احصائيات

الردود
12

المشاهدات
11579
 
حسن الشيخ ناصر
من آل منابر ثقافية

حسن الشيخ ناصر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7582
10-18-2010, 09:11 PM
المشاركة 1
10-18-2010, 09:11 PM
المشاركة 1
افتراضي قصيدة النثر ( إضاءات )
تعتبر قصيدة النثر من أهم النتاجات الأدبية التي أثير حولها الجدل فهي بين مرحب وداعية لها وبين رافض لوجودها , ومن هذا المنطلق سندقق النظر مليا ونمعن كثيرا في هذا اللون الأدبي للوقوف على أهم ملامحه والوصول إلى تعريف واضح يبين ماهيته , ولقد وجدنا من المناسب جدا تسليط الضوء عليه بشكل واسع ومكثف وذلك من خلال استعراض أهم القراءات والبحوث التي تناولت هذا النتاج الأدبي الذي احتل مساحة كبيرة في فضاء الأدب العربي وستكون هذه المساحة والتي اسميناها إضاءات محطة لنا جميعا لطرح كل ما يتعلق بقصيدة النثر .

هي دعوة للجميع لرفدنا بكل ماهو منتج ومثمر لأجل المزيد من الفهم والمعرفة

للجميع مني أرق وأعذب التحايا

حسن الشيخ ناصر





قديم 10-19-2010, 12:19 PM
المشاركة 2
حسن الشيخ ناصر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


