبل في مجتمعه وكذلك الوافد الغريب وهنا عليه ( المؤلف ) أن يخلق من يجمع الغربة والجذور ، ولتأصيل وتعميق تلك الفكرة عمد إلى لغة ذلك الكائن الغريب واستدل له بقول المناضل الفلبيني خوزيه ريزال ‘ إن من لا يحب لغته الأم ، هو أسوأ من سمكة منتنة’ 388 والقصدية من وراء ذلك تمرير الحقيقة بصورة تبعد عنه التحيز لفئة بعينها ، ثم ما لبث أن صنع ذلك الإنسان الأمين الذي تعلم في المعهد الديني في الكويت ليكون المترجم الوفي لكل وقائع الرواية .. ‘ تصل إلى إبراهيم محمد سلام هاتف رقم :009655253545

أكاديمي من سلطنة عُمان


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: رواية ساق البامبو لـ سعود السنعوسي ...دراسة تحليلية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصيدة طفولة الحرمان - اليتيم: للشاعر فؤاد الزهيري - دراسة تحليلية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 31 01-28-2017 11:12 AM
يتيم الشعر وطاقة البوزيترون: دراسة تحليلية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 10-01-2016 04:18 PM
رواية «ساق البامبو» والهجنة السردية : بقلم سعاد العنزي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 1 10-07-2014 08:56 AM
المصطلح النحوي .. دراسة نقدية تحليلية - أحمد عبد العظيم عبد الغني د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-18-2014 09:19 PM
سميرة رجب: امرأة تغرد خارج السرب - دراسة تحليلية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 7 12-05-2010 11:47 PM

الساعة الآن 01:56 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.