احصائيات

الردود
0

المشاهدات
47
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
1,768

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
يوم أمس, 08:44 PM
المشاركة 1
يوم أمس, 08:44 PM
المشاركة 1
افتراضي *لن أزوجك ابنتي أبداً*

*لن أزوجك ابنتي أبداً*

*لن يحلم بظفرها، إنهم لا يكلموننا، وخلافاتنا معهم امتدت لأكثر من عشر سنين، صحيح أنهم جيراننا، ولكن عداوتنا معهم لم تتوقف منذ ذلك الحين، ونحن منقطعون عنهم تماماً، لن أسمح لأحد أن يفتح هذا الموضوع ثانية.
*قلت لك يا ولدي أن تبحث عن فتاة غيرها، فخلافي مع والدها قديم ومتشعب، ونحن لا نكلم بعض أبداً، لقد أوقعنا أنفسنا في إحراج شديد أمام أهل الحارة، يا بني، أرجوك، ابحث عن فتاة أخرى، فهذه ليست من نصيبك.
انفصمت عرى الصداقة بين العائلتين منذ فترة طويلة، لخلاف قديم نشب بينهما، وتحولت المودة تدريجياً إلى كراهية، ولم تشفع السنين الطوال بحل الخلاف الذي استفحل.
أما العاشقان، فكل ما كان يجري أمامهما على مر الأعوام المتتالية، لم يؤثر في قوة حبهما، ولم تستطع خلافات الأهل أن تضعف تقاربهما، الذي كان بالنسبة للعاشقين هواءهم الذي يستنشقون، وطعامهم الذي يتناولون، ولم يقبلوا بالانعتاق عن ولعهما لحظة من ليل أو نهار.
أصيب العاشق بصدمة كبيرة، ولم يستطع التواجد في الحارة التي تضم حبيبته، فهي على بعد أمتار منه، ولكن الأهل بنوا بينهما جداراً عالياً جعلوا عبوره مستحيلاً.
وبعد أن تم رفض طلبه، بشكل سمج بعيد عن الذوق والأدب، فلم يعد بإمكانه رؤية حبيبته أو حتى محادثتها بأي شكل من الأشكال، كان يكبرها بثماني سنوات، وقد تعود أن تكون دوماً أمامه وبقربه، ومذ أن كانت طفلة صغيرة، فقد أيقن أنها قدره، لم يكن يرى غيرها، واستمر يعيش على هذا الوله لأكثر من عشرين عاماً، وماذا يفعل الآن، إنه ليس شاباً لعوباً حتى يبحث عن فتاة أخرى، فحبيبته تحيا في روحه وشرايينه، ولا يريد منها فكاكاً، وقد ارتبطت روحاهما، ورفرفا في سماء ناعمة امتلكاها وحدهما، وكانا فيها فريدين، لا يشاركهما فيها أحد.
انفصل الحبيبان، ولكن سماءهما استمرت تجمع روحيهما على البعد، كانا يشعران بذلك دون أن يكون باستطاعتهما أن يلتقيا، أو أن يتحادثا.
واتخذ العاشق قراره سريعاً، سيغادر إلى بلد الهجرة، فيكمل تعليمه ويعيش هناك، فقلبه لم يطاوعه أن يبقى في حارته أبداً.
أما الحبيبة التي مُلئ كيانها حباً، فقد أيقنت أن لا شيء سيجمعها مع حبيب القلب، فالرفض كان صارماً، والكراهية تكاثرت، ولا سبيل لصفاء القلوب.
*ماذا أفعل يا رب !!
اعتزلت العاشقة كل الناس، حتى أهلها داخل البيت، قررت أن تعيش لحبيبها، ولا تتخلى عنه، فروحها لم تطاوعها.
أين تذهب .. !! وأين بإمكانها أن تذهب ! عندما تتنفس تشعر بأنفاسه، عندما تنظر تراه أمامها، عندما تصحو فهو أول من يزور خاطرها، وعندما تتضايق تبثه أحزانها، صار عملها وغرفتها هما محور حياتها، إذا خرجت من غرفتها، أنهت ما يجب عليها من عمل، ثم عادت إليها، وأوضحت لأبيها أنها قد تعقدت من مسألة الزواج، ورجته ووالدتها ألا يفتحا معها هذا الموضوع ثانية،
*آسفة .. لا أستطيع ..
سنوات عديدة مضت، لم يتجرأ العاشق أن يفكر خلالها مجرد تفكير بالعودة أو الزيارة، وكلما تذكر حارته، شعر بالإعياء وأحس بالاختناق والضيق الشديدين.
كان العاشق المتيم جالساً يوماً إلى صديقه المقرب، الذي يعرف تفاصيل حكايته، والذي حاول مراراً وبدون فائدة أن يخرجه من قوقعته التي انطوى داخلها،
*يا أخي، اخرج من قوقعتك، الفتيات متوفرات، صديقات أو زوجات، ستجد ما تريد، ارتبط بمن تشعر قربها بالشغف، حتى لا تعيش حياتك وحيداً.
ولكن محاولاته باءت كلها بالفشل، فلا سبيل لهذا العاشق أن يخرج حبيبته من قلبه، فعشقها يحوي سحراً يكتنف الفؤاد، وولهاً لا يمكن التخلي عنه.
صباح ذات يوم، انبرى صديقه يحدثه،
*صديقي .. أما تعتقد أن الخلاف بين والد حبيبتك ووالدك قد يكون انقضى !! لم لا تحاول استيضاح الوضع الآن .. !!