قصيدة اللاشكل ... قصيدة الأشكال المتعددة


بقلم عبده وازن

لم تعد قصيدة النثر العربية تحتاج الى من يدافع عنها، فهي باتت منذ قرابة خمس وأربعين سنة على نشوئها، قادرة تمام القدرة على هذا الدفاع، لا سيما بعدما بسطت جناحيها على الشعر الجديد والراهن. ولا يحلو لي أن أقول إنها انتصرت في «المعركة» التي شنت عليها منذ الستينات، مصحوبة بحملة من الاتهام والتخوين والتجريح. فهذه القصيدة ليس من طبيعتها أن تقف عند انتصار ما، لأنها ابنة التحوّل الدائم، والقلق الدائم، وقد فرضت نفسها بجمالياتها الخاصة وشعرياتها الفريدة.
أعترف انني لم أنتبه يوماً الى أنني اكتب قصيدة نثر. كلّ ما في الأمر انني اكتب قصيدة لا أقف عند عتبة اسمها. واعتقد ان هذا الشأن ينطبق على سائر الشعراء العرب الذين يكتبون هذه القصيدة تلقائياً. وهذا ايضاً ما يحصل في فرنسا، مسقط رأس قصيدة النثر، أما نقدياً فلم تمض بضع سنوات على وضع سوزان برنار كتابها الشهير «قصيدة النثر منذ بولدير حتى ايامنا» حيث لم يعد أي شاعر ينتبه الى أنه يكتب قصيدة نثر تحديداً عام 1959 حتى انحسر الكلام على قصيدة النثر وبدت نادرة جداً الكتب التي تناولتها لاحقاً، على خلاف الكتب النقدية الكثيرة التي تصدت للشعر الجديد ومدارسه وللشعريات الجديدة المتنوعة. وطوال عقدين وخصوصاً عقد السبعينات من القرن الماضي اختفت قصيدة النثر من المعترك النقدي لأنها «كرست» نفسها غير القابلة للتكريس أصلاً، منذ منتصف القرن التاسع عشر مع بودلير والينريوس برتران ومالارميه.
اعتقد اننا انتقلنا اليوم من مقولة «قصيدة النثر» الى مقولة نابعة منها ولكنها أشد رحابة هي مقولة «شعر النثر». ولعل المقاييس التي وضعتها الناقدة سوزان برنار، وهي: الايجاز والكثافة أو التوهج كما يحسن لبعضهم أن يقول والمجانية، لعل هذه المقاييس لم تبق قادرة على تحديد قصيدة النثر الراهنة في فرنسا نفسها وأوروبا والعالم العربي كذلك. هذا ما لحظه ناقد مثل تودورف عندما اعتبر ان صفتي أو معياري الايجاز والكثافة لا يمكن حصرهما في قصيدة النثر وحدها، لأنهما من معايير الشعر الحديث أياً كانت تجلياته. أما المجانية فيجب ان يفهم بها أن القصيدة لا غاية لها سوى نفسها وأنها موجودة لنفسها ولا هدف تعليمياً (ديداكتيك) لها ولا اجتماعياً ولا سياسياً. «شعر النثر» قد يكون خير وصف يمكن ان توصف به «قصائد النثر»، بحسب تسمية الناقد الفرنسي جوليان روميت والناقدة الفرنسية بريجيت بيركوف. فليس من قصيدة نثر واحدة ذات نظام مغلق ونموذج جاهز، بل ثمة قصائد نثر تختلف واحدتها عن الاخرى، شكلاً وأسلوباً وبنية ورؤية. لم يعد أي شاعر في فرنسا والعالم العربي يلتزم المعايير التي استخلصتها سوزان برنار بل ان «شعر النثر» تحرر تمام التحرر من المقولات الجاهزة ماضياً في حلم الحرية، الحرية المستحقة طبعاً ولو عادت سوزان برنار الآن الى الابتداع الشعري المراكم راهناً لاستخلصت معايير جديدة تختلف عن المعايير السابقة. فقصيدة النثر شهدت تطوراً هائلاً لا سيما بعدما اخترقت المدارس والانواع كافة. وهذا ما حدث عربياً مع الشعراء الذين اعقبوا حركة «شعر» من امثال سركون بولص وعباس بيضون وسليم بركات وبول شاوول وسواهم، ومع شعراء الاجيال اللاحقة وما اكثرهم. لئلا أقول المشروطة بحسب عبارة اوكتافيو باز. وما يجب الاشارة اليه ان ما كان يسمى شعراً حراً في فرنسا مثلاً تحرر في ضوء قصيدة النثر من سطوة الاوزان الجديدة والمتنوعة لتصبح قصيدة الشعر الحر قصيدة أسطر لا يحكمها وزن ولا قافية. وطرحت هذه القصيدة نفسها قريناً لقصيدة النثر الجديدة التي باتت تستعين بما توافر لها من اشكال لتصل الى اللاشكل القائم على ابتداع اشكال مجهولة وغير معروفة. هكذا عرفـــت قصيدة النثر الجديدة كيف توظف اشكالاً عدة لمصلحتها كالوصف والسرد المختصر والحوار والخاطرة أو الأفوريسم والمشهدي والحلمي وسواها.
واذا كانت قصيدة النثر بحسب سوزان برنار فسحة «للتوتر الشعري» فهي ايضاً مغامرة سافرة في اكتشاف منابع اللغة والاحتكاك بالمجهول وابتداع المفاجآت الساحرة، لغة وصوراً وعلاقات. وهذا «التوتر» الذي تتحدث عنه سوزان برنار هو رديف ما يسميه اندريه بروتون «بابا» السورياليين «التشنج» و «جمالية التشنج». ولعله يمثل ايضاً السبيل الى ما يسميه رامبو «تشويش الحواس» الذي أتاح له أن يكتب رائعته «الاشراقات». أما اللافت في قصيدة النثر فهو انها كانت ملتقى المدارس والتيارات، بعدما عبرتها الرومانطيقية أو جاورتها، وأجتازتها الرمزية والبرناسية والسوريالية والدادائية وسائر المدارس الحديثة. وظلت هذه القصيدة راسخة ومتحولة في الحين عينه. وقد يسأل سائل لماذا عمد كبار شعراء الوزن في فرنسا مثلاً الى كتابة قصيدة النثر؟ الم تكفهم الأوزان الفرنسية الكلاسيكية والحديثة للتعبير عما يجيش في داخلهم وعن نظرتهم الى العالم؟ لنتصور رامبو شاعر «المركب السكران»، تلك القصيدة الموزونة الشهيرة، ينادي بتخطي «الشكل العجوز» للشعر، كما يعبّر. وشعريته البديعة والغريبة تفجرت في قصائد النثر وليس في الشعر الموزون. فهذا الشعر كان عاجزاً حتماً عن تحمل تجلياتها الوحشية و «الصوفية» والجحيمية والفردوسية. لم تغر قصيدة النثر شاعراً مثل بودلير أو مالارمية أو جيرار دونيرفال. لم تغرهم فقط قصيدة النثر بل كانت حافزاً لهم على عيش الزمن الحديث ومواكبة المدينة الحديثة وقد وجدوا في هذه القصيدة، امكانات خلاقة خربطت طبيعة الشعر نفسه. وقد لا تخلو هذه القصيدة من الاغراء حقاً أولاً في طلاوتها ورحابتها على رغم مبدأ الاختصار وفي تخليها ثانياً عن الاطراد أو الانتظام الرتيب للوزن. وقد استطاعت هذه القصيدة فعلاً أن تخلق موسيقاها الخاصة أو الموسيقى الاخرى وهي ليست تلك التي تولدها الايقاعات المنتظمة والعودة المنتظرة للقوافي. انها الموسيقى الاخرى، الداخلية والصوتية، الاشد تنافراً وتناغماً في آن واحد والأقل توحداً وملاسة. بدت قصيدة النثر للوهلة الاولى انها ضد وحدة «الصوت» وضد وحدة «الدهشة». فهي التي تستوحي الحياة الحديثة كان لا بد لها من أن تتمكن من احتواء الاصوات المتنافرة والانقطاعات والانغام الناشزة. انها قصيدة الضوضاء وقصيدة الصمت وقصيدة الصراخ. وكم اخطأ الذين رأوا أن قصيدة النثر خلوٌ من الايقاعات. فهذه القصيدة يستحيل عليها أن تنهض بعيداً عن الايقاع الذي هو ايقاع اللغة أولاً واخيراً، وعن المؤثرات الصوتية التي ترتكز اللغة عليها اصلاً. ولعل أهم وصف أو تحديد لقصيدة النثر هو ذاك الذي وصفه بودلير قائلاً: «مَن منّا لم يحلم بمعجزة نثر شعري، موسيقي بلا وزن ولا قافية، لين ومتنافر، كي يتآلف مع الحركات الغنائية للروح، ومع تموجات الحلم وارتجافات الوعي؟». مثل هذا الوصف أو التحديد يرسّخ الطابع الحر الذي اتسمت به قصيدة النثر. وهو عوض ان يحدّ هذه القصيدة ضمن معايير معينة فتح أمامها باب الحرية لتكون قصيدة المستقبل والمستقبل الذي لا تخوم له. بات من المسلّم به أن الوزن لم يكن يوماً ليصنع قصيدة. الوزن وحده ليس غاية البتة. وليس من المهم تقديس قواعد الوزن، بل المهم هو الوفاء للتناغم الداخلي، التناغم الكامن في روح الشاعر، والوفاء للرؤيا والاستيحاء الخلاق والدهشة والحلم. المهم احترام «التجربة الداخلية» للشاعر والقارئ بدوره. والشعر كما علمنا التاريخ يستحيل حصره في شكل واحد وطريقة واحدة في الكتابة وفي اسلوب واحد. وفرادة قصيدة النثر تكمن في أنها نشأت من رفض الثبات في الانواع، وقد رفضت هي نفسها أن تُحدّد أو ان تتميز كنوع جديد. هذا ما يؤكده تعدد الاشكال فيها، وغياب الإكراه أو الارغام الذي يمارسه المضمون عادة أو الأسلوب. انها قصيدة الحرية والخلق الذي لا حدّ له. وفي هذا المعنى ليست قصيدة النثر نوعاً اضافياً بل يضاف الى سائر الانواع، انها كينونة اساسية في الشعر الحديث. وقد علمتنا هذه القصيدة ان الكتابة الشعرية حرة ويجب عليها ان تكتشف كل مرة. انها القصيدة المغامِرة، القصيدة التي لا تستسلم لأي يقين، القصيدة التي تشكّك في العالم مقدار شكها في نفسها. وجدت قصيدة النثر لتكون نقيض اليقين، أي لتكون قصيدة الاختبار الذي لا حدود له. انها قصيدة القلق، قصيدة التمرد الدائم، قصيدة الاكتشاف الدائم. انها القصيدة الاكثر حرية، القصيدة الأكثر استحقاقاً للحرية. انها الصيغة الشعرية الفردية او الشخصية التي تظل تعصى على أي تحديد نهائي. هكذا صنعت قصيدة النثر ما يشبه الاستقامة الجديدة، وأرادت لنفسها ان تكون شهادة ورؤيا في الحين عينه.
انها قصيدة المستقبل، بل قصيدة مستقبل المستقبل.


