هذه القصة من جملة مشاعر إحدى طالباتي في الجامعة، هي تدرس الآن في جامعة مختصة بتدريس القرآن الكريم وعلومه، وهي تصف العتمة التي تعيشها بدون ضوء ولا ألوان بسبب فقدان بصرها، حين أرسلتها لي أحببت مشاركتها معكم في المنتدى ووافقت
القصة بقلب عائشة، آمل أن تصل لقلوبكم
بانتظار اللون المفقود
بعد الصراع الطويل بين جدران الصِبا بعد السخرية المستمرة التي تعرضت لها كبرت الآن .. حسنٌ أنا الآن أحفظ منزلي وجدرانه جيداً .. لا أعرف أين يقع تحديداً ولا كيف هي ألوانه .. لكن يكفيني انني أستطيع أن استدل على غرفتي وغرفة أمي وأبي وغرف أخوتي .. يمكنني أيضاً معرفة في أي ركن تضع أمي الطعام في المطبخ .. كما أنني لم أعد بحاجةٍ إلى يدٍ تمسكني لدخول الحمام .. لقد عبرت يديّ جميع الجدران .. تحسست كل خدش وكل انحناء فيها .. علمت من أين تبدأ وأين تنتهي .. مع كل هذا السواد المحيط لا أستطيع معرفة كيف يبدو الأحمر أو الأزرق الذي يلون السماء والبحر كما يقولون .. أعتدت أن أرى بحري الأسود وسمائي السوداء نهاري وليلي بذات اللون ايضاً .. أنا التي لا انتظر فجراً مثلكم .. فقط انتظر لوناً آخر .. لطالما تحسست الأشكال ..كانت تختلف في كل مرة .. بعضها مسنن وبعضها الآخر منحنٍ .. لكنني رغم كل هذا لا أستطيع رسم الشكل في مخيلتي .. أيمكنكم تصور ما معنى أن يحوي السواد كل شيء .. لا يعطيني الحق حتى في تخيل شكلي .. ذات مرة أمسكت والدتي بيدي وقالت لي هنا المرآة .. حسناً وقفت كالعادة أتلمس وجهي مبتسمةً وأحاول تكويني في داخلي .. أحاول وأحاول وأزداد تلمساً .. أضغط بشكل أكبر لكن محاولاتي كانت كلها تبوء بالفشل .. أنا لا أعلم حتى أين يكمن الاختلاف في وجه له عينان وأنف صغير وفم .. أعتقد بأننا جميعنا هكذا .. الفرق الوحيد أن عيون البعض تبصر .. مؤلم جداً ذاك الشعور بالعجز المستمر .. في ناحية ما أمامي أنا لا أستطيع حتى تمييز تعابير المتحدث إلي .. لم أستطع الدفاع عن أشيائي التي أخبئها أمامهم بكل براءة .. بزغ فجر اليوم الذي لطالما تحدث الجميع عنه .. أن أحتضن مصحفي وأعرف تشكيل الآيات فيه بعيداً عن اعتيادي المستمر سماع القرآن من المسجل .. ما زلت أواصل الكبر .. هذا المطاف لم ينتهي به الحال هنا ما زلت أكبر وأنا انتظر لوناً آخر في حياتي .. أعاني فحسب من صعوبات كثيرة لكنني بقضاء الله وقدره رضيت .. وأحببت ان أقول لكم أني ولله الحمد تخطيت .. فقط انتظر لوناً .