اتصل بحبيبتك، اتصل بأهلك واسأل عنها، اسمع ...! بعد سنوات من الآن، لو علمتَ أنه كان عليك أن تسأل عنها وأنت لم تفعل، فتكون قد ارتكبت خطأً كبيراً، وسيصيبك ندم شديد لا يمكن تحمله، سافر إلى بلدك، وتيقن من الوضع، ضع أمامك هدفاً واحداً، أنت ذاهب لتسأل عن حبيبتك وتخطبها، فإن لم تنجح في ذلك، فسوف تعود، بالطبع سيزيد حزنك، ولكنك لن تشعر بالندم بعد ذلك.
مرت أيام بعد ذلك، وصار هذا الحديث ينخر في ذهن العاشق ليل نهار، ماذا لو اجتمع بحبيبته مرة أخرى ...!! ماذا إن خطبها ...!! هل يمكن أن تكون من نصيبه بعد هذا العمر ...!!
اشتدت الوساوس في نفس العاشق، ولم يدرِ لها مخرجاً، وزاد قلقه، وصورة حبيبته ما زالت عالقة أمامه في كل لحظة من لحظات حياته، كان قرار السفر فورياً، أخذ حاجيات قليلة ويمم وجهه صوب المطار، حجز التذكرة وتوجه إلى الطائرة
وقد توقف تفكيره تماماً.
دلف إلى حارته القديمة، لم يغير الزمن فيها شيئاً، فوجئ أهله بقدومه، إنها ثماني سنوات من الغياب المتصل، واجتمعت العائلة حوله يطمئنون عليه، ويستفسرون عن عودته المفاجئة،
*أمي، هل تزوجت نادية .. !!
*آه يا ولدي، كلا إنها لم تتزوج، ولم توافق أن تقابل أحداً من الخطاب، لقد اعتزلت الجميع منذ سفرك.
*أمي، أبي، هيا، سنذهب الآن لخطبة نادية، أرجوكم يجب أن نذهب الآن. *ولدي ماذا تقول .. !!
*والدي الغالي، أرجوك أن تأتيا معي لخطبة نادية الآن، بعد مرور كل هذه السنوات، أعتقد أن الوضع قد تغير، ولن يرفض أهلها طلبنا، وأنا لن أتزوج غيرها، أرجوكم قوموا معي الآن.
ورضخ الوالدان لطلب ابنهما، وتجهزا دونما تأخير، وبخوف ظاهر يمما وجوههم نحو بيت الحبيبة الغالية.
طرق العاشق الباب وتراجع تأدباً، وواجهت الوالدة مدخل الدار، وبالصدفة تفتح العاشقة الباب، تتجمد أمامهم، وتقف في مكانها مبهوتة، تضمها الوالدة وتقبلها ثم تدخل جوف البيت، ويبقى الوالد خارجاً يترقب، وخلفه العاشق وهو مختفٍ تقريباً، يكاد ألا يظهر.
*هل والداك في البيت ...!!
*نعم، تفضلا، ولكن ... !!
*جاري العزيز، عمر مضى، سننسى خلافاتنا، ونعيش لأولادنا، إني أطلب يد ابنتك نادية لابني محمد.
*محمد، أين هو محمد، ألم يتزوج ...! إنه في بلاد الغربة منذ زمن بعيد.
*كلا .. لقد عاد، وهو خلف الباب ينتظر موافقتكم.
*محمد عاد ...!! لا تجعلوه ينتظر، محمد، يا محمد، تعال تفضل، البيت بيتك، ويجري صاحب البيت، يفتح الباب، ويجد محمد وهو يقف محرجاً على عتبته.
*يا بني، البيت بيتك، تعال، تفضل.
يأخذ صاحب البيت بيد العاشق الولهان، وينادي ابنته التي قبعت في غرفتها، تتسمع إلى ما يجري وشعور غريب يحيط بها، وبارقة أمل تلفها، وكلها شوق ولهفة.
*نادية، تعالي يا نادية.
لم تدرِ نادية ماذا تفعل، لقد مضت سنوات كثيرة، اعتزلت فيها الناس، وعاشت لحبيبها، وقد فقدت الأمل، ولكنه الآن هنا، وقد عاد إليها ولم ينسها، نفرت الدموع من عينيها، قطراتٌ من اللؤلؤ غطت الوجنتين، فزادتهما جمالاً، أسرعت بالنزول وهي في ملابس البيت، وبخجل وشرود وعيون مخضلة بالدمع، تصل فجأة قرب أبيها أمام محمد حبيبها، الذي فرقت ثماني سنوات كاملة بينها وبينه، تفاهمت القلوب، وتكلمت العيون، ورنت الجميلة بخجل لذيذ إلى الأرض. يأخذ الأب يد ابنته، يضمها إلى يد محمد، وينسحب عنهما إلى الداخل سعيداً.

أحمد فؤاد صوفي
اللاذقية – سـوريا



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 1 والزوار 6)
أحمد فؤاد صوفي

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: *لن أزوجك ابنتي أبداً*
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكثير من الأشياء التي لن تحدث أبداً ديفيليا غرايي منبر البوح الهادئ 6 11-27-2020 12:07 PM
إلى ابنتي نهى رشيد الميموني منبر شعر التفعيلة 4 04-01-2018 10:09 AM
إلى ابنتي خُلود خالدحامدالبار منبر الشعر العمودي 7 04-01-2012 07:35 PM
++ صاحب ابنتي ++ أحمد فؤاد صوفي منبر القصص والروايات والمسرح . 17 06-23-2011 01:25 PM
++ لن أظلم أولادي أبداً ++ أحمد فؤاد صوفي منبر القصص والروايات والمسرح . 8 01-29-2011 12:08 AM

الساعة الآن 11:17 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.