قديم 10-19-2010, 03:10 PM
المشاركة 3
مريم جبران عودة
شاعـرة لـبنانيـة
  • غير موجود
افتراضي حاتم الصكر .. حلم فراشة يمتدّ مابين الشعر وقصيدة النثر-خضر الأغا

بداية نشكر الاستاذ الشاعر حسن الشيخ ناصر على هذه الصفحة المضيئة

والتي من شأنها فتح آفاق هامة للتعرف على قصيدة النثر وماهيتها وتطورها


من ثم أبدأ بالشعاع الأول

وإن شاء الله لنا عودة


~~~~~~~~


حاتم الصكر .. حلم فراشة يمتدّ مابين الشعر وقصيدة النثر-خضر الأغا

في قصيدة من الشعر الصيني القديم، تستيقظ المرأة الحالمة فلا تعلم إن كانت فراشة حلمت أنها امرأة، أم امرأة حلمت أنها فراشة. وهكذا تتماهى المرأة بالفراشة، فتغدوان كائناً واحداً، بحلم مشترك.
بهذه المقدمة يبدأ الكاتب د. حاتم الصكر كتابه المسمى "حلم الفراشة"، حيث يعتبر أنه بين الشعر وقصيدة النثر وشيجة حلمية شبيهة بذلك أيضاً. حيث لا ندري هل أصبح الشعر نثراً أم النثر هو الذي حلم أنه صار في القصيدة شعراً؟ ويقول إن هذا كان دافعه لاختيار عنوان الكتاب "حلم الفراشة" المخصص لقصيدة النثر، ولما يتصل بتقنياتها، خاصة: إيقاعها الداخلي البديل للوزن والموسيقى التقليدية والقافية، ولاشتغالها على "الأثر" الذي تخلقه القصيدة وتتركه في تلقي قارئها. والذي يتحقق بطرق عديدة ليس الوزن إلا واحداً منها، ولاعتمادها على السرد كعنصر أساس في شعريتها وقراءتها معاً، وعلى كتابتها وهيأتها الخطية على الورق بديلاً للنزعة الغنائية القديمة التي أرى أن الإنشاد أبرز مظاهرها التي نسعى، كما يرى، لإبعادها عن استقبال النصوص الشعرية كي لا تلخّص أو تختزل في آنية زمنية أو لحظة انفعالية تمثلها عملية الإلقاء والتلقي الشفهيين. مع التذكير بما يفرضه الإنشاد من استحقاقات وخسائر عند كتابة النصوص المعدة للإلقاء كارتفاع الصوت، والجنوح للغنائية والخطابية والموسيقى العالية. وأحسب، والكلام للكاتب، أن هذه الموضوعات تتصل من قريب بالحكم على قصيدة النثر بالرفض والقبول في الذائقة الشعرية العربية.
يرى أيضاً أن الدارسين لاحظوا ما في مصطلح "قصيدة النثر" من تناقض ظاهر وتشويش. إذ أنه يجمع نقيضين بالإضافة، وكان المصطلح يمثل التناقض المفهومي لهذا النوع الحديث، فمفهوم قصيدة النثر كان مختلطاً في المحاولات الغربية والعربية المبكرة بالنثر الشعري، أو الشعر المنثور القائم على التداعيات، والمناجيات، والفضاءات الصورية، وبلاغات العبارة، والصياغات المجنحة، المميزة بسيل من الهيجانات اللغوية والعاطفية والخيالية.
كما أن الازدواج والتناقض كامنان في قوانينها المقترحة، كما شاعت أوائل الستينيات لدى شعراء مجلة "شعر"، وتبريرهم النظري لمحاولاتهم المبكرة. حيث نقلوا ملخصاً لما رأت سوزان برنار أنه مميزات أو خصائص لقصيدة النثر جرى النقاش حولها وتصويبها. مثل الكثافة والإيجاز والتوهج والمجانية.
دون الالتفات إلى سلسلة تناقضات أكثر أهمية تبدأ من اسم قصيدة النثر المحيل إلى ضدين: قصيدة/ نثر، وتمر ببنائها العام الذي يقرن النظام بالفوضى، وصولاً إلى دلالتها القائمة على إشراقيتها الداخلية بمقابل نزوعها الشكلي المجرد واستبدالها الغنائية بالسرد.
ولم ينتبه الكتاب المبكرون إلى ميزة أخرى أشارت إليها برنار، تكمن في طبيعة قصيدة النثر التي تقودها إلى «التواطؤ باستمرار مع أجناس قريبة منها كالأقصوصة» فهي إذ تنازلت عن الإيقاع الخارجي تماماً، أفسحت حيزاً كبيراً لاستضافة السردي في الشعري، انطلاقاً من جوهرها الدلالي. حيث «إن العناصر الدلالية وحدها تكفي لخلق الجمال المطلوب». كما يلاحظ كوهين الذي يصف قصيدة النثر بأنها "قصيدة دلالية".
ويتعين علينا هنا ألا نفهم الدلالة كنتيجة حتمية لوجود الدال والمدلول احتكاماً إلى المعاني القريبة، وتنضيد النص خطياً. ففي الشعر تختزن القصيدة دلالتها في منطقها الخاص، وبنائها، ووحدتها، وفي بلاغة الصياغات، وما في لغة القصيدة من توترات صورية، وتوازيات إيقاعية، ومطابقات، وتكرار، وتعينات سردية تعكسها ضمائر التلفظ، أو المحاورات، والوصف، وسوى ذلك مما يقوم باكتشافه القارئ الذي يتولى تنظيم المقروء وبناء الدلالة.
ومن أبرز مهمات القارئ التي ينجزها بفعل القراءة، إظهار قوة التناص التي يدخل فيها النص المكتوب بعلاقات متنوعة ومختلفة السبل مع سواه من النصوص المتعددة والمختلفة بدورها، والمتسعة للإشارات، والتعليمات، والتضمينات، والمعارضات، والمفارقات، وسواها من أشكال التناص الممكنة، وهي تشكل عبئاً على القارئ، وتتطلب جهداً معرفياً وخبرة وإحاطة تعوز الكثير من القراء، فتفوتهم حكمة القصيدة ودلالتها وبلاغتها، فيرمونها بالغموض غالباً أو المجانية والفوضى.
يرى الصكر أنه لا شك في أن تقنيات السرد المجتلبة من النثر أساسياً، تتطلب تنظيماً يناقض الفوضى الظاهرية في قصيدة النثر. وهذا مظهر آخر لتناقض قصيدة النثر وصعوبة تقبلها وتلقيها. ومن أبرز مظاهر التنظيم في السرد ذلك الانضباط الواضع في الضمائر وتسلسل القص، وإحكام الوصف، وإدارة التلفّظات والمحاورات بكثافة تجافي الترهل الصوري، والهيجان اللغوي والسيولة العاطفية في الشعر الموزون.
وأوضح تنافر يحسه القارئ بين الشعر والنثر، هو رفض الغنائية كوجهة نظر أو موقع يتموضع فيه الشاعر بأناه الضخمة، مسلطاً ذاته على الموضوع، مسخراً تراكيب اللغة والصور والدلالات والإيقاعات لإنجاز المهمة الغنائية لقصيدته، فيما يدعو السرد لتهدئة مظاهر "أناه" بإزاء "أنا" النص و"أنا" العالم كقطبين لازمين- إلى جانب "أنا" الشاعر- في كل عمل شعري.
ويميل المنظور السردي إلى البحث عن تجسّدات أو تعيّنات للأفكار المعبر عنها سردياً، فيما يسِم التجريدُ كتابةَ الشعر، وتصنع اللغة فيها فضاءاتها الخاصة التي تتحصن، عبر الأنساق، بسياق خاص لا تُفهم إلا من خلاله.
ويجر هذا التمركز الفضائي المجرد قصائدَ الشعراء إلى مزيد من التجريد، بمقابل التمدد الثقافي المكثف الذي يهبه النثر للأفكار، وهي في حالة تعين وتجسد. وهذا ما يدعونا للقول بثقافة النص الشعري الحديث، كبديل للغنائية التلقائية والفجة.
ويلزم الأمر تكثيفاً واقتصاداً، حيث تُشتت الترهلاتُ اللغوية والاستطرادات مراكزَ السرد وبؤرته وأصواته وفضاءه وتسمياته. ويكون النثر في حالة كهذه متجهاً إلى "أثر" المكتوب في القارئ لا إلى "القصد" من البناء الأدبي، وإنجاز برامج النص وخططه المسبقة؛ رغبة في الاندراج الآلي ضمن المألوف والشائع، أو المكرس.
وأخيراً، يكون قطب النثر في مصطلح "قصيدة النثر" ومفهومها؛ داعياً لإنجاز "قراءة" أو تحقيق نص كتابي على مستوى التوصيل الفني والتلقي الجمالي. فيما يتجه الشعر إلى مناطق المشافهة في الإرسال والتقبل لتحقيق المهمة المقصودة من نَظْم الشعر.
وذلك يدعو إلى تحقيق موسيقى خارجية في الشعر تحف بالأفكار والدلالات والبنى النصية، وتنقل الرسالة الشعرية بمواصفات هذه الموسيقى ومستلزماتها، سواء أكانت داخلية كالمجانسات والتصادي اللفظي والتراكيب اللغوية، أو خارجية تتعين بالوزن الشعري وثوابته العروضية، وبالقافية وتراتبها البنائي الضدي.
بينما يقدم النثر "إيقاعات" تنجزها النصوص داخلياً، وتكون في العادة وراء المكتوب أو داخله، لا أمامه أو خارجه. وهذا الفرق بين موسيقى الشعر وإيقاع النثر هو الذي يخلق مساحات الأثر المتحصّل في أفق قراءة المتلقي، ويدعوه إلى ملاحظتها، لا كما تقدم نفسها في الشعر بخطابية ومباشرة وغنائية حادة، بل بهدوء وتسلسل ومنطق يتسم به النثر خاصة.
وعلى هذه الطريقة الهادئة في تقديم الأفكار، يواصل الصكر تقديم أفكاره فيما يراه ضرورياً لإزالة التناقض بين مفهومي القصيدة والنثر.


الكاتب: حاتم الصكر.
الكتاب: حلم الفراشة- الإيقاع الداخلي والخصائص النصية في قصيدة النثر.
الناشر: دار أزمنة- الأردن-2009-

قديم 10-20-2010, 12:31 AM
المشاركة 4
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

حسن الشيخ ناصر ..
حقيقة طرح ينم عن ذائقة فكرية وحرفية أدبية عالية ..
وقد حدث وأن قرأتُ الكثير حول كل متعلقات النثر الأدبي .. وتشعبت بي الأقوال وتكومت التعاريف , فلم أصل إلى صورة واضحة بهذا الشأن إلا من خلال موضوع بسيط كتبه الأخ ذعار الرشيدي , واستطاع من خلاله أن يترجم شيئآ من ماهية النثر بتعابير غاية في الاختزال وغنية في المعنى .. حيث توافقت أُطروحته مع مع بعض قناعاتي الخاصة في هذا الصدد .. فإليكم منقولي التالي :
الشعر: هو الكلام الموزون المقفى الذي يدل على معنى
معنى آخر موغل في القدم
وهو تعريف مطاط جدا لتعريف الشعر ذو الفضاء الرحب ..
وأما النثر لغويا: هو كل ما هو مكتوب
وتعريفه الدلالي اليوم هو كل مايندرج تحته من خط الرواية والقصة القصيرة والخطابة والمقالة وجميع الاجناس الادبية الأخرى
ولكن قصيدة النثر
وهو مسمى أعترض عليه بشدة لكون الشعر حالة خاصة جدا
والوزن ليس شرطا اساسيا ـ كما يدعي النثريون ـ ولكن الحروج من الحالة الشعرية إلى النثر
جائز برأيي في حالة واحدة فقط عندما تتمكن من الوزن تماما
وتخرج إلى النثر وتخرج عن الوزن فاعتقد أن ذلك جائز
عدا ذلك أظن أن قصيدة النثر ليست من الشعر بشيء
لسبب بسيط جدا
أنها لا تختلف عن الكلام المنثور بصيغة أدبية بشيء
عدا كونها مجرد إطلالة كلام منثور من شباك الشعر
مثلا الوزن هو نقطة التحدي الأولى للشعر ولقريحة الشاعر الحقيقي ..
وإذا قمنا بإالغاء حاجز التحدي الأول والأهم وأعني به الوزن فماذا يتبقى من الشعر غير اسماله
الشعر الحقيقي نعم هو الكلام الموزون المقفى
وبلا حواجز التحدي يصبح الأمر مجرد ورقة وقلم وافكار تتساقط
الكلام هو المفردة والمعنى والأسلوب والفكرة
الوزن نقطة التحدي الأولى
القافية نقطة مهمة أخرى ولكنها أقل اهمية من الوزن برايي .. لماذا نشوه الشعر بأن نلبسه بقصيدة النثر ؟
لماذا نبخس شكلا أدبيا جديدا حقة ونحقره بإالصاقه بالشعر ؟؟
ليس لدي اعتراض على قصيدة النثر ولكنها ليست شعرا ومن الظلم لأن نسميها بالشعر جدا بالنسبة لهذا القادم الجديد ان نلصقه بالشعر فيصبح مسخا عن الأصل الشعر ؟
النثر الشعري ليس هو الشعر ؟؟؟؟؟؟؟
والقصيدة النثرية ليست هي القصيدة الشعرية التي نعرفها ؟
إلى من يكتب النثر قصيدة ......أنت لست بشاعر وذلك لا يعيبك بشيء
أنت تكتب نوعا جديدا من الأدب وعقدة الشاعر بداخلك هي ذاتها عقدة الشاعر التي تسيطر على القاص والروائي بل وعلى كل عربي فإذا تمكنت منك تكون قد خسرت اهم نقطة وهي نقطة الاستقلالية
فإذا استمريت على الاعتقاد بالشعر تكون قد خسرت النثر
أكتب ماتشاء ولكن لاتلصقه بالشعر
لأنك سوف تخسر بالحالتين عملك الذي سوف يخلو من الاستقلالية ولن يخرج عملك سوى نسخا مشوها لقصيدة شعرية
إذا أردت أن تكتب النثر فابدأ بالستقلال عن الشعر وقل : أنا أكتب نوعا أدبيا جديدا .. وأنا لست بشاعر .... الروائي عمل جديد .. ونوع جديد على الأدب العربي .. والقاص كذلك ..لذا سوف أكون ناثرا ..ولكنني لست بشاعر ولا روائي ولا قاص ......فلم يعب الروائي أنه ليس بشاعر كذلك لم ينقص من أهمية القاص شئيا كونه ليس بشاعر
تحيتي

قديم 10-26-2010, 03:31 PM
المشاركة 5
حسن الشيخ ناصر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
لقد حددت سوزان برنارد
لقصيدة النثر ثلاثة خصائص

1 ـ الوحدة العضوية
2 ـ المجانية
3 ـ الكثافــة

هذه الخصائص الثلاث التي وضعتها سوزان برنارد
تناولها العديد من الباحثين وذلك من أجل الوصول
إلى تعريف أو وصف دقيق لكل خاصية من تلك الخصائص


ومن هذا المنبر المبارك نوجه دعوة لكل الأحبة
رواد شبكة منابر ثقافية ومنبر قصيدة النثر
لتسليط الضوء على هذه الخصائص ونبدأ
أولا بالخاصية الأولى

1 ـ الوحدة العضوية

أرجو من الجميع التواصل معنا من أجل ان تعم الفائدة على الجميع

وللجميع من قلبي أجمل تحية

حسن الشيخ ناصر


قديم 10-26-2010, 04:13 PM
المشاركة 6
مريم جبران عودة
شاعـرة لـبنانيـة
  • غير موجود
افتراضي
- هوية قصيدة النثر من خلال سرد تاريخي لتطورها :


ذهب بعض النقاد إلى إحالة قصيدة النثر كصنف غربي خالص, أتى إلينا في مطلع القرن الماضي من خلال بعض الرواد المتأثرين بشعراء الحداثة الغربيين, أمثال ت.أس.اليوت الإنكليزي و رامبو الفرنسي, و اعتبروه دخيلاً على الشعر العربي و يجب استئصاله, كونه يؤدي إلى نسف الذاكرة العربية, و هدم أسسها المعرفية.
لكن سنحاول من خلال جولة سريعة تاريخية دراسة بذور قصيدة النثر في التراث العربي.

1 – فن المقامات:
فن انتشر في القرن الرابع للهجري, و هو عبارة عن مآلفة بين الشعر و النثر, مستنداً على لغة أدبية خاصة, تعتمد على النزوع إلى الأطناب و الإكثار من الجمل المترادفة و التزام السجع للحفاظ على التوازن الصوتي الخاص بالمقامة, و أهم من يمثلون هذا العصر: (بن العميد والصاحب بن عباد وبديع الزمان الهمذاني وأبي عامر بن شهيد وأبي بكر الخوارزمي).
و استمر هذا الأسلوب الخاص حتى مطلع القرن الماضي لدى المويلحي، في (ديث عيسى بن هشام) ولدى أحمد شوقي في (واق الذهب).
و فن المقامة تنهل من الطرفين النثري و الشعري معاً, فهو فن نثري شعري, و قد أطلق عليه صفة النثر الفني, ففيه من الإيقاع ما يقارب الشعر, لكنه لا يصله من حيث الوزن و القافية و الشطرين الذين أحاطوا بمفهوم القصيدة آن ذاك.

2 – النثر الشعري لدى الصوفيين:
كحركة موازية لحركة المقامات الآنفة الذكر ظهرت حركة أكثر عمقاً و أكثر تعقيداً لكنها مهمشة و ضائعة آن ذاك بسبب المناخ السياسي السائد حينها, و هي النثر الشعري للصوفيين و نجدها في طواسين الحلاج، ومواقف النفري، ومخاطباته والإشارات الإلهية للتوحيدي، حيث نشهد ثورة باللغة على اللغة لتأسيس مشهد جديد، يكشف عن تجارب روحية هادرة تنزع للتحرر.

3 – النثر الشعري الرومانسي:
ظهرت في مطلع القرن العشرين تجارب تحاول محاولة جادة في أن تغرف من الشعر في أسلوب الكتابة النثرية, و كان أهم من مثل هذه المدرسة (بران خليل جبران وأمين الريحاني والرافعي، وأحيانا كثيرة لدى المنفلوطي والزيات وطه حسين).

4 – الشعر المنثور:
و هي مرحلة تعتبر كمرحلة نضج للنثر الشعري الرومانسي و امتداداً له, و هنا نجد أن التجربة تقترب كثيراً من قصيدة النثر، لا في شكله الظاهري فحسب، إنما في نظامه الإيقاعي الداخلي والخارجي وما يفرضه هذا النظام من هيمنة على البناء النحوي الخاص بشعرية النص، و كبداية لذلك نجد (قصيدة المساء 1902 لخليل مطران و مرثيته التي أنشدها في حفلة تأبين الشيخ إبراهيم اليازجي، بعنوان شعر منثور 1906، وما كتبه أمين الريحاني اعتبارا من سنة 1907، ثم ما كتبه جبران).

5 – بدايات مفهوم قصيدة النثر 3:
تظهر في جماعة أبوللو في مصر التي أسست مجلة سميت بنفس الاسم في أيلول عام 1932 هذه الجماعة بدأت بتأسيس المفاهيم الأولية لقصيدة النثر, لكن ما كان يعيب عليهم تأثرهم الأعمى بالقصيدة النثرية التي وفدت من الغرب, و التجارب السريالية و الدادئية التي اتخذوا منها نبراساً لتجاربهم.

6 – توطيد مفهوم قصيدة النثر:
بدأت التجارب الجادة لبلورة مفهوم قصيدة النثر لدى جماعة شعر في سورية (دونيس - أنسي الحاج..إلخ)
حيث أخذت قصيدة النثر تفرض نفسها كجنس أدبي جديد, لها ميزاتها و لغتها الشعرية و اصطلاحاتها اللغوية, معتمدين على تجارب من التراث العربي, وأخص بالذكر الشاعر الكبير أدونيس, حيث نظّر لهذا المفهوم بالإضافة لما كتب.


إذاً
من خلال هذا السرد التاريخي الموجز, لا نجد قصيدة النثر نشازاً, أو ورماً خبيثاً في جسد الشعر العربي, إنما تطوراً طبيعياً لما كان في الماضي, مع مرور بحالات جمود و سكينة, نتيجة الظروف التاريخية التي تعرضت لها المنطقة بشكل عام, و ليس دخيلاً على الشعر العربي أو غريباً عنه, بل حركة تجديد و تطوير طبيعيتين لأي منتج أدبي, فهو لم يكن كما المسرح مثلاً, إذ أن الثقافة العربية لم تسمع بهذا المصطلح قبل قرن و نصف تقريباً.



منقول للفائدة

قديم 10-26-2010, 06:21 PM
المشاركة 7
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

بداية , أشكر الأخ حسن على هذا الطرح الراقي والمفيد والذي نتبادل فيه الأراء والرؤى , حقيقة أنا لست ممن يقيم قصيدة النثر ,

يثني عليها أو يذمها لأنها أكبر مني ! ولكن من باب المشاركة أقول :

شكرا ً لكل الذين أدلوا بآرائهم ليثروا هذا الموضوع , وقناعاتي تتطابق ما كتبته الأخت سحر الناجي , وهذا لا يضير قصيدة النثر ,

فأنا أتكلم كمتلقي لا يرتقي لمستوى ناقد وهذا باعتقادي حق مشروع لكل قارئ .

هذا اللون الذي أسميه مجازا ً وبخجل إلى الآن ( شعرا ً ) لأنه وببساطة يخالف تعريف الشعر الذي عرفته العرب ووضعت أوزانه وبحوره ,

ليبدع الشعراء فيه وفق هذه الأسس و القوانين .

ولكن قصيدة النثر كما يحلو لمحبيها أن يسموها - وأنا منهم - وجدت لنفسها مكانا ً وحبذا لو تسمّت باسم يوافق خصائصها

دون البحث عن انتحال خصائص من التراث ليست مفصلة لها .

على فكرة ؟ أنا من محبي هذا اللون من الشعر وانجذب إليه أكثر من الشعر العمودي , ولكن هناك حقائق لا تخضع للمزاج ولا للهوى ,

إنمايخضع لموازين علمية علينا احترامها . لذلك دعوني أتكلم عن بدايات قصيدة النثر لتكوين فكرة عنها مراحل نشوئها .

الثقافة الفرنسية كان لها الأثر الكبير على شعراء الحداثة العربية وبشكل خاص على أحمد سعيد أدونيس وأنسي الحاج

وكوكبة من الشعراء جاؤا بعدهما أو عاصروهما .

أن التأسيس لقصيدة النثر فى العربية ، كانت محاكاة تقليدية.. لما كتبه بودلير ومن أتى بعده ، دون الغوص فى الحياة العربية ،

فكانت جميعها - إلا قليلا منها - مسوخاً مشوهةً , لحياة تخلتف عن حياتنا ، اختلافاً عميقاًوجذرياً.

و على رغم أسبقية ديوان جاسبار الليل ، فى قصيدة النثر ،إلا أن سارة برنارد ، أهملته واعتبرت أن قصيدة النثر..

بدأت ببودلير !!! وكان هذا إعتداء على أسبقية ألوزيوس ؟

ولكن لمسألة تجاوز الكثير من الشعراء الذين سبقوا بودلير في كتابة قصيدة النثر ليس أمرا ً غريبا ً ،

لأن هذا حاصل في كل الثقافات ، ولذلك أسباب عدة أهمها :

ـ مع بودلير وصلت قصيدة النثر إلى مرحلة النضج بعد تراكم مقبول على امتداد فترة لابأس بها ، وتم التعريف بها والوعي بها .

ـ مكانة بودلير في الثقافة الفرنسية تجعل من شعره ذا مصداقية ومكانة متميزة في الشعر الفرنسي ،

فمكانة الشعر في ثقافة ما من مكانة صاحبه .

وما وقع في الثقافة الفرنسية وقع أيضا في الثقافة العربية ، فالثقافة المدرسية جعلت من نازك الملائكة وبدر شاكر السياب

بداية الشعر المعاصر ( قصيدة التفعيلة ) مع العلم أن هناك تجارب متعددة سبقت تجربة هذين الشاعرين ،

لكن المحاولات التي كتبتها نازك والسياب جاءت في مرحلة نضجت فيها التجربة وأصبح النقد مستعدا ً لتقبلها والدفاع عنها في منابر متعددة .

وساهمت هزيمة 48 وتقسيم فلسطين إلى الرغبة في التجديد ، فارتبطت التجربة بالمحاولات التي ظهرت في تلك المرحلة .

ـ فيما يخص التجربة العربية في قصيدة النثر لا تخفى تبعيتها المطلقة تنظيرا ً وإبداعا ً للثقافة الغربية والفرنسية بشكل خاص ،

بدليل أن الذي أبدعوا فيها في الستينيات هم الذين تلقوا تكوينا ً ثقافيا ً فرنسيا ً

وما كتبه أدونيس عن قصيدة النثر في مجلة شعر منتقى كله من كتاب سوزان برنارد قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا ،

أما إبداعيا ً، فإن قصيدة النثر العربية خاصة والحداثة العربية عامة لا ترقى إلى التجربة الفرنسية ،

ذلك أن التجربة الفرنسية وليدة واقع مجتمعي عبرت عنه وتماهت معه ، أما التجربة العربية ، فقد دخلت إلى المجتمع العربي دون استئذان .

فكانت النتيجة أن زرعت قطيعة بين هذه التجربة وبين المجتمع الذي من المفروض أن يتبناها ويستهلكها .

ويكفي أن نقارن اليوم بين الاهتمام التي تلقاه القصائد الحداثية وقصيدة النثر خاصة وبين الاهتمام التي تلقاه القصيدة العمودية

لنجد أن مجتمعنا العربي يجد ذاته في الشكل العمودي وقصيدة التفعيلة أكثر من قصيدة النثر .

فأغلب قصائد النثر الحقيقية لا يقرأها إلا أصحابها و نخبة النخبة ، ولا يستشهد بها إلا في الدراسات النقدية التي تهتم بهذا الشكل الشعري ،

وما دون ذلك تظل مركونة في الصفوف ، في حين قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية تجدهما على كل لسان .

وإنه لمن دواعي الفخر , أن نرى شعراءنا يهضموا الآداب العالمية ويتفاعلوا معها ولكن بطريقة أصيلة تنبع من واقعنا وحياتنا

لتصبح جزءاً من كياننا وليس شيئا ً غريبا ً نتوجس من الاعتراف به , مع احتوائه للفضاء الفسيح والخيال المبدع وحرية التعبير عن مكنونات

النفس البشرية دون قيد , سوى خصائض الشخصية العربية والإسلامية والتي تمثل أصالة الإنسان العربي .

هذا إن حرص الأديب أن يكون له رسالة تنبع من عقيدته ويحرص على الخير والمنفعة للناس , أو يكتب الشاعر شعرا ً

من منطلق : ( الأدب للأدب ) فيأتي أدبا ً غير منتميا ً , وهو إلى الشعوبية أقرب منها إلى العربية ؟ !

هذا مع افتراض النزاهة في كل الذين يتبنون هذا اللون من الشعر لتحديث الأدب العربي والنظر بعينين بدل العين الواحدة .

قديم 10-27-2010, 06:52 PM
المشاركة 8
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , ها قد عدنا لهذا الموضوع الشيق والجميل , ولن نتركه حتى نلم بكل جوانبه إن شاء الله .

منذ بداياتها وقصيدة النثر تند عن التعريف . ويشير اسمها الجامع للمتناقضين إلى السبب الواضح لذلك :

الطبيعة المتسمة بالمفارقة والمتضمنة للتناقض . فقد كان بمثابة اسم حركي (مع قليل من اللعب بالألفاظ ) .

كان لابد من أن يحدث شيء ثوري ، فقد كانت ثمة ضرورة للانفلات من إسار الشعر التقليدي ؛ وكان لابد أن يتم

الطعن في الجماليات التي جعلت من النظم العروضي عنصرا ً جوهريا ً في فن الشعر .

وبدافع من هذا التطلع كان ما كتبه بودلير في مقدمته إلى آرسين هيوساي :

( من منا لم يحلم في أيام طموحه بمعجزة نثر شعري يكون موسيقيا ً بلا وزن ولا قافية ؟... ) .

دائما ً ما كان هناك منزعان متعارضان في الشعر : ينحو الأول إلى تزايد الضوابط ، والآخر إلى التحرر من الضوابط .

وتنتمي قصيدة النثر إلى النهج الثاني .

في فترات أخرى نلاحظ الحث على اطراح القواعد الشكلية :

فالقافية ، أو قواعد علامات الترقيم قد أُسقطت من الحسبان ، والوزن المطرد قد حل َّ محله الشعر الحر .

أما قصيدة النثر فتنطوي على تغيير أكثر جذرية ؛ ويمتد ليشمل النص بالكامل .

إنه نوع أدبي نشأ بالأساس على مبدأ الاستبعاد أو الاطراح .

وقد انبثق بصدد هذا النوع تياران نقديان : المدرسة الأولى : تمضي بعناد للبحث عن خصائص النظم في قصيدة النثر .

والحقيقة أن هؤلاء النقاد فعليا لم يتقبلوا أبدا ً فكرة إمكانية وجود ما يمكن اعتباره شعرا ً بدون نظم، وأن شعرا ً حقيقيا ًخارج النظم ممكن وجوده .

النقاد المتعسفون من هذا القبيل يقرون بالشعرية في النثر فقط حين يمكنهم الإمساك بما يشبه بنية نظام وزني متخفية ،

أو حين يعتقدون أن بإمكانهم إثبات أن قصيدة النثر بها الحس الموسيقي للنظم ولكنها تختلف عنه في افتقادها لتساوي طول الأبيات أو للوحدة العروضية.

هذا وللحديث بقية إن شاء الله ...

قديم 03-10-2011, 01:36 AM
المشاركة 9
عبدالكريم شكوكاني
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
6 – توطيد مفهوم قصيدة النثر:
بدأت التجارب الجادة لبلورة مفهوم قصيدة النثر لدى جماعة شعر في سورية (دونيس - أنسي الحاج..إلخ)
حيث أخذت قصيدة النثر تفرض نفسها كجنس أدبي جديد, لها ميزاتها و لغتها الشعرية و اصطلاحاتها اللغوية, معتمدين على تجارب من التراث العربي, وأخص بالذكر الشاعر الكبير أدونيس, حيث نظّر لهذا المفهوم بالإضافة لما كتب.


إذاً
من خلال هذا السرد التاريخي الموجز, لا نجد قصيدة النثر نشازاً, أو ورماً خبيثاً في جسد الشعر العربي, إنما تطوراً طبيعياً لما كان في الماضي, مع مرور بحالات جمود و سكينة, نتيجة الظروف التاريخية التي تعرضت لها المنطقة بشكل عام, و ليس دخيلاً على الشعر العربي أو غريباً عنه, بل حركة تجديد و تطوير طبيعيتين لأي منتج أدبي, فهو لم يكن كما المسرح مثلاً, إذ أن الثقافة العربية لم تسمع بهذا المصطلح قبل قرن و نصف تقريباً.




السلام عليكم

- بداية ما سأقوله هو راي قبل كل شيْ وهو رد وجدل ومتاقشة ونقض وايضاح

- ما قام به أدونيس ونهجه هو عملية فرض لهذه القصيدة النثرية
وكانت هناك مؤسسات اعلامية ترفض نشر الموزون وتنشر المنثور كمؤسسة النهار
بكل منشوراتها

-ان الفنون ومن ضمنها الشعر تخلق وتوجد في الشارع وليس في مؤسسة علمية
فأي فن يجب أن يتواجد لدى الناس ويقبل من الناس ويصبح متداولاً حتى يكتسب
شرعيته كفن ومن ثم بعد استقراره نرضع له قواعد كما حصل مع فنون النحت والرسم
والنثر والمقالة والشعر والخطابة
وهناك العديد من المدارس الفنية التي حاولت ان تفرض نفسها وسقطت بالنهاية ولم يبقى لها الا ذكرى

-فن النثر من حيث الجمال والموسيقى هو متقوق على فن الشعر ومنذ نشأة العربية القرآنية التي نعرفها الآن
فلم يصل الشعر العربي الى جمالية الآيات القرآنية وهي نثرية وليست شعرية

-قدم المنفلوطي وطه حسين أعمال أدبية رائعة جداًًً ومتطورة وغيرهم كذلك

-لا يعيب النثر أن يكون نثراً ويتفوق على الشعر بموسيقاه

- لا أعرف سبب عقدة الشعر والشاعر أمام من يكتب نثراً جميلاً

-يخرج موسيقيين نوابغ في بعض الحقب أمثال الرحابنة يلحنون مقالات الصحف
ويخرج مطربون أمثال فيروز وأم كلثوم ومارسيل خليفة يغنون النثر بتنغيم راقي
ويخرج نثريون أمثال المنفلوطي يبدعون نثرا رائعاً
ويخرج خطابيون أمثال أحمد الشقيري تكون خطاباتهم قطع أدبية راقية

- لماذا يصر كل من كتب نثراً أن يعتبره شعراً ويسمي نفسه شاعراً
لماذا هذه العقد ومركبات النقص

ولي عودة

وشكراً

قديم 03-10-2011, 04:53 AM
المشاركة 10
حسن الشيخ ناصر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأحبة جميعا :

سلام من الله عليكم
وشكرا لكل مداخلاتكم الرائعة والمباركة

لطالما سعينا وسنظل هكذا نسلط الضوء على كل أثر إنساني يتسم بصفة الإبداع
والحقيقة نحن هنا لا نسير في خطواتنا لإثبات شرعية قصيدة النثر من عدمها
نحن أخترنا هذا الموضوع لتسليط الضوء على خصائص قصيدة النثر ولقد وضعنا الخطوات
التي نسير على أساسها في محاكاة ما اتسم به هذا الجنس الأدبي الراقي

وأجدد الدعوة مرة أخرى في مداخلة كنت قد نشرتها في نفس هذا الموضوع لتكون هي محور النقاش

وبكل صدق أتمنى أن يكون الحوار حسب ما اعددنا له من خطوات


(( لقد حددت سوزان برنارد
لقصيدة النثر ثلاثة خصائص

1 ـ الوحدة العضوية
2 ـ المجانية
3 ـ الكثافــة

هذه الخصائص الثلاث التي وضعتها سوزان برنارد
تناولها العديد من الباحثين وذلك من أجل الوصول
إلى تعريف أو وصف دقيق لكل خاصية من تلك الخصائص


ومن هذا المنبر المبارك نوجه دعوة لكل الأحبة
رواد شبكة منابر ثقافية ومنبر قصيدة النثر
لتسليط الضوء على هذه الخصائص ونبدأ
أولا بالخاصية الأولى

1 ـ الوحدة العضوية

أرجو من الجميع التواصل معنا من أجل أن تعم الفائدة على الجميع ))

للجميع من قلبي أجمل تحية

حسن الشيخ ناصر


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قصيدة النثر ( إضاءات )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إضاءات نقدية موجزة على قصيدة (غربة القلب) للشاعر عبد اللطيف غسري عبد اللطيف غسري منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 7 12-16-2020 06:09 PM
مدخل إلى قصيدة النثر حسام الدين بهي الدين ريشو منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 12 05-31-2020 08:53 PM
في شعرية قصيدة النثر - عبد الله شريق د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 3 08-17-2019 01:57 PM

الساعة الآن 02:29 